الباب الرابع
القيادة والسياسة


( 200 )



( 201 )

الفصل الاول
القيادة السياسية

1 ـ ضوابط حركة المجتمع

حركة المجتمع ـ اي مجتمع سياسي على الاطلاق ـ تسير وفق ضابطين رئيسيين ، والمجتمع المسلم كواحد من المجتمعات السياسية الانسانية لا يشذ عن هذه القاعدة ، فحركته ايضا محكومة بضابطين :
1 ـ الضابط الاول : وهو العقيدة أو المنضومة الحقوقية الالهية ، وهي بمثابة القانون النافذ في المجتمع الاسلامي ، وهي عبارة عن مخططات عامة وتفصيلية تعطي بالكامل حركة المجتمع الاسلامي في كل مجالات الحياة بالحال والمآل وان شئت فقل انها الصيدلية الكبرى التي تحوي العلاج الشافي من كل داء قد اصاب المجتمع الاسلامي او سيصيبه . وتحتوي هذه المنظومة على التجذير النظري والعملي والتنظير لكل داء ودواء ، وتقدم ضمانة مؤكدة لفاعلية هذا العلاج ونتائجه . وهذه المنظومة معدة ومصاغة لتغطي حياة الفرد والاسرة والمجتمع والدولة والعالم كله ، وتنظيم علاقات المجتمع وقيادتهم الى التعاون والانسجام ، واشباع حاجاتهم المادية والروحية ايضا .
الضابط الثاني : وهو القيادة السياسية المنبثقة عن هذه العقيدة فهي الجهة المخولة وفق احكام هذه المنظومة الالهية بابقاء حركة المجتمع الاسلامي دائما وفق احكام هذه المنظومة الحقوقية الالهية ، وتوضيحا هو بمثابة المهندس الذي استوعب المخططات العامة والتفصيلية للعقيدة الالهية ، وهو بمثابة الطبيب والصيدلاني الذي يشخص المرض ويصف العلاج ويقدمه لك ويصف كيفية استعماله ، ويتابعك وانت تتناوله حتى يتم الشفاء .


( 202 )

وهو المنظر للمنظومة الحقوقية الالهية ، وهو المشرف العام على تطبيقها ، والمرجع العام لفهم احكامها ومراميها ، لانه هو الاعلم بها ، والافهم لقواعدها وغاياتها ، والافضل من بين اتباعها والانسب من بين كل الموجودين لقيادة اتباع هذه العقيدة .
وهو المبين لها من خلال نقلها وتبليغها بالضبط ، كما تلقاها من ربه ، ومن خلال ترجمتها من النص الى الحركة بعد عملية النقل والتبليغ . وهو الشاهد على عملية البيان بشقيها النظري والعملي ، وهو المبشر للمخصلين للعقيدة ، والمنذر للمعاندين لها ، وهو الداعية الى الله ، وهو السراج المنير الذي ينير درب المجتمع اثناء حركة هذا المجتمع الحياتية .

2 ـ الترابط والتكامل بين العقيدة الالهية والقيادة السياسية

العقيدة الالهية الاسلامية بكليتها واساسها قائمة على ركنين اساسيين ، اولهما كتاب الله المنزل ، وهو القرآن الكريم ، وثانيهما نبي الله المرسل ، وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم . محمد هو القيادة السياسية المخولة إلهيا بقيادة الدعوة الى العقيدة والمعينة إلهيا لتقود الدولة بعد ان تسفر الدعوة عن الدولة ، بمعنى ان القيادة السياسية لدعوة العقيدة ودولتها هي جزء لا يتجزأ من هذه العقيدة ، وهي اصل من اصولها ، فالايمان بقيادة محمد السياسية وولايته هي جزء من الايمان بالعقيدة الالهية ، كذلك فان الايمان بقيادة طالوت السياسية كان جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الالهية الناقدة آنذاك ، وكذلك الايمان بقيادة داود ، وسليمان عليهما السلام .
لانه ليس بالامكان وفق نواميس الحياة تبليغ العقيدة الالهية وبيان احكامها وتطبيق هذه الاحكام دون القيادة السياسية لمحمد بالذات ، فهو نفسه المخول بترجمة نصوصها من الكلمات الى الحركات وهكذا فعل عبر دعوة قادها بنفسه ، وعبر دولة ترأسها بنفسه ، لانه هو بالذات محور واساس القيادة السياسية التي اسندت اليها مهمة قيادة الدعوة والدولة معا .
ويؤكد هذا الترابط العضوي والتكامل المحتوم بالضرورة ان الله سبحانه وتعالى وطوال التاريخ البشري لم يرسل رسالة الى بني البشر بدون رسول ، ولم ينزل كتاباً الا على عبد ليقود المؤمنين وفق احكام هذا الكتاب بعد ان بين لهم تلك الاحكام ، ولو


( 203 )

كان مجديا فك الترابط بين العقيدة الالهية والقيادة السياسية ، وبين الرسالة والرسول وبين الكتاب والعبد لكان يسيراً على الله ان يرسل نسخا من كل الكتب السماوية الى كل انسان بالغ ، وان يكلفه بفهمها والعمل بها ، ولما كانت هنالك حاجة لارسال عشرات الآلاف من الرسل والانبياء والمهديين .
ففك الارتباط والتكامل بين العقيدة الالهية وبين القيادة السياسيةغير وارد بكل المقاييس العقلية والمنطقية والدينية والفطرية ، ويخرج عن دائرة المعقول تماماً التمسك بالقرآن وحده وتجاهل القيادة السياسية الالهية ، فمن يقول انه يؤمن بالقرآن ولا يؤمن بمحمد كقائد له وكولي هو ليس مؤمناً بالاجماع . ومن يقول انه يوالي محمداً كقيادة سياسية ولا يؤمن بالقرآن هو ايضا ليس مؤمنا بالاجماع لان من مستلزمات الايمان ، الايمان بالعقيدة الالهية كقانون نافذ ، والايمان بمحمد كقائد وكولي يقود حياة المؤمنين ضمن هذا القانون النافذ .
فالقيادة السياسية هي بمثابة الهيئة التأسيسية ، فهي المختصة ببيان العقيدة وبقيادة الاتباع وفق احكام هذه العقيدة .
وعمليات البيان وعمليات القيادة عمليات فنية تماماً كالطب او علم الذرة او علم الهندسة ، ومن المستحيل ان نترك لاهوائنا واجتهاداتنا .

مؤهلات القيادة السياسية الاسلامية الشرعية

اول ولي وقائد سياسي للامة الاسلامية هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو القدوة وهو المثال الذي يقاس عليه ، والذين تولوا الولاية والقيادة ، والمرجعية من بعده ، تولوها بوصفهم خلفاء للنبي ، فالمؤهلات العلمية للنبي كولي وكقائد سياسي وكمرجع للامة هي انه اعلم اهل زمانه بالعقيدة الالهية ، وافهم اهل زمانه بأحكامها وافضل الموجودين من اتباعها ، وانسبهم لقيادة ولايتها ومرجعيتها ، بالاجماع . ودليلا على ذلك ان الله سبحانه وتعالى هو الذي عينه وجمع له الولاية والقيادة والمرجعية ، ولا يعارض بذلك احد من ابناء الملة .


( 204 )

واي قيادة وولاية ومرجعية تأتي من بعده يجب ان تكون لها نفس المؤهلات ، فالولي القائد المرجع بعده يجب بالضرورة ان يكون : 1 ـ الاعلم بالعقيدة . 2 ـ الافهم بأحكامها . 3 ـ افضل الموجودين من اتباعها . 4 ـ انسب هؤلاء الاتباع لقيادة الامة .
وهذه معايير موضوعية ، وامنيات مجردة ، وغايات محددة لكل من اراد الحق وجانب الهوى . فمن مصلحة كل المؤمنين ان يتولاهم ويقودهم الاعلم والافهم ، والافضل والانسب ، ولا مصلحة شرعية لاي واحد منهم ، بأن يتولى غير من كانت هذه صفاته .

من هو المختص بالتأكد من توافر المؤهلات

لا يوجد في الدنيا فرد او جماعة او امة تستطيع ان تؤكد لنا على وجه الجزم واليقين ان هذا او ذاك هو : الاعلم والافهم والافضل والانسب ، لان الافراد والجماعات والامم لا يعرفون ذلك على وجه الجزم واليقين ، لان امكانياتهم وطاقاتهم العقلية والفطرية والعلمية لا تمكنهم من ذلك ، ولانهم لا يعرفون الا الظاهر ، اما البواطن فهم يجهلونها ، واذا اجتهدوا وحاولوا ان يبحثوا عن الاعلم والافهم والافضل والانسب ، فان النتأئج التي سيتوصلون اليها قائمة على الفرض والتخمين فقد تكون وقد لا تكون ، ولكن المؤكد ان هذه النتائج هي ثمرة مبلغهم من العلم مشبعة بكل نوازع النفس الانسانية .
والمطلب الحقيقي للجميع ليس الفرض والتخمين انما الجزم واليقين . إذاً ، فان المؤهل والمختص بإعطاء المعلومات اليقينية القائمة على الجزم واليقين هو الله جل وعلا ، فهو نفسه الذي قدم لنا محمداً واكد لنا انه الاعلم والافهم والافضل والانسب وهو نفسه صاحب العقيدة والاحرص على مصلحتها ، وهو المعنى تماماً بأن يقدم لنا من تتوفر فيه هذه الصفات على وجه اليقين وفي كل زمن من الازمان من بعد وفاة النبي وحتى تقوم الساعة .
فمنذ اليوم الذي شرع فيه محمد بالدعوة شرع بأمر من ربه بإعداد هذا الذي سيتولى الولاية والقيادة والمرجعية من بعده ، وبين الطريقة التي ستتم بها عملية استكشاف من كانت هذه صفاته .


( 205 )

والخلاصة ان المختص بالتأكد من توافر هذه الصفات هو الله تبارك وتعالى .

القبول بالتكييف الالهي

اذا قبلت الامة بالتكييف الالهي ووافقت على ان فلاناً هو الاعلم وهو الافضل وهو الافهم وهو الانسب ، فانها تعبر عن هذا القبول بالمبايعة فتتفق ارادة الامة مع ارادة الله ، وغاية الامة مع غاية الله فيكون فلان هذا معيناً من الله ومقبولاً من الامة ، فيستمد شرعية وجوده كولي وكقائد من مصدرين : الاول الله الذي كيف صفاته وعينه على اساسها ، والمصدر الثاني الامة التي قبلت بالتكييف الالهي بأن فلاناً هذا هو الاعلم والافهم بالعقيدة وافضل اتباعها لقيادتها فبايعته على هذا الاساس وقبلت به ولياً وقائداً ومرجعاً .
وبهذه الحالة تستقيم امور الامة وعقيدتها وقيادتها السياسية ويقطف الجميع احلى الثمرات واطيبها وتشق الدعوة والدولة طريقهما الى الله بيسر ورخاء وريح مواتية ويتفيأ الجميع في ظلال النعمة الالهية .

رفض التكييف الالهي

اذا لم تقبل الامة التكييف الالهي بأن فلاناً هوالاعلم والافهم والافضل والانسب لقيادتها على وجه الجزم واليقين ، واجتهدت الامة او هكذا خيل اليها بأن فلاناً هو الانسب لخلافة النبي من فلان . فمعنى ذلك هو رفض التكييف الالهي القائم على الجزم واليقين واستبداله بتكييف بشري قائم على الفرض والتخمين .
وهذه العملية ( الرفض والاستبدال ) لا تغير من الحقيقة شيئا ، ولا تجعل فلاناً انسب من فلان لكن تحدث عملية انفكاك واقعية فيتولى الولاية والقيادة والمرجعية شخص آخر غير الشخص الذي عينه الله ، وبما ان الولاية والقيادة والمرجعية اختصاص ، وحيث ان الشخص البديل غير مؤهل لهذا الاختصاص فتحدث تبعاً لذلك انهيارات متلاحقة ، وما تزال تتوالى حتى تعصف بالامة وتفرقها بعد وحدة وتذلها بعد عزة ، وتخرج رويداً رويداً من دائرة المنظومة الحقوقية الالهية الى دائرة العقل او دائرة الفرض ، او دائر الشهوة او مزيج من هذه الدوائر مجتمعة ، وتتوقف العقيدة عن العطاء ويحل غضب الله


( 206 )

بالامة ، ولا يزول الا بإعادة الامور الى نصابها ووضع القيادة التي كيفها الله وعينها . ومن الطبيعي ان الله لا يكره المريض على تناول العلاج ولا يجبر الضال على سلوك طريق الهدى ، فما على الله الا ان يقدم العلاج ويرغب المريض فيه ، ويبين طريق الهدى للضال ويشجعه على السير فيه ، فاذا رفض المريض العلاج مع سبق الاصرار فهو المفرط بحق نفسه ، واذا رفض الضال طريق الهدى فجنايته على نفسه وعلى الذين ساروا خلفه . وهذه حال الذين رفضوا العقائد الالهية ورفضوا موالاة الرسل ، او كانوا على استعداد للنظر في العقائد الالهية لكنهم غير مستعدين لموالاة الرسل .

اشكال رفض التكييف الالهي

1 ـ الشكل الاول : القبول بالعقيدة الالهية وعدم القبول بولاية القيادة السياسية كالايمان بنبي بني اسرائيل ورفض موالاة طالوت لانه ليس الاحق بالقيادة حسب رأيهم ، فبين الله سبحانه وتعالى لهم انه زاده بسطة في العلم والجسم ودعمه بالبينات فقبلوه مكرهين وانتهى الرفض الى القبول .
2 ـ الشكل الثاني : الايمان بالعقيدة الالهية وعدم القبول بولاية القيادة السياسية من بعد النبي بتأويل مفاده ان الله لم يعين هذه القيادة انما عينها النبي حسب اجتهاده كبشر ، وانه لا حرج من مخالفة هذا الاجتهاد واختبار شخص آخر بدلاً من الذي اختاره النبي ، لان الذي اختاره النبي من بني هاشم ، والله قد اعطى الهاشميين النبوة والافضل لمصلحة الجميع ان يهنأ الهاشميون بالنبوة وان يتولى الخلافة غيرهم ، اضف الى ذلك ان هذا الذي اختاره النبي به دعابة ، وعنده زهو بنفسه ، وما زال فتى ، وهنالك من هو اسن منه ، وهم مشيخة قريش . لكل هذه الاسباب آمنوا بالعقيدة الالهية ورفضوا موالاة الرجل الذي كيفه الله واعده رسوله وعينه خليفة من بعده . وهذا ما حدث لعلي بن ابي طالب .
3 ـ الشكل الثالث : رفض العقيدة الالهية كقانون نافذ للامة ، ورفض موالاة الذي عينه الله ، وهذا الرفض يدخل صاحبه الكفر من اوسع الابواب والعياذ بالله .


( 207 )

الفصل الثاني
القيادة السياسية

3 ـ الاعداد الالهي لخلافة النبي
قبل ان يلد آدم

شاء الله تعالى ان يكون النبي العربي خاتم الانبياء ، وان يكون دين الاسلام آخر الديانات السماوية ، وان يتولى هذا النبي بيان هذا الدين عبر دعوة يقودها بنفسه ، تتمخض عن دولة الايمان التي ترأسها بنفسه . ومن خلال مرحلتي الدعوة والدولة ثم بيان الاسلام نظرياً ، وتحول النظر الى التطبيق ، واتضحت ادق خفاياه وابرز معالمه حتى لكأن البيان المحمدي تصويراً فنياً بطيئاً مصحوباً بالصورة والصوت والحركة .
وقد قضت مشيئة الله ان ينطلق النبي وخليفته ووليه من بعده معا وان يكونا معا حتى يبين النبي دين الاسلام ، ويكون قاعدته ، ويؤسس دولته وبعد ذلك يختار ما عند الله ويسلم الراية لولي عهده وخليفته من بعده ، فينطلق على نفس البصيرة ، ويتابع نفس الطريق ، تلك هي الصورة الزاهية التي رسمتها العناية الالهية وعرضتها على شاشة اذهان الذين آمنوا ، وتمنت عليهم لو عملوا على تنفيذها طوعاً وبدون اكراه ، لان الصلة بين النبي وولي عهده تصلح ان تكون مناراً لنمط الاخوة الايمانية ، واسلوب تبعية الخط الايماني . وتفسر طبيعة العلاقة بين السلف والخلف وبين التابع والمتبوع في الاسلام .
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( كنت انا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل قبل ان يخلق آدم بأربعة عشر الف عام ، فلما خلق آدم قسم ذلك فيه وجعله جزئين فجزء انا وجزء


( 208 )

علي ) (1) فا لله تعالى هو الذي خلق النورين وسيرهما معاً ثم وزع الادوار بينهما . والله تعالى هو الذي اطلع الى اهل الارض فاختار منها رجلين احدهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم والآخر زوج ابنته والولي من بعده ، وعملية الاختيار الالهي للرجلين من ابرز الثوابت (2) .

قبيل الدعوة

مات والد النبي وهو في بطن امه ، فكفله جده عبد المطلب ، ثم مات جد النبي فكفله عمه عبد مناف بن عبد المطلب المكنى بأبي طالب ، فأبو طالب عم النبي الشقيق ووالد الخليفة والولي من بعده علي . ويشب النبي ويترعرع ويتزوج امرأة فاضلة ميسورة الحال وهي خديجة بنت خويلد ، ويكون لنفسه بيتاً ويستقل ، واراد ان يساعد عمه صاحب العيال وفقير الحال عبد مناف والد علي ، فأخذ احد اطفال عمه ليغدوه له ، وشاءت العناية الالهية ان يكون هذا الطفل هو علي والخليفة والولي فيما بعد ، ونما الصبي ، وترعرع في كنف ابن عمه ولم يفارقه حتى اختص الله محمداً بالنبوة ، ثم لازمه حتى انتقل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى جوار ربه .

بعد النبوة

نبىء النبي يوم الاثنين ، واسلم علي يوم الثلاثاء ، وتابع الفتى التصاقه بالنبي ولم يفارقه قط ، كانا في مكة معاً ، وكانا في المدينة معاً ، وسكنا في بيت واحد طوال حياة النبي . فكان محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي جاء بالصدق ، وعلي هو الذي صدق به ، وهذا معنى قوله تعالى ( والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون ) (3) .
____________
(1) رواه الامام احمد بن حنبل في مسنده وفي كتابه فضائل علي ، وذكره صاحب الفردوس وزاد فيه ( ثم انتقلت حتى صرت في عبد المطلب فكان لي النبوة ولعلي الوصية ) وراجع شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 252 وما فوق .
(2) راجع على سبيل المثال : المستدرك للحاكم ج 3 ص 129 ، وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 249 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 4 ص 195 وكنز العمال ج 6 ص 391 وج 15 ص 95 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 297 ... الخ .
(3) راجع شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 2 ص 120 ح 810 ـ 815 وراجع مناقب علي لابن المغازلي الشافعي ص 369 ح 317 وراجع كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 233 وراجع الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 328 وراجع تفسير القرطبي ج 15 ص 256 وراجع ترجمة علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 418 واحقاق الحق للتستري ج 3 ص 177 .

( 209 )

فما جادل النبي ولا عانده انما كان الصديق لكل اقوال النبي وطوال حياته مع النبي . كان فارسه الاول في كل حروبه ، ومن هنا سمي الصديق الاكبر بالنص الشرعي ، والفاروق الاعظم بالنص الشرعي (1) .
وقال علي فيما بعد يصف علاقته بالنبي في تلك الفترة ( وضعني في حجره وانا وليد ، يضمني الى صدره ، ويكتنفني فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرقه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ... وما وجد لي كذبة في قول او خطلة بفعل ، وكنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امه يرفع لي كل يوم من اخلاقه ، ويأمرني بالاقتداء به ، وكنت في حراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله وخديجة وانا ثالثهما ، ارى نور الوحي والرسالة واشم ريح النبوة ) (2) .
وسئل قثم بن العباس ( كيف ورث علي رسول الله دونكم ؟ )
فقال ( كان اولنا لحوقاً به واشدنا به لصوقاً ) (3) .

اعلان الخلافة بعد النبوة

لما نزلت آية ( وانذر عشيرتك الاقربين ... ) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اجتماعه ببني عبد المطلب ( يا بني عبد المطلب اني والله ما اعلم شاباً في العرب قد جاء قومه بأفضل مما جئتكم به . اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد امرني ربي ان ادعوكم ، فأيكم يؤازرني على هذا الامر على ان يكون اخي ووصيي خليفتي فيكم بعدي ؟ ) قال علي ( فأحجم
____________
(1) ترجمة الامام علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 76 ومجمع الزوائد ج 9 ص 102 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 187 والاصابة لابن حجر ج 4 ص 171 والاستيعاب لابن عبد البر هامش الاصابة ج 4 ص 170 والغاية ج 5 ص 287 وميزان الاعتدال ج 2 ص 417 وفرائد السمطين ج 1 ص 39 و 140 وذخائر العقبى للطبري ص 56 والغدير للاميني ج 2 ص 313 ومنتخب الكنز بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 33 والسيرة الحلبية ج 1 ص 380 وشرح النهج لابن ابي الحديد ج 3 ص 261 .
(2) راجع التصوف والتشيع لهاشم معروف الحسني ، وراجع كتابنا النظام السياسي في الاسلام ، ص 75 ـ 76 .
(3) اخرجه الضياء المقدسي في المختارة وابن جرير في تهذيب الآثار وهو الحديث 6155 من احاديث الكنز ج 6 ص 408 واخرجه النسائي في ص 18 من الخصائص العلوية ونقله ابن ابي الحديد في ص 255 ، مجلد 3 من شرح النهج وراجع ج 1 ص 159 من مسند الامام احمد .

( 210 )

القوم منها جميعا وقلت وإني أي عليا لاحدثهم سناً : انا يا نبي الله اكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثم قال ( اي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ) ( ان هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا ... الخ ) (1) .
هذا نص شرعي بأن علياً بن ابي طالب قد عينه الرسول وصياً وخليفة من بعده . والسنة النبوية القول والفعل والتقرير جزء من العقيدة الالهية ، ولم يرد ما يشير الى نسخ هذا النص . وهو حديث صحيح وقد صححه ابن جرير وابو جعفر الاسكافي اذ ارسلا صحته ارسال المسلمات كما يقول الامام العاملي في مراجعاته ، وهو واضح المعاني ولا يمكن تأويله . فكيف تؤول الواضحات .
ومن الطبيعي ان النبي لم يقل ما قاله في اجتماع بني عبد المطلب ( الاقربين ) من تلقاء نفسه انما كان بأمر من ربه ، لان النبي يتبع ما يوحى اليه ومن غير المعقول ان يعين النبي ولي عهده والخليفة من بعده دون الرجوع الى ربه .
____________
(1) تاريخ الامم والملوك لابي جعفر محمد بن جرير الطبري ، ج 2 ص 217 دار احياء التراث ، بيروت .
ـ جامع البيان في تفسير القرآن لابي جعفر الطبري مجلد 19 ص 75 في معرض تفسيره لاية ( وانذر عشيرتك الاقربين ) .
ـ لباب التأويل في معاني التنزيل لعلاء الدين علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي الشهير بالخازن ، ج 5 ص 127 في معرض تفسير الاية .
ـ معالم التنزيل تفسير البغوي الفرا ج 5 ص 127 على هامش تفسير الخازن .
ـ تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، ج 3 ص 774 .
ـ السيرة النبوية لابي الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقي ، ج 1 ص 458 وما فوق ، نقله عن البيهقي في الدلائل .
ـ الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 2 ص 62 و 63 .
ـ شرح النهج لابن ابي الحديد ، ج 13 ص 210 و 244 تحقيق محمد ابو الفضل .
ـ السيرة الحلبية ، ج 1 ص 311 منتخب الكنز بها مثل مسند الإمام أحمد ، ج 5 ص 41 و 42 .
ـ كنز العمال ، ج 15 ص 115 ح 334 ، ترجمة علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 125 ، واخرجه بهذا المعنى الطحاوي والضياء المقدسي في المختارة وسعيد بن منصور في السنن واحمد بن حنبل في مسنده والحاكم في مستدركه وص 6 من الخصائص العلوية للنسائي واخرجه الذهبي في تلخيصه معترفاً .
وراجع ص 392 ج 6 من كنز العمال الحديث 6008 والحديث 6045 ص 396 ج 6 والحديث 6056 ص 397 ج 6 والحديث 6104 ص 404 والحديث 6155 ص 408 ، وراجع ص 255 مجلد 3 شرح النهج لعلامة المعتزلة .

( 211 )

الاعلان عن ولاية العهد والتوطيد للولي
1 ـ المنزلة

قال النبي لعلي على مسمع من المسلمين ( انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) (1) ففي هذا النص اعطى النبي لعلي كافة المنازل التي كان لهارون ولم يستثن الا النبوة ، واستثناء النبوة دليل على العموم كما يقول الامام العاملي ، ومن ابرز المنازل التي كانت لهارون من موسى وزارته وشد ازره واشراكه في امره وخلافته عنه وفرض طاعته على امته بدليل قوله تعالى : ( واجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي اشدد به ازري واشركه في امري ) . وقلوله تعالى ( اخلفني في قومي واصلح ) وقوله تعالى مخاطبا موسى ( قد اوتيت سؤلك يا موسى ) فعلي بحكم هذا النص خليفة النبي وولي عهده . وحديث المنزلة من اصح الآثار وقد بلغ من التواتر والشيوع ان رواه حتى معاوية امام الفئة الباغية ، وقد كرر النبي الاعلان عن هذه المنزلة عشرات المرات .

2 ـ الاخوة

وحتى يحكم الشرع الحلقة آخى الله بين النبي وبين علي وهذا شرف لم ينله غير علي ، ومرتبة لم يحصل عليها سواه ، واعلن النبي هذه المؤاخاة (2) قبل الهجرة وبعد الهجرة وقد اكد النبي هذه الأخوة عشرات المرات في عشرات المناسبات حتى لا ينساها
____________
(1) راجع على سبيل المثال صحيح البخاري ، ج 5 ص 129 وصحيح المسلم ك الفضائل ب علي ، ج 2 ص 360 وصحيح الترمذي ج 5 ص 304 وصححه ومسند الامام احمد ج 3 ص 50 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 109 وتاريخ الطبري ج 3 ص 104 وتاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 30 .
(2) تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 23 وترجمة علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 107 و 150 وكنز العمال ج 6 ص 290 ح 597 والمناقب للخوارزمي ص 7 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 21 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 109 وصحيح الترمذي ج 5 ص 30 واُسد الغابة لابن الأثير ج2 ص 221 وج3 ص 137 والاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 ص 35 والطبقات لابن سعد ج 3 ص 220 ... الخ فالذي يعرفه الجميع ان الرسول وعلي اخوة ، وان ابا بكر وعمر اخوة .

( 212 )

المسلمون (1) مثل قوله صلى الله عليه وآله ( بشارة اتتني من ربي في اخي وابن عمي وابنتي بأن الله زوج علياً فاطمة ) (2) ولما زفت فاطمة الى علي قال الرسول ( يا أم ايمن ادعي لي اخي ) فقالت ( هو اخوك وتنكحه ؟ ) قال ( نعم ... ) (3) .
وانظر الى قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ( انت اخي وصاحبي ورفيقي في الجنة ) (4) .
ومثل قوله لعلي ( واما انت يا علي فأخي وابو ولدي ومني والي ... ) (5) .
وظل النبي يردد ويعلن هذه الأخوة طوال حياته ، ولما حضرته الوفاة قال ( ادعو لي اخي ) (6) .
فدعا علياً فقال له ( ادن مني ) ، فدنا منه واسنده اليه فلم يزل يكلمه حتى فاضت نفسه الزكية .
من هنا فقد كان يقول ( انا عبد الله واخو رسوله وانا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي الا كاذب ) (7) .
ومن الامور التي كان يعرفها العامة والخاصة ان علياً كان اخ النبي قبل الهجرة وبعدها ، وان المؤاخاة بين ابي بكر وعمر تمت قبل الهجرة وبعدها ، وقد اوصى ابو بكر بالخلافة لاخيه عمر من بعد ونفذت وصيته .
____________
(1) ذكره اصحاب السنن في مسانيدهم وذكر فخر الدين الرازي في تفسيره ج 2 ص 189 ، اذ جاء بالحديث القدسي : ( اني آخيت بينه وبين محمد ... ) حديث المبيت على الفراش .
(2) المناقب للخوارزمي ص 246 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 60 واسد الغابة لابن الاثير ج 1 ص 206 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 171 .
(3) راجع خصائص امير المؤمنين للنسائي ص 115 وذخائر العقبى للطبري ...
(4) ذكره ابن عساكر في تاريخه ج 1 ص 122 ومنتخب الكنز بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 46 .
(5) ذكره الخوارزمي .
(6) الطبقات لابن سعد ج 2 ص 263 وقريب منه ما ذكره الخوارزمي في المناقب ص 29 .
(7) راجع سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 وتاريخ الطبري ج 2 ص 310 والاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 ص 39 والكامل لابن الاثير ج 2 ص 57 وتاريخ ابن عساكر ج 1 ص 120 ... الخ .

( 213 )

3 ـ الولاية

أعلن النبي للمسلمين ان الولي من بعده هو علي حيث قال له ( انت وليي في الدنيا وفي الآخرة ) (1) وقال لعلي ( انت ولي كل مؤمن بعدي ) (2) وقد سمع المسلمون بذلك ، وفي احدى المرات بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية واستعمل على هذه السرية عليا بن ابي طالب ، فاصطفى علي لنفسه من الخمس جارية فأنكروا عليه وشكوه للرسول ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( أن لعلي اكثر من جارية التي اخذ انه وليكم بعدي ) (3) وطالما اعلن النبي وكرر ( من كنت وليه فهو وليه ، ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه ) وتلك النصوص من الذيوع والانتشار بحيث انها لا تخفى على احد . فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) قالها امام اكثر من مائة الف مسلم كما سنرى ولم يكتف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ، بل كانت اوامره واضحة بضرورة موالاة علي وأهمية هذه الموالاة ، واثرها في الدنيا والآخرة ، وان من يتولى عليا هو تماما كمن يتولى النبي ومن يحب عليا هو تماما كمن يحب النبي ، ومن يبغض عليا هو تماما كمن يبغض النبي ومن يتولى النبي فكأنما تولى الله .
____________
(1) وقد صرح الذهبي بصحته في تلخيص المستدرك وذكره ابن حجر في صواعقه باب 12 ص 16 واخرجه مسلم في فضائل علي في صحيح ج 2 ص 24 واخرجه الحاكم في مستدركه ص 109 وذكر ابن حجر في صواعقه باب 11 ص 107 وقال ان الامام احمد اخرجه وصححه وراجع صحيح بخاري ج 2 ص 58 وصحيح مسلم ج 2 ص 323 وج 2 ص 109 من مسند الامام احمد وذكره الطبراني واخرجه البزاز في مسنده والترمذي كما يدل الحديث 2504 ج 6 من كنز العمال واورده ابن عبد البر في احوال علي من الاستيعاب .
(2) راجع مسند الامام احمد ج 5 ص 25 بسند صحيح وراجع الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة ج 3 ص 28 وراجع الاصابة لابن حجر العسقلاني ج 2 ص 509 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 55 و 182 وراجع خصائص امير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 64 وراجع المستدرك للحاكم ج 3 ص 34 وراجع تلخيص المستدرك مطبوع بذيل المستدرك للذهبي وراجع ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 384 ح 490 ... الخ .
(3) راجع صحيح الترمذي ج 5 ص 296 ح 3796 وراجع خصائص امير المؤمنين للنسائي ص 97 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 92 والاصابة لابن حجر ج 2 ص 509 ونور الابصار للشبلنجي ص 158 وحلية الاولياء ج 6 ص 294 واسد الغابة ج 4 ص 27 وترجمة علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 381 ومصابيح السنة للبغوي ج 2 ص 275 وجامع الاصول ج 2 ص 470 وكنز العمال ج 15 ص 124 وينابيع المودة للقندوزي ص 53 وتذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 36 والغدير ج 3 ص 216 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 48 ، وراجع ص 134 من ملحق المراجعات تحقيق السيد حسين راضي .

( 214 )

ومن احكامه صلى الله عليه وآله وسلم النصوص الشرعية التالية ( من يريد ان يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علياً بن ابي طالب ، فانه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ) (1) .
قال وهب بن حمزة : سافرت مع علي فرأيت منه جفاء فقال صلى الله عليه وآله وسلم ( لا تقولن هذا لعلي فانه وليكم بعدي ) (2) .

ولاية علي وحبه ولاية لله وحب له

وخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم اصحابه قائلا ( اوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن ابي طالب فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ومن احبه فقد احبني ومن احبني فقد احب الله ومن ابغضه فقد ابغضني ومن ابغضني فقد ابغض الله عز وجل ) (3) .
وقال لهم يوماً ( اللهم من آمن بي وصدقني فليتول علي بن ابي طالب فان ولايته ولايتي وولايتي ولاية الله تعالى ) (4) .

تتابع الاعلان عن الولاية والتوطيد كان يجري بأمر الله

ولتوطيد ولاية علي نزلت آية الولاية ( انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون ) (5) .
____________
(1) راجع حلية الاولياء لابي نعيم ج 4 ص 349 ـ 350 ، وراجع مجمع الزوائد ج 9 ص 108 وراجع ترجمة علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 93 ح 602 وراجع فضائل الخمسة ج 2 ص 213 ، وراجع احقاق الحق ج 5 ص 108 وراجع فرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 55 .
(2) الاصابة لابن حجر ج 3 ص 641 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 385 ح 491 وينابيع المودة للقندوزي ص 55 والغدير للاميني ج 3 ص 216 وقريب منه في اسد الغابة ج 5 ص 94 ومجمع الزوائد ج 9 ص 109 .
(3) راجع ترجمة علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 93 ح 594 و 595 وراجع مناقب علي لابن المغازلي الشافعي ص 230 ح 277 و 279 وراجع مجمع الزوائد ج 9 ص 108 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 282 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 32 واحقاق الحق ج 6 ص 434 ـ 437 ، وفضائل الخمسة ج 1 ص 202 وفرائد السمطين ج 1 ص 291 وملحق المراجعات ص 29 .
(4) راجع ترجمة الامام علي بن ابي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 91 ح 591 .
(5) سورة المائدة آية 55 ـ 56 .

( 215 )

وقد نزلت هذه الآية في امير المؤمنين وهو راكع واستجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وآله ( واجعل لي وزيراً من اهلي علي اخي ... ) (1) .
____________
(1) راجع تفسير الطبري ج 6 ص 288 و 289 وراجع الكشاف للزمخشري ج 1 ص 649 وراجع زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي الحنبلي ج 2 ص 383 وراجع تفسير القرطبي ج 6 ص 219 وراجع التفسير المنير للجادي ج 1 ص 210 ، وراجع فتح البيان في مقاصد القرآن ج 3 ص 51 وراجع اسباب النزول للواحدي ص 148 وراجع معالم التنزيل بهامش تفسير الخازن ج 2 ص 55 وراجع شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 161 ح 216 وما فوق ، وراجع مناقب علي لابن المغازلي الشافعي ص 311 ح 354 وما فوق وراجع كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 228 و 250 وراجع ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 88 وراجع المناقب للخوارزمي الحنفي ص 187 وراجع ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 409 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 108 و 123 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 293 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 53 .
وراجع لباب النقول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين ص 213 وتذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 18 و 208 ونور الابصار للشبلنجي ص 71 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 115 وتفسير الفخر الرازي ج 12 ص 26 وتفسير ابن كثير ج 2 ص 71 واحكام القرآن للجصاص ج 4 ص 102 وشرح النهج لابن ابي الحديد ج 13 ص 277 تحقيق محمد ابو الفضل والصواعق المحرقة لابن حجر ص 24 وانساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 150 وتفسير النسفي ج 1 ص 289 والحاوي للفتاوى للسيوطي ج 1 ص 139 وكنز العمال ج 15 ص 146 ومنتخب الكنز بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 38 وجامع الاصول ج 9 ص 478 والرياض النضرة ج 2 ص 173 وراجع ملحق المراجعات ص 137 ـ 138 تحقيق حسين راضي .


* *


( 216 )



( 217 )

الفصل الثالث
الوليّ هو السيد والإمام والقائد

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاصحابه ( اوحى الله اليّ في علي ثلاثاً : انه سيد المسلمين ، وامام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ) (1) وقال لهم مرة ( اوحى الله اليّ في علي انه سيد المسلمين وولي المتقين وقائد الغر المحجلين ) (2) وقال له يوما أمام اصحابه ( مرحبا بسيد المسلمين وامام المتقين ) (3) وفي جلسة من جلساته مع اصحابه قال لهم ( اول من
____________
(1) راجع المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 88 ومناقب علي بن ابي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 65 ج 93 وص 104 ح 146 و 147 وراجع المناقب للخوارزمي الحنفي ص 235 وراجع درر السمطين للزرندي الحنفي ص 114 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ومجمع الزوائد ج 9 ص 121 واسد الغابة ج 1 ص 69 وج 3 ص 116 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 257 وفضائل الخمسة ج 2 ص 100 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 81 واحقاق الحق ج 4 ص 11 وفرائد السمطين ج 1 ص 143 وملحق المراجعات ص 141 ـ 142 .
(2) راجع ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 257 ح 772 والرياض النظرة ج 2 ص 234 وذخائر العقبى ص 70 ومنتخب الكنز بهامش مسند احمد ج 5 ص 34 .
(3) راجع حلية الاولياء لابي نعيم ج 1 ص 66 وترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 440 ح 949 وكنز العمال ج 15 ص 157 ح 443 وشرح النهج لابن ابي الحديد ج 9 ص 170 تحقيق محمد ابو الفضل ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 115 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 46 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 181 و 313 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند احمد ج 5 ص 55 وفرائد السمطين ج 1 ص 141 .

( 218 )

يدخل من هذا الباب امام المتقين وسيد المسلمين ويعسوب الدين وخاتم الوصيين وقائد الغر المحجلين ) فدخل علي فنهض النبي وعانقه ... (1) .
وبين يوماً لاصحابه قائلاً ( ان الله عهد اليّ في علي عهداً فقلت : يا رب بينه لي ، قال : اسمع : ان علياً راية الهدى وامام اوليائي ونور من اطاعني ) (2) .
وخاطب النبي الأنصار في يوم من الأيام قائلا :
( يا معشر الانصار الا ادلكم على ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابداً ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : هذا علي فأحبوه بحبي ، واكرموه بكرامتي ، فان جبريل امرني بالذي قلت لكم عن الله عز وجل ) (3) .
وفي يوم من الايام قال النبي لمن حوله ( ادعو لي سيد العرب علياً ) فقالت عائشة : الست سيد العرب ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم ( انا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ) فلما جاء علي أرسل الى الانصار وقال لهم ( يا معشر الانصار الا ادلكم ... ) الحديث السابق (4) .
____________
(1) شرح النهج لابن ابي الحديد ج 9 ص 169 تحقيق محمد ابو الفضل وحلية الاولياء ج 1 ص 63 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 42 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 487 ح 1005 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 60 والميزان الذهبي ج 1 ص 64 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 212 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 313 وفضائل الخمسة ج 2 ص 253 وفرائد السمطين ج 1 ص 145 .
(2) حلية الاولياء ج 1 ص 67 وشرح النهج تحقيق محمد ابو الفضل ج 9 ص 67 والمناقب للخوارزمي ص 215 و 220 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 114 ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 189 ح 672 ومناقب علي لابن المغازلي ص 46 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 73 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 312 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 46 واحقاق الحق ج 4 ص 168 وفرائد السمطين ج 1 ص 144 و 151 .
(3) راجع شرح النهج لابن ابي الحديد ج 9 ص 170 تحقيق محمد ابو الفضل وحلية الاولياء لابي نعيم ج 1 ص 63 ومجمع الزوائد ج 9 ص 132 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 210 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 313 وكنز العمال ج 15 ص 126 والرياض النضرة ج 2 ص 233 وفضائل الخمسة ج 2 ص 98 ومطالب السؤول لابن طلحة ج 1 ص 60 ، وفرائد السمطين ج 1 ص 197 ح 154 .
(4) ذكره ابو نعيم في حلية الاولياء ونقله ابن ابي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 251 .

( 219 )

وقال النبي لعلي في جمع من اصحابه ( النظر الى وجهك يا علي عبادة . انت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، من احبك احبني ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ، الويل لمن ابغضك ) (1) .

أبرز المؤهلات العلمية للولي من بعد النبي

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاصحابه موضحا علم علي ( انا مدينة العلم وعلي بابها ، ومن اراد العلم فليأت الباب ) (2) وقال لهم مرة ( ان دار الحكمة وعلي بابها ) (3) وقال لهم ثالثة ( أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ) (4) وقال لهم مرة رابعة ( علي باب علمي ومبين من بعدي لامتي ما ارسلت به ، حبه ايمان وبغضه نفاق ) (5) .
وقال لعلي امام اصحابه ( انت تبين لامتي ما اختلفوا فيه بعدي ) (6) وقال لاصحابه يوماً عن علي ( علي مني بمنزلتي من ربي ) (7) .
____________
(1) رواه احمد في مسنده وكان ابن عباس يفسر هذا الحديث ويقول : ان من ينظر اليه يقول : سبحان الله ما اعلم هذا الفتى ، سبحان الله ما اشجع هذا الفتى ، سبحان الله ما افصح هذا الفتى ، ونقله ابن ابي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 253 .
(2) مصادر هذا النص الشرعي لا تحصى نذكر منها على سبيل المثال : ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 464 ح 984 ـ 997 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 43 والاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 ص 38 والميزان للذهبي ج 1 ص 415 والفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 176 والجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 93 ومنتخب الكنز بهامش مسند احمد ج 5 ص 30 وشرح النهج لابن ابي الحديد ج 7 ص 219 تحقيق محمد ابو الفضل ..... الخ .
(3) كذلك فقد ورد هذا النص بعشرات المراجع منها : صحيح الترمذي ج 1 ص 301 ح 3807 وحلية الاولياء ج 1 ص 63 ومناقب علي لابن المغازلي ص 87 ح 129 واسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 140 وذخائر العقبى للطبري ص 77 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 120 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 459 وفضائل الخمسة ج 2 ص 248 ومصابيح السنة للبغوي ج 2 ص 275 والجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 93 ومنتخب الكنز ج 5 ص 30 .... الخ .
(4) مناقب علي لابن المغازلي ص 86 وفتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص 26 .
(5) فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص 18 والغدير للاميني ج 3 ص 96 .
(6) ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 488 ح 1008 و 1009 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 86 والمناقب للخوارزمي ص 236 وينابيع المودة للقندوزي ص 182 ومنتخب الكنز ج 5 ص 33 وملحق المراجعات ص 146 .
(7) ذخائر العقبى للطبري ص 64 والرياض النضرة ج 2 ص 215 والصواعق المحرقة ص 106 واحقاق الحق ج 7 ص 217 .

( 220 )

وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( كفي وكف علي في العدل سواء ) (1) وكان علي يقول ( والله ما نزلت آية الا وقد علمت فيمن نزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت . ان ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً صادقاً ناطقاً ) (2) وكان يقول ( سلوني عن كتاب الله فانه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت ام بنهار ، وفي سهل ام جبل ) (3) وقال الامام احمد ( ما جاء لاحد من اصحاب رسول الله من الفضائل ما جاء لعلي ) (4) وقال ابن عباس ( ما نزل في احد من كتاب الله ما نزل في علي ) وقال مرة اخرى ( نزل في علي 300 آية ) وقال مرة ثالثة ( ما انزل الله ( يا ايها الذين آمنوا ) الا وعلي أميرها وشريفها ، كان أبو بكر يقول الشعر وكان عمر يقول الشعر وكان علي أشعر الثلاثة ) (5) وننهي هذا المقطع بقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض ) (6) .
ولاية علي وخلافته للنبي قضية دينية وايمانية من كل الوجوه ، ها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لاصحابه ( علي بن ابي طالب باب حطة ، من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً ) (7) وانظروا الى النص الشرعي القاطع ( علي مني وانا من علي ، ولا يؤدي عني الا انا او علي ) (8) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي امام الصحابة
____________
(1) راجع الحديث 2539 ص 153 ج 6 من احاديث الكنز .
(2) راجع تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 185 .
(3) اخرجه ابن سعد راجع تاريخ الخلفاء ص 185 .
(4) اخرجه الحاكم ص 107 من صحيحه ولم يتعقبه الذهبي .
(5) اخرجه ابن عساكر راجع ص 76 من الصواعق المحرقة لابن حجر ، وراجع تاريخ الخلفاء وكتابنا النظام السياسي في الاسلام الباب الاول .
(6) اخرجه الطبراني في الاوسط والصغير راجع الخلفاء ص 173 للسيوطي .
(7) راجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 185 و 247 و 284 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الامام احمد ج 5 ص 30 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 75 .
(8) راجع سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 ح 119 وصحيح الترمذي ج 5 ص 300 ح 3803 وخصائص امير المؤمنين للنسائي ص 20 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 23 ص 378 ح 875 ـ 880 والمناقب للخوارزمي الحنفي والصواعق المحرقة لابن حجر ص 120 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56 ومصابيح السنة للبغوي ج 2 ص 275 والاصول لابن الاثير ج 9 ص 471 والمشكاة للعمري ج 3 ص 243 ... الخ .