مهرجان عالمي يؤرخ لثلاثة مشاريع هندسية عراقية، إثنان منهما يُنجزان لأول مرة في العراق (تقرير بالصور)

مآذن الجود وهي تكتسي حُلة الذهب المطعم بالمينا
حفلٌ كان أقل ما يُوصف به إنه إدخل البهجة والسرور على قلوب المؤمنين، مع ما لعظمة ذلك من شان عند الله، وحدثٌ لا نبالغ إن وصفناه بالعالمية، أخبارٌ حملت إلى محبي الخير في العالم كله، باختلاف مذاهبهم وأجناسهم، وإلى المسلمين خاصة، هذه الفرحة العظيمة، وأشخصت أبصارهم - وعلى الأخص منهم العراقيين - إلى أملٍ مرتقب، وغدٍ يطمحون فيه، برجوع البسمة إلى شفاه الأغلب منهم، بعد أن سرقها الطغاة والعتاة على مر التأريخ.



إنه الاحتفال الخاص بانجاز تذهيب مآذن مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام، وتجديد شباكه الشريف، وتوسعة حرمه المبارك، والذي جرى بمناسبة الذكرى العطرة لمولده في 4 شعبان المعظم 1431هـ، والذي استعدت له كل الأقسام المعنية به منذ اسابيع، فقد أنجز قسمي المشاريع الهندسية والصيانة الهندسية في العتبة المقدسة أعمال بناء ونصب شاشات العرض وتصنيع منصات الحفل وتوفير الإنارة ونشرات الزينة وما شابه ذلك.



فيما اُنيطت مهمة إصدار كراسين بالمناسبة يوضحان المشاريع الثلاثة مدعّمة بالصور والوثائق بقسم الشؤون الفكرية والثقافية، فضلاً عن إنتاج الأخير لثلاثة وثائقيات تخص المشاريع الثلاثة من خلال وحدة المونتاج والتصوير فيه، فيما اُنيطت بالأخير عمليات تصوير ونقل الحفل إلى الشاشات الكبيرة، وإعطاء نسخٍ من الإفلام إلى الفضائيات لبثه.



وتكفلت شعبة الإنترنت بنقل الحدث حياً عبر موقع العتبة الرسمي مع نشر 4 تقارير إخبارية مصورة ورفع أفلام الحفل على الموقع الرسمي ونشر الخبر أليكترونياً، وتسهيل مهمة الإعلامين في نقل أخبارهم الأليكترونية، فيما نظمت شعبة الإعلام في القسم نفسه أعمال طباعة الإصدارات وتوزيعها وطباعة الملصقات الورقية والبلاستيكية والصور، ونسخ أقراص الأفلام وتوزيع الدعوات والهدايا على الوفود الرسمية والشعبية وتنظيم شؤون الفضائيات الفنية واللوجستية وغير ذلك من الأمور، وشارك قسم الهدايا والنذور بالعديد من الأعمال التحضيرية للحفل الكبير، كما اشتركت معظم أقسام العتبة المقدسة بجزءٍ آخر من التحضيرات، للوصول بالحفل إلى أقصى درجات النجاح.

فقد أعلنت فيه الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة - وبشكل رسمي – إنجاز مشروع التذهيب الذي يعد الأول من نوعه في العراق، وأعلنت عن البدء بالتوسعة المذكورة للحرم المطهر، وإعلان مشروع تجديد الشباك المبارك.

حيث بدأ هذا الحفل العظيم بآياتٍ محكمات من القرآن الكريم تلاها مؤذن وشيخ مقرئي العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية الحاج مصطفى الصراف.



ثم تلاها كلمة لنائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي أثنى فيها بشكل كبير على "جهود العراقيين خَدَمَة عتبات كربلاء المقدسة في إنجاز عشرات المشاريع فيها، ليُحولوها إلى مراكز إشعاع فكري وثقافي وعمراني وإبداعٍ هندسي، فضلاً عن مكانتها الروحية وعطائها للمؤمنين والأحرار في العالم أجمع، والذي لم ولن ينضب، كل ذلك بتوجيه من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف".



تلتها كلمة لرئيس ديوان الوقف الشيعي الموقر السيد صالح الحيدري، بارك فيها جهود العاملين في العتبة المقدسة على "إنجازاتهم الرائعة في هذه المشاريع الثلاثة المهمة، وما سبقها من عشرات المشاريع في شتى المجالات الهندسية والعمرانية والثقافية والخدمية والتنظيمية وحفظ أمن الزائرين وغيرها الكثير مما يضيق المقام بذكرها".



فيما بيّن الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي في كلمته "أهمية إطلاق الطاقات الخلاّقة للعراقيين، وضرورة إنجازهم وريادتهم لمشاريع عملاقة، لها أهميتها في خِدمة العتبات المقدسة عموماً، والنهوض بها سريعاً، والاكتفاء الذاتي قدر الإمكان بما يحققه أبناء العراق في خِدمتهم لها، حتى يعوضوا عقود، بل قرون الإهمال والعدوان عليها من قبل الطغاة وغيرهم".



وتخلل الكلمات فواصل أدبية وشعرية ألقاها رئيس لجنة الحفل الأستاذ علي الصفار، ليُختتم الجزء الأول منه، بإعلان الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة عن البدء بمشروع توسعة حرم أبي الفضل العباس عليه السلام، بتسقيف صحنه الشريف، لتكون هذه حصيلة جهد عراقي دام سنتين من التخطيط والمثابرة والعمل المضني من قبل الكوادر الفنية والهندسية في العتبة المقدسة.

وتـُليت يعد الإعلان كلمة المهندس حميد مجيد، مصمم المشروع، ليتحدث عنه تفصيلاً، ولتختتم كلمته بإزاحة الستارة عن صورة مجسمة بالرسم الثلاثي الأبعاد للمشروع، أزاحها الأستاذ عبد الهادي عبد الجليل آخر مشرف للعتبة العباسية المقدسة قبل تحوّلها إلى أمانةٍ عامة بالقانون 19 لعام 2005م، حيث تم تعيين المُشرف المذكور من قبل اللجنة العليا لإدارة العتبات المطهرة في كربلاء المقدسة، المُعينة بدورها من قبل المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، بعد سقوط اللانظام الديكتاتوري البائد في 9/4/2003م، لتعيد للعتبات المقدسة مكانتها اللائقة بها، وقد أُختير الأستاذ عبد الجليل لإزاحة الستار عن التصميم تكريماً له على جهود في خِدمة العتبة المقدسة.





لمشاهدة تقرير مفصل ومصور مع مقطع فيديوي عن هذا المشروع أضغط هنا

بعدها تم عرض فلمٍ وثائقي بالرسم الثلاثي الأبعاد، عن المشروع من خلال شاشات العرض الكبيرة المنصوبة في الحفل، ليُبين مزاياه وجمال تصميمه، من الداخل والخارج، وشكل القباب الثابتة والمتحركة التي يحويها، وغير ذلك.



ثم جاء الجزء الثاني من الحفل، ليُعلن فيه عن إنجاز العتبة العباسية المقدسة للبنى التحتية لمعمل تصنيع الأضرحة الشريفة بورشه العشرة، ولأول مرة في العراق، حيث تلا الإعلان، كلمةٌ لمدير المشروع الحاج الأستاذ رعد الصائغ مسؤول شعبة الصياغة في قسم الهدايا والنذور في العتبة العباسية المقدسة، والمشرف الفني في المشروع، تحدثت عن مميزات هذا المُنتج العراقي المُميز، ومنافسته للأجنبي، وعن كسر احتكار صناعته من بين دولتين في العالم فقط ليكون العراق ثالثهما بل ومنافس لهما، وعُرضت قطعة من الشباك الجديد للمولى أبي الفضل العباس (سلام الله عليه)، كأول مُنتج من المعمل المذكور التابع للعتبة المقدسة.





وحِفظاً لجهود من خَدَم المولى أبي الفضل العباس عليه السلام قبل الآن، ارتأت الأمانة العامة للعتبة المقدسة أن يُزاح الستار عن هذه التحفة الفنية التأريخية، آخر سادن للعتبة العباسية المقدسة قبل اندلاع الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991م، وهو من السادة آل ضياء الدين من أهالي كربلاء المقدسة، ولِكبَر سنهِ، نابَ عنه في إزاحة الستار، أحد أفراد عائلته الكريمة، وهو منتسب حالياً ضمن شعبة السادة الخدم في العتبة المقدسة.





لمشاهدة تقرير مفصل ومصور مع مقطع فيديوي عن هذا المشروع أضغط هنا

ثم جاء دور الجزء الثالث والنهائي من الحفل ليتوجه، وليُعلن للعالم تذهيب مآذن مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام بالذهب المطعم بالمينا.

وتضمنت هذه الفقرة كلمات عن المشروع وأهميته والضرورة الملجئة له، تلاها الأمين العام السيد أحمد الصافي ورئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة (الجهة المشرفة على المشروع) المهندس ضياء الصائغ، ومدير الشركة العراقية المنفذة له (شركة أرض القدس الهندسية) المهندس حميد مجيد.

ثم اُختتمت الكلمات بقصيدة شعرية لعضو مجلس الإدارة السيد عدنان الموسوي وأخرى لعضو لجنة التذهيب الأستاذ علي الصفار أرّخ فيها المشروع.





بعدها بدأت مراسيم الحفل، حيث كان يصطف في أواوين الطابق الثاني لأسوار العتبة المقدسة من الداخل، ضُباطٌ من الجيش العراقي، اختارتهم لجنة الاحتفال، بالاتفاق مع وزارة الدفاع، ليكون كل واحدٍ منهم واقفاً وسط أحد الأواوين العلوية، وعلى جانبيه في كل إيوانٍ، يقف أحد خَدَمَة العتبة العباسية المقدسة، بانتظار البدء بعزف سلام الأمراء العسكري إيذاناً ببدء المراسيم، حيث أعطى آمر برتبة عسكرية مرموقة، أوامره بأداء التحية لحامل لواء الإمام الحسين أبي الفضل العباس عليهما السلام، ليتجه الجميع بأبصارهم خدماً وضباطاً وجمهوراً صوب راية قبته المباركة، وجاءت هذه الفقرة في الحفل لتعطي الرمزية لهيبة قائد عسكر الإمام الحسين عليه السلام، وحامل لواءه.

بعد ذلك دُعي جمعٌ مبارك من ممثلي المرجعيات الدينية والعلماء الأعلام ليرتقوا منصة الحفل للتبرك بافتتاح المئذنتين، ثم بدعوة شيوخ العشائر العراقية، ثُم عددٍ من مسوؤلي الدولة العراقية ممن كان حاضراً الحفل، يتقدمهم نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي.



بعدها سُلّطت الأضواء صوب المآذن الشريفة، وشَخَصَت أبصارُ المؤمنين في العالم، منتظرة إشارة البدء بنزول الستارتين البيضاء الموشحة كلاً منهما بشعار العتبة العباسية المقدسة، والتي كانت تُغطي كل مئذنةٍ، بعد إزالة الغطاء البلاستيكي الذي كان يغطي كلاً منهما خلال أعمال تنفيذ المشروع، طوال 22 شهراً.



وأُعطيت الإشارة، وبدأ النزول التدريجي للستارتين، وخلال ذلك، وحتى الوصول إلى سطح الحرم - حيث قاعدة المئذنتين - تطاير من شرفة المؤذن، الرذاذ الذهبي والفضي الملون بألوان زاهية، وعمّت الفرحة قلوب المشتاقين إلى رؤية مآذن الجود بعد تذهيبهما، وزادت دقاتها وهي ترتقب كل جزءٍ سيظهر منها، حتى تكتمل كلها لتنير سماء كربلاء الإمام الحسين عليه السلام.











ثم ليُتلى بعدها نشيد الإباء، وهو النشيد الرسمي للعتبة المقدسة والذي يتلوه خُدام مولانا أبي الفضل العباس عليه السلام حين تسليمهم واستلامهم وجبات العمل، يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع، وفي أيام المناسبات.

وتم بعد ذلك عرض الفيلم الوثائقي الخاص بملحمة التذهيب، ليختتم الحفل بنشيد الإباء مرة أخرى، ولتطوى معه صفحة أخرى من سِفر العراق الخالد، وليُسجل في تأريخ أرض أولى الحضارات ومهبط الأنبياء ومدفن المعصومين عليهم السلام، علامةٌ بيضاء أخرى، لتنير الدرب للمؤمنين في خدمة آل بيت سيد المرسلين، محمدٍ صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.

لمشاهدة تقرير مفصل ومصور مع مقطع فيديوي عن هذا المشروع أضغط هنا

وقد بين عضو اللجنة التحضيرية لمهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي السادس السيد عقيل الياسري أن " هذا الحفل جاء ضمن منهاج فعاليات اليوم الثاني لمهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي السادس الذي تقيمه وتموله كل عام الأمانتان العامتان للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، وذلك بمناسبة احتفالات ذكرى الميلاد العظيمة للإمام الحسين وأخيه وحامل لوائه أبي الفضل العباس وزين العباد الإمام السجاد علي بن الحسين عليهم السلام جميعاً".

وقد صرح الأستاذ علي الصفار مسؤول لجنة الحفل لموقع الكفيل بقوله " شاهد الملايين في أنحاء العالم - وبشكل مباشر- مراسيم هذا الحفل، فقد غطته وبشكل مباشر أكثر من 13 فضائية، والعديد من المحطات الأرضية العراقية، رغم استمراره لأكثر من ساعتين ونصف، وسجلته ونقلت تقارير عنه أكثر من 30 فضائية ووكالة عراقية وعربية وأجنبية، عدا عن أخبارٍ عنه أذاعتها عشرات القنوات المرئية والسمعية في مختلف أنحاء العالم"

مضيفاً " وحضر الحفل وفودٌ رسمية وشعبية من العراق و20 دولة عربية وأجنبية، هي أيضاً مشاركة في مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي السادس، حيث اُدرج الحفل ضمن فعاليات المهرجان لأهميته ولأظهار إبداعات العراقيين في خدمة العتبات المقدسة، وقد حضرته وفود دينية كان أبرزها ممثلي عددٍ من المرجعيات الدينية في النجف الأشرف والعلماء الأعلام ورئيس ديوان الوقف الشيعي السيد صالح الحيدري والأمناء العامين للعتبة العلوية المقدسة السيد مهدي الحسيني والعتبة الكاظمية المقدسة الحاج فاضل الأنباري والعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي والعتبة والعباسية المقدسة السيد احمد الصافي والمزارات الشيعية الشريفة السيد حسن الخرسان".

مبيناً "وحضر الحفل أيضاً وفودٌ رسمية عراقية وعربية وأجنبية، كان أبرزها نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي ووزير الداخلية جواد البولاني ووكلاء عددٍ من الوزارات، وأعضاء في البرلمان، وكبار القادة الأمنيين والعسكريين العراقيين، ومسؤولين عرب وشخصيات أجنبية إسلامية، وحشدٌ من شيوخ العشائر العراقية، وعشرات الآلاف من المؤمنين والزائرين العراقيين والعرب والأجانب - من أكثر من 7 دول – من الذين احتشدوا في العتبة العباسية المقدسة وساحة بين الحرمين حيث نُصبت 3 شاشات عملاقة تُتيح للزائرين رؤية هذه الأحداث التاريخية المهمة".

وقد وصف عدد من مسؤولي وممثلي الفضائيات التي غطت الحفل بأنه "كان عالمياً في العديد من مزاياه، سواء في طريقة العرض أو في التنظيم أو في التغطية والأهمية التي اكتسبها من وجود أحداث تأريخية تحصل لأول مرة في العراق وبأيدي العراقيين، وتكسر طوق الاحتكار الذي استمر لقرون لدول معينة في مثل هكذا مشاريع " .

يذكر أن قسم المشاريع الهندسية وقسم الشؤون الهندسية والفنية في العتبة العباسية المقدسة قد نفذا العشرات من المشاريع الكبيرة(ومنها هذا المشروع) منذ تأسيسهما بعد سقوط النظام البائد،وقد تم تنفيذ معظمها بكوادرهما العراقية، وأشرفا على ما تبقى منها والمنفذ معظمه بكوادر عراقية أيضاً تابعة لشركات من خارج العتبة، أو النادر مما نفذه عمالة أجنبية. وكانت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة على لسان الأمين العام العلامة السيد أحمد الصافي كان أدلى بتصريح رسمي لموقع الكفيل مفاده إن "الأعمال المختلفة من المشاريع وشراء العديد من المعدات الهندسية والتصنيعية والعلمية والخدمية والسيارات المتنوعة، وذلك لرفد أقسام العتبة بما تحتاجه، لخدمتها ولتطويرها، ولراحة زائريها، يتم بتمويل من ديوان الوقف الشيعي التابع لمجلس الوزراء العراقي، وبنسبة 80% ، بينما يتم تمويل النسبة الباقية - أي 20% - من الأموال الواردة إلى شبابيك الأضرحة المقدسة من الزائرين، وقسم الهدايا والنذور في العتبة المقدسة، والتي ترد فيهما أموال من العراقيين في الداخل والخارج، ومن العرب والأجانب".