طواف الحج وصلاته والسعي
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج :
الطواف وصلاته والسعي .
مسألة 410 : كيفية طواف الحج وصلاته والسعي و شرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها .
مسألة 411 : يستحب الإتيان بطواف الحج في يوم النحر ، والأحوط عدم تأخيره عن اليوم الحادي عشر ، وإن كان الظاهر جوازه ، بل جواز التأخير عن أيام التشريق قليلاً بل إلى آخر ذي الحجة لا يخلو من قوة .
مسألة 412 : الأحوط عدم تقديم طواف الحج وصلاته والسعي على الوقوفين في حج التمتع ، ولو قدمها جهلاً ففي الإجتزاء بها إشكال ، وإن كان لا يخلو عن وجه ، ويستثنى من الحكم المذكور :
أ ـ المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس .
ب ـ كبير السن والمريض والعليل وغيرهم ممن يعسر عليه الرجوع إلى مكة ، أو يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدة الزحام و نحوها .
ج ـ من يخاف أمراً لا يتهيأ له معه الرجوع إلى مكة .
فيجوز لهؤلاء تقديم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بعد الإحرام للحج ، والأحوط الأولى إعادتها مع التمكن بعد ذلك إلى آخر ذي الحجة .
مسألة 413 : من يأتي بطواف الحج بعد الوقوفين يلزمه تأخيره عن الحلق والتقصير ، فلو قدمه عالماً عامداً وجبت إعادته بعده ، ولزمته كفارة شاة .
مسألة 414 : العاجز في الحج عن مباشرة الطواف وصلاته والسعي حكمه حكم العاجز عن ذلك في عمرة التمتع ، وقد تقدم في المسألتين 326 و 342 .
والمرأة التي يطرأ عليها الحيض أو النفاس ولا يتيسر لها المكث لتطوف بعد طهرها تلزمها الإستنابة للطواف وصلاته ، ثم تأتي بالسعي بنفسها بعد طواف النائب .
مسألة 415 : إذا طاف المتمتع وصلى وسعى حل له الطيب وبقي عليه من المحرمات النساء ـ بالحد المتقدم ـ بل والصيد أيضاً على الأحوط .
مسألة 416 : من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير .

طواف النساء
الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج : طواف النساء وصلاته .
وهما وإن كانا من الواجبات إلا أنهما ليسا أركان الحج ، فتركهما ـ ولو عمداً ـ لا يوجب فساد الحج .
مسألة 417 : كما يجب طواف النساء على الرجال يجب على النساء ، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء ، ولو تركته المرأة حرم عليها الرجال ، والنائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه .
مسألة 418 : طواف النساء وصلاته كطواف الحج وصلاته في الكيفية والشرائط ، وإنّما الاختلاف بينهما في النية .
مسألة 419 : حكم العاجز عن الإتيان بنفسه بطواف النساء وصلاته حكم العاجز عن ذلك في طواف العمرة وصلاته ، وقد تقدم في المسألة 326 .
مسألة 420 : من ترك طواف النساء سواء أكان متعمّداً ـ مع العلم بالحكم أو الجهل به ـ أم كان ناسياً وجب عليه تداركه ، ولا تحلّ له النساء قبل ذلك .
ومع تعذر المباشرة أو تعسرها تجوز له الإستنابة ، فإذا طـــاف النائب عنه حلت له النساء .
فإذا مات قبل تداركه فإن قضاه عنه وليه أو غيره فلا إشكال ، وإلاّ فالأحوط أن يقضى من تركته من حصص كبار الورثة برضاهم .
مسألة 421 : لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد السعي ، وإن كان عن جهل أو نسيان أجزأه على الأظهر ، وإن كانت الإعادة أحوط .
مسألة 422 : يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين للطوائف المذكورة في المسألة 412 ، ولكن لا تحل لهم النساء قبل الإتيان بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير .
مسألة 423 : إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها ولم تستطع التخلف عنها ، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة ، والأحوط حينئذٍ أن تستنيب لطوافها ولصلاته .
وإذا كان حيضها بعد إتمام الشوط الرابع من طواف النساء ، جاز لها ترك الباقي والخروج مع القافلة ، والأحوط الإستنابة لبقية الطواف ولصلاته .
مسألة 424 : نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف العمرة ، وقد تقدم حكمه في المسألة ‏329 .
مسألة 425 : إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلت له النساء ، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حل لها الرجال ، فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث عشر على الأحوط ، وبعده يحل المحرم من كل ما أحرم منه ، وأما محرمات الحرم فقد تقدم في الصفحة (139) أن حرمتها تعمّ المحرم والمحل.

المبيت في منى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج : المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع لبييت في منى ، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً ، وكذلك من أتى النساء على الأحوط .
وتجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر ، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً إلى طلوع الفجر .
مسألة 426 : إذا تهيأ للخروج وتحرك من مكانه ولم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه ، فإن أمكنه المبيت وجب ذلك ، وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجياً جاز له الخروج ، وعليه دم شاة على الأحوط .
مسألة 427 : لا يعتبر في المبيت بمنى البقاء فيها تمام الليل إلا في المورد المتقدم ، فإذا مكث فيها من أول الليل إلى منتصفه جاز له الخروج بعده .
وإذا خرج منها أول الليل أو قبله لزمه الرجوع إليها قبل طلوع الفجر ، بل قبل انتصاف الليل على الأحوط .
والأحوط الأولى لمن بات النصف الأول ثم خرج أن لا يدخل مكة قبل طلوع الفجر .
مسألة 428 : يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدة طوائف .
(1) من يشق عليه المبيت بها أو يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله إذا بات فيها .
(2) من خرج من منى أول الليل أو قبله ، وشغله عن العود إليها قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الإشتغال بالعبادة في مكة في تمام هذه الفترة ، إلا فيما يستغرقه الإتيان بحوائجه الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما .
(3) من خرج من مكة للعود إلى منى فجاوز عقبة المدنيين ، فإنه يجوز له أن ينام في الطريق قبل أن يصل إلى منى .
(4) أهل سقاية الحاج بمكة .
مسألة 429 : من ترك المبيت بمنى فعليه دم شاة عن كل ليلة ، ولا دم على الطائفة الثانية والثالثة والرابعة ممن تقدم ، والأحوط ثبوت الدم على الطائفة الأولى ، وكذا على من ترك المبيت نسياناً أو جهلاً منه بالحكم .
مسألة 430 : من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشرة لحاجة ، لم يجب عليه المبيت بها .

رمي الجمار
الثالث عشر من واجبات الحج : رمي الجمــرات الثلاث :
الأولى والوسطى وجمرة العقبة .
ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر ، وإذا بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضاً على الأحوط .
ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة ، فلا تجوز الإستنابة اختياراً .
مسألة 431 : يجب الإبتداء برمي الجمرة الأولى ، ثم الجمرة الوسطى ، ثم جمرة العقبة ، ولو خالف وجب الرجوع إلى ما يحصل به الترتيب ، ولـو كان المخالفة عن جهل أو نسيان .
نعم ، إذا نسي أو جهل فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها أربع حصيات أجزأه إكمالها سبعا ، ولا يجب عليه إعادة رمي اللاحقة.
مسألة 432 : ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة في الصفحة ( 192 ) يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها .
مسألة 433 : يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار ، ويستثنى من ذلك الرعاة وكل معذور عن المكث في منى نهاراً لخوف أو مرض أو علة أخرى ، فيجوز له رمي كل نهار في ليلته ، ولو لم يتمكن من ذلك جاز الجمع في ليلة واحدة .
مسألة 434 : من ترك الرمي في اليوم الحادي عشر نسياناً أو جهلاً وجب عليه قضاؤه في اليوم الثاني عشر ، ومن تركه في اليوم الثاني عشر كذلك قضاه في اليوم الثالث عشر ، والمتعمد بحكم الناسي والجاهل على الأحوط .
والأحوط أن يفرق بين الأداء والقضاء ، وإن يقدم القضاء على الأداء ، والأحوط الأولى أن يكون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال .
مسألة 435 : من ترك رمي الجمار نسياناً أو جهلاً فذكره أو علم به في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها ، وإذا كان المتروك رمي يومين أو ثلاثة فالأحوط أن يقدم الأقدم فواتا ، ويفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بمقدار من الوقت .
وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع لتداركه ، والأحوط الأولى أن يقضيه في السنة القادمة بنفسه أن حج أو بنائبه أن لم يحج .
مسألة 436 : المعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه ـ كالمريض ـ يستنيب غيره ، والأولى أن يحضر عند الجمار مع الإمكان ويرمي النائب بمشهد منه ، وإذا رمى عنه مع عدم اليأس من زوال عذره قبل انقضاء الوقت فاتفق زواله فالأحوط أن يرمي بنفسه أيضاً ، ومن لم يكن قادرا على الاستنابة ـ كالمغمى عليه ـ يرمي عنه وليّه او غيره .
مسألة 437 : من ترك رمي الجمار في أيام التشريق متعمداً لم يبطل حجه ، والأحوط أن يقضيه في العام القابل بنفسه أن حج أو بنائبه أن لم يحج .

أحكام المصدود
مسألة 438 : المصدود : هو الذي يمنعه العدو أو نحوه من الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج أو العمرة بعد تلبسه بالإحرام .
مسألة 439 : المصدود في العمرة المفردة إذا كان سائقاً للهدي جاز له التحلل من إحرامه بذبح هديه أو نحره في موضع الصد .
وإذا لم يكن سائقا وأراد التحلل لزمه تحصيل الهدي وذبحه أو نحره ، ولا يتحلل بدونه على الأحوط .
والأحوط لزوماً ضم الحلق أو التقصير إلى الذبح أو النحر في كلتا الصورتين .
وأما المصدود في عمرة التمتع ، فإن كان مصدودا عن الحج أيضا فحكمه ما تقدم ، وإلا ـ كما لو منع من الوصول إلى البيت الحرام قبل الوقوفين خاصة ـ فلا يبعد انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد .‏ مسألة 440 : المصدود في حج التمتع إن كان مصدوداً عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة ، فالأحوط أن يطوف ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاة فيتحلل من إحرامه .
وإن كان مصدوداً عن الطواف والسعي فقط ـ بأن منع من الذهاب إلى المطاف والمسعى ـ فعندئذٍ أن لم يكن متمكناً من الإستنابة وأراد التحلل ، فالأحوط أن يذبح أو ينحر هدياً ويضم إليه الحلق أو التقصير .
وإن كان متمكناً من الإستنابة فلا يبعد جواز الإكتفاء بها ، فيستنيب لطوافه وسعيه ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.
وإن كان مصدوداً عن الوصول إلى منى لأداء مناسكها فوقتئذٍ أن كان متمكناً من الإستنابة استناب للرمي والذبح أو النحر ، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع الإمكان ، ويأتي ببقية المناسك .
وإن لم يكن متمكناً من الإستنابة سقط عنه الذبح والنحر فيصوم بدلاً عن الهدي ، كما يسقط عنه الرمي أيضاً ـ وإن كان الأحوط الإتيان به في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج ـ ثم يأتي بسائر المناسك من الحلق أو التقصير وأعمال مكة ، فيتحلل بعد هذه كلها من جميع ما يحرم عليه حتى النساء من دون حاجة إلى شيء آخر .
مسألة 441 : المصدود من الحج أو العمرة إذا تحلل من إحرامه بذبح الهدي لم يجزئه ذلك عنهما ، فلو كان قاصداً أداء حجة الإسلام فصد عنها وتحلل بذبح الهدي ، وجب عليه الإتيان بها لاحقاً إذا بقيت إستطاعته أو كان الحج مستقراً في ذمته .
‏ مسألة 442 : إذا صد عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار لم يضر ذلك بصحة حجه ، ولا يجري عليه حكم المصدود ، فيستنيب للرمي إن أمكنه في سنته ، وإلا قضاه في العام القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج على الأحوط الأولى .
مسألة 443 : لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة ، ولو لم يتمكن منه فالأحوط أن يصوم بدلاً عنه عشرة أيام .
مسألة 444 : إذا جامع المحرم للحج امرأته قبل الوقوف بالمزدلفة فوجب عليه إتمامه وإعادته ـ كما سبق في تروك الإحرام ـ ثم صد عن الإتمام جرى عليه حكم المصدود ، ولكن تلزمه كفارة الجماع زائدا على هدي التحلل .

أحكام المحصور
مسألة 445 : المحصور : هو الذي يمنعه المرض أو نحوه عن الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء أعمال العمرة أو الحج بعد تلبسه بالإحرام .
مسألة 446 : المحصور إذا كان محصوراً في العمرة المفردة أو عمرة التمتع وأراد التحلل ، فوظيفته أن يبعث هدياً أو ثمنه ويواعد اصحابه أن يذبحوه أو ينحروه بمكة في وقت معين ، فإذا جاء الوقت قصر أو حلق وتحلل في مكانه .
وإذا لم يكن متمكنا من بعث الهدي أو ثمنه لفقد من يبعثه معه ، جاز له أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل .
وإن كان محصوراً في الحج ، فوظيفته ما تقدم ، إلا أن مكان الذبح أو النحر لهديه منى ، وزمانه يوم النحر .
وتحلّل المحصور في الموارد المتقدمة إنما هو من غير النساء ، وأما منها فلا يتحلل إلا بعد الإتيان بالطواف والسعي بين الصفا والمروة في حج أو عمرة .
مسألة 447 : إذا مرض المعتمر فبعث هدياً ، ثم خف مرضه وتمكّن من مواصلة السير والوصول إلى مكة قبل أن يذبح أو ينحر هديه لزمه ذلك ، فإن كانت عمرته مفردة فوظيفته إتمامها ولا شيء عليه .
وإن كانت عمرة التمتع ، فإن تمكن من إتمام أعمالها قبل زوال الشمس من يوم عرفة فلا إشكال ، وإلاّ فالظاهر انقلاب حجه إلى الإفراد .
وكذلك الحال ـ في كلتا الصورتين ـ لو لم يبعث بالهدي وصبر حتى خف مرضه وتمكّن من مواصلة السير .
مسألة 448 : إذا مرض الحاج فبعث بهديه ، وبعد ذلك خف المرض ، فإن ظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق ، وحينئذٍ فإن أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة ـ حسبما تقدم ـ فقد أدرك الحج ، فيأتي بمناسكه وينحر أو يذبح هديه .
وإلاّ فإن لم يذبح أو ينحر عنه قبل وصوله انقلب حجه إلى العمرة المفردة ، وإن ذبح أو نحر عنه ، قصر أو حلق وتحلل من غير النساء ، وأما منها فلا يتحلل إلا أن يأتي بالطواف والسعي في حج أو عمرة .
مسألة 449 : إذا أحصر الحاج من الطواف والسعي ، بأن منعه المرض أو نحوه من الوصول إلى المطاف والمسعى ، جاز له أن يستنيب لهما ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب .
وإذا أحصر عن الذهاب إلى منى وأداء مناسكها استناب للرمي والذبح ، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع الإمكان ، ويأتي بسائر المناسك فيتم حجه .
مسألة 450 : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ، ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله ، جاز له أن يحلق ، فإذا حلق وجب عليه أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين ، لكل مسكين مدان .
مسألة 451 : المحصور في الحج أو العمرة إذا بعث بالهدي وتحلّل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما ، فلو كان قاصداً أداء حجة الإسلام فأحصر ، فبعث بهديه وتحلّل ، وجب عليه الإتيان بها لاحقاً إذا بقيت إستطاعته أو كان الحج مستقراً في ذمته .
مسألة 452 : المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام بدلاً عنه .
مسألة 453 : إذا تعذر على المحرم مواصلة السير إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحج لمانع آخر غير الصد والإحصار ، فإن كان معتمراً بعمرة مفردة جاز له التحلل في مكانه بذبح هديه مع ضم الحلق أو التقصير إليه على الأحوط .
وكذلك إذا كان معتمراً بعمرة التمتع ولم يمكنه إدراك الحج أيضاً ، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد .
وإذا كان حاجاً وقد تعذر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة ، فعليه أن يتحلل من إحرامه بعمرة مفردة .
وإذا تعذر عليه الوصول إلى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي ، أو لم يتمكن من الذهاب إلى منى للإتيان بمناسكها فحكمه ما تقدم في المسألة 449 .
مسألة 454 : ذكر جماعة من الفقهاء : أن الحاج أو المعتمر إذا لم يكن سائقاً للهدي ، واشترط في إحرامه على ربه تعإلى أن يحله حيث حبسه ، فعرض له عارض ـ من عدو أو مرض أو غيرهما ـ حبسه عن الوصول إلى البيت الحرام أو الموقفين ، كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما أحرم منه ، ولا يجب عليه الهدي ولا الحلق أو التقصير للتحلل من احرامه ، كما لا يجب عليه الطواف والسعي للتحلل من النساء اذا كان محصورا .
وهذا القول وإن كان لا يخلو من وجه ، إلا أن الأحوط لزوماً مراعاة ما سبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية التحلل عند الحصر والصدّ ، وعدم ترتيب الأثر المذكور على اشتراط التحلل .
إلى هنا فرغنا من واجبات الحج ، فلنشرع الآن في آدابه ، وقد ذكر الفقهاء من الآداب ما لا تسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها .
وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتن على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، فلا بد من الإتيان بها برجاء المطلوبية لا بقصد الورود ، وكذا الحال في المكروهات .

***

مستحبات الإحرام
يستحب في الإحرام أمور : (1) تنظيف الجسد ، وتقليم الأظفار ، وأخذ الشارب ، وإزالة الشعر من الإبطين والعانة ، كل ذلك قبل الإحرام .
‏(2) تسريح شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن أراد الحج ، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة .
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك ، وهذا القول وإن كان ضعيفا إلا أنه أحوط .
‏(3) الغسل للإحرام في الميقات .‏ ويصح من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر .‏ وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدمه عليه ، فإن وجد الماء في الميقات أعاده .
وإذا إغتسل ثم أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم على المحرم أعاد غسله ، ويجزئ الغسل نهاراً إلى آخر الليلة الآتية ، ويجزئ الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي .
(4) أن يدع عند الغسل ـ على ما ذكره الصدوق ( ره ) ويقول :
‏« بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كل خوف ، وشفاء من كل داءٍ وسقم .
اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبتك ، ومدحتك ، والثناء عليك ، فإنه لا قوة لي إلا بك ، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك ، والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه واله » .
(5) أن يدعو عند لبس ثوبي الإحرام ويقول :
« الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي فيه فرضي ، وأعبد فيه ربي ، وأنتهي فيه إلى ما أمرني .
الحمد لله الذي قصدته فبلغني ، وإردته فأعانني وقبلني ولم يقطع بي ، ووجهه أردت فسلمني ، فهو حصني ، وكهفي ، وحرزي ، وظهري ، وملاذي ، ورجائي ، ومنجاي ، وذخري ، وعدتي في شدتي ورخائي» .
(6) أن يكون ثوباه للإحرام من القطن .
(7) أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر .‏ فإن لم يتمكن فبعد فريضة أخرى ، وإلا فبعد ركعتين أو ست ركعات من النوافل ، والست أفضل ، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد ، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد ، فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ثم يقول :
«اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك ، وآمن بوعدك ، واتبع أمرك ، فإني عبدك وفي قبضتك ، لا أوقى إلا ماوقيت ، ولا آخذ إلا ما أعطيت ، وقد ذكرت الحج ، فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك ، وسنة نبيك صلى الله عليه وآله ، وتقويني على ما ضعفت عنه ، وتسلم مني مناسكي في يسرٍ منك وعافية ، واجعلني من وفدك الذي رضيت وارتضيت وسميت وكتبت .
اللهم اني خرجت من شقة بعيدة وأنفقت مالي إبتغاء مرضاتك .
اللهم فتمم لي حجتي وعمرتي .
اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك ، صلى الله عليه وآله ، فإن عرض لي عارض يحبسني ، فخلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي .
اللهم أن لم تكن حجة فعمرة .
أحرم لك شعري ، وبشري ، ولحمي ودمي ، وعظامي ، ومخي ، وعصبي ، من النساء والثياب ، والطيب ، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة » .
‏(8) التلفظ بنية الإحرام مقارناً للتلبية .
(9) رفع الصوت بالتلبية للرجال .
(10) أن يقول في تلبيته : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ) .
لبيك ذا المعارج لبيك ، لبيك داعياً إلى دار السلام لبيك ، لبيك غفار الذنوب لبيك ، لبيك أهل التلبية لبيك ، لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك ، لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك ، لبيك نستغني ويفتقر إليك لبيك ، لبيك مرهوباً ومرغوباً إليك لبّيك ، لبّيك إله الحقّ لبّيك ، لبّيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبّيك ، لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك ، لبّيك عبدك وابن عبيدك لبّيك ، لبّيك يا كريم لبّيك» .
ثم يقول :
« لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد صلوات الله عليه وعليهم لبيك ، لبيك بحجة وعمرة معاً لبيك ، لبيك هذه متعة عمرة إلى الحج لبيك ، لبيك تمامها وبلاغها عليك لبيك» .
(11) تكرار التلبية حال الإحرام ، عند الاستيقاظ من النوم ، وبعد كل صلاة ، وعند كل ركوب ونزول وكل علو أكمة أو هبوط واد منها ، وعند ملاقاة الراكب ، وفي الأسحار يستحب إكثارها ولو كان المحرم جنبا أو حائضا ، ولا يقطعها في عمرة التمتع إلى أن يشاهد بيوت مكة القديمة ، وفي حجّ التمتّع إلى زوال يوم عرفة ، كما تقدم في المسألة 186.
مكروهات الإحرام
يكره في الإحرام أمور :
(1) الإحرام في ثوب أسود ، بل الأحوط ترك ذلك والأفضل الإحرام في ثوب أبيض .
(2) النوم على الفراش الأصفر ، وعلى الوسادة الصفراء .
(3) الإحرام في الثياب الوسخة ، ولو وسخت حال الإحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرما ، ولا بأس بتبديلها .
(4) الإحرام في الثياب المعلمة ، أي : المشتملة على الرسم ونحوه .
(5) استعمال الحناء قبل الإحرام إذا كان أثره باقياً إلى وقت الإحرام .
(6) دخول الحمام ، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده .
(7) تلبية من يناديه ، بل الأحوط ترك ذلك .