الشيعة والصحابة مرّة اخرى
قال الكاتب : ولأجل تحقيقهم لهذه الاهداف الخطيرة انّهم لم يتسامحوا ولم يتركوا حتى الامر البسيط في افضاح الصحابة وانزال قيمهم ، ففي اعتقادهم يدّعون انّ الصحابة الاجلاء كأبي بكر وعمر وعثمان (رض) انّهم لم يكونوا فاهمين لتعاليم الرسول صلى الله عليه وآله وعلى انهم كانوا يختلفون ويفتعلون الاحاديث بينما كانوا خونة سرقة لا يعرفون شيئاً من احكام الدين.
ونقول : عاد الكاتب الى نفس النغمات التي كان يطلقها وان دل هذا على شيء فإنّما يدل على افلاسه من العلم والمعرفة ، وقد تكلمنا عن هذه النقطة في اكثر من موضع وخلاصتها انّ الصحابة بشر وليسوا هم افضل البشر ، فإنّ الانبياء ـ لا شكّ ـ افضل منهم ثمّ انّ في الصحابة من بلغ الغاية العليا في الايمان والتّقوى وفيهم من هو اقلّ ايماناً ، ومنهم من هو منافق كما تحدث القرآن عن ذلك وكلّ يجازى بحسب عمله . وسيأتي بعض التفصيل حول هذا الموضوع.
قال الكاتب : وربّما الامر يثير زوبعة ويصاب الانسان بصدمة ودهشة بمجرّد ان يسمع الاتّهامات والافتراءات هذه ولكن


( 127 )

ليس بعجب ، فالشيعة او اتباعهم اناس اكثر فرية وخيانة في الاسلام ناسبين ما تملي عليهم قلوبهم الى الرسول صلى الله عليه وآله .
ونقول : وهذه نغمة اخرى ليس فيها الاّ السباب والشتائم والقول الزور ، والشيعة اجلّ واسمى من هذه الاوصاف التي يحكي بها الكاتب عن حقيقة نفسه.
ولو يوفق هذا الكاتب وأمثاله ممّن هو على شاكلته ويجالس الشيعة وعلماءها لرأى صدق الحديث واداء الامانة والاخلاص والتّقوى والورع والعبادة والترفع عن الدّنايا ، ولكن كيف يوفّق هذا الكاتب وقد امتلأ قلبه حقداً ، فأعمى بصره وبصيرته عن رؤية الحق فضلاً عن اتّباعه.
قال الكاتب : اتهموا الصّحابة على انّهم تآمروا على الإسلام وخطّطوا لمحوه ليتأتّى لهم إعادة وإجراء عادات العرب الجاهلية التي كانت قبل الاسلام إن هذه الاتهامات وامثالها ظاهرة يتسع نطاق وجودها في كتبهم ومواعظهم ، فهي ظاهرة تبرز وضوح انحرافهم وبغضهم للاسلام المحمدي.
ونقول : وهذه نغمة ثالثة لكيل الاتّهامات والافتراءات بلا حساب او مراعات لابسط الآداب والتعاليم ، ولو كان هذا الكاتب يهدف الى الحق لجاء بالدليل والبرهان لا بالتهويل


( 128 )

والفوضى والكلام البذيء ولكنّه يعلن عن عجزه بهذا الاسلوب ويفضح نفسه بهذه الطريقة من الكلام ، وكفى بذلك حجة لنا عليه وعلى امثاله ممّن هم على شاكلته ، فليس هذا أدب المناظرة والاحتجاج ، وليس بهذا الاسلوب يتوصل الناس الى معرفة الحقيقة التي يحاول هذا الكاتب اخفاءها بهذا التهويل وهذه الحملات المسعورة التي لا هدف وراءها الاّ إثارة النعرات واضرام نار الفتنة بين المسلمين.
التهويل والأساليب الملتوية
قال الكاتب : بالرغم من انّ الشيعة يقذفون السموم ضدّ صحابة الرسول صلى الله عليه وآله بالصراحة ، فقد فتح بعض اهل السنة المناصرون لهم والذين لا يتمتّعون بمادة علميّة فتحوا باب التآلف والتفاهم مع الشيعة.
ونقول : إنّ هذا الكاتب بهذه العبارة يكشف عن حقيقة نفسه المليئة بالحقد والحسد ويحاول ان يسدّ الباب في وجه اخوانه الذين عبّر عنهم بأنّهم لا يتمتّعون بمادة علمية وفي الحقيقة انهم ليسوا كمثله في الحقد والبغضاء والاّ فما المانع من فتح باب الحوار والتفاهم ليحمل عليهم هذه الحملة ويتّهمهم بقلّة العلم والمعرفة


( 129 )

وهذا ما يؤكّد لنا ما استنتجناه من خلال كتابته عن نفسيته المضطربة القلقة ، فهو يخاف ان يتصل الناس بالشيعة لئلا يفتضح امام اعينهم لانّهم سيرون من الشيعة عكس ما كان يشيعه هذا الكاتب عنهم ويفتريه عليهم.
قال الكاتب : إنّ القليل من اهل السنة نصبوا منبر الصداقة والاخوة مع اعداء الرسول واعداء اصحابه الكرام انّه من يفعل ذلك ( يعني التصادق مع الشيعة ) لن يكون من اخوة اهل السنة ابداً..
ونقول : هذا اسلوب آخر يتبعه هذا الكاتب ليخوف به هؤلاء الناس الذين تربطهم صلة بالشيعة فهو اولاً يصفهم بالقلة ليستصغروا في الاعين ، ولو ترك هذا الكاتب افتراءاته لازداد العدد لأن الطبيعة البشرية تدفع الانسان الى التفاهم والتساؤل ، والانسان يحب ان يطلع على احوال الغير ويتعرف عليهم ، وما المانع من ذلك لولا هذه المعكّرات التي يمارسها هذا الكاتب ، وامثاله.
وثانياً : يستخدم اسلوب التهديد بقوله لن يكون من اخوة اهل السنة ابداً ولماذا هذا الحجر على العقول والافكار ولماذا هذه الطريقة في منع اتصال الشيعة بالسنة ، فالجميع مسلمون واختلاف


( 130 )

الآراء والانظار امر طبيعي بين البشر ، ولكن ماذا نصنع مع هذا التعجرف والتحجر والهمجيّة في عصر العلم والمعرفة والثقافة.
قال الكاتب : اي داع يجعلنا نذل انفسنا بهذا الشكل وبكل بساطة في عقيدتنا بمثل هذه الامور ، فاذا كانت هناك حاجة الى التضامن والوحدة فعليهم (يعني الشيعة) الاتحاد والتضامن مع الشيطان والقاديانية إن ّ اناساً كمثل هؤلاء يتعاملون مع الشيعة ليسوا الاّ مذبذبين مفضحين للاسلام.
ونقول : هذا ايضاً اسلوب آخر يتّخذه الكاتب لمنع هؤلاء من الاتصال بالشيعة وهو محاولة اظهار انّ له مكانة سامية ولا داعي لأن يذل نفسه بهذه البساطة ، ولا ندري كيف توهّم هذا الكاتب انّ في ذلك إذلالاً للنفس وتنازلاً عن عقيدته ورأيه ، ومتى كان في مثل هذه اللقاءات إذلال ومهانة بقدر ما فيها من بث روح الالفة والتوادد إنّ القرآن الكريم يأمر الانسان المسلم ان يعاشر ابويه المشركين بالتي هي احسن قال تعالى : (وإن جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ...) 1 فإذا كان الابوان مشركين فالآداب الاسلامية تفرض الصحابة بالمعروف فيها لا يسخط الخالق فكيف بالمعاشرة
____________
1) سورة العنكبوت ، الآية 8.
( 131 )

مع المسلمين ممن يختلفون في الآراء ، ولكن هذا الكاتب يخرج على الآداب الاسلامية ليحقق اهدافه.
ثم إن هذا الكاتب يكرّ مرة اخرى على الشيعة ليقول فعليهم الاتحاد والتضامن مع الشيطان والقاديانية ، وليس هذا اسلوب المثقّفين او المتعلّمين وانما هي اساليب بربرية همجيّة تكشف عن مرض في النفس واضطراب في التفكير.
ويبدو ان الكاتب شعر باليأس من جميع اساليبه وانما لا فائدة منها فأخذ يحمل على هؤلاء الذين يتصلون بالشيعة ليتّهمهم بالتذبذب وفضح الاسلام وليتنبه اتباع هذا الكاتب والذين يرتأون رأيه انهم مهدّدون بأن ينقلب عليهم بمجرّد ان يخالفوه في الرأي والفكرة ، وسيكون مصيرهم في نظره مصير هؤلاء الذين اتّصلوا بالشيعة من التذبذب والانحراف ، وعليهم ان يتحلّوا بالشجاعة وينزعوا عن انفسهم هذه القيود التي احاطوا انفسهم بها ، وليكونوا احراراً في آرائهم وافكارهم ، فانّ ذلك خير لهم من هذا القلق والاضطراب النظرة التشاؤميّة التي نظروا بها المسلمين وما استفادوا من ذلك غير العداوة والبغضاء.
قال الكاتب : ان اغلب المسلمين وبالاخص مسلمي افريقيا يجهلون حقيقة الشيعة واهدافهم نتيجة تلبس رواج هذا المذهب


( 132 )

بمظهر الاسلام فضلاً عن الدعايات الواردة من الشيعة انفسهم ومن الاطراف الاخرى.
ونقول : انّ حقيقة الشيعة هي نفس حقيقة الاسلام ، واهدافهم هي اهداف الاسلام ، والشيعة عبر تاريخهم منذ زمان النبي صلى عليه وآله كما بيّنا ذلك لا كما يدّعيه هذا الكاتب كانوا محافظين على تعاليم الاسلام واحكامه وتطبيقها في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع شؤونهم ، وان شئت البرهان على ذلك فاذهب الى ايّ مسجد من مساجدهم في اوقات الصلاة وانظر هل يصلّون الى غير قبلة المسلمين ، واذهب الى اسواقهم وانظر هل يتعاملون على خلاف الاسلام ، واذهب الى ايّ مكان من امكنة الشيعة هل تجد شيئاً فيه مخالفة للدين ؟ فلماذا هذه الدعاوى الكاذبة ؟ ولماذا هذا الزور والبهتان ؟
قال الكاتب : انّ مروّجي مذهب الشيعة يحاولون الاستعانة بالاسلام والعمل به ظاهراً ليحملوا الناس على الاعتقاد انّهم على الاسلام متمسكين له راسخاً في قلوبهم.
ونقول : إنّ هذا الكاتب قد جعل من نفسه عالماً بالغيب مطّلعاً على الضمائر ، والاّ فكيف يحكم على ان هؤلاء يعملون بالاسلام ظاهراً هل اطّلع على قلوب الناس وعرف انّهم يعملون


( 133 )

بالظاهر دون الباطن ، اليست هذه دعوى كاذبة يدّعيها هذا الكاتب على غير هدى وبصيرة ؟
انّ ما عبّر عنه بترويج مذهب الشيعة انّما هو بيان للحق والحقيقة وتعريف الناس بالواقع الذي خفي عليهم نتيجة التشويه الاعلامي المتعمّد الذي يمارسه امثال هذا الكاتب ومن يقتدي به ضدّ شيعة اهل البيت عليهم السلام وإن الكاتب يكشف عن حقيقة نفسه وما تنطوي عليه من حقد وعداء.
قال الكاتب : إنّ الذي يحمل الاسلام ويعمل بحقيقته لابدّ وان يكون مع النبي صلى الله عليه وآله اولاً لا القيام بالدعوة الى الاخوّة المفتعلة المشوهّة.
ونقول : انّ الشيعة لم تفارق النبي صلى الله عليه وآله وتعاليمه بل سارت على هديه واقتفت اثره واتّبعت اوامره ونواهيه ، كما امر القرآن الكريم بذلك قال تعالى : (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) 1 وقد امر النبي صلى الله عليه وآله الامة باتّباع اهل البيت ومحبتهم ومودّتهم وقد فعل الشيعة ذلك ولم يتخلّوا عن هذا الامر مهما حاول اعداؤهم تشويه صورتهم ونسبة الاباطيل اليهم وهم ابرياء من ذلك الزور والبهتان.
____________
1) سورة الحشر ، الآية 7.
( 134 )

وإذا كان للشيعة دعوة للاخوة ، فهي دعوة صادقة على اساس الحق والدليل والبرهان والدعوة الى الله والجدال بالتي هي احسن ، وليس كما يدّعيه هذا الكاتب العجيب الذي لا يتورّع عن الافتراء ولا يدري ماذا يقول.
قال الكاتب : إن هذا المشروع لا يرتدي به الاّ كطابع سياسي ليس الاّ ، بينما يحاول هؤلاء ان يتخذوا المغريات المادية وسيلة وذريعة لكسب الودّ والإخفاء هنا وهناك.
ونقول : ان المذهب الشيعي لم يكن مذهباً سياسياً في يوم من الايام قط ، بل هو منهج ديني رسمه النبي صلى الله عليه وآله وسار عليه الشيعة ، وقد ذكرنا فيما سبق متى نشأ التشيّع ، وقلنا انّه اسبق المذاهب في الظهور ؛ لأنه بدأ منذ زمن النبي صلى الله عليه وآله بينما بقيّة المذاهب نشأت في القرن الثاني الهجري وبتأييد من الحكّام العباسييّن ، ولذا نستيطع ان نجزم بهذه الحقيقة وهي ان المذاهب الاربعة هي التي نشأت في ظروف سياسية معينة ، وانّ الحكّام هم الذين يقررون ذلك وارجع الى تاريخ المذاهب لتقف على هذه الحقيقة بينما المذهب الشيعي لم يكن على ارتباط بالسلطة مطلقاً ، وإنّما كان منشأه من زمن النبي صلى الله عليه وآله وعلى يدي النبي صلى الله عليه وآله ورعايته وقد ذكرنا النصوص الدالّة على ذلك.


( 135 )

وامّا ما ذكره عن المغريات المادية ، فهذه فرية اخرى يضيفها هذا الكاتب الى رصيده فما هذه المغريات المادية التي يتحدث عنها ومن اين وكيف ؟ ( إن هذا الا اختلاق ).
قال الكاتب : إذا تعمّقنا في مبادئ الشيعة سوف نجد انّها كانت لا ترتبط بالايمان.
ونقول : ان هذا الكاتب لم يتعمّق ولا يعرف كيفية التعمّق ، وانما الذي يعرفه هو الافتراء وقول الزور ، والاّ فهل الشيعة يعبدون غير الله ؟ وهل يصلون الى غير قبلة المسلمين وهي الكعبة ؟ وهل يقرأون غير القرآن ؟ وهل يحجون الى غير مكة ؟ وإذا كان ثمّة اختلاف بين الشيعة في بعض المسائل الاجتهادية مع غيرهم ، فهل ان جميع المذاهب متّفقة في كلّ مسألة ام انّ بينهم اختلافاً كبيراً كما هو معلوم من فقههم ولو كانت المذاهب متّفقة ، فلماذا صارت اربعة مذاهب او اكثر ؟ ولماذا لا تكون كلها مذهباً واحداً ، ان هذا الكاتب يبرهن على جهله في كل سطر يكتبه وانه لا يحسن الا كيفية السب والاتهام.
قال : فما عليه الشيعة ليس من الشريعة الاسلامية في شيء.
ونقول : ان الشيعة ـ بحمد الله ـ قادرة على اثبات جميع ما تعتقد به من مصادر السنة انفسهم ، فإنّ علماء السنة دوّنوا ذلك


( 136 )

في كتبهم ورواياتهم ونقله الشيعة من كتب السنة ، وهذا الكاتب لم يطلع على ما كتبه علماء مذهبه ليعرف ما ورد في هذه الكتب. والذي يبدو انّ هذا الكاتب يحوم حول قضية واحدة وقد ذكرنا انها المنشأ للخلاف وهي قضية الخلافة وقد مرّ الحديث عنّا وسيأتي ايضاً بعض ما يتعلّق بها.
قال الكاتب : من خلال تتبعنا هذا ، تظهر الخطورة الموجودة عند الشيعة وانه لا يمكن التصالح والتوافق معهم الاّ اذا استتيبوا ورجعوا الى الدين الاسلامي واعتنقوه.
ونقول : اولاً : انه لم يتتّبع شيئاً قطّ وانما يزداد في تكرار الاتهامات بلا مبرر ولا دليل ويعيد ما قاله بلا روية مما يضطّرنا الى التكرار في جوابه.
وثانياً : انّ الخطورة التي يتشدق بها انّما هي من الحق ، فإنّه لو نظر او ناظر الشيعة واطّلع على افكارهم وكان متجرّداً عن حقده وعصبيته لاعترف بانّ الشيعة على الحق وانّهم هم الذين يجسدون تعاليم الاسلام ، فهذا التهويل والاغراق يكشف عن خوفه من ظهور الحقيقة للناس.
وثالثاً : ماذا يريد هذا الكاتب من التوافق والتصالح والاستتابة واعتناق الدين هل يقصد من ذلك ان نصبح على


( 137 )

مذهبه ونعتنق افكاره ؟ وكان من اللائق به ان يدعو الشيعة للمناظرة والحوار العلمي الهادف لبيان ما هو الحق واظهار الحقيقة ، فإنّ الشيعة على استعداد لذلك وليس من اللائق به ان يبادر الى التكفير والافتراء.
قال الكاتب : تّتسم خطورة الشيعة بدرجة عالية الى حدّ يحملنا على الاعتقاد بكونهم اعدائنا ؛ لأنّهم اعداء الرسول بينما يحسبون اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله حطب من حطب نيران جهنّم.
ونقول : ان خطورة الشيعة في شيء واحد وهو انهم صريحون في اظهار الحقيقة ويملكون الادلّة العقليّة والنقليّة على جميع معتقداتهم ولا يتلاعبون بالدين واحكامه ، بل يتبعون الدليل والبرهان . وامّا قوله عن الشيعة بانّهم اعداء الرسول صلى الله عليه وآله فهذا محض افتراء فإنّ الشيعة هم الذين عظموا حرمة الرسول صلى الله عليه وآله ونزهوه عما لا يليق بمقامه وشأنه واتبعوا اوامره ونواهيه.
واما عن اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله فقد تقدّم الكلام في ذلك ، ولا حاجة الى التكرار ، وسيأتي بعض ما يتعلق به ايضاً.
قال الكاتب : فعلى جميع المسلمين ان يعلموا جيداً ان تأييد الشيعة ونصرتهم عمل محرّم .. الخ.
ونقول : إن مذهب الشيعة مذهب قائم بذات في افكاره


( 138 )

وعقائده ، وليس بحاجة الى اصدار الفتاوى المظللة في حرمة تأييدهم لأنّهم في غنى عن هذا التأييد ، وليعلم هذا الكاتب وامثاله ان من يؤيد الشيعة إنما يؤيدهم لأنه رأى احقّية مذهبهم وصحّة اعتقادهم وافكارهم ، وهذه الدعاوى الفارغة والدعوات الزائفة التي لا محصّل لها الاّ إثارة الفتنة بين الناس.
قال الكاتب : يجب ان توضع هذه الحقيقة على بساط معرفة الجميع ليتسنّى لهم شنّ الحملة المضادة لهذه الدعايات الفاسدة التي تأتي وترد من مصادرها المختلفة .
ونقول : انظر الى هذه الاساليب الغوغائية لاثارة الفتن بين الناس ، فهذا الكاتب قرر ودعا وافتى وحكم ، ولكن على غير هدى وبصيرة ، اليس من الافضل ان يدعو للحوار العلمي الموضوعي ويناقش مختلف الامور المرتبطة بالشيعة والسنة ؟ اليس من الافضل ان يقوم بزيارة الى مراكز الشيعة العلميّة ليتعرّف على الشيعة من قرب ويطلع على آرائهم من خلال علمائهم وكتبهم ؟ وليعلم هذا الكاتب اننّا لسنا خائفين ، فإنّ من كان مع الله فالله معه وغرضنا اثبات حماقة هذا الكاتب وسطحيّة تفكيره ، فما هكذا تعالج الامور ولا هكذا يكون التفكير السليم.
قال الكاتب : من المؤسف حقّاً ومن بواعث القلق والضعف


( 139 )

ان نجد اهل السنة قد ربطوا عرى التضامن والاخاء مع الشيعة بظنّ انّهم مسلمون حقيقة.
ونقول : قد ذكرنا سبب تاسف هذا الكاتب وقلقه ونكرر هنا ان الحقّ نور يضيء القلوب المهيئة والنفوس المستعدّة لتلقي الحقائق ، وامّا تلك القلوب السوداء والنفوس المظلمة الحاقدة ، فهي تتأسف وتقلق على ظهور الحقيقة وانتشارها ويبدو ان هذا الكاتب قد فشل في محاولاته اليائسة لصدّ الناس عن معرفة الحق. ويقيناً انّ هؤلاء الذين ربطوا عرى التضامن والاخاء مع الشيعة وجدوا ان جميع ما قيل عنهم واتّهموا به انما هو افتراء محض ودعوى زائفة ، ولذلك لم يستمعوا الى اقوال هذا الكاتب وامثاله لأنهم عرفوا وتيقّنوا انّ الدعايات ضدّ الشيعة لا حقيقة لها وانما هي ناشئة عن حقد وبغضاء وعصبيّة.
قال الكاتب : لا يوجد شكّ انه لا يجوز اطلاق الكفر على من نطق بالشهادتين ، وهذا ما كان يحتاط فيه علماء الاسلام.
ونقول : عجباً لهذا الكاتب انّه يتناقض في كلّ ما يكتب فتارة تجده يقول لا يجوز اطلاق الكفر على من نطق بالشهادتين وانه لا يوجد شك في ذلك وتارة تجده ينسب الشيعة الى الكفر ويرميهم بأقبح الالفاظ ، وهو يخالف في ذلك علماء مذهبه ، فإذا


( 140 )

كان علماء الاسلام يحتاطون كما يدّع ، فكيف ينسب اليهم انّهم يقولون بكفر الشيعة في الوقت الذي يشهد الشيعة بالشهادتين ، ويصلّون الصلوات الخمس ، ويحجون البيت الحرام من استطاع اليه سبيلاً ، ويؤدّون الزّكاة ، ويصومون شهر رمضان ويعملون على طبق تعاليم الاسلام.
وإذا كان ابو حنيفة ـ كما قال الكاتب ـ يذهب الى التحذير من اطلاق الكفر على كلّ من اتجّه الى قبلة الاسلام ، فكيف لا يقتدي به هذا الكاتب وامثاله في التورّع والخوف من الله تعالى من اتّهام فئة من الناس ـ تتّجه الى القبلة وتصلّي وتصوم وتحجّ ـ بالكفر والخروج عن الدين.
إنّ الذي يظهر انّ هذا الكاتب لا يدري ماذا يقول ، وانه مجرّد كاتب تملى عليه الافكار الخاطئة ويكتبها وهو لا يعلم مضمونها وهذه هي احدى الطامات التي ابتلت الشيعة بهم حيث ينبري مجموعة من الجهال لا يفقهون شيئاً وينسبون الى الشيعة كلّ زور وبهتان على غير هدى وبصيرة.
قال الكاتب : فلا خلاف بين جميع العلماء في كفرهم ؛ لأنّ كلّ من يؤمن بالتحريف في القرآن يحكم عليه بالكفر عند جميع علماء اهل السنة.


( 141 )

ونقول : ليت هذا الكاتب يقرأ كتب مذهبه وكتب المذاهب الاخرى ، ويطّلع على من يقول بتحريف القرآن ، وقد ذكرنا ذلك مفصلاً في ما تقدم فلا حاجة الى الاعادة.
قال الكاتب : وقد ورد ايضاً في الفاظ ابن حزم الحنبلي ما نصّه : إنّ الشيعة والرافضة لا يعدّون مسلمين حقيقة.
ونقول : إن كان مراده من الشيعة هم الاثنا عشرية ، فهذه الدعوى باطلة وهذه الفتوى ظالمة ؛ لأن المقياس في كون الانسان مسلماً هو أن يتشهّد الشهادتين ، كما اعترف به هذا الكاتب ونقله عن علماء الاسلام ، والشيعة يتشهدون الشهادتين ، ويؤمنون بالله وبالرسول وباليوم الآخر ، ويعملون على طبق تعاليم الاسلام ، والاختلاف بين الشيعة وغيرهم في المسائل الاخرى لا يسوّغ رميهم بالكفر وعدم الاسلام ، والا فإنّ بين المذاهب الأربعة من الاختلاف ما هو كثير وعظيم . وإن كان مراد ابن حزم من الشيعة غير الاثني عشريّة ، فهذا لا يعنينا وعلى هؤلاء ان يتصدّوا للردّ على هذه الفتوى.
قال الكاتب : ما ذكره من ارتداد الشيعة وكفرهم هو نفس الفتوى الثابتة عند العلماء اجمع ومن خلاله اتّضح عند مسلمي السنة حقيقة الشيعة وهويّتهم.


( 142 )

ونقول : إن تناقضات هذا الكاتب لا تنتهي فهو تارة يقول : إن الشيعة لم يؤمنوا بالله أصلاً ، وتارة يقول : إنّهم ارتدّوا ، وهذا يعني انّهم كانوا مسلمين فأي القولين نأخذ به . ثمّ إنّه هل يمكن معرفة حقيقة الشيعة وهويتهم من خلال فتوى ظالمة وكيف استطاع هذا الكاتب من معرفة حقيقة الشيعة وهويتهم من كلام ابن حزم وكيف استطاع مسلمو السنة ان يدركوا هذه الحقيقة ؟ وكيف توصّلوا الى المعرفة التامة بعد مراجعتهم للفتوى المذكورة ـ كما يدعي هذا الكاتب ـ الى عدم مشروعية الدخول في اية معاملة مع الشيعة والحكم باجتناب ذبائحهم والصلاة على امواتهم ؟
هل المقياس في ذلك هو كلام ابن حزم واضرابه او ان المقياس هو التحاكم الى القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وما يرشد اليه العقل والفهم الصحيح.
ان هذا التهويل وهذه الدعاوي الفارغة لا تغيّر الحقيقة ولا تبدل الواقع مهما حاول الحاقدون ان ينفثوا سموم حقدهم بين الناس لتفريق الكلمة وتشتيت الشمل ، وسيعلم الذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون.
قال الكاتب : ولمعرفة حقيقة الشيعة اكثر فأكثر راجع الكاتب المسمى : هل الشيعة هم اهل السنة ؟ تاليف احسان الهي ظهير هذا الكتاب يوزع مجاناً ولا يباع.


( 143 )

ونقول : نحن وكثيرون يعرفون من هو احسان الهي ظهير وعلى من يعتمد ومن يامره بالكتابة ضد الشيعة ، ونعلم من الذي يوزّع كتبه مجاناً ، واين تنشر ؟ ولكن لماذا هذه المغالطات المكشوفة ؟ كيف لا يطلب قراءة كتب الشيعة التي كتبها علماء الشيعة انفسهم ولماذا يأمر هذا الكاتب بقراءة كتب شخص حاقد مأجور ليتعرف على حقيقة الشيعة ؟ هل يمكن التعرّف على حقيقة الشيعة من كتب اعداء الشيعة ؟ ولكن هكذا تدلس الحقيقة ، وهكذا يخدع الناس انهم يفترون على الشيعة الاباطيل ، ثمّ يقولون للناس هذه حقيقة الشيعة ، والا فما قيمة احسان الهي ظهير الذي كتب الاكاذيب ونسبها الى الشيعة في كتبه وكان من ورائه من يدفعه ويدفع له الثمن بسخاء ويشجّعه على اثارة الفتن بين المسلمين.
وإذا اراد التعريف بحقيقة الشيعة ، فليرجع الى كتب الشيعة ما ألّفه علماء الشيعة ، فإنّ الشيء لا يؤخذ الاّ من مصدره لا من مصادر اعدائه ، وقد ذكرنا جملة من كتب الشيعة ومصادرها فيراجعها من شاء لمعرفة حقيقة الشيعة وأفكارهم وآراءهم 1 .
ثمّ إن هذا لا يختصّ بما كتبه احسان الهي ظهير بل يجري
____________
1) راجع كتب الشيعة المذكورة في اول الكتاب.
( 144 )

في كل قضيّة يراد الوقوف على حقيقتها ، فإن اصول البحث ومقتضى الانصاف الرجوع الى المصادر الاوّليّة لنفس صاحب الفكرة او الرأي لا انّها تؤخذ من المخالف والعدو لها فإن ذلك خلاف العدل الانصاف.
قال الكاتب : اعدّ العلماء من اكثر الدّول الاسلامية في مؤتمرهم الذي عقدوه اعدوا له جدولاً على ان يكتبوا كتاباً بخصوص الشيعة حتى يتمكّنوا من الوقوف على معرفة اصل الشيعة وتعاليمهم وعقائدهم والفرق الموجود بينهم وبين مسلمي اهل السنة.
ونقول : اولاً : هل دعوا احداً من علماء الشيعة لحضور هذا المؤتمر.
وثانياً : ان كلامه هذا يفيد انهم الى قبل عقد المؤتمر لم يكونوا يعرفون اصل الشيعة وتعاليمهم ، وهذا يناقض ما ذكره من ان حقيقة الشيعة معلومة ومعروفة كما ذكر عن مراجعة العلماء الى فتوى ابن حزم ، فكيف ينسجم هذا مع ذاك ؟
وثالثاً : لماذا يتعبوا انفسهم ويكتبوا كتاباً ليتعرفوا على اصل الشيعة وتعاليمهم وهذه كتب الشيعة منتشرة وآراؤهم في العقائد والفقه والتفسير والحديث والاخلاق والفلسفة ، وهل انّ علماء


( 145 )

السنة اعرف بمذهب الشيعة من علماء الشيعة انفسهم.
ورابعاً : انّ التعبير الصحيح عن هذا المؤتمر هو انّه مؤامرة على نشر الفتن والتفريق بين المسلمين في الوقت الذي لدينا من القضايا المشتركة ما يشغلنا عن التفكير في هذا السفاسف والاباطيل.
وخامساً : انّ هذا الكاتب يدّعي ان معتقدات الشيعة واعمالهم من الامور التي ابتدعها اليهود (الاسرائيليون) وادخلوها في الاسلام ، ونحن لا نريد ان ننبش الماضي ونكشف الحقائق ، فإن هذا الكاتب لا يحتمل سماع الحقيقة ، ولكن نطلب منه ان يرجع الى المصادر الاوليّة لعلماء السنة ليتطلع بنفسه على من هم اولئك الذين كانوا يدسون في الروايات الاباطيل الاسرائيلية وينسبونها الى النبي صلى الله عليه وآله ان هذا الكاتب ينطبق عليه المثل العربي (رمتني بدائها وانسلّت) .
قال الكاتب : ان مشروع الاتحاد والوحدة انّما نشأ من قبل انصار الشيعة وبعض مشايخهم .. الخ.
ونقول : هذه عودة الى النغمة التي كان يرددها هذا الكاتب ليدلل على افلاسه ويبرهن على جهله ولسنا بحاجة الى اعادة الجواب بعد ما ذكرناه مراراً وتكراراً .


( 146 )

الشيعة والصحابة مرة ثالثة
قال الكاتب : ان الاساس لتعاليم الشيعة ودعاياتهم يبتني على القول بأنّ اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله الذين بلغ عددهم مائة الف في حجّة الوداع خرجوا كلّهم عن الاسلام بل ارتدّوا جلّهم وكفروا بعد وفاة النبي الاّ اربعة انفار منهم فقط حسب مدعاهم.
ونقول : انّ الصحبة للنبي صلى الله عليه وآله في حدّ ذاتهم ليست مقياساً للعدالة والاستقامة ما لم يعضدها ايمان بالله وتقوى وعمل صالح (إنّ اكرمكم عند الله اتقاكم) 1 ودليلنا على ذلك ان القرآن الكريم تحدث في العديد من الآيات عن احوال الناس الذين كانوا في زمان النبي صلى الله عليه وآله ، فوصف بعضهم بالايمان والصّلاح ، ووصف اخرين بالنفاق ، وذكر ان قسماً منهم كان يؤذي النبي صلى الله عليه وآله وذكر المفسّرون والمؤرّخون من القضايا والاحداث ما يدلّ على ان الصحابة لم يكونوا كلّهم على المستوى المطلوب من العدالة والاستقامة وشأنهم شأن سائر الناس.
ونحن وان اشرنا ـ فيما تقدم ـ الى ما كان عليه الصّحابة من الاختلاف وانّ حالهم لا يختلف عن احوال الناس الاّ انّنا ـ وفي
____________
1) سورة الحجرات ، الآية 13.
( 147 )

خاتمة الحديث عن هذا الموضوع ـ نعرض صوراً ونماذج من تاريخهم كما اثبته الرواة والمؤرخون ، معتمدين في ذلك على المصادر السنّية فحسب ، ليقف الكاتب واضرابه على حقيقة الحال ، وليس فيما سنذكره فضيحة على الصحابة كما يتوهم الكاتب ، وإنّما هو التاريخ الذي كتب بأقلام سنيّة وذكرت الاحداث وصانعيها ، واذا كان ثمّت فضيحة فليست الشيعة هي المسؤولة عنها ، إذ لا دور لها في صنع هذه الاحداث ، وإنّما جاء الشيعة الى كتب التأريخ فوجدوا ـ من خلال ما اودع فيها ـ أنّ الصحابة مثلهم كمثل سائر النّاس في كلّ شيء ، فقد يصدر عنهم الخطأ ، والاشتباه ، وسوء الفهم ، والتّعدي ، وتجاوز الحدود الشرعية ، وإيذاء الرّسول صلى الله عليه وآله وعترته وما الى ذلك ، وقد يكون بعضهم مستقيماً في جميع احواله ، فقال الشيعة بعد ذلك عن المسئ انّه اساء ، وعن المحسن انّه احسن ، هذه هي الحقيقة في نظر الشيعة ، وامّا انّ الصّحابة كلهم مسيئون او انّهم كلّهم محسنون فهو هراء يكذّبه الواقع التأريخي.
وينبغي لهذا الكاتب ومن هم على شاكلته ان يتحرّوا قليلاً عن الموروثات والمرتكزات ، وينظروا للأحداث واشخاصها بعين البصيرة والعدل والانصاف ، وان يحكموا على الاشخاص اولهم


( 148 )

على ضوء ما حفظته لنا كتب التاريخ والرّوايات من الوقائع والاحداث.
وفيما يلي نعرض جملة من حوادث الخلاف والاختلاف بين الصحابة ابتداء من زمان النبي صلى الله عليه وآله فاستمع لما يتلى عليك.
في زمان النبي صلى الله عليه وآله
قال الله تعالى : (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابداً إنّ ذلكم كان عند الله عظيماً) 1 .
وهذه الآية الشريفة نزلت تخاطب صحابة النبي صلى الله عليه وآله وتنهاهم نهياً مؤكداً عن ايذاء رسول الله صلى الله عليه وآله وتعيّن الامر الذي كان يؤذي الرسول صلى الله عليه وآله وهو نكاح ازواجه بعد وفاته صلى الله عليه وآله .
وقد ذكر المفسرون انّ هذه الآية نزلت في بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، وكان يحدّث نفسه بالزواج من بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله بعد موته .
روى ابو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره قال : اخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : (ما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ...) قال : ربّما بلغ النبي صلى الله عليه وآله انّ الرجل يقول :
____________
1) سورة الاحزاب ، الآية 53.
( 149 )

لو أنّ النبي توفي تزوجت فلانة من بعده ، قال : فكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وآله فنزل القرآن : وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله 1 الآية .
وقال السيوطي : واخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس قال رجل من اصحاب النبي : لو مات رسول الله تزوجت عائشة او امّ سلمة 2 .
وذكر عدة روايات بهذا المضمون 3 .
ونصّت بعض التفاسير على اسم هذا الرجل قال السيوطي : واخرج ابن ابي حاتم عن السدي بلغنا انّ طلحة بن عبيد الله قال : ايحجبنا محمّد عن بنات عمّنا ويتزوّج نساءنا من بعدنا ، لئن حدث به حدث لنتزوّجنّ نساءه من بعده 4 .
وذكر ذلك ايضاً غيره من المفسّرين 5 .
____________
1) جامع البيان في تفسير القرآن : ج 10 ص 29 دار المعرفة للطباعة والنشر.
2) الدر المنثور : ج 6 ص 643 الطبعة الاولى 1403 هـ ـ 1983) دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
3) نفس المصدر : ص 642.
4) نفس المصدر : ص 644.
5) تفسير البحر المحيط : ج 7 ص 247 الطبعة الثانية دار الفكر ، وراجع زاد المسير في علم التفسير : ج 6 ص 416 ، الطبعة الاولى.

( 150 )

وقال الله تعالى : (إنّ الّذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ...) 1 .
وتسمّى هذه الآية بآية الإفك وهو ـ كما عرّفه الفخر الرازي ـ : ابلغ ما يكون من الكذب والافتراء ، وقيل : هو البهتان ، وهو الأمر الذي لا تشعر به حتى يفجؤك ، واصله الافك وهو القلب ، لأنّه قول مأفوك عن وجهه 2 .
ثم قال : وامّا قوله منكم فالمعنى ان الذين اتوا بالكذب في امر عائشة جماعة منكم 3 .
فالخطاب في الآية الكريمة موجّه للصّحابة وانّ بعضهم جاء بالكذب والافتراء .
واما كون المقصود بالافك هو عائشة او غيرها فسيأتي الحديث عن ذلك في محلّه من هذا الكتاب.
وقد ذكر المفسّرون والرواة تفاصيل هذه القضيّة ونصّ بعضهم على اسماء العصبة التي جاءت بالإفك وهم : عبد الله بن ابيّ ، وزيد بن رفاعة ، وحسّان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة،
____________
1) سورة النور ، الآية 11.
2) التفسير الكبير : ج 23 ص 172 ، الطبعة الثالثة.
3) نفس المصدر : ص 173.