جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها سماحتُه في حفل افتتاح مشروع الاتصالات والمراقبة الأمنية المتكامل، الذي جرت فعاليته صباح اليوم السبت 27 شعبان 1437هـ الموافق 4 حزيران 2016م. حيث بين قائلاً: "البلد لم يستقر أمنياً منذ عام 2003م إلى يومنا هذا، وهناك الكثير من التداعيات الأمنية التي يمرُّ بها، وهذا يجعلُنا أمامَ تحدياتٍ أمنية كبيرة، فلابد أن نتحملَ جزءاً من مسؤوليتنا، والأمن والأمان من المسائل التي يسعى إليها الإنسانُ والمجتمعاتُ التي تعاني من عدم استقرار في أمنها.. فحريةُ الإنسان إذا سُلبتْ، وإذا بدأ يخاف ويقلق ولا يعلمُ من أين يُستهدَف، لا شك أن حالة الفوضى ستعمّ سواء الأفراد أو المجتمعات.. ونحن في العراق عانينا ولا زلنا نعاني من عدم استقرار الوضع الأمني".
مضيفاً: "إنّ المسألة ليست مسألة قلة التخصيصات المالية، خصوصاً والعراق في السنوات الماضية كان يعيشُ اقتصاداً جيداً، ولديه ميزانيات كبيرة، لكن للأسف - ومن حقنا أنْ نأسف - أنّ المسائل الأمنية لم تكن تُدار بالشكل الصحيح، ولذلك زُهقتْ أرواحٌ بريئة من العراقيين طيلة هذه الفترة، وبطريقة ارهابية منظمة، من استهداف التجمعات البشرية لمختلف الطوائف، مع تفاوت في نسب الاستهداف.. فتارة يُستهدفُ الزائرُ الأعزل، وأخرى المراقد المقدسة، والمساجد، والكنائس، والبيوت السكنية.. وهذه المسألة الى الآن موجودة".
وتابع السيد الصافي: "هناك بعضُ المشاكلِ الأمنية، وعلينا تشخيص الأسباب وبيانها وتوضيحها؛ كون الانسان المتألم والمتضرر من هذه الأحداث والمشاكل، من حقه أنْ يبيّنَ ألمَه أمامَ الملأ، ويعرف السبب أمامَ مَنْ يعتقدُ أنهم يمتلكون القرار أو بعضه، وأنّ صوته ومعاناته لا بد أنْ تصلَ الى أسماعِهم، ولابد أنْ تتحملَ جهة هذه المعاناة، وتقف على أسباب هذه المشاكل الأمنية".
مؤكداً: "حياة الانسان ليست رخيصة، واستشهد الآلاف من الابرياء المظلومين لا لسبب ما، فغاية الأمر أنّ العدو كان أجرأ وأشرس، وهو بلا منطق ولا عقل ولا دين، فلا توجد عنده محرمات، ولا خطوط حمراء، فحاول أن يفعلَ كلَّ شيء، وكلَّ ما بوسعه لتدمير بلدنا".
مبيناً: "المشكلة تكمن في تقاعس بعض المتصدين لحماية المواطنين، الأمر الذي سهّلَ قضيةَ مرور هؤلاء الإرهابيين، مما أدى إلى سقوط الآلاف من الضحايا خلال هذه السنوات، مخلفين وراءهم الأرامل والأيتام، وتراكم المشاكل الاجتماعية، إضافة إلى أعداد كبيرة من الجرحى والمعاقين.. هذه الحالة تستوجبُ منا النفيرَ من أجلِ القضاءِ عليها".
واستدركَ السيدُ الصافي: "مسألة التخطيط والاستخبارات الأمنية واجبة، كذلك الاستفادة من العلوم الحديثة والتكنولوجيا أيضاً واجبة من أجل حماية المواطنين، وإبعاد الخطر عنهم، وهذه من الأمور الواجب على الدولة التكفل بها، وتوفيرها، بما يحققُ الأمنَ والحماية للمواطنين".
مشيراً: "هناك عقدٌ ضمني مرتكز في أذهان بعض الناس، هو أنْ تعطي ولاءً الى الدولة، وتحافظ عليها، وتهتم بها، ولا تخالف قوانينها، مقابل ذلك على الدولة أيضاً أنْ ترجع هذا الولاء لحماية الناس، والاهتمام بهم، من توفير الخدمات والأمن.. ومثال على ذلك حقيقة المسألة الأمنية التي لا زالت تحتاجُ الى بذل الكثير من الجهود الجادة والمثمرة".
وأوضح سماحته: "هناك تحسن ملحوظ في بعض المناطق، لكن المأمول أن يكونَ افضل ما يمكن، ولعل من الأساليب المهمة التي تسهم في الحفاظ على الوضع الأمني ورصد الحالات التي قد تسبب اختراقاً أمنياً هي اتباع الوسائل التكنولوجية الحديثة: كالكاميرات وما شابه ذلك.. والأهم من ذلك هو أن يكون الاخوة العاملون على هذه الأجهزة والمعدات من الشخصيات التي تمتلك الحسَّ الأمني القادرة على رصد أيّ حالة تثيرُ الشكَّ أو الريبة".
وتابع السيد الصافي: "العتباتُ المقدسة جزءٌ من اهتمامها الوضع الأمني، فهذه الأماكن الطاهرة يفدُ إليها الزائرون من مختلف بقاع العالم، ومن أجل تسهيل مرورهم وانسيابية حركتهم، نحتاج الى التعرف على كثافة الزائرين من أجل فتح قنوات اكثر لاستقبالهم، فهذه مسألة جزء منها أمني، وآخر خدمي، ولتسهيلهما نحتاج الى منظومات أمنية وجهات مختصة بهذا المجال، نستعين بها دائماً سواء كانت في المحافظة او في الحكومة المركزية؛ لإعطاء البيانات المهمة لبعض الأشخاص المطلوبين قضائياً حتى نتمكن من درء خطرهم عن المناطق الحيوية، وهذا التعاون لا بد أن يكونَ تعاوناً حقيقياً وغير شكلي، فيتم ارسال البيانات بتفاصيل دقيقة، حتى نتمكن من استيعاب المعلومة بشكل او بآخر، وتحليلها من قبل المختصين في العتبة المقدسة، لتمرر الى الجهات المعنية التي تتخذ الاجراء المناسب، هذا فيما يخص الجانب الأمني.
أما الجانب الآخر ونحن مسؤولون عنه، هو توفير الخدمات، وتسهيل حركة الزائرين، ورصد حالات المخالفة من قبل الناس في التجمعات، أيضاً الكاميرات تراقب السارق - لا قدر الله إن وجد - والتصرفات غير المنضبطة، مما يتيح للإخوة التحرك بهدوء لغرض معالجتها، والعمل على الحد منها".
موضحاً: "سعينا قدر المستطاع أنْ نوفرَ منظومة حديثة ممكن أنْ تحيطَ بالعتبة المقدسة من الداخل والخارج، وترصد الحالات التي من شأنها أنْ تسببَ بعض المشاكل.
واختتمَ السيدُ الصافي: "أشكر الإخوة الذين سعوا إلى تنفيذ هذه المنظومة، والوزارات التي سهلت هذا الأمر، وفي مقدمتهم ديوان الوقف الشيعي ووزارة التخطيط العراقية، فضلاً عن الجهة المشرفة والمُنفّذة للمشروع".