ثمّ ذكر الكاتب ما كتبه حسين احمد من دار العلوم حيث قال : إنّ الاشخاص الذين يختزنون مثل هذا الاعتقاد الذي ذكرناه اعلاه ، فهم كفرة وخارجون عن كيان الاسلام.
ونقول : يقصد بالاعتقاد الذي ذكره هو القول بتحريف القرآن وقد مرّ الجواب عنه مراراً وتكراراً.
ثمّ نقل الكاتب ما كتبه المفتي محمّد عبد العزيز ، حيث قال : إنّ الشيعة الاثنا عشرية كفرة مرتدّون لانّهم يعتقدون بتحريف القرآن.
وما كتبه شبير احمد عثمان شيخ التفسير في دار العلوم حيث قال : كلّ من يخلط فكره واعتقاده بتحريف القرآن فهو كافر بلا اشكال.
وهو يريد بذلك الشيعة الاثنا عشريّة.
ونقل ما كتبه مولانا محمّد المدرس أنور وهو يقصد الشيعة ايضاً حيث قال : إنّ ما ذهب اليه هذا العالم الكبير المذكور اعلاه صدق عندما قال بكفر كلّ من يعتقد بتحريف القرآن وعدم الاشكال في كفره.
ونقل ما كتبه مسعود احمد نرب ، حيث قال : إنّه بما انّ الشيعة لديهم اعتقادات غامضة ، فهم كفار وخارجون عن


( 202 )

الاسلام وعلى هذا الاساس لا تجري عليهم احكام الاسلام اطلاقاً ، كمثل اجراء عقود الزّواج ، التزاوج منّا ومنهم ... الى ان قال : لا يجوز كل ما سردناه ويجب الاجتناب والاحتراز عنها على الفور ولابد ان نذكر هنا انّ كل من لا يتقيّد او لا يلتزم بما ذكرناه يكون خارجاً عن حريم الاسلام ، ولا شكّ انّه يكون مشتركاً مع الشيعة في مسلك واحد.
ونقول : قد كرّرنا الجواب عن تهمة القول بتحريف القرآن ، فإنّ علماء السنة قائلون بذلك ، وقد ذكرنا الشواهد على ذلك ، ولازم هذه الفتاوى تكفير بعض علماء السنّة الاّ انّ العجب من المفتي الاخير الذي يقول بما انّ الشيعة لديهم اعتقادات غامضة فهم كفار وخارجون عن الاسلام...
اقول : اهكذا يحكم بكفر الناس وخروجهم عن الاسلام فقط لمجرد انّ عندهم اعتقادات غامضة وإذا كان فهمك ايّها المفتي قاصراً عن ادراك ما عند الشيعة يكون مصيرهم الكفر ؟!! هلاّ سألت وتفهّمت بدلاً من ان تكفرهم ؟ وإذا كان الله تعالى قد حجب عنك وعن بصيرتك نور الحقيقة ، فما ذنب الشيعة حتى يكونوا كفاراً خارجين عن الاسلام. اليس من اللائق بك وبأمثالك ان تسعى لكشف هذا الغموض ومعرفة الحقيقة ؟


( 203 )

ثم تعال الى ما قرره اخيراً من قوله : ولابد ان نذكر هنا ان كل من لا يتقيد او لا يلتزم بما ذكرناه يكون خارجاً عن حريم الاسلام.
اقول : كيف ساغ لهذا المفتي ان يجعل من نفسه موزعاً لشهادات الكفر والخروج عن حريم الاسلام ، إنّ هذا المفتي وامثاله يوزعون الكفر بالمجان ، واين هذا مما ذكر الكاتب عن احتياط علماء السنّة من اطلاق الكافر على من نطق بالشهادتين ، او توجّه الى الكعبة كما نقله عن ابي حنيفة ، ونريد ان نتساءل هل في تناول ذبائح الشيعة كفر وخروج عن الاسلام ؟ وهل في قبول صدقاتهم لبناء المساجد او توزيع زكاة الفطرة او اقامة الصلاة على موتاهم خروج عن الاسلام ؟ لست ادري ولا المنجّم يدري.
ثمّ نقل الكاتب ما كتبه محّمد كفتي اوّلكان مفتي ازام الهند ـ دلهي حيث قال : ان الشيعة كفرة حقيقة ، وذلك لانّه اذا وضع القذف والتهم لام المؤمنين جانباً ويجعل السبّ والشتم لسيّدنا ابي بكر وعثمان (رض) فإنّ الايمان بتحريف القرآن الكريم من لوازم هذا المذهب.
ونقول : امّا قضيّة القذف والاتهام فقد مرّ الكلام حولها ولا حاجة للاعادة ، وامّا السبّ والشتم فنريد ان نحيل الكاتب


( 204 )

والمفتي وهو ومن هو على شاكلتهما الى كتب التاريخ التي تناولت تاريخ صدر الاسلام ليرى كيف كانت حياة الصحابة ؟ وكيف كان التخاصم والتباغض قائماً بين بعضهم ؟ ونذكر بالخصوص ما كانت تصنعه عائشة في 1 زمان خلافة عثمان وإنّها كانت تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وآله او حذاءه وتقول هذا قميص رسول الله لم يبل وقد ابلى عثمان سنته ، وكانت تؤلب الصحابة على قتله وكانت تكفّره على مسمع ومرأى من الصحابة ، ولا ندري كيف غفل او تغافل هذا المفتي عن هذه الاحداث التاريخيّة التي نص عليها كلّ من ارّخ تلك الفترة 1.
واما عن مسألة القول بتحريف القرآن ، فقد اجبنا عنها مراراً ، وسيأتي ما يتعلّق بذلك.
قال الكاتب : عندما يعلن هذه الفتاوى التي تكشف عن كفر الشيعة ذهب قائد علماء الهند مولانا محمّد حسن عمرو فلوو ـ دار المبلغين الي ما يلي:
يستدلّ على كفر الشيعة الاثنا عشريّة وخروجهم عن الاسلام بعدّة ادلّة وشهادات كثيرة:
____________
1) راجع تاريخ اليعقوبي ، لاحمد بن يعقوب : ج 2 ص 175 ، الطبعة الاولى ، منشورات الشريف الرضي ـ قم.
( 205 )

الدليل الاوّل : ايمانهم بتحريف القرآن ، انّ قدماء الشيعة وأئمّتهم الذين عاصروا القرون الغابرة كانوا متحدين على شيء واحد ومحور واحد الا وهو القول بتحريف القرآن ولأجل ذلك فهم كفرة اجماعاً.
ونقول : اذا كان هذا قول قائدهم ، فما بالك بالمقود والاتباع ( ان هم الاّ كالانعام بل هم اضلّ سبيلاً )1 وقد ذكرنا انّ الشيعة لا تقول بتحريف القرآن ، واذا كان هناك بعض الروايات ، فهي غير معتبرة عندهم ، وقد ذهب بعض السنّة الى القول بذلك ، وقلنا : إنّه ليس للشيعة قرآن آخر ، وهذه مساجدهم عامرة بتلاوة كتاب الله الذي يقرؤه كافة المسلمين ، ولا اختلاف بين القرآن الذي عند الشيعة والقرآن الذي عند السنّة ، وعليه مدار احكامهم وتعاليمهم ، وهو المستند الاوّل للأحكام والتعاليم الشرعيّة .
ولا ندري لماذا هذا الاصرار على الزام الشيعة بالقول بالتحريف في الوقت الذي يصرح فيه علماؤهم بعدم التحريف ، وهذه تفاسيرهم ناطقة بهذه الحقيقة ، ويستدل الشيعة بالآية الكريمة
____________
1) سورة الفرقان ، الآية 44.
( 206 )

(إنا نحن نزّلنا الذكر وانّا له لحافظون) 1 على انّ القرآن الكريم مصون بعناية الهيّة خاصّة ، فإنّه معجزة الاسلام الخالدة ، ومع ذلك لا يبقى مجال لهذا التهويل والارجاف واثارة الفتن بين المسلمين . ثم تعال الى الدعوى الكاذبة الذي افتراها حيث قال : فهم كفرة اجماعاً اي اجماع هذا ؟ ومتى تم ؟ وكيف تم ؟ وقد ذكرنا جملة من فتاوى علماء السنة بنجاة كل من نطق بالشهادتين.
واذا كان هؤلاء يكذبون على علمائهم فلا عجب في افترائهم على الشيعة كل زور وبهتان.
ثمّ نقل الكاتب شهادات من علماء قدماء قالوا بكفر من انكر القرآن ، او يرفض ما جاء فيه من الاحكام ، ومن هؤلاء العلماء امام كاز المالك المتوفى سنة 544 هـ ، قال : لا شك ولا جدال في كفر من ينكر القرآن الكريم الموجود بأيدينا ، او يرفض ما جاء فيه من الاحكام فضلاً عن الايمان بكونه محرفاً .
وكتب العلامة بحر العلوم لكنو المتوفّى سنة 1235 هـ مقالاً جاء فيه : كلّ من يؤمن بتحريف القرآن فهو كافر.
وقال امام علي القدري المتوفّى سنة 1014 هـ : كلّ من ينكر القرآن ايّ كان سورة او آية حتّى الآية الواحدة فهو كافر.
____________
1 ) سورة الحجر : الآية 9.
( 207 )

ونقول : ان هذه الاقوال والكلمات لا تعني انّ الشيعة تقول بالتحريف وتعتقد به ، وذلك لأنّ هذه الاقوال ناظرة الى كبرى كليّة وهي انّ كلّ من ينكر القرآن فهو كافر ، او كلّ من يرفض ما جاء في القرآن فهو كافر ، وهذا حقّ والشيعة تعتقد بذلك ؛ لأنّ في انكار القرآن تكذيباً للنبي صلى الله عليه وآله وفي رفض ما جاء في القرآن ردّاً على الله وعلى الرسول ، ولا شكّ انّ ذلك يوجب الكفر ، ولكن اي دلالة في ذلك على انّ الشيعة تعتقد بالتحريف ويبدو ان هذا القائد لعلماء الهند اخذ الصغرى مسلّمة وهي انّ الشيعة تعتقد بتحريف القرآن وطبق الحكم عليهم وهذ دعوى بلا دليل ، وقد بيّنا سابقاً وآنفاً انّ الشيعة لا تقول بتحريف القرآن وقد صرّح علماؤهم بذلك.
ثمّ نقل الكاتب قولاً للشيخ عبد القادر الجيلاني مفتي عزام البغدادي الذي توفي سنة 561 هـ وقد سبق ان كفر الشيعة واكّد القول بأنّهم خرجوا عن الاسلام نتيجة تسالمهم على تحريف القرآن وان ائمّتهم الاثني عشر معصومون لا يخطئون ناهيك عن سبهم الملائكة.
ونقول : امّا قوله وقد سبق انّ كفر الشيعة ، فهذا ليس جديداً على الشيعة وما اكثر من نسبهم الى الكفر عن جهل


( 208 )

بحالهم وهو شأن من لا يتثبّت في الاحكام ولا يتّقي الله فيما يقول.
وامّا قوله : واكّد القول بأنّهم خرجوا عن الاسلام نتيجة تسالمهم على تحريف القرآن ، فهذا بهتان وزور وافتراء وقد قلنا وكرّرنا بما فيه الكفاية.
وامّا قوله : وانّ ائمّتهم الاثني عشر معصومون ، فهذا ما اثبته الدليل والبرهان وفي آية التطهير وآية المودّة وما تواتر من الروايات كحديث الثقلين وحديث المنزلة وحديث السفينة غني وكفاية لمن القى السمع وهو شهيد ، فضلاً عن عشرات الروايات التي وردت عن السنّة والشيعة تؤكّد هذه الحقيقة التي يعتقد بها الشيعة وهي عصمة ائمتهم عليهم السلام وانّ الله تعالى اختارهم خلفاء على الناس من بعد الرسول صلى الله عليه وآله كما شهدت بذلك الادلّة العقليّة والنقلية ، فتكفير الشيعة لقولهم بعصمة ائمّتهم عليهم السلام زيغ وضلال وانحراف عن جادّة الصواب.
وامّا قوله : ناهيك عن سبّهم الملائكة فهذه فرية تضاف الى مفترياتهم على الشيعة . ( كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الاّ كذبا ).


( 209 )


الشيعة وتحريف القرآن مرّة ثالثة
ثم قال الكاتب : بناء على مصادر الشيعة الموثوقة على ما قيل يقولون : يوجد في حوزتهم عشرون الفاً من الاحاديث تطرّقت الى الحديث عن تحريف القرآن وعلى انّها ربّما تحدّثت عن امامتهم ايضاً.
ونقول : وهذه ايضاً إحدى الاكاذيب على الشيعة وقد ذكرنا الجواب فيما تقدّم ، ثم ذكر الكاتب المحدث النوري وهو المرحوم الميرزا حسين النوري الطبرسي وكتابه فصل الخطاب.
ونقول : اولاً ان المحدث النوري رحمه الله مّمن نسب اليه القول بتحريف القرآن وهو من علماء الشيعة وقد توفّي سنة 1320 هـ وكانت ولادته سنة 1254 هـ فيكون من العلماء المتأخّرين.
وثانياً : انّ تلميذه الشيخ آغا بزرگ الطهراني ذكر في كتابه الذريعة ان الشيخ النوري قد صرّح في رسالة كتبها جواباً على من الّف كتاباً في الردّ عليه بأنّه ليس مراده من التحريف هو التغيير والتبديل وانّ القرآن الموجود بين الدفّتين باق على الحالة التي وضع بين الدفتين في عصر عثمان لم يلحقه زيادة ولا نقصان.


( 210 )

ويقول تلميذه الطهراني : وسمعت عنه شفاهاً يقول : إني اثبت في هذا الكتاب ان هذا الموجود المجموع بين الدفتين كذلك باق على ما كان عليه في اوّل جمعه كذلك في عصر عثمان ولم يطرأ عليه تغيير وتبديل...1 .
وثالثاً : انّ مراده هو اسقاط بعض الوحي المنزل الالهي لدلالة بعض الروايات لا انّ هذا القرآن الموجود بين الناس ناقص.
ورابعاً : ولو تنزّلنا وقلنا بأنّ النوري قال بالتحريف ، فهذا رأيه الخاص به ولا يعبّر عن رأي المذهب ، ولذا ردّ عليه كثيراً من العلماء والّفوا كتباً في ذلك ، فإذا كان الامر كذلك فكيف يحمل القول بالتحريف على الشيعة قاطبة ؟.
قال الكاتب : يذهب الشيعة الى الاعتقاد انّ الامام علي عليه السلام جمع كلّ القرآن وفيه سبعة عشر الف آية ، ولكن الموجود في متناول ايدينا لا يحتوي الاّ على ستة آلاف وثلاثمائة وستّة عشر آية وهذا يكشف النقاب على انّ عشرة آلاف آية لم يدونها الصحابة في القرآن ، والقرآن الصحيح هو ما جمعه الامام علي عليه السلام وهذا القرآن لا يوجد عندهم وذلك لأن الامام المهدي الثاني عشر غاب معه.
____________
1) الذريعة الى تصانيف الشيعة : ج 16 ص 231 ، الطبعة الاولى.
( 211 )

ونقول : قد بيّنا مراد المحدّث النوري آنفاً ، فإنّه يقول : إنّ هذا القرآن الموجود لا نقص فيه ولا تبديل الاّ ان بعض الروايات تدلّ على اسقاط بعض الوحي المنزل ، وذلك امر آخر غير التحريف الذي تتّهم السنّة الشيعة به.
ثمّ إنّ بعض علماء الشيعة يذهبون الى انّ القرآن كان مجموعاً في زمان النبي صلى الله عليه وآله على ما هو عليه الآن ، وقد ذكرنا سابقاً اقوال علماء الشيعة في ذلك.
وقلنا : إنّه على فرض قول المحدث النوري بذلك فهو تعبير عن رأي شخصي وليس هو راي المذهب.
واما قوله ان القرآن الصحيح هو ما جمعه الامام علي عليه السلام وهذا القرآن لا يوجد عندهم وذلك انّ الامام المهدي الثاني عشر غاب معه فهو بناء على قول المحدّث النوري لا اشكال فيه ؛ لأنّ الامام لابدّ ان يكون اعلم الناس بكتاب الله تعالى ، واما اختفاؤه فلاقتضاء المصلحة ذلك. وامّا بناء على قول غيره من علماء الشيعة وهم الاكثر فهذا القرآن هو الذي كان في زمان النبي صلى الله عليه وآله وقد صرّحوا بذلك كما ذكرنا وارجع الى ما قلناه في المواضع المتفرّقة من هذا الكتاب حول هذا الموضوع لتتّضح الحقيقة.
قال : الدليل الثاني : إنّهم يجوّزون اسناد الخطأ الى الله


( 212 )

تعالى (البداء) ونظير ذلك هو القول بتغير علمه تعالى وعلى انّه قد يغيب عنه معرفة بعض الحوادث وما ينجم منها ... الى ان قال : إنّ هذا الكلام لا يخرج عن اطار تنزيل الله منزلة ما لا يناسب قدسيته ...
ونقول : إنّ مسألة البداء من المسائل التي قصرت أذهان اعداء الشيعة عن إدراكها ، فما كان منهم الاّ اتّهام الشيعة بما هم منه براء ، وقد اجبنا عن هذه المسألة فيما تقدّم واوضحنا المراد من البداء عند الشيعة وانّه لا يصطدم مع التوحيد ، بل ان فيه الدليل على ان سلطان الله وقدرته مهيمنة على كل شيء حدوثاً وبقاء.
قال : الدليل الثالث : انّهم يقولون بضرورة جرح الشيخين ( ابي بكر وعمر (رض) وينسبون اليهما ما هو عار تماماً عن الصحّة فضلاً عن اتّهامهم السيّدة عائشة (رض) بأنها زنت.
ونقول : إن الشيعة تعتمد في تقييمها للأشخاص على النصوص التاريخية ، وتعطي كلّ ذي حقّ حقه ، وقد اشرنا الى كلا الموضعين المذكورين فيما تقدم ، ونطلب من هذا الكاتب ومن قائد علماء الهند كما عبّر عنه الكاتب ان يقرأ التاريخ بروح الانصاف والتعامل مع الاحداث على اساس من التجرّد عن المرتكزات ثم يوافينا بما يتوصّل اليه.


( 213 )

ثم يذكر شهادات من مؤلفين حول هذا الموضوع وردت في كتاب فتاوى المجيري وهي :
أ ـ كل شيعي يسبّ سيدنا ابا بكر وعمر (رض) ويرفض خلفاء الرسول فهو كافر.
ب ـ ان كل من يتهم سيدتنا عائشة وينكر صحابة ابيها سيدنا ابي بكر فهو كافر.
ونقول : إنّ في ما ذكرناه من الاجوبة كفاية ولا حاجة الى الاعادة والتكرار.
ثم يطرح سؤالاً هو هل يجوز وصف الشيعة بالكفرة ؟ ويجيب عن ذلك بأنّ الشيعة بما انّها تؤمن بالخرافات فإن وصفهم بصفة الكفر ممّا لا اشكال فيه.
ونقول : من حقّنا ان نتساءل ما هي تلك الخرافات التي تؤمن بها الشيعة ؟ وهلا ذكر واحدة منها لنرى مدى صدق دعوى هذا المدعي ، وحيث لم يذكر شيئاً من ذلك فإنّنا نجيب عن ذلك بقوله تعالى : (سبحانك هذا بهتان عظيم) 1 .
قال : إنّ الكثير من الناس بعيدون عن ظلّ الاسلام بينما وقعوا في شبكة اولئك الخارجين منه (المرتدّين) فيجب ان يعامل
____________
1) سورة النور ، الآية 16.
( 214 )

هؤلاء معالة الكفر والذي يمتنع عن تسميتهم ووصفهم بذلك ، فإنّه يعدّ منهم وليس من المتديّنين في شيء.
ونقول : إن هذا الشخص يرى ان التديّن هو اتّهام الناس بالكفر والاّ كان خارجاً عن الدين فيكون كافراً ، أهذا هو الدين عندكم ؟ وهل بهذا امر القرآن وبهذا جاء النبي ؟ ؟ إننا لا نستطيع ان نفسر هذا التحجّر وهذه الغلظة وهذا الافق الضيّق المشحون بالحقد والعداء ، ولا يخفى انّ هذا اعادة لما ذكره سابقاً ، وقد اجبنا عنه هناك فراجع .
قال : الدليل الرابع : من مسلمات الشيعة القول بأن ائمّتهم كانوا معصومين غير عاجزين عن ايّ شيء كان ، حقاً إن هذه الصفات هي صفات الانبياء والرسل فقط .
ونقول : إنّ اهل البيت وهم عترة النبي صلى الله عليه وآله الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً كما نطق القرآن بذلك في آية التطهير 1 وامر القرآن الناس بمودّتهم كما في آية المودة 2 واكّد ذلك النبي صلى الله عليه وآله في اقواله وقرنهم بالقرآن وشبّههم بسفينة نوح من
____________
1) سورة الاحزاب ، الآية 33.
2) سورة الشورى ، الآية 23.

( 215 )

ركب فيها نجى ومن تخلّف عنها غرق وهوى 1 ، مضافاً الى ما دل عليه العقل والنقل من انّهم الائمة والخلفاء بعد النبيّ كلّ ذلك يويّد القول بعصمتهم فأيّ مانع عقلي او نقلي يمنع من ذلك ؟ وهل فيه منافاة للدين ومخالفة لحكم العقل ؟ ثم ما المانع ان يتحلّى هؤلاء بصفات الانبياء والرسل ؟ وما المحذور في ذلك إذا قام الدليل على ذلك ؟.
قال : فهل هؤلاء افضل من سيّدنا ابي بكر وعمر ؟.
ونقول : نعم هم افضل بنصّ القرآن الكريم وبالنصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله في شأن اهل بيته عليهم السلام وبسيرتهم العمليّة وارجع الى التاريخ لتقف على هذه الحقيقة ، وستجد انّ اهل البيت عليهم السلام هم افضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في العلم والعمل والفضائل.
قال : وهل هم اقرب منزلة عند الله من ازواج النبي صلى الله عليه وآله ؟ .
ونقول : نعم فإن القرآن الكريم عاتب بعض نساء النبي كما في سورة التحريم 2 ، وثبتت مخالفة بعض نساء النبي لأوامر
____________
1) راجع مستدرك الحاكم : ج 3 ص 163 ح 4720 عن ابي ذر وراجع مجمع الزوائد : ج 9 ص 168 ، دار الكتب العربي ، بيروت.
2) سورة التحريم ، الآية 5.

( 216 )

القرآن ، بينما اثنى القرآن على اهل البيت وشهد بطهارتهم ونزاهتهم من الرجس وامر بمودّتهم من دون ان يعاتبهم على شيء ، والذي يبدو انّ هذا المستدل لا يخلو إمّا ان يكون جاهلاً او معانداً ، ونحن نشك في جهله والاّ كيف يكون قائداً لعلماء الهند ولا يطلع على ما رواه علماء السنّة في فضائل اهل البيت عليهم السلام وكمالاتهم.
قال : إننّا بدورنا لا نقبل عصمتهم ولذلك لم يكونوا على احترام او ايّ مقام يذكر في الاسلام بنظر اهل السنّة.
ونقول : ونحن بدورنا نقول إن إنكارك لعصمتهم ولمقامهم ردّ على الله وعلى الرسول ومخالفة صريحة لما جاء في القرآن ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في شأن اهل البيت عليهم السلام ثم كيف يجرؤ هذا المستدلّ على هذا القول وقد قال النبي صلى الله عليه وآله : مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى1 وقال : علي مع الحقّ والحقّ مع علي2 . وقال : إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكّتم بهما
____________
1) مستدرك الحاكم : ج 2 ص 151.
2) نفس المصدر السابق : ج 3 ص 130 ح 4629 ، وراجع ايضاً المناقب للخوارزمي : ص 56.

( 217 )

وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض1 . وقال : الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة2 . وقال : فاطمة بضعة منّي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها3. وغير ذلك من الروايات المروية في كتب السنة كيف بهذا المستدل ان يتجاسر بذلك القول وقد روى عن عمر انه قال : لولا علي لهلك عمر4 . وقال : نتعوّذ بالله من معضلة ليس لها ابو الحسن5.
ثم من هو استاذ ائمّة المذاهب ؟ وماذا كان يقصد ابو حنيفة من قوله : لولا السنتان لهلك النعمان6 الى غير ذلك مما هو معلوم لدى الجميع وقد نقلته مختلف المصادر ، ثمّ ارجع الى التاريخ مرّة اخرى لتقف على ان اهل البيت عليهم السلام كانوا هم الملاذ عند نزول الشدائد ووضع الحلول العملية ، وكم من قضيّة استعصى حلّها
____________
1) صحيح الترمذي : ج 5 ص 328.
ومسند احمد بن حنبل : ج 5 ص 181 ، وراجع بحار الانوار للعلامة المجلسي : ج 23 ص 107.
2) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : ج 1 ص 193
3) صحيح البخاري : ج 2 ص 302.
4) ينابيع المودّة ، للقندوزي الحنفي : ج 1 ص 227.
5) الاستيعاب المطبوع بهامش الاصابة : ج 3 ص 46.
6) الامام الصادق والمذاهب الاربعة ، لاسد حيدر : ج 1 ص 70 ، مكتبة الصدر.

( 218 )

على الناس ، فرجعوا الى اهل البيت عليهم السلام ليأخذوا منهم القول الفصل في القضاء والفقه وسائر الاحكام ، فكيف لهذا المدعوّ بقائد علماء الهند يقول بأن اهل البيت عليهم السلام لم يكونوا على احترام ، او اي مقام يذكر في الاسلام ، وكيف يتنكّر للحقائق الثابتة التي لا تقبل الجدال ؟ إنّ في انكار فضل اهل البيت عليهم السلام ومقامهم وشأنهم خروجاً عن جادة الصواب وانحرافاً عن الحق وتخبطاً في الضلام والضلال واذا بلغ الامر الى هذا الحدّ من انكار البديهيّات ، فأيّ برهان ينفع بعد ذلك مع اناس ضاقت صدورهم وقصرت انظارهم وتحجّرت عقولهم ولم تطاوعهم نفوسهم على الاعتراف بفضل اهل البيت عليهم السلام مع صراحة الآيات القرآنية وتواتر الاحاديث النبوية.
وهكذا يكون التدلس والتلبيس والتضليل للناس وسياسة التجهيل التي تتعمّد اخفاء الحقائق عن عامّة الناس ولولا امثال هؤلاء المدلّسين الذين يصطبغون بصبغة العلم وهم خلو من كلّ علم. والذين يمنحون افخم الالقاب وهي القاب جوفاء لا واقع لها وغاية علمهم انّهم يسارعون الى رمي الناس بالكفر والخروج عن حريم الاسلام.
اقول : لولا ذلك لعرف الناس قدر اهل البيت عليهم السلام ومقام


( 219 )

عترة النبي صلى الله عليه وآله ولما قدّم سواهم عليهم ولما كنّا بحاجة الى ايضاح الواضحات وبيان البديهيات وهذه كارثة عظمى ومصيبة خطيرة وانا لله وانا اليه راجعون.
قال : ومع الاسف انّ بعض اهل السنّة يجهلون الشيعة وواقعهم الذي يتمثل في عدم قبولهم بخاتمية النبي صلى الله عليه وآله ورسالته فتجدهم يوجّهون اليهم الدعوات للمشاركة في مراسيمهم الدينية مع كفرهم بخاتمية رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله.
ونقول : قال الشاعر العربي :
لي حيــلة في من ينمّ    وليس في الكذّاب حيلة
من كان يخلق ما يقول     فحيــلتي فيه قليلـة
ونريد ان نتساءل ونوجّه السؤال لهذا المفتري : في أيّ كتاب من كتب الشيعة جاء فيه ان الشيعة لا يقبلون بخاتمية النبي صلى الله عليه وآله ؟ وهذه كتبهم مبثوثة في جميع بقاع الارض وهاهم الشيعة منتشرون في انحاء العالم ، فهل رأى في كتاب او رأى شيعياً يقول بذلك (سبحانك هذا بهتان عظيم) 1 واذا كان الشيعة يقولون بعصمة ائمّتهم عليهم السلام فهل هذا يعني عدم قبول خاتمية النبي صلى الله عليه وآله ؟ وأي
____________
1) سورة النور ، الآية 16.
( 220 )

ملازمة بين الامرين ؟. ثم إنّه اذا كان الشيعة يقولون بعصمة الائمة عليهم السلام وعددهم اثنا عشر اماماً ، فالسنّة يقولون بعصمة جميع الصحابة والدليل على ذلك حكمهم بتكفير كل من يعترض على الصحابة مستنداً في اعتراضه على النصوص المأثورة وقضايا التاريخ المعلومة ، مع انّ في الصحابة من هو منافق ، وفيهم من هو ضعيف الايمان ، وفيهم من هو حديث عهد بالاسلام ، بل قد وقعت الحروب الضارية بين الصحابة وقتل الصحابة بعضهم بعضاً ممّا هو معلوم في التاريخ.
ثمّ إن هذا المفتري هل وقف على ما تقوله الشيعة في امر النبوة ورأى استدلالهم على خاتميّة نبوة النبي صلى الله عليه وآله حيث اعتبر الشيعة انّ خاتمية نبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله من ضروريات الدين واستدلوا بالآيات والروايات على ذلك.
ان الشيعة الامامية تعتقد بانه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قرّروا ذلك وبرهنوا عليه في كتبهم الاعتقادية الاّ انّ هذا المفتري واضرابه ابو الا الصاق التهمة والا الزور والبهتان (كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الاّ كذبا) 1 .
____________
1) سورة الكهف ، الآية 5.
( 221 )

وقد تقدم هذا الموضوع وأجبنا عنه الاّ انّه لمّا تكرر هنا اضطررنا للاعادة والتكرار.
ثمّ نقل كلمة صاحب كتاب ( مافهيم إلهية ) حيث قال : في واقع الامر انّ الشيعة لا يؤمنون بخاتميّة رسالة محمد صلى الله عليه وآله بل هناك انبياء آخرون جاؤا بعده وان كانوا يختلفون معه في الاسم هذا ليس مهمّاً وانما المهم ان يتفقوا معه في المسؤليّة وتأديتهم الوظيفة الواحدة.
ونقول : قد ظهر الجواب عند هذا القول فيما تقدم ونحب ان نضيف انّ هذا الكاتب لا يعي ما يقول والاّ لما تفوّه بذلك والدليل ان مؤدى كلامه انّه يشك في خلافة ابي بكر وعمر وعثمان وذلك لاننّا نسأل ما هي وظيفة هؤلاء الخلفاء وما هي مسؤليّتهم ان قال ان المسؤليّة تختلف عن مسؤليّة النبي ، فهذا اعتراف منه بانّ الخلافاء مخالفون للنبي صلى الله عليه وآله وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليهم واتباعهم وان قال ان المسؤليّة واحدة والوظيفة واحدة فهذا هو الذي تقوله الشيعة بالنسبة الى ائمتهم عليهم السلام ، ولا يخفى ان هذا الجواب منّا الزامي ، والاّ فإنّ الشيعة تعتقد انّهم منصوبون من قبل الله تعالى على يد النبي صلى الله عليه وآله وليسوا بأنبياء وانما خلفاء وهم الذين ورثوا علم الرسول صلى الله عليه وآله ووقفوا على اسرار


( 222 )

القرآن ، وقد تقدّم انّ النبي صلى الله عليه وآله قرنهم بالقرآن في حديث الثقلين ، وانّ القرآن والعترة اما من الضلال ولا يغني احدهما عن الآخر وذلك لانّ في القرآن آيات محكمات هنّ ام الكتاب واخر متشابهات وفيه خاص وعام ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ ، وليس الناس كلّهم عالمين باسرار القرآن ومراداته ، وانما يعلمه الله والراسخون في العلم وهم اهل البيت عليهم السلام ، واهل البيت ادرى بما في البيت.
والنتيجة انّ ائمة اهل البيت عليهم السلام خلفاء للنبي صلى الله عليه وآله لا انّهم انبياء كما يحلو لهؤلاء الكتاب الصاق هذه التهمة بالشيعة زوراً وبهتاناً ، واما ما ذكره عن توجيه الدعوة للشيعة للمشاركة في المراسيم الدينيّة فهذا اعتراف ضمني بان الشيعة مسلمون متديّنون واما الادّعاء بان ذلك للجهل بواقع الشيعة فقد تقدّم الجواب عنه مراراً وتكراراً.
ثمّ الحق الكاتب ثلاثة احاديث نبوية ذكرها بالمضمون حيث قال : ملحق : ثلاثة احاديث نبوية :
1 ـ يأتي في آخر الزمان فرقة الرافضة انّهم ليسوا من الاسلام في شيء مسند احمد : ج 1 ص 103.
2 ـ سيكون من بعدي الرافضة فإن وقعوا في ايديكم


( 223 )

فاقتلوهم لكونهم من اهل الشرك انهم يسبّون ابابكر وعمر ومن يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. ( الدار قطني ) .
3 ـ تولد في اقرب الازمنة فرقة تسبّ اصحابي وتتبع اخطاءهم فلا تجالسوهم ولا تناكحوهم ولا تسلموا عليهم عليهم لعنة الله . ( عمدة الطالبين : ص 179 ).
ونقول : اولاً : امّا بالنسبة الى الحديث الاول فقد راجعنا مسند احمد ووجدنا الحديث ونصه ـ بعد ان ذكر السند ـ : قال علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله يظهر في آخر الزمان قوم يسمّون الرافضة يرفضون الاسلام.
ومع الغضّ عن سند الحديث يكون البحث والكلام في دلالته فإن الحديث يدل صراحة على ان ظهور الرافضة في آخر الزمان والحال ان الكاتب اعترف بانّ الشيعة قدماء وقد بيّنا وبرهنا على انّ منشأ الشيعة هو في زمان النبي صلى الله عليه وآله وان معنى التشيع هو متابعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .
فصدر الحديث لا ينطبق على الشيعة اطلاقاً.
وثانياً : انّ الحديث يذكر الرافضة ويصفهم بانّهم يرفضون الاسلام ، والشيعة تعتنق الاسلام ولا ترفضه وجميع تعاليمهم


( 224 )

واحكامهم مأخوذة من الاسلام ، ومعنى رفض الاسلام عدم قبوله وعدم الالتزام بتعاليمه بينما الشيعة ليست كذلك ، فهم ينطقون الشهادتين ، ويصلّون الفرائض الخمس ، ويصومون شهر رمضان ، ويحجّون البيت الحرام ، ويزكّون ويتعاملون في اسواقهم وعقودهم على طبق الاسلام ، ويستندون الى القرآن الكريم وما اثر عن النبي صلى الله عليه وآله واهل بيته ، فليس الشيعة رافضين للاسلام وبناء على ذلك فالحديث لا ينطبق على الشيعة من هذه الناحية ايضاً.
وثالثاً : انّ هذا الحديث يناقض الحديثين الثاني والثالث ، وذلك لانّ الحديث الاول يقول : يظهر آخر الزمان ، والحديث الثاني يقول : سيكون بعدي والحديث الثالث يقول : تولد في اقرب الازمنة . فبأيّ هذه الاحاديث نأخذ مع انّا بيّنا انّ الشيعة ولدت وترعرعت في زمان النبي صلى الله عليه وآله وعلى يديه وتقدّمت الادلّة على ذلك وبناء على ذلك فالاحاديث الثلاثة على فرض صحتها لا تنطبق على الشيعة على الاطلاق.
ورابعاً : اننّا ننزّه مقام النبي صلى الله عليه وآله عن ان يأمر بقتل الناس الاّ بالحقّ ، ولا شك في ان عبارة « فإن وقعوا في ايديكم فاقتلوهم » كما وردت في الحديث الثاني تستوجب وقوع الفتنة بين الناس وانتشار الفوضى وذلك يودّي الى تحوّل بلاد المسلمين الى ساحات


( 225 )

حروب داخلية لا تنتهي ، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله ان يأمر بذلك ، فإنّه هو الرحمة للعالمين (وما ارسلناك الاّ رحمة للعالمين) 1 .
وخامساً : ورد التعليل في الحديث الثاني للأمر بقتل الرافضة بأمرين الاول : لكونهم من اهل الشرك ، الثاني : انّهم يسبّون ابابكر وعمر.
اما بالنسبة للامر الاول ؛ فهذا لا يختصّ بالرافضة وحدهم ، فانّ المشركين كثيرون ، وحينما لحق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الاعلى لم يكن الناس كلّهم مسلمين ، وانما انتشر الاسلام بعد ذلك ، فالتعليل المذكور يقتضي تعميم القتل لكلّ المشركين ، وحينئذ لابدّ من الرجوع الى احكام الجهاد المقرّرة في الفقه الاسلامي لا ان يكون القتل هكذا عشوائياً فهذه العبارة لا يمكن الاخذ بمدلولها.
واما بالنسبة الى الامر الثاني وهو التعليل بانّهم يسبّون ابا بكر وعمر ، فقبل ان نجيب نريد ان نطرح هذا السؤال هل كان النبي صلى الله عليه وآله يرى خلافة ابي بكر وعمر من بعده او لا يرى ذلك ؟ فإن كان يراها فلماذا لم ينصّ عليهما حتى لا يقع الاختلاف من بعده وان كان لا يراها فجعلهما خليفتين انما هو من الناس لا من الله ولا من الرسول وحينئذ فهما كسائر الناس لهما ما للناس وعليهما ما
____________
1) سورة الانبياء ، الآية 107.