وأنذرها الضلالة إن لم تستمسك بهما ، وأخبرها أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض ، وصحاحنا في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة ؛ وحسبك مما صح من طريق ما أوردناه في المراجعة 8 وفي المراجعة 54 ، والسلام .
ش
ما السبب في الاعراض عن حديث أم المؤمنين وأفضل أزواج النبي ؟

ما لك ـ عفا الله عنك ـ وليت ام المؤمنين وأفضل ازواج النبي صفحة إعراضك ، فاتخذت حديثها ظهريا وتركته نسيا منسيا ، وقولها هو الفصل ، وحكمها هو العدل ، ولك مع ذلك رأيك ، فاصدع به نتدبره ، والسلام .
س
1 ـ لم تكن أفضل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
2 ـ إنما افضلهن خديجة
3 ـ إشارة إجمالية إلى السبب في الاعراض عن حديثها
1 ـ ان لأم المؤمنين عائشة فضلها ومنزلتها ، غير انها ليست بأفضل ازواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكيف تكون افضلهن مع ما صح
( 558 )
عنها اذ قالت : «
ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، خديجة ذات يوم فتناولتها فقلت : عجوز كذا وكذا ، قد ابدلك الله خيرا منها ، قال : ما ابدلني الله خيرا منها ، لقد آمنت بي حين كفر بي الناس ، وصدقتني حين كذبني الناس ، واشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها ، وحرمني ولد غيرها ... » الحديث
(1)
( 767 ) ، وعن عائشة قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما من الايام ، فأدركتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلا عجوزا ، فقد أبدلك الله خيرا منها ، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ، ثم
قال : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها ، آمنت بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد
النساء ... » الحديث
( 768 ) .
____________
(1) هذا الحديث والذي بعده ، من صحاح السنن المستفيضة فراجعهما في أحوال خديجة الكبرى من الاستيعاب . تجدهما بعين اللفظ الذي أوردناه ، وقد أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما بلفظ يقارب ذلك (منه قدس ).
( 767 ) راجع : الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي مطبوع بهامش الاصابة ج 4 ص 287 .
وقريب منه جدا في : اسعاف الراغبين للصبان الشافعي مطبوع بهامش نور الابصار ص 85 ط العثمانية وص 90 ط السعيدية بمصر .
( 768 ) يوجد في : الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي مطبوع بهامش الاصابة ج 4 ص 286 ـ 287 ، مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 117 ط الميمنية بمصر ، أحاديث ام المؤمنين عائشة للسيد العسكري القسم الاول ص 25 ، الاصابة لابن
( 559 )

2 ـ فأفضل أزواج النبي ( ص ) خديجة الكبرى صديقة هذه الامة ، وأولها إيمانا بالله وتصديقا بكتابه ، ومواساة لنبيه ، « وقد أوحي اليه ( ص ) ، أن يبشرها
(1) ببيت لها في الجنة من قصب »
( 769 ) ونص على تفضيلها ،
____________
(1) كما أخرجه البخاري في باب غيرة النساء ووجدهن ، وهو في أواخر كتاب النكاح ص 75 ج 3 من صحيحه ( منه قدس ) .
=
حجر العسقلاني الشافعي ج 4 ص 283 ، أُسد الغابة لابن الاثير ج 5 ص 438 .
وبهذا المعنى يوجد في : صحيح البخاري ج 4 ص 230 ـ 231 وج 6 ص 158 وج 7 ص 76 ط دار الفكر ، صحيح الترمذي ج 5 ص 366 ح 3977 و 3978 ، سنن ابن ماجة ج 1 ص 643 ح 1997، صحيح مسلم ج 2 ص 370 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 339 ح 389، مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 58 و 102 و 150 و 154 و 202 و 279 ط الميمنية بمصر ، كفاية
الطالب للكنجي الشافعي ص 358 و 359 ط الحيدرية وص 213 ـ 214 ط الغري ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 303 ، نور الابصار للشبلنجي ص 40 ط العثمانية وص 38 ط السعيدية بمصر .
( 769 ) « أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم أن
يبشرها ـ يعني خديجة ـ ببيت لها في الجنة من قصب » .
يوجد في صحيح البخاري ج 6 ص 158 وج 4 ص 230 وج 7 ص 76 ط دار الفكر ، صحيح مسلم ج 15 ص 200 ط مصر بشرح النووي وج 2 ص 370 ط عيسى الحلبي ، صحيح الترمذي ج 5 ص 366 ح 3979 ط دار الفكر ، المعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 15 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 337 ح 385 و 386 و 387 و 388 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 357 و 358 ط الحيدرية وص 213 و 214 ط الغري ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 303 ، أٌسد الغابة لابن الاثير ج 5 ص 438 ، السيرة النبوية لابن هشام ج 1 ص 225 ، اسعاف الراغبين للشيخ
( 560 )
فقال : « أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران »
( 770 ) وقال صلى الله عليه وآله
=
محمد الصبان الشافعي مطبوع بهامش نور الابصار ص 85 ط العثمانية وص 90 ط السعيدية ، مصابيح السنة للبغوي الشافعي ج 2 ص 282 .
أفضل أزواج النبي ( ص ) خديجة

( 770 ) يوجد في : مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 293 ط الميمنية بمصر وص 322 نفس الطبعة ، الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي بهامش الاصابة ج 4 ص 284 و 376 ، المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 160 ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ج 3 ص 160 وصححه ، ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 42 ، أسد الغابة لابن الاثير الجزري الشافعي ج 5 ص 437 ، الاصابة لابن حجر العسقلاني الشافعي ج 4 ص 378 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 172 و 173 و 246 و 198 ط اسلامبول وص 202 و 204 و 234 ط الحيدرية .

ونقله في احقاق الحق ج 10 ص 52 عن مشكل الآثار للطحاوي ج 1 ص 48 ، الاعتقاد للبيهقي ص 165 ط كامل مصباح ، تاريخ الاسلام للذهبي ج 2 ص 92 ، تهذيب التهذيب للذهبي ص 134 ، البداية والنهاية لابن كثير ج 2 ص 59 ، تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12 ص 441 ، كنز العمال ج 13 ص 126 ط 2 حيدر اباد ، منتخب الكنز بهامش المسند لاحمد ج 5 ص 284 ، الخصائص للسيوطي ج 2 ص 295 ط عبد اللطيف بمصر ، الجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 168 ط مصر ، طرح التثريب ص 169 ط جمعية النشر بمصر ، ارشاد الساري ج 6 ص 168 ، البيان والتعريف للحمزاوي ج 1 ص 123 ، وسيلة المال ص 80 ، حسن الاسوة ص 31 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 214 ، ارجح المطالب ص 240 و 243 .
( 561 )
وسلم : « خير نساء العالمين أربع ثم ذكرهن »
( 771 ) وقال : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون »
( 772 ) إلى كثير من أمثال هذه النصوص وهي من أصح الاثار النبوية وأثبتها
(1) .
على أنه لا يمكن القول بأن عائشة أفضل
____________
(1) وقد اوردنا جملة منها في المطلب الثاني من كلمتنا الغراء ، فليراجعها من أراد الاستقصاء ( منه قدس ) .
( 771 ) قول الرسول ( ص ) : « خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد » .
يوجد في : الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي بهامش الاصابة ج 4 ص 377 وص 284 و 285 ، الاصابة لابن حجر العسقلاني الشافعي ج 4 ص 378 ، اسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الاثير الجزري الشافعي ج 5 ص 437 ، ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري ص 44 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 204 و 218 ط الحيدرية وص 173 ط اسلامبول .
( 772 ) يوجد في : صحيح الترمذي ج 5 ص 367 ح 3981 ط دار الفكر ، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 157 و 158 ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ج 3 ص 158 ، الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي مطبوع بهامش الاصابة ج 4 ص 285 و 377 ، الاصابة لابن حجر العسقلاني الشافعي ج 4 ص 378 ، ذخائر العقبى لمحب الطبري ص 43 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 172و 183 و 198 ط اسلامبول وص 199 وصححه و 202 و 234 ط الحيدرية ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 363 ح 409 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 129 ، مصابيح السنة للبغوي الشافعي ج 2 ص 283 ، احقاق الحق ج 10 ص 59 ، مشكل الآثار للطحاوي ج 1 ص 48 ، معالم التنزيل للبغوي الشافعي ج 1 ص 291 ، تفسير
=
( 562 )
ممن عدا خديجة من أمهات المؤمنين . والسنن المأثورة ، والاخبار المسطورة ، تأبى تفضيلها عليهن ، كما لا يخفى على أولي الالباب ، وربما كانت ترى انها أفضل من غيرها ، فلا يقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ، كما اتفق هذا مع ام المؤمنين صفية بنت حيي ، إذ دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها وهي تبكي ، فقال لها : « ما يبكيك ؟
قالت : بلغني ان عائشة وحفصة تنالان مني ، وتقولان نحن خير من صفية ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : ألا قلت لهن كيف تكن خيرا مني ، وأبي هارون ، وعمي موسى ، وزوجي
محمد »
(1) ( 773 ) . ومن تتبع حركات أم
____________
(1) أخرجه الترمذي من طريق كنانة مولى أم المؤمنين صفية ، وأورده ابن عبد البر في ترجمة صفية من الاستيعاب ، وابن حجر في ترجمتها من الاصابة ، والشيخ رشيد رضا في آخر ص 589 من المجلد 12 من مناره ، وغير واحد من نقلة الآثار ( منه قدس ).
=
الخازن ج 1 ص 291 ، مشكاة المصابيح ج 3 ص 268 ، كنز العمال ج 13 ص 127 ط 2 حيدر آباد ، تهذيب التهذيب للذهبي ص 134 ، البداية والنهاية لابن كثير ج 2 ص 61 ، تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12 ص 441 ، طرح التثريب ج 1 ص 149 ، الكشف والبيان للثعلبي مخطوط ، الخصائص للسيوطي ج 2 ص 265 ، الجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 505 ، الثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة للسيوطي ص 13، جمع الوسائل للهروي ج 1 ص 270 ، أرجح المطالب ص 243 ، شرح ثلاثيات مسند أحمد ج 2 ص 511 ، وسيلة المال ص 80 ، جمع الفوائد من جامع الاصول للفاسي ج 2 ص 233 ، الفتح الكبير للنبهاني 2 ص 72 ، مفتاح النجا للبدخشي مخطوط ، السيف اليماني المسلول ص 20 ، فرائد السمطين ج 2 ص 44 ح 376 .
( 773 ) أفضلية صفية على عائشة وحفصة :
راجع : صحيح الترمذي ج 5 ص 367 ح 3983 و 3984 ، الاصابة لابن
=
( 563 )
المؤمنين عائشة في أفعالها وأقوالها وجدها كما نقول .
( 774 )
3 ـ اما إعراضنا عن حديثها في الوصية فلكونه ليس بحجة ، ولا تسألني عن التفصيل ، والسلام.
ش
طلب التفصيل في سبب الاعراض عن حديثها

إنك ممن لا يدالس
(1) ، ولا يوالس
(2) ولا يدامج
(3) ولا يحدج
(4) بسوء ، في
نجوة
(5) من التبعات
(6) ، ومنتزح من التهم ، وانا والحمد لله ممن لا يندد ،
____________
(1) لا يخادع .
(2) لا يغش .
(3) لا يظهر غير ما يبطن .
(4) لا يرمي .
(5) النجوة : المكان المرتفع لا يعلوه السيل ، وهي هنا من الاستعارات البديعة .
(6) جمع تبعة وهي ما يلحق الانسان من المطالبة بظلامة ونحوها .
=
حجر العسقلاني الشافعي ج 4 ص 347 ، الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي مطبوع بهامش الاصابة ج 4 ص 348 ، أسد الغابة لابن الاثير الجزري ج 5 ص 491 ، المستدرك للحاكم ج 4 ص 29 ، مصابيح السنة للبغوي الشافعي ج 2 ص 283 .
( 774 ) راجع في ذلك : كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة القسم الاول ص 15 ـ إلى آخر الكتاب ط الحيدري في طهران .
( 564 )
ولا يبحث عن عثرة ، ولا يتتبع عورة ، والحق ضالتي التي انشدها ، فسؤالي إياك عن التفصيل مما لا يسعني تركه ، واجابتك اياي إلى البيان مما لا بد منه .
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وأبشر وقر بذاك منك عيــونـــا

ووسيلتي إليك في ذلك ، إنما هي آية الذكر الحكيم (
ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) ، والسلام .
س
1 ـ تفصيل الاسباب في الاعراض عن حديثها
2 ـ العقل يحكم بالوصية
3 ـ دعواها بأن النبي قضى وهو في صدرها معارضة

1 ـ ابيت ـ أيدك الله ـ إلا التفصيل ، حتى اضطررتني اليه ، وانت عنه في غنية تامة لعلمك بأنا من هاهنا أتينا وإن هنا مصرع الوصية ، ومصارع النصوص الجلية ، وهنا مهالك الخمس والارث والنحلة ، وهاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة
(1) ( 775 ) ، حيث جابت في حرب أميرالمؤمنين
____________
(1) بحكم صحاح السنة ، فراجع من صحيح البخاري باب ما جاء في
=
( 775 ) عن عبدالله بن عمر قال : « قام النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال : هاهنا الفتنة ـ ثلاثا ـ من حيث يطلع قرن الشيطان » .
( 565 )
الامصار ، وقادت في انتزاع ملكه وإلغاء دولته ذلك العسكر الجرار .
وكان ما كان مما لست اذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر

فالاحتجاج على نفي الوصية إلى علي بقولها ـ وهي من الد خصومه ـ مصادرة لا تنتظر من منصف ، وما يوم علي منها بواحد ، وهل إنكار الوصية الا دون يوم الجمل الاصغر
(1) ، ويوم الجمل الاكبر
( 776 ) ، اللذين ظهر بهما المضمر ،
____________
=
بيوت أزواج النبي من كتاب الجهاد والسير ص 125 من جزئه الثاني ، تجد التفصيل ( منه قدس ).
(1) كانت فتنة الجمل الاصغر في البصرة لخمس بقين من ربيع الثاني سنة 36 قبل ورود أميرالمؤمنين إلى البصرة ، حيث هاجمتها ام المؤمنين ومعها طلحة والزبير وفيها عامله عثمان بن حنيف الانصاري ، فقتل أربعون رجلا من شيعة علي ( ع ) في المسجد وسبعون آخرون منهم في مكان آخر ، وأسر عثمان بن حنيف وكان من فضلاء الصحابة ، فأرادوا قتله ، ثم خافوا ان يثأر له أخوه سهل والانصار ، فنتفوا لحيته وشاربيه وحاجبيه ورأسه ، وضربوه وحبسوه ، ثم طردوه من البصرة ؛ وقابلهم حكيم بن جبلة في جماعة من عشيرته عبدالقيس وهو سيدهم ، وكان من أهل البصائر والحفاظ والنهي ، وتبعه جماعة من ربيعة فما
=
=
يوجد في : صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب ما جاء في بيوت أزواج النبي ج 4 ص 46 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 4 ص 100 ط مطابع الشعب .
( 776 ) يوم الجمل :
راجع في ذلك : كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة القسم الاول ص 121 ـ 200 ط الحيدري في طهران ، كتاب الجمل للشيخ المفيد ط الحيدرية ، وما تقدم تحت رقم ( 443 و 444 ) .
( 566 )
وبرز بهما المستتر ، ومثل بهما شأنها من قبل خروجها على وليها ، ووصي نبيها ، ومن بعد خروجها عليه إلى ان بلغها موته ، فسجدت لله شكرا ، ثم أنشدت
(1) :
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالاياب المسافر ( 777 )

وان شئت ضربت لك من حديثها مثلا يريك أنها كانت في أبعد الغايات ، قالت
(2) : « لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، واشتد به وجعه ، خرج وهو بين رجلين تخط رجلاه في الارض ، بين عباس بن عبدالمطلب ورجل آخر ، قال المحدث عنها ـ وهو عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة بن مسعود ـ فأخبرت عبدالله بن عباس عما قالت عائشة ، فقال لي ابن
____________
=
بارحوا الهيجاء حتى استشهدوا بأجمعهم ، واستشهد مع حكيم ابنه الاشرف ، واخوه الرعل ، وفتحت البصرة ، ثم جاء علي فاستقبلته عائشة بعسكرها ، وكانت وقعة الجمل الاكبر ، وتفصيل الوقعتين في تاريخي ابن جرير وابن الاثير وغيرهما من كتب السير والاخبار ( منه قدس ) .
(1) فيما أخرجه الثقات من أهل الاخبار كأبي الفرج الاصفهاني في آخر أحوال علي من كتابه ـ مقاتل الطالبيين ـ ( منه قدس ) .
(2) فيما أخرجه البخاري عنها في باب مرض النبي ووفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، ص 62 من الجزء 3 من صحيحه ( منه قدس ) .
( 777 ) سجود عائشة لله شكرا لما قتل علي ( ع ) :
راجع : مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصبهاني ص 43 ، أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد العسكري ق 1 ص 203 ، كتاب الجمل للشيخ المفيد ص 83 ـ 84 .
( 567 )
عباس : هل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة ؟ قال : قلت : لا . قال ابن عباس : هو علي بن ابي طالب ، ثم
قال
(1) : ان عائشة لا تطيب له نفسا بخير اهـ . »
( 778 ) قلت : اذا كانت لا تطيب له نفسا بخير ، ولا تطيق ذكره فيمن مشى معه النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطوة ، فكيف تطيب له نفسا بذكر الوصية ، وفيها الخير كله ؟ وأخرج الامام احمد من حديث عائشة في ص 113 من الجزء السادس من مسنده عن عطاء بن يسار ، قال : « جاء رجل فوقع في علي وفي عمار عند عائشة ، فقالت : أما علي فلست قائلة لك فيه شيئا ، وأما عمار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول فيه : لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما » اهـ .
( 779 ) .
____________
(1) هذه الكلمة بخصوصها ـ أعني قول ابن عباس : إن عائشة لا تطيب له نفسا بخير ـ تركها البخاري واكتفى بما قبلها من الحديث جريا على عادته في أمثال ذلك ، لكن كثيرا من أصحاب السنن اخرجوها بأسانيدهم الصحيحة ، وحسبك منهم ابن سعد في ص 29 من القسم الثاني من الجزء الثاني من طبقاته ، إذ أخرجها عن احمد بن الحجاج عن عبدالله بن مبارك عن يونس ومعمر عن الزهري عن عبيدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس ، ورجال هذا السند كلهم حجج . ( منه قدس ) .
( 778 ) راجع : الطبقات لابن سعد ق 2 ج 2 ص 29 بسند صحيح ط ليدن وج 2 ص 232 ط دار صادر في بيروت ، صحيح البخاري باب مرض النبي ووفاته ج 5 ص 139 ـ 140 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 3 ص 93 ط دار احياء الكتب وج 6 ص 13 ط محمد علي صبيح وج 6 ص 10 ط الفجالة وج 3 ص 59 ط الميمنية بمصر . ولكن البخاري أسقط لفظة « أن عائشة لا تطيب له نفساً بخير » وهي موجودة في الطبقات بسند صحيح ، السيرة الحلبية ج 3 ص 344 .
( 779 ) يوجد في : مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 113 ط الميمنية بمصر .
( 568 )

وَيْ وَيْ ، تحذر ام المؤمنين من الوقيعة بعمار لقول النبي صلى الله عليه وآله
وسلم : لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما ، ولا تحذر من الوقيعة في علي وهو أخو النبي ووليه ، وهارونه ونجيه ، وأقضى أمته ، وباب مدينته ، ومن يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، أول الناس اسلاما ، واقدمهم إيمانا ، وأكثرهم علماً وأوفرهم مناقب ، وي ، كأنها لا تعرف منزلته من الله عزوجل ، ومكانته من قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومقامه في الاسلام وعظيم عنائه ، وحسن بلائه ، وكأنها لم تسمع في حقه من كتاب الله وسنة نبيه شيئا يجعله في مصاف عمار ، ولقد حار فكري والله في قولها : « لقد رأيت النبي وإني لمسندته إلى صدري فدعا بالطست ، فانخنث فمات ، فما شعرت فكيف أوصى إلى علي » ؟ وما أدري في أي نواحي كلامها هذا أتكلم ، وهو محل البحث من نواحي شتى ، وليت أحدا يدري كيف يكون موته ـ بأبي وأمي ـ وهو على الحال التي وصفتها دليلا على أنه لم يوص ، فهل كان من رأيها ان الوصية لا تصح إلا عند الموت ، كلا ، ولكن حجة من يكابر الحقيقة داحضة كائنا من كان ، وقد قال الله عزوجل مخاطبا لنبيه الكريم في محكم كتابه الحكيم : (
كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) فهل كانت أم المؤمنين تراه صلى الله عليه وآله وسلم ، لكتاب الله مخالفا ؟ وعن أحكامه صادفا ؟ معاذ الله وحاشا لله ، بل كانت تراه يقتفي أثره ، ويتبع سوره ،
سباقا إلى التعبد بأوامره ونواهيه ، بالغا كل غاية من غايات التعبد بجميع ما فيه ، ولا أشك في أنها سمعته يقول
(1) : « ما حق امرئ مسلم له شيء
____________
(1) فيما أخرجه البخاري في أول كتاب الوصايا من صحيحه ص 83 من جزئه الثاني .وأخرجه مسلم في كتاب الوصية ص 10 من الجزء الثاني من صحيحه . ( منه قدس ) .
( 569 )
يوصي فيه ان يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده »
( 780 ) اهـ . أو سمعت نحوا من هذا ، فإن أوامره الشديدة بالوصية مما لا ريب في صدوره منه ، ولا يجوز عليه ولا على غيره من الانبياء صلوات الله عليهم أجمعين ، أن يأمروا بالشيء ، ثم لا يأتمرون به ،
أو يزجروا عن الشيء ، ثم لا ينزجرون عنه ، تعالى الله عن إرسال من هذا شأنه علوا كبيرا .

أما ما رواه مسلم وغيره عن عائشة إذ قالت : ما ترك رسول الله دينارا ولا درهما ، ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء ، فإنما هو كسابقه ، على أنه يصح ان يكون مرادها أنه ما ترك شيئا على التحقيق ، وأنه انما كان صفرا من كل شيء يوصي به ، نعم لم يترك من حطام الدنيا ما يتركه أهلها ، إذ كان أزهد العالمين فيها ، وقد لحق بربه عزوجل وهو مشغول الذمة بدين
(1) ( 781 ) وعدات ، وعنده
____________
(1) فعن معمر عن قتادة : أن عليا قضى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشياء بعد وفاته كان عامتها عدة حسبت انه قال خمس مئة الف درهم ، الحديث ، فراجعه في ص 60 من الجزء الرابع من كنز العمال وهو الحديث 1170 من أحاديثه ( منه قدس ) .
( 780 ) يوجد في : صحيح البخاري كتاب الوصية في أوله ج 3 ص 186 أفست دار الفكر وج 2 ص 124 ط دار احياء الكتب وج 4 ص 2 ط مطابع الشعب وط محمد علي صبيح وج 2 ص 84 ط المعاهد وج 2 ص 132 ط الشرفية وج 4 ص 3 ط الفجالة وج 2 ص 78 ط الميمنية بمصر وج 3 ص 82 ط بمبي ، صحيح مسلم كتاب الوصية ج 5 ص 70 ط محمد علي صبيح وج 2 ص 11 ط عيسى الحلبي وج 12 ص 74 ط مصر بشرح النووي ، موطأ مالك ج 2 ص 228 ط دار احياء الكتب العربية ، الفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 91 .
( 781 ) الدين الذي كان على النبي ( ص ) . راجع : كنز العمال ج 4 ص 60 ح 1170 ط قديم .
( 570 )
أمانات تستوجب الوصية ، وترك مما يملكه شيئا يقوم بوفاء دينه ، وانجاز عداته ويفضل عنهما شيء يسير لوارثه ، بدليل ما صح من مطالبة الزهراء بإرثها
(1) عليها السلام
( 782 ) .
____________
(1) كما أخرجه البخاري في أواخر باب غزوة خيبر ، من صحيحه ص 37 من جزئه الثالث . وأخرجه مسلم في باب قول النبي : لا نورث ما تركناه فهو صدقة ، من كتاب الجهاد من صحيحه ص 72 من جزئه الثاني ( منه قدس ) .
( 782 ) مطالبة الزهراء بإرثها :
يوجد في : صحيح البخاري كتاب المخازي باب غزوة خيبر ج 5 ص 82 أفست دار الفكر على ط استانبول ، وج 3 ص 55 دار احياء الكتب وج 3 ص 38 ط المعاهد وج 3 ص 39 ط الشرفية وج 5 ص 177 ط محمد علي صبيح ومطابع الشعب وج 5 ص 115 ط الفجالة وج 3 ص 35 ط الميمنية بمصر وج 5 ص 19 ط بمبي وج 3 ص 40 ط الخيرية بمصر ، وأيضا في كتب الجهاد والسير باب فرض الخمس ، صحيح مسلم كتاب الجهاد باب قول النبي لا نورث ج 5 ص 153 ط محمد علي صبيح وط المكتبة التجارية وج 2 ص 81 ط عيسى الحلبي وج 12 ص 76 ط مصر بشرح النووي ،
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 217 و 218 و 219 و 228 و 232 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 4 ص 81 و 82 و 87 ط 1 بمصر ، كتاب أبوهريرة للسيد شرف الدين ص 137 ، تاريخ الطبري ج 3 ص 208 ، النص والاجتهاد ص 55 ـ 66 .
خطبة الزهراء في المسجد :
راجع : بلاغات النساء لابي الفضل أحمد بن أبي طيفور البغدادي ص 14 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 78 ـ 79 و 93 ط 1 بمصر وج 16 ص 211 و 249 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، أعلام النساء لعمر رضا كحالة ج 3 ص 1219 .
( 571 )

2 ـ على ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قد ترك من الاشياء المستوجبة للوصية ما لم يتركه أحد من العالمين ، وحسبك أنه ترك دين الله القويم في بدء فطرته وأول نشأته ، ولهو أحوج إلى الوصي من الذهب والفضة ، والدار والعقار ، والحرث والانعام ، وان الامة بأسرها ليتاماه وأياماه ، المضطرون إلى وصيه ليقوم مقامه في ولاية أمورهم ، وإدارة شؤونهم الدينية والدنيوية ، ويستحيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن يوكل دين الله ـ وهو في مهد نشأته ـ إلى الاهواء ، أو يتكل
في حفظ شرائعه على الآراء ، من غير وصي يعهد بشؤون الدين والدنيا اليه ، ونائب عنه يعتمد ـ في النيابة العامة ـ عليه ، وحاشاه ان يترك يتاماه ـ وهم اهل الارض في الطول والعرض ـ كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ، ليس لها من يرعاها حق رعايتها ، ومعاذ الله ان يترك الوصية بعد ان أوحي بها اليه ، فأمر أمته بها وضيق عليهم فيها . فالعقل لا يصغي إلى إنكار الوصية مهما كان منكرها جليلا ، وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى علي في مبدأ الدعوة الاسلامية ، قبل ظهورها في مكة حين أنزل الله سبحانه (
وأنذر عشيرتك الاقربين ) كما بيناه ـ في المراجعة 20 ـ ولم يزل بعد ذلك يكرر وصيته اليه ، ويؤكدها المرة بعد المرة بعهوده التي أشرنا فيما سبق من هذا الكتاب إلى كثير منها ، حتى أراد وهو محتضر ـ بأبي وأمي ـ ان يكتب وصيته إلى علي تأكيدا لعهوده اللفظية اليه ، وتوثيقا لعرى نصوصه
القولية عليه ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله
(1) (783 ) . اهـ . » وعندها علم ( ص ) أنه
____________
(1) أخرجه بهذه الالفاظ محمد بن اسماعيل البخاري في باب جوائز الوفد
=
( 783 ) يوجد في : صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب جوائز الوفد ج 4
=
( 572 )
لم يبق ـ بعد كلمتهم هذه ـ أثر لذلك الكتاب الا الفتنة ، فقال لهم : قوموا . واكتفى بعهوده اللفظية ، ومع ذلك فقد أوصاهم عند موته بوصايا ثلاث : ان يولوا عليهم عليا ، وان يخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وان يجيزوا الوفد بنحو ما كان يجيزه ، لكن السلطة والسياسة يومئذ ما أباحتا للمحدثين ان يحدثوا بوصيته الاولى ، فزعموا أنهم نسوها .

قال البخاري في آخر الحديث المشتمل على قولهم هجر رسول الله
(1) ما هذا لفظه : « وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه ـ ثم قال ـ ونسيت الثالثة وكذلك قال مسلم في صحيحه ، وسائر أصحاب السنن والمسانيد
( 784 ) .
____________
=
من كتاب الجهاد والسير من صحيحه ص 118 من جزئه الثاني ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، واحمد بن حنبل من حديث ابن عباس في مسنده ، وسائر أصحاب السنن والمسانيد ( منه قدس ) .
(1) فراجعه في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير ص 118 من الجزء الثاني من صحيحه ( منه قدس ) .
=
ص 31 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 4 ص 85 ط مطابع الشعب وط محمد علي صبيح وج 2 ص 178 ط دار احياء الكتب وج 2 ص 120 ط المعاهد وج 2 ص 125 ط الشرفية وج 4 ص 55 ط الفجالة وج 2 ص 111 ط الميمنية بمصر وج 3 ص 115 ط بمبي . صحيح مسلم كتاب الوصية ج 5 ص 75 ط محمد علي صبيح وط المكتبة التجارية وج 2 ص 11 ط عيسى الحلبي وج 11 ص 89 ـ 93 ط مصر بشرح النووي .
( 784 ) مصادره نفس المصادر المتقدمة تحت رقم ( 783 ) .
( 573 )

3 ـ أما دعوى أم المؤمنين بان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لحق بربه تعالى وهو في صدرها فمعارضة بما ثبت من لحوقه صلى الله عليه وآله وسلم ، بالرفيق الاعلى وهو في صدر أخيه ووليه ، علي بن ابي طالب ، بحكم الصحاح المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة
( 785 ) ، وحكم غيرها من صحاح اهل السنة كما يعلمه المتتبعون ، والسلام .
ش
1 ـ لا تستسلم ام المؤمنين في حديثها إلى العاطفة
2 ـ الحسن والقبح العقليان منفيان
3 ـ البحث عما يعارض دعوى ام المؤمنين
( 785 ) مات النبي ( ص ) وهو في صدر علي ( ع ) :
أما من طريق أهل البيت فقد تواترت الاحاديث عنهم .
وأما من طريق غيرهم فراجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 3 ص 14 ح 1027 و 1028 ، مجمع الزوائد ج 9 ص 36 و 122 ، نهج البلاغة بشرح محمد عبده ج 3 ص 389 وبشرح ابن أبي الحديد ج 2 ص 571 أفست بيروت وج 10 ص 265 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 262 و 263 .
ونقله في احقاق الحق ج 8 عن : أرجح المطالب للشيخ عبيدالله الحنفي ص 595 ط لاهور ، تاريخ المدينة للسمهودي ج 1 ص 23 ، كنز العمال ج 7 ص 179 ط 1 حيدر اباد ، المناقب المرتضوية للكشفي الحنفي ص 269 ط بمبي .
( 574 )

1 ـ المحور الذي يدور عليه كلامكم مع أم المؤمنين في حديثها الصريح بعدم الوصية أمران :

احدهما : أن انحرافها عن الامام يأبى عليها ـ فيما زعمتم ـ الا نفي الوصية اليه ، والجواب : ان المعروف من سيرتها أنها لا تستسلم في حديثها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى العاطفة ، ولا تراعي فيه الغرض ، فلا
تتهم فيما تنقله عن النبي سواء عليها أكان ذلك خاصا بمن تحب ، أم كان خاصا بمن تبغض ، وحاشا لله ان تستحوذ عليها الاغراض ، فتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بغير الواقع ، إيثارا لغرضها على الحق .

2 ـ الثاني : ان العقل بمجرده يمنع ـ فيما زعمتم ـ من تصديق هذا الحديث لامتناع مؤداه عقلا ، فانه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ان يترك دين الله عزوجل وهو في أول نشأته ، وعباد الله تعالى وهم ، في أول فطرتهم الجديدة ، ثم يرتحل عن غير وصي يعهد اليه بأمورهم ، والجواب ان هذا مبني على الحسن والقبح العقليين ، وأهل السنة لا يقولون بهما ، فإن العقل عندهم لا يفضي بحسن شيء ما أصلا ، ولا بقبح شيء ما على الاطلاق ، وان الحاكم بالحسن والقبح في جميع الافعال إنما هو الشرع لا غير ، فما حسنه الشرع فهو الحسن ، وما قبحه فهو القبيح ، والعقل لا معول عليه في شيء من ذلك بالمرة .

3 ـ أما ما أشرتم اليه ـ في آخر المراجعة 74 ـ من معارضة أم المؤمنين في دعواها ، بأن النبي قضى وهو في صدرها ، فلا نعرف مما يعارضها حديثا واحدا من طريق أهل السنة ، فان كان لديكم شيء منه فتفضلوا به ، والسلام .
س
( 575 )
1 ـ استسلامها إلى العاطفة
2 ـ ثبوت الحسن والقبح العقليين
3 ـ الصحاح المعارضة لدعوى أم المؤمنين
4 ـ تقديم حديث أم سلمة على حديثها

1 ـ ذكرتم في الجواب عن الامر الاول أن المعروف من سيرة السيدة أنها لا تستسلم إلى العاطفة ، ولا تراعي في حديثها شيئا من الاغراض ، فأرجو أن تتحللوا من قيود التقليد والعاطفة ، وتعيدوا النظر إلى سيرتها فتبحثوا مع من تحب ومع من تبغض ، بحث إمعان وروية ، فهناك العاطفة بأجلى مظاهرها ، ولا تنس سيرتها مع عثمان قولا وفعلا
(1) ( 786 ) ووقائعها مع علي وفاطمة
____________
(1) دونك ص 77 من المجلد الثاني من شرح النهج لعلامة المعتزلة ، وص 457 وما بعدها ، وص 497 وما بعدها ، من المجلد المذكور ، تجد من سيرتها مع عثمان وعلي وفاطمة ما يريك العاطفة بأجلى المظاهر . ( منه قدس )
( 786 ) سيرة عائشة مع عثمان واختلافها معه :
راجع : أحاديث أم المؤمنين عائشة للعسكري ق 1 ص 58 و 103 ـ 111 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 152 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص
77 و 486 أفست بيروت وج 6 ص 215 ـ 216 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 2 ص 408 ط دار مكتبة الحياة في بيروت ، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 2 ص 192 ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 61 و 64 ، تاريخ
=
( 576 )
والحسن والحسين سرا وعلانية ، وشؤونها مع أمهات المؤمنين بل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن هناك العاطفة والغرض
( 787 ) .

وحسبك مثالا لهذا ما أيدته ـ نزولا على حكم العاطفة ـ من إفك أهل الزور إذ قالوا ـ بهتانا وعدوانا في السيدة مارية وولدها ابراهيم عليه السلام ـ ما قالوا ، حتى برأهما الله عزوجل من ظلمهم براءة ـ على يد أميرالمؤمنين ـ محسوسة ملموسة
(1) ( 788 ) ، (
ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا
____________
(1) من أراد تفصيل هذه المصيبة فليراجع أحوال السيدة مارية رضي الله عنها . في ص 39 من الجزء الرابع من المستدرك للحاكم ، أو من تلخيصه للذهبي ( منه قدس ) .
=
الطبري ج 4 ص 407 و 459 و 465 ، الكامل في التاريخ لابن الاثير ج 3 ص 206 ، تاج العروس للزبيدي ج 8 ص 141 ، لسان العرب لابن منظور ج 14 ص 193 ، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 45 ، العقد الفريد ج 4 ص 295 ـ 306 ط لجنة التأليف والنشر بمصر وج 2 ص 267 و 272 ط آخر ، الغدير للأميني ج9 ص77 ، الطبقات لابن سعد ج5 ص36 ط بيروت ، أنساب الأشراف للبلاذري ج5 ص70 و75 و91 ، تاريخ أبي الفداء ج1 ص172 ، النص والأجتهاد ص 419 .
سيرة عائشة مع علي ( ع ) :
راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 77 و 437 ط 1 بمصر وج 6 ص 216 ـ 218 وج 9 ص 193 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، كتاب الجمل للشيخ المفيد ص 81 ، النص والأجتهاد ص 423 ـ 458 .
( 787 ) غيرة عائشة من زوجات النبي :
راجع : كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد العسكري ق 1 ص 15 ـ 32 ط الحيدرية في طهران ، النص والأجتهاد ص 413 .
( 788 ) عائشة مع مارية زوجة النبي :
=
( 577 )
خيرا )
( 789 ) وإن أردت المزيد ، فاذكر نزولها عند حكم العاطفة إذ قالت
(1) لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إني أجد منك ريح مغافير »
( 790 ) ليمتنع عن أكل العسل من بيت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها ، وإذا كان هذا الغرض التافه يبيح لها أن تحدث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عن نفسه بمثل هذا الحديث ، فمتى نركن إلى نفيها الوصاية إلى علي عليه السلام ؟ ولا تنس نزولها عند حكم العاطفة يوم زفت أسماء بنت النعمان عروسا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالت لها
(2) : ان النبي ليعجبه من
____________
(1) فيما أخرجه البخاري في تفسير سورة التحريم من صحيحه ص 136 من جزئه الثالث ، فراجع واعجب : وهناك عدة أحاديث عن عمر أن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله انهما عائشة وحفصة ، وثمة حديث طويل كله من هذا القبيل ( منه قدس ) .
(2) فيما أخرجه الحاكم في ترجمة أسماء من صحيحه المستدرك ص 37 من جزئه الرابع ؛ وأخرجه ابن سعد في ترجمتها ايضاً ص 104 من الجزء الثامن من الطبقات ، والقضية مشهورة نقلها في ترجمة أسماء كل من صاحبي الاستيعاب والاصابة . وأخرجها ابن جرير وغيره ( منه قدس ) .
=
راجع : أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد العسكري ، النص والاجتهاد ص 413 .
( 789 ) سورة الاحزاب آية : 25 .
( 790 ) يوجد ذلك في : صحيح البخاري كتاب التفسير باب سورة التحريم ج 6 ص 68 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 6 ص 194 ط 1 الفجالة وج 3 ص الميمنية بمصر ، سنن النسائي ج 6 ص 151 وج 7 ص 71 أفست على ط حيدر آباد ، النص والاجتهاد ص 414 وذكره أكثر المفسرين في تفسير قوله تعالى ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) راجع ما يأتي تحت رقم ( 811 ) .
( 578 )
المرأة اذا دخل عليها أن تقول له : أعوذ بالله منك
( 791 ) ، وغرضها من ذلك تنفير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عروسه ، واسقاط هذه المؤمنة البائسة من نفسه ، وكأن أم المؤمنين تستبيح مثل هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ترويجا لغرضها ، حتى لو كان تافها أو كان حراما ، وكلفها صلى الله عليه وآله وسلم ، مرة بالاطلاع على امرأة مخصوصة لتخبره عن حالها فأخبرته ـ ايثارا لغرضها ـ بغير ما رأت
(1) ( 792 ) ، وخاصمته صلى الله عليه وآله وسلم ، يوما إلى ابيها ـ نزولا على حكم العاطفة ـ فقالت له : اقصد
(2) ، فلطمها أبوها حتى سال الدم على ثيابها
( 793 ) ، وقالت له مرة في
____________
(1) تفصيل هذه الواقعة في كتب السنن والأخبار ، فراجع ص 294 من الجزء السادس من كنز العمال ، أو ص 115 من الجزء الثامن من طبقات ابن سعد حيث ترجم شراف بنت خليفة ( منه قدس ) .
(2) اقصد : فعل أمر من القصد وهو العدل وهذه القضية أخرجها أصحاب السنن والمسانيد، فراجع الحديث 1020 من احاديث الكنز وهو في ص 116 من الجزء السابع وأوردها الغزالي في الباب الثالث من كتاب
=
( 791 ) عائشة كانت سببا في تحريم أسماء على النبي ( ص ) :
راجع : الاصابة لابن حجر ج 4 ص 233 ـ 234 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 69 ، أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد العسكري ق 1 ص 21 ، النص والاجتهاد ص 413 ط بيروت ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص145 ط بيروت .
( 792 ) اخبار عائشة لرسول الله ( ص ) خلاف ما رأت :
راجع : طبقات ابن سعد ج 8 ص 161 ط دار صادر في بيروت ، تاريخ بغداد ترجمة محمد بن أحمد أبي بكر المؤدب ، عيون الاخبار ـ ك ـ النساء ـ ، عبقات الانوار ( حديث الثقلين ) ج 2 ص 334 ، النص والاجتهاد ص417 .
( 793 ) كنز العمال ج 7 ص 116 ح 1020 ط حيدر اباد ، النص والاجتهاد ص417 .
=
( 579 )
كلام غضبت عنده
(1) : « أنت الذي تزعم أنك نبي الله ؟ »
( 794 ) ، إلى كثير من أمثال هذه الشؤون ، والاستقصاء يضيق عنه هذا الاملاء ، وفيما أوردناه كفاية لما أردناه .

2 ـ وقلتم في الجواب عن الامر الثاني ان أهل السنة لا يقولون بالحسن والقبح
العقليين إلى آخر كلامكم في هذا الموضوع ؛ وأنا أربأ بكم عن هذا القول ، فإنه شبيه بقول السوفسطائية الذين ينكرون الحقائق المحسوسة ، لان من الافعال ما نعلم بحسنه ، وترتب الثناء والثواب على فعله ، لصفة ذاتية له قائمة به ، كالإحسان والعدل من حيث هما إحسان وعدل ، ومنها ما نعلم بقبحه وترتب الذم والعقاب على فعله لصفته الذاتية القائمة به ، كالاساءة والجور من حيث هما إساءة وجور ، والعاقل يعلم أن ضرورة قاضية بذلك ، وليس جزم العقلاء بهذا أقل من جزمهم بكون الواحد نصف الاثنين ، والبداهة الاولية قاضية بالفرق بين من أحسن اليك دائما ، وبين من أساء اليك دائما ، إذ يستقل العقل بحسن فعل الاول معك ، واستحقاقه للثناء والثواب منك ، وقبح فعل الثاني واستحقاقه للذم والقصاص ، والمشكك في ذلك مكابر لعقله ، ولو كان الحسن والقبح
____________
=
النكاح ص 35 من الجزء الثاني من احياء العلوم ؛ ونقلها أيضا في الباب 94 من كتابه مكاشفة القلوب آخر ص 238 ، فراجع ( منه قدس ) .
(1) كما نقله الغزالي في البابين المذكورين من الكتابين المسطورين ( منه قدس ) .
=
وقريب منه في : احياء علوم الدين للغزالي كتاب آداب النكاح الباب الثالث ج 2 ص 29 ط مصر .
( 794 ) يوجد في : احياء علوم الدين للغزالي كتاب آداب النكاح الباب الثالث من ج 2 ص 29 ط مصر ، النص والاجتهاد ص418 .
( 580 )
فيما ذكرناه شرعيين ، لما حكم بهما منكر والشرائع كالزنادقة والدهرية ، فإنهم مع إنكارهم الاديان يحكمون بحسن العدل والاحسان ، ويرتبون عليهما ثناءهم وثوابهم ، ولا يرتابون في قبح الظلم والعدوان ، ولا في ترتيب الذم والقصاص على فعلهما ، ومستندهم في هذا إنما هو العقل لا غير ، فدع عنك قول من يكابر العقل والوجدان ، وينكر ما علمه العقلاء كافة ، ويحكم بخلاف ما تحكم به فطرته التي فطر عليها ، فإن الله سبحانه فطر عباده على إدراك بعض الحقائق بعقولهم كما فطرهم على الادراك بحواسهم ومشاعرهم ، ففطرتهم توجب أن يدركوا بعقولهم حسن العدل ونحوه ، وقبح الظلم ونحوه ، كما يدركون بأذواقهم حلاوة العسل ومرارة العلقم ، ويدركون بمشامهم طيب المسك ونتن الجيف ، ويدركون بملامسهم لين اللين وخشونة الخشن ، ويمييزون بأبصارهم بين المنظرين الحسن والقبيح ، وبأسماعهم بين الصوتين : صوت المزامير وصوت الحمير ، تلك فطرة الله (
التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
( 795 ) .

وقد أراد الاشاعرة أن يبالغوا في الايمان بالشرع والاستسلام لحكمه ، فأنكروا حكم العقل ، وقالوا : لا حكم إلا للشرع ، ذهولا منهم عن القاعدة العقلية المطردة ـ وهي كل ما حكم به العقل حكم به الشرع ـ ولم يلتفتوا إلى أنهم قطعوا خط الرجعة بهذا الرأي على انفسهم ، فلا يقوم لهم بعده على ثبوت الشرع دليل ، لان الاستدلال على ذلك بالادلة الشرعية دوري لا تتم به حجة ، ولولا سلطان العقل لكان الاحتجاج بالنقل مصادرة ، بل لولا العقل ما
( 795 ) سورة الروم آية : 30 .
( 581 )
عبدالله عابد ، ولا عرفه من خلقه كلهم واحد ، وتفصيل الكلام في هذا المقام موكول إلى مظانه من مؤلفات علمائنا الاعلام .

3 ـ أما دعوى أم المؤمنين بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قضى وهو في صدرها فمعارضة ، بصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة
( 796 ) وحسبك من طريق غيرهم ما أخرجه ابن سعد
(1) بالاسناد إلى علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في مرضه :
« ادعوا لي أخي ، فأتيته ، فقال : ادن مني ، فدنوت منه ، فاستند إلي فلم يزل مستنداً وإنه ليكلمني حتى أن بعض ريقه ليصيبني ، ثم نزل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم »
( 797 ) . وأخرج أبونعيم في حليته ، وأبوأحمد الفرضي في نسخته ، وغير واحد من أصحاب السنن ، عن علي ، قال : « علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعني حينئذ ـ ألف باب كل باب يفتح ألف باب
(2) »
( 798 ) وكان عمر بن الخطاب إذا سئل عن شيء يتعلق ببعض هذه
____________
(1) في ص 51 من القسم الثاني من الجزء الثاني من الطبقات ، في باب من قال : توفي رسول الله وهو في حجر علي ، وهذا الحديث هو الحديث 1107 من الكنز في ص 55 من جزئه الرابع ( منه قدس ) .
(2) هذا هو الحديث 6009 من الكنز في آخر ص 392 من جزئه السادس ( منه قدس ) .
( 796 ) تواترت الاحاديث من طريق أهل البيت أن النبي مات في صدر علي ( ع ) وأما من طريق غيرهم فراجع ما تقدم تحت رقم ( 785 ) .
( 797 ) راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ق 2 ص 51 ط ليدن وج 2 ص 263 ط دار صادر ، كنز العمال ج 4 ص 55 ح 1107 ط حيدر اباد .
( 798 ) يوجد في : كنز العمال ج 15 ص 100 ط 2 ، فتح الملك العلي بصحة حديث
=
( 582 )
الشؤون ، لا يقول غير : سلوا عليا ، لكونه هو القائم بها ، فعن جابر بن عبدالله الانصاري ، أن كعب الاحبار سأل عمر ، فقال : ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فقال عمر : سل عليا ، فسأله كعب ، فقال علي : اسندت رأسه على منكبي ، فوضع رأسه على منكبي ، فقال : الصلاة الصلاة ؛ قال كعب : كذلك آخر عهد الانبياء ، وبه أمروا وعليه يبعثون ، قال كعب : فمن غسله يا أميرالمؤمنين ؟ فقال عمر : سل عليا ، فسأله فقال : كنت أنا أغسله ... الحديث
(1) »
( 799 ) وقيل لابن عباس : « أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، توفي ورأسه في حجر أحد ؟ قال : نعم توفي وإنه لمستند إلى صدر علي ، فقيل له : إن عروة يحدث عن عائشة أنها قالت : توفي بين سحري ونحري ، فأنكر ابن عباس ذلك قائلا للسائل : أتعقل ؟ والله لتوفي رسول الله
____________
(1) أخرجه ابن سعد في ص 51 من القسم الثاني من الجزء الثاني من الطبقات المتقدم ذكرها ، وهذا الحديث هو الحديث 1106 من أحاديث الكنز في ص 55 من جزئه الرابع ( منه قدس ) .
=
باب مدينة العلم علي ص 19 ط الاسلامية بمصر وص 49 ط الحيدرية ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 73 و 77 ط اسلامبول وص 83 ط الحيدرية ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 80 ط النجف ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 483 ح 1003 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 113 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 43 ، احقاق الحق ج 6 ص 40 ، فرائد السمطين ج 1 ص 101 .
( 799 ) راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ق 2 ج 2 ص 51 ط ليدن وج 2 ص 262 ط دار صادر في بيروت .
( 583 )
وإنه لمستند إلى صدر علي ، وهو الذي غسله ... الحديث
( 800 ) (1) وأخرج ابن سعد
(2) بسنده إلى الامام أبي محمد علي بن الحسين زين العابدين ، قال : « قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورأسه في حجر علي »
( 801 ) اهـ .

قلت والاخبار في تلك متواترة ، عن سائر أئمة العترة الطاهرة ، وان كثيرا من المنحرفين عنهم ليعترفون بهذا ، حتى أن ابن سعد أخرج
(3) بسنده إلى الشعبي ، قال : « توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورأسه في حجر علي ، وغسله علي . اهـ . ـ »
( 802 ) وكان أمير المؤمنين عليه السلام يخطب بذلك
على رؤوس الاشهاد ، وحسبك قوله من خطبة له
(4) عليه السلام : « ولقد
____________
(1) أخرجه ابن سعد في الصفحة المتقدم ذكرها . وهو الحديث 1108 من أحاديث الكنز في ص 55 من جزئه الرابع . ( منه قدس )
(2) في صفحة 51 المتقدمة الذكر من الطبقات ( منه قدس ) .
(3) في الصفحة المتقدم ذكرها من الطبقات ( منه قدس ) .
(4) تجدها في آخر ص 196 من الجزء الثاني من نهج البلاغة ، وفي ص 561 من المجلد الثاني من شرح ابن ابي الحديد . ( منه قدس )
( 800 ) راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ق 2 ج 2 ص 51 ط ليدن وج 2 ص 263 ط دار صادر في بيروت .
( 801 ) راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ق 2 ج 2 ص 51 ط ليدن وج 2 ص 263 ط دار صادر في بيروت .
( 802 ) راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ق 2 ج 2 ص 51 ط ليدن وج 2 ص 263 ط دار صادر في بيروت .
( 584 )
علم المستحفظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أني لم أرد على الله ، ولا على رسوله ساعة قط ، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الابطال ، وتتأخر فيها الاقدام ، نجدة أكرمني الله بها ، ولقد قبض ( ص ) ، وإن رأسه لعلى صدري ، ولقد سالت نفسه في كفي ، فأمررتها على وجهي ، ولقد وليت غسله ( ص ) ، والملائكة أعواني . فضجت الدار والافنية ، ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلون عليه ، حتى واريناه في ضريحه ، فمن ذا أحق به مني حيا وميتا »
( 803 ) ومثله قوله
(1) ـ من كلام له عند دفنه سيدة النساء عليهما السلام ـ : « السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والسريعة اللحاق بك ، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ، ورق عنها تجلدي ، الا ان لي في التأسي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك ، موضع تعز ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ... إلى آخر كلامه »
( 804 ) وصح عن ام سلمة انها قالت : « والذي أحلف به
____________
(1) هذا الكلام موجود في آخر ص 207 من الجزء الثاني من النهج . وفي ص 590 من المجلد الثاني من شرح ابن ابي الحديد ( منه قدس ) .
( 803 ) راجع : نهج البلاغة خطبة ـ 195 ـ ص 380 ط مصر بشرح محمد عبده وج 2 ص 541 بشرح ابن أبي الحديد أفست بيروت وج 10 ص 190 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 2 ص 860 ط دار الفكر وج 3 ص 493 ط دار الحياة بيروت .
( 804 ) يوجد في : نهج البلاغة خطبة ـ 200 ـ ص 389 ط مصر بشرح محمد عبده وج 2 ص 570 بشرح ابن أبي الحديد أفست بيروت وج 10 ص 265 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 3 ص 552 ط دار الحياة في بيروت وج 2 ص 908 ط دار الفكر .
( 585 )
ان كان علي لاقرب الناس عهدا برسول الله ( ص ) ، عدناه غداة وهو
يقول : جاء علي ، جاء علي ، مرارا ، فقالت فاطمة : كأنك بعثته في حاجة ؟
قالت : فجاء بعد ، فظننت ان له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب ، قالت أم سلمة : وكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه رسول الله ( ص ) ، وجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض ( ص ) من يومه ذلك ، فكان علي أقرب الناس به عهدا »
(1) ( 805 ) .

وعن عبدالله بن عمرو
(2) أن رسول الله ( ص ) ، قال في مرضه : « ادعوا لي
____________
(1) هذا الحديث أخرجه الحاكم في أول ص 139 من الجزء 3 من صحيحه المستدرك ، ثم قال : هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه . قلت : واعترف بصحته الذهبي اذ أورده في التلخيص وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في السنن ، وهو الحديث 6096 من أحاديث الكنز في آخر ص 400 من جزئه السادس ( منه قدس ) .
(2) فيما أخرجه أبويعلى عن كامل بن طلحة عن ابن لهيعة عن حي بن عبد المغافيري عن ابي عبدالرحمن الحلبي عن عبدالله بن عمرو مرفوعا ؛ وأخرجه أبونعيم في حليته ، وأبوأحمد الفرضي في نسخته كما في ص 392 من
=
( 805 ) يوجد ذلك في : المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 138 أفست على ط حيدر اباد ، تلخيص المستدرك للذهبي ج 3 ص 138 وصححه ، خصائص أمير المؤمنين ص 40 ط التقدم العلمية بمصر وص 65 ط بيروت وص 130 ط الحيدرية ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 3 ص 16 ح 1029 و 1030 و 1031 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 263 ط الحيدرية وص 134 ط الغري ، مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 112 ، كنز العمال ج 15 ص 128 ح 374 ط 2 ، الرياض النضرة للطبري الشافعي ج 2 ص 237 ط 2 .
( 586 )
أخي ، فجاء أبوبكر ، فأعرض عنه ، ثم قال : ادعوا لي أخي ، فجاء عثمان ، فأعرض عنه ، ثم دعي علي ، فستره بثوبه وأكب عليه ، فلما خرج من عنده قيل له : ما قال لك ؟ قال : علمني ألف باب كل باب يفتح له ألف باب »
( 806 ) .

وأنت تعلم أنه هو الذي يناسب حال الانبياء ، وذاك انما يناسب أزيار
(1) النساء ، ولو ان راعي غنم مات ورأسه بين سحر زوجته ونحرها ، أو بين حاقنتها وذاقنتها ، أو على فخذها ، ولم يعهد برعاية غنمه ، لكان مضيعا مسوفا ، عفا الله عن أم المؤمنين ، ليتها ـ إذ حاولت صرف هذه الفضيلة عن
____________
=
الجزء السادس من كنز العمال ؛ وأخرج الطبراني في الكبير انه لما كانت غزوة الطائف قام النبي مع علي ( يناجيه ) مليا ، ثم مر فقال له ابوبكر : يا رسول الله لقد طالت مناجاتك عليا منذ اليوم ، فقال ( ص ) ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه ، هذا الحديث هو الحديث 6075 من أحاديث الكنز في ص 399 من جزئه السادس وكان كثيرا ما يخلو بعلي يناجيه وقد دخلت عائشة عليهما وهما يتناجيان ، فقالت : يا علي ليس لي إلا يوم من تسعة أيام ، أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي ، فأقبل رسول الله عليها وهو محمر الوجه غضبا ، الحديث ، راجعه أول ص 78 من المجلد الثاني من شرح نهج البلاغة الحميدي ( منه قدس ) .
(1) جمع وزير وهو الرجل يحب محادثة النساء لغير سوء ( منه قدس ) .
( 806 ) يوجد في : الغدير للاميني ج 3 ص 120 عن عبدالله بن عمر . وفيه : يفتح كل باب إلى ألف باب . ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 484 ح 1003 وفيه : يفتح كل باب ألف باب .
وقريب من هذا الحديث يوجد في : مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 38 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 ص 15 .
( 587 )
علي ـ نسبتها إلى أبيها ، فإن ذلك أولى بمقام النبي مما ادعت ، لكن أباها كان يومئذ ممن عبأهم رسول الله ( ص) بيده الشريفة في جيش أسامة ، وكان حينئذ معسكرا في الجرف ، وعلى كل حال فإن القول بوفاته ( ص ) وهو في حجرها ، لم يسند إلا إليها ، والقول بوفاته ـ بأبي وأمي ـ وهو في حجر علي ، مسند إلى كل من علي ، وابن عباس ، وأم سلمة ، وعبدالله بن عمرو ، والشعبي ، وعلي بن الحسين ، وسائر أئمة أهل البيت ، فهو أرجح سندا وأليق برسول الله ( ص ) .

4 ـ ولو لم يعارض حديث عائشة إلا حديث أم سلمة وحده ، لكان حديث أم سلمة هو المقدم ، لوجوه كثيرة غير التي ذكرناها ، والسلام .
ش
البحث عن السبب في تقديم حديث أم سلمة عند التعارض

لم تكتف سلمك الله ـ في تقديم حديث أم سلمة على حديث عائشة رضي الله عنهما ـ بما ذكرت سابقا ، حتى زعمت أن ما لم تذكره من الوجوه المقتضية لذلك أكثر مما ذكرت ، فهاتها رحمك الله على كثرتها ، ولا تستأثر بشيء منها ، فإن المقام مقام بحث وإفادة ، والسلام .
س