وبالمعيار الموضوعي ، فانه اذا قدر للشخص العادي ان يختار بين السلطة وبين خصومها ، فانه سيختار جانب السلطة لانها هي الجانب الاقوى ، خاصة وان معارضات اهل البيت تتابعت ، وكاد حبل الود ان ينقطع نهائيا بينهم وبين السلطة عندما هم عمر باحراق بيت فاطمة على من فيه ، ولكن الله سلم (1) .
ولقد بلغ من حجم القناعة لدى السلطة انها اقتنعت بأنه لا يجوز لبني هاشم ان يجمعوا مع النبوة الخلافة كوسيلة لمنع الاجحاف الهاشمي ، وآمنت السلطة ان قريش قد اهتدت عندما اخذت بهذا المبدأ (2) والاهم من ذلك انه قد وضع شرط بأنه لا يجوز ان يسلط هاشمي على رقاب الناس حتى ولو كان ذا قوة وامانة ، وقد نفذ هذا الشرط بدقة في عهدي ابي بكر وعمر ، وكان عمر يحرص على ان يتولى اعماله اي مؤيد لهم (3) فعزل علي وعزلت شيعته وتعايش الامام مع الشيخين وتعايشت شيعته ، وقدم اهل البيت في زمنهما على الجميع في العطايا ، فكانوا يبدأون بآل محمد ثم ببقية الناس ، وآمن الامام واهل البيت وشيعتهم على ارواحهم واموالهم ، وكانا يستشيران الامام ويرجعان اليه في كثير من الامور ، واستقرت الاحوال وساعد على استقرارها فتوح البلدان وعدم تدنس الشيخين بشهوة .
وبعد فترة من استلام عثمان للخلافة ، بدأ الصحابة يتراجعون من حوله ، وبدأ الامويون ينزون في بلاطه ، فانفض الصحابة جميعا من حوله ، والتف الامويون عليه ، وغص بهم بلاطه . ولم يأت الامويون بجديد ، فآل البيت وشيعتهم الذين حرموا الاعمال في زمن الشيخين غير وارد ان يتولوها في زمن عثمان ، ولان الامام وشيعته لا يمكن ان يسكتوا على اخطاء بني امية وهم حاشية عثمان وعماله ، اعتبروا ان امر اهل البيت بالمعروف ونهيهم عن المنكر معارضة للامويين لانهم امويون . فلذلك ضاقوا ذرعاً بعلي وبشيعته ، وتراكمت هذه المعارضة مع تركات الماضي بين الهاشميين
____________
(1) راجع مراجع التمريق .
(2) راجع الكامل في التاريخ لابن الاثير ج 3 ص 24 آخر سيرة عمر من حوادث سنة 23 وراجع شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن ابي الحديد وراجع كتابنا النظام السياسي في الاسلام ص 149 وما فوق .
(3) مروج الذهب ج 2 ص 353 للمسعودي .

( 182 )

والامويين وما زالت تكبر وتكبر حتى حدثت المواجهة المسلحة بين الامويين برئاسة معاوية والي الشام وبين الامة برئاسة امامها ووليها علي ، وانتصرت القوة على الشرعية وتوج معاوية ملكا حقيقيا على الامة وسمي العام بعام الجماعة . وبدأ عهداً جديداً لمطاردة آل محمد مليء بالدمع والدم ، فأبيدوا الا من كتبت له الحياة ، وفرضت مسبتهم وشتمهم في الامصار ، ورددت الامة المسبات والشتائم وراء الحكام ، وطوردت شيعة آل محمد ، ولم يجيزوا لاحد من اهل البيت او لاحد من شيعتهم شهادة ، ومحوا من الديوان كل من يظهر حبه لعلي واولاده واسقطوا عطاءهم ورزقهم (1) .

طاقم المرجعية الجديد

الخليفة الغالب ـ كائناً من كان ـ هو المرجع للامة في كل شؤونها الدنيوية والآخروية بدلاً من ولي الامة وعميد اهل بيت النبوة .
والصحابة الكرام كلهم وبلا استثناء هم المرجعية الجماعية للامة لانهم عدول ومن اهل الجنة ، وهم البديل لاهل بيت النبوة المطهرين بالنص ، فأهل البيت عارضوا ، والصحابة والوا .
واذا انقرض جيل الصحابة يأتي التابعون فيكونوا هم المرجعية الجماعية التي تساعد الخليفة مرجع الامة الاعلى ، فاذا انقرض جيلهم يأتي تابعوا التابعين .
ثم يأتي بعدهم العلماء ، فالعلماء ورثة الانبياء وهم يقومون بدور المرجعية بالتعاون مع الحكام ، وبالنتيجة فان وجود اهل البيت ثانوي جداً امام هذا الطاقم .

اثر المعارضة

تحولت توجهات الاكثرية وافعالها الى قناعات عامة ترسخت في الاذهان واستقرت نهائياً ، وضاق صدرها بمن يعارض هذه القناعات وتم عزله والتضييق عليه ، والتقليل من شأنه ، والتشهير به ، واعتباره خارجا على الجماعة ، ومتوليا غير سبيل المؤمنين ، وشوهت سمعة المعارضين ، وحرفت وجهات نظرهم حتى اصبحت تهمة الكفر اخف
____________
(1) راجع تاريخ ابن عساكر ج 3 ص 407 وراجع معاوية في الميزان للعقاد ص 16 وراجع شيخ المضيرة للشيخ محمود ابو رية ص 180 .
( 183 )

من تهمة التشيع لاهل البيت ، فمن يكفر بالله ويرتد عن دينه يستتاب ، فاذا عاد عن كفره ولو بلسانه قابلوه بالترحاب ، اما التشيع لاهل البيت فلا توبة له ، وموالاة الكافرين اهون من موالاة آل محمد ، وتحولت هذه القناعات الى تركة ترثها الامة كما ترث المتاع ، فقد ورثت ـ كما ارث المتاع عن آبائي واجدادي ـ ان الشيعة كفار ، لانهم يؤلهون عليا ، ولانهم يطعنون بالصحابة الكرام ولانهم ... الخ وانا ورثت هذه الافكار لاولادي ، لكن لا انا ولا اجدادي ولا آبائي ولا اولادي قد سمعوا وجهة نظر الشيعة بهذه التهم ، ولا تأكدنا من صحة هذه الاتهامات ، وليس بأيدينا اي دليل على صحتها سوى التقليد ، وكل ما نعرفه بالتقليد ان الشيعة هم اعداء الامة ، وحتى علماء اهل السنة المعاصرين الذين يدرسون علماء الغد في الجامعات لا يعرفون معنى التشيع ولا متى نشأ ، ولا كيف ، وان عرضوا وجهة نظر الشيعة ، فانهم ينقلون بالحرف وجهات نظر اعداء الشيعة بالشيعة كما هي بالرغم من مرور 1400 عام عليها وكما ذكرها خصوم الشيعة ، فالخصم هو الراوي وهو الحكم وهو القاضي ، مع ان الخلاف في حقيقته وجوهره هو خلاف سياسي ، ومع ان الشيعة تعلموا الاسلام وفهموه عن طريق اهل البيت ، ومذهب اهل البيت هو مذهب محمد صلى الله عليه وآله وسلم . والفئة الناجية هي الفئة التي تهتدي بهداهم .

* *


( 184 )



( 185 )

الفصل السادس
من هو المرجع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟

أ ـ ضرورة المرجعية

هم يقولون : ليس صحيحا ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ترك هذه الامة بدون ولي ولا مرجع ، لان الولاية والمرجعية امران جوهريان لا غنى للامة عنهما وفي كل زمان ، والقول بترك الامة بدون ولي ولا مرجع يناقض كمال الدين وتمام النعمة ، وتغطية البيان لكل شيء ( تبياناً لكل شيء ) فكيف يكون التبول شيئاً ويبين النبي للناس كيف يتبولون ، ولا تكون الولاية والمرجعية شيئا ويتركها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دون بيان ؟ وبالتناوب ، فان عدم بيان الولاية والمرجعية من بعده يناقض رحمة النبي ورأفته بهذه الامة وحرصه على مستقبلها ، لان الله قذف في قلبه الكبير المحبة والرحمة والرأفة بهذه الامة كما هو ثابت في القرآن الكريم . ثم من يقوم بوظائفه الدينية والدنيوية من بعده ؟ فمن يبين القرآن ؟ ومن يحدد دائرة الشرعية ؟ ومن سيكون سفينة النجاة للامة ؟ ومن يقود الناس للهدى ؟ ومن يكون اماناً لها ؟ هذه اختصاصات فنية كالطب والهندسة وعلم الذرة ، وهذه امور لا يعلمها على وجه الجزم واليقين الا الاعلم بالعقيدة والافضل والانسب بجمع الولاية مع المرجعية ، وهذه صفات لا يعلمها على وجه الجزم واليقين الا الله ، ومن المحال بالشرع والعقل ان يتركها لاهواء الناس ، ثم انها من ضرورات الدين ومن المستلزمات الاساسية للدعوة وللدولة وللامة معا . واكبر دليل على ضرورتها ان الذين انكروها وانكروا ان يكون النبي قد بينها عادوا


( 186 )

واوجدوا ولاية وضعية ، واستقرت هذه الولاية الوضعية لمن غلب بعد ان قتل مئات الآلاف من ابناء الامة في سبيل تحقيق الغلبة للغالب الذي يجمع الامة تحت امرته بالقوة . وبغياب الفارس الغالب ركبت كل مجموعة من الناس رأسها ، وكونت ولاية وضعية ومرجعية خاصة بها .

ب ـ البيان الالهي للمرجعية

الله تبارك وتعالى هو الذي انزل القرآن كرسالة الهية لبني البشر ، وكعقيدة الهية تقدم لهم تصوراً يقينياً لحركة كل شيء وتنظم امور دينهم ودنياهم في الحياة الدنيا ، وتستكشف لهم المعالم الاساسية للحياة الآخرة ، وتربط الحياتين برباط عضوي محكم ، وكضرورة من ضرورات الكتاب انزله على عبده محمد ليبينه للناس بياناً نظرياً وعملياً على صعيدي الدعوة والدولة معاً ، فقاد النبي الدعوة بنفسه وترأس الدولة بنفسه عند ما تمخضت الدعوة عن دولة وخلال مرحلتي الدعوة والدولة بين العقيدة بياناً كاملاً ، وبينت العقيدة كل شيء للذين تلقوا الذكر . فمحمد هو المرجع ببيان العقيدة لانه الاعلم بها ، والافهم لاحكامها ، والافضل بين اتباعها ، والانسب لقيادة هؤلاء الاتباع وتطبيق احكام العقيدة عليهم . فلا احد في الدنيا ينوب عن محمد بهذه المهمة ، ولا احد يغني ويسد مسده اثناء حياته المباركة ، وصاحب الاختصاص بانتداب محمد لهذه المهمة هو الله ، لانه لا احد يعرف على وجه الجزم واليقين الاعلم بالعقيدة ، والافهم لاحكامها ، والافضل بين اتباعها ، والانسب لقيادة هؤلاء الاتباع ، وتطبيق احكام العقيدة عليهم الا الله ، لذلك حصر بنفسه حق اختيار هذا المرجع والولي ، وطرحه امام البشر وشهد له بأنه الاعلم والافهم والافضل والانسب ، وخوله صلاحية بيان العقيدة للناس ، وصلاحية المرجعية وصلاحية الجمع بين الولاية على الاتباع ، والمرجعية في الدين ، والحكم بين الناس على ضوء احكام هذا الدين .
فاذا قبلت الامة المرجعية والولاية التي طرحها الله قدمها لهم وبايعت بالرضا يصبح المرجع والولي هو محمد .
ولان الدعوة مستمرة الى يوم الدين ، والدولة المؤمنة تدعم دعوة الايمان ، ولان الغاية هداية البشرية كلها ، ولان محمداً بشر وميت لا محالة ، ولان الله وحده هو الذي


( 187 )

يعلم على وجه الجزم واليقين من هو من اتباع محمد الاعلم والافهم بالعقيدة ، والافضل بين الاتباع في ذلك الزمان ، والانسب لقيادة هؤلاء الاتباع ، فانه ايضا قد اختص بتقديم الولي والمرجع بعد وفاة محمد ، فاذا بايعت الامة وقبلت بمن قدمه الله ولياً ومرجعا لها فقد اهتدت ، واذا لم تبايعه الامة تحدث عملية انفكاك بين الولاية وبني المرجعية ، فيكون الحاكم شخصا والمرجع شخصا آخر ، ومع الايام يستحوذ الحاكم على الحكم والمرجعية .
فالحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام هو امام بالنص ، وولي بالنص ، ومرجع بالنص وهو القدوة في زمانه بالنص . ولكن الامة رغبة او رهبة بايعت يزيد بن معاوية ، فأصبح يزيد هو الحاكم والحسين هو المرجع ، والاصل ان يكون الحسين هو الامام ( الحاكم ) وهو المرجع معاً ، ولكن لان الامة بايعت يزيداً تم الفصل بين الولاية ( الحكم ) وبين المرجعية فأصبح يزيد هو الحاكم الواقعي ، ولان المرجعية تابعة للولاية ، فلن يهنأ الحاكم قبل ان يجرد المرجع من اختصاصاته المرجعية ليجمع بيده الولاية والمرجعية ، وهذا ما حدث فلا وسيلة لتجريد الحسين من مرجعيته تبعا لتجريده من الولاية الا بقتله ، فقتله يزيد .
وتقول الشيعة ان حالة المسلمين ومستقبلهم يتوقف على توحيد المرجعية مع الحكم او الولاية بحيث يكون الولي هو المرجع ، وبحيث يكون الولي والمرجع هو بنفسه المعين من قبل الله .
والخلاصة ان المختص ببيان الامام او الولي والمرجع هو الله ، لانه وحده يعلم من هو الاعلم والافهم بأحكام العقيدة ، ومن هو الافضل والانسب من الاتباع للقيادة وفق احكام الاسلام ، وانه تعالى قد اختار للامة الاسلامية وليها ومرجعها قبل ان ينتقل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى الرفيق الاعلى ، وان الله قد امر النبي باعلان ذلك ، فأعلن امام مائة الف مسلم في حجة الوداع ، وتكرر اعلان النبي لهذا الامر الالهي عشرات المرات ، ولكن الامة بايعت غير هذا الولي والمرجع ، فحدثت عملية الانفكاك بين الولاية ( الحكم ) وبين المرجعية ، ثم زحف الحكام وجردوا الولي في كل زمان من المرجعية ، وجمعوا بأيديهم ( كحكام ) الولاية والمرجعية معا بسند الغلبة .


( 188 )

من هو هذا الولي والمرجع الذي عينه الله ؟

تقول الشيعة انه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام فقد اختاره الله ليخلف نبيه بالولاية والمرجعية ، وكلف الله نبيه بأن يعلن هذا الاختيار الالهي فأعلنه النبي امام مائة الف مسلم في حجة الوداع ، وانه تعالى اعلن امامة الحسن من بعده ، وامامة الحسين من بعد الحسن ، ورتبت الامور بحيث يتعين كل واحد من الائمة بنص من سبقه عليه ووصلوا الى اثنى عشر اماما ، والامام الثاني عشر هو المهدي عجل الله فرجه ، وهو الحاكم الشرعي للجمهورية ايران الاسلاميه حسب منطوق المادة الخامسة من الدستور الايراني ، والامام الفعلي في ايران ما هو الا نائب للامام الشرعي ، يمارس اعمال الامام والمرجعية نيابة عن صاحبها الشرعي حتى يظهره الله .
وكقاعدة ، فان عميد اهل بيت النبوة في كل زمان هو الامام وهو الولي وهو المرجع حسب الشرع ، وعمادة اهل البيت قائمة الى يوم الدين ، ولا تنقطع الذرية المباركة بالرغم من محاولات الحكام طوال التاريخ لابادة هذه الذرية الطاهرة .

ما هو سبب عداء اهل السنة للشيعة ؟

طالما ان اهل الشيعة على حق ، فلماذا عاداهم اهل السنة ؟ لان ما تقول به الشيعة يسحب البساط من تحت اقدام الحكام ، ويزيل مبرر وجودهم ويخلق المبرر لاعداء الحكام بأن يحلوا محلهم ، ولان الحكام لهم السيطرة الكاملة واقعيا على موارد الدولة وتتصرف بهذه الموارد كما تشاء من الناحية العملية ، ولان الحكام تحت امرتهم جيوش تتقاضى رواتبها من الناحية العملية من الحكام وتتبع ارادة هذه الجيوش لارادة الحكام ، ولان الحكام يملكون فعلا السيطرة على وسائل الاعلام ، ولان الشيعة كانوا حزب معارضة طوال التاريخ ، لذلك نقم منهم الحكام وطاردهم وصورهم كأنهم شياطين وعصاة وخارجون على اجماع الامة ، ولم يكن امام الاكثرية الساحقة من الامة بديل سوى مجاراة الحكام ، ولان الشيعة لم تتح لهم الفرصة لعرض وجهة نظرهم بحرية ، فقد قام الحكام بعرض وجهات نظر الشيعة بشكل محرف ومزور ، وتناقلت الامة وجهات النظر التي ذكرها اعداء الشيعة نيابة عنهم ولغايات تنفير الناس من الشيعة جيلا بعد جيل . واستقرت مزاعم الحكام عن الشيعة وكأن هذه المزاعم حقيقية ، واكثر الناس يعتبرونها حقيقية لكثرة ما نقلت اليهم وما تم تداولها .


( 189 )

عجلة اهل السنة

يتصايح اهل السنة من كل حدب وصوب وهم يرددون : لا تصدق الشيعة فقد مهروا بعداء هذه الامة واطمأنوا للخروج من الجماعة ، طالبهم بالدليل على ما يزعمون .

الرد على العجلة

تقول الشيعة : ان العام الذي انتصرت فيه القوة على الشرعية هو عام الجماعة عند اهل السنة ، وان فكرة التسنن التي اخذ اهل السنة منها اسمهم نشأت في الزمن الذي انتصرت فيه القوة على الشرعية ، وليس كما يتصور العامة بأن اهل السنة هم اهل سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فالشيعة هم احرص الناس على ما صدر من الرسول من قول او فعل ، ولو تركنا التقليد الاعمى لتبين انا لا نلقى القول على عواهنه ، وبامكانكم ان تتأكدوا من صحة ما ذكرناه ، فان كان حقنا كففتم لومكم عنا ، وان كان باطلاً رجعنا عنه ( ان الباطل كان زهوقاً ) ونزولاً عند رغبة عشاق الحقيقة نقدم الدليل القاطع على ما قلناه .

المرجعيتان

لدى الاسلام برأي الشيعة مرجعيتان بعد وفاة النبي :
المرجعية الاولى فردية : عميد اهل بيت النبوة واول العمداء علي عليه السلام ، وهي تقابل فردية الحاكم الغالب عند اهل السنة .
المرجعية الثانية جماعية : وهي عترة النبي واهل بيته ، وهم يوالون عميدهم ويساعدونه بحفظ الدين على اصوله المستقرة .

الله هو الذي عين المرجعيتين

ويقول اهل الشيعة بأن الله تعالى هو الذي عين المرجعيتين بالنص ، وامر نبيه ان يعلن للمسلمين هذا التعيين الالهي فأعلنه بأكثر من مناسبة .


( 190 )

الدليل الشرعي على تعيين الله للمرجعية الفردية

الاول : آية الولاية وهي الاية 55 من سورة المائدة ( انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون ) وقد نزلت هذه الآية في علي حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته . وتفسير هذه الآية مفصل بتفسير الثعلبي على سبيل المثال ، وعندما رأي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا وهو يتصدق بخاتمه اثناء ركوعه في الصلاة ، دعا محمد ربه بالدعاء الذي دعا فيه موسى ربه ( واجعل لي وزيراً من اهلي عليا اشدد به ظهري ... ) قال ابو ذر : فوالله ما اتم الرسول صلى الله عليه وآله دعاءه حتى نزل عليه جبريل ومعه آية الولاية .
وقد اجمع المفسرون على نزول هذه الآية في علي (1) .
وبالفعل فقد نصب النبي صلى الله عليه وآله وسلم امير المؤمنين علياً مرجعاً وخليفة من بعده في جمع ضم مائة الف مسلم في غدير خم ، وذلك يوم الخميس وقد نزل عليه جبريل بعد مضي خمس ساعات من النهار فقال ( يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك ... ) .
____________
(1) ونقل هذا الاجماع غير واحد كالامام القوشجي في مبحث الامامة من شرح التجريد وراجع تفسير الامام ابي اسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي الذي قال عنه ابن خلكان في وفياته انه اوحد زمانه في علم التفسير . وراجع على سبيل المثال شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 161 ومناقب علي بن ابي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 311 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 228 و 250 ، وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 88 و 102 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 187 وترجمة الامام علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 409 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 108 و 123 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 293 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 53 ، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ص 181 والكشاف للزمخشري ج 1 ص 649 وتفسير الطبري ج 6 ص 288 ـ 289 ، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي الحنبلي ج 2 ص 383 وتفسير القرطبي ج 6 ص 216 ، والتفسير المنير لمعالم التنزيل للجادي ج 1 ص 210 وفتح البيان في مقاصد القرآن ج 3 ص 51 واسباب النزول للواحدي ص 148 ، والباب المنقول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين ص 213 وتذكرة الخواص للسبط الجوزي الحنفي ص 18 وص 208 وتفسير الرازي ج 12 ص 20 و 26 وتفسير ابن كثير ج 2 ص 71 .. الخ وهنالك 36 مرجعاً لم تذكر .
( 191 )

وقد نزلت هذه الآية يوم الغدير (1) .
وبعد ان نصب الرسول علياً اماماً ومرجعاً وخليفة من بعده نزلت الآية ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً ) وهذه الآية نزلت بذي الحجة وبمنطقة غدير خم ، وبنفس المكان الذي نصب فيه امير المؤمنين ومباشرة بعد تنصيبه (2) .
وبعد تنصيب الامام علي بن ابي طالب ولياً ومرجعاً وخليفة للامة بعد النبي تقدم عمر بن الخطاب من امير المؤمنين علياً وقال له مداعباً ( بخ بخ لك يا ابن ابي طالب اصبحت مولاي ومولى كل مسلم ) وتلك حقيقة (3) .
____________
(1) ترجمة الامام علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 86 وفتح البيان في مقاصد القرآن للعلامة صديق حسن خان ملك بهوبال ج 3 ص 63 وشواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في اهل البيت للحاكم الحسكاني ج 1 ص 187 واسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 115 والدر المنثور في تفسير القرآن لجلال الدين السيوطي الشافعي ج 2 ص 298 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 60 وتفسير الفخر الرازي الشافعي ج 12 ص 50 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 44 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 25 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 120 و 249 والملل والنحل للشهرستاني الشافعي ج 1 ص 163 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 158 ، وعمدة القارىء في شرح صحيح البخاري لبدر الدين الحنفي ج 8 ص 58 ومودة العربي للهمداني وروح المعاني للآلوسي ج 2 ص 348 وتفسير المنار لمحمد عبده ج 6 ص 463 ... الخ .
(2) تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 2 ص 75 والمناقب لابن المغازلي الشافعي ص 19 وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 157 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 8 ص 290 والدر المنثور في تفسير القرآن لجلال الدين السيوطي الشافعي ج 2 ص 259 والاتفاق للسيوطي الشافعي ج 1 ص 31 والمناقب للخوارزمي الحنفي ج 1 ص 47 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 115 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 72 و 74 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 35 وكتاب الولاية لابن جرير الطبري وروح المعاني للآلوسي ج 6 ص 55 والبداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 213 ... الخ .
(3) راجع تاريخ دمشق ترجمة الامام علي لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 75 ح 575 و 577 و 578 وراجع مناقب علي بن ابي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 18 ح 24 وراجع المناقب للخوارزي الحنفي ص 94 ، وراجع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 8 ص 290 وراجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 158 ح 213 ، وراجع سر العالمين لابي حامد الغزالي ص 21 ، وراجع احقاق الحق ج 6 ص 256 وراجع الغدير للاميني ج 1 ص 132 وراجع فرائد السمطين لابن الجوزي ج 1 ص 277 ... الخ .

( 192 )

واصبح يوم الغدير عيداً عاماً للمسلمين في الازمنة المتقادمة (1) وحديث الغدير قد بلغ مرتبة التواتر عن طريق علماء اهل السنة ، والفت فيه المؤلفات ، منها كتاب الولاية لابن حجر الطبري ، وكتاب الولاية لابي العباس بن احمد بن عقدة المتوفى 333 هـ ، وكتاب من روى حديث غدير خم لابي بكر الجصابي المتوفى 355 هـ ، والدار قطني المتوفى في 385 هـ له جزء في طريق حديث الغدير ، وكتاب الدراية في حديث الولاية لابي سعد السجستاني المتوفى 477 هـ ، وكتاب دعاة الهداة الى اداء حق الموالاة لابي القاسم عبيد الله الحنفي المتوفى 490 هـ ... الخ . وقد روى حديث الغدير من الصحابة 116 صحابيا ورواه 84 من التابعين ، وروى حديث الغدير كل علماء اهل السنة ، واخرجوه في كتبهم على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم من القرن الثاني الهجري حتى القرن الرابع عشر الهجري ، وعددهم 360 عالما كما ذكر الاميني في كتاب الغدير .
ويكفي ان عمر بن الخطاب تقدم وهنا علياً يوم الغدير قائلاً له ( هنيئاً لك يا ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة )

نموذج من اعلان يوم الغدير

قال الطبراني في المعجم الكبير عن حذيفة بن اسيد الغفاري الصحابي الجليل ( رضي الله عنه ) قال : لما صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع نهى اصحابه عن شجيرات بالبطحاء متقاربات ان ينزلوا ، ثم بعث اليهم ، فقم ما تحتهن من الشوك وعمد اليهن فصلى تحتهن ، ثم قام فقال :
( يا أيها الناس اني قد انبأني اللطيف الخبير انه لم يعمر نبي نصف عمر الذي يليه من قبله ، واني لاظن اني يوشك ان ادعى فأجيب واني مسؤول وانكم مسؤولون ، فما انتم قائلون ؟ ) قالوا : نشهد انك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيراً .
فقال ( اليس تشهدون ان لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله وان جنته حق وناره حق وان الموت حق وان البعث حق بعد الموت وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور ؟ ) قالوا بلى نشهد بذلك قال ( اللهم اشهد ) ثم قال ( أيها الناس ان الله مولاي وانا
____________
(1) وقد نقله العلامة الاميني في كتاب الغدير ج 1 ص 267 نقله عن الآثار الباقية في القرون الخالية للبيروني ص 334 وراجع مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 44 ووفيات الاعيان لابن خلكان ج 1 ص 60 ترجمة المستعلي بن المنتصر وج 2 ص 223 في ترجمة المستنصر العبيدي .
( 193 )

مولى المؤمنين ، وانا اولى بهم من انفسهم فمن كنت مولاه فهذا ـ يعني علياً رضي الله عنه ـ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) (1) .
ثم قال ( ايها الناس اني فرطكم وانكم واردون علي الحوض ، حوض اعرض ما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضة واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين : فانظروا كيف تخلفوني فيهما : الثقل الاكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضللوا ولا تبدلوا ، وعترتي اهل بيتي فانه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لله ينقضيان لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) (2) .

التأكيد الشرعي على ولاية علي

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ( انت وليي في الدنيا والآخرة ) (3) ( انت ولي كل مؤمن بعدي ) وقال ( من كنت وليه فان عليا وليه ) وقال ( ان لعلي اكثر من الجارية التي اخذ انه وليكم بعدي ) وقال مرة :
____________
(1) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 50 ح 548 و 550 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 94 ومسند الامام احمد بن حنبل ج 4 ص 281 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 24 والحاوي للفتاوي للسيوطي ج 1 ص 122 وذخائر العقبى للطبري ص 67 وفضائل الخمسة ج 1 ص 350 وتاريخ الاسلام للذهبي ج 2 ص 197 وعلم الكتاب لخواجه الحنفي ص 161 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 109 ، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 و 31 و 249 وتفسير الفخر الرازي الشافعي ج 3 ص 63 وتذكرة الخواص للسبط الجوزي ص 29 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 246 وعبقات الانوار ج 1 ص 285 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 77 وراجع المراجعات تحقيق السيد حسين راضي ص 177 ج 2 من المراجعات .
(2) اخرجه الطبراني في المعجم الكبير راجع الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي الشافعي ص 25 وصحح الحديث ، وراجع مجمع الزوائد للهيثمي الشافعي ج 6 ص 164 وراجع ترجمة الامام علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 45 ح 545 وراجع كنز العمال للمتقي الهندي ج 1 ص 168 ح 959 وراجع الغدير للاميني ج 1 ص 26 ـ 27 وراجع عبقات الانوار مجلد حديث التعليق ج 1 مجلد 12 ص 3132 وج 1 ص 156 وراجع نوادر الاحوال للحكيم الترفدي الشافعي ص 289 ، وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 37 .
(3) وقد صرح الذهبي بصحته علي نفسه في تلخيص المستدرك ص 26 ، وابن حجر ذكره في الصواعق باب 12 ص 16 واخرجه مسلم في فضائل علي ص 24 ج 2 من صحيحه والحاكم ص 109 ج 3 من مستدركه وابن حجر في باب 11 ص 107 من صواعقه وقال ان الامام احمد اخرجه وصححه ، واخرجه صاحب الجمع بين الصحيحين في فضائل علي وفي غزوة تبوك موجود في صحيح بخاري ج 2 ص 58 وراجع صحيح مسلم ج 2 ص 323 وص 28 ج 1 ، وراجع ص 109 ج 2 من مسند الامام احمد وص 172 و 175 و 777 و 179 و 182 و 185 ج 1 من المسند و ص 331 وص 269 وص 438 ج 6 من المسند وص 32 ج 3 من المسند وراجع الصواعق المحرقة باب 11 ص 107 وراجع فصل 2 باب 9 ص 72 من الصواعق وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء وذكر ان الطبراني اخرجه والبزاز في مسنده وراجع ص 65 من تاريخ الخلفاء ، واخرجه الترمذي كما يدل الحديث 2504 ، وراجع ج 6 ص 152 من الكنز ، واورده ابن عبد البر في احوال علي من الاستيعاب .

( 194 )

( انك ولي كل مؤمن بعدي ) وقال ( من كنت وليه فهو وليه ) وقال ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) وقال ( انك ولي المؤمنين بعدي ) (1) .
وجاء حديث المنزلة ( انت مني بمنزلة هارون من موسى ) ليؤكد هذه الولاية ( انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) وهذا الحديث من اصح الاثار وقد رواه اصحاب السنن (2) .

الهداية من بعد النبي

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( أنا المنذر وعلي الهادي وبك يا علي يهتدي المهتدون ) (3) .
____________
(1) راجع النسائي في خصائصه واحمد بن حنبل في مسنده ص 438 ج 4 والحاكم في مستدركه ص 111 ج 3 والذهبي في تلخيص المستدرك وراجع المراجعات ص 163 ـ 164 وكتابنا النظام السياسي في الاسلام الباب الاول .
(2) نذكر على سبيل المثال البخاري ج 5 ص 129 وصحيح مسلم ج 2 ص 360 ومسند الامام احمد بن حنبل ج 3 ص 50 ح 1490 بسند صحيح وص 56 ج 5 وص 57 وص 66 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 42 وج 4 ص 208 من صحيح بخاري وج 3 ص 109 من المستدرك للحاكم وج 3 ص 104 من تاريخ الطبري وج 1 من تاريخ ابن عساكر حديث 30 و 125 و 148 و 149 و 150 وقد رواه بأكثر من مائة رواية ، وانساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 106 والاصابة لابن حجر ج 2 ص 507 و 509 ، والاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 ص 34 و 35 والخصائص للنسائي ص 76 و 77 و 78 ، ومناقب علي لابن المغازلي ، وحلية الاولياء ج 7 ص 194 ، والمناقب للخوارزمي ص 60 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 168 ، وينابيع المودة للقندوزي ص 35 ، واسد الغابة ج 2 ص 8 ، ونظم درر السمطين للزرندي ص 95 ، وكفاية الطالب للكنجي ص 281 ، وشرح النهج لابن ابي الحديد ج 2 ص 495 ، والمعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 و 54 ، ومجمع الزوائد ج 9 ص 109 ، وكنز العمال ج 15 ص 139 ، والعقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 311 ، وجامع الاخوة لابن الاثير ج 9 ص 468 ، ومشكاة المصابيح ج 3 ص 242 ، والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56 ... الخ .
(3) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 417 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 90 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 99 ونور الابصار ص 71 وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 293 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 233 واحقاق الحق ج 4 ص 301 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 34 وفرائد السمطين ج 4 ص 148 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 1 ص 66 والدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 45 وزاد المسير لابن الجوزي ج 4 ص 307 وروح المعاني للآلوسي ج 13 ص 97 ، وتفسير الشوكاني ج 3 ص 70 وتفسير الطبري ج 13 ص 108 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 502 ...

( 195 )

الحجة من بعد النبي

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( انا وهذا ـ يعني عليا ـ حجة على امتي يوم القيامة ) (1) .
قال صلى الله عليه وآله وسلم ( علي باب علمي ومبين من بعدي لامتي ما ارسلت به ، حبه ايمان وبغضه نفاق ) وقال ( انا مدينة العلم وعلي بابها ) وسنبينه في باب القيادة السياسية .
وقال لعلي ( انت تبين لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي ) (2) .
هذه السنن وامثالها تؤكد ان النبي قد عين مرجعية للامة من بعده ترجع اليها في امور دينها ودنياها ، وان هذا المرجع الفرد هو علي بن ابي طالب ، وسنقوم بمعالجة الموضوع بتفصيل ادق عند بحث القيادة السياسية في الباب الرابع من هذه الدراسة .

المرجعية الجماعية عند اهل الشيعة

اهل الشيعة يعتبرون النبي صلى الله عليه وآله وسلم واهل بيته الطاهرين قدوة لهم لفضلهم على الاسلام وتفضيل الله لهم ، فهم الابناء والنساء والانفس التي عنتها آية المباهلة ( فقل تعالوا ندع ابناءنا ... ) (3) فقد نزلت هذه الآية في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (4) وهم حبل الله ( واعتصموا بحبل الله ... ) (5) .
____________
(1) مناقب علي لابن المغازلي ص 45 ح 67 وص 97 ترجمة الامام من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 273 ح 793 و 794 و 795 وينابيع المودة للقندوزي ص 239 وكنوز الحقائق للمناوي ص 38 والميزان للذهبي ج 4 ص 138 ومنتخب الكنز ج 5 ص 34 من مسند الامام احمد .
(2) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 488 ح 1008 و 1009 ومقتل الحسين للخوارزمي ص 86 والمناقب للخوارزمي ص 236 وكنوز الحقائق للمناوي ص 182 ومنتخب الكنز بهامش مسند احمد ص 33 .
(3) آية 61 من سورة آل عمران .
(4) راجع صحيح مسلم كتاب الفضائل ج 2 ص 360 وج 7 ص 120 بشرح النووي وصحيح الترمذي ج 4 ص 293 وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 120 ـ 129 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 150 وصححه ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ذكر في النوع ( 17 ) وتلخيص المستدرك للذهبي ومناقب علي للمغازلي الشافعي وترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 21 وتفسير الطبري ج 3 ص 299 ـ 301 والكشاف للزمخشري ج 1 ص 368 ـ 370 وتفسير القرطبي ج 4 ص 104 واسباب النزول للواحدي ص 59 واحكام القرآن لابن عربي ج 1 ص 275 ، وفتح القدير للشوكاني ج 1 ص 347 وتفسير الفخر الرازي ج 2 ص 699 .... وقد ذكر السيد حسين راضي قرابة 90 مرجعاً تجدها على الصفحة 45 من ملحق المراجعات للعاصي .
(5) آية 103 من سورة آل عمران ، راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ص 130 ح 177 ، 178 ، 179 و 180 وراجع الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي الشافعي ص 189 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 139 و 238 وراجع الاتحاف بحب الاشراف للشبراوي الشافعي ص 79 وروح المعاني للآلوسي ج 4 ص 16 ونور الابصار للشبلنجي ص 102 .

( 196 )

وهم اهل الذكر الذي قال الله تعالى فيهم ( فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) (1) وهم المحسودون ( ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) (2) وهم ذو القربى ( وآت ذا القربى حقه ) ( ... فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) (3) وهم المطهرون (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً ) (4) وهم الذين فرض الله مودتهم (5) وهم الذين اوجب الله الصلاة عليهم في اثناء الصلاة (6)
____________
(1) الانبياء آية 7 ، راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 334 ، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 51 وتفسير القرطبي ج 11 ص 272 وتفسير الطبري ج 14 ص 109 وتفسير ابن كثير ج 2 ص 570 وروح المعاني للآلوسي ج 14 ص 134 واحقاق الحق للتستري ج 3 ص 482 .
(2) النساء آية 54 ، راجع مناقب علي بن ابي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 467 ح 314 وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 143 والصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 150 ونور الأبصار للشبلنجي ص 102 وإسعاف الراغبين للصبان الشافعي مصنوع بهامش نور الابصار ص 108 والاتحاف بحب الاشراف للشبراوي الشافعي ص 76 وورد الصادي لابي بكر الحضرمي ص 37 والغدير للاميني ج 3 ص 61 .
(3) راجع الدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 177 ومجمع الزوائد ج 7 ص 49 وتفسير الطبري ج 15 ص 72 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 49 ومنتخب بهامش مسند الامام احمد ج 1 ص 228 وتفسير الطبري ج 10 ص 5 وشواهد التنزيل للحسكاني ج 2 ص 338 وينابيع المودة للقندوزي ص 50 . واتلوا الآيات الاسراء آية 26 والانفال آية 41 والحشر آية 7 .
(4) الاحزاب آية 33 ، راجع صحيح مسلم فضائل اهل البيت ج 2 ص 368 وج 15 ص 194 بشرح النووي وشواهد التنزيل للحسكاني ج 2 ص 33 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 347 وتلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك والدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 198 وفتح القدير للشوكاني ج 4 ص 279 وعلى الصفحات 76 وما فوق من كتابنا النظام السياسي في الاسلام عالجت هذا الموضوع بطريقة علمية ومقنعة ويمكن لمن يشاء الرجوع الى هذه المعالجة .
(5) راجع شواهد التنزيل للحاكم الحنفي ج 2 ص 130 ومناقب علي لابن المغازلي ص 307 وذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 25 و 138 والصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 101 و 135 و 136 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 11 ومقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ص 1 و 57 وتفسير الطبري ج 25 ص 25 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 172 والاتحاف للشبراوي ص 5 و 13 ، واحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 110 وتلخيص المستدرك للذهبي ذيل المستدرك ج 3 ص 172 وتفسير الكشاف للزمخشري ج 3 ص 402 وتفسير القرطبي ج 16 ص 22 وفتح القدير للشوكاني ج 4 ص 537 وحلية الاولياء ج 3 ص 201 .... الخ .
(6) الغدير للاميني ج 2 ص 302 والصواعق المحرقة ص 87 و 139 وتفسير الرازي ج 7 ص 391 وذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 19 والمستدرك للحاكم ج 1 ص 269 ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 1 ص 208 والانوار المحمدية للنبهاني ص 422 وراجع قول الامام الشافعي
( كفاكم من عظيم الفخر انكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له )

في الصواعق المحرقة ص 146 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 354 واسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الابصار ص 118 والاتحاف بحب الاشراف للشبراوي الشافعي ص 29 ونور الابصار للشبلنجي ص 105 والسيرة النبوية لزيني دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 3 ص 332 ... الخ .

( 197 )

وهم الثقل الاصغر ، فالقرآن واهل البيت حرز من الضلالة (1) وهم المتقدمون (2) وهم سفينة النجاة من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق (3) وهم امان الامة من الاختلاف ومخالفهم من حزب ابليس (4) وهم الامان لهذه الامة (5) .
قال صلى الله عليه وآله وسلم ( في كل خلف من امتي عدول من اهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الا وان ائمتكم وفدكم الى الله فانظروا من تعزون ) (6) .

ثمرة اتباع الشيعة للمرجعية الشرعية

لان الشيعة والوا محمداً واهل بيت محمد وما زالوا يوالونهم ، ولانهم يعتبرون عميد اهل بيت النبوة في كل زمان هو امامهم وقدوتهم ، فان الله سبحانه وتعالى اصطفاهم لحفظ دينه على الاصول المستقرة وقد بشرهم النبي انهم خير البرية .
____________
(1) صحيح الترمذي ج 5 ص 328 كنز العمال ص 153 وتفسير ابن كثير ج 4 ص 113 وجامع الاصول لابن الاثير ج 1 ص 187 والمعجم الكبير للطبراني ص 137 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 258 واحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 114 والفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 503 ، والصواعق المحرقة ص 147 و 226 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 135 وتفسير الخازن ج 1 ص 154 والتاج الجامع للاصول ج 3 ص 308 وخصائص امير المؤمنين للنسائي ص 21 ، وصحيح مسلم ج 2 ص 362 ... الخ .
(2) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 148 و 226 ومجمع الزوائد ج 9 ص 163 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 60 .
(3) تلخيص المستدرك للذهبي ، ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 235 ، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 و 370 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 184 و 234 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، واسعاف الراغبين للصبان الشافعي ص 105 ، وفرائد السمطين ج 2 ص 246 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 378 والمعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 واحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 113 والصواعق المحرقة ص 91 .... الخ .
(4) الصواعق المحرقة ص 91 و 140 واحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 114 ، ومنتخب الكنز بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 93 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 298 وجواهر البحار للنبهاني ج 1 ص 361 .
(5) ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 17 ، ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 234 واحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 112 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 161والفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 267 ومنتخب كنز العمال ج 3 ص 267 ، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 92 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 185 و 233 واسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 128 .... الخ .
(6) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 148 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 226 و 236 و 327 وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 17 .

( 198 )

وعندما نزل قوله تعالى ( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير لي البرية ) قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( يا علي هم انت وشيعتك ) (1)

____________
(1) راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 2 ص 356 ـ 366 حديث 1125 ـ 1135 و 1137 و 1139 ـ 1148 ، وراجع كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 244 و 245 ، والمناقب للخوارزمي ص 62 و 187 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 92 وترجمة الامام علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 442 ، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 62 ونور الابصار للشبلنجي ص 71 و 102 والصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 96 والدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 379 وتفسير الطبري ج 3 ص 146 وتذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 18 وفتح القدير للشوكاني ج 5 ص 477 وروح المعاني للآلوسي ج 30 ص 207 واحقاق الحق للتستري ج 3 ص 387 والغدير للاميني ج 2 ص 57 وفضائل الخمسة ج 1 ص 378 وغاية المرام باب 28 من العقد الثاني ص 328 وفرائد السمطين ج 1 ص 156 .

* *