الى

من رجالات الطف: الحر الرياحي (رضوان الله عليه)

من جملة شهداء عاشوراء الأجلّاء، ومن الأصحاب البررة الذين باعوا أنفسهم لله وضحوا بأرواحهم ابتغاء مرضاة الله ونصرة الإمام ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرمي بن رياح من بني تميم، فكان الحر من وجوه العرب ، وشجعان المسلمين ، وكان قائداً من أشراف تميم ، أرسله والي الكوفة عبيد الله بن زياد مع ألف فارس ، لِصَدِّ الإمام الحسين(عليه السلام) عن الدخول إلى الكوفة .
فسار بجيشه لتنفيذ هذا المهمة ، فالتقى بركب الإمام الحسين (عليه السلام) في منطقة ذي حسم ، ولازم ركب الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأخذ يسايره حتى أنزله كربلاء ، ولكن ما إن حلَّ اليوم العاشر من المحرم ، ورأى إصرار القوم على قتال الإمام الحسين ( عليه السلام ) حتى بدأ يفكِّر في أمره ، وأقبل يدنو نحو الحسين (عليه السلام) قليلاً قليلاً ، وقد أخذته رعدة ، فسأله بعض أصحابه عن حاله .
فقال : "إني والله أخيِّر نفسي بين الجنة والنار ، ولا أختار على الجنة شيئاً، ولو قُطِّعتُ وحُرقت" ، ثُمَّ ضرب فرسه ، والتحق بالإمام الحسين (عليه السلام).
وقف بين يديه معلِناً توبته ، فقال له الإمام (عليه السلام): "نَعَمْ، يتوب الله عليك ، ويغفر لك".
فتقدَّم الحر أمام أصحاب الحسين (عليه السلام) ، و خاطب عسكر الأعداء قائلاً : "أيها القوم ، ألا تقبلون من الحسين خصلة من هذه الخصال التي عرضها عليكم ، فيعافيكم الله من حربه و قتاله ؟
أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا جاءكم أسلمتموه ، وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه .
أمسكتم بنفسه ، وأخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله ، فصار كالأسير في أيديكم ، و حلأتموه ونساءه ، وصبيته وأصحابه ، عن ماء الفرات ، لا سقاكُم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا عمَّا أنتم عليه .
شهادته :
استأذن الحرُّ الحسينَ ( عليه السلام ) للقتال ، فأذن له ، فحمل على أصحاب عمر بن سعد ، وجعل يرتجز ويقول :
إنِّي أنَا الحر ومأوى الضيف ** أضرِبُ في أعراضِكُم بالسيفِ
عن خَيرِ مَن حَلَّ بِلاد الخيف ** أضرِبُكُم ولا أرَى مِن حَيفِ
وجعل يضربهم بسيفه حتى قتل أربعين رجلاً ونيفاً ، ثمَّ حملت الرجالة على الحر، وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مسرح ، ورجل آخر من فرسان الكوفة .
فاحتمله أصحاب الحسين ( عليه السلام ) حتى وضعوه بين يديه ، وبه رمق ، فجعل الإمام يمسح التراب عن وجهه ويقول : ( أنتَ الحُرُّ كمَا سَمَّتكَ أُمُّك ، حُرٌّ في الدنيا ، وسعيد في الآخرة ) .فكانت شهادته سنة 61هـ في واقعة كربلاء .
يقع قبر الحُر على بعد فرسخ من مدينة كربلاء المقدسة ، وشُيِّدت عليه قُبَّة لا تزال محطَّ أنظار المؤمنين ، ولا نعلم سبب دفنه في هذا المكان ، ويدور على الألسن أن قومه أو غيرهم نقلوه من موضع المعركة ودفنوه هناك .
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: