بحوث في الملل والنحل ـ جلد الخامس ::: 491 ـ 500
(491)
صنعت في هذا اليوم. فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : « و كيف رأيت؟ » قال : لم أرك عدلت. قال : فغضب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ثمّ قال : « ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ » فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ألا نقتله؟ قال : « لا ، دعوه فإنّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين حتّى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرميّة ، فينظر في النصل فلا يوجد شيء ، ثمّ في القدح فلا يوجد شيء ، ثمّ في الفوق فلا يوجد شيء سبق الفرث الدم ».
    35 ـ حدّثني أبي ، حدثني يعقوب ، حدثنا ابي ، عن ابن إسحاق ، قال : و حدثني محمّد بن علي بن الحسين ابو جعفر مثل حديث أبي عبيدة و سمّاه ذا الخويصرة.
    36 ـ حدّثني أبي ، حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن ابن أبي إسحاق ، عن رجل : انّ عائشة لمّا بلغها قتل المخدج ، قالت : لقد قتل شيطان جان الردهة. قال و قال سعد ابن أبي وقاص : لقد قتل جان الردهة.
    37 ـ حدثني أبو الربيع الزهراني سليمان بن داود ، حدثنا داود العطار المكّي ، حدثنا موسى بن عقبة ، عن نافع ، قال : خرج ابن عمر من المدينة يريد الحج ، فقيل له : إنّ الحرورية قد خرجت ، فقال : أشهدكم أنّي قد جعلتها عمرة ، فلمّا انتهى إلى البيداء ، قال : أشهدكم أنّي قد كنت جعلتها عمرة و أنّي قد أضفت إليها حجّة.
    38 ـ حدّثني ابي ، حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا حرام بن إسماعيل العامري ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن يسير بن عمرو ، قال : دخلت على سهل بن حنيف بالمدينة فقلت : حدثني بما سمعت من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في الحرورية ، فقال : اُحدّثك ما سمعت من رسول الله في الحرورية لا أزيدك عليه : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم )


(492)
يذكر قوماً يخرجون من هاهنا : و أشار بيده نحو العراق ـ يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ، قال : قلت : هل ذكر لهم علامة؟ قال : هذا ما سمعته لا أزيدك.
    39 ـ حدّثني أبي ، حدثنا أبو كامل ، حدثنا حماد ـ يعني ابن سلمة ـ حدّثني سعيد ابن جمهان ، قال : كانت الخوارج تدعوني حتى كدت أن أدخل معهم ، فرأت اُخت بلال في النوم أنّ أبا بلال كلب أسود عيناه تذرفان ، فقالت : بابي أنت يا أبا بلال ما شأنك أراك هكذا؟ قال : جعلنا بعدكم كلاب النار ، و كان أبو بلال من رؤوس الخوارج.
    40 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن عكرمة بن عمار ، حدّثني عاصم بن شميخ الغيلاني ، قال : رأيت أبا سعيد الخدري يصلّي عند الزوال و هو معتمد على جريدة إذا قام اعتمد عليها و إذا ركع أسندها إلى الحائط و إذا سجد اعتمد عليها.
    41 ـ حدّثنا هدبة بن خالد الأزدي ، حدّثنا ديلم أبو غالب ، عن ميمون الكردي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) قال : تمرق مارقة من فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق.
    42 ـ حدّثني أبي حدّثنا وكيع ، حدّثنا عكرمة بن عمّار ، عن عاصم بن شميخ ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) إذا حلف باليمين قال : « و الّذي نفس أبي القاسم بيده ليخرجنّ قوم تحقّرون أعمالكم عند أعمالهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة » قالوا : فهل من علامة يعرفون بها؟ قال : « فيهم رجل ذو ثدية محلقي رؤوسهم » قال أبو سعيد : فحدّثني عشرون أو بضع و عشرون من


(493)
أصحاب النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : أنّ علياً ولي قتلهم ، قال فرأيت أبا سعيد بعد ما كّبر و يداه ترتعشان يقول : إنّ قتالهم أجلّ عندي من قتال عدّتهم من الترك.
    43 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا إسحاق بن يوسف ـ يعني الأزرق ـ عن الأعمش ، عن ابن أبي أوفى ، قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « الخوارج هم كلاب النار ».
    44 ـ حدّثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، انا معمر ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ـ أو قال : سمعت انا سعيد الخدري يحدّث ـ أنّه سمع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان عظيمتان دعواهما في الدين واحدة ، تمرق بينهما مارقة ، يقتلهما أولاهما بالحق ».
    45 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، حدّثني سويد بن عبيد العجلي ، عن أبي مؤمن الواثلي ، قال : شهدت عليّاً حين فرغ من قتالهم ، قال : انظروا فإنّ فيهم رجلاً مخدج اليد ، فطلبوه فلم يجدوه ، فقال علي : ما كذبت ولا كذّبت ، قال : فقام علي فأخرجه من تحت ساقية ، فخّر علي ساجداً.
    46 ـ حدّثني أبي حدّثنا وكيع ، حدّثنا بسام ، عن أبي الطفيل ، قال : سأل ابن الكواء عليّاً (رضي الله عنه) عن الأخسرين أعمالاً ، قال : منهم أهل حروراء.
    47 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع حدّثنا حسن ـ يعني ابن صالح ـ عن أبي نعامة الأسدي ، عن خال له ، قال : سمعت ابن عمر يقول : إنّ نجدة و أصحابه عرضوا لعيرلنا و لوكنت فيهم لجاهدتهم.
    48 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا عبد الرزاق ، انا معمر ، عن أيوب ، عن نافع : أخبرني ابن عمر أنّ نجدة لاقاه فحلّ شرج سيفه فأشرجته ، ثمَ مرّ به فحلّه أيضاً


(494)
فأشرجته ، ثم مرّ به الثالثة ، فقال : من أشرج هذا كأنّه ليس في أنفسكم ما في أنفسنا؟
    49 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، حدّثنا عثمان الشحام أبو سلمة ، حدّثني مسلم ابن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : « سيخرج قوم أحدّاء أشدّاء ، ذلقة ألسنتهم بالقرآن ، يقرأونه لايجاوز تراقيهم ، إذ ليقتموهم فاقتلوهم ، فإنّه يؤجر قاتلهم ».
    50 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا بهز و عفّان قالا : حدّثنا حماد ـ يعني ابن سلمة ـ حدّثني سعيد بن جمهان ، قال : كنّا مع عبد الله بن أبي أوفى نقاتل الخوارج و قد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج فناديناه يا فيروز هذا ابن أبي أوفى فقال : نعم الرجل لو هاجر ، قال : ما يقول عدوّ الله؟ قال : يقول : نعم الرجل لو هاجر ، فقال : أهجرة بعد هجرتي مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال بهز في حديثه ، يردّدها ثلاثاً : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) (يقول) : « طوبى لمن قتلهم » ، و قال عفان و يونس : « لمن قتلهم و قتلوه » ثلاثاً.
    51 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا روح بن عبادة ، حدّثني عثمان الشحّام ، حدّثنا مسلم بن أبي بكرة : و سألته هل سمعت في الخوارج شيئاً ، فقال : سمعت والدي أبا بكرة يقول عن نبي الله : « ألا انّه سيخرج من اُمّتي أقوام أشدّاء أحدّاء ، ذليقة ألسنتهم بالقرآن لا يجاوز تراقيهم ، ألا فإذا رأيتموهم ثمّ إذا رأيتموهم فأنيموهم فالمأجور قاتلهم.
    52 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، حدّثنا إسرائيل ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن زياد بن طارق ، قال : رأيت عليّاً حين أخرج المخدج ـ على يده ثلاث شعرات ـ خرّساجداً ، قال عبد الله بن طارق بن زياد : و لكن كذا قال وكيع.


(495)
    53 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، حدّثنا سفيان ، عن محمّد بن قيس الهمداني ، عن شيخ لهم يكّنى أبا موسى قال : رايت علياً سجد حين اُتي بالمخدج.
    54 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا يزيد بن هارون ، انا حماد بن سلمة ، عن أبي عمران الجوني ، عن عبد الله بن رباح ، عن كعب ، قال : الّذي يقتله الخوارج له عشرة أنور ، فضّل ثمانية أنور على غيره من الشهداء.
    55 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، حدثنا ابن أبي خالد ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : ذكر عنده الخوارج قال : هم قد زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
    56 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا حماد بن مسعدة ، عن يزيد ـ يعني ابن أبي عبيد ـ قال : لمّا ظهر نجدة الحروري أخذ صدقات ، قيل لسلمة : ألا تباعد منهم؟ قال : فقال : و الله لا اُبايعه و لا أتبعه أبداً ، قال : و دفع صدقته إليهم.
    57 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا عفان ، حدّثنا جويرية بن أسماء ، قال : زعم نافع أنّ ابن عمر كان يرى قتال الحرورية حقّاً واجباً على المسلمين.
    58 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا محمّد بن بشر ، حدّثنا عبيدالله ، عن نافع : انّ ابن عمر أراد أن نقاتل نجدة حين أتى المدينة يغير على ذراريهم ، فقيل له : إنّ الناس لا يبايعونك على هذا ، قال : فتركه.
    59 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا محبوب بن الحسن ، حدّثنا خالد ـ يعني الحذّاء ـ عن أبي اياس معاوية بن قرّة ، قال : خرج حروري محكّم ، فخرج إليه ناس من أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) من مزينة بأسيافهم منهم عائذ بن عمرو.
    60 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا عفان ، حدّثنا يزيد بن زريع ، حدّثنا خالد الحذاء ، عن معاوية بن قرّة : خرج محكّم في زمان أصحاب


(496)
رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) فخرجوا عليه بالسيف رهط من أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) منهم عائذ بن عمرو.
    61 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا عفان ، حدّثنا سلام أبو المنذر ، عن عاصم بن بهدلة قال : خرج خارجي بالكوفة ، فقيل : يا أبا وائل هذا خارجي خرج فقتل ، فقال : و الله ما أعزّ هذا لله من دين و لا دفع عن مظلوم ، هذا و أبيك الخير.
    62 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا أبو كامل مظفر بن مدرك ، حدّثنا حماد بن سملة ، عن الأزرق بن قيس ، قال : كنّا بالأهواز نقاتل الخوارج و فينا أبو برزة الأسلمي فجاء إلى نهر فتوضّأ ثمّ قام يصلّي.
    63 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا يزيد بن هارون ، انا ابن إسحاق ، عن أبي الزبير ، عن أبي العباس مولى بني الديل ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : ذكر عند رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) قوم يجتهدون في العبادة اجتهاداً شديداً ، فقال : « تلك ضراوة في الإسلام و شرّه و لكلّ شرّه فترة ، فمن كانت فترته إلى الاقتصاد فلاوم (1) ما هو و من كانت فترته إلى غير ذلك فاُولئك هم الهالكون ».
    64 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا هشيم ، انا حصين ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد في قوله : ( يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (2) قال : قلت له : أهم الخوارج؟ قال : لا ، و لكنّهم أصحاب الصوامع ، و الخوارج الذين زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
    65 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا هشيم ، انا العوام ، حدّثنا أبو غالب ، عن أبي أمامة : زاغوا فأزاغ الله قلوبهم. قال : هم الخوارج.
    66 ـ حدّثني أبي ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن حصين ـ و كان صاحب شرطة علي ـ قال : قال علي : قاتلهم الله أي حديث
    1 ـ كذا في الأصل ، و في أصل آخر : فلا ذم ، و لعلّه : لازم.
    2 ـ الكهف : 104.


(497)
شانوا ، يعني الخوارج.
    67 ـ حدّثني أبي ، حدثنا ابن نمير ، انا عبيدالله ، عن نافع ، قال : لمّا سمع ابن عمر بنجدة قد أقبل و أنّه يريد المدينة و أنّه يسبي السباء و يقتل الولدان ، قال : إذاً لا ندعه و ذاك ، وهمّ بقتاله و حرّض الناس ، فقيل له : إنّ الناس لا يقاتلون معك و تخاف أن تترك فتقتل ، فتركه.
    68 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا أبو بكر بن عياش ، قال : سمعت أبا إسحاق ، عن أبي الأحوص ، قال : خرج خوارج فخرج إليهم ، فقتلوه.
    69 ـ حدّثني أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، أخبرني عبد الملك ، عن عطاء ، عن ابن عباس : انّ عليّاً أخرجه إلى الخوارج فكلّمهم ، ففرّق بينهم ، فقالت الخوارج : بل هم قوم خصمون.
    70 ـ حدّثني أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدء ، أخبرني عاصم الأحول ، عن عون بن عبدالله : انّ عمر بن عبد العزيز أخرجه إلى الخوارج فكلّمهم.
    71 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا يزيد ـ يعني ابن هارون ـ ، انا هشام بن حسان ، حدّثني أبو الوضي القيسي ، قال كنت في أصحاب علي لمّا فرغ من أهل النهر ، قال : اطلبوا فيهم ذا الثدية ، فطلبوه فلم يجدوه ، فأتوه فقالوا : لم نجده. قال : اطلبوه فإنّه فيهم. قال فطلبوه فوجدوه فاُتي به فإنّي لأنظر إليه وله في أحد منكبيه مثل ثدي المرأة ليس له يد غيرها عليها شعرات.
    72 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي غالب ، عن أبي اُمامة : أنّه رأى رؤوساً منصوبة على درج مسجد دمشق ، فقال أبو اُمامة : كلاب النار ـ ثلاثاً ـ شر قتيل تحت أديم السماء ، خير قتل من قتلوه ، ثمّ


(498)
قرأ : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (1) قلت لأبي اُمامة : أنت سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : لو لم أسمعه إلاّ مرّتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً أو ستّاً أو سبعاً ما حدّثتكم به.
    73 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا عبد الرزاق ، حدّثنا معمر ، قال : سمعت أبا غالب يقول : لمّا اُتي برؤوس الأزارقة فنصبت على درج دمشق ، جاء أبو اُمامة فلمّا رآهم دمعت عينه ، قال : كلاب النار ، كلاب النار ، كلاب النار ـ ثلاث مرّات ـ هؤلاء شرّ قتلى قتلوا تحت أديم السماء ، و خير قتلى تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء ، قلت : فما شأنك دمعت عينك؟ قال : رحمة لهم لأنّهم كانوا من أهل الإسلام قلت : أبرأيك قلت هم كلاب النار أو شيئاً سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : إنّي إذاً لجري بل سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) غير مرّة ولا مرّتين ولا ثلاثة ، قال : فعدّ مراراً قال ثمّ تلا هذه الآية ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) حتى بلغ ( هُمْ فِيها خَالِدُونَ ) ثم ذكر الحديث إلى آخره.
    74 ـ حدّثني أبو خيثمة ، حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي غالب سمع أبا اُمامة قال : خرجت معه فرأى رؤوساً من هؤلاء الخوارج على درج دمشق ، فقال كلاب النار ، كلاب النار ، شرّ قتلى ، و خير قتلى من قتلوه ، فقلت : يا أبا اُمامة سمعت هذا من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : نعم غير مرّة.
    75 ـ حدّثني أبو خيثمة زهير بن حرب ، حدّثنا عمّار بن يونس الحنفي ، حدّثنا عكرمة بن عمّار ، حدثنا شداد بن عبد الله ، قال : وقف أبو اُمامة و أنا معه على رؤوس الحرورية بالشام عند باب مسجد حمص أو دمشق ، فقال لهم : كلاب النار ـ مرّتين أو ثلاثاً ـ شرّ قتلى تظل السماء ، و خير قتلى من قتلوهم
    1 ـ آل عمران : 106.

(499)
ـ و دمعت عينا أبي اُمامة ـ قال رجل : أرأيت قولك لهؤلاء القوم شرّ قتلى تظلّ السماء ، و خير قتلى قتلوهم ، أشيء من قبل رأيك أو شيء سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : من قبل رأيي إنّي إذاً لجري لولم أسمعه من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) إلاّ مرّة أو مرّتين ـ حتى عدّ سبع مرار ـ ما حدّثتكم ، فقال له رجل : رأيتك دمعت عيناك؟ فقال : رحمة رحمتهم كانوا مؤمنين فكفروا بعد إيمانهم ، ثمّ قرأ هذه الآية : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَـتُ وَأُوْلَــِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (1) الآية.
    76 ـ حدّثنا أبي ، حدّثنا أنس بن عياض و هو أبو ضمرة المديني ، قال : سمعت صفوان بن سليم يقول : دخل أبو اُمامة الباهلي دمشق فرأى رؤوس حروراء قد نصبت فقال : كلاب النار ـ ثلاثاً ـ شرّ قتلى تحت ظلّ السماء من خير قتلى من قتلوه ، ثمّ بكى ، فقام إليه رجل فقال : يا أبا اُمامة هذا الّذي تقول من رأيك أو سمعته؟ فقال : إنّي إذا لجري كيف أقول هذا عن رأيي و لكن قد سمعته غير مرّة و لا مرّتين. قال : فما يبكيك؟ قال أبكي لخروجهم من الإسلام هؤلاء الذين تفرّقوا و اتّخذوا دينهم شيعاً.
    77 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا إسماعيل ـ يعني ابن علية ـ انا سليمان التيمي ، حدّثنا أنس بن مالك ، قال : ذكر لي أنّ نبي الله قال : إنّ فيكم قوماً يعبدون و يدينون حتّى يعجبوا الناس وتعجبهم أنفسهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة.
    78 ـ حدّثني أبي ، حدّثنا إبراهيم بن خالد ، حدّثنا رباح ، عن معمّر ، عن قتادة عن أنس بن مالك : أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) قال : « يكون
    1 ـ آل عمران : 105 ـ 106.

(500)
في اُمتي اختلاف و فرقة يخرجون فيهم قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، سيماهم الحلق و التسبيت ، فإذا رأيتموهم فأنيموهم » ـ قوله التسبيت يعني استئصال الشعر ـ.
    79 ـ حدّثني أبو بشر بكر بن خلف ختن أبي عبد الرحمن المقرئ و سأله محمّد بن غيلان ، عن هذا الحديث بمكّة قال : حدّثنا عبد الرزاق ، أنا معمّر ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : « يكون في آخر اُمّتي قوم يقرأون القرآن لايجاز تراقيهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرميّة ، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم ».
    80 ـ حدّثني أبي حدّثنا عبد الرزاق ، حدّثنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : بينا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) يقسم قسماً إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي فقال : اعدل يا رسول الله. فقال : « و يلك و من يعدل إذا لم أعدل؟ » فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أتأذن لي أن أضرب عنقه ، فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : « دعه فإنّ له أصحاباً يحتقر أحدكم صلاته مع صلاته ، و صيامه مع صيامه ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ، فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ثمّ ينظر في نصيبه فلا يوجد فيه شيء ، ثمّ ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء ، و قد سبق الفرث و الدم ، آيتهم رجل أسود في إحدى يديه أو قال احدى ثدييه كثدي المرأة ، و مثل البضعة تدردر ، يخرجون على حين فترة من الناس ، فنزلت فيهم : ( وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِى الصَّدَقَـتِ ) الآية (1) قال أبو سعيد : فأشهد أنّي سمعت هذامن رسول الله ، و أشهد أنّ عليّاً حين قتلهم و أنا معه جيئ بالرجل على النعت الّذي نعت رسول الله.
    1 ـ التوبة : 58.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الخامس ::: فهرس