قوله (ص) : لا تجتمع أمتي على الخطأ ، أفتونا ولكم الأجر ، والسلام .
ش
هل يمكن الجمع بين ثبوت النص وحمل الصحابة على الصحة ؟

إن أولي البصائر النافذة ، والروية الثاقبة ، ينزهون الصحابة عن مخالفة
=
ج 1 ص 586 ، تاريخ ابن شحنة ص 164 بهامش الكامل ج 7 وفي الغدير ج 7 ص 77 عن : تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 156 وأعلام النساء ج 3 ص 1207 .
تأسف أبي بكر

قال أبوبكر في مرض موته « أما أني لا آسي على شيء في الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت اني لم أفعلهن ـ إلى قوله ـ فأما الثلاثة التي فعلتها : فوددت أني لم أكشف عن بيت فاطمة وتركته ولو اغلق على حرب ... » .

راجع كلامه هذا في : تاريخ الطبري ج 3 ص 430 ط دار المعارف بمصر وج 2 ص 619 ط آخر ، مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 301 ، الامامة والسياسة ج 1 ص 18 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 130 وج 2 ص 20 أفست بيروت على ط 1 بمصر وج 2 ص 46 ـ 47 وج 6 ص 51 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 ص 106 ، العقد الفريد ج 4 ص 268 ط لجنة التأليف والنشر وج 2 ص 254 ط آخر .

ونقله العسكري في عبدالله بن سبأ ج 1 ص 106 عن : كنز العمال ج 3 ص 135 ، ومنتخب الكنز بهامش أحمد ج 2 ص 271 ، الاموال لابي عبيدة ص 131 ، لسان الميزان ج 4 ص 189 ، تاريخ الذهبي ج 1 ص 388 ، مرآة الزمان للسبط بن الجوزي ، ترجمة أبي بكر من تاريخ دمشق .
( 620 )
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، في شيء من ظواهر أوامره ونواهيه ، ولا يجوزون عليهم غير التعبد بذلك ، فلا يمكن أن يسمعوا النص على الامام ، ثم يعدلوا عنه أولا وثانيا وثالثا ، وكيف يمكن حملهم على الصحة في عدولهم عنه مع سماعهم النص عليه ؟ ما أراك بقادر على أن تجمع بينهما ، والسلام .
س
1 ـ الجمع بين ثبوت النص وحملهم على الصحة
2 ـ الوجه في قعود الامام عن حقه

1 ـ أفادتنا سيرة كثير من الصحابة أنهم إنما كانوا يتعبدون بالنصوص إذا كانت متمحضة للدين ، مختصة بالشؤون الاخروية ، كنصه صلى الله عليه وآله وسلم ، على صوم شهر رمضان دون غيره ، واستقبال القبلة في الصلاة دون غيرها ، ونصه على عدد الفرائض في اليوم والليلة ، وعدد ركعات كل منها وكيفياتها ، ونصه على أن الطواف حول البيت اسبوع ، ونحو ذلك من النصوص المتمحضة للنفع الاخروي .

أما ما كان منها متعلقا بالسياسة كالولايات والامارات ، وتدبير قواعد الدولة ، وتقرير شؤون المملكة ، وتسريب الجيش ، فإنهم لم يكونوا يرون التعبد به والالتزام في جميع الاحوال بالعمل علي مقتضاه ، بل جعلوا لافكارهم مسرحا للبحث ، ومجالا للنظر والاجتهاد ، فكانوا إذا رأوا في خلافه ، رفعا لكيانهم ، أو نفعاً في سلطانهم ، ولعلهم كانوا يحرزون رضا النبي بذلك ، وكان قد غلب على ظنهم أن العرب لا تخضع لعلي ولا تتعبد
( 621)
بالنص عليه ، إذ وترها في سبيل الله ، وسفك دماءها بسيفه في إعلاء كلمة الله ، وكشف القناع منابذا لها في نصرة الحق ، حتى ظهر أمر الله على رغم كل عاة كفور ، فهم لا يطيعونه إلا عنوة ، ولا يخضعون للنص عليه إلا بالقوة، وقد عصبوا به كل دم أراقه الاسلام أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، جريا على عادتهم في أمثال ذلك ، إذ لم يكن بعد النبي في عشيرته صلى الله عليه وآله وسلم ، أحد يستحق أن تعصب به تلك الدماء عند العرب غيره ، لانهم إنما كانوا يصبونها في أمثل العشيرة ، وأفضل القبيلة ، وقد كان هو أمثل الهاشميين ، وأفضلهم بعد رسول الله ، لا يدافع ولا ينازع في ذلك ، ولذا تربص العرب به الدوائر ، وقلبوا له الامور ، وأضمروا له ولذريته كل حسيكة ، ووثبوا عليهم كل وثبة ، وكان ما كان مما طار في الاجواء ، وطبق رزؤه الارض والسماء .

وكذلك فإن قريشاً خاصة والعرب عامة ، كانت تنقم من علي شدة وطأته على أعداء الله ، ونكال وقعته فيمن يتعدى حدود الله ، أو يهتك حرماته عزوجل ، وكانت ترهب من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وتخشى عدله في الرعية ، ومساواته بين الناس في كل قضية ، ولم يكن لاحد فيه مطمع ، ولا عنده لاحد هوادة ، فالقوي العزيز عنده ضعيف ذليل حتى يأخذ منه الحق ، والضعيف الذليل عنده قوي عزيز حتى يأخذ له بحقه ، فمتى تخضع الاعراب طوعا لمثله
(
وهم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله )
( 843 ) (
ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم )
( 844 ) وفيها بطانة لا يألونهم خبالا .
( 843 ) سورة التوبة آية : 97 .
( 844 ) سورة التوبة آية : 101 .
( 622 )

وأيضا فإن قريشا وسائر العرب ، كانوا يحسدونه على ما آتاه الله من فضله ، حيث بلغ في علمه وعمله رتبة ـ عند الله ورسله وأولي الالباب ـ تقاصر عنها الاقران ، وتراجع عنها الاكفاء ، ونال من الله ورسوله بسوابقه وخصائصه ، منزلة ، تشرئب إليها أعناق الاماني ، وشأوا تنقطع دونه هوادي المطامع ، وبذلك دبت عقارب الحسد له في قلوب المنافقين ، واجتمعت على نقض عهده كلمة الفاسقين والناكثين والقاسطين والمارقين ، فاتخذوا النص ظهريا ، وكان لديهم نسيا منسيا .
فكان ما كان مما لست أذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر

وأيضا ، فإن قريشا وسائر العرب ، كانوا قد تشوقوا إلى تدوال الخلافة في قبائلهم ، واشرأبت إلى ذلك أطماعهم ، فأمضوا نياتهم على نكث العهد ، ووجهوا عزائمهم إلى نقض العقد ، فتصافقوا على تناسي النص ، وتبايعوا على ان لا يذكر بالمرة ، وأجمعوا على صرف الخلافة من أول أيامها عن وليها المنصوص عليه من نبيها ، فجعلوها بالانتخاب والاختيار ، ليكون لكل حي من أحيائهم أمل في الوصول إليها ولو بعد حين ، ولو تعبدوا بالنص ، فقدموا عليا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لما خرجت الخلافة من عترته الطاهرة ، حيث قرنها يوم الغدير وغيره بمحكم الكتاب ، وجعلها قدوة لاولي الالباب ، إلى يوم الحساب ، وما كانت العرب لتصبر على حصر الخلافة في بيت مخصوص ، ولا سيما بعد ان طمحت إليها الابصار من جميع قبائلها ، وحامت عليها النفوس من كل أحيائها .
لقد هزلت حتى بدا من هزالها * كلاها وحتى استامها كل مفلس

وأيضاً ، فإن من ألم بتاريخ قريش والعرب في صدر الاسلام ، يعلم أنهم
( 623 )
لم يخضعوا للنبوة الهاشمية ، إلا بعد أن تهشموا ، ولم يبق فيهم من قوة فكيف يرضون باجتماع النبوة والخلافة في بني هاشم ، وقد قال عمر بن الخطاب لابن عباس في كلام دار بينهما : « ان قريشا كرهت أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة ، فتجحفون على الناس
(1) »
( 845 ) .

2 ـ والسلف الصالح لم يتسن له أن يقهرهم يومئذ على التعبد بالنص فرقا من انقلابهم إذا قاومهم، وخشية من سوء عواقب الاختلاف في تلك الحال ، وقد ظهر النفاق بموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقويت بفقده شوكة المنافقين ، وعتت نفوس الكافرين ، وتضعضعت أركان الدين ، وانخلعت قلوب المسلمين ، وأصبحوا بعده كالغنم المطيرة ، في الليلة الشاتية ، بين ذئاب
عادية ، ووحوش ضارية ، وارتدت طوائف من العرب ، وهمت بالردة أخرى ، كما فصلناه في المراجعة 82 ، فأشفق علي في تلك الظروف أن يظهر إرادة القيام بأمر الناس مخافة البائقة ، وفساد العاجلة ، والقلوب على ما وصفنا ، والمنافقون على ما ذكرنا ، يعضون عليهم الانامل
____________
(1) نقله ابن ابي الحديد في ص 107 من المجلد الثالث من شرح النهج ، في قضية يجدر بالباحثين ان يقفوا عليها ، وقد اوردها ابن الاثير في اواخر احوال عمر ص 24 من الجزء الثالث من كامله ، قبل ذكر قصة الشورى ( منه قدس ) .
( 845 ) محاورة بين ابن عباس وعمر في أمر الخلافة .
راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 3 ص 107 ط 1 بمصر وج 12 ص 52 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 3 ص 876 ط مكتبة الحياة وج 3 ص 141 ط دار الفكر ، الكامل لابن الاثير ج 3 ط دار صادر ، تاريخ الطبري ج 4 ص 223 ط دار المعارف بمصر وج 2 ص 289 ط آخر ، عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 ص 114 .
( 624 )
من الغيظ ، وأهل الردة على ما بينا ، والامم الكافرة على ما قدمنا ، والانصار قد خالفوا المهاجرين ، وانحازوا عنهم يقولون :
منا أمير ومنكم أمير .
( 846 ) . فدعاه النظر للدين إلى الكف عن طلب الخلافة ، والتجافي عن الامور ، علما منه أن طلبها والحال هذه ، يستوجب الخطر بالامة ، والتغرير في الدين ، فاختار الكف إيثارا للاسلام ، وتقديما للصالح العام ، وتفضيلا للآجلة على العاجلة .

غير أنه قعد في بيته ـ ولم يبايع حتى أخرجوه كرها ـ
( 847 ) احتفاظا بحقه ، واحتجاجا على من عدل عنه ، ولو أسرع إلى البيعة ما تمت له حجة ولا سطع له
برهان ، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين ، والاحتفاظ بحقه من امرة المؤمنين ، فدل هذا على أصالة رأيه ، ورجاحة حلمه ، وسعة صدره ، وإيثاره المصلحة العامة ، ومتى سخت نفس امرئ عن هذا الخطب الجليل ، والامر الجزيل ، ينزل من الله تعالى بغاية منازل الدين ، وإنما كانت غايته مما فعل أربح الحالين له ، وأعود المقصودين عليه ، بالقرب من الله عزوجل .

أما الخلفاء الثلاثة وأولياؤهم ، فقد تأولوا النص عليه بالخلافة للاسباب التي قدمناها ، ولا عجب منهم في ذلك بعد الذي نبهنا إليه من تأولهم
( 846 ) راجع : تاريخ الطبري ج 4 ص 218 و 219 و 220 ط دار المعارف بمصر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 6 و 9 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وج 2 ص 4 ط 1 بمصر ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 102 .
( 847 ) اخراج الامام علي بن أبي طالب عليه السلام كرها لاجل البيعة .
راجع : العقد الفريد ج 4 ص 335 ط لجنة التأليف والنشر بمصر وج 2 ص 285 ط آخر ، شرح النهج لابن أبي الحديد ج 3 ص 415 أفست بيروت .
( 625 )
واجتهادهم في كل ما كان من نصوصه صلى الله عليه وآله وسلم ، متعلقا بالسياسات والتأميرات ، وتدبير قواعد الدولة ، وتقرير شؤون المملكة ، ولعلهم لم يعتبروها كأمور دينية ، فهان عليهم مخالفته فيها ، وحين تم لهم الامر ، أخذوا بالحزم في تناسي تلك النصوص ، وأعلنوا الشدة على من يذكرها أو يشير إليها ، ولما توفقوا في حفظ النظام ، ونشر دين الاسلام ، وفتح الممالك ، والاستيلاء على الثروة والقوة ، ولم يتدنسوا بشهوة ؛ علا أمرهم ، وعظم قدرهم ، وحسنت بهم الظنون ، وأحبتهم القلوب ، ونسج الناس في تناسي النص على منوالهم ، وجاء بعدهم بنو أمية ولا هم لهم إلا اجتياح أهل البيت واستئصال شأفتهم ، ومع ذلك كله ، فقد وصل إلينا من النصوص الصريحة ، في السنن الصحيحة ، ما فيه
الكفاية ؛ والحمد لله ، والسلام عليكم .
ش
التماس الموارد التي لم يتعبدوا فيها بالنص

أخذت كتابك الاخير ، فإذا هو معجز في تقريب ما استبعدناه ، مدهش في تمثيله بأجلى مظاهر التصوير ، فسبحان من ألان لك أعطاف البرهان ، وألقى إليك مقاليد البيان ، فبلغت إلى ما لا تبلغ إليه الوسائل ، وظفرت بما لا تظفر به الاماني . وكنا نظن أن الاسباب لا تتعلق بما استشهدت عليه بنصوص الاثبات ، وأن لا سبيل إلى ما خرجت من عهدته بنواهض البينات . وليتك أشرت إلى الموارد التي لم يتعبدوا فيها بالنصوص الصريحة ، ليتبين وجه
( 626 )
السداد ، ويتضح سبيل الرشاد ، فألتمس تفصيل ذلك ، استظهارا بذكر المأثور من سيرتهم ، وسبر المسطور في كتب الاخبار من طريقتهم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
س
1 ـ رزية يوم الخميس
2 ـ السبب في عدول النبي عما أمرهم به يومئذ

1 ـ الموارد التي لم يتعبدوا فيها بالنص أكثر من أن تحصى ، وحسبك منها رزية يوم الخميس فإنها من أشهر القضايا ، وأكبر الرزايا ، أخرجها أصحاب الصحاح ، وسائر أهل السنن ، ونقلها أهل السير والاخبار كافة ، ويكفيك منها ما أخرجه البخاري
(1) بسنده إلى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس ، قال : لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا
(2) بعده ، فقال عمر : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قاله عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند
____________
(1) في باب قول المريض قوموا عني من كتاب المرضى ، ص 5 من الجزء الرابع من صحيحه ( منه قدس ) .
(2) بحذف النون مجزوما ، لكونه جوابا ثانيا لقوله هلم ( منه قدس ) .
( 627 )
النبي ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قوموا [ عني خ ل ] ، فكان ابن عباس يقول : ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( ص ) ، وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم . ا هـ .
( 848 )
وهذا الحديث مما لا كلام في صحته ولا في صدوره ؛ وقد أورده البخاري في عدة مواضع من صحيحه
(1)؛ وأخرجه مسلم في آخر الوصايا من صحيحه أيضا
(2) ؛ ورواه أحمد من حديث ابن عباس في مسنده
(3) ؛ وسائر أصحاب السنن والاخبار ، وقد تصرفوا فيه إذ نقلوه بالمعنى ، لان لفظه الثابت : إن النبي يهجر ، لكنهم ذكروا انه قال : ان النبي قد غلب عليه الوجع تهذيبا للعبارة ، وتقليلا لمن يستهجن منها ، ويدل على ذلك ما أخرجه أبوبكر أحمد بن
____________
(1) أورده في كتاب العلم ص 22 من جزئه الاول ، وفي مواضع أخر يعرفها المتتبعون ( منه قدس ) .
(2) ص 14 من جزئه الثاني ( منه قدس ) .
(3) راجع ص 325 من جزئه الاول ( منه قدس ) .
رزية يوم الخميس وأذية الرسول

( 848 ) هذا اللفظ يوجد في : صحيح البخاري كتاب المرضى باب قول المريض قوموا عني ج 7 ص 9 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 7 ص 156 ط محمد علي صبيح وط مطابع الشعب وج 4 ص 7 ط دار احياء الكتب وج 4 ص 5 ط المعاهد وج 4 ص 5 ط الميمنية بمصر وج 6 ص 97 ط بمبي وج 4 ص 6 ط المطبعة الخيرية بمصر ، صحيح مسلم في آخر كتاب الوصية ج 5 ص 75 ط محمد علي صبيح وط المكتبة التجارية وج 2 ص 16 ط عيسى الحلبي وج 11 ص 95 ط مصر بشرح النووي ، مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 356 ح 2992 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر.
( 628 )
عبدالعزيز الجوهري في كتاب السقيفة
(1) بالاسناد إلى ابن عباس ، قال : « لما حضرت رسول الله الوفاة ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال رسول الله : إئتوني بدواة وصحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ، ( قال ) : فقال عمر كلمة معناها ان الوجع قد غلب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف من في البيت واختصموا ، فمن قائل : قربوا يكتب لكم النبي ، ومن قائل ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغط واللغو والاختلاف غضب صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : قوموا ... الحديث »
( 849 ) وتراه صريحا بأنهم إنما نقلوا معارضة عمر بالمعنى لا بعين لفظه . ويدلك على هذا أيضا ان المحدثين حيث لم يصرحوا باسم المعارض يومئذ ، نقلوا المعارضة بعين لفظها ، قال البخاري في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير من صحيحه
(2) : حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة عن سلمان الاحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، أنه قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله وجعه يوم الخميس ، فقال : إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : دعوني فالذي أنا فيه خير مما
____________
(1) كما في ص 20 من المجلد الثاني من شرح النهج للعلامة المعتزلي ( منه قدس ) .
(2) ص 118 من جزئه الثاني ( منه قدس ) .
( 849 ) يوجد في : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 51 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 2 ص 20 ط 1 بمصر وأفست بيروت وج 2 ص 294 ط دار مكتبة الحياة وج 2 ص 30 ط دار الفكر في بيروت .
( 629 )
تدعوني إليه ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ( قال ) ونسيت الثالثة
(1) . اهـ .
( 850 ) » .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا في آخر كتاب الوصية من صحيحه ، وأحمد من حديث ابن عباس في مسنده
(2) ، ورواه سائر المحدثين ، وأخرج مسلم في كتاب الوصية من الصحيح عن سعيد بن جبير من طريق آخر عن ابن عباس ، قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
____________
(1) ليست الثالثة إلا الامر الذي أراد النبي أن يكتبه حفظا لهم من الضلال ، لكن السياسة اضطرت المحدثين إلى نسيانه ، كما نبه اليه مفتي الحنفية في صور الحاج داود الددا ( منه قدس ) .
(2) ص 222 من جزئه الاول . ( منه قدس ) .
( 850 ) يوجد في : صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب جوائز الوفد ج 4 ص 31 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 4 ص 85 ط مطابع الشعب وج 2 ص 178 ط دار احياء الكتب وج 2 ص 120 ط المعاهد وج 2 ص 125 ط الشرفية وج 5 ص 85 ط محمد علي صبيح وج 4 ص 55 ط الفجالة وج 2 ص 111 ط الميمنية بمصر وج 3 ص 115 ط بمبي بالهند .
صحيح مسلم كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس عنده شيء ج 2 ص 16 ط عيسى الحلبي وج 5 ص 75 ط محمد علي صبيح بمصر وج 5 ص 75 ط المكتبة التجارية في بيروت وج 11 ص 89 ـ 94 ط مصر بشرح النووي ، مسند أحمد ج 1 ص 222 ط الميمنية بمصر وج 3 ص 286 ح 1935 بسند صحيح وج 5 ص 45 ح 3111 ط دار المعارف بمصر .
( 630 )
وسلمّ : إئتوني بالكتف والدواة ، أو اللوح والدواة ، اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فقالوا : ان رسول الله يهجر
(1) . ا هـ .
( 851 ) .
____________
(1) وأخرج هذا الحديث بهذه الالفاظ ، أحمد في ص 355 من الجزء الاول من مسنده ، وغير واحد من أثبات السنن ( منه قدس ) .
( 851 ) يوجد ذلك في : صحيح مسلم كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس عنده شيء ج 2 ص 16 ط عيسى الحلبي وج 5 ص 75 ط محمد علي صبيح وج 5 ص 75 ط المكتبة التجارية وج 11 ص 94 ـ 95 ط مصر بشرح النووي ، مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 355 ط الميمنية بمصر وج 5 ص 116 ح 3336 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر ، تاريخ الطبري ج 3 ص 193 بمصر ، الكامل لابن الاثير ج 2 ص 320 .
رزية يوم الخميس بلفظ ثالث للبخاري
« عن ابن عباس قال : لما اشتد بالنبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وجعه قال : أئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال عمر : ان النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم غلبة الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وأكثر اللفظ قال : قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع . فخرج ابن عباس يقول : ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وبين كتابه » .
يوجد في صحيح البخاري كتاب العلم باب كتابة العلم ج 1 ص 37 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 1 ص 39 ط مطابع الشعب وج 1 ص 14 ط بمبي بالهند وج 1 ص 32 ط دار احياء الكتب وج 1 ص 22 ط المعاهد وج 1 ص 22 ط الشرفية وج 1 ص 38 ط محمد علي صبيح وج 1 ص 28 ط الفجالة وج 1 ص 20 ـ 21 ط الميمنية بمصر .
رزية يوم الخميس بلفظ رابع للبخاري :
« قال ابن عباس : يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله
=
( 631 )
=
عليه ( وآله ) وسلم وجعه فقال : ائتوني اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا : ما شأنه أهجر ؟ استفهموه فذهبوا يردون عليه فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، وأوصاهم بثلاث : قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها » .
يوجد في : صحيح البخاري كتاب النبي إلى كسرى وقيصر باب مرض النبي ووفاته ج 5 ص 137 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 6 ص 11 ط مطابع الشعب وج 5 ص 40 ط بمبي بالهند وج 3 ص 66 ط المطبعة الخيرية ، تاريخ الطبري ج 3 ص 192 ـ 193 .
رزية يوم الخميس بلفظ خامس للبخاري :
« سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت له يا ابن عباس ما يوم الخميس ؟
قال : اشتد برسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وجعه فقال أئتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا : ما له أهجر استفهموه فقال : ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه فأمرهم
بثلاث : قال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت اجيزهم والثالثة اما أن سكت عنها واما ان قالها فنسيتها » .
يوجد في : صحيح البخاري كتاب الجزية باب اخراج اليهود من جزيرة العرب ج 4 ص 65 ـ 66 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 4 ص 12 ط بمبي بالهند وج 2 ص 132 ط آخر . وهذا قريب مما تقدم في اللفظ الاول تحت رقم ( 848 ) فراجع .
رزية يوم الخميس بلفظ سادس للبخاري :
« عن ابن عباس قال لما حضر النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قال : وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال : هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده قال
=
( 632 )
=
عمر : ان النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول : ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قال : قوموا عني » .
قال عبيدالله فكان ابن عباس يقول : « ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( ص ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم » .
يوجد في : صحيح البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب كراهية الخلاف ج 8 ص 161 أفست دار الفكر على ط استانبول وج 8 ص 64 ط بمبي بالهندي وج 4 ص 194 ط المطبعة الخيرية .
وذكر هذه الرواية في كتاب النبي إلى كسرى وقيصر باب مرض النبي ووفاته بعد الرواية المتقدمة في لفظه الرابع .
رزية يوم الخميس في مصادر اخرى :
راجع : عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 ص 79 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 133 أفست بيروت على ط 1 بمصر ، الملل والنحل للشهرستاني ج 1 ص 22 ط بيروت ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 242 ـ 244 .
قول عمر بن الخطاب ان النبي ( ص ) ليهجر .
يوجد في : تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 62 ط الحيدرية وص 36 ط إيران ، سر العالمين وكشف ما في الدارين لابي حامد الغزالي ص 21 ط مطبعة النعمان .
( 633 )

ومن ألم بما حول هذه الرزية من الصحاح ، يعلم أن أول من قال يومئذ : هجر رسول الله . إنما هو عمر ، ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه ، وقد سمعت قول ابن عباس ـ في الحديث الاول
(1) ـ : فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول : ما قال عمر ـ أي يقول : هجر رسول الله ـ وفي رواية أخرى أخرجها الطبراني في الاوسط عن عمر
(2) ، قال : » لما مرض النبي قال : إئتوني بصحيفة ودواة ، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال عمر : فقلت إنكن صويحبات يوسف إذا مرض رسول الله عصرتن أعينكن ، وإذا صح ركبتن عنقه ! قال : فقال رسول الله : دعوهن فإنهن خير منكم » ا هـ .
( 852 ) .

وأنت ترى انهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لامنوا من الضلال ، وليتهم اكتفوا بعدم الامتثال ولم يردوا قوله إذ قالوا : حسبنا كتاب الله ، حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب الله منهم ، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب وفوائده ، وليتهم اكتفوا بهذا كله ولم يفاجئوه بكلمتهم تلك
____________
(1) الذي أخرجه البخاري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس وأخرجه مسلم أيضا ، وغيره ( منه قدس ) .
(2) كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال ( منه قدس ) .
( 852 ) راجع : عبدالله بن سبأ للسيد العسكري ج 1 ص 79 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 243 ـ 244 .
( 634 )
ـ هجر رسول الله ـ وهو محتضر بينهم ،
وأي كلمة كانت وداعا منهم له صلى الله عليه وآله وسلم ، وكأنهم ـ حيث لم يأخذوا بهذا النص اكتفاء منهم بكتاب الله على ما زعموا ـ لم يسمعوا هتاف الكتاب آناء الليل وأطراف النهار في أنديتهم (
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو )
( 853 ) وكأنهم حيث قالوا : هجر ، لم يقرأوا قوله تعالى : (
انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون )
( 854 ) وقوله عز من قائل : (
إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين )
( 855 ) وقوله جل وعلا (
ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى )
( 856 ) إلى كثير من أمثال هذه الآيات البينات ، المنصوص فيها على عصمة قوله من الهجر ، على أن العقل بمجرده مستقل بذلك ، لكنهم علموا أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما أراد توثيق العهد بالخلافة ، وتأكيد النص بها على علي خاصة ، وعلى الائمة من عترته عامة ، فصدوه عن ذلك كما اعترف به الخليفة الثاني في كلام دار بينه وبين ابن عباس
(1) ( 857 ) ..
____________
(1) كما في السطر 27 من الصفحة 114 من المجلد الثالث من شرح النهج الحديدي ( منه قدس ) .
( 853 ) سورة الحشر آية : 7 .
( 854 ) سورة التكوير آية : 19 .
( 855 ) سورة الحاقة آية : 40 ـ 43 .
( 856 ) سورة النجم آية : 2 ـ 5 .
( 857 ) اعتراف عمر بأنه انما صد عن النبي عن كتابة الكتاب حتى لا يجعل الامر لعلي :
=
( 635 )

وأنت إذا تأملت في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إئتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا ، بعده ، وقوله في حديث الثقلين : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل
بيتي
( 858 ) ، تعلم أن المرمى في الحديثين واحد ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أراد في مرضه أن يكتب لهم تفصيل ما أوجبه عليهم في حديث الثقلين .

2 ـ وإنما عدل عن ذلك ، لان كلمتهم تلك التي فاجؤوه بها اضطرته إلى العدول ، إذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده في أنه هل هجر فيما كتبه ـ والعياذ بالله ـ أو لم يهجر ، كما اختلفوا في ذلك واكثروا اللغو
واللغط نصب عينيه ، فلم يتسن له يومئذ أكثر من قوله لهم : قوموا ؛ كما سمعت ، ولو أصر فكتب الكتاب للجوا في قولهم هجر ، ولاوغل أشياعهم في اثبات هجره ـ والعياذ بالله ـ فسطروا به أساطيرهم ، وملاوا طواميرهم ردا على ذلك الكتاب وعلى من يحتج به .

لهذا اقتضت حكمته البالغة أن يضرب صلى الله عليه وآله وسلم ، عن ذلك الكتاب صفحا لئلا يفتح هؤلاء المعارضون وأولياؤهم بابا إلى الطعن في النبوة ـ نعوذ بالله وبه نستجير ـ ، وقد رأى صلى الله عليه وآله وسلم ، أن عليا وأولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب ، سواء عليهم أكتب أم لم يكتب ،
=
راجع : شرح نهج البلاغة ج 3 ص 114 سطر 27 ط 1 بمصر وأفست بيروت وج 12 ص 79 سطر 3 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل وج 3 ص 803 ط دار مكتبة الحياة وج 3 ص 167 ط دار الفكر .
( 858 ) حديث الثقلين تقدم تحت رقم ( 28 و 29 و 30 و 31 و 32 و 33 ) فراجع .
( 636 )
وغيرهم لا يعمل به ولا يعتبره لو كتب ، فالحكمة ـ والحال هذه توجب تركه ، إذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة كما لا يخفى ، والسلام .
ش
العذر في تلك الرزية مع المناقشة فيه

لعله عليه السلام حين أمرهم بإحضار الدواة والبياض ، لم يكن قاصدا لكتابة شيء من الاشياء ، وإنما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غير ، فهدى الله عمر الفاروق لذلك دون غيره من الصحابة ، فمنعهم من احضارهما . فيجب ـ على هذا ـ عد تلك الممانعة من جملة موافقاته لربه تعالى ، وتكون من كراماته رضي الله عنه ، هكذا أجاب بعض الاعلام ، لكن الانصاف أن قوله عليه السلام : « لا تضلوا بعده » يأبى ذلك ، لانه جواب ثانٍ للامر ، فمعناه أنكم ان أتيتم بالدواة والبياض ، وكتبت لكم ذلك الكتاب لا تضلوا بعده ، ولا يخفى أن الاخبار بمثل هذا الخبر لمجرد الاختبار انما هو من نوع الكذب الواضح ، الذي يجب تنزيه كلام الانبياء عنه ، ولا سيما في موضع يكون ترك إحضار الدواة والبياض أولى من إحضارهما، على أن في هذا الجواب نظرا من جهات أخر فلا بد هنا من اعتذار آخر ، وحاصل ما يمكن أن يقال :
أن الامر لم يكن أمر عزيمة وإيجاب ، حتى لا تجوز مراجعته ، ويصير المراجع عاصيا ، بل كان أمر مشورة ، وكانوا يراجعونه عليه السلام في بعض تلك الاوامر ، ولا سيما عمر ، فإنه كان يعلم من نفسه أنه موفق للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالى ، وقد أراد التخفيف عن
( 637 )
النبي إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض والوجع ، وقد رأى رضي الله عنه ، أن ترك إحضار الدواة والبياض أولى ، وربما خشي أن يكتب النبي أمورا يعجز عنها الناس ، فيستحقون العقوبة بسبب ذلك لانها تكون منصوصة لا سبيل إلى الاجتهاد فيها ، ولعله خاف من المنافقين ان يقدحوا في صحة ذلك الكتاب لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة ؛ فقال : حسبنا كتاب الله لقوله تعالى :
(
ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقوله : (
اليوم أكملت لكم دينكم ) وكأنه رضي الله عنه أمن من ضلال الامة حيث أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة .

هذا جوابهم وهو كما ترى ، لان قوله عليه السلام : لا تضلوا ، يفيد أن الامر أمر عزيمة وإيجاب ، لان السعي فيما يوجب الامن من الضلال واجب مع القدرة عليه بلا ارتياب ، واستياؤه منهم وقوله لهم قوموا ، حين لم يمتثلوا أمره دليل آخر على ان الامر إنما كان للايجاب لا للمشورة .

فإن قلت لو كان واجبا ما تركه النبي عليه السلام ، بمجرد مخالفتهم ، كما انه لم يترك التبليغ بسبب مخالفة الكافرين ، قلنا : هذا الكلام لو تم ، فإنما يفيد كون كتابة ذلك الكتاب لم تكن واجبة على النبي عليه السلام ، وهذا لا ينافي وجوب الاتيان بالدواة والبياض عليهم حين أمرهم النبي به ، وبين لهم أن فائدته الامن من الضلال ودوام الهداية لهم ، إذ الاصل في الامر انما هو الوجوب على المأمور لا على الآمر ، ولا سيما إذا كانت فائدته إلى المأمور خاصة ، والوجوب عليهم هو محل الكلام لا الوجوب عليه .

على أنه يمكن أن يكون واجبا عليه أيضا ، ثم سقط الوجوب عنه بعدم امتثالهم ، وقولهم : هجر ، حيث لم يبق لذلك الكتاب أثر سوى الفتنة كما أفدت .
( 368 )

وربما اعتذر بعضهم بأن عمر رضي الله عنه ، لم يفهم من الحديث أن ذلك الكتاب سيكون سببا لحفظ كل فرد من أفراد الامة من الضلال ، بحيث لا يضل بعده منهم أحد أصلا ، وانما فهم من قوله : لا تضلوا ، أنكم لا تجتمعون على الضلال بقضكم وقضيضكم ، ولا تتسرّي الضلالة بعد كتابة الكتاب إلى كل فرد من أفرادكم ، وكان رضي الله عنه يعلم أن اجتماعهم على الضلال مما لا يكون أبدا ، وبسبب ذلك لم يجد أثرا لكتابته ، وظن أن مراد النبي ليس إلا زيادة الاحتياط في الامر لما جبل عليه من وفور الرحمة ، فعارضه تلك المعارضة بناء منه على أن الامر ليس للايجاب ، وإنما هو أمر عطفة ورأفة ليس إلا ، هذا كل ما قيل في الاعتذار عن هذه البادرة ، ومن أمعن النظر فيه جزم ببعده عن الصواب ، لان قوله عليه السلام : لا تضلوا ، يفيد أن الامر للايجاب كما ذكرنا ، واستياؤه منهم دليل على أنهم تركوا أمرا من الواجبات عليهم ، فالاولى أن يقال في الجواب : أن هذه قضية في واقعة كانت منهم على خلاف سيرتهم ، كفرطة سبقت ، وفلتة ندرت ، ولا نعرف وجه الصحة فيها على التفصيل ، والله الهادي إلى سواء السبيل ، والسلام عليكم .
س
تزييف تلك الاعذار

إن من كان عنده فصل الخطاب ، لحقيق بأن يصدع بالحق وينطق بالصواب ، وقد بقي بعض الوجوه في رد تلك الاعذار ، فأحببت عرضه عليكم ، ليكون الحكم فيه موكولا إليكم .
( 639 )

قالوا في الجواب الاول : لعله صلى الله عليه وآله وسلم ، حين أمرهم باحضار الدواة لم يكن قاصدا لكتابة شيء من الاشياء ، وإنما أراد مجرد اختبارهم لا غير ، فنقول ـ مضافا إلى ما أفدتم ـ : إن هذه الواقعة إنما كانت حال احتضاره بأبي وأمي ـ كما هو صريح الحديث ، فالوقت لم يكن وقت اختبار ، وإنما كان وقت إعذار وإنذار ، ووصية بكل مهمة ، ونصح تام للامة ، والمحتضر بعيد عن الهزل والمفاكهة ، مشغول بنفسه وبمهماته ومهمات ذويه ، ولا سيما إذا كان نبيا .

وإذا كانت صحته مدة حياته كلها لم تسع اختبارهم ، فكيف يسعها وقت احتضاره ، على أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم ـ حين أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عنده ـ : قوموا ، ظاهر في استيائه منهم ، ولو كان الممانعون مصيبين لاستحسن ممانعتهم ، وأظهر الارتياح إليها ، ومن ألم بأطراف هذا الحديث ولا سيما قولهم : هجر رسول الله ، يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه إنما يريد أمرا يكرهونه ، ولذا فاجأوه بتلك الكلمة ، وأكثروا عنده اللغو واللغط والاختلاف كما لا يخفى ، وبكاء ابن عباس بعد ذلك لهذه الحادثة ، وعدها رزية دليل على بطلان هذا الجواب .

قال المعتذرون : ان عمر كان موفقا للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالى ، وهذا مما لا يصغى إليه في مقامنا هذا ، لانه يرمي إلى أن الصواب في هذه الواقعة إنما كان في جانبه لا في جانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وان إلهامه كان أصدق من الوحي الذي نطق عنه الصادق الامين صلى الله عليه وآله وسلم .

وقالوا : بأنه أراد التخفيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب املاء الكتاب في حال المرض ؛ وأنت
( 640 )
ـ نصر الله بك الحق ـ تعلم بأن في كتابة ذلك الكتاب راحة قلب النبي ، وبرد فؤاده ، وقرة عينه ، وأمنه على امته صلى الله عليه وآله وسلم ، من الضلال . على أن الامر المطاع ، والارادة المقدسة ، مع وجوده الشريف إنما هما له ، وقد أراد ـ بأبي وأمي ـ إحضار الدواة والبياض ، وأمر به ، فليس لاحد أن يرد أمره أو يخالف إرادته (
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )
( 859 ) .

على أن مخالفتهم لامره في تلك المهمة العظيمة ، ولغوهم ولغطهم واختلافهم عنده ، كان أثقل عليه وأشق من إملاء ذلك الكتاب الذي يحفظ أمته من الضلال ، ومن يشفق عليه من التعب بإملاء الكتاب كيف يعارضه ويفاجئه بقوله هجر ؟ !

وقالوا : ان عمر رأى أن ترك احضار الدواة والورق أولى ، وهذا من أغرب الغرائب ، وأعجب العجائب ، وكيف يكون ترك احضارهما ؛ أولى مع أمر النبي باحضارهما ، وهل كان عمر يرى أن رسول الله يأمر بالشيء الذي يكون تركه أولى ؟

وأغرب من هذا قولهم : وربما خشي أن يكتب النبي أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بتركها ، وكيف يخشى من ذلك مع قول النبي : لا تضلوا بعده ، أتراهم يرون عمر اعرف منه بالعواقب ، وأحوط منه واشفق على أمته ؟ كلا .

وقالوا : لعل عمر خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب ،
( 859 ) سورة الاحزاب آية : 36 .
( 641 )
لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة ، وأنت ـ نصر الله بك الحق ـ تعلم أن هذا محال مع وجود قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تضلوا ، لانه نص بأن ذلك الكتاب سبب للامن عليهم من الضلال ، فكيف يمكن أن يكون سببا للفتنة بقدح المنافقين ؟ وإذا كان خائفا من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب ، فلماذا بذر لهم بذرة القدح حيث عارض ومانع ، وقال هجر .

وأما قولهم في تفسير قوله : حسبنا كتاب الله أنه تعالى قال : (
ما فرطنا في الكتاب من
شيء ) وقال عز من قائل : (
اليوم أكملت لكم دينكم ) فغير صحيح ، لان الآيتين لا تفيدان الامن من الضلال ، ولا تضمنان الهداية للناس ، فكيف يجوز ترك السعي في ذلك الكتاب اعتمادا عليهما ؟ ولو كان وجود القرآن العزيز موجبا للامن من الضلال ، لما وقع في هذه الامة من الضلال والتفرق ، مالا يرجى زواله
(1) .

وقالوا في الجواب الاخير : ان عمر لم يفهم من الحديث ان ذلك الكتاب
____________
(1) وانت ـ نصر الله بك الحق ـ تعلم أن النبي ( ص ) لم يقل : ان مرادي ان اكتب الاحكام ، حتى يقال في جوابه حسبنا في فهمها كتاب الله تعالى ، ولو فرض ان مراده كان كتابة الاحكام ، فلعل النص عليها منه كان سببا للامن من الضلال ، فلا وجه لترك السعي في ذلك النص اكتفاء بالقرآن ، بل لو لم يمكن لذلك الكتاب إلا الامن من الضلال بمجرده لما صح تركه والاعراض عنه ، واعتمادا على ان كتاب الله جامع لكل شيء ، وانت تعلم اضطرار الامة إلى السنة المقدسة وعدم استغنائها عنها بكتاب الله تعالى وإن كان جامعا مانعا ، لان الاستنباط منه غير مقدور لكل أحد ، ولو كان الكتاب مغنيا عن بيان الرسول ما أمره الله تعالى ببيانه للناس اذ قال عز من قائل ( وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ) ( منه قدس ) .
( 642 )
سيكون سببا لحفظ كل فرد من أمته من الضلال ، وانما فهم أنه سيكون سببا لعدم اجتماعهم ـ بعد كتابته ـ على الضلال ( قالوا ) : وقد علم رضي الله عنه ان اجتماعهم على الضلال مما لا يكون ابدا ، كتب ذلك الكتاب أو لم يكتب ، ولهذا عارض يومئذ تلك المعارضة .

وفيه مضافا إلى ما أشرتم إليه : ان عمر لم يكن بهذا المقدار من البعد عن الفهم ، وما كان ليخفى عليه من هذا الحديث ما ظهر لجميع الناس ، لان القروي والبدوي انما فهما منه ان ذلك الكتاب لو كتب لكان علة تامة في حفظ كل فرد من الضلال ، وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث إلى افهام الناس ، وعمر كان يعلم يقينا ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يكن خائفا على أمته أن تجتمع على الضلال ، لانه رضي الله عنه ، كان يسمع قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تجتمع أمتي على ضلال ، ولا تجتمع على الخطأ ، وقوله : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ... الحديث
( 860 ) وقوله تعالى (
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا )
( 861 ) إلى كثير من نصوص الكتاب والسنة الصريحين بأن الامة لا تجتمع بأسرها على الضلال ، فلا يعقل مع هذا ان يسنح في خواطر عمر أو غيره ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حين طلب الدواة
( 860 ) راجع : كنز العمال ج 1 ص 160 ح 910 وص 185 ح 1030 و 1031 ط 2 بحدير اباد ، الدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 222 .
( 861 ) سورة النور آية : 55 .
( 643 )
والبياض ، كان خائفا من اجتماع أمته على الضلال ، والذي يليق بعمر ان يفهم من الحديث ما يتبادر إلى
الاذهان ، لا ما تنفيه صحاح السنة ومحكمات القرآن . على ان استياء النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم ، المستفاد من قوله : قوموا ، دليل على أن الذي تركوه كان من الواجب عليهم ، ولو كانت معارضة عمر عن اشتباه منه في فهم الحديث كما زعموا ؛ لأزال النبي شبهته وأبان له مراده منه ، بل لو كان في وسع النبي أن يقنعهم بما أمرهم به ، لما آثر إخراجهم عنه ، وبكاء ابن عباس وجزعه من أكبر الادلة على ما نقوله .

والانصاف ، ان هذه الرزية لمما يضيق عنها نطاق العذر ، ولو كانت ـ كما ذكرتم ـ قضية في واقعة ، كفرطة سبقت ، وفلتة ندرت ، لهان الامر ، وإن كانت بمجردها بائقة الدهر ، وفاقرة الظهر ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ش
1 ـ الاذعان بتزييف تلك الاعذار
2 ـ إلتماسه بقية الموارد

1 ـ قطعت على المعتذرين وجهتهم ، وملكت عليهم مذاهبهم ، وحلت بينهم وبين ما يرومون ، فلا موضع للشبهة فيما ذكرت ، ولا مساغ للريب في شيء مما به صدعت .
( 644 )

2 ـ فامض على رسلك حتى تأتي على سائر الموارد التي تأولوا فيها النصوص ، والسلام .
س
سرية أسامة

لئن صدعت بالحق ، ولم تخش فيه لومة الخلق ، فأنت العذق المرجب ، والجذل المحكك ، وانك لاعلى ـ من أن تلبس الحق بالباطل ـ قدرا ، وأرفع ـ من أن تكتم الحق ـ محلا ، وأجل من ذلك شانا ، وأبر وأطهر نفسا .

أمرتني ـ أعزك الله ـ أن أرفع إليك سائر الموارد التي آثروا فيها رأيهم على التعبد بالاوامر المقدسة ، فحسبك منها سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى غزو الروم ، وهي آخر السرايا على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد اهتم فيها ـ بأبي وأمي ـ اهتماما عظيما ، فأمر أصحابه بالتهيؤ لها ، وحضهم على ذلك ، ثم عبأهم بنفسه الزكية إرهافا لعزائمهم واستنهاضا لهممهم ، فلم يبق أحدا من وجوه المهاجرين والانصار كأبي بكر وعمر
(1) ( 862 )
____________
(1) اجمع أهل السير والاخبار على ان ابا بكر وعمر ( رض ) كانا في الجيش
=
أبوبكر وعمر في جيش أسامة
( 862 ) راجع في كون أبي بكر وعمر في جيش أسامة الذي بعثه النبي في مرضه :
=
( 645 )
____________
=
وارسلوا ذلك في كتبهم ارسال المسلمات وهذا مما لم يختلفوا فيه . فراجع ما شئت من الكتب المشتملة على هذه السرية ، كطبقات ابن سعد ، وتاريخي الطبري وابن الاثير ، والسيرة الحلبية ، والسيرة الدحلانية وغيرها ، لتعلم ذلك ، وقد أورد الحلبي حيث ذكر هذه السرية في الجزء الثالث من سيرته ، حكاية ظريفة ، نوردها بعين لفظه ، قال : ان الخليفة المهدي لما دخل البصرة رأى أياس بن معاوية الذي يضرب به المثال في الذكاء ، وهو صبي ووراءه اربع مئة من العلماء واصحاب الطيالسة فقال المهدي : اف لهذا العثانين اي ـ اللحى ـ أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث ؟ ثم التفت اليه المهدي وقال : كم سنك يا فتى ؟ فقال : سني اطال الله بقاء امير المؤمنين سن اسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول الله ( ص ) جيشا فيه ابوبكر وعمر ، فقال : تقدم بارك الله فيك ( قال الحلبي ) وكان سنة سبع عشرة سنة . اهـ ( منه قدس ) .
=
الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 93 ط الغري وج 2 ص 74 ط بيروت ، الكامل لابن الاثير ج 2 ص 317 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 53 وج 2 ص 21 أفست على ط 1 بمصر وج 1 ص 159 وج 6 ص 52 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، سمط النجوم
العوالي لعبد الملك العاصمي المكي ج 2 ص 224 ، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج 3 ص 207 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 339 .
ونقله في عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 ص 71 عن : كنز العمال ج 5 ص 312 ، ومنتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج 4 ص 180 وأنساب الاشراف ج 1 ص 474 وتهذيب ابن عساكر ج 2 ص 391 بترجمة اسامة .
( 646 )
وأبي عبيدة وسعد وأمثالهم ، الا وقد عبأه بالجيش
(1) ( 863 ) وكان ذلك لاربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشرة للهجرة ، فلما كان من الغد دعا أسامة ، فقال له : سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل ، فقد وليتك هذا الجيش ، فاغز صباحا على أهل أبنى
(2) ، وحرق عليهم ، وأسرع السير لتسبق الاخبار ، فإن أظفرك الله عليهم فأقل اللبث فيهم ، وخذ معك الادلاء ، وقدم العيون والطلائع معك . فلما كان اليوم الثامن والعشرون من صفر ، بدأ به صلى الله عليه وآله ، مرض الموت فحم ـ بأبي وأمي ـ وصدع ، فلما أصبح يوم التاسع والعشرين ووجدهم مثاقلين ، خرج إليهم فحضهم على السير ، وعقد صلى الله عليه وآله وسلم ، اللواء لاسامة بيده الشريفة تحريكا لحميتهم ، وإرهافا لعزيمتهم ، ثم قال : اغز بسم الله وفي سبيل الله ، وقاتل من كفر بالله . فخرج بلوائه معقودا ، فدفعه إلى بريدة ، وعسكر بالجرف ، ثم
____________
(1) كان عمر يقول لاسامة : مات رسول الله ( ص ) وأنت علي امير ، نقل عنه جماعة من الاعلام كالحلبي في سرية اسامة من سيرته الحلبية ، وغير واحد من المحدثين والمؤرخين ( منه قدس ) .
(2) أبنى ـ بضم الهمزة وسكون الباء ثم نون مفتوحة بعدها الف مقصورة ـ : ناحية بالبلقاء من أرض سوريا بين عسقلان والرملة ، وهي قرب مؤتة التي استشهد عندها زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين في الجنة عليه السلام ( منه قدس ) .
( 863 ) عمر يقول لاسامة : مات رسول الله ( ص ) وأنت علي أمير .
راجع : السيرة الحلبية ج 3 ص 209 ، كنز العمال للمتقي الهندي ج 15 ص 241 ح 710 ط 2 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 341 .
( 647 )
تثاقلوا هناك فلم يبرحوا ، مع ما وعوه من النصوص الصريحة في وجوب اسراعهم لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أغز صباحا على أهل أبنى »
( 864 ) . وقوله : « وأسرع السير لتسبق الاخبار »
( 865 ) إلى كثير من أمثال هذه الاوامر التي لم يعملوا بها في تلك السرية . وطعن قوم منهم في تأمير أسامة كما طعنوا من قبل في تأمير أبيه، وقالوا في ذلك فأكثروا ، مع ما شاهدوه من عهد النبي له بالامارة ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم له يومئذ : « فقد وليتك هذا الجيش »
( 866 ) ورأوه يعقد له لواء الامارة ـ وهو محموم ـ بيده الشريفة ، فلم يمنعهم ذلك من الطعن في تأميره حتى غضب صلى الله عليه وآله وسلم ، من طعنهم غضباً ، غضبا شديدا ؛ فخرج ـ بأبي وأمي ـ معصب الرأس
(1) ، مدثرا بقطيفته ، محموما ألما ، وكان ذلك يوم السبت لعشر خلون
____________
( 1 ) كل من ذكر هذه السرية من المحدثين وأهل السير والاخبار ، نقل طعنهم في تأمير أسامة وأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، غضب غضبا شديدا ، فخرج على الكيفية التي ذكرناها ، فخطب الخطبة التي أوردناها ، فراجع سرية
=
( 864 ) راجع : المغازي للواقدي ج 3 ص 1117 ، السيرة الحلبية ج 3 ص 207 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 339 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 .
( 865 ) راجع : المغازي للواقدي ج 3 ص 1117 و 1123 ، السيرة الحلبية ج 3 ص 207 ، السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 339 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 .
( 866 ) راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 53 أفست على ط 1 بمصر وج 1 ص 159 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، المغازي للواقدي ج 3 ص 1117 ، السيرة الحلبية ج 3 ص 207 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 339 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 .
( 648 )
من ربيع الاول قبل وفاته بيومين ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ـ فيما أجمع أهل الاخبار على نقله ، واتفق أولوا العلم على صدوره ـ : « أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وايم الله إنه كان لخليقا بالامارة ، وإن ابنه من بعده لخليق بها »
( 867 ) وحضهم على المبادرة إلى السير ، فجعلوا يودعونه ويخرجون إلى العسكر بالجرف ، وهو يحضهم على التعجيل ، ثم ثقل في مرضه ، فجعل يقول : جهزوا جيش أسامة ، أنفذوا جيش أسامة ، أرسلوا بعث أسامة ، يكرر ذلك وهم مثاقلون ، فلما كان يوم الاثنين الثاني عشر من ربع الاول دخل أسامة من معسكره على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأمره بالسير قائلا له : « اغد على بركة الله تعالى »
( 868 ) فودعه وخرج إلى المعسكر ، ثم رجع ومعه عمر وأبوعبيدة ، فانتهوا إليه وهو يجود بنفسه ، فتوفي ـ روحي وأرواح العالمين له الفداء ـ في ذلك اليوم .
____________
=
أسامة من طبقات ابن سعد ، وسيرتي الحلبي والدحلاني ، وغيرها من المؤلفات في هذا الموضوع ( منه قدس ) .
( 867 ) راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 53 أفست على ط 1 بمصر وج 1 ص 159 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 ص 70 ، المغازي للواقدي ج 3 ص 1119 ، السيرة الحلبية ج 3 ص 207 ، السيرة النبوية بهامش الحلبية ج 2 ص 339 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 .
( 868 ) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 53 أفست على ط 1 بمصر وج 1 ص 160 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، المغازي للواقدي ج 3 ص 1120 ، السيرة الحلبية ج 3 ص 208 ، السيرة النبوية بهامش الحلبية ج 2 ص 340 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 191 .
( 649 )
فرجع الجيش باللواء إلى المدينة الطيبة ، ثم عزموا على إلغاء البعث بالمرة ، وكلموا أبا بكر في ذلك ، وأصروا عليه غاية الاصرار ، مع ما رأوه بعيونهم من اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، في إنفاذه ، وعنايته التامة في تعجيل إرساله ، ونصوصه المتوالية في الاسراع به على وجه يسبق الاخبار ، وبذله الوسع في ذلك منذ عبأه بنفسه وعهد إلى أسامة في أمره ، وعقد لواءه بيده إلى أن احتضر ـ بأبي وأمي ـ فقال : اغد على بركة الله تعالى ، كما سمعت ، ولولا الخليفة لاجمعوا يومئذ على رد البعث ، وحل اللواء ، لكنه أبى عليهم ذلك . فلما رأوا منه العزم على إرسال البعث ، جاءه عمر بن الخطاب حينئذ يلتمس منه بلسان الانصار أن يعزل أسامة ، ويولي غيره .

هذا ولم يطل العهد منهم بغضب النبي وانزعاجه ، من طعنهم في تأمير أسامة . ولا بخروجه من بيته بسبب ذلك محموما معصباً مدثرا ، يرسف في مشيته ، ورجله لا تكاد تقله ، مما كان به من لغوب ، فصعد المنبر وهو يتنفس الصعداء ويعالج البرحاء ، فقال : « أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة ، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وأيم الله انه كان لخليقا بالامارة ، وإن ابنه من بعده لخليق بها » فأكد صلى الله عليه وآله وسلم ، الحكم بالقسم ، وإن واسمية الجملة ، ولام التأكيد ، ليقلعوا عما كانوا عليه ، فلم يقلعوا ، لكن الخليفة أبى أن يجيبهم إلى عزل أسامة ، كما أبى أن يجيبهم إلى الغاء البعث ، ووثب فأخذ بلحية عمر
(1) فقال : « ثكلتك أمك
____________
(1) نقله الحلبي والدحلاني في سيرتيهما ، وابن جرير الطبري في احداث سنة 11 من تاريخه ، وغير واحد من أصحاب الاخبار ( منه قدس ) .
( 650 )
وعدمتك يا ابن الخطاب ، استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتأمرني أن أنزعه »
( 869 ) ولما سيروا الجيش ـ وما كادوا يفعلون ـ ، خرج أسامة في ثلاثة آلاف مقاتل فيهم ألف فرس
(1) ، وتخلف عنه جماعة ممن عبأهم رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ، في جيشه . وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ فيما أورده الشهرستاني في المقدمة الرابعة من كتاب الملل والنحل : « جهزوا جيش أسامة ، لعن الله من تخلف عنه »
( 870 ) .

وقد تعلم ، انهم إنما تثاقلوا عن السير أولا ، وتخلفوا عن الجيش أخيرا ، ليحكموا قواعد سياستهم ، ويقيموا عمدها ، ترجيحا منهم لذلك على التعبد بالنص ، حيث رأوه أولى بالمحافظة ، وأحق بالرعاية ، إذ لا يفوت البعث بتثاقلهم عن السير ، ولا بتخلف من تخلف منهم عن الجيش ، أما الخلافة فإنها تنصرف عنهم لا محالة إذا انصرفوا إلى الغزوة قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان ـ بأبي وأمي ـ أراد أن تخلو منهم العاصمة ، فيصفوا الامر
____________
(1) فشن الغارة على اهل أبنى ، فحرق منازلهم ، وقطع نخلهم ، وأجال الخيل في عرصاتهم ، وقتل من قتل منهم ، واسر من أسر ، وقتل يؤمئذ قاتل أبيه ، ولم يقتل ، والحمد لله رب العالمين من المسلمين احد ، وكان أسامة يومئذ على فرس أبيه وشعارهم يا منصور امت ـ وهو شعار النبي ( ص ) يوم بدر ـ وأسهم للفارس سهمين ، وللراجل سهما واحدا وأخذ لنفسه مثل ذلك ( منه قدس ) .
( 869 ) راجع : تاريخ الطبري ج 3 ص 226 ، الكامل ج 2 ص 335 ، السيرة الحلبية ج 3 ص 209 ، السيرة النبوية بهامش الحلبية ج 2 ص 340 .
( 870 ) يوجد في : الملل والنحل للشهرستاني الشافعي ج 1 ص 23 أفست دار المعرفة في بيروت على ط مصر تحقيق محمد كيلاني وج 1 ص 20 بهامش الفصل لابن حزم أفست دار المعرفة أيضا .
( 651 )
من بعده لامير المؤمنين علي بن أبي طالب على سكون وطمأنينة ، فإذا رجعوا وقد أبرم عهد الخلافة ، وأحكم لعلي عقدها ، كانوا عن المنازعة والخلاف أبعد . وإنما أمر عليهم أسامة وهو ابن سبع عشرة سنة
(1) ليا لاعنة البعض ، وردا لجماح أهل الجماح منهم ، واحتياطا على الامن في المستقبل من نزاع أهل التنافس لو أمر أحدهم ، كما لا يخفى ، لكنهم فطنوا إلى ما دبر صلى الله عليه وآله وسلم ، فطعنوا في تأمير أسامة ، وتثاقلوا عن السير معه ، فلم يبرحوا من الجرف حتى لحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بربه ، فهموا حينئذ بإلغاء البعث وحل اللواء تارة ، وبعزل أسامة اخرى ، ثم تخلف كثير منهم عن الجيش كما سمعت . فهذه خمسة أمور في هذه السرية لم يتعبدوا فيها بالنصوص الجلية ، إيثارا لرأيهم في الامور السياسية ، وترجيحا لاجتهادهم فيها على التعبد بنصوصه صلى الله عليه وآله وسلم ، والسلام .
ش
1 ـ العذر فيما كان منهم في سرية أسامة
2 ـ لم يرد حديث في لعن المتخلف عن تلك السرية

1 ـ نعم كان رسول الله عليه السلام قد حضهم على تعجيل السير في غزوة أسامة ، وأمرهم بالاسراع كما ذكرت ، وضيق عليهم في ذلك حتى
____________
(1) على الاظهر ، وقيل كان ابن ثمان عشرة سنة ، وقيل ابن تسع عشرة سنة ، وقيل ابن عشرين سنة ، ولا قائل بأن عمره كان اكثر من ذلك ( منه قدس ) .
( 652 )
قال لاسامة حين عهد إليه : أغز صباحا على أهل أبنى ، فلم يمهله إلى المساء ، وقال له : أسرع السير فلم يرض منه إلا بالاسراع ، لكنه عليه السلام تمرض بعد ذلك بلا فصل ، فثقل حتى خيف عليه ؛ فلم تسمح نفوسهم بفراقه وهو في تلك الحال ، فتربصوا ينتظرون في الجرف ما تنتهي إليه حاله ، وهذا من وفور إشفاقهم عليه ، وولوع قلبهم به ، ولم يكن لهم مقصد في تثاقلهم إلا انتظار احدى الغايتين ، إما قرة عيونهم بصحته ، وإما الفوز بالتشرف في تجهيزه ، وتوطيد الامر لمن يتولى عليهم من بعده ، فهم معذورون في هذا التربص ، ولا جناح عليهم فيه .

وأما طعنهم قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تأمير أسامة مع ما وعوه ورأوه من النصوص قولا وفعلا على تأميره ، فلم يكن منهم إلا لحداثته مع كونهم بين شيوخ وكهول ، ونفوس الكهول والشيوخ تأبى ـ بجبلتها ـ أن تنقاد إلى الاحداث ، وتنفر بطبعها من النزول على حكم الشبان ، فكراهتهم لتأميره ليست بدعا منهم ، وإنما كانت على مقتضى الطبع البشري ، والجبلة الآدمية ، فتأمل .

وأما طلبهم عزل أسامة بعد وفاة الرسول ، فقد اعتذر عنه بعض العلماء بأنهم ربما جوزوا ان يوافقهم الصديق على رجحان عزله لاقتضاء المصلحة ـ بحسب نظرهم ـ هكذا قالوا ، والانصاف أني لا أعرف وجها يقبله العقل في طلبهم عزله بعد غضب النبي من طعنهم في تأميره ، وخروجه بسبب ذلك محموما معصبا مدثرا ، وتنديده بهم في خطبته تلك على المنبر التي كانت من الوقائع التاريخية الشائعة بينهم ، وقد سارت كل مسير ، فوجه معذرتهم بعدها لا يعلمه الا الله
تعالى .

وأما عزمهم على إلغاء البعث ، وإصرارهم على الصديق في ذلك ، مع
( 653 )
ما رأوه من اهتمام النبي في إنفاذه ، وعنايته التامة في تعجيل إرساله ، ونصوصه المتوالية في ذلك ، فإنما كان منهم احتياطا على عاصمة الاسلام أن يتخطفها المشركون من حولهم ؛ إذا خلت من القوة ، وبعد عنها الجيش ، وقد ظهر النفاق بموت النبي عليه السلام ، وقويت نفوس اليهود والنصارى ، وارتدت طوائف من العرب ، ومنع الزكاة طوائف أخرى ، فكلم الصحابة سيدنا الصديق في منع أسامة من السفر فأبى ، وقال : والله لئن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

هذا ما نقله أصحابنا عن الصديق ، وأما غيره فمعذور من رد البعث ، إذ لم يكن لهم مقصد سوى الاحتياط على الاسلام .

وأما تخلف أبي بكر وعمر وغيرهما عن الجيش حين سار به أسامة ، فإنما كان لتوطيد الملك الاسلامي ، وتأييد الدولة المحمدية ، وحفظ الخلافة التي لا يحفظ الدين وأهله يومئذ إلا بها .

2 ـ وأما ما نقلتموه عن الشهرستاني في كتاب الملل والنحل ، فقد وجدناه مرسلا غير مسند ، والحلبي والسيد الدحلاني في سيرتيهما قالا : لم يرد فيه حديث أصلا . فان كنت سلمك الله ترى من طريق أهل السنة حديثا في ذلك ، فدلني عليه والسلام .
س