الى

رمضان في ذاكرة كربلاء: صيام يوم الشكّ وما يسبقه..

الكلّ يسأل إذا ما رأى غيره الهلال في الأفق، حتّى ذلك الرجل الأمّي الذي لا يعرف عن الأفق شيئاً يُشارك أهل مدينته موروثهم وطقوسهم لأنّه جزء من هذا المجتمع، فلم تُفرَّق الشريعة يوماً بين أُميٍّ ومُتَعلّم فالجميع سواء في الدين والمذهب واتّباع المرجعيّة العُليا.

هكذا كربلاء وهكذا هم أهلُها منذ الأزل، جيل تنامى من جيل على طاعة الله ورسوله وحُبّ أهل البيت(عليهم السلام)، إلّا أنّ السماء لم تأتِ بجديد ذلك المساء، فقد حَجبَ الغيمُ رؤية الهِلال، وتهيّأ الجميع لصِيام الثلاثين من شعبان يوم الشكّ، فهو حسب ما أفتت به المرجعيّة العُليا في النجف الأشرف أنّ صيامه يكون بنيّة شعبان ندباً أو قضاءً، فإنْ تبيّن أنّه من شهر رمضان حُسب منه ويجوز أن ينوي القربة المطلقة فلا يقصد شهر رمضان أو شعبان خاصّة، وهذا ما دأب عليه الكربلائيّون بفطرتهم.

يقول مسؤول شعبة الأعلام في العتبة العباسية المقدسة الأديب الأستاذ علي الخبّاز عن ذكرياته الرمضانيّة التي تخصّ هذا اليوم فتحدّث قائلاً: "كان أهل كربلاء يواظبون على العبادات والاستثابة، فهناك من يصوم يومين من كلّ أسبوع (الاثنين والخميس) وكان البعض منهم يواظبون على صيام أشهر رجب وشعبان ورمضان، لما لهذه الأشهر من فضل كبير، وهناك عبادات وأعمال اعتاد أهالي كربلاء أن يتقرّبوا بها الى الله صائمين، وهم يقضونها في الحرم الشريف للإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس(عليهم السلام)، إلّا أنّ الأيّام الأخيرة من شهر شعبان كان من النادر أن تسمع هناك شخصاً لم يكن صائماً آخر خمسة أيّام، حتّى كادت أن تكون عرفاً وهذا ما يسمّونه اصطلاحاً بلغتهم الدارجة (تسابيج) أي يسبقون شهر الصيام بالصوم المستحبّ، ويُقبلون على شهر الصيام وهم صائمون، مع بقائهم على إثبات اليوم الأوّل من شهر رمضان المبارك، فيكونون على تواصل مع مرجعيّتهم من أجل الفصل ومعرفة وتحديد يوم الشكّ، والعدول من الصوم المستحبّ لشهر شعبان الى الصوم الواجب من شهر رمضان".