الفصـل الثاني
تحريف اليهود والنصارى للشفاعة
أولاً : مقولاتهم في الشفاعة من مصادرهم
عراقة عقيدة الشفاعة
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 513

شفع ـ شفيع ـ شفاعة : وهي التوسط بين شخص وآخر . وهي دليل محبة الإِنسان
لإخيه الإِنسان . كما أنها مؤسسة على أن معاملة الله للبشر معاملة ليست فردية
فحسب بل جماعية أيضاً .

والصلاة الشفاعية قديمة قدم نوح ( تك 8 : 20 و 22 ) وإبراهيم ( تك 17 : 18 و23
ـ 33 ) وموسى ( خر 15 : 25 ) .

وخليفة موسى الذي رفع صلواته كقاضي وكاهن ونبي هو صموئيل ( 1 صم 7 :5
( 26 )
و 8) وحياة المسيح كانت مليئة بالصلوات الشفاعية . بل إن الصلاة الربانية تحمل
روح الشفاعة في طلب الملكوت ومغفرة ذنوب الآخرين .

والصلاة الشفاعية يرفعها الإِنسان لأَجل صديق أو لأَجل عدو ( مت 5 : 44 ) أما
الروح القدس فهو يشفع فينا ( رو 8 : 26 ) أما المسيح في حياته الشخصية وموته
على الصليب فهو شفيعنا الذي ساقته شفاعته للموت على الصليب كفارة لخطايا
البشرية . أنظر ( وسيط ) .
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 933

وكان موسى وسيطاً بين الله وشعب بني إسرائيل وهكذا المسيح هو وسيط بين
الله والناس .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 307

18 ـ لاَنه إن كانت الوراثة من الناموس فلم تكن أيضاً من موعد . ولكن الله وهبها
لإِبراهيم بموعد .

19 ـ فلماذا الناموس . قد زيد بسبب التعديات إلى أن يأتي النسل الذي قد وعد
له مرتباً بملائكة في يد وسيط .

20 ـ وأما الوسيط فلا يكون لواحد ولكن الله واحد .
شفاعة ابراهيم للمؤمنين ولاِسماعيل ولوط
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 11

ثم أعلن الرب لإبراهيم خراب سدوم وعمورة بسبب شرهما فتشفع إبراهيم
لاَجل الاَبرار هناك فأنقذ الرب لوطاً بيد ملاكين ( تك ص 18 و 19 ). . . وحيثما سكن
إبراهيم كان يقيم مذبحاً للرب ويدعو باسمه ( تك 12 : 7 و 8 ) وقد قدم صلوات
تشفعية لأجل الآخرين ففي تك 17 :20 صلى لاَجل إسماعيل وفي تك 18 : 23 ـ 32
تشفع لأَجل لوط .
( 27 )
شفاعة زكريا لبني إسرائيل
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 441

كما ظهر لزكريا بروح النبوة واقفاً على هذا الجبل شافعاً في شعبه ( زك 14 : 4 )
البشارة بالشفيع الذي سيأتي ( البراقليطس )
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 627

معز : ( يو 14 : 16 و 15 : 26 و 16 : 7 ) وهو الروح القدس . ولم ترد إلا في إنجيل
يوحنا . والكلمة الأَصلية اليونانية ( پرا كليتيس ) وتعني ( معز ومعين وشفيع ومحام )
وتشير إلى عمل الروح القدس لأَجلنا .
توسيع بولس للشفاعة وحصرها بالمسيح
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 124

ومع أن بني الإنسان قد فقدوا الصورة الإِلَهية التي خلقوا عليها ، ومع أنهم وقعوا
تحت طائلة العقاب الإلَهي الرهيب ، إلا أنهم بسبب عمل الفداء أهل لأَن ينالوا
غفران خطاياهم غفراناً تاماً كاملاً إذا آمنوا بالرب يسوع المسيح ( الشفيع الوحيد بين
الله والناس ) وندموا على خطاياهم ندامة صحيحة حقيقية ، وأصبحوا أهلاً للتحرر
من عبودية الخطيئة ورقها والإنتقال إلى حرية أبناء الله بالنعمة المجانية .
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 795

وقد وصف يسوع بأنه رئيس كهنة المؤمنين العظيم الذي نضح قدس الأَقداس
السماوي بدمه ، والذي جلس عن يمين الآب هناك حيث هو الآن يشفع فيهم ( عب
4: 14 و7 : 25 و 9 : 12 ) الخ .
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 869

وأعلن لهم أن يهوذا الذي كان واحداً منهم سيسلمه ( مر 14 : 18 ـ 21 ويو 13 21 ـ
30 ) ورسم لهم فريضة العشاء الرباني ( مت 26 : 26 ـ 29 وما يليه ) ثم قدم صلاته
( 28 )
الشفاعية العظمى من أجل أتباعه ( يو 17 : 1 ـ 26 . من ثم قدم نفسه نهائياً للأَب
وسلم إرادته تسليماً كلياً له في بستان جثسيماني ( مت 26 : 39 ـ 46 غيره ) .
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 889

وسيط 1 تي 2 : 5 وسيط العهد الجديد عب 12 : 24
ـ قاموس الكتاب المقدس ص 904

وكذلك يذكر فيلو ( ملكي صادق ) كرمز ومجاز للعقل الصائب الخير ، بينما يذكره
كاتب الرسالة إلى العبرانيين رمزاً للمسيح الفادي والوسيط الأَعظم .
ـ العهد القديم والجديد ج 2 ص 57

لأَن معاصينا كثرت أمامك وخطايانا تشهد علينالأَن معاصينا معنا وآثامنا نعرفها .

13 ـ تعدينا وكذبنا على الرب وحدنا من وراء إلَهنا . تكلمنا بالظلم والمعصية ،
حبلنا ولهجنا من القلب بكلام الكذب .

14 ـ وقد ارتد الحق إلى الوراء والعدل يقف بعيداً . لأَن الصدق سقط في الشارع
والإستقامة لا تستطيع الدخول .

15 ـ وصار الصدق معدوماً والحائد عن الشر يسلب ، فرأى الرب وساء .

16 ـ فرأى أنه ليس إنسان وتحير من أنه ليس شفيع . . .

34 ـ من هو الذي يدين . المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو
أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع فينا .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 339

5 ـ لأَنه يوجد إلَه واحد ووسيط واحد بين الله والناس : الإِنسان يسوع المسيح .

6 ـ الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع ، الشهادة في أوقاتها الخاصة .

7 ـ التي جعلت أنا لها كارزاً ورسولاً . الحق أقول في المسيح ولا أكذب . معلماً
للأمم في الاِيمان والحق .

8 ـ فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال
( 29 )
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 256

26 ـ وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاءنا ، لأَننا لسنا نعلم ما نصلي لأَجله كما ينبغي
ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها .

27 ـ ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح ، لأَنه بحسب مشيئة
الله يشفع في القديسين .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 358

25 ـ فمن ثم يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله ، إذ هو
حي في كل حين ليشفع فيهم .

26 ـ لاَنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس ، قد انفصل عن
الخطاة وصار أعلى من السموات .

27 ـ الذي ليس له اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة أن يقدم ذبائح أولاً عن
خطايا نفسه ثم عن خطايا الشعب ، لاَنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 361

11 ـ وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة ، فبالمسكن الأَعظم
والأَكمل غير المصنوع بيد أي الذين ليس من هذه الخليقة .

12 ـ وليس بدم تيوس وعجول ، بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأَقداس ،
فوجد فداء أبدياً .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 362

ولاَجل هذا هو وسيط عهد جديد ، لكي يكون المدعوون إذ صار موت لفداء
التعديات التي في العهد الاَول ، ينالون وعد الميراث الاَبدي .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 367

22 ـ بل قد أتيتم إلى جبل صهيون ، وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية
،وإلى ربوات هم محفل ملائكة .
( 30 )

23 ـ وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات ، وإلى الله ديان الجميع ، وإلى أرواح
أبرار مكملين .

24 ـ وإلى وسيط العهد الجديد يسوع ، وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل .

25 ـ انظروا أن لا تستعفوا من المتكلم . لاَنه إن كان أولئك لم ينجوا إذ استعفوا من
المتكلم على الاَرض ، فبالاَولى جداً لا ننجو نحن المرتدين عن الذي من السماء .
ـ العهد القديم والجديد ج 3 ص 386

1 ـ يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا ، وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند
الآب يسوع المسيح البار .

2 ـ وهو كفارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم أيضاً .

3 ـ وبهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه .
*
*

نفهم من هذه النصوص ملامح حقائق عديدة أهمها :
أولاً : أن أصل شفاعة الاَنبياء والاَوصياء وخيار المؤمنين للخاطئين ، هي عندهم
كما عندنا ، أمرٌ ثابتٌ في الرسالات الاِلَهية من عهد إبراهيم ، بل من عهد نوح عليهما السلام .
ثانياً : أنها أخذت في اليهود شكل شفاعة رؤساء الكهنة ومسؤولي القرابين في
المعابد ، ثم وصلت إلى ادعاء اليهود أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأنهم شعب الله
المختار ، وأنهم لا تمسهم النار إلا أياماً معدودة . . فلا يحتاجون إلى شفاعة !
ثالثاً : أن ( عقيدة الفداء المسيحية ) التي تدعي أن المسيح عليه السلام قد شفع في
خطايا كل البشر بتحمله الصلب والقتل . . هي توسيع لعقيدة الشفاعة اليهودية ، وقد
اخترعها بولس الذي نصَّرَ النصارى ، وعممها لغير القومية اليهودية .
ـ قال الدكتور أحمد شلبي في كتابه مقارنة بين الاَديان ج 2 ص 245 تحت عنوان : الله في
التفكير المسيحي :
( 31 )

ومن أجل هذا كان نقل المسيحية من الوحدانية إلى التثليث ونقل عيسى من
رسول إلى إلَه ، والقول بأ ن المسيحية رسالة عامة ، والقول بأ ن عيسى ابن الله نزل
ليضحي بنفسه للتكفير عن خطيئة البشر ، وأنه عاد مرة أخرى إلى السماء ليجلس
على يمين أبيه ، كان هذا كله عملاً جديداً على المسيحية التي جاء بها عيسى .
كيف انتقلت المسيحية من حال إلى حال ومن الذي قام بذلك ومتى ؟.

هذا ما سنحاول إبرازه فيما يلي :

ترتبط هذه الاَمور بشخصية مهمة في المسيحية هي شخصية شاؤول ( بولس )
ولذلك يرى الباحثون الغربيون أن المسيحية الحالية بهذه العناصر الجديدة من صنع
هذا الرجل . . .!

وبولس كما يقول عن نفسه ( يهودي فريسي ابن فريسي على رجاء قيامة الاَموات
ـ أعمال الرسل 23 : 6 ) وكان عدواً للمسيحيين وهو في ذلك يقول ( سمعتم بسيرتي
قبلاً في الديانة اليهودية ، إني كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها ، وكنت أتقدم
في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي ، إذ كنت أوفر غيرة في
تقليدات آبائي ( غلاطية 1 : 13 ـ 14 ) .

ويبدو أنه كان من وسائل بولس لتدمير المسيحية أن يحطم معتقداتها واتجاهاتها
المقدسة ، ووضع لذلك طريقة تكفل له الوقوف في وجه معارضيه عندما يظهر
بأفكاره الجديدة ، فادعى شاؤول أن السيد المسيح ـ بعد نهايته على الاَرض ـ ظهر له
وصاح فيه وهو فى طريقه إلى دمشق : لماذا تضطهدني ، فخاف شاؤول وصرخ : من
أنت يا سيد ؟ قال : أنا يسوع الذي تضطهده ! قال شاؤول : ماذا تريد أن أفعل ؟ قال
يسوع : قم وكرز بالمسيحية !!

ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت وجه التاريخ هي :

وللوقت جعل يكرز فى المجامع بالمسيح أنه ابن الله( أعمال 9 : 3 ـ 30 ) انتهى .
( 32 )
رابعاً : أن الاِتجاه العام عند محرفي الاَديان بعد أنبيائهم هو تسهيل أمر المغفرة
الاِلَهية ودخول الجنة لاَتباعهم ، والاِفراط في ذلك الى حد إلغاء قانون العقوبة
الاِلَهية، وفي المقابل التشدد مع خصومهم ومخالفيهم من التابعين لنفس الدين ،
والحكم عليهم بأنهم من أهل النار !
خامساً : بما أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله بأحاديث صحيحة عند الجميع ، أن الاَمة
الاِسلامية سوف تتبع سنن اليهود والنصارى في انحرافها عن الاِسلام وتحريفها له ،
وفي صراعاتها الداخلية . . فإن على الباحث أن يكون حذراً متثبتاً في أحاديث
الصحابة في الشفاعة ، لكي يميز بين الثابت منها بنصوص متفق عليها عند جميع
المسلمين ، وبين الذي يتبناه صحابي نافذ ، أو فئة حاكمة ، وفي نفس الوقت يوجد
في الصحابة من ينفيه أو يكذبه !
ثانياً : مقولاتهم في الشفاعة من مصادرنا
قال الله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فلم يعذبكم
بذنوبكم ، بل أنتم بشر ممن خلق ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك
السماوات والاَرض وما بينهما وإليه المصير . يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين
لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ، فقد جاءكم بشير
ونذير والله على كل شيَ قدير . المائدة 18 ـ 19
ـ تفسير التبيان ج 3 ص 477

وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه . . . روي عن ابن عباس أن جماعة
من اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وآله حين حذرهم بنقمات الله وعقوباته فقالوا : لا تخوفنا فإنا
أبناء الله وأحباؤه .

وقال السدي : إن اليهود تزعم أن الله عز وجل أوحى إلى بني اسرائيل أن ولدك
بكر من الولد . وقال الحسن : إنما قالوا ذلك على معنى قرب الولد من الوالد .
( 33 )

وأما قول النصارى فقيل فيه : إنهم تأولوا ما في الاِنجيل من قول عيسى أذهب إلى
أبي وأبيكم . وقال قوم : لما قالوا المسيح ابن الله أجرى ذلك على جميعهم كما
يقولون : هذيل شعراء ، أي منهم شعراء . . .

وقوله : وأحباؤه ، جمع حبيب فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وآله : قل لهؤلاء المفترين
على ربهم : فلم يعذبكم بذنوبكم ؟ فلأَي شيء يعذبكم بذنوبكم إن كان الاَمر على ما
زعمتم ، فإن الاَب يشفق على ولده والحبيب على حبيبه .

واليهود تقرُّ أنهم يعذبون أربعين يوماً ، وهي عدد الاَيام التي عبدوا فيها العجل !

وقوله : بل أنتم بشر ، معناه قل لهم ليس الاَمر على ما زعمتم أنكم أبناء الله
وأحباؤه ، بل أنتم بشر ممن خلق من بني آدم ، إن أحسنتم جوزيتم على إحسانكم
مثلهم ، وإن أسأتم جوزيتم على إساءتكم ، كما يجازى غيركم ، وليس لكم عند الله
إلا ما لغيركم من خلقه .
ـ تفسير التبيان ج 1 ص 486

أتحاجوننا في الله . . .وكانت محاجتهم له صلى الله عليه وآله أنهم زعموا أنهم أولى بالحق لاَنهم
راسخون في العلم وفي الدين ، لتقدم النبوة فيهم والكتاب ، فهم أولى بأن يكون
الرسول منهم .

وقال قوم : بل قالوا نحن أحق بالاِيمان ، لاَنا لسنا من العرب الذين عبدوا الاَوثان .
وقال الحسن : كانت محاجتهم أن قالوا نحن أولى بالله منكم ، وقالوا نحن أبناء الله
وأحباؤه ، وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ، وقالوا كونوا هوداً أو
نصارى تهتدوا . وغرضهم بذلك الاِحتجاج بأن الدين ينبغي أن يلتمس من جهتهم ،
وأن النبوة أولى أن تكون فيهم . وليس الاَمر على ما ظنوا ، لاَن الله أعلم حيث يجعل
رسالته ، ومن الذي يقوم بأعبائها ويتحملها على وجه يكون أصلح للخلق وأولى
بتدبيرهم . وقوله : لنا أعمالنا ، معناه الاِنكار لاحتجاجهم بأعمالهم ، لاَنهم مشركون
ونحن له مخلصون . وقيل معناه الاِنكار للاِحتجاج بعبادة العرب للاَوثان ، فقيل : لا
حجة في ذلك ، إذ لكل أحد عمله لا يؤخذ بجرم غيره .
( 34 )
ـ سيرة ابن هشام ج 2 ص 403

وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضاء ، وبحرى بن عمرو ، وشاس
بن عدي ، فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم
نقمته ، فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ؟ ! نحن والله أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى
فأنزل الله تعالى فيهم : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فلم
يعذبكم بذنوبكم . . . الخ . ورواه فيالدر المنثور ج 2 ص 269 عن ابن اسحق وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس .
ـ الدر المنثور ج 2 ص 14

عن قتادة : وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ، حين قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد : وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ،
قال : غرهم قولهم لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة .
ـ الدر المنثور ج 2 ص 170

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : ألم تر إلى
الذين يزكون أنفسهم ، قال : هم اليهود والنصارى ، قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ،
وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى .
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم ، قال : نزلت
في اليهود قالوا : إنا نعلم أبناءنا التوراة صغاراً فلا يكون لهم ذنوب ، وذنوبنا مثل
ذنوب أبنائنا ، ما عملنا بالنهار كُفِّرَ عنا بالليل .
ـ الدر المنثور ج 3 ص 37

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وخرقوا له بنين وبنات ،
قال كذبوا له ، أما اليهود والنصارى فقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ، وأما مشركوا العرب
فكانوا يعبدون اللات والعزى ، فيقولون : العزى بنات الله ، سبحانه وتعالى عما
يصفون، أي عما يكذبون . .
( 35 )

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الاَزرق قال له : أخبرني عن قوله :
وخرقوا له بنين وبنات ، قال : وصفوا لله بنين وبنات افتراء عليه ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت يقول :
اخترق القول بها لاهياً * مستقبلاً أشعث عذب الكلام
ـ الدر المنثور ج 1 ص 89

أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو
نصارى ، وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ، فأنزل الله : قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند
الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ، فلم يفعلوا .

وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في هذه الآية قال : قل لهم يا محمد إن
كانت لكم الدار الآخرة ، يعني الجنة كما زعمتم خالصة من دون الناس ، يعني
المؤمنين فتمنوا الموت إن كنتم صادقين أنها لكم خالصة من دون المؤمنين . فقال
لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنتم في مقالتكم صادقين قولوا : اللهم أمتنا ،
فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه فمات مكانه ، فأبوا أن يفعلوا
وكرهوا ما قال لهم ، فنزل : ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم ، يعني عملته أيديهم
والله عليم بالظالمين .

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فتمنوا
الموت ، أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب ، فأبوا ذلك ، ولو تمنوه يوم قال
ذلك ما بقي على وجه الاَرض يهودي إلا مات .

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولتجدنهم
أحرص الناس على حياة ، يعني اليهود ، ومن الذين أشركوا ، وذلك أن المشرك لا
يرجو بعثاً بعد الموت فهو يحب طول الحياة ، وأن اليهودي قد عرف ماله في الآخرة
من الخزي بما ضيع ما عنده من العلم .
( 36 )
وقال الله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ، قل أتخذتم عند الله عهداً
فلن يخلف الله عهده ، أم تقولون على الله ما لا تعلمون . بلى من كسب سيئة
وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . والذين آمنوا وعملوا
الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون . البقرة 80 ـ 82
ـ تفسير التبيان ج 1 ص 323

قالوا لن تمسنا النار ولن ندخلها إلا أياماً معدودة ، وإنما لم يبين عددها في التنزيل
لاَنه تعالى أخبر عنهم بذلك وهم عارفون بعدد الاَيام التي يوقتونها في النار ، فلذلك
نزل تسمية عدد الاَيام وسماها معدودة لما وصفنا . وقال أبو العالية وعكرمة
والسدي وقتادة : هي أربعون يوماً . ورواه الضحاك عن ابن عباس . ومنهم قال : إنها
عدد الاَيام التي عبدوا فيها العجل .

وقال ابن عباس : إن اليهود تزعم أنهم وجدوا في التوراة مكتوباً إن ما بين طرفي
جهنم مسيرة أربعين سنة ، وهم يقطعون مسيرة كل سنة في يوم واحد ، فإذا انقطع
المسير انقطع العذاب ، وهلكت النار .

وقال مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس : إنها سبعة أيام ، لاَن عمر الدنيا
سبعة آلاف سنة ، وإنهم يعذبون بعدد كل ألف سنة يوماً واحداً من أيام الآخرة ، وهو
كألف سنة من أيام الدنيا .

ولما قالت اليهود ما قالت من قولها : لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة على ما بيناه ، قال
الله تعالى لنبيه : قل أتخذتم عند الله عهداً بما تقولون من ذلك أو ميثاقاً ، فالله لا
ينقض عهده ، أم تقولون على الله ما لا تعلمون من الباطل جهلاً وجرأة عليه . . .

قوله تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون . . . قوله بلى جواب لقوله لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ، فرد الله
عليهم بأن قال : بلى من أحاطت به خطيئته . . .
( 37 )
ـ كنز الدقائق ج 2 ص 47

بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة : بسبب تسهيلهم أمر العذاب . وغرهم
في دينهم ما كانوا يفترون ، من قولهم السابق ، أو أن آبائهم الاَنبياء يشفعون لهم، أو
أنه تعالى وعد يعقوب أن لا يعذب أولاده إلا تحلة القسم ، وتكرير الكذب والاِفتراء
يصيره في صورة الصدق عند قائله ومفتريه .
ـ تفسير نور الثقلين ج 1 ص 93

في تفسير علي بن ابراهيم قوله : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ، قال : قال
بنو اسرائيل : لن تمسنا النار ولن نعذب إلا الاَيام المعدودات التي عبدنا فيها العجل ،
فرد الله عليهم قل : يا محمد لهم أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده، أم
تقولون على الله ما لا تعلمون .
ـ سيرة ابن هشام ج 2 ص 380

وقالوا : لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله
عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون .

قال ابن إسحاق : وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد ابن جبير
عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تقول : إنما
مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام
الدنيا يوماً واحداً في النار من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب ،
فأنزل الله في ذلك من قولهم : وقالوا لن تمسنا النار إلا أيام معدودة ، قل أتخذتم عند
الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون . بلى كسب سيئة
وأحاطت به خطيئته ، أي من عمل بمثل أعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به حتى يحيط
كفره بماله عند الله من حسنة ، فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ، أي خلداً
أبداً. والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون . أي
من آمن بما كفرتم به وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها ، يخبرهم أن
( 38 )
الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبداً ولا انقطاع له .

قال ابن إسحاق : ثم قال الله عز وجل يؤنبهم : وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل ، أي
ميثاقكم ، لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين
وقولوا للناس حسناً ، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، ثم توليتم إلا قليلاً منكم ، وأنتم
معرضون . أي تركتم ذلك كله . . .
ـ الدر المنثور ج 1 ص 84

قوله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار الآية . أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي عن ابن عباس أن اليهود كانوا يقولون مدة الدنيا
سبعة آلاف سنة . . .الخ.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال :
اجتمعت يهود يوماً فخاصموا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : لن تمسنا النار إلا
أياماً معدودات ، وسموا أربعين يوماً ثم يخلفنا فيها ناس وأشاروا إلى النبى صلى الله
عليه وسلم وأصحابه ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد يده على رؤسهم :
كذبتم بل أنتم خالدون مخلدون فيها لا نخلفكم فيها إن شاء الله تعالى أبداً ، ففيهم
أنزلت هذه الآية : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ، يعنون أربعين ليلة .

وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود :
أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزل الله على موسى يوم طور سيناء : من أهل النار الذين
أنزلهم الله في التوراة قالوا : إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة
ثم نخرج فتخلفوننا فيها ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبتم والله لا
نخلفكم فيها أبداً ، فنزل القرآن تصديقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيباً لهم:
وقالوا لن تمسنا النار إلى قوله هم فيها خالدون .
ـ مجمع الزوائد ج 6 ص 314

قوله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة عن ابن عباس أن يهوداً كانوا
( 39 )
يقولون هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب لكل سنة يوماً في النار وإنما سبعة
أيام معدودات ، فأ نزل الله عز وجل : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ، إلى قوله:
فيها خالدون .
*
*
وقال الله تعالى : وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ، تلك أمانيهم ،
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره
عند ربه ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون . البقرة 111 ـ 112
ـ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين .
واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل
ولا هم ينصرون . البقرة 47 ـ 48
ـ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم .
آل عمران ـ 31
ـ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، ومن يشرك بالله فقد افترى
إثماً عظيما . ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً .
أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبينا . ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً
من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ، ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من
الذين آمنوا سبيلا . النساء 48 ـ 51
ـ تفسير التبيان ج 3 ص 220

وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ، تلك أمانيهم . قال الزجاج :
اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله بأولادهم الاَطفال فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب ؟
فقال صلى الله عليه وآله : لا ، فقالوا : كذلك نحن ما نعمل بالليل يغفر بالنهار ، وما نعمل بالنهار يغفر
بالليل، فقال الله تعالى : بل الله يزكي من يشاء .
( 40 )

وقال : مجاهد وأبو مالك : كانوا يقدمونهم في الصلاة ويقولون : هؤلاء لا ذنب
لهم. وقال ابن عباس : كانوا يقولون : أطفالنا يشفعون لنا عند الله .
ـ كنز الدقائق ج 2 ص 58
قال الله تعالى : إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله
غفور رحيم . . .

قال البيضاوي : روي أنها نزلت لما قالت اليهود : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقيل :
نزلت في وفد نجران لما قالوا : إنا نعبد المسيح حباً لله . . انتهى .
ـ حقائق التأويل ص 126

وقال بعضهم إنهم قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، فالخلائق غيرنا عبيد لنا
ومنخفضون عن علونا ، فليس علينا جناح في أكل أموال عبيدنا ومن هم في الرتبة
دوننا . قال صاحب هذا القول : واليهود يتدينون باستحلال أموال كل من خالفهم
باستعمال الغش في معاملاتهم ، ويدعون أن ذلك فرض عليهم في دينهم ، وليس
تأولهم لذلك على حد ما يتأوله المسلمون في أهل الحرب .

وذهب أبو علي إلى أن قولهم : ليس علينا في الاَميين سبيل ، إنما يعنون به ليس
علينا لهم سلطان ولا قدرة ، فلا يجب علينا اتباعهم ولا النزول تحت حكمهم ،
يريدون بذلك النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ، فلذلك استحلوا أموالهم . انتهى .
ـ تفسير التبيان ج 1 ص 213

وقوله : ولا يقبل منها شفاعة ، مخصوص عندنا بالكفار ، لاَن حقيقة الشفاعة
عندنا أن يكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع . والمؤمنون عندنا يشفع لهم
النبي صلى الله عليه وآله فيشفعه الله تعالى ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصلاة ، لما
روي من قوله صلى الله عليه وآله : ادخرت شفاعتي لاَهل الكبائر من أمتي . . .
والشفاعة ثبتت عندنا للنبي صلى الله عليه وآله وكثير من أصحابه ، ولجميع الاَئمة المعصومين ،
( 41 )
وكثير من المؤمنين الصالحين .

وقيل إن نفي الشفاعة في هذه الآية يختص باليهود من بني إسرائيل ، لاَنهم ادعوا
أنهم أبناء الله وأحباؤه وأولاد أنبيائه ، وأن آباءهم يشفعون إليه ، فآيسهم الله من ذلك
فأخرج الكلام مخرج العموم والمراد به الخصوص .
ـ تفسير التبيان ج 3 ص 21
قوله تعالى : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ، ولا يظلمون
فتيلا . . . قال الحسن والضحاك وقتادة وابن زيد وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام : إنهم
اليهود والنصارى في قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقالوا لن يدخل الجنة إلا من
كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم .

قال الزجاج : اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله بأولادهم الاَطفال فقالوا : يا محمد أعلى
هؤلاء ذنوب ؟ فقال صلى الله عليه وآله : لا ، فقالوا : كذلك نحن ما نعمل بالليل يغفر بالنهار وما
نعمل بالنهار يغفر بالليل ، فقال الله تعالى : بل الله يزكي من يشاء . وقال : مجاهد وأبو
مالك : كانوا يقدمونهم في الصلاة ويقولون : هؤلاء لا ذنب لهم . وقال ابن عباس :
كانوا يقولون : أطفالنا يشفعون لنا عند الله .
ـ تفسير التبيان ج 3 ص 222

وافتراؤهم الكذب على الله هاهنا المراد به تزكيتهم لاَنفسهم بأنا أبناء الله وأحباؤه،
وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ، ذكره ابن جريج . وقوله : وكفى به
إثماً مبيناً ، معناه تعظيم إثمه ، وإنما يقال كفى به في العظم على جهة المدح أو الذم
كقولك كفى بحال المؤمن نبلاً ، وكفى بحال الكافر إثماً .
ـ تفسير التبيان ج 3 ص 76

وقوله : ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا . . . قال البلخي : إنهم قالوا : نحن أبناء
الله وأحباؤه وأهل الصوم والصلاة . وليسوا بأولياء الله ولا أحباؤه ولا أهل الصلاة
( 42 )
والصيام ، ولكنهم أهل شرك ونفاق . وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام . . .
ـ تفسير نور الثقلين ج 1 ص 489

في نهج البلاغة من كلام له عليه السلام يصف فيه المتقين : لا يرضون من أعمالهم القليل ولا
يستكثرون الكثير ، فهم لاَنفسهم متهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إذا زُكي أحد
منهم خاف مما يقال له ، فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي من نفسي ،
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون .
انتهى .
*
*

هذا ، والآيات والاَحاديث في تحريفات اليهود للشفاعة ومقولاتهم فيها كثيرة ،
وسوف نرى أن بعض الصحابة قد أخذوا أفكار اليهود وتحريفاتهم للشفاعة حرفاً
بحرف ،
حَذْوَ القُذَّةِ بالقذة ، والنعل بالنعل . . كما أخبر به الصادق الاَمين
صلى الله عليه وآله !
*
*