القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه قد ذهب من قرآن كثير ولكن ليقل قد اخذت منه ما ظهر ) الاتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج 3 ص 81 و 82.
5 ـ وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : كانت سورة الاحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله مأتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها الاّ على ما هو الآن ) الاتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج 3 ص 82.
6 ـ وروت حميدة بنت ابي يونس قالت قرأ علي أُبي ـ وهو ابن ثمانين سنة ـ في مصحف عائشة ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الاولى قالت : قبل ان يغير عثمان المصاحف ، الاتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج 3 ص 82.
7 ـ وروى زرّ قال : قال ابيّ بن كعب يازرّ : كايّن تقرأ سورة الاحزاب قلت : ثلاث وسبعين آية قال : ان كانت لتضاهي سورة البقرة او هي اطول من سورة البقرة ... » منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد : ج 2 ص 43.
8 ـ وروى ابن ابي داود وابن الانباري عن ابن شهاب قال : بلغنا انه كان انزل قرآن كثير فقتل علماؤه يوم اليمامة الذين كانوا


( 102 )

قد وعوه ولم يعلم بعدهم ولم يكتب . منتخب كنز العمال بهامش مسند حمد : ج 2 ص 50.
9 ـ وروى عمرة ، عن عائشة انها قالت : كان فيما انزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بـ : خمس معلومات ، فتوفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وهنّ فيما يقرأ من القرآن ، صحيح مسلم : ج 2 كتاب الرضاع باب 6 ص 1075 ، الطبعة الثانية.
10 ـ وروى المسور بن مخرمة قال : قال عمر لعبد الرحمن ابن عوف : الم تجد فيما انزل علينا ان جاهدوا كما جاهدتم اول مرة فإنّا لا نجدها ، قال : أسقطت فيما اسقط من القرآن ، الاتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج 3 ص 84.
11 ـ وروى ابو سفيان الكلاعي انّ مسملة بن مخلد الانصاري قال لهم ذات يوم : اخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف ، فلم يخبروه وعندهم ابو الكنود سعد بن مالك فقال ابن مسملة : انّ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله باموالهم وانفسهم الا ابشروا انتم المفلحون والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم اولئك لا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون »


( 103 )

الاتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج 3 ص 84.
12 ـ وقد نقل بطرق عديدة عن ثبوت سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وابي بن كعب اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم اياك نعبد ولك نصلّي ونسجد واليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق ) الاتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج 1 ص 227.
وهناك غيرها من الروايات ايضاً ذكرت في كتب السنة .
فماذا يقول هذا الكاتب وبماذا يجيب ؟
على انّ المشهور بين علماء الشيعة ومحقّقيهم بل المتسالم على بينهم هو القول بعدم التحريف واستدلوا بعدّة ادلة من القرآن ومن احاديث النبي صلى الله عيله وآله على ان القرآن لا تحريف فيه ومن ذلك قوله تعالى : (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) 1 وقوله تعالى : (وانه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) 2 ومن الاحاديث قوله صلى الله عليه وآله : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتى
____________
1) سورة الحجر ، الآية 9.
2) سورة فصلت ، الآيتان 41 و 42.

( 104 )

يردا عليّ الحوض » 1.
وغيرها من الادلّة بل إنّ القول بعدم التحريف من معتقدات الاماميّة التي صرّح بها علماؤهم ، كالشيخ الصدوق محمد بن بابويه القمي ، والشيخ ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي والطبرسي ، والسيد المرتضى ، والشيخ جعفر كاشف الغطاء ، والشيخ محد جواد البلاغي ، وغيرهم من اقطاب العلماء والفقهاء الشيعة.
بل قام اجماعهم على ذلك.
ونحيل الكاتب على كتاب البيان في تفسير القرآن وهو للسيد ابي القاسم الخوئي احد ابرز علماء الشيعة في العصر الحديث ليقف على الدفاع عن القرآن الكريم باسلوب علمي محكم.
واما الروايات التي وردت في كتب الشيعة وظاهرها التحريف ، فهي : اما مردودة لا يعتمد عليها ، واما مؤولة على وجوه اخرى لا تتنافى مع القول بسلامة القرآن عن التحريف.
والنتيجة ان الشيعة الامامية لا تقول بتحريف القرآن ،
____________
1) اخرجه الترمذي : ج 5 ص 329 ، طبعة دار الفكر ـ بيروت.
ومستدرك الحاكم : ج 3 ص 18 ح 4576 وص 161 ح 4711.

( 105 )

ومجرد وجود رواية في كتبهم لا يعني الاخذ بها ، فما عند السنة من ذلك الشيء الكثير وقد ذكرنا بعضه.
قال الكاتب : ومن جهة اخرى انّهم يعتقدون ايضاً انّ القرآن الموجود حالياً لم يدوّن الاّ على يدي ابي بكر وعمر وعثمان بينما هم غاصبون لخلافة علي عليه السلام وهذا ( اي غصب الخلافة ) يثبت خيانتهم وفقد الايمان الصحيح.
ونقول : انّ القرآن قد دوّن وجمع في زمان النبي صلى الله عليه وآله لانّ الروايات المذكورة في جمع القرآن بعد النبي صلى الله عليه وآله كلّها مضطربة ومتناقضة ، كما انها مخالفة للعقل وتستلزم القول بالتحريف ، وقد بحث السيد ابو القاسم الخوئي هذه المسألة في كتابه البيان في تفسير القرآن فإن شاء هذا الكاتب ان يقف على حقيقة الامر فليرجع الى هذا الكتاب 1.
واما مسألة الخلافة ، فقد ذكرنا اكثر من مرّة انّ الشيعة تعتقد بأنّ النبي صلى الله عليه وآله نص على إمامة الائمة عليهم السلام من بعده وعيّنهم بأسمائهم وعى ذلك ادلّة الشيعة في هذا المجال في كتبهم الاعتقاديّة.
قال الكاتب : وبحسب اعتقادهم انّ القرآن الصحيح قد
____________
1) البيان في تفسير القرآن : ص 257 و 278 الطبعة الثانية 1385 هـ 1965 م.
( 106 )

خلّفه الرسول للامام علي عليه السلام وعندما لم يفسح له الاعداء مجالاً لخلافة النبي صلى الله عليه وآله اخفاه الامام واوصاه لأولاده المعروفين بالائمة الى ان وصل الى الامام الحادي عشر ، فقام بدوره وسلّمه الى الامام الثاني عشر وهو الغائب وعلى انّه اختفى وغاب بالقرآن الصحيح وعند ظهوره سوف يخرج وينكشف هذا القرآن الصحيح امام الملأ.
ونقول : انّ في كلام هذا الكاتب خلطاً واضحاً ، وذلك لان الشيعة كما مرّ تعتقد انّ القرآن هو هذا القرآن المتداول بين المسلمين وهو عند الشيعة كما هو عند السنة ، وليس عند الشيعة ولا عند ائمتهم قرآن آخر.
واما الذي عند الائمة فهي كتب اخرى غير القرآن الكريم ، وانما هي كتب فيها من العلوم والمعارف كان النبي صلى الله عليه وآله يمليها على علي وكان علي يكتبها وهي ليست كتب احكام وتشريع مخالفة للقرآن الكريم ، بل فيها تفاصيل بعض الاحكام الواردة في القرآن ، ويستند اليها الائمة عليهم السلام في بعض ما ينقلون من الاحكام ، وهي من مختصّاتهم عليهم السلام وممّا ورثوه عن جدّهم رسول الله صلى الله عليه وآله وان كان لا يعمل على طبقها في زمان غيبة الامام عليه السلام والمدار في في زمانها على القرآن والسنة.


( 107 )

وكان الائمة عليهم السلام يتوارثون هذه الكتب وهي موجودة الآن عند الامام الثاني عشر . هذا هو معتقد الشيعة.
امّا ان القرآن الصحيح هو عند الامام الثاني عشر وعند ظهوره سوف يخرج وينكشف امام الملأ ، فهذا كذب وافتراء على الشيعة واذا كان هذا الكاتب قد قرأ في كتب الشيعة شيئاً من هذا القبيل فهو لم يفهم المعنى المراد فخلط في كلامه وجرّه ذلك الى الاتهام الباطل كما هي عادته.
قال الكاتب : ويذهبون بعيداً من القول ان امامة علي واولاده تمّ التنصيص عليها في هذا القرآن المذكور.
ونقول : ان ما يذهب اليه الشيعة هو التنصيص على امامة علي واولاده في هذا القرآن المتداول عند كافة المسلمين ويستدلون بالآيات القرآنية والروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله التي رواها علماء السنة في صحاحهم كآية التطهير وآية المباهلة وآية المودة وآية الغدير ، وهي قوله تعالى : (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس) 1 حيث نزلت هذه الآية في غدير خم وهو مكان بين مكة والمدينة بعد منصرف النبي صلى الله عليه وآله من حجّة الوداع ، وقد روى هذه
____________
1) سورة المائدة ، الآية 67.
( 108 )

الحادثة علماء السنة في كتبهم وألّفت فيها كتب عديدة.
وآية الولاية وهي قوله تعالى : (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) 1 وقد نزلت هذه الآية في قصة مشهورة ذكرت في كتب التفاسير وآية الانذار يوم الدار وغيرها من الآيات ، وهكذا الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله كحديث الثقلين ، وحديث المنزلة ، وحديث السفينة ، وأحاديث اخرى كثيرة ، مما أشرنا فيما تقدّم.
والنتيجة ان الشيعة تستدل على إمامة ائمتّهم بآيات هذا القرآن الكريم وأمّا الكتب التي هي عند الائمة عليهم السلام فهي كتب خاصة لهم يتوارثونها فيما بينهم.
قال الكاتب : ان ما عليه الشيعة من القول يعادل من يرفض وينكر هذا القرآن بكونه صحيحاً ومحتوياً على احكام الله وشرائعه المنزلة على رسوله لهداية الناس (الامّة) فالانكار للقرآن الكريم يستلزم الانكار لنبوة محمد صلى الله عليه وآله نفسه ولكن الشيعة لا يظهرون هذا الانكار لأجل التقيّة ولما ينجم عن الانكار الصريح تلويث ورقة الاسلام بالفضيحة.
ونقول : ان هذا الكاتب يدّعي علم الغيب ، فإنّه اطّلع على
____________
1) سورة المائدة ، الآية 55.
( 109 )

قلوب الشيعة ، وعرف انّهم لا يظهرون هذا الانكار لأجل التقية ، ثمّ هو يناقض نفسه فهو في الوقت الذي يتهم الشيعة بالكفر ثمّ هو يناقض نفسه فهو في الوقت الذي يتهم الشيعة بالكفر والخروج عن الدين يرى انّهم يخافون على الاسلام من ان تتلوث ورقته بالفضيحة ان افكار هذا الكاتب مبعثرة ولا يدري ماذا يقول فهو تارة يمدح وتارة يذمّ وتارة يدّعي علم الغيب وتارة يهاجم واخرى يدافع وكل ذلك يدل على اضطراب في نفسه وحقد دفين في قلبه ، ولا يسعنا الاّ ان نسال الله له الشفاء.
الشيعة والسنة النبويّة
قال الكاتب : انّهم لا ينكرون القرآن فحسب ، بل يمتدّ هذا التكذيب والرفض الى الكتب الحديثية (الصحاح الستة) فبناء على دعواهم يقولون ان لديهم كتب حديثية وما فيها من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله لا تتجاوز الخمسة بالمائة والبقية يعني 95% (الخمسة والتسعون) من الاقوال والافعال ترجع الى ائمتهم ان كلمة الحديث في مصطلحهم تعني أقوال ائمتهم وافعالهم وتقريراتهم.
ونقول : انّ الشيعة تعتقد ان النبي صلى الله عليه وآله جاء بالشريعة كاملة غير منقوصة ، وقد بيّن تعاليم الاسلام وأحكامه من خلال القرآن


( 110 )

الكريم واحاديثه صلى الله عليه وآله وقد نصّ بأمر من الله على إمامة الائمة من ذرّيته وعترته وجعلهم خلفاء من بعده وامر بأخذ العلم والمعرفة منهم اذ هم الاعرف والاعلم من كلّ الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله لانّهم اهل البيت وهم ادرى بالذي في البيت والائمة عليهم السلام اخذوا العلم عن طريق الوراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا تحدّثوا فإنّما يتحدّثون عن النبي صلى الله عليه وآله وقولهم قول النبي ، وحديثهم حديث النبي صلى الله عليه وآله ، لكونهم ورّاث النبي صلى الله عليه وآله ولمّا قامت الادلّة على ذلك وثبت انهم عليهم السلام اخذوا العلم عن النبي صلى الله عليه وآله وقد امرنا النبي صلى الله عليه وآله باتّباعهم ، فإنّهم سفينة النجاة ومثلهم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق وهوى وانّهم عدل القرآن وانّهم عترة النبي صلى الله عليه وآله يتضح بذلك مسلك الشيعة وطريقتهم في اخذ الاحكام فهم انما يأخذون التعاليم من أئمّتهم عليهم السلام لأنّ اقوالهم وأحاديثهم هي التي توصل الى الرسول صلى الله عليه وآله ولأنّهم باب حطة وهم سفينة النجاة ورثة علمه صلى الله عليه وآله وليس احد من الناس اقرب الى الرسول صلى الله عليه وآله من اهل بيته ولا أحد اعلم ولا اعرف بالاحكام منهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وكان ينبغي على كافة المسلمين ان يسلكوا هذا المسلك وكان الصحابة انفسهم يأخذون الاحكام من امير المؤمنين علي بن


( 111 )

ابي طالب عليه السلام ويرجعون اليه اذا اشكل عليهم الامر فإنّه باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله حتى قال عمر كلمته المشهورة لولا علي لهلك عمر.
الشيعة لا تقول انّ الائمة في مقابل النبي ولهم طريق يخالف طريق النبي بل تقول ان طريق الائمة وسيرتهم هو طريق النبي صلى الله عليه وآله وسيرته لانّهم اهل بيته وعترته وذرّيته وهو صلى الله عليه وآله امر المسلمين باتباعهم كما في حديث الثقلين والعاقل المنصف إذا فكر في هذا الامر رأى ان الاخذ عن الائمة عليهم السلام الذين هم ذرية النبي صلى الله عليه وآله واهل بيته هو الطريق الصحيح المؤدّي الى الرسول صلى الله عليه وآله ولمّا قرن النبي صلى الله عليه وآله بين القرآن والعترة واخبر انّهما لن يفترقا علمنا بعصمتهم عن الخطأ ويكون قولهم وفعلهم وتقريرهم كلّ ذلك على طبق الحقّ والصواب.
ثمّ إنّ هذا الكاتب يدّعي اننّا لا نأخذ الاّ عن ائمّتنا ، وهذا كذب صريح إنّ الشيعة تأخذ عن النبي صلى الله عليه وآله وعن ائمّتهم الذين امر النبي باتّباعهم ، ولكن لابدّ ان يعلم انّه ليس كلّ حديث يروى يعتمد عليه ؛ لأنّنا علمنا انّ كثيراً من الروايات مكذوبة لما اخبر به النبي صلى الله عليه وآله بقوله : لقد كثرت علي الكذابة وستكثر من بعدي.


( 112 )

فمن اجل صيانة الحديث الشريف وتنزيهه عن عبث العابثين لابدّ من عرضه على المقاييس الصحيحة ليعرف منها صدق الحديث من غيره كما هو معلوم عند علماء السنة ، فما وافق المقاييس اخذ به وما لم يوافقها يرد وليس ردّ الحديث تكذيباً للنبي صلى الله عليه وآله كما قد يتوّهم هذا الكاتب ويبادر للاتهام فإن هذا امر يعرفه علماء السنّة والغرض منه صيانة الحديث والدفاع عنه.
وتبيّن من ذلك ان الشيعة في اخذها الاحاديث عن ائمتها باعتبار انّ طريقهم اوثق الطرق واقربها الى رسول الله صلى الله عليه وآله واعرفها بمقاصده.
قال الكاتب : ولاجل ذلك ان الشيعة قد قطعوا حبل الرسول صلى الله عليه وآله وفتّتوا عرى الاسلام في حين قال صلى الله عليه وآله في حجّة الوداع الاخيرة في حياته ما نصّه : إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي.
ونقول : ان الشيعة بفعلهم حفظوا الدين وصانوه عن التلاعب لانّهم يعتقدون انّ الدين وضعه النبي في ايدي امينة وهم عترته واهل بيته وامر الناس باتباعهم واقتفاء آثارهم لانهم اعرف الناس بمرادات النبي صلى الله عليه وآله ومقاصد القرآن وذلك لانهم عليهم السلام ورثوا العلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله . وليس الامر كما يدّعيه هذا الكاتب من انهم قطعوا حبل الرسول صلى الله عليه وآله وفتّتوا عرى الاسلام.


( 113 )

فيا ايّها العقلاء والمفكّرون هل في اتّباع ذرية الرسول صلى الله عليه وآله الذين امر النبي باتّباعهم قطع لحبل الرسول صلى الله عليه وآله ؟ وهل في الاقتداء بأهل البيت تفتيت لعرى الاسلام ؟ كيف لهذا الكاتب ان يسمّى الاشياء بغير اسمائها ؟ وكيف له ان يعكس الحقائق ويبدلها ؟ نحن لا ندري ولعل الكاتب ايضاً لا يدري.
وامّا ما ذكره من الرّواية : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي كتاب الله وسنتي » فالمتواتر عند الشيعة والسنّة انّ المروي عن النبي صلى الله عليه وآله هو قوله : وعترتي ، لا وسنتي . وهذه الرواية وردت بأسانيد متعددة بلغت حدّ التّواتر ، ونقلها علماء السنة في كتبهم ، فضلاً عن علماء الشيعة ، فقد وردت هذه الرّواية في كل من صحيح مسلم ، وسنن الدرامي ، وخصائص النسائي ، وسنن ابي داود ، وابن ماجة ، ومسند احمد ، ومستدرك الحاكم ، وذخائر الطبري ، وحلية الاولياء ، وكنز العمّال ، وتفسير الرازي ، وتفسير الثعلبي ، وتفسير النّيسابوري ، وتفسير الخازن ، وتفسير ابن كثير ، وغيرها. بالاضافة الى الكثير من كتب التاريخ واللغة والسير والتراجم.
وقد اشتهر هذا الحديث شهرة واسعة نظراً الى ان النبي صلى الله عليه وآله كان يكرره في اكثر من موضع ، وقد ذكروا انّ النبي صلى الله عليه وآله قاله في


( 114 )

حجة الوداع بعرفة ، وبالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه ، وفي غدير خم ، وفي الطائف ، وغيرها من المواطن.
ومن هنا تعددّت طرقه واسانيده حتى بلغت اكثر من مائة طريق 1 .
وقد استشهد الامام الرضا عليه السلام ـ وهو الثامن من ائمة اهل البيت عليهم السلام ـ بهذا الحديث في مناظرة علمية جرت بينه وبين العلماء في مجلس المأمون العباسي.
روى الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي بسنده عن الريّان بن الصّلت قال : حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء اهل العراق وخراسان ، فقال المامون : اخبروني عن معنى هذه الآية : (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) 2 فقالت العلماء : أراد الله عزّوجل بذلك الامة كلّها.
فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال الرضا عليه السلام : لا اقول كما قالوا ، ولكنّي اقول : اراد الله العترة الطاهرة.
فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الامة ؟ فقال له
____________
1) الاصول العامة للفقه المقارن : ص 164 و 165 ، الطبعة الثانية بتصرّف.
2) سورة فاطر ، الآية 32.

( 115 )

الرضا عليه السلام : انّه لو اراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة ، لقول الله تبارك وتعالى : (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) 1.
ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : (جنات عدن يدخلونها يحلّون فيها من أساور من ذهب) 2 فصارت الوراثة للعترة الطّاهرة لا لغيرهم.
فقال المأمون : من العترة الطاهرة ؟
فقال الرضا عليه السلام : الذين وصفهم الله في كتابه ، فقال جلّ وعزّ : (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهّركم تطهيراً) 3 .
وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « اني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، ايها الناس لا تعلّموهم فإنّهم اعلم منكم ».
قالت العلماء : اخبرنا ـ يا ابا الحسن ـ عن العترة اهم الآل ،
____________
1) سورة فاطر ، الآية 33.
2) سورة فاطر ، الآية 33.
3) سورة الاحزاب ، الآية 33.

( 116 )

او غير الآل ؟ فقال الرضا عليه السلام : هم الآل.
فقالت العلماء : فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله يؤثر عنه انه قال : امّتي آلي . وهؤلاء اصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه : آل محمد امّته .
فقال ابو الحسن عليه السلام : اخبروني هل تحرم الصّدقة على الآل ؟ قالوا : نعم . قال : فتحرم على الامّة ؟ قالوا : لا . قال : هذا فرق ما بين الآل والامّة ، ويحكم اين يذهب بكم ، اضربتم عن الذكر صفحاً ام انتم قوم مسرفون ! اما علمتم انه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين دون سائرهم ؟ .... 1.
والرّواية طويلة اقتصرنا منها على موضع الحاجة.
والحديث ـ بعد ذلك ـ احد معالم النبوّة ومعجزاتها الخالدة ويمكن اجمال معطياته فيما يلي :
اولاً : دلالته على عصمة العترة الطّاهرة فإنّها عدل الكتاب ، وكما انّ القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فكذلك ققرناؤه ، وانهما معا عاصمان عن الضلالة دائماً وابداً ما دام التمسّك بهما قائماً ، والعاصم عن الضّلال لابد وان يكون
____________
1) الامالي المجلس التاسع والسبعون ، الحديث 1 ص 614 و 615 ، الطبعة الاولى المحققة.
( 117 )

معصوماً والاّ ففاقد الشيء لا يعطيه.
وثانياً : ضرورة التمسّك بهما معاً وانّ احدهما لا يغني عن الآخر ، ومعنى التمسّك بهما الاخذ بتعاليمهما والسير على منهاجهما ، ولو كان يمكن الاكتفاء بأحدهما لضمان عدم الانحراف والضلال لنبّه النبي صلى الله عليه وآله على ذلك . ومن هنا يعلم انّ قول من قال حسبنا كتاب الله 1 يتضمّن الردّ على الرسول صلى الله عليه وآله .
وثالثاً : دلالته على بقاء العترة الى جنب الكتاب وانّهما لن يفترقا حتى يردا الحوض على النبي صلى الله عليه وآله ، فما دام القرآن موجوداً فلابدّ ان تكون العترة الى جانبه ، وهذا المعنى لا ينسجم الاّ مع ما تذهب اليه الشيعة الامامية من بقاء الامامة ووجود الامام الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
ورابعاً : دلالته على جامعية العترة لكل ما يحتاج اليه الناس من العلوم والمعارف ، وهذا ما اكّدته سيرتهم عليهم السلام حيث كانوا فإنّهم معدن العلوم والاسرار والاحكام ، وكانوا ملاذ المسلمين في النوازل والحوادث والمعضلات.
وخامساً : دلالته على انحصار المعرفة والعلم بالكتاب بهم عليهم السلام دون من سواهم فإنّهم اهل البيت وهم ادرى بما فيه ،
____________
1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج 1 باب كتابة العلم : ص 168 الطبعة الثانية 1402 هـ ـ 1982 م دار احياء التراث العربي.
( 118 )

فلا يعرف الكتاب حق معرفته الاّ من نزل الكتاب في ابياتهم وورثوا علومه واسراره عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
وغير ذلك . ونلفت النظر الى ما جاء في كتابي المراجعات للسيد شرف الدين رحمه الله ولا سيما المراجعة الثامنة ، وكتاب الاصول العامّة للفقه المقارن للسيّد محمّد تقي الحكيم حفظه الله في الفصول السبعة التي تناول البحث فيها حول السنّة فلا غنى لطلاب الحقيقة في هذا الموضوع عنهما .
وأمّا ما ذكره الكاتب من الرواية المشتملة على لفظ (وسنتي) بدلاً من (وعترتي) فهم لم ترد الاّ في روايات قليلة جداً ، مع الضّعف في اسنادها.
يقول السيّد الحكيم : وفي حدود تتبّعي لكتاب الحديث ، واستعانتي ببعض الفهارس ، لم اجد رواية وسنّتي الاّ في عدد من الكتب لا تتجاوز عدد الاصابع لليد الواحدة ، وهي مشتركة في رواية الحديثين معاً ، اللهم الاّ ما يبدو من مالك حيث اقتصر في الموطّأ على ذكرها فحسب ، ولم يذكر الحديث الآخر ـ إن صدق تتبّعي لما في الكتاب.
يقول راوي الموطأ : وحدّثني عن مالك : « انّه بلغه انّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : تركت فيكم امرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما:
( 119 )

كتاب الله وسنة نبيه » ، ويكفي في توهين الرواية انّها مرفوعة ولم يذكر الكتاب رواتها، مما يدل على عدم اطمئنان صاحبها ولسانها : « عن مالك انّه بلغه انّ رسول الله » ، ولعلّ الموطّأ هو اقدم مصادرها في كتب الحديث ، كما أنّ ابن هشام هو اقدم رواتها في كتب السير فيما يبدو . وما عدا هذين الكتابين ، فقد ذكرها ابن حجر في صواعقه مرسلة ، وذكرها الطبراني فيما حكي عنه 1 .
ونضيف هنا انّه لا يبعد القول انّ الأيدي العابثة حرّفت الكلم عن مواضعه ، وابدلت لفظ وعترتي بلفظ وسنتي ، ونسب الى رسول الله صلى الله عليه وآله افتراء على الله وعلى الرسول وبيان ذلك انّ نقول : ما المراد من لفظ وسنتي ؟
فإن كان المراد به نفس الالفاظ الصّادرة عن النبي صلى الله عليه وآله فهي ليست باقية بنفسها الى يومنا كبقاء كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وآله ، فما صدر عن النبي صلى الله عليه وآله انّما صدر في زمان وجوده صلى الله عليه وآله وقد تصرّم وانقضى فالوجود العيني الحقيقي لما صدر عنه غير متحقق لأن الالفاظ ترجع الى الكيف المحسوس وهو من الاعراض القائمة بالغير ولا وجود لها في نفسها ، كما انها سريعة الزّوال كالقيام والقعود ونحوهما ممّا لا استقرار له .
____________
1) الاصول العامة للفقه المقارن : ص 171 و 172 ، الطبعة الثانية.
( 120 )

وان كان المراد به وجودها في كتب الشّيعة والسنة او في صدور الناس فهي قابلة للتشكّك وتعرضها الزّيادة والنقيصة والاشتباه والسّهو والنسيان من غير المعقول ان يجعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك اماناً للامّة وعاصماً لها عن الضّلال.
واي عصمة في ذلك ؟ ما دامت عرضة للتغير والتبدل بالزيادة والنقيصة ونحوهما على انّ السنّة النبويّة بهذا المعنى قد منيت بالتلاعب والعبث والدّس حتى في زمان النبي صلى الله عليه وآله وقد كثر الكذب عليه وحذّر من مغبّة ذلك وخطره ، فقال صلى الله عليه وآله : « من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار » وقال صلى الله عليه وآله : « من كذب عليّ فهو في النار » 1.
ونقل محمود ابو رية في كتابه شيخ المضيرة ابو هريرة كلاماً لابن حزم فيه التصريح بذلك وممّا جاء فيه قوله : (وقد كذب على النبي صلى الله عليه وآله وهو حيّ ، وقد كان في عصره منافقون ومرتدّون ، فلا يقبل حديث قال روايه فيه : عن رجل من الصّحابة او حدثني من صحب رسول الله حتى يسمّيه ، ويكون معلوماً بالصحبة الفاضلة ... » 2 .
____________
1) الجامع الصغير : ج 2 الحديثان 8993 و 8994 ص 641 و 642 الطبعة الاولى 1401 هـ .
2) شيخ المضيرة ابو هريرة : ص 117 ، الطبعة الثالثة.

( 121 )

ونقل ابن ابي الحديد عن شيخه ابي جعفر الاسكافي انّه ذكر انّ معاوية وضع قوماً من الصّحابة ، وقوماً من التابعين على رواية اخبار قبيحة في علي عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا ما ارضاه ، منهم ابو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير 1 .
وذكر ابن ابي الحديد نماذج كثيرة من الاكاذيب والافتراءات على الرسول صلى الله عليه وآله نكتفي بذكر اثنين منها الاوّل : قال : روى الزهري انّ عروة بن الزبير حدّثه ، قال : حدثتني عائشة ، قالت : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله اذ اقبل العبّاس وعليّ ، فقال : يا عائشة انّ هذين يموتان على غير ملّتي ـ او قال ديني 2 .
الثاني : قال : وامّا الحديث الثاني فهو انّ عروة زعم انّ عائشة حدثته ، قالت : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله اذ اقبل العباس وعلي فقال : يا عائشة ان سرّك ان تنظري الى رجلين من اهل النار فانظري الى هذين قد طلعا فنظرت ، فاذا العبّاس وعليّ بن ابي طالب 3 .
____________
1) شرح نهج البلاغة : ج 4 ص 63 ، دار إحياء الكتب العربية.
2) شرح نهج البلاغة : ج 4 ص 63 و 64 ، دار إحياء الكتب العربية.
3) شرح نهج البلاغة : ج 4 ص 64.

( 122 )

فإذا كان الافتراء على الرسول صلى الله عليه وآله ونسبة الاباطيل الى ساحة قدسه صلى الله عليه وآله شائعاً في زمانه وبعد زمانه من بعض الصحابة والتابعين حيث ينسبون اليه صلى الله عليه وآله ـ وحاشاه ـ القدح في اقرب النّاس اليه كعمه وابن عمه ولا يتورعون في ذلك فما ظنّك بالاحكام ومؤنة الوضع فيها اسهل وايسر ، فتنسب الى النبيّ ويتلقّاه المتأخرون على انها سنّة النبي صلى الله عليه وآله.
ثم إذا فرضنا ان احداً دخل الاسلام واطّلع على هذه الرّواية المشتملة على لفظ وسنّتي ، وبحث عن السنة ليتمسّك بها لتحصيل الامن من الضلال ، ووقف على هذا الاختلاف الكثير اتراه يطمئن الى ذلك ؟ ام تراه حائراً لا يهتدي الى شيء ؟ ام انّ الضرورة تحتم وجود العترة الى جانب الكتاب ، وهي العالمة بما صدر عن النبي صلى الله عليه وآله من قول او فعل ؟
وخلاصة القول : انّه بغض النظر عن سند الرّواية فإننّا ننزّه النبي صلى الله عليه وآله ونجلّ ساحة قدسه ان يقول وسنّتي وانّه لفظ وضعه المفترون (وأرادوا به كيداً فجعلناهم الاخسرين) 1 ولا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم.
قال الكاتب : تفرقت الشيعة بما هي الى اكثر من 24 فرقة
____________
1) سورة الانبياء ، الآية 70 .
( 123 )

اكبرها الشيعة الاثنا عشرية حيث تتميز وتنفرد عن اخراها باتباع اثني عشر اماماً الذين نصبهم الله تعالى حسب مدّعاهم ورغم وجود افتراق بين هذه الفرق فهي جميعاً تلتقي عند نقطة مشتركة هي الايمان والاعتقاد بوجود الامام والفرق بسيط جداً ، فالكلّ من هذه الفرق يؤمن بالامامة لانها امتداد لنبوة وما تزال للنبوّة قائمة بواسطة الامامة وبعبارة اخرى الائمة هم الأنبياء.
ونقول : ما اشدّ جرأة هذا الكاتب واقل حياءه ليته لمّا لم يفهم سأل واستفهم ، ولو فعل لما بخل عليه بالاجابة والتوضيح فمن اين قرأ او سمع ان الائمة هم الانبياء ؟ وكيف ساغ له الصاق هذه التهمة بالشيعة ـ وهي بريئة مما نسب لها ـ زوراً وبهتاناً واعتقاد الشيعة بأنّ الامامة بالتنصيص لا يعني ذلك القول بالنبوّة وقد اوضحنا ذلك مراراً الا ان هذا الكاتب عوّدنا ان يجترّ ويعيد اقواله بمناسبة وبدون مناسبة ولا نملك ونحن في مقام ابطال اكاذيبه الا ان نسايره في مكرّراته والاجابة عنها .
الشيعة والتقية مرّة اخرى
قال : التقيّة او النفاق اصل واساس من صميم اعتقاد الشيعة وهذا النفاق يصطلح عندهم بالتقيّة.


( 124 )

ونقول : إنّ هذا الكاتب يرد على القرآن ـ كما ذكرنا ذلك سابقاً ـ فإنّ الذي شرّع التقية هو الله تعالى في القرآن الكريم وقد اوردنا الآيات في موضع سابق من هذا الكتاب . وليست التقية هي النفاق ، فهما شيئان مختلفان مفهوماً ومصداقاً ، وقد ذكرنا هذا ايضاً فيما مضى ، ونضيف هنا ان الكاتب وامثاله هم الذين يلجؤن الشيعة الى التقيّة ، فإن هؤلاء المغرضين الذين لا هدف لهم الاّ إثارة الفتنة إذا كتبوا هذه الاباطيل والأراجيف ونسبوها زوراً وبهتاناً الى الشيعة وحرّكوا الناس ضدّهم فمن الطبيعي انّهم يخافون على انفسهم واعرضاهم واموالهم ، فيضطرون الى التخفّي ظاهراً وقلوبهم مطمئنّة بالايمان واقعاً ، ولو انّهم جاؤا وجادلوا بالتي هي احسن لكان خيراً للجميع ، وهذه محنة الشيعة على مرّ التاريخ ، وقد ذكرنا بعض الوقائع التاريخية التي نالها الشيعة من جراء الحقد والعداوة ، ولا زال الشيعة يعانون الويلات من ملقحي الفتن والاحقاد.
قال الكاتب : انّهم يلصقون مثل هذا النفاق على سيّدنا علي على انّه علم بخيانة ابي بكر وعمر على خلافته ، ولكنه لم يعترضهما لاجل التقية في الخلافة آنذاك ، فهذه الاكاذيب التي الصقت على سيّدنا علي تكشف وضوح الانحراف في عقيدتهم


( 125 )

وانّهم ما كانوا يقصدون وراء افضاح صحابة الرسول الاّ لأجل ان تتسنى لهم فرصة رفض ولايتهم وخلافتهم ، وعلى هذا الاساس لم يحبوا رسول الله صلى الله عليه وآله .
ونقول : لولا ان هذا الكاتب يذكر اسم الشيعة ويعنيهم بالكلام لقلنا انّه يقصد غيرهم ؛ لأنّ هذه الاوصاف والافاعيل التي ينسبها اليهم لا تنطبق على الشيعة جملة وتفصيلاً إنّ الشيعة صريحون في عقيدتهم وآرائهم ، وقد بثّوها في كتبهم المنتشرة في بقاع الارض ، يقارعون الحجة بالحجّة والبرهان بالبرهان ، وليس الشيعة من الفرق الباطنية التي تخفي عقائدها ، وإذا اضطرّ الشيعة لاخفاء فإنما هو للظروف العصيبة التي تمرّ بهم من الجائرين فتدفعهم الى التستر خوفاً على ارواحهم واعراضهم ، وما ذكره هذا الكاتب لا يمتّ الى الشيعة بصلة ، ولكن اذا علمنا انّ هذا الكاتب يفتري ويرمي القول بلا خوف من الله ولا رادع يتبين لنا انّه إنما ينسب هذه الأباطيل الى الشيعة من اجل اشاعة الفتنة بين المسلمين والاّ فكيف يقول هذا الكاتب انّ الشيعة تلصق النفاق بسيّدنا علي وهو الامام الاول للشيعة وهل يصدّق عاقل ان تنسب الشيعة الى إمامها النفاق ؟ ولكن ماذا نصنع مع شخص لا يتقي الله ولا يخافه.