وتجب معرفتهم لاَنهم محال معرفة الله تعالى

ـ الكافي ج 4 ص 578
محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه السلام قال : سئل أبي ، عن إتيان قبر الحسين عليه السلام فقال : صلوا في المساجد حوله ويجزي في المواضع كلها أن تقول : السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أمناء الله وأحبائه ، السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على مظهري أمر الله ونهيه ، السلام على الدعاة إلى الله ، السلام على المستقرين في مرضات الله ، السلام على الممحصين في طاعة الله ، السلام على الاَدلاء على الله ، السلام على الذين من والاهم فقد وال الله ومن عاداهم فقد عادى الله ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله . انتهى .ورواه في من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 608

ـ من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 609
. . . السلام على أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى وأعلام التقى ، وذوي النهى ، وأولى الحجى ، وكهف الورى ، وورثة الاَنبياء ، والمثل الاَعلى ، والدعوة الحسنى ، وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والاَولى ، ورحمة الله وبركاته ، السلام على محال معرفة الله ، ومساكن بركة الله ، ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله ، وحملة كتاب الله ، وأوصياء نبي الله ، وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته . . . .

ـ المزار ص 176
باب زيارة جامعة لسائر الاَئمة عليهم السلام وتجزؤك في جميع المشاهد على ساكنيها السلام أن تقول : السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أمناء الله وأحبائه ، السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلام على معادن
( 313 )
حكمة الله ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون . . . .

وتجب معرفتهم لاَنها طريق معرفة الله تعالى

ـ الكافي ج 1 ص 180
الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء قال : حدثنا محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال قال لي أبو جعفر عليه السلام : إنما يعبد الله من يعرف الله ، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالاً . قلت : جعلت فداك فما معرفة الله؟ قال : تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وآله وموالاة علي عليه السلام والاِئتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلام والبراءة إلى الله عز وجل من عدوهم ، وهكذا يعرف الله عز وجل.

ـ علل الشرائع ج 1 ص 9
حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن عبدالكريم بن عبدالله ، عن سلمة ابن عطا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال أيها الناس : إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوا استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه .
فقال له رجل : يابن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله ؟ قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته ؟
قال مصنف هذا الكتاب يعني ذلك : أن يعلم أهل كل زمان أن الله هو الذي لا يخليهم في كل زمان عن إمام معصوم ، فمن عبد رباً لم يقم لهم الحجة فإنما عبد غير الله عز وجل .

وتجب معرفتهم لحديث : من مات ولم يعرف إمام زمانه

هذا الحديث بصيغه المتعددة متواتر في مصادرنا ومصادر إخواننا السنة ، ولكن
( 314 )
المهم معرفة صيغته الاَصلية وظروفه التي قاله فيها النبي صلى الله عليه وآله لاَنه نص على الوصية بنظام الاِمامة من بعده صلى الله عليه وآله .
لذلك نورد صِيَغَه وتطبيقاته على مذهب أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ثم على مذاهب إخواننا السنة ، لكي نستكشف منها أصل الحديث . وقد أوردنا عدداً من صيغه ومصادره في ( معجم أحاديث الاِمام المهدي عليه السلام ) ونضيف إليها هنا ما عثرنا عليه مجدداً .

صيغ الحديث في مصادر مذهب أهل البيت

المجموعة الاَولى : في وجوب معرفة الاِمام من أهل البيت عليهم السلام

ـ روى البرقي في المحاسن ج 1 ص 153 :
عنه ( أحمد بن أبي عبدالله البرقي ) عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بشير الدهان قال قال أبو عبد الله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وهو لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، ثم قال : فعليكم بالطاعة ، قد رأيتم أصحاب علي ، وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته ، لنا كرائم القرآن ، ونحن أقوام افترض الله طاعتنا ، ولنا الاَنفال ولنا صفو المال .
ـ وروى في ص 154 : عنه ( أحمد بن عبدالله البرقي ) عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن حسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات ليس له إمام مات ميتة جاهلية ، فقال : نعم ، لو أن الناس تبعوا علي بن الحسين عليهما السلام وتركوا عبدالملك بن مروان اهتدوا ، فقلنا من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ميتة كفر ؟ فقال : لا ، ميتة ضلال .
ـ وفي تفسير العياشي : ج 2 ص 303 ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لا تترك الاَرض بغير إمام يحل حلال الله ويحرم حرامه ، وهو قول الله : يوم ندعو
( 315 )
كل أناس بإمامهم ، ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . فمدوا أعناقهم ، وفتحوا أعينهم ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : ليست الجاهلية الجهلاء .

ـ وروى الكليني في الكافي ج 1 ص 376
الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي أذينة ، عن الفضيل بن يسار قال : إبتدأنا أبو عبدالله عليه السلام يوماً وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية . فقلت : قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : إي والله قد قال . قلت : فكل من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ؟ قال : نعم .
ـ وفيها : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء قال : حدثني عبدالكريم بن عمرو ، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ، قال قلت ميتة كفر ؟ قال : ميتة ضلال ، قلت : فمن مات اليوم وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ؟ فقال : نعم .
ـ وفي ص 377 : أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن الفضيل ، عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية ؟ قال : نعم ، قلت : جاهلية جهلاء جاهلية لا يعرف امامه ؟ قال : جاهلية كفر ونفاق وضلال .
ـ وفي ص 378 : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن، قال : حدثنا حماد ، عن عبد الاَعلى قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول العامة رسول الله صلى الله عليه وآله قال فقال : الحق والله . . . . الحديث ــ كما في روايته الثانية بتفاوت .
ـ وفي ج 1 ص 371 :عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن محمد بن مروان ، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ، ومن مات وهو عارف لاِمامه لم يضره تقدم هذا أو تأخر . ومن مات وهو عارف لاِمامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه .

( 316 )
ـ وفي ج 1 ص 390 : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان عن سدير قال : قلت لاَبي جعفر عليه السلام : إني تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال : فقال : وما أنت وذاك ، إنما كلف الناس ثلاثة : معرفة الاَئمة ، والتسليم لهم فيما ورد عليهم ، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه .
ـ وفي ج 8 ص 146 : يحيى الحلبي ، عن بشير الكناسي قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : وصلتم وقطع الناس ، وأحببتم وأبغض الناس ، وعرفتم وأنكر الناس ، وهو الحق ، إن الله اتخذ محمداً صلى الله عليه وآله عبداً قبل أن يتخذه نبياً وإن علياً عليه السلام كان عبداً ناصحاً لله عز وجل فنصحه وأحب الله عز وجل فأحبه ، إن حقنا في كتاب الله بين ، لنا صفو الاَموال ولنا الاَنفال وإنّا قوم فرض الله عز وجل طاعتنا وإنكم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، عليكم بالطاعة فقد رأيتم أصحاب علي عليه السلام .
ـ الغيبة للنعماني ص 127 ــ 130 : كما في المحاسن ، بسند آخر ، عن معاوية بن وهب . . . .
ـ رجال الكشي ص 424 : قريباً من رواية الكافي الخامسة .
ـ كمال الدين ج 2 ص 413 : عن سليم بن قيس الهلالي أنه سمع من سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : من مات . . وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، ثم عرضه على جابر وابن عباس فقالا : صدقوا وبروا ، وقد شهدنا ذلك وسمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وإن سلمان قال : يا رسول الله إنك قلت من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، من هذا الاِمام ؟ قال : من أوصيائي يا سلمان ، فمن مات من أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية ، فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدواً فهو جاهل وليس بمشرك . انتهى . ومثله في الاِمامة والتبصرة ص 33
ـ ثواب الاَعمال ص 205 : قريباً من رواية الكافي الخامسة .

( 317 )
ـ عيون أخبار الرضا ج 2 ص 58 : عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس له إمام من ولدي مات ميتة جاهلية ، ويؤخذ بما عمل في الجاهلية والاِسلام .
ـ الاِختصاص ص 268 : عن عمر بن يزيد ، عن أبي الحسن الاَول عليه السلام قال سمعته يقول : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، إمام حي يعرفه ، فقلت : لم أسمع أباك يذكر هذا يعني إماماً حياً فقال : قد والله قال ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية .
ـ رسائل المفيد ص 384 : كما في المحاسن ، عن النبي صلى الله عليه وآله وقال : خبر صحيح يشهد به إجماع أهل الآثار ويقوي منار صريح القرآن حيث يقول جل اسمه : يوم ندعو كل أناس بإمامهم ، فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً .

ـ دعائم الاِسلام ج 1 ص 27 : وعنه ( الاِمام الصادق عليه السلام ) أنه قال في قول رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات لا يعرف إمام دهره مات ميتة جاهلية ، فقال : إماماً حياً . قيل له : لم نسمع حياً ، قال : قد قال والله ذلك ، يعني رسول الله .
وعنه عليه السلام أنه قال في قول الله عز وجل يوم ندعو كل أناس بإمامهم ، فقال : بمن كانوا يأتمون به في الدنيا ، يدعى عليٌّ بالقرن الذي كان فيه ، والحسن بالقرن الذي كان فيه ، والحسين بالقرن الذي كان فيه ، وعدد الاَئمة ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات لا يعرف إمام دهره مات ميتة جاهلية . انتهى . ورواه في مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 212 وج 2 ص 246 و ج 3 ص 18 وص 413 ، بعدة روايات . ورواه الحر العاملي في وسائل الشيعة ج 13 ص 352
ـ وروى نحوه في ج 18 ص 565 وفي ج 11 ص 491 وقال : ورواه علي بن عيسى في كشف الغمة نقلاً عن الطبرسي في إعلام الورى . وفي كنز الفوائد ص 151 : بسند آخر ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ــ كما في رواية العيون .وفي تلخيص الشافي ج
( 318 )
4 ص 132 : كما في رسائل المفيد ، مرسلاً . وفي إثبات الهداة ج 1 ص 87 : عن روايات الكافي . وفي غاية المرام ص 266 ــ عن رواية الكافي الخامسة بتفاوت يسير . وفي ص 273 ــ عن رواية العياشي الثانية . وفي تفسير البرهان ج 1 ص 382 ــ عن رواية الكافي الخامسة .وفي ص 386 ــ عن رواية العياشي الاَولى . وفي ج 2 ص 430 ــ عن رواية العياشي الثانية . وفي تفسير نور الثقلين ج 1 ص 503 ــ عن روايتي الكافي السادسة والخامسة .وفي بحار الاَنوار ج 8 ص 12 ــ عن رواية العياشي الثانية . وفي ج 23 ص 76 ــ عن رواية المحاسن الاَولى . وفي ص 81 ــ عن رواية العيون .وفي ص 92 ــ عن كنز الكراجكي بتفاوت يسير .وفي ص 78 ــ عن النعماني . وفي ص 85 ــ عن ثواب الاَعمال .وفي ص 88 ــ عن كمال الدين .وفي ص 89 ــ عن رجال الكشي .وفي ص 92 ــ عن الاِختصاص .وفي ج 68 ص 337 ــ عن رواية الكافي السادسة .وفي ص 387 ــ عن رواية العياشي الاَولى ، وفيه ( عيسى بن السري ، بدل يحيى بن السري ) .

المجموعة الثانية : في أن معرفتهم وولايتهم من دعائم الاِسلام

ـ روى الكليني في الكافي ج 2 ص 19
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى بن السري اليسع قال : قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : أخبرني بدعائم الاِسلام التي لا يسع أحد التقصير عن معرفة شيء منها ، الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد دينه ولم يقبل الله منه عمله ، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ، ولم يضق به مما هو فيه لجهل شيء من الاَمور جهله ؟
فقال : شهادة أن لا إلَه إلا الله ، والاِيمان بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله والاِقرار بما جاء به من عند الله ، وحق في الاَموال الزكاة ، والولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله . قال : فقلت له : هل في الولاية فضل يعرف لمن أخذ به ؟
قال : نعم قال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي
( 319 )
الاَمر منكم . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وكان علياً عليه السلام وقال الآخرون : كان معاوية ، ثم كان الحسن عليه السلام ثم كان الحسين عليه السلام وقال الآخرون : يزيد بن معاوية وحسين بن علي ، ولا سواء ولا سواء .
قال : ثم سكت ثم قال : أزيدك ؟ فقال له حكم الاَعور : نعم جعلت فداك قال : ثم كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبو جعفر وكانت الشيعة قبل أن يكون أبوجعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبوجعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس ، وهكذا يكون الاَمر ، والاَرض لا تكون إلا بإمام ، ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما تكون إلى ما أنت عليه إذا بلغت نفسك هذه ، وأهوى بيده إلى حلقه ، وانقطعت عنك الدنيا تقول : لقد كنت على أمر حسن . انتهى . ومثله في تفسير العياشي ج 1 ص 252
ـ وفي الكافي ج 2 ص 21 علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن حماد بن عثمان ، عن عيسى بن السرى قال قلت لاَبي عبدالله عليه السلام . . . . كما في رواية العياشي الاَولى ، وزاد فيه : وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا قال وأهوى بيده إلى صدره ، يقول حينئذ : لقد كنت على أمر حسن . انتهى . ونحوه في المحاسن ص 92 ونحوه في وسائل الشيعة ج 20 ص 287 عن النجاشي 209 وخلاصة الرجال ص 60 والشيخ ص 257 والفهرست ص 143 وجامع الرواة ج ص 651 والكشي ص 136.

ـ وفي رجال الكشي ص 424 : جعفر بن أحمد ، عن صفوان ، عن أبي اليسع قال قلت لاَبي عبدالله عليه السلام حدثني عن دعائم الاِسلام التي بني عليها ولا يسع أحداً من الناس تقصير عن شيء منها . . . . كما في رواية الكافي الثانية بتفاوت .وفي ثواب الاَعمال ص 205 ــ كما في رواية الكافي الاَخيرة .وفي تفسير الصافي ج 1 ص 463 ــ عن رواية الكافي الثانية .وفي تفسير البرهان ج 1 ص 383 ــ عن رواية الكافي الثانية ،
( 320 )
بتفاوت يسير .وفي بحار الاَنوار ج 23 ص 289 ب 4 ح 35 ــ عن رواية الكافي الثانية . وفي تفسير نور الثقلين ج 1 ص 503 ــ عن رواية الكافي الثانية .وفي تنقيح المقال ص 360 ــ عن الكشي .

المجموعة الثالثة : في أن الاِمام من أهل البيت قد يغيب

ـ روى الصدوق في كمال الدين ج 2 ص 409
حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدثني أبوعلي بن همام قال : سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول : سمعت أبي يقول سئل أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام : إن الاَرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة ، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، فقال : إن هذا حق كما أن النهار حق ، فقيل له : يا ابن رسول الله فمن الحجة والاِمام بعدك ؟ فقال : إبني محمد هو الاِمام والحجة بعدي ، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ، ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الاَعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة .
ـ وفي كفاية الاَثر ص 292 : أخبرنا أبوالمفضل رحمه الله قال : حدثني أبو همام قال : سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول : ــ كما في كمال الدين .
ـ وفي إعلام الورى ص 415 و442 ـ كما في كمال الدين بتفاوت يسير عن الاِمام الباقر .وفي كشف الغمة ج 3 ص 318 ـ عن إعلام الورى ، بتفاوت يسير .وفي إثبات الهداة ج 3 ص 482 ـ عن كمال الدين ، وقال : ورواه علي بن محمد الخزاز في كتاب الكفاية .وفي وسائل الشيعة ج 11 ص 491 ـ أوله ، عن إعلام الورى .وفي حلية الاَبرار ج 2 ص 552 ـ كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه .وفي بحار الاَنوار ج 58 ص 160 ـ عن كمال الدين ، وأشار إلى مثله عن كفاية الاَثر .وفي منتخب الاَثر ص 226 ـ عن كفاية الاَثر .

( 321 )
كما توجد في مصادرنا أحاديث أخرى عديدة ، يمكن أن تصل إلى مجموعات أخرى :
ـ كالذي رواه في الكافي ج 1 ص 397
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن فضل الاَعور ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنا زمان أبي جعفر عليه السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها ، فلقينا سالم بن أبي حفصة فقال لي : يا أبا عبيدة من إمامك ؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال : هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه السلام يقول : من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية ؟ فقلت : بلى لعمري ، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فرزق الله المعرفة فقلت لاَبي عبدالله عليه السلام : إن سالماً قال لي كذا وكذا ، قال فقال : يا أبا عبيدة أنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه ، يا أبا عبيدة إنه لم يمنع ما أعطى داود أن أعطى سليمان ، ثم قال : يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة . انتهى . وروى مثله في بصائر الدرجات ص 259 ، ونحوه في ص 509 وص 510

ـ والذي رواه في أعلام الدين ص 459
وسأله أبوبصير عن قول الله تعالى : ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً ، ما عنى بذلك ؟ فقال : معرفة الاِمام واجتناب الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة لاِمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم ، فمن مات وهو عارف بالاِمامة لم يضره تقدم هذا الاَمر أو تأخر ، فكان كمن هو مع القائم في فسطاطه . قال : ثم مكث هنيئة ثم قال : لا بل كمن قاتل معه ، ثم قال : لا بل والله كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله . انتهى . ورواه في بحار الاَنوار ج 27 ص 126 ـ عن أعلام الدين .

تفسير الحديث في مذهب أهل البيت عليهم السلام

في هذا الحديث الشريف عناصر ومفاهيم عديدة ، نذكر أهمها :

( 322 )
المفهوم الاَول : أن النبي صلى الله عليه وآله بلغ الاَمة نظام الاِمامة من بعده ، وأنه الطريق الوحيد لضمان عدم الوقوع في الجاهلية . وأن الله تعالى جعل الاِمام ركناً عملياً من أركان الاِسلام مثل الصلاة والزكاة والحج ، وجعل طاعته فريضة على كل مسلم .

ـ روى في الاِمامة والتبصرة ص 63
سعد ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن جعفر : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء رجل إلى أبي عبدالله عليه السلام فسأله عن الاَئمة عليهم السلام فسماهم حتى انتهى إلى ابنه ، ثم قال : والاَمر هكذا يكون ، والاَرض لا تصلح إلا بإمام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية . ثلاث مرات .
المفهوم الثاني : أن الاَئمة الذين قصدهم النبي صلى الله عليه وآله هم الاَئمة من ذريته عليهم السلام فقد أخبره الله تعالى أنهم سيكونون في الاَمة في كل عصر مع القرآن لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض ، كما ورد في حديث الثقلين الذي صح عند الجميع .
بل روت مصادرنا أن النبي صلى الله عليه وآله قد نص في هذا الحديث على أن الاَئمة من ذريته ففي مستدرك الوسائل ج 18 ص 176 قال :
أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد ، عن محمد بن أحمد بن شاذان القمي عن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عياش ، عن محمد بن عمر ، عن الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي ، عن أبيه ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس له إمام من ولدي ، مات ميتة جاهلية ، يؤخذ بما عمل في الجاهلية والاِسلام . انتهى . ورواه في تفسير نور الثقلين ج 1 ص 503 وص 540 وج 2 ص 282 وج 3 ص 194 وج 4 ص 240 وتفسير كنز الدقائق ج 2 ص 595 ، وغيرها .
وقد روى جميع المسلمين شهادات النبي صلى الله عليه وآله في حق علي والحسن والحسين عليهم السلام وروى الشيعة شهاداته وشهادات علي والحسنين في حق بقية الاَئمة عليهم السلام ومن ذلك :

( 323 )
ـ ما رواه البرقي في المحاسن ص 155 : عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بشير العطار ، قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : يوم ندعو كل أناس بإمامهم ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وعنى إمامكم ، وكم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه ، نحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله وأمنا فاطمة عليها السلام وما آتى الله أحداً من المرسلين شيئاً إلا وقد آتاه محمداً صلى الله عليه وآله كما آتى المرسلين من قبله ، ثم تلا : ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية .
وروى الطبرسي في أعلام الدين ص 459 : عن أبي بصير عن الاِمام الصادق عليه السلام في قول الله تعالى : ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ، ما عنى بذلك ؟ فقال : معرفة الاِمام واجتناب الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة لاِمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم .
المفهوم الثالث : أن هذا الحديث الثابت المتواتر ، يؤيد نفي أهل البيت وشيعتهم للروايات القائلة بأن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص بشيء في أمر الخلافة ، لاَنه يدل على أنه صلى الله عليه وآله قد أرسى نظام الاِمامة وعين أشخاصه من ذريته ، كما أمره الله تعالى ، وهو في هذا الحديث يوجه الاَمة إلى ضرورة معرفة الاِمام في كل عصر ، فإن تعبير ( لا يعرف إمام زمانه ) يدل على أن مشكلة وجود الاِمام في كل زمان محلولة في الاِسلام بتكفل الله تعالى ببقاء ذرية نبيه إلى يوم القيامة واختياره إماماً منهم في كل عصر ، وإنما هي مشكلة المسلمين في أن يعرفوا إمام زمانهم ويبايعوه !
والمتأمل في الحديث الشريف يرى أن اختيار الله تعالى محمداً صلى الله عليه وآله للنبوة واختيار آله من بعده للاِمامة ، منسجم مع سنة الله تعالى في الاَنبياء السابقين وذرياتهم ، وبالتالي فالحديث بعيد كل البعد عن عالم اختيار الناس لاَنفسهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وبعيدٌ عن منطق تقسيم الاَمر بين بني هاشم الذين كانت لهم النبوة ، وبين قبائل قريش الذين ينبغي أن تكون لهم الخلافة مناوبةً أو مغالبةً كما قالوا . . . . إلى آخر المنطق القرشي القبلي الذي ظهر في مرض النبي ويوم وفاته ، وانتصر في
( 324 )
السقيفة في فترة انشغال أهل البيت بجنازة النبي صلى الله عليه وآله ! وسيطر على الحكم في تاريخنا الاِسلامي إلى أن انتهى على يد العثمانيين بأسوأ نهاية !
المفهوم الرابع : أن المسلم في كل عصر لا يتم إسلامه حتى يبايع الاِمام من ذرية النبي صلى الله عليه وآله بأن يعتقد به ويعترف بما له من حق الطاعة بأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وآله . فالذي لا يعرف الاِمام يكون فيه نوع من الجهل والجاهلية ، وإن مات على ذلك مات على نوع من الجاهلية .
المفهوم الخامس : أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم هم امتحان الاَمة بعد نبيها ، فهم ميزان الاِسلام والجاهلية ، وهم ميزان الاِيمان والنفاق ، وهم ميزان الوفاء للنبي صلى الله عليه وآله وإطاعته بعد رحيله أو عصيانه . وقد وردت أحاديث كثيرة في مصادر الطرفين تنص على هذه المفاهيم الاِسلامية وتؤكدها وتؤيدها .
من ذلك ما روته مصادر الطرفين وصححه علماء الحديث ، من أن بغض علي عليه السلام علامة على النفاق وعدم الاِيمان بالنبي صلى الله عليه وآله .
ـ فقد روى أحمد في مسنده ج 1 ص 95 وص 128 وص 292 عن زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه قال عهد إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق . ورواه الترمذي في سننه ج 5 ص 306 ، وقال الترمذي في سننه ج 5 ص 298 :
حدثنا قتيبة أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الاَنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب . وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي ، وقد روى هذا عن الاَعمش عن أبي صالح عن سعيد .
ـ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 132
وعن جابر بن عبدالله قال : والله ما كنا نعرف منافقينا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ببغضهم علياً . رواه الطبراني في الاَوسط والبزار بنحوه ، إلا أنه قال ما كنا نعرف منافقينا معشر الاَنصار ، بأسانيد كلها ضعيفة ( . . . . ) .

( 325 )
وعن ابن عباس قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ، من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني ، وحبيبي حبيب الله وبغيضي بغيض الله ، ويل لمن أبغضك بعدي . رواه الطبراني في الاَوسط ورجاله ثقات إلا أن في ترجمة أبي الاَزهر أحمد بن الاَزهر النيسابوري أن معمراً كان له ابن أخ رافضي فأدخل هذا الحديث في كتبه ، وكان معمر مهيباً لا يراجع وسمعه عبدالرزاق . وعن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق . رواه الطبراني في الاَوسط، وفيه محمد بن كثير الكوفي حرق أحمد حديثه وضعفه الجمهور ووثقه ابن معين ، وعثمان بن هشام لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ( . . . . ) .

ــ وروى في كنز العمال ج 13 ص 106
عن أبي ذر قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بثلاث : بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلف عن الصلاة وببغضهم علي بن أبي طالب. خط ، في المتفق .

ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 3 ص 128
. . . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي فقال : يا علي أنت سيد في الدنيا ، سيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ، والويل لمن أبغضك بعدي . صحيح على شرط الشيخين ، وأبو الاَزهر بإجماعهم ثقة ، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح .

ـ وروى الحاكم في ج 3 ص 135
. . . سمعت عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي : يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك . هذا حديث صحيح الاِسناد ولم يخرجاه .

( 326 )
ـ وروى الحاكم في ج 3 ص 142 ، أن النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر علياً بأن الاَمة ستغدر به من بعده! فقال : عن حيان الاَسدي سمعت علياً يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الاَمة ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي . من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ، وإن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه . صحيح . انتهى.
بل روى الشيعة والسنة إخبار النبي صلى الله عليه وآله بأن مبغض علي عليه السلام (يموت ميتة جاهلية) فقد روى الصدوق في علل الشرائع ج 1 ص 157 :
حدثني الحسين بن يحيى بن ضريس ، عن معاوية بن صالح بن ضريس البجلي قال : حدثنا أبوعوانة قال : حدثنا محمد بن يزيد وهشام الزراعي قال : حدثني عبدالله بن ميمون الطهوي قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وآله في نخيل المدينة وهو يطلب علياً عليه السلام إذا انتهى إلى حايط فاطلع فيه فنظر إلى علي وهو يعمل في الاَرض وقد اغْبَارَّ ، فقال : ما ألوم الناس أن يكنوك أبا تراب ، فلقد رأيت علياً تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله ألا أرضيك يا علي ؟ قال : نعم يا رسول الله ، فأخذ بيده فقال : أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي تقضي ديني وتبريء ذمتي ، من أحبك في حياة مني فقد قضى له بالجنة ، ومن أحبك في حياة منك بعدي ختم الله له بالاَمن والاِيمان ، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالاَمن والاِيمان وآمنه يوم الفزع الاَكبر ، ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية يحاسبه الله عز وجل بما عمل في الاِسلام .وروى نحوه في ص144 ، وروى نحوه المغربي في شرح الاَخبار ج 1 ص 113 ، وقال في ص 157 : وبآخر عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله أمرني أن أدنيك فلا أقصيك ، وأن أعلمك فلا أجفوك ، وحق عليَّ أطيع ربي عز وجل ، وحق عليك أن تعي . يا علي من مات وهو يحبك كتب الله له بالاَمن والاَمان ما طلعت شمس وما غربت ، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة الجاهلية وحوسب بعمله في الاِسلام .
( 327 )
انتهى . وروى في ج 2 ص 477 : يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الاِسلام . يا علي أنت معي في الجنة . انتهى . وروى نحوه في مستدرك الوسائل ج 18 ص 181 وص 187 وص 182 وفيه ( من مات لا يعرف إمام دهره . . )

ـ وروى محمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين ج 1 ص 320 ، وروى نحوه في ج 2 ص486 فقال :
محمد بن منصور عن أبي هشام الرفاعي محمد بن يزيد ، عن عبدالله بن ميمون الطهوي ، عن ليث عن مجاهد : عن ابن عمر قال : بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في نخل بالمدينة وهو يطلب علياً إذ انتهى إلى حائط فاطلع فيه فنظر إلى علي وهو يعمل في الاَرض وقد أغبار فقال له : ما ألوم الناس أن يكنوك بأبي تراب . قال ابن عمر : فلقد رأيت علياً تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ألا أرضيك يا علي ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي ، تقضي ديني وتبريء ذمتي . من أحبك في حياة مني فقد قضى نحبه ، ومن أحبك في حياة منك بعدي فقد ختم الله له بالاَمن والاِيمان ، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالاَمن والاِيمان وآمنه يوم الفزع الاَكبر . ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية يهودياً أو نصرانياً ، ويحاسبه الله بما عمل في الاِسلام . ثم قال ابن عمر : لقد سماه الله في أكثر من ثلاثين آية سماه فيها كلها مؤمناً .
وقال في هامشه : هذا الحديث ــ أو قريب منه سند ومتناً ــ رواه الحافظ الطبراني في الحديث : 100 أو ما حوله من مسند عبدالله بن عمر من كتاب المعجم الكبير : ج3 من المخطوطة الورق 20 | ب .
ـ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 121 ، وتوقف في صحته ، قال : رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه . وقال عن رواية أخرى له : رواه أبو يعلى وفيه زكريا الاِصبهاني وهو ضعيف . وقال عن رواية ثالثة له في ج 9 ص 111 : رواه الطبراني في
( 328 )
الكبير والاَوسط وفيه حامد بن آدم المروزي وهو كذاب . وقال عن رواية رابعة له : رواه الطبراني في الاَوسط وفيه أشعث ابن عم الحسن بن صالح وهو ضعيف ولم أعرفه . انتهى . وقد رأيت تضعيفه للاَحاديث المتقدمة التي صححها الحاكم على شرط الشيخين وعلى شرطه !

ـ ولكن الهندي رواه ووثقه ، قال في كنز العمال ج 11 ص 610 و ج 13 ص 159 :
عن علي قال : طلبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدني في جدول نائماً فقال : قم ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب ، قال فرآني كأني وجدت في نفسي من ذلك : قم والله لاَرضينك ! أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل عن سنتي وتبريء ذمتي ، من مات في عهدي فهو كنز الله ، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه ، ومن مات بحبك بعد موتك ختم الله له بالاَمن والاِيمان ما طلعت شمس أو غربت ، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الاِسلام . ع ، قال البوصيري : رواته ثقات . انتهى .
المفهوم السادس : أن معنى ( مات ميتة جاهلية ) يتفاوت حسب حالة الشخص فقد روى في الكافي ج 1 ص 377 . . . . عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ؟ قال : نعم ، قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه ؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال . ونحوه في المحاسن ص 155 ونحوه في الاِمامة والتبصرة 82 عن الاِمام الباقر عليه السلام وفي رواية منها ( مات ميتة جاهلية كفر وشرك وضلال ) .
ـ وروى الصدوق في كمال الدين ج 2 ص 413 : عن سليم بن قيس الهلالي . . . . عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية . . . . وإن سلمان قال: يا رسول الله إنك قلت من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، من هذا الاِمام ؟ قال: من أوصيائي يا سلمان ، فمن مات من أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية ، فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدواً فهو
( 329 )
جاهل وليس بمشرك . انتهى . ونحوه في ص 668 .
وهذا الحكم النبوي غير عجيب ، وإن بدا شديداً ، لاَن الجميع رووا عنه صلى الله عليه وآله من أبغض أهل البيت عليهم السلام أو نصب لهم العداوة فهو كافر . ولا يتسع المجال لاستعراض حكم الناصبي والنواصب في مصادر فقه الطرفين . ولذلك فإن قوله صلى الله عليه وآله : مات ميتة جاهلية ، وقوله في هذا الحديث : فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، منسجم مع آية المودة في القربى ، وما رواه الجميع في تفسيرها . أما إذا كان موقف المسلم الجهل بأهل البيت عليهم السلام بدون موقف عدائي منهم . . فلا يكون ناصبياً . وفي الحديث الذي وثقه البوصيري دلالة مهمة على أن محب علي عليه السلام يموت على الاِسلام ولا يحاسب بما عمل في الاِسلام ، وأن مبغضه يموت على جاهلية ويحاسب بما عمل في الجاهلية وفي الاِسلام !! فيكون علي عليه السلام ميزاناً لجميع الاَمة مع رسول الله صلى الله عليه وآله .

تفسير الشيعة الزيدية للحديث

ـ مسند زيد بن علي ص 361
حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي ( ع م ) قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليه إذا كان الاِمام عدلاً براً تقياً .

ـ الاَحكام في الحلال والحرام ج 2 ص 466
تقريب القول فيما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية .
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : إذا كان في عصر هذا الاِنسان إمام قائم زكي ، تقي ، علم ، نقي ، فلم يعرفه ولم ينصره وتركه وخذله ومات على ذلك مات ميتة جاهلية ، فإذا لم يكن إمام ظاهر معروف باسمه مفهوم بقيامه ، فالاِمام الرسول والقرآن وأمير المؤمنين ، وممن كان على سيرته وفي صفته من ولده .

( 330 )
فتجب معرفة ما ذكرنا على جميع الاَنام إذا لم يعلم في الاَرض في ذلك العصر إمام ، ويجب عليهم أن يعلموا أن هذا الاَمر في ولد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاصاً دون غيرهم ، وأنه لا يعدم في كل عصر حجة لله يظهر منهم إمام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإذا علم كلما ذكرنا وكان الاَمر عنده على ما شرحنا ثم مات فقد نجا من الميتة الجاهلية ومات على الميتة الملية ، ومن جهل ذلك ولم يقل به ولم يعتقده فقد خرج من الميتة الملية ومات على الميتة الجاهلية . هذا تفسير الحديث ومعناه .

الفرق بين صيغ الحديث في مصادرنا ومصادر إخواننا

روت مصادر إخواننا السنة هذا الحديث بشكل واسع وصيغ متعددة ، وفي بعضها لفظة : إمام كما في مصادرنا ، وفي أكثر صيغه حلت محلها لفظة : أمير . وقد خلت صيغه عندهم تقريباً من مادة معرفة الاِمام وحلت محلها بيعة الاِمام أو الاَمير .
ونلاحظ وجود عناصر جديدة في رواياتهم ، منها أن يكون ذلك الاِمام إمام جماعة ، والمقصود به الذي يستطيع أن يسيطر على أكثرية الناس في منطقته ، مهما كان أسلوبه في السيطرة ، فهو في مصطلح إخواننا إمام جماعة ، ومن يعارضه إمام فرقة .
ومنها ، حرمة نكث بيعته والخروج عليه .
ومنها ، أنه لا يشترط فيه أي شروط إلا أن يكون من قبائل قريش ، ويسيطر على أكثرية الناس في بلده ، أو أكثرية الاَمة . .
ومنها ، أنه لا يجوز لغير قريش أن تتصدى لحكم المسلمين أو تطمع فيه ، كما أن الصراع القبلي بين قبائل قريش على الخلافة حرام . . . . إلى آخر الاِضافات التي تعكس الخلاف الدموي على الخلافة ومحاولة فرقائه بإسناد مواقفهم بتطوير هذا الحديث وغيره ! كما روت مصادر إخواننا تطبيقات الصحابة والتابعين لهذا
( 331 )
الحديث، خاصة عبدالله بن عمر ، وأبي سعيد الخدري .
والسبب في سعة روايته عندهم أن أصل الحديث كان مشهوراً ، وكانت السلطة تحتاج إليه ــ بشرط تحريفه ومصادرته ــ ليكون شعاراً لاِثبات شرعيتها ثم لتحريم الخروج عليها ، ولذلك كثر توظيفه لمصلحة الحاكم حتى لو كان في أول أمره خارجاً على الشرعية وتسلط على المسلمين بالقهر والغلبة ، فقد استشهد بهذا الحديث معاوية بن أبي سفيان ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 218 : عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . وفي رواية من مات وليس من عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . انتهى .
ولكن مهما كانت الفروقات في صيغ الحديث ، ففيه عنصران ثابتان عند الطرفين، وهما أن النبي صلى الله عليه وآله تحدث عن نظام الحكم من بعده . وأنه تحدث عن الاِمام ونظام الاِمامة ولم يتحدث عن نظام الخلافة .
وهذه الحقيقة رأس خيط في الاِعتقاد بأن الله تعالى قد اختار نوع نظام الحكم للاَمة بعد نبيها صلى الله عليه وآله ووضع له آلية ، وأن هذا الحديث إحدى مفردات هذه الآلية التي وصلت إلينا باتفاق جميع الاَطراف !
ومن السهل أن نتعقل معنى الحديث أو صيغة الحكم الاِسلامي على مذهب أهل البيت عليهم السلام وأن الله تعالى اختار ذرية نبيه للاِمامة من بعده ، وضَمِن بقدرته استمرار وجود إمام منهم في كل عصر ، وكلف الاَمة بمعرفته وبيعته ، وجعل خاتمهم الاِمام المهدي الموعود عليه السلام الذي يظهر سبحانه على يده دينه على الدين كله ، ويملاَ به الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، على حد تعبير جده المصطفى صلى الله عليه وآله .
وأما على مذهب إخواننا السنة فمن المشكل أن يتعقل الاِنسان أن مشروع الله تعالى لخاتم الاَديان هو نظام الخلافة الذي بدأ يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله في السقيفة ، وامتد في تاريخ الاَمة صراعات متصلة على الخلافة وأمواجاً من الاِنقسامات والدماء، حتى انتهى بسقوط الخلافة العثمانية ، واستسلام الاَمة استسلاماً ذليلاً لاَعدائها الغربيين !!

( 332 )
روايات إخواننا التي وردت فيها لفظة إمام

ـ روى أحمد في مسنده ج 4 ص 96
عن عاصم عن أبي صالح ، عن معاوية ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية .

ـ وروى الطيالسي في مسنده ص 1259
حدثنا أبوداود قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له .

ـ وروى ابن حبان في صحيحه ج 7 ص 49
عن معاوية ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات وليس له امام مات ميتة جاهلية . وقال ابن حبان : قوله صلى الله عليه وسلم : مات ميتة الجاهلية معناه : من مات ولم يعتقد أن له إماماً يدعو الناس إلى طاعة الله حتى يكون قوام الاِسلام به عند الحوادث والنوازل ، مقتنعاً في الاِنقياد على من ليس نعته ما وصفنا ، مات ميتة جاهلية .

ـ وروى الطبراني في معجمه الكبير ج 10 ص 350
حدثنا الحسن بن جرير الصوري ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا خليد بن دعلج ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاِسلام من عنقه ، ومن مات ليس عليه إمام فميتته جاهلية ، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتلته جاهلية .

ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 1 ص 117
. . من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاِسلام من عنقه حتى يراجعه . وقال : من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية .

( 333 )
ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 218 ــ 219
عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . وفي رواية من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . رواه الطبراني وإسنادهما ضعيف . انتهى . ولكنه مال الى تصحيحه في ج 5 ص 225
وعن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن الجنة لا تحل لعاص ، ومن لقي الله ناكثاً بيعته لقيه وهو أجذم ، ومن خرج من الجماعة قيد شبر متعمداً فقد خلع ربقة الاِسلام من عنقه ، ومن مات ليس لاِمام جماعة عليه طاعة مات ميتة جاهلية . رواه الطبراني وفيه عمرو بن واقد وهو متروك .
وعن أبي الدرداء قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا إن الجنة لا تحل لعاص ، من لقي الله وهو ناكث بيعته يوم القيامة لقيه وهو أجذم ، ومن خرج من الطاعة شبراً فقد خلع ربقة الاِسلام من عنقه ، ومن أصبح ليس لاَمير جماعة عليه طاعة بعثه الله يوم القيامة من ميتة جاهلية ، ولو أعذر عبد أسنه الناس يوم القيامة . رواه الطبراني وعمر بن رويبة وهو متروك .

ـ وروى النووي في المجموع ج 19 ص 190
حديث مسلم الآتي وقال : وأخرجه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر بمعنى حديث نافع ، وأخرجه الحاكم عن ابن عمر بلفظ : من خرج من الجماعة فقد خلع ربقة الاِسلام من عنقه حتى يراجعه ، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية . وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ : من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية . انتهى . ورواه البيهقي في سننه ج 8 ص 156
ـ وروى في كنز العمال ج 1 ص 103 : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . حم ، طب ، عن معاوية .

ـ وروى في كنز العمال ج 1 ص 207 ــ 208
من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقه الاِسلام من عنقه حتى يراجعه .
( 334 )
ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية . ك ، عن ابن عمر .
من فارق المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاِسلام من عنقه ، ومن مات ليس عليه إمام فميتته ميتة الجاهلية ، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصيبة أو ينصر عصيبة فقتلته جاهلية . طب .
من فارق جماعة المسلمين شبراً أخرج من عنقه ربقة الاِسلام ، والمخالفين بألويتهم يتناولونها يوم القيامة من وراء ظهورهم ، ومن مات من غير إمام جماعة مات ميتة جاهلية . ك ، عن ابن عمر .

ـ وفي كنز العمال أيضاً ج 6 ص 65
من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له . ط ، حل ، عن ابن عمر .

رواياتهم التي فيها لفظ طاعة

ـ روى ابن أبي شيبة في مصنفه ج 15 ص 38
حدثنا علي بن حفص ، عن شريك ، عن عاصم ، عن عبدالله بن عامر ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات ولا طاعة عليه مات ميتة جاهلية ، ومن خلعها بعد عقده إياها فلا حجة له .

ـ وروى أحمد في مسنده ج 3 ص 446
عن عبدالله بن عامر ، يعني ابن ربيعة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية ، فإن خلعها من بعد عقدها في عنقه لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة . وقال قال الحسن : بعد عقده إياها في عنقه .
ـ وروى البخاري في تاريخه ج 6 ص 445 ، أوله ، كما في ابن أبي شيبة .
ـ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 223 وقال : رواه أحمد ، وأبو يعلى ، والبزار ، والطبراني . وروى نحوه في ج 2 ص 252 . . وغيرهم . . . . وغيرهم .

( 335 )
رواياتهم التي توجب طاعة الحاكم الجائر

وهي كثيرة جداً في مصادر إخواننا ، وقد وصل فيها التحذير إلى حد اعتبار الثائر على الحاكم الجائر خارجاً عن الاِسلام ، باغياً ، واجب القتل ، مهدور الدم ، يموت موتة جاهلية وأنه كافر مخلد في النار ، لكنه إذا انتصر صار حاكماً شرعياً واجب الطاعة ، وصار الخارج عليه ملعوناً كما كان هو ملعوناً قبل ساعة . . وهكذا تصنع السياسة ومخالفة الرسول ! !

ـ روى مسلم في صحيحه ج 6 ص 21
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية .

ـ وروى مسلم في ج 6 ص 22
عن الحسن بن الربيع ، عن حماد قال : من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية . . . . انتهى . وروى نحوه ابن ماجة ج 2 ص 1302

ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 1 ص 118
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من فارق الجماعة فمات ، مات موتة جاهلية . انتهى . وروى نحوه أحمد في مسنده ج 2 ص 93 وص 123 وص 154 وص 296 وص 306 وص 488 وج 3 ص 445 و446
ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 218
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم . انتهى . والنسائي ج 7 ص 123 والدارمي ج 2 ص 241 والبيهقي في سننه ج 8 ص 157 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 1 ص324 وج 6 ص 286 وكنز العمال ج 3 ص 509 وج 6 ص 52 وابن حزم في المحلى ج 9 ص 359 . . وغيرهم . . وغيرهم . .

( 336 )
مدرسة البخاري في تفسير هذا الحديث

لعل أكثر هذا الروايات صراحة في التأكيد على حرمة الخروج على الحاكم ، تلك التي تحذر المسلمين من موتة الجاهلية إذا هم لم يطيعوه ويتحملوا منه مهما كانت أعماله مكروهة ، وقد اقتصر البخاري في صحيحه على هذه الروايات فلم يرو شيئاً في التحذير من ميتة الجاهلية غيرها ! ولاَن إطاعة الحاكم عنده ولو كان جائراً هي الضمان الوحيد لعدم رجوع المسلم إلى الجاهلية ، قال في صحيحه ج 8 ص 87 :
. . . . عن أبي رجاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كره من أميره شيئاً فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية . ورواه أيضاً في نفس الصفحة بعدة روايات . ورواه أيضاً في ج 8 ص 105 ورواه مسلم في صحيحه ج 6 ص 21 والبيهقي في سننه ج 8 ص 156ــ 157 وج 10 ص 234 وأحمد في مسنده ج1 ص 297 وص 310 ونحوه في ج 2 ص 70 وص 93 وص 123 وص 445 وفي ج 3 ص 446

ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 219 اعلاناً من الله ورسوله ببراءة ذمة المسلمين عند الله تعالى في طاعتهم لحكام الجور ، قال :
عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أطيعوا أمراءكم مهما كان ، فإن أمروكم بشيء مما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم ، وأن أمروكم بشيء مما لم آتكم به فإنه عليهم وأنتم منه براء ، ذلكم بأنكم إذا لقيتم الله قلتم ربنا لا ظلم فيقول لا ظلم ، فتقولون ربنا أرسلت إلينا رسلاً فأطعناهم بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك ، وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك ، فيقول صدقهم هو عليهم وأنتم منه براء . رواه الطبراني وفيه إسحق بن إبراهيم بن زبريق وثقه أبو حاتم وضعفه النسائي ، وبقية رجاله ثقات . انتهى .
والفرية الكبرى في هذا الحديث أن الحاكم الجائر قد استخلفه الله تعالى على عباده وأمرهم بطاعته مهما عصى الله تعالى ( واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك ) بل ادعى واضع الحديث أن ذلك يشمل عمال الحاكم وموظفيه أيضاً
( 337 )
(وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك ) !
ومن العجيب أن مخالفي أهل البيت عليهم السلام يستكثرون أن يكون الله عزوجل اختار لهذه الاَمة اثني عشر إماماً بعد نبيها من ذريته ، وقد صحت رواياته عند الطرفين ، ولا يستكثرون مافي مصادرهم وعقائدهم من الاِفتراء على الله تعالى بأنه اختار كل الحكام والطغاة والمفسدين في الاَرض بل والكفار المستعمرين أئمة وحكاماً وأمر المسلمين بطاعتهم !!

عبدالله بن عمر يطبق تفسير إخواننا للحديث

من أبرز من روي عنه حديث الميتة الجاهلية عبدالله بن عمر ، وقد اقترنت روايته بقصة عبد الله مع الحديث وتطبيقاته له في حياته التي امتدت إلى زمن الحجاج الثقفي وخلافة عبد الملك بن مروان ، وقد ذكرت مصادر الحديث والتاريخ والفقه أن عبدالله بن عمر كان يعارض كل تحرك ضد الحاكم مهما فسق وطغى بحجة هذا الحديث ، لاَن المهم برأيه أن يكون في عنق المسلم بيعة لاَحد ، أي أحد ، وأن لا ينام على فراشه ليلة إلا والبيعة في عنقه ، حتى لا يموت موتة جاهلية ! !

ـ روى مسلم صحيحه ج 6 ص 22
عن زيد بن محمد عن نافع قال : جاء عبدالله بن عمر إلى عبدالله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال : إطرحوا لاَبي عبدالرحمن وسادة، فقال : إني لم آتك لاَجلس ، أتيتك لاَحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .

ـ وروى ابن سعد في الطبقات ج 5 ص 144
عن أمية بن محمد بن عبدالله بن مطيع ، أن عبدالله بن مطيع أراد أن يفر من المدينة ليالي فتنة يزيد بن معاوية ، فسمع بذلك عبدالله بن عمر فخرج إليه حتى
( 338 )
جاءه قال : أين تريد يابن عم ؟ فقال : لا أعطيهم طاعة أبداً ، فقال : يابن عم ، لا تفعل فإني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مات ولا بيعة عليه مات ميتة جاهلية . انتهى . وروى نحوه أحمد في مسنده ج 3 ص 1478 ــ 1479 : عن عبد الله بن عمر . وروى نحوه الحاكم في المستدرك ج 1 ص 77 وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين . وقد حدث به الحجاج بن محمد أيضاً عن الليث ولم يخرجاه . ورواه الطبراني الاَوسط ج 1 ص 175 ــ كما في ابن سعد . . ورواه غيرهم . .
وعبد الله بن مطيع الذي ذهب إليه عبدالله بن عمر لينصحه بالتسليم هو الذي اختاره أهل المدينة أميراً عليهم عندما ثاروا على ظلم بني أمية وطردوهم من المدينة ، فأرسل يزيد جيشاً من الشام لغزو مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وجرت بين أهلها بقيادة ابن مطيع وبين جيش يزيد معركة الحرة المشهورة التي استشهد فيها مئات ممن بقي من الاَنصار والمهاجرين ، واستباح على أثرها جيش يزيد المدينة ، وعاث فيها فساداً وتعدياً على الحرمات والاَعراض ، وأخذوا البيعة من أهلها وختموهم في أعناقهم على أنهم عبيد أقنان ليزيد !
قال الذهبي في تاريخ الاِسلام ج6 ص314 : وعن إسحاق بن يزيد قال: رأيت أنساً رضي الله عنه مختوماً في عنقه ، ختمه الحجاج ، أراد أن يذله بذلك . . . . وقال عمر بن عبد العزيز : لو تخابثت الاَمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم . . . . وقال عاصم بن أبي النجود ما بقيت لله حرمة إلا وقد انتهكها الحجاج ! انتهى .
ولا بد أن يكون هذا الختم في زمن الحجاج ختماً آخر ختمه بنو أمية في أعناق أهل المدينة !!

ـ وقال الذهبي في ج 5 ص 274
جمع ابن عمر بنيه وأهله ، وقال : أما بعد فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامه يقال هذه غدرة فلان . . . . فلا يخلعن منكم أحد يزيد .

( 339 )
ـ وقال الشاطبي في الاِعتصام 2 ص 128 ــ 129
عن نافع قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع بن عمر حشده وولده وقال : إني سمعت رسول الله يقول : لينصب لكل غادر لواء يوم القيامة . وإنا قد بايعنا هذا الرجل وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا تابع في هذا الاَمر ، إلا كانت الفيصل بيني وبينه .
قال ابن العربي : وقد قال ابن الخياط إن بيعة عبد الله ليزيد كانت كرهاً ، وأين يزيد من ابن عمر ؟ ولكن رأى بدينه وعلمه التسليم لاَمر الله والفرار عن التعرض لفتنة فيها من ذهاب الاَموال والاَنفس ما لا يخفى .

ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 6 ص 22
. . . ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . . . . في هذا دليل على مذهب عبد الله بن عمر كمذهب الاَكثرين في منع القيام على الاِمام وخلعه إذا حدث فسقه .

ـ وقال الشاطبي في الاِعتصام ج 2 ص 128
قيل ليحيى بن يحيى : البيعة مكروهة ؟ قال لا ، قيل له : فإن كانوا أئمة جور ؟ فقال: قد بايع ابن عمر لعبد الملك بن مروان ، وبالسيف أخذ الملك !

ـ وقال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 45 ــ 46
مسألة . . . . ومن بات ليلة وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . . . . عن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .

ـ وقال ابن باز في فتاويه ج 4 ص 303
في صحيح البخاري : أن عبد الله بن عمر كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وكذا أنس بن مالك وكان الحجاج فاسقاً ظالماً . انتهى .

( 340 )
ـ ولكن النووي ادعى أن بيعة ابن عمر لعبد الملك كانت أيضاً خوفاً وتقية من بني أمية ، قال في شرح مسلم 8 جزء 16 ص 98 :
. . . قوله رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه فقال : السلام عليك أبا حبيب . فيه استحباب السلام على الميت في قبره وغيره وتكرير السلام ثلاثاً . وفيه منقبة لابن عمر لقوله الحق في الملاَ وعدم اكتراثه بالحجاج ، لاَنه يعلم أنه يبلغه مقامه عليه وقوله وثناؤه عليه ، فلم يمنعه ذلك أن يقول الحق ويشهد لابن الزبير بما يعلمه فيه من الخير وبطلان ما أشاع عنه الحجاج من قوله إنه عدو الله وظالم . . ومذهب أهل الحق أن ابن الزبير كان مظلوماً وأن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه .

وامتنع عبدالله بن عمر عن بيعة عليٍّ ، ثم ندم

ـ قال المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 361
وقعد عن بيعة علي جماعة عثمانية لم يروا إلا الخروج عن الاَمر ، منهم سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وبايع ( عبد الله بن عمر ) يزيد بعد ذلك ، والحجاج لعبد الملك بن مروان .
ـ وقال ابن الاَثير في أسد الغابة ج 2 ص 228 ــ 229
ولم يقاتل في شيء من الفتن ولم يشهد مع علي شيئاً من حروبه حين أشكلت عليه ، ثم كان بعد ذلك يندم على ترك القتال معه . أخبرنا القاضي أبوغانم محمد بن هبة الله ابن محمد بن أبي جرادة . . . . حدثنا عبدالله بن حبيب أخبرني أبي قال قال ابن عمر حين حضره الموت : ما أجد في نفسي من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية ، أخرجه أبو عمر ، وزاد فيه مع علي .

ـ وقال ابن عبد البر في الاِستيعاب ج 1 ص ــ 77
وصح عن عبدالله بن عمر من وجوه أنه قال : ما آسى على شيء كما آسى أني لم
( 341 )
أقاتل الفئه الباغية مع علي رضي الله عنه . ونحوه في ج 3 ص 953
ورووا أن ندمه على عدم إطاعة علي كان شديداً إلى حد أنه كاد أن يثور في وجه معاوية . فقد روى البخاري في صحيحه ج 3 جزء 5 ص 48 : قال خطب معاوية فقال : من كان يريد أن يتكلم في هذا الاَمر فليطلع لنا قرنه ، فلنحن أحق به منه ومن أبيه ! قال حبيب بن مسلمة : فهلا أجبته ؟ قال عبد الله : هممت أن أقول : أحق بهذا الاَمر منك من قاتلك وأباك على الاِسلام ، فخشيت أقول كلمة تفرق بين الجمع ! وجاء في تاريخ الاِسلام للذهبي ج 3 ص 553 و ج 5 ص 463 : قال ابن عمر : فحللت حبوتي وهممت أن أقول : أحق به من قاتلك وأباك على الاِسلام !

ثم كانت علاقاته حسنة مع بني أمية ومع الثائرين عليهم

ـ روى البخاري في الاَدب المفرد ص 299
عن عبد الله بن دينار أن عبد الله ابن عمر كتب إلى عبد الملك ابن مروان يبايعه فكتب إليه . . فإني أحمد إليك الله الذي لا إلَه إلا هو ، وأقر لك بالسمع والطاعة .

ـ وقال الذهبي في تاريخ الاِسلام ج 8 ص 195
عن عمير بن هاني قال : وجهني عبد الملك بكتاب إلى الحجاج وهو محاصر ابن الزبير ، وقد نصب المنجنيق يرمي على البيت ، فرأيت ابن عمر إذا أقيمت الصلاة صلى مع الحجاج ، وإذا حضر ابن الزبير المسجد صلى معه .

ـ وقال ابن أبي شيبة في المصنف ج 4 ص 340
عن مغيرة عن رجل أنه رأى ابن عمر صلى خلف ابن الزبير بمنى ركعتين ، قال : ورأيته صلى خلف الحجاج أربعاً !

ـ وقال الذهبي في تاريخ الاِسلام ج 5 ص 60
وكان المختار محسناً إلى ابن عمر يبعث إليه بالجوائز والعطايا لاَنه كان زوج أخت المختار . . وكان ( المختار ) غلاماً يعرف بالاِنقطاع إلى بني هاشم ثم خرج في آخر
( 342 )
خلافة معاوية إلى البصرة فأقام بها يظهر ذكر الحسين ، فأخبر بذلك عبيد الله بن زياد فأخذه وجلده مائة وبعث به إلى الطائف . . . . ثم أن عبدالله بن عمر كتب فيه إلى يزيد لما بكت صفية أخت المختار على زوجها ابن عمر . . . . فكتب يزيد إلى عبيد الله فأخرجه . . . . فأتى الحجاز واجتمع بابن الزبير فحضه على أن يبايع الناس .

ـ وقال الذهبي في تاريخ الاِسلام ج 5 ص 462 : إن المختار بن أبي عبيدة كان يرسل إلى ابن عمر المال فيقبله .

وروت مصادر الشيعة احتياطاً غريباً له في تطبيق الحديث

ـ قال الطبري الشيعي في كتابه المسترشد ص 16
عبدالله بن عمر الذي قعد عن بيعة علي عليه السلام ثم مضى إلى الحجاج فطرقه ليلاً فقال : هات يدك لاَبايعك لاَمير المؤمنين عبد الملك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من مات وليس عليه إمام فميتته جاهلية ، حتى أنكرها عليه الحجاج مع كفره وعتوه .
وروى ذلك المحدث القمي في الكنى والاَلقاب ، وفيه : فأخرج الحجاج رجله وقال : خذ رجلي فإن يدي مشغولة ، فقال ابن عمر : أتستهزيَ مني ؟ ! قال الحجاج : يا أحمق بني عدي ما بايعت علياً وتقول اليوم : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ! أو ما كان عليٌّ إمام زمانك ؟ ! والله ما جئت إليَّ لقول النبي صلى الله عليه وآله بل جئت مخافة تلك الشجرة التي صلب عليها ابن الزبير . انتهى .

ولم يزد أحد على ابن عمر في تطبيق الحديث إلا أبو سعيد الخدري

ـ مجمع الزوائد ج 5 ص 219
وعن بشر بن حرب أن ابن عمر أتى أبا سعيد فقال : يا أبا سعيد ألم أخبر أنك بايعت أميرين قبل أن تجتمع الناس على أمير واحد ؟ قال نعم بايعت ابن الزبير ،
( 343 )
فجاء أهل الشام فساقوني إلى حبيش بن دلجة فبايعته ! فقال ابن عمر : إياها كنت أخاف . ؟ !
قال أبو سعيد : يا أبا عبدالرحمن ألم تسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع أن لا ينام يوماً ولا يصبح صباحاً ولا يمسي مساء إلا وعليه أمير ؟ قال نعم ، ولكني أكره أن أبايع أميرين من قبل أن يجتمع الناس على أمير واحد . انتهى . وقال الهيثمي : رواه أحمد ، وبشر بن حرب ضعيف .

تحير إخواننا السنة في هذا الحديث قديماً وحديثاً

لا مشكلة عندنا نحن الشيعة بسبب هذا الحديث بل هو منسجم مع مذهبنا ، وهو من أدلتنا على نظام الاِمامة في الاِسلام وأن النبي صلى الله عليه وآله قد بلغه إلى الاَمة ، وقد ثبت عندنا بأدلة قاطعة أن الله تعالى جعل إمامة هذه الاَمة في ذرية نبيها ، وكفاها مؤونة اختيار الحاكم وأخطار الصراع على الحكم ، لو أنها أطاعت . أما إذا أعرضت الاَمة عنهم ومشت خلف آخرين فالمشكلة مشكلتها ، ولا يتغير من أمر الله تعالى شيء ، ولا تبطل إمامة الاَئمة الذين اختارهم الله تعالى .
أما طريق معرفة الاِمام فهي النص عليه من النبي صلى الله عليه وآله أو من الاِمام السابق ، كما أنه يعرف بما يجريه الله تعالى على يده من المعجزات والدلالات لاِثبات إمامته ، وسيأتي ذلك في بحث الاِمامة إن شاء الله تعالى .
ولكن هذا الحديث ، سبب مشكلة لا تنحل عند إخواننا السنة ، مهما تكن صيغه التي رووه بها ، لاَنه يوجب عليهم معرفة الاِمام في كل عصر أو بيعته ، وإلا فإنهم يموتون موتة جاهلية على غير الاِسلام !
فلا مخرج للسني من الموتة الجاهلية ، إلا بأحد أمور أربعة : بأن يصير شيعياً ، أو يبايع إماماً قرشياً جامع الشروط ، أو يلتزم بأن الاِمام الشرعي في الاِسلام كل من تسلط على المسلمين ولو بالحديد والنار ، فتجب بيعته وطاعته مهما عصى الله
( 344 )
تعالى ، أو يكون على مذهب حركة التكفير والهجرة ! ومن لم يفعل ذلك ومات ، فموتته جاهلية ! !

ـ قال الشهيد الثاني في رسائله ج 2 ص 150
واعلم أن من مشاهير الاَحاديث بين العامة والخاصة وقد أوردها العامة في كتب أصولهم وفروعهم أن : من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية ، فنحن والحمد لله نعرف إمام زماننا في كل وقت ، ولم يمت أحد من الاِمامية ميتة جاهلية ، بخلاف غيرنا من أهل الخلاف فإنهم لو سئلوا عن إمام زمانهم لسكتوا ولم يجدوا إلى الجواب سبيلاً ، وتشتت كلمتهم في ذلك ، فقائل بأن إمامهم القرآن العزيز ، وهؤلاء يحتج عليهم بأن القرآن العزيز قد نطق بأن الاِمام والمطاع غيره ، حيث قال الله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الاَمر منكم .
على أنه لو سلم لهم ذلك لزمهم اجتماع إمامين في زمان واحد ، وهو باطل بالاِجماع منا ومنهم ، كما صرحوا به في كتب أصولهم ، وذلك لاَن القرآن العزيز منذ رحلة النبي صلى الله عليه وآله من الدنيا ، وقد حكموا بإمامة الاَربعة الخلفاء في وقت وجود القرآن العزيز ، فيلزم ما ذكرناه .
وقائل إن الاَمويين والعباسيين كانوا أئمة بعد الخلفاء الاَربعة الماضين ، ثم استشكل هذا القائل الاَمر بعد هؤلاء المذكورين ، فهو أيضاً ممن لا يعرف إمام زمانه .
فإن قالوا : إن الآية الكريمة دلت على أن كل ذي أمر تجب طاعته ، وأولوا الاَمر من الملوك موجودون في كل زمان ، فيكون الاِمام أو من يقوم مقامه متحققاً .
قلنا لهم ، أولاً : إنكم أجمعتم على عدم جواز تعدد الاِمام في عصر واحد ، فمن يكون منهم إماماً ؟ ولا يمكنهم الجواب باختيار واحد لاَنا نجد الاَمة مختلفة باختلافهم ، فإن أهل كل مملكة يطيعون مليكهم مع اختلاف أولئك الملوك ، فيلزم اجتماع الاَمة على الخطأ ، وهو عدم نصب إمام مطاع في الكل وهو باطل ، لاَن الاَمة
( 345 )
معصومة بالاِجماع منهم ، ومنا بدخول المعصوم عندنا .
ولا يرد مثل ذلك علينا ، لاَن الاِمامة عندنا بنص الله تعالى ورسوله ، وقد وقعا ، لا بنصب ( أهل ) الشريعة ، والاِمام عندنا موجود في كل زمان ، وإنما غاب عنا خوفاً أو لحكمة مخفية ، وبركاته وآثاره لم تنقطع عن شيعته في وقت من الاَوقات وإن لم يشاهده أكثرهم ، فإن الغرض من الاِمامة الاَول لا الثاني .
وثانياً ، بأن ما ذكرتم من الملوك ظلمة جائرون لا يقومون بصلاح الشريعة في الدنيا فضلاً عن الدين ، وقد قال تعالى عز من قائل : لا ينال عهدي الظالمين ، أي لا تنال الظالمين ولايتي ، والاِمامة من أعظم الولايات . انتهى .

معرفة الاِمام هي الحكمة

ـ الكافي ج 1 ص 182
علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل : ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ، فقال : طاعة الله ومعرفة الاِمام .

ـ الكافي ج 2 ص 284
يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول : ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً . قال : معرفة الاِمام ، واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار . انتهى . ورواه في مستدرك الوسائل ج 11 ص 354

لا يمكن للناس معرفة الاِمام المعصوم ليختاروه

ـ الكافي ج 1 ص 201
( عن الاِمام الرضا عليه السلام من حديث طويل ) : الاِمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كله من
( 346 )
غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب . فمن ذا الذي يبلغ معرفة الاِمام أو يمكنه اختياره ، هيهات هيهات ضلت العقول وتاهت الحلوم ، وحارت الاَلباب وخسئت العيون ، وتصاغرت العظماء ، وتحيرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وحصرت الخطباء ، وجهلت الاَلباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت الاَدباء ، وعييت البلغاء ، عن وصف شأن من شأنه ، أو فضيلة من فضائله ، وأقرت بالعجز والتقصير .
وكيف يوصف بكله ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شيء من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه ، لا كيف وأنى ؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين ووصف الواصفين ، فأين الاِختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ ! أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد صلى الله عليه وآله كذبتهم والله أنفسهم . . . .

معنى : إعرف الاِمام ثم اعمل ما شئت

ـ وسائل الشيعة ج 1 ص 88
محمد بن علي بن الحسين ، في معاني الاَخبار عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن فضيل بن عثمان ، قال : سئل أبوعبدالله عليه السلام عما روى عن أبيه : إذا عرفت فاعمل ما شئت ، وأنهم يستحلون بعد ذلك كل محرم ، فقال : ما لهم لعنهم الله ؟ إنما قال أبي عليه السلام : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك .

ـ دعائم الاِسلام ج 1 ص 52
وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام أن رجلاً من أصحابه ذكر له عن بعض من مرق من شيعته واستحل المحارم ممن كان يعد من شيعته ، وقال : إنهم يقولون الدين المعرفة ، فإذا عرفت الاِمام فاعمل ما شئت ، فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد : إنا لله وإنا إليه راجعون ، تأمَّل الكفرة ما لا يعلمون ، وإنما قيل إعرف الاِمام واعمل ما شئت
( 347 )
من الطاعة فإنها مقبولة منك ، لاَنه لا يقبل الله عز وجل عملاً بغير معرفة . ولو أن الرجل عمل أعمال البر كلها وصام دهره وقام ليله ، وأنفق ماله في سبيل الله ، وعمل بجميع طاعات الله عمره كله ، ولم يعرف نبيه الذي جاء بتلك الفرائض ثم معرفة وصيه والاَئمة من بعده .

ـ مستدرك الوسائل ج 1 ص 174
وعنه عليه السلام أن رجلاً من أصحابه ذكر له عن بعض من مرق من شيعته واستحل المحارم وأنهم يقولون إنما الدين المعرفة فإذا عرفت الاِمام فاعمل ما شئت ! فقال أبوعبدالله عليه السلام : إنا لله وإنا إليه راجعون ، تأول الكفرة ما لا يعلمون ، وإنما قيل إعرف واعمل ما شئت من الطاعة فإنه مقبول منك ، لاَنه لا يقبل الله عملاً من عامل بغير معرفة . لو أن رجلاً عمل أعمال البر كلها وصام دهره وقام ليله وأنفق ماله في سبيل الله وعمل بجميع طاعة الله عمره كله ولم يعرف نبيه الذي جاء بتلك الفرائض فيؤمن به ويصدقه ، وإمام عصره الذي افترض الله طاعته فيطيعه ، لم ينفعه الله بشيء من عمله ، قال الله عز وجل في مثل هؤلاء : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً .

بعلي عرف المؤمنون بعد النبي صلى الله عليه وآله

ـ أمالي المفيد ص 213
حدثنا أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين قال : حدثني أبي قال : حدثني محمد بن يحيى العطار قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : يا علي أنت مني وأنا منك : وليك وليي ووليي ولي الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله .
يا علي أنا حرب لمن حاربك ، وسلم لمن سالمك .
يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها .

( 348 )
يا علي أنت قسيم الجنة والنار ، لا يدخل الجنة إلا من عرفك وعرفته ، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته .
يا علي أنت والاَئمة من ولدك على الاَعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم ، والمؤمنين بعلاماتهم .
يا علي لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي . انتهى . وقد تقدم أن المؤمنين والمنافقين كانوا يُعْرَفون حتى في زمان النبي صلى الله عليه وآله بموقفهم النفسي من علي عليه السلام .

معرفة الآخرة والمعاد والحساب

ـ رسائل الشهيد الثاني ص 145
الاَصل الخامس ، المعاد الجسماني . اتفق المسلمون قاطبة على إثباته ، وذهب الفلاسفة إلى نفيه وقالوا بالروحاني . والمراد من الاَول إعادة البدن بعد فنائه ما كان عليه قبله . . . . لنفع دائم أو ضرر دائم ، أو منقطع يتعلقان به ، وذهب جمع من الاَشاعرة إلى أن المراد منه هو إعادة مثل البدن لا هو نفسه ، وهو ضعيف لما سيأتي . واعلم أن العقل لا يستقل بإثبات المعاد البدني كاستقلاله بإثبات الصانع تعالى ووحدته ، بل إنما ثبت على وجه يقطع العقل بوقوعه بمعونة السمع .

ـ كشف الغطاء ص 5
والمقدار الواجب بعد معرفة أصل المعاد ، معرفة الحساب وترتب الثواب والعقاب . ولا يجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها إلا صاحب النظر الدقيق كالعلم بأن الاَبدان هل تعود بذواتها أو إنما يعود ما يماثلها بهيئاتها ، وإن الاَرواح هل تعدم كالاَجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالاَبدان عند المعاد ، وأن المعاد هل يختص بالاِنسان أو يجري على كافة ضروب الحيوان ، وأن عودها بحكم الله دفعي أو تدريجي.
وحيث لزمه معرفة الجنان وتصور النيران ، لا يلزم معرفة وجودهما الآن ولا العلم
( 349 )
بأنهما في السماء أو في الاَرض أو يختلفان .
وكذا حيث يجب معرفة الميزان ، لا يجب عليه معرفة أنها ميزان معنوية أو لها كفتان ، ولا يلزم معرفة أن الصراط جسم دقيق أو هو عبارة عن الاِستقامة المعنوية على خلاف التحقيق .
والغرض أنه لا يشترط في تحقق الاِسلام معرفة أنهما من الاَجسام وإن كانت الجسمية هي الاَوفق بالاِعتبار ، وربما وجب القول بها عملاً بظاهر الاَخبار .
ولا تجب معرفة أن الاَعمال هل تعود إلى الاَجرام وهل ترجع بعد المعنوية إلى صور الاَجسام ، ولا يلزم معرفة عدد الجنان والنيران وإدراك كنه حقيقة الحور والولدان .
وحيث لزم العلم بشفاعة خاتم الاَنبياء لا يلزم معرفة مقدار تأثيرها في حق الاَشقياء .
وحيث يلزم معرفة الحوض لا يجب عليه توصيفه ولا تحديده وتعريفه ، ولا يلزم معرفة ضروب العذاب وكيفية ما يلقاه العصاة من أنواع النكال والعقاب . انتهى . ونكتفي هنا بهذه السطور عن معرفة الآخرة والمعاد ، وستأتي مسائله في محالها إن شاء الله تعالى .

تم المجلد الاَول من كتاب العقائد الاِسلامية
ويليه المجلد الثاني إن شاء الله تعالى ، وأوله بحث الرؤية .

* *