« إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله فهل أنتم منتهون » (1) فقلت : أنتهينا انتهينا (2) .
وكنت مدمناً على شرب النبيذ لم تفارقه حتى النفس الأخير من حياتك (3) .
وجاءك أعرابي فشرب من شرابك فأقمت عليه الحد فأنكر عليك ذلك فقال انما شربت من شرابك ، ودعيت بماء فكسرته ثم شربته ، مجتهداً أن كسره بالماء يذهب حرمته ، (4) وقد قلت في الخمر « ما أسكر كثيره فقليله حرام » (5) .
وقلت : « حرمت الخمر لعينها القليل منها والكثير ، والمسكر من كل شراب » (6) .
فعلى أي حجة اعتمدت في شربك للمسكر ، وبأي وجه حللت النبيذ ، والأمر لله تعالى وحده وهو المستعان على ما تصفون .

الشورى :

وأعظم ما مني به المسلمون أحداثك للشورى بوضعها الهزيل التي سببت للمسلمين كثيراً من الفتن والخطوب ، وهي مؤامرة دبرتها لصرف الخلافة عن أهل بيتي ، وجعلها في بني أمية ، وكان ذلك منك بأسلوب بارع دل على عمقك ، وسعة فكرك ، وسياستك البالغة في صرف الخلافة عن أهل بيت النبوّة ، ومعدن الحكمة ، وخزان العلم وسدنة التوحيد ، وذلك حينما طعنك أبو لؤلؤة طعنته
____________
1 ـ سورة المائدة : آية 91 .
2 ـ المستطرف 2 / 291 .
3 ـ الامامة والسياسة .
4 ـ أحكام القرآن للجصاص 2 / 565 .
5 ـ مسند احمد 2 / 176 ، صحيح الترمذي 1 / 342 ، مصابيح السنة 2 / 67 تأريخ الخطيب 3 / 327 .
6 ـ جامع مسانيد أبي حنيفة .

(132)

المميتة وصرت تنتظر ركب الموت ليسير بك إلى دار الحق أخذت تطيل التفكير ، وتمعن النظر فيمن يتولى شؤون الحكم من بعدك ، وتذكرت أقطاب حزبك الذين شاركوك في تمهيد الأمر فطافت بك الآلام والهواجس لأنه لم يكن أحد منهم الا اختطفته يد المنون فجزعت عليهم ، وقلت بنبرت الآسف :
« لو كان أبو عبيدة حياً لا ستخلفته لأنه أمين هذه الأمة ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لاستخلفته لأنه شديد الحب لله تعالى . . » .
لقد أسفت على هلاك أبي عبيدة وهو حفّار للقبور ، وكان من أبطال المؤامرة الكبرى في قلب الحكم عن أهل بيتي ، وسالم كان مولى ، وقد كنت ترى أن الخلافة لا تكون إلا في قريش لأنها أقرب الناس لي ، وأمسهم بي رحماً ، وبهذا المنطق أحتج أبو بكر على الأنصار وتغلب عليهم ، فما الذي حداك عن العدول عنه .
لقد فتشت في سجل الأموات ، عمّن هو أهل للخلافة ، ونسيت أمير المؤمنين الذي هو نفسي ، وباب مدينة علمي ، وأقضى امتي ، وأبو سبطيّ ، وناصري في جميع المواقف والمشاهد ، فقد جعلته أحد أعضاء الشورى ، ورجحت عليه عبد الرحمن بن عوف .
لقد جعلت الخلافة شورى بين ستة أنفار ، علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوّام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله ، وعثمان بي عفان ، وأمرت باحضارهم فلما مثلوا عندك قلت لهم :
« أكلكم يطمع بالخلافة بعدي ؟ » .
فوجموا عن الكلام فاعدت القول عليهم ثانياً فانبرى إليك الزبير فرد عليك قائلاً :
« وما الذي يبعدنا عنها . . . وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ، ولا في السابقة ، ولا في القرابة » .
وطفقت تخبرهم عن نفسياتهم فقلت :
« أفلا أخبركم عن أنفسكم ؟ » .


(133)

فأجابوك : « إنا لو استعفيناك لم تعفنا » .
فخاطبت الزبير فقلت له :
« أما أنت يا زبير فوعق لقس (1) مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، يوماً إنسان ، ويوماً شيطان ، ولعلها لو أفضت إليك ظللت يومك تلاطم بالبطحاء على مدمن شعير !! أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون شيطاناً ، ومن يكون يوم تغضب ، وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة ، وأنت على هذه الصفة » .
لقد جرحت الزبير ، فوصمته بأنه يوم انسان ، ويوم شيطان ، وانه مبتل بالبخل والشح ، ويلاطم بالبطحاء على مد من شعير ، وإذا كانت نفسيته بهذه الصفة من الضعة والهوان فكيف ترشحه للخلافة ، وتجعله من أعضاء الشورى ، وهل هذا من النصيحة للأمة ، ومن الحيطة على أمرها ؟
وأقبلت على طلحة فقلت له !
« أقول أم أسكت »
فزجرك طلحة ورد عليك قائلاً !
« إنك لا تقول من الخير شيئاً »
فأجبته وقد كشفت عن نفسيته واتجاهه قائلاً :
« أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد وايئاً (2) بالذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله ساخطاً عليك بالكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب » .
وإذا كنت تعترف بأنه قد متُ وأنا ساخط عليه ، فكيف ترشحه للخلافة على المسلمين ، ونائباً عني في ادارة شؤون المسلمين ، مع أنك قد زكّيت أعضاء الشورى ، وقلت فيهم : إن رسول الله مات وهو عنهم راض ، وتقول لطلحة
____________
1 ـ الوعق : الفجر المتبرم ، اللقس : من لا يستقيم على وجه .
2 ـ وائياً : غاضباً .

(134)

ان رسول الله مات وهو ساخط عليك أليس هذا من التناقض والهجر في القول ؟
وأقبلت على سعد بن أبي وقاص فقلت له :
« إنما أنت صاحب مقنب (1) من هذه المقانب ، تقاتل به ، وصاحب قنص وقوس ، وأسهم ، وما زهرة والخلافة وأمور الناس !! » .
إن سعد بن أبي وقاص ـ حسب اعترافك ـ رجل حرب ، وصاحب قنص وقوس ، فلا يصلح للخلافة ، وليس خليقاً بها هو وأسرته فكيف ترشحه للخلافة وتجعله من أعضاء الشورى ؟
وأقبلت على عبد الرحمن بن عوف فقلت له :

« أما أنت يا عبد الرحمن فلو وُزن نصف إيمان المسلمين بايمانك لرجح ايمانك به ، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك ، وما زهرة وهذا الأمر !! » .
إن عبد الرحمن ـ حسب رأيك ـ يرجح ايمانه على نصف ايمان المسلمين ، ومن ايمانه الذي أضفيته عليه عدو له عن انتخاب العترة الطاهرة وتسليم قيادة الأمة بأيدي الأمويين وهم خصوم الإسلام واعداؤه ، وقد اعترفت بأنه ضعيف لا يصلح لادارة شؤون الخلافة لأنها تتوقف على الحزم وعلى قوة الشخصية ، وهو فاقد لذلك فكيف رشحته للخلافة ، وجعلته من أعضاء الشورى ؟ ؟ !!
والتفت إلى علي فقلت له :
« لله أنت لولا دعابة فيك ، أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح ، والمحجة البيضاء » .
ومتى كانت لأمير المؤمنين الدعابة ، وهل أبقت نوائب الدهر وكوارث الزمن من دعابة له ، فقد صار قلبه موطناً للهموم ومركزاً للأحزان لغصب حقه ، ونهب تراثه ، وعزله عن الأمة .
وقد اعترفت بأنه لو ولي الأمر لحمل المسلمين على الحق الواضح وعلى
____________
1 ـ المقنب : جماعة الخيل .
(135)

المحجة البيضاء ، فهل من الانصاف العدول عنه ، وجعله من اعضاء الشورى ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وهو المستعان على ما تصفون .
وأقبلت على عثمان فقلت له !
« هيها إليك كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك ، فحملت بني أمية ، وبني أبي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفيء ، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب ، فذبحوك على فراشك ذبحاً ، والله لئن فعلوا لتفعلن ، ولئن فعلت ليفعلن ، ثم أخذت بناصيته ، فقلت له : فاذا كان ذلك فاذكر قولي » .
ومع علمك بأنه يحمل بني أمية ، وبني أبي معيط على رقاب الناس ويؤثرهم بالفيء كيف ترشحه للخلافة فتعرّض الأمة للنكبات والازمات ، وإذا عرفت من نفسه اللين والضعف ، ودرست خفايا ذاته ، ودخائل نفسه ، وهو بهذه الصفة من الانقياد بعواطفه ، كيف ترشحه للخلافة .
وليست قريش هي التي قلدته هذا الأمر وانما قلدته أنت وألبسته ثوب الخلافة ، واي حق لقريش في شؤون المسلمين وهم الذين نصبوا العداء للاسلام ، وحاربوا المسلمين .
فأي منطق هذا الذي أدليت به ؟ ؟
والتفت بعد حديثك إلى الجمهور فقلت لهم :
« إن رسول الله صلى الله عليه وآله ، مات وهو راض عن هؤلاء الستة من قريش وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم واحداً منهم » .
وأحكمت أمر الشورى ، وأبرمته فقد عهدت إلى السلطة التنفيذية بتحقيقه فقلت لأبي طلحة الأنصاري !
« يا أبا طلحة ، إن الله أعزّ الإسلام بكم فأختر خمسين رجلاً من الأنصار »
« فاًلزِم هؤلاء النفر بامضاء الأمر وتعجيله . . »
وعهدت إلى المقداد بن الأسود بتنفيذ الأمر فقلت له :
« إذا اتفق خمسة ، وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه ، وإن اتفق أربعة


(136)

وأبى اثنان فاضربوا عنقيهما ، وإن اتفق ثلاثة منهم على رجل ، ورضي ثلاثة منهم برجل آخر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقيين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس . .
وما هو الموجب لضرب عنق المتخلف فهل أن ذلك ارتداد في الإسلام أو مروق عن الدين ، وعلم أمير المؤمنين مخططك في صرف الخلافة عنه فطفق يقول لعمه العباس :
« يا عم لقد عُدلت عنا » .
فنادى إليه العباس قائلاً :
« ومن أعلمك بذلك ؟ » .
وكشف له الامام الوجه في ذلك ، ودلّه على غايتك ، وقصدك قائلاً له :
« لقد قرن بي عثمان . . وقال : كونوا مع الأكثر ، ثم قال : كونوا مع عبد الرحمن بن عوف ، وسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر لعثمان . . وهم لا يختلفون ، فاما أن يوليها عبد الرحمن عثمان ، أو يوليها عثمان عبد الرحمن . . » (1) .
وقد كورّت هذه الصورة المؤلمة قلب علي فراح يقول بعد سنين : « حتى إذا مضى ـ يعني عمر ـ لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم ، فيالله وللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى أقرن إلى هذه النظائر . . » .
أجل والله متى اعترض الشك والريب فيه مع أبي بكر حتى صار يقرن بأعضاء الشورى ، وهل في المسلمين من هو مثله في دينه وتقواه ، وعلمه ، وجهاده ، وسابقته للاسلام ، وإنما قرن علي نفسه بأعضاء الشورى ليظهر تناقض أقوالك ، لأنك قلت غير مرة « لا تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد » ولهذا السبب انضم إلى أعضاء الشورى ليدل على مخالفتك لما قلت .
____________
1 ـ تاريخ الطبري 5 / 35 .
(137)

آفات الشورى :

والشورى التي فتلت حبلها ، وفرضتها على المسلمين لم تستند إلى الأساليب الصحيحة ، ولم تبتن على الاسس الوثيقة ، وإنما غرضها ، وباعثها صرف الخلافة عن أمير المؤمنين ، وحرمان المسلمين من التمتع بعدله ، وعلمه ، وفقهه ، فهي لم تكن شورى واقعية ، وإنما انبعثت عن الأحقاد ، والأضغان ، وفيما يلي عرض لبعض آفاتها :
1 ـ ان هذه الشورى التي فرضتها قد ضمت أكثر العناصر المعادية لأمير المؤمنين ، والحاقدة عليه ، ففيها طلحة التميمي ،وهو من أسرة أبي بكر الذي صرف الخلافة عنه ، وضمت الشورى عبد الرحمن بن عوف ، وهو صهر عثمان ، وهو بالذات من الحاقدين على أمير المؤمنين ، فقد كان من جملة الذين هجموا عليه داره وراموا في إحراقها ، لتخلفه عن بيعة أبي بكر ، وضمت الشورى سعد ابن أبي وقاص ، وكان يحقد على الامام من أجل أخواله أمية الذين وترهم الامام في سبيل الإسلام ، ولهذا السبب تخلّف عن بيعة علي التي قام عليها إجماع المسلمين ، واحتوت الشورى على عثمان شيخ الاسرة الأموية التي عرفت بالعداء والنصب للاسلام وبالحقد على أهل بيتي .
لقد وضعت الشورى بهذا الإطار لئلا تؤول الخلافة إلى علي ، كل ذلك استجابة لعواطف قريش التي وترها الامام من أجل هذا الدين .
2 ـ وحفلت هذه الشورى بإقصاء جميع العناصر الموالية لأميرالمؤمنين فلم يجعل لها نصيب في الاختيار والانتخاب ، فلم ترشح أحداً من الأنصار وهم الذين نصروني وآووني أيام غربة الإسلام ومحنته . وقد أوصيت بهم ، وألزمت المسلمين بمراعاتهم . أليس الواجب كان يقضي بأن يكون للانصار ضلع أو يد في هذه الشورى ، وإنما أقصيتهم لأنك عرفت ميلهم مع علي ، كما أنك لم تجعل في هذه الشورى نصيباً لعمار بن ياسر ، وهو أحد المؤسسين في بناء الاسلام ، وكذلك أقصيت العبد الصالح أبا ذر شبيه المسيح عيسى بن مريم في تقواه وصلاحه لأنك عرفت أنه شيعة لعلي .


(138)

لقد قصرت الشورى على جميع العناصر المنحرفة عن الامام والمعادية له .
3 ـ ومن غريب أمر هذه الشورى أنك جعلت الترجيح للجهة التي تضم عبد الرحمن بن عوف فيما إذا اختلف الأعضاء وغضضت الطرف عن علي فلم تعره أي اهتمام ، وهو صاحب المواهب والعبقريات ، الذي دافع عن هذا الدين بجميع طاقاته ، مضافاً إلى ورعه وتقواه وعلمه فأنت ترجح الغير عليه ، والله تعالى يقول : « هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون » .
4 ـ ومن المؤاخذات التي تواجه هذه الشورى أنها أوجدت التنافس والصراع بين أعضائها ، فقد أصبح كل واحد منهم يرى نفسه أنه ند للآخر ، ولم يكونوا قبل ذلك على هذا الرأي ، فقد كان سعد بن أبي وقاص تابعاً لعبد الرحمن ، وعبد الرحمن تابعاً لعثمان ، والزبير شيعة لعلي وهو القائل : « والله لو مات عمر بايعت علياً » . ولكن الشورى قد نفخت فيه روح الطموح وحب الخلافة والرئاسة ففارق أمير المؤمنين وخرج عليه يوم الجمل .
وقد تولدت في نفوس القوم الأطماع والأهواء ، ورجا الخلافة وتطلّبها من ليس أهلاً لها ، وقد ضجت بلاد المسلمين بالفتن والاختلاف ، واضطربت كلمة المسلمين ، وتصدع شملهم ، وقد صرح ( كسرى العرب ) معاوية بن أبي سفيان بهذا الواقع المرير ، وذلك في حديثه مع أبن حصين الذي أوفده زياد لمقابلته يقول له معاوية :
« بلغني أن عندك ذهناً ، وعقلاً ، فأخبرني عن شيء أسألك عنه ؟
ـ سلني عما بدا لك . .
ـ أخبرني ما الذي شتت أمر المسلمين وملأهم ، وخالف بينهم ؟
ـ قتل الناس عثمان
ـ ما صنعت شيئاً . .
ـ مسير علي إليك وقتاله إياك .
ـ ما صنعت شيئاً .
ـ مسير طلحة والزبير وعائشة ، وقتال علي إياهم .
ـ ما صنعت شيئاً .
ـ ما عندي غير هذا . .


(139)

ـ أنا أخبرك أنه لم يشتت بين المسلمين ، ولا فرق أهواءهم إلا الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر ، وذلك أن الله بعث محمداً بالهدى ، ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون » .
وأضاف يقول بعد ذلك ، واستخلف ـ يعني أبو بكر ـ عمر ، فعمل بمثل سيرته ، ثم جعلها شورى بين ستة نفر فلم يكن رجل منهم إلا رجاها لنفسه ، ورجاها له قومه ، وتطلعت إلى ذلك نفسه ، فلو أن عمر استخلف عليهم ، كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك خلاف .. » (1) .
هذه بعض آفات الشورى التي فرضتها على المسلمين ، وقد فتحت باب الفوضى والنزاع بين أبناء الأمة ، وتركت الطلقاء وأبناءهم يتسابقون إلى ميدان الخلافة ، وينزون على منابر المسلمين ، ويستأثرون بالفيء ، وينكلون بأخيار المسلمين وصلحاءهم ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وهو المستعان على ما تصفون .

الانتخاب المزيف :

وأحاط الشَرَطَة بأعضاء الشورى ، وأرغمتهم على الاجتماع لينفذوا وصيتك ، وتداول الأعضاء الحديث فيما بينهم عن من هو أحق بالأمر وأولى به لقابليته ، وقدرته على إدراة شؤون الخلافة ، وانبرى إليهم ابو الحسن فأخذ يذكرهم بسابقته إلى الإسلام ، ويدلي عليهم بمواهبه ، ويحذرهم مغبة ما يحدث في البلاد من الفتن والاضطراب إن هم عدلوا عنه قائلاً لهم :
« لم يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق ، وصلة رحم ، وعائدة كرم ، فاسمعوا قولي ، وعو منطقي ، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضي فيه السيوف ، وتخان فيه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلال ، وشيعة لأهل
____________
1 ـ العقد الفريد 3 / 73 ـ 74 .
(140)

الجهالة » (1) .
ولم يعو منطق الامام فانطلقوا مدفوعين وراء أطماعهم ، وأهوائهم ، وقد كشف الزمن بعد حين صدق ما أخبر به علي ، فقد شهروا السيوف وأراقوا دماء المسلمين ، وخانوا العهود ليصلوا إلى صولجان الحكم والسلطان ، وصار بعضهم أئمة لأهل الضلال ، وشيعة لأهل الجهالة .
وكثر النقاش ، وعم الجدل ، فلم يسفر الاجتماع عن أية نتيجة ، وأخذت فترة الزمن التي حددتها تضيق فأشرف عليهم أبو طلحة يهددهم قائلاً :
« والذي ذهب بنفس عمر . لا أزيدكم على الأيام الثلاثة التي أمرت » .
وراح الأجل الذي ضربته للاختيار يتقلص ، وآراؤهم بين مد وجزر لا توصلهم إلى شاطئ الاختيار إلى أن فاجأهم عبد الرحمن بما رآه حلاً قائلاً :
« أيكم يخرج منها نفسه على أن يوليها خيركم » .
فبهتوا جميعاً لحله الكسيح الغير الموفق ، إذ كيف يتنازل أحد منهم عن حقه ، ويجعل مقدراته بيد الآخرين . وتمهل عبد الرحمن قليلاً فقال :
« أنا أنخلع منها » .
وطفق عثمان يؤيد هذه الخطوة قائلاً :
« وأنا أول من رضي » .
وتابعه القوم سوى علي فإنه علم بما دبر له ، وقد وهب سعد بن أبي وقاص حقه لعبد الرحمن ، فصار عبد الرحمن صاحب القول الفصل ، والحكم العدل ، واضطرب علي فقال له :
« اعطني موثقاً لتؤثرن الحق . . ولا تتبعن الهوى ، ولا تخص رحم ، ولا تأل الأمة » .
« على ميثاق الله » .
واستشار عبد الرحمن القرشيين في الأمر فزهدوه في علي ، وحببوا له عثمان ،
____________
1 ـ نهج البلاغة محمد عبده 2 ـ 31 .
(141)

فدفعوه إلى اختياره ، وانتخابه .
وحلت الساعة الرهيبة التي تغير فيها مجرى التأريخ ، فقال عبد الرحمن لابن أخته ميسر : إذهب فأدع لي علياً وعثمان ، فانطلق ميسر فأحضرهما ، وحضر المهاجرون والأنصار ، وازدحمت الجماهير في الجامع لتأخذ القرار الحاسم ، فالتفت عبد الرحمن إلى علي قائلاً :
« هل أنت مبايعي على كتاب الله ، وسنة رسوله ، وفعل أبي بكر وعمر ؟ »
فرمقه علي شزراً ، وأجابه بمنطق الايمان ، ومنطق الأحرار قائلاً :
« بل على كتاب الله ، وسنّة رسوله ، واجتهاد رأيي » .
ولو كان ابن أبي طالب يروم الملك ، ويبغي السلطان ، لأجابه إلى ذلك ، ولكنه آثر رضاء الله ، والاتباع للحق ، وقد علم غاية عبد الرحمن في هذا الشوط أن الامام لا يجيبه إليه لأنه لا يداهن في دينه .
إن مصدر التشريع في الإسلام هو كتاب الله ، والسنّة فعلى ضوء نهجها تسير الدولة ، وتعالج مشاكل الرعية ، وليس فعل أبي بكر ، وفعلك يا عمر من مصادر التشريع ، على أن سياستك تختلف عن سياسة أبي بكر سواء في السياسة المالية وغيرها ، فعلى أي منهج من سياستك يسير ربيب الوحي ، وباب مدينة العلم ، وهو غني أي غناء عن سيرتك وسيرة صاحبك .
واختلى ابن عوف بعثمان فكاشفه بما اشترطه في دستور الدولة الجديد . . فلباه عثمان مبتهجاً ، وبايعه على كتاب الله ، وسنّة رسوله ، وعمل الشيخين .
وقبل الفجر من اليوم التالي ، سمع الناس النداء « الصلاة جامعة » فانحدروا صوب المسجد زرافات ووحداناً ، فملأوا رحباته ، وانتشرت في الفضاء جموع الناس ينتظرون إشراقة الشمس على الرئيس الجديد الذي يحقق آمالهم وأمانيهم .
وولى عبد الرحمن وجهه شطر المسجد الحرام . والناس سكوت ينتظرون الساعة الحاسمة التي يتقرر بها المصير الحاسم ، فلم تطل بهم الصلاة حتى اعتلى عبد الرحمن المنبر . ووجم الناس ، وتقطعت أنفاسهم في صدورهم كأنما على رؤوسهم الطير ، وانبرى عبد الرحمن فقال :


(142)

« إن الناس أحبوا أن يلحق أهل الأمصار بأمصارهم ، وقد عرفوا أميرهم » .
وانطلق سعيد بن زيد رافعاً عقيرته قائلاً :
« إنا نراك لها أهلاً » .
فقال عبد الرحمن : بل أشيروا عليّ بغير هذا ، وأضاف يقول :
إني قد سألتكم سراً وجهراً ، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين : إما علي وإما عثمان .
فجاء النداء علياً من عمار بن ياسر الطيب ابن الطيب « إن أردت أن لا يختلف الناس فبايع علياً » .
ورفع الناس أصواتهم بالتأييد لعمار قائلين :
« بايع علياً » .
وجاء من بين الأصوات صوت المقداد .
« صدق عمار . وإن بايعت علياً سمعناً وأطعنا » .
وانبرى للدفاع عن الأمويين وعن القوى المنحرفة عن الإسلام دعي لعثمان ربطه وإياه ثدي امرأة هو عبد الله بن أبي سرح أخو عثمان من الرضاعة فخاطب عبد الرحمن :
« يا عبد الرحمن إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان » .
وأيده عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي فقال :
« صدق إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا » .
وانبرى إليه ابن الإسلام البار عمار بن ياسر فرد على ابن سرح مقالته قائلاً :
« متى كنت تنصح للاسلام ؟ » .
وصدق عمار متى كان ابن ابي سرح يقيم للاسلام وقاراً أو ينصح المسلمين ، ويهديهم إلى سواء السبيل ، وقد كان من أعدى الناس لله ولرسوله ، ولما فتحت مكة أمرت بقتله وإن كان متعلقاً باستار الكعبة (1) . وذلك لما لاقيت منه من
____________
1 ـ الاستيعاب 2 / 375 .
(143)

الإذىوالاضطهاد أمثال ابن أبي سرح يتدخل في شؤون المسلمين ؛ ولكنك أنت الذي مهدت الطريق له ولأمثاله بالتدخل في أمورهم ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
وتكلم بنو هاشم ، وبنو أمية ، واحتدم النزاع والجدال بين الأسرتين ، فانطلق ابن الإسلام البار عمار بن ياسر فخاطب القوم قائلاً :
« أيها الناس إن الله أكرمكم بنبيه ، وأعزّكم بدينه ، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم !! » .
لقد كان كلام عمار حافل بمنطق الإسلام الذي وعاه قلبه الطاهر ، فإن قريشاً وسائر العرب إنما أعزّها الله بدينه ، وأسعدها برسوله ، أفهل من الانصاف والعدل أن تصرف الخلافة عن أهل بيتي ؟ ، وتضعون تارة في تيم وأخرى في عدي ، وثالثة في أمية التي عملت جاهدة على حربي ومحو هذا الدين ، وقلع جذوره ، ومحو سطوره ! .
وانبرى لعمار رجل من مخزوم قائلاً له :
« لقد عدوت طورك يابن سمية . . وما أنت وتأمير قريش لأنفسها » .
لقد أترعت نفس هذا الرجل بروح الجاهلية فراح يندد بابن سمية الذي حالف الحق ، ونصر الإسلام ، وحامى عن هذا الدين ، ويرى أنه تعدى طوره ، وتجاوز حده لتدخله في شؤون قريش ، وأي حق لقريش في هذا الأمر وهي التي لم تترك وسيلة من وسائل الهجوم والحرب عليَّ وعلى المسلمين إلا اعتمدت عليها ، فليس لقريش أي حق في التدخل في أمور المسلمين وشؤونهم ، لو كان هناك منطق أو حساب عند القوم .
وكثر الجدال والنزاع بين القوم فأهاب سعد بن أبي وقاص بعبد الرحمن يحثه على تعجيل الأمر لئلا ترجع إلى القوم حوازب أحلامهم فيفسد مخططهم فقال له :
« يا عبد الرحمن افرغ قبل أن يفتتن الناس » .
وللمرة الثانية ، دعا عبد الرحمن علياً وعثمان ليسمع منهما الجواب الحاسم على شرطه فقال لعلي :


(144)

« هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنّة نبيه وسيرة الشيخين » .
فأجابه علي بكل صراحة :
« بل على كتاب الله ، وسنّة رسوله ، واجتهاد رأيي » .
فأعرض عبد الرحمن عنه ، والتفت إلى عثمان فاشترط عليه مثل ذلك فاندفع يقول :
« نعم . نعم » .
فصفق عبد الرحمن بكفه على يد عثمان وقال :
« اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان » .
وعلا الصخب والضجيج بين المسلمين فقد فازت أمية بالحكم ، وآلت أمور الخلافة الإسلامية بأيدي غلمان الأمويين ليستأثروا بالفيئ ، ويتخذوا عباد الله خولاً ، ومال الله دولاً .
وانطلق أمير المؤمنين فخاطب ابن عوف قائلاً :
« والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه مارجا صاحبكما من صاحبه ، دق الله بينكما عطر منشم » .
والتفت إلى القرشيين فقال لهم :
« ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون » .
واندفع ابن عوف الذي خان الله ورسوله ، وخان المسلمين فجعل يهدد الامام قائلاً :
« يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا » .
وغادر المظلوم المهتضم الامام علي المسجد وهو يقول :
« سيبلغ الكتاب أجله » .
وارتعدت مفاصل عمار ، وبلغ به الألم إلى قرار سحيق ، وطفق يخاطب ابن عوف قائلاً له :
« يا عبد الرحمن . . أما والله لقد تركته ، وانه من الذين يقضون بالحق ، وبه


(145)

كانوا يعدلون . . » .
وخرج المقداد وهو مثقل الخطا قد أُترعت نفسه بالألم والحزن وهو يقول بنبرات الأسى :
« تا لله ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم !! واعجبا لقريش !! لقد تركت رجلاً ما أقول ، ولا أعلم أن أحداً أقضى بالعدل ، ولا أعلم ، ولا أتقى منه : أما لو أجد أعواناً . . »
وقطع ابن عوف كلامه قائلا :
« اتق الله يا مقداد ، فإني خائف عليك الفتنة » (1) .
وخرج عثمان من المسجد أميراً متوجا تحف به آل امية ، وآل أبي معيط ، وتصفق له القوى المنحرفة عن الإسلام ، والحاقدة عليه ، وتصاب القوى الإسلامية بالذل والأسى والهوان .
لقد كان تدبيرك الرائع في صرف الخلافة عن أهل بيتي بهذا الأسلوب عاد بالأضرار البالغة على الاسلام والمسلمين .

اعتراف عمر :

ويصارح عمر النبي صلى الله عليه وآله بغلظته المألوفة فيقول له : « أن تعييني لعثمان بطريقة غير مباشرة لأني صممت على صرف الخلافة عن علي وولده من بعده ، وقكرت كثيراً في قابلية المهاجرين والأنصار فلم أر من به الكفاءة والمنفعة ليقف سداً حائلاً دون تطاول بني هاشم وشموخهم سوى بني أمية لكثرة مالهم ، ووفرة رجالهم ، وكثرة قابلياتهم على المكر والخداع ، بالضافة لعدائهم الموروث من أبيهم عبد شمس لأخيه هاشم ، وانتقاله إلى أحفاده ، وقد كان
____________
1 ـ شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 194 .
(146)

أبو سفيان وسائر بني أمية من ألد أعدائك ، وقد اعتنقوا الأسلام كرهاً ونفاقاً ، وقد جعلتهم من المؤلفة قلوبهم .
إن تعييني لعثمان خليفة من بعدي بجعل الشورى بين ستة نفر لم يكن ابتكاراً مني ، أو لاجتهادي برأيي ، فقد سبقني إلى ذلك الخليفة الأول أبو بكر عندما أراد تعيين خليفة من بعده فقد استدعى صحبه كل واحد منهم على انفراده ليستشيرهم في أمر الخلافة حتى يكتسب اختياري صفة شرعية ، فدعا إليه عبد الرحمن بن عوف يسأله عن الخليفة من بعده قائلاً :
« أخبرني عن عمر » .
وقد عرف ابن عوف مراده فقال له :
« يا خليفة رسول الله . هو والله أفضل من رأيك فيه من رجل ولكن فيه غلظة » .
فردّعليه أبو بكر قائلاً :
« ذلك لأنه يراني رقيقاً . ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه يا أبا محمد . إني قد رمقته فرأيتني إذا غضبت على الرجل في شيء أراني الرضا عنه . وإذا لنت له أراني الشدة عليه » .
وهمّ أن يقوم ابن عوف فقال له أبو بكر محذراً :
« يا أبا محمد . . لا تذكر مما قلت لك شيئاً . . » .
ثم دعا إليه عثمان بن عفان يسأله قائلاً :
« يا أبا عبد الله . . اخبرني عن عمر »
« أنت أخبر به يا خليفة رسول الله » .
فأكد عليه بأن يخبره عني ، فعرف عثمان غايته ، وأدرك قصده فقال له :
« للهم علمي به أن سريرته خير من علانيته ، وان ليس فينا مثله . . »
فتفرجت أسارير الشيخ وراح يقول له :
« رحمك الله يا أبا عبد الله . . لو تركت عمر لما عدوتك » .
ثم أوصاه أن يكتم ما دار بينهما من الحديث ، ولما اشتد به المرض وخشي


(147)

أن يموت قبل أن يعهد إليَّ بالأمر بعث إلى عثمان بن عفان يستكتبه العهد ، فلما جاء راح يملي ما هذا نصه :
« هذا ما عهد به عبد الله إلى المسلمين . آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة . في الساعة التي يبر فيها الفاجر ، ويسلم فيها الكافر » .
ثم وهن منه الصوت قبل أن يتم املاؤه ، وأغمي عليه ، فرفع ابن عفان يده عن الصحيفة وأخذ يتطلع قلقاً نحو صاحبه ، فإذا الرجفة تأخذه إذ يراه مهيضاً . وقد خشي أن يكون الخليفة قد فارقته الحياة قبل أن يتم عهده ، وخاف من الناس أن يختلفوا على الأمير بعده ، فسارع يكتب متمماً الوصية بما نصه :
« أما بعد فإني قد استخلفت عليكم ابن الخطاب » .
وأفاق أبو بكر بعد قليل فاطمأن عثمان وقرأ عليه ما كتب فقال له أبو بكر مبتهراً :
« أنى لك هذا ؟ »
« ما كنت لتعتدوه »
« أراك خفت أن يختلف الناس إن اقتلتت نفسي في غشيتي » .
« نعم يا خليفة رسول الله » .
« الله أكبر . أصبت فجزاك الله خيراً عن الأسلام اتمم كتابك » .
وعاود الإملاء ، وأبرم بعد قليل المهد الذي أراده أبو بكر فتم لي الأمر بعده .
إن أبا بكر هو الذي رشح عثمان للخلافة من قبل ، إذ قال له :
« لو تركت عمر لما عدوتك يا أبا عبد الله » .
وان تعييني لعثمان عن طريق خفي كان رداً لجميله ، ومقابلة إحسانه بإحسان .
ولغلوّي في الكراهية لعلي فقد صممت على إبعاد الخلافة عنه وحرمانه منها حتى لو لم يكن عثمان موجوداً لرشحت غيره ، فقد تمنيت أن أوصي بها لأبي عبيدة بن الجراح لو كان حياً . . ووصفته بأنه أمين هذه الأمة ، أو أوصي بها لسالم مولى أبي حذيفة لو كان حياً ، ونعته بأنه شديد الحب لله . . وسالم هذا لم


(148)

يكن من العرب ولا من قريش ، وإنما هو أعجمي ، وكان عبداً مملوكاً لزوجة أبي حذيفة بن عتبة ، مع علمي بعدم جواز انعقاد الامامة لمثله ، وقد أمرت ان يصلي صهيب الرومي على جنازتي ، وان يصلي بالناس الصلوات الخمس ، كل ذلك لأغض من كرامة علي وأن لا يصل إلى مركز الخلافة ، وذلك لبغض قريش له ، وحقدها عليه ، فقد راعيت عواطفها ، وحفضت اواصر الرحم ، ففتلت حبل الشورى لإبعاده عن أمر الخلافة والتحكم في شؤون المسلمين .
ويتأثر النبي ( صلى الله عليه وآله ) من هذه الصراحة ، ويبهر الجميع من هذا القول الذي كشف ابو حفص الغطاء عن حقيقته .