الفصل الثالث

بازار الاَحاديث في الرؤية والتشبيه والتجسيم
قالوا إن الله تعالى على صورة بشر !

ـ صحيح مسلم ج 8 ص 32
ـ عن أبي هريره قال : قال رسول الله ( ص ) إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته . .

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج 2 ص 299
أبو هريرة : خلق الله عز وجل آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً . . . فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذراعاً فلم تزل تنقص بعده حتى الآن . انتهى . ونحوه في ج 5 ص 165 ونحوه في مصابيحه ج 3 ص 266

ـ مختصر تاريخ دمشق ج 3 جزء 5 ص 125
عن أبي هريرة ، عن النبي ( ص ) قال : خلق الله آدم على صورته طوله سبعون ذراعاً . . . الى آخره . وقد تقدم تكذيب الاِمام مالك لهذا الحديث وغيره من أحاديث رؤية الله تعالى بالعين ، من سير أعلام النبلاء ج 8 ص 103

( 72 )
ـ وروى ابن حجر في لسان الميزان ج 3 ص 299 صيغة معقولة لهذا الحديث قال : . . . العلاء بن مسلمة ، حدثنا عبدالله بن سيف ، ثنا إسماعيل بن رافع ، عن المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : لا يضربن أحدكم وجه خادمه ولا يقول لعن الله من أشبه وجهك ، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه . انتهى . فهل يقبلها اخواننا ويخلصون أنفسهم من ورطة التجسيم .

ـ لجنة الاِفتاء الوهابية ج 4 ص 368 فتوى رقم 2331
س 1 : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خلق الله آدم على صورته ستون ذراعاً ، فهل هذا الحديث صحيح ؟
ج : نص الحديث : خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ثم قال : إذهب فسلم على أولئك النفر ، وهم نفر من الملائكة جلوس ، فاستمع فما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فذهب فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعاً ، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن . رواه الاِمام أحمد والبخاري ومسلم . وهو حديث صحيح ولا غرابة في متنه فإن له معنيان :
الاَول : أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالاَطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ ستين ذراعاً ، بل جعله يوم خلقه طويلاً على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً .
والثاني : أن الضمير في قوله ( على صورته ) يعود على الله بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة : على صورة الرحمن وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه ، فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه ، ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه ، ولم يلزم من ذلك التشبيه وكذا الصورة ، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه لاَن الاشتراك في الاِسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما ، لقوله تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

( 73 )
وقالوا له سمع وبصر كسمع الاِنسان وبصره

ـ سنن أبي داود ج 2 ص 419
. . . مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية : إن الله يأمركم أن تؤدوا الاَمانات إلى أهلها . . إلى قوله تعالى سميعاً بصيراً ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه ، قال ابن يونس قال المقرىء : يعني أن الله سميع بصير ، يعني أن لله سمعاً وبصراً ، قال أبو داود : وهذا رد على الجهمية . انتهى . ورواه في ج 2 ص 233 ، وكأن قصد أبي داود أن الجهمية أفرطوا في التنزيه ، فيجب أن نرد عليهم بالتجسيم !

وقالوا له عينان مثل الاِنسان وهما سالمتان

ـ صحيح البخاري ج 2 جزء 4 ص 141
قال عبدالله ( يعني ابن عمر ) ذكر النبي ( ص ) يوماً بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال : إن الله ليس بأعور ، إلا أن المسيح الدجال أعور العين . انتهى . وقد فسرها الوهابيون وأسلافهم ، بأن الله تعالى له عينان سالمتان ! ورواه البغوي في مصابيحه ج 3 ص 497 ، 507 عن ابن عمر أنه قال : قام رسول الله ( ص ) ثم ذكر الدجال: تعلمون أنه أعور ، وأن الله ليس بأعور . عن عباده ابن الصامت عن رسول الله ( ص ) : إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفجح جعد أعور ، وإن ربكم ليس بأعور .

وقالوا له أيدي وأعين ورجلان

ـ قال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 33
مسألة : وإن لله عز وجل عزاً وعزة وجلالاً وإكراماً ، ويداً ويدين وأيدياً ( كذا ) ووجهاً وعيناً وأعيناً ، وكبرياء ، وكل ذلك حق لا يرجع منه ولا من علمه تعالى وقدره وقوته إلا إلى الله تعالى لا إلى شيء غير الله عز وجل أصلاً ، نقر من ذلك مما في القرآن
( 74 )
وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل أن يزاد في ذلك ما لم يأت به نص من قرآن أو سنة صحيحة .
قال عز وجل : ذو الجلال والاِكرام وقال تعالى : يد الله فوق أيديهم ، لما خلقت بيدي ، ومما عملت أيدينا أنعاماً ، إنما نطعمكم لوجه الله ، ولتصنع على عيني ، إنك بأعيننا . ولا يحل أن يقال عينين لاَنه لم يأت بذلك نص ، ولا أن يقال سمع وبصر ولا حياة ، لاَنه لم يأت بذلك نص لكنه تعالى سميع بصير حي قيوم . انتهى .
ولعل ابن حزم لم يطلع على نص العينين وحديث السمع والبصر وغيرها ، وإلا لقال بها !

وقالوا قد يكون له أذن وقد يكون بلا أذن

ـ فتاوي الاَلباني ص 344
ـ سؤال السائل : صفة الاَذن لله ، موقف أهل السنة والجماعة منها ؟
جواب : لا يثبتون ولا ينفون بالرأي ، أما ما أثبته النص فهم يثبتونه بدون تكييف ... السلفيون مستريحون من هذه الكيفية يعني استراحوا من التشبيه عملاً بالتنزيه . . . وأن العين : صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله .

وقالوا له جنب وحقو

ـ تفسير الطبري ج 26 ص 36
ـ عن أبي هريرة عن رسول الله ( ص ) أنه قال خلق الله الخلق فلما فرغ منهم تعلقت الرحم بحقو الرحمن فقال مه ! فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . . . ورواه البغوي في مصابيحه ج 3 ص 350

ـ وقال الشاطبي في الاِعتصام ج 2 ص 303
قول من زعم : أن لله سبحانه وتعالى جنباً مستدلاً بقوله : أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت من جنب الله .

( 75 )
وقالوا إنه يمشي وقد يركض ويهرول

ـ فتاوي الاَلباني ص 506
سؤال : حول الهرولة ، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى ؟
جواب : الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها .

ـ فتاوي ابن باز ج 5 ص 374
. . . ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه : من تقرب إلىّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة . . . أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة . . . انتهى .

وقالوا إنه تعالى يرى بالعين في الدنيا

ـ الفرق بين الفرق للنوبختي ص 294
وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة ، وقالوا بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة في الآخرة ، من طريق الخبر . .

ـ مسند أحمد ج 4 ص 66
. . . عن خالد بن اللجلاج عن عبدالرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا : يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه ، فقال : وما يمنعي وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة ، قال يا محمد ، قلت لبيك ربي وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ الاَعلى ؟ قلت لا أدري أي رب ! قال ذلك مرتين أو ثلاثاً ، قال فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الاَرض ، ثم تلا هذه
( 76 )
الآية : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والاَرض وليكون من الموقنين . انتهى . ورواه في ج 5 ص 378 ، وستأتي بقية رواياته في تفسير قوله تعالى ( ما كذب الفؤاد ما رأى ) .

وقالوا إنه يلبس قباء وجبة ويركب على جمل

ـ لسان الميزان ج 2 ص 238
ومما في الصفات له ( حدثنا ) أبو حفص بن سلمون ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن محمد بن يوسف الاِصبهاني ثنا شعيب بن بيان الصفار ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً : إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الاَذان والاِقامة عليه رداء مكتوب عليه إنني أنا الله لا إلَه إلا أنا ، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه ، فإذا سلم الاِمام صعد إلى السماء . وروى عن ابن سلمون بإسناد له : رأيت ربي بعرفات على جمل أحمر عليه إزار ! انتهى . ورواه في ميزان الاِعتدال ج 1 ص 512

وقالوا إنه فتى أمرد جعد الشعر

ـ ميزان الاِعتدال ج 1 ص 593
. . . عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : فلما تجلى ربه للجبل ، قال : أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل ، فقال حميد الطويل لثابت : تحدث بمثل هذا ! قال فضرب في صدر حميد وقال : يقوله أنس ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا ! رواه جماعة عن حماد وصححه الترمذي. إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : رأيت ربي جعداً أمرد ، عليه حلة خضراء .
وقال ابن عدي : حدثنا عبدالله بن عبدالحميد الواسطي ، حدثنا النضر بن سلمة شاذان ، حدثنا الاَسود بن عامر ، عن حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة .

( 77 )
. . . قال المرودي : قلت لاَحمد : يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث . ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة . وهو غريب جداً .

وقالوا إنه يضحك في الدنيا والآخرة

ـ صحيح البخاري ج 2 جزء 3 ص 210
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد .

ـ صحيح البخاري ج 4 ص 226
. . . فباتا طاويين ، فلما أصبح غد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما ، فأنزل الله : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون .

ـ سنن النسائي ج 6 ص 38
. . . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ، وقال مرة أخرى : ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ثم يدخلان الجنة . تفسير ذلك أخبرنا محمد بن سلمة . . . عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد . انتهى . ورواه ابن ماجة في ج 1 ص 68

ـ وروى أحمد في مسنده ج 1 ص 392
عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوز
( 78 )
الصراط التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً من الاَولين والآخرين ، قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها ، فيقول : أي عبدي فلعلي إن أدنيتك منها سألتني غيرها ، فيقول : لا يا رب ، ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل يعلم أنه سيسأله لاَنه يرى ما لا صبر له يعني عليه ، فيدنيه منها ثم ترفع له شجرة وهي أحسن منها فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب هذه لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها ، فترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول : رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لاَنه يرى ما لا صبر له عليها فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : يا رب الجنة الجنة ، فيقول : عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب أدخلني الجنة .
قال فيقول عز وجل : ما يصريني منك أي عبدي أيرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها ؟
قال فيقول : أتهزؤ بي وأنت رب العزة !
قال فضحك عبدالله حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني لم ضحكت ؟
قالوا له لم ضحكت ؟
قال : لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسألوني لم ضحكت ؟
قالوا : لم ضحكت يا رسول الله ؟
قال : لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة ! ! انتهى . ورواه في ج 1 ص411 وج 2 ص 318 وص 464 وص 511 وروى نحوه في ج 2 ص 276 وص 294
( 79 )
وص534 وج 3 ص 80 وابن ماجة في سننه ج 1 ص 64 والديلمي في فردوس الاَخبار ج 3 ص 9 ح 3703 والبغوي في مصابيحه ج 1 ص 433 وص 544 وج 3 ص 546 والبيهقي في شعب الاِيمان ج 1 ص 249 وفي دلائل النبوة ج 6 ص 143 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 615 والشوكاني في نيل الاَوطار ج 3 ص 57 وغيرهم . . وغيرهم . .
وسيأتي عدد آخر من روايات ضحك الله المزعوم على هذا الرجل في روايات رؤيته بالعين في الآخرة .

ـ وقال ابن تيمية في الاِيمان ص 424
وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله . . . وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول : أتسخر بي وأنت رب العالمين ! وكل هذا في الصحيح .

وقالوا إنه يضحك لمن يستلقي على دابته

ـ وروى أحمد في ج 1 ص 330 رواية غريبة نسب فيها تصرفاً غير معقول للنبي صلى الله عليه وآله ، ونسب فيها إلى الله تعالى أنه يضحك لمن يذكره على دابته ثم يستلقي ! قال الاِمام أحمد :
عن عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، وحمد الله ثلاثاً ، وسبح الله ثلاثاً ، وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه فضحك ، ثم أقبل عليَّ فقال : ما من إمريء يركب دابته فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك !

وقالوا مادام الله يضحك فأملنا فيه كبير

ـ روى أحمد في مسنده ج 4 ص 11 وص 12 وص 13 رواية تعطي الناس الاَمل بالله
( 80 )
تعالى لاَنه يضحك ! قال : . . . عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ، قال قلت : يا رسول الله أو يضحك الرب عز وجل ! قال نعم ، قال : لن نعدم من رب يضحك خيراً !

ـ وروى الديلمي في فردوس الاَخبار ج 3 ص 10
أبوذر الغفاري : ضحك الله ربنا عز وجل من قنوط عباده وقرب غيره ولن نعدم من رب يضحك خيراً . وستأتي روايته عن النويري وغيره .

وقالوا إنه يضحك . . ويظل يضحك

ـ قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج 3 ص 566 ـ 567
ـ قوله ( ص ) : فيضل يضحك ، هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيء من مخلوقاته كصفات ذاته . . وكذلك : فأصبح ربك يطوف في الاَرض ، هو من صفات فعله كقوله تعالى : وجاء ربك والملك ، وينزل ربنا كل ليله إلى السماء الدنيا ، ويدنو عشية عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكة . والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل .

ـ وقال النويري في نهاية الاِرب ج 7 جزء 14 ص 292
عن لقيط بن عامر العقيلي قال . . . أتينا رسول الله ( ص ) حين انصرف من صلاة الغداة فقام خطيباً فقال أيها الناس . . . يشرف عليكم أزلين فيظل يضحك ، قد علم أن غوثكم قريب . قال لقيط له : لن نعدم من رب يضحك خيراً . . انتهى . وروى نحوه المنذري في الترغيب والترهيب ج 1 ص 434 وص 436 وج 4 ص 503

وقالوا إنه ضحك لطلحة وسعد

ـ أُسد الغابة ج 3 ص 83
روي أنه ( طلحة بن البراء ) توفي ليلاً فقال أدفنوني . . ولا تدعوا رسول الله ( ص )
( 81 )
فإني أخاف عليه ( ص ) يصاب في سببي ، فأخبر رسول الله حين أصبح فجاء ( ص ) حتى وقف على قبره وقال : اللهم إلقَ طلحة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك . .

ـ مسند أحمد ج 6 ص 456
. . . أسماء بنت يزيد بن سكن قالت : لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا يرفأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش .

وقالوا إنه يظهر لعباده ضاحكاً

ـ فردوس الاَخبار ج 5 ص 368
أبو موسى : يتجلى ربنا ضاحكاً يوم القيامة ، حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجداً فيقول : ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة .

وقالوا منطقه كالرعد ، وضحكه كالبرق

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج 5 ص 366
أبو هريرة : ينشىء الله عز وجل السحاب ثم ينزل فيه ، لا شيء أحسن من ضحكه ولا شيَ أحسن من منطقه ، منطقه الرعد ومضحكه البرق !

ـ أُسد الغابة ج 3 ص 83 وج 6 ص 399
عن رجل من بني غفار . . قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إن الله عز وجل ينشىء السحاب فيضحك أحسن الضحك وينطق أحسن النطق !

وقالوا يظهر متجسداً لاَبي بكر وحده بدون ضحك

ـ قال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 293
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدار قطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لاَبي بكر خاصة .

( 82 )
وأخرج الدار قطني عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لاَبي بكر الصديق خاصة .

ـ وقال الديلمي في فردوس الاَخبار ج 5 ص 400
أنس بن مالك : يا أبا بكر لاَبشرك أن الله عز وجل يتجلى لك يوم القيامة خاصة وللناس عامة .

ـ وقال ابن حبان في المجروحين ج 1 ص 143
أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني . . . والصحيح من حديثه موقوف على أبي هريرة وروى عن أبيه . . . عن أبي هريرة قال لما قدم رسول الله ( ص ) من الغار يريد المدينة أخذ أبو بكر بغرزه فقال . . ألا أبشرك يا أبا بكر ؟ قال : بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قال : إن الله عز وجل يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ، ويتجلى لك خاصة .

ـ وقال في المجروحين ج 2 ص 115
علي بن عبده بن قتيبة . . . كان يسرق الحديث ولا يحل الاِحتجاج به . . عن جابر قال رسول الله ( ص ) إن الله يتجلى للمؤمنين عامة ولاَبي بكر خاصة .

وقالوا يجلس على العرش ولعرشه أطيط وصرير من ثقله

ذكرنا عدداً من روايات أطيط العرش عن الخليفة عمر من فردوس الاَخبار وكنزالعمال ومجمع الزوائد وقد وثقها الهيثمي ، ونضيف إليها هنا من سنن أبي داود ج 2 ص 418
. . . إن عرشه على سمواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه ، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب . قال ابن بشار في حديثه : إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته وساق الحديث . . وقال عبد الاَعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه
( 83 )
جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضاً وكان سماع عبد الاَعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني .

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج 1 ص 220
جبير بن معطم : إن الله عز وجل فوق عرشه وعرشه فوق سمائه وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب !

ـ الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 398
وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط العرش . رواه الطبراني وفيه جعفر بن الزبير وهو متروك . انتهى . ورواه في كنز العمال ج 2 ص 73

ـ وفي كنز العمال ج 1 ص 224 :
ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد إن شاء والله أعظم من ذلك . ويحك أتدري ما الله، إن الله فوق عرشه وعرشه على سمواته ، وأرضه مثل القبة ، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب . د عن جبير بن مطعم . ورواه في ج 10 ص 363 وروى في ص 367
إن كرسيه وسع السماوات والاَرض ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من شقه بز . انتهى . أي من مسافة بعيدة !

ـ وفي كنز العمال ج 14 ص 469
إن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش . ابن مردويه عن أبي أمامة .

ـ تاريخ بغداد ج 4 ص 39
. . . عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده . قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الاَنفس وجاع العيال وهلكت الاَموال فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله سبحان الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في
( 84 )
وجوه أصحابه ، ثم قال له : ويحك ما تدري ما الله ، إن شأنه أعظم من ذلك ، إنه لا يستشفع به على أحد ، إنه لفوق سماواته على عرشه ، وإنه عليه هكذا وأشار بيده مثل القبة ، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب .

معنى الاَطيط

ـ هامش سنن أبي داود ج 2 ص 418 : أط الرحل : صوت أي أصدر صوتاً هو كصوت الطقطقه .
ـ وقال ابن الاَثير في النهاية ج 1 ص 54 في معنى أطت السماء : الاَطيط : صوت الاَقتاب ، وأطيط الاِبل : أصواتها وحنينها . . . وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى . . . إذ كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه وعجزه عن احتماله .

وقالوا العرش مطوق بحية تحميه

ـ العقد الفريد لابن عبد ربه ج 6 ص 208
ومن حديث عبد الله بن عمر قال : العرش مطوق بحية ، والوحي ينزل في السلاسل .

وقالوا الشمس تذهب كل يوم إلى تحت العرش

ـ صحيح البخاري ج 3 جزء 6 ص 30
عن أبي ذر . . . قال كنت مع النبي ( ص ) في المسجد عند غروب الشمس فقال : يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس . . . قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش . انتهى . ورواه الشوكاني في فتح القدير ج 4 ص 494

ـ صحيح البخاري ج 4 جزء 8 ص 178
عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال : سألت النبي ( ص ) عن قوله
( 85 )
والشمس تجري لمستقر لها . . . قال مستقرها تحت العرش . . . ونحوه في فردوس الاَخبار للديلمي ج 5 ص 133

ـ وفي صحيح مسلم ج 1 ص 96
عن أبي ذر أن النبي ( ص ) قال يوماً أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة . . . فقال لها ارتفعي أصحبي طالعة من مغربك . .

وقالوا حملة العرش ملائكة صوفية

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج 5 ص 26
ابن مسعود : نزل جبريل في بعض الليل فقعد فمسحت يدي على ظهره فأصبت الشعر فقلت : يا جبريل ما هذا الشعر ؟ قال الصوف ، قلت : سبحان الله ، الملائكة يلبسون الصوف ؟ قال : نعم يا محمد ، والله للباس حملة العرش الصوف .

وقالوا حملة العرش يتكلمون بالفارسية

ـ المصنف لابن أبي شيبة ج 7 ص 160
عن أبي أمامة قال : إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية .

وقالوا جبل لبنان من حملة العرش

ـ مختصر تاريخ دمشق ج 1 جزء 1 ص 288
عن أبي الزاهرية قال : أنبئنا : جبل لبنان أحد حملة العرش الثمانية يوم القيامة .

وقالوا حملة العرش حيوانات كما في التوراة

ـ سنن ابن ماجة ج 1 ص 69
حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن الصباح ثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني ، عن
( 86 )
سماك ، عن عبدالله بن عميرة ، عن الاَحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، قال : كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت به سحابة فنظر إليها فقال : ما تسمون هذه ؟ قالوا السحاب ، قال والمزن ، قالوا والمزن ، قال والعنان ، قال أبو بكر قالوا والعنان ، قال كم ترون بينكم وبين السماء ؟ قالوا لا ندري ، قال فإن بينكم وبينها إما واحداً أو اثنين أو ثلاثاً وسبعين سنة ، والسماء فوقها كذلك ، حتى عد سبع سموات ، ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء ، ثم على ظهورهن العرش بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء ، ثم الله فوق ذلك تبارك وتعالى !

ـ فردوس الاَخبار للديلمي ج 5 ص 130
العباس بن عبد المطلب : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية : ثمانية أملاك في صورة الاَوعال ، ما بين ظلف أحدهم وركبته مسيرة خمسمائة عام . انتهى .

ـ حياة الحيوان للدميري ج 2 ص 428
عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : حملة العرش أحدهم على صورة إنسان ، والثاني على صورة ثور ، والثالث على صورة نسر ، والرابع على صورة أسد .

ـ تفسير الطبري ج 1 ص 118
عن شعيب الجبائي قال : في كتاب الله ( يقصد التوراة ) الملائكة حملة العرش لكل ملك منهم وجه إنسان وثور وأسد ، فإذا حركوا أجنحتهم فهو البراق . .

ـ كتاب الحيوان للجاحظ ج 6 ص 221 ـ 222
روى تصديق النبي ( ص ) لاَمية بن أبي الصلت حين أنشده :

رجل وثور تحت رجل يمينه * والنسر للاَخرى وليث مرصد

وقال في هامش ج 1 ص 222 وفي الاِصابة 549 عن ابن عباس أن النبي ( ص ) أنشد هذا البيت فقال : صدق . هكذا صفة حملة العرش . .

( 87 )
وقالوا جالس على كرسيه وغائب عن العالم

ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 86
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ما بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماءين خمسمائة عام ، وما بين السماء السابعة والكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش على الماء والله جل ذكره على العرش يعلم ما أنتم عليه . رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .

وقالوا جالس على العرش وحوله الاَنبياء على كراسي

ـ المصنف لابن أبي شيبة ج 2 ص 58
عن أنس قال قال رسول الله ( ص ) : أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء . . . قال ( جبريل ) لاَن ربك تبارك وتعالى اتخذ في الجنة وادياً من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين على كرسيه تبارك وتعالى ثم حف كرسيه منابر من ذهب مكللة بالجواهر ثم يجيَ النبيون حتى يجلسوا عليها .
ـ وروى السيوطي حديث المرآة عن الدارقطني في ج 6 ص 290 وروى رواية لقيط مفصلة عن زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل . . .

ـ تهذيب الكمال ج 16 ص 423
أخبرنا أبوالحسن ابن البخاري . . . أخبرنا أبو حفص بن طبرزد . . . عن سعيد بن المسيب : أنه لقي أبا هريرة فقال أبو هريرة : أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة . فقال سعيد : أو فيها سوق ؟ قال أبو هريرة : نعم ، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن أهل الجنة إذا دخلوها فنزلوا فيها بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيرون الله ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدا لهم في روضة من رياض الجنة ، فيوضع لهم منابر من ذهب ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم وما فيهم دني على كثبان المسك والكافور ، لا يرون أن أصحاب الكراسي أفضل منهم مجلساً .

( 88 )
قال أبو هريرة : وهل نرى ربنا يا رسول الله قال : نعم ، هل تمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا : لا ، قال : كذلك لا تمارون في رؤية ربكم عز وجل . ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة ، حتى إنه ليقول للرجل منهم : يا فلان بن فلان . أتذكر يوم عملت كذا وكذا ، فيذكره بعض غدراته في الدنيا ، فيقول: يا رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى بسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه .
قال فبيناهم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا مثل ريحه شيئاً قط ، قال : ثم يقول ربنا عز وجل : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، فخذوا ما اشتهيتم . قال : فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة ، فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله . ولم يخطر على القلوب ، قال : فيحمل لنا ما اشتهينا ، ليس يباع فيه شيء ولا يشتري ، في ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضاً . قال : فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة فيلقى من هو دونه وما فيهم يعني دني ، فيروعه ما يرى يعني عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي لاَحد أن يحزن فيها ، قال : ثم ننصرف إلى منازلنا فنلقى أزواجنا ، فيقولون ( فيقلن ) : مرحباً وأهلاً بحبنا لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه ، قال : فنقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا . رواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري ، عن هشام بن عمار ، عنه ، فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين وليس عنده غيره ، وقال : غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه . ورواه ابن ماجة عن هشام بن عمار . فوافقناه فيه بعلو . ( سنن ابن ماجة ج 2 ص 1450 )

هشام بن عمار صاحب حديث الكراسي حول العرش

ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 420
ـ هشام بن عمار ، الاِمام الحافظ العلامة المقرئ عالم أهل الشام ، أبو الوليد السلمي ويقال الظفري خطيب دمشق ، نقل عنه الباغندي قال : ولدت سنة ثلاث وخمسين ومئة ، وسمع من مالك وتمت له معه قصة . . .

( 89 )
وحدث عنه بشر كثير وجم غفير..... وعدة سواهم مذكورين في تهذيب الكمال وفي تاريخ دمشق. فلقد كان من أوعية العلم......
وروى عنه : أبو عبيد القاسم بن سلام ، ومات قبله بنيف وعشرين سنة ، ومحمد بن سعد ومات قبله ببضع عشرة سنة ، ومؤمل بن الفضل الحراني كذلك ، ويحيى بن معين ، كذلك وحدث عنه من كبار شيوخه : الوليد بن مسلم ، ومحمد بن شعيب ابن شابور . . .
وحدث عنه من أصحاب الكتب : البخاري ، وأبوداود ، والنسائي ، وابن ماجة ، وروى الترمذي عن رجل عنه ، ولم يلقه مسلم ، ولا ارتحل إلى الشام ، ووهم من زعم أنه دخل دمشق .
. . . وكان خطيباً بدمشق رزق كبر السن وصحة العقل والرأي ، فارتحل الناس إليه في نقل القراءة والحديث .
. . . فلما توفي ابن ذكوان سنة اثنتين وأربعين ، اجتمع الناس على إمامة هشام بن عمار في القراءة والنقل .
قال صالح بن محمد جزرة : كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث ، ولا يحدث ما لم يأخذ . . . كنت شارطت هشاماً أن أقرأ عليه بانتخابي ورقة ، فكنت آخذ الكاغد الفرعوني وأكتب مقرمطاً ، فكان إذا جاء الليل ، أقرأ عليه إلى أن يصلي العتمة ، فإذا صلى العتمة ، يقعد وأقرأ عليه ، فيقول : يا صالح ليس هذه ورقة ، هذه شقة !
. . . قال : وكان يأخذ على كل ورقتين درهما ويشارط ويقول إن كان الخط دقيقاً ، فليس بيني وبين الدقيق عمل .
قال أبوبكر المروذي : ذكر أحمد بن حنبل هشام بن عمار ، فقال : طياش خفيف .
خيثمة : سمعت محمد بن عوف ، يقول : أتينا هشام بن عمار في مزرعة له ، وهو قاعد على مورج له وقد انكشفت سوءته ، فقلنا : يا شيخ غط عليك . فقال : رأيتموه لن ترمد عينكم أبداً ، يعني يمزح .

( 90 )
قال الحافظ محمد بن أبي نصر الحميدي : أخبرني بعض أصحاب الحديث ببغداد أن هشام بن عمار قال : سألت الله تعالى سبع حوائج ، فقضى لي منها ستاً ، والواحدة ما أدري ما صنع فيها . سألته أن يغفر لي ولوالدي فما أدري ، وسألته أن يرزقني الحج ففعل ، وسألته أن يعمرني مئة سنة ففعل . قلت : إنما عاش اثنتين وتسعين سنة .
ثم قال : وسألته أن يجعلني مصدقاً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففعل .
وسألته أن يجعل الناس يغدون إليّ في طلب العلم ففعل .
وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل .
وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالاً ففعل .
قال : فقيل له : كل شيء قد عرفناه ، فألف دينار حلال من أين لك ؟ فقال : وجه المتوكل بعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا ، يعني لما سكن دمشق ، وبني له القصر بداريا . قال : ونحن نلبس الاَزر ، ولا نلبس السراويلات فجلست فانكشف ذكري ، فرآه الغلام فقال : إستتر يا عم . قلت رأيته قال : نعم . قلت : أما إنه لا ترمد عينك أبداً إن شاء الله !
قال : فلما دخل على المتوكل ضحك ، قال فسأله فأخبره بما قلت له ، فقال : فأل حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم ! احملوا إليه ألف دينار ، فحملت إلي فأتتني من غير مسألة ، و لا استشراف نفس . فهذه حكاية منقطعة . ولعلها جرت .

وذكر الذهبي قصته مع مالك في ص 428 فقال :
قال أبوبكر محمد بن سليمان الربعي : حدثنا محمد بن الفيض الغساني ، سمعت هشام بن عمار يقول : باع أبي بيتاً له بعشرين ديناراً ، وجهزني للحج ، فلما صرت إلى المدينة ، أتيت مجلس مالك ، ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها . فأتيته ، وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام والناس يسألونه وهو يجيبهم ! فلما انقضى المجلس
( 91 )
قال لي بعض أصحاب الحديث : سل عن ما معك ، فقلت له : يا أبا عبدالله ما تقول في كذا وكذا ؟ فقال : حصلنا على الصبيان ، يا غلام احمله ! فحملني كما يحمل الصبي وأنا يومئذ غلام مدرك ، فضربني بدرةٍ مثل درة المعلمين سبع عشرة درة ، فوقفت أبكي فقال لي : ما يبكيك أوجعتك هذه الدرة ؟ قلت : إن أبي باع منزله ووجه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني ! فقال : أكتب ، قال : فحدثني سبعة عشر حديثاً ، وسألته عما كان معي من المسائل فأجابني !
قال يعقوب بن إسحاق الهروي ، عن صالح بن محمد الحافظ : سمعت هشام بن عمار، يقول : دخلت على مالك فقلت له حدثني ، فقال : إقرأ ، فقلت : لا بل حدثني، فقال إقرأ ، فلما أكثرت عليه ، قال : يا غلام تعال اذهب بهذا فاضربه خمسة عشر ، فذهب بي فضربني خمس عشرة درة ، ثم جاء بي إليه فقال قد ضربته ، فقلت له : لم ظلمتني ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم ، لا أجعلك في حل ، فقال مالك فما كفارته قلت : كفارته أن تحدثني بخمسة عشر حديثاً . قال : فحدثني بخمسة عشر حديثاً . فقلت له : زد من الضرب ، وزد في الحديث ، فضحك مالك ، وقال : اذهب !
قال الخليلي : سمعت علي بن أحمد بن صالح المقرئ ، حدثنا الحسن بن علي الطوسي ، سمعت محمد بن طرخان ، سمعت هشام بن عمار ، يقول : قصدت باب مالك ، فهجمت عليه بلا إذن فأمر غلاماً له ، حتى ضربني سبعة عشر ضرب السلاطين . وأخرجت ! فقعدت على بابه أبكي ، ولم أبك للضرب بل بكيت حسرة ، فحضر جماعة قال فقصصت عليهم ، فشفعوا فيّ ، فأملى عليّ سبعة عشر حديثاً . . .
قلت : لم يخرج له الترمذي سوى حديث سوق الجنة ثم قال عبدان : ما كان في الدنيا مثله .
قال ابن حبان البستي : كانت أذناه لاصقتين برأسه ، وكان يخضب بالحناء .
وقال في هامشه : أخرجه الترمذي ( 2549 ) باب ما جاء في سوق الجنة ، من طريق محمد بن إسماعيل ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عبدالحميد بن حبيب بن
( 92 )
أبي العشرين ، حدثنا الاَوزاعي ، حدثنا حسان بن عطية ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
ونصه بتمامه : إن أهل الجنة إذا دخلوها ، نزلوا فيها بفضل أعمالهم ، ثم يؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيزورون ربهم ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، فتوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم ـ وما فيهم من دني ـ على كثبان المسك والكافور ، وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلساً . قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، وهل نرى ربنا ؟ قال : نعم ، قال : هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا : لا . قال : كذلك لا تمارون في رؤية ربكم ، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة ، حتى يقول للرجل منهم : يا فلان ابن فلان ، أتذكر يوم كذا وكذا ، فيذكره ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى ، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه .
فبينما هم على ذلك ، غشيتهم سحابة من فوقهم ، فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا مثل ريحه شيئاً قط . ويقول ربنا ، تبارك وتعالى : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، فخذوا ما اشتهيتم . فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة ، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب ، فيحمل لنا ما اشتهينا ، ليس يباع فيها ولا يشتري . وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا . قال : فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة ، فيلقى من هو دونه ـ وما فيهم دني ـ فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه ، وذلك أنه ما ينبغي لاَحد أن يحزن فيها .
ثم ننصرف إلى منازلنا ، فيتلقانا أزواجنا ، فيقلن : مرحباً وأهلاً ، لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه ، فيقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا . وأخرجه ابن ماجة ( 4336 ) عن هشام بن عمار به .

( 93 )
وقالوا جنة عدن مسكن الله تعالى وعرشه فيها

وقد تقدمت أحاديثها في الفصل الخامس عن عمر وكعب وأبي موسى الاَشعري، ومنها ما رواه السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 254
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الاَشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الاَنهار والاَثمار .

ـ تفسير الطبري ج 15 ص 94
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ( ص ) : إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الاَولى منهن ينظر في الكتاب الذي لاينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت ، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم ترها عين . . وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين والصديقين والشهداء . . ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته . .

ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 154
وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل الله تبارك وتعالى في آخر ثلاث ساعات بقين من الليل فينظر في الساعة الاَولى في الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره فيمحو ما يشاء ويثبت ، وينظر في الساعة الثانية في جنة عدن وهي مسكنه التي لا يكون فيها معه إلا الاَنبياء والشهداء والصديقون ، وفيها ما لم يره أحد ولا خطر على قلب بشر ، ثم يهبط آخر ساعة من الليل فيقول ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له ، ألا سائل يسئلني فأعطيه ، ألا داع يدعوني . ولذلك قال الله : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ، فيشهده الله والملائكة . رواه الطبراني في الكبير والاَوسط والبزاز بنحوه . وفيه زيادة بن محمد الاَنصاري ، وهو منكر الحديث .

وروينا ورووا أن الفردوس مسكن إبراهيم وآله ومحمد وآله

ـ روى النسائي في سننه ج 4 ص 12 عن فاطمة الزهراء عليها السلام أن الفردوس مسكن
( 94 )
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يذكر أنها مسكن الله تعالى . قال : عن أنس أن فاطمة بكت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات فقالت : يا أبتاه من ربه ما أدناه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه ، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه . وروى ذلك غيره أيضاً .

ـ وفي كنز العمال ج 2 ص 274
عن الاَصبغ بن نباتة قال : سمعت علياً يقول : ألا إن لكل شيء ذروة ، وإن ذورتنا جبال الفردوس في بطنان الفردوس قصراً من لؤلؤة بيضاء وصفراء من عرق واحد ، وإن في البيضاء سبعين ألف قصر ، منازل إبراهيم وآل إبراهيم ، فإذا صليتم على محمد فصلوا على إبراهيم وآل إبراهيم . خط في تلخيص المتشابه .
ـ وقال القسطلاني في إرشاد الساري ج 5 ص 38
فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة أي أفضلها ، قال : وفوقه عرش الرحمن . انتهى .

ـ وروى الديلمي في فردوس الاخبار ج 3 ص 162 حديثاً غريباً طريفاً لطيفا ، قال : عمر بن الخطاب : فاطمة وعلي والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن عز وجل .

وقالوا أرواح الشهداء في حواصل طيور في قناديل معلقة بالعرش
ـ صحيح مسلم ج 6 ص 38
عن مسروق قال سألنا عبد الله عن هذه الآية : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ، قال : أما إنا قد سألناه عن ذلك فقال : أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً فقال هل تشتهون شيئاً ؟ قالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا ، قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة ، تركوا .

ـ وروى الدميري في حياة الحيوان ج 1 ص 657
أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوى إلىقناديل معلقة تحت العرش . قال شيخنا : أولئك شهداء السيوف ، وأما شهداء الصفوة فأجسادهم أرواح !

ـ وقال الدارمي في سننه ج 2 ص 206
عن مسروق قال سألنا عبدالله عن أرواح الشهداء ولو لا عبدالله لم يحدثنا أحد ، قال : أرواح الشهداء عند الله يوم القيامة في حواصل طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ( ترعى ) أي الجنة حيث شاءت ، ثم ترجع إلى قناديلها فيشرف عليهم ربهم فيقول : ألكم حاجة تريدون شيئاً ، فيقولون لا ، إلا أن نرجع إلى الدنيا فنقتل مرة أخرى . انتهى . وروى نحوه ابن ماجة في ج 1 ص 466 و ج 2 ص 936 وأبو داود ج 1 ص566 والترمذي في ج 4 ص 299 وقال : هذا حديث حسن صحيح . وأحمد ج 1 ص 265 وص 386 والحاكم ج2 ص 88 وص 297 وابن منصور في سننه ج 2 ص 216 والبيهقي في سننه ج 9 ص 163 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 6 ص 328 والهيثمي في ج 5 ص 298 والهندي في كنز العمال ج 4 ص 308 وص 403 وص 413 وص 414 وج 13 ص 481