الى

كثافة المسلسلات في شهر رمضان... صدفة أم بقصدٍ وتخطيط؟..

ها نحن أيّها الإخوة الكرام نعيش أجمل اللحظات الروحيّة التي قد لا تتكرّر في قابل الأيّام والأعوام، وأعني بها لحظات الطاعة والقرب من ساحة القدس الإلهيّة في شهر رمضان المبارك، والذي يُعدّ بحقّ دورة تهذيبيّة للنفوس تحقّق من المكاسب ما لا يُحصى على صعيد الآخرة، (كلّ عمل ابن آدم له إلّا الصيام فإنّه لي وأنا أجزي به)، وكذا على صعيد الدنيا، (صوموا تصحّوا).

وفي الوقت الذي يعدّ بلوغنا شهر رمضان المبارك، وتوفيقنا لصيامه، يعدّ نعمة لا نستطيع أن نفيها حقّها من الشكر لله تبارك وتعالى، نجد أنّها فرصة أتاحها لنا ربّنا تبارك وتعالى للتقرّب إليه عزّ اسمه، حتّى نتطهّر من أدران الخطايا وترسّبات الآثام التي لوّثت فطرتنا النقيّة وكدرتها، وهذه الفرصة يجب اغتنامها الاغتنام المثاليّ قدر الإمكان، وكما قال مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام): (اغتنموا الفرص فإنّها تمرّ مرّ السحاب)، فمن يضمن أنّنا نوفّق لاستقبال شهر رمضان المقبل إن لم تداهمنا المنيّة التي لابُدّ منها، وحتّى لو مدّ لنا في أعمارنا حتّى بلغناه، فمن الضامن بأنّنا سنكون على نفس القدر من الصحّة والفراغ وغيرها.

وكلّنا يستحضر فقرات خطبة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر جمعة من شعبان، التي بيَّن فيها فضائل شهر رمضان المبارك: (أيّها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهرُ الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات.. أيّها الناس: من حسّن منكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جواز على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام، ومن خفّف فيه عمّا ملكت يمينه خفّف اللهُ عليه حسابه، ومن كفّ فيه شرّه كفّ اللهُ عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه اللهُ يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع اللهُ عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوّع بصلاة كتب اللهُ له براءة من النار، ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة في ما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل الله ميزانه يوم تخفّ الموازين، ومن تلا فيه آيةً من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور...).

هذا ما يريده منّا نبيّنا العظيم(صلى الله عليه وآله وسلم) أن نفعله في شهر الله، ولكن حزب الشيطان ماذا يريدون؟!! لا يخفى على أحدٍ ضخامة الماكنة الإعلاميّة الموجّهة لتخريب المجتمع المسلم في شهر رمضان المبارك على وجه الخصوص، والمتمثّل بالكمِّ الهائل من المسلسلات التي تُعلن القنوات التلفزيونيّة عنها وعن مواقيت عرضها خلال الشهر الفضيل قبل أسابيع من حلوله؛ فهل تحسب أنّ ذلك صدفة أم أنّه بقصدٍ وتخطيطٍ وترتيب وحياكة لإبعاد الفرد المؤمن عن برنامجه العباديّ المتمثّل بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن، وقيام ليالي القدر الشريفة؟!

والعجيب في الأمر توقيت هذه المسلسلات، فهي متتابعة الواحدة تلو الأخرى، وبأسلوبٍ ماكر ومشوّق لإشغال الناس عمّا أُمروا بالتوجّه إليه، واللافت في الأمر كذلك هو محتوى أغلب هذه المسلسلات الساقط المليء بالمشاهد التي لا تخدم العائلة المسلمة الصائمة، وكلّ ذلك من حبال الشيطان التي يلقيها لأتباعه: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) الأعراف: 16، فالحذر كلّ الحذر إخوتي المؤمنين من شراك إبليس وفخاخه التي نصبها لإيقاع المؤمنين الصائمين فيها، ويحرمهم من الفوز بسعادة الدارين.. أعاذنا الله وإيّاكم من شرور مكائده، وأعاننا من الوقوع بمصائده، وأمدّنا بالقوّة لمحاربة هوى النفس الأمّارة بالسوء، واغتنام هذه الفرصة العظيمة على أحسن حال وأتمِّ وجه.. والله الموفق.