107 ـ باب البدع والضلالة وأن كل رياسة إلى النار

أروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة الى النار (1).
ونروي: أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً، فيحب عليه ويبغض (2).
ونروي: أنه كان في الزمان الأول رجل يطلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، فأتاه الشيطان ـ عليه اللعنة ـ فقال له: ألا أدلك على شيء يكثر دنياك، ويعلو ذكرك به؟ فقال نعم، قال: تبتدع ديناً وتدعو الناس إليه، ففعل فاستجاب له خلق كثير، وأطاعوه ، وأصاب من الدنيا أمراً عظيماً ثم انه فكر يوماً فقال: ابتدعت ديناً ودعوت الناس إليه ، ما أدري ألي التوبة أم لا، إلا أن أرد من دعوته عند فجعل يأتي أصحابه فيقول: أنا الذي دعوتكم إلى الباطل، وإلى بدعة وكذب، فجعلوا يقولون له: كذبت، لا بل إلى الحق دعوتنا، ونحن غير راجعين عما نحن عليه، ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه ، فلما رأى أن القوم قد تداخلهم الخذلة، عمد إلى سلسلة وأوتد لها وتداً ثم جعلها في عنقه ، ثم قال: لا أحلها حتى يتوب الله عليّ ـ وروي: أنه ثقب ترقوته وأدخلها فيها ـ فأوحى الله تعالى إلى نبي ذلك الزمان: قل لفلان: لو دعوتني حتى تسقط أو صالك ما استجيب لك، ولا غفرت لك، حتى ترد الناس عما دعوت إليه (3).
ونروي: من رد صاحب بدعة عن بدعته، فهو سبيل من سبيل الله.
وأروي عن العالم عليه السلام: من دعا الناس إلى نفسه، وفيهم من هو أعلم
____________
(1) الكافي 1: 45|8 و 46|12، عقاب الأعمال: 307|2.
(2) عقاب الاعمال: 307|3.
(3) عقاب الاعمال: 306|1، علل الشرائع: 492|2 باختلاف يسير.

(384 )

منه، فهو مبتدع ضال.
أروي: من طلب الرياسة لنفسه هلك (1)، فإن الرياسة لاتصلح إلا لأهلها (2).
وأروي: من تعلم العلم ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئسوه ويعظموه، فليتبوأ مقعده من النار (3).
اياك والخصومة فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردى بصاحبها، وعسى أن يتكلم بشيء لا يغفر له.
ونروي: أنه كان فيما مضى قوم انتهى بهم الكلام الى الله جل وعز فتحيروا، وإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه (4).
وأروي عن العالم عليه السلام: تكلموا فيما دون العرش، فإن قوماً تكلموا في الله ـ جل وعز ـ فتاهو (5).
وأروي عن العالم عليه السلام، وسألته عن شيء من الصفات، فقال: لا يتجاوز مما في القرآن (6).
أروي أنه قرئ بين يدي العالم عليه السلام، قوله تعالى: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الابصار ) (7) فقال: إنما عنى أبصار القلوب ـ وهي الأوهام ـ فقال: لا تدرك الأوهام كيفيته، وهو يدرك كل وهم (8)، وأما عيون البشر فلا تلحقه، لأنه تعالى لا يحد ولا يوصف، هذا ما نحن عليه كلنا.
____________
(1) الكافي 2: 225|2.
(2) الكافي 1: 37|6.
(3) الكافي 1: 37 |6 باختلاف يسير.
(4) التوحيد: 456|11، أمالي الصدوق: 340|2، المحاسن: 238|210 باختلاف يسير.
(5) التوحيد: 455|7، المحاسن: 238|211، تفسير القمي 2: 338.
(6) المحاسن: 239|214.
(7) الأنعام 6: 103.
(8) المحاسن: 239|21 باختلاف يسير.

(385 )

108 ـ باب حديث النفس

أروي أنه سئل العالم عليه السلام، عن حديث النفس، فقال: من يطبق ألا يحدث نفسه!
وسألت العالم عليه السلام عن الوسوسة، وإن كثرت، قال: لا شيء فيها، تقول: لا إله إلا الله (1).
وفي خبر آخر: لا حول ولا قوّة إلا بالله (2).
وأروي: أن رجلاً قال العالم عليه السلام: يقع في نفسي أمر عظيم، فقال قل: ( لا إله إلا الله (3). وفي خبر آخر ) (4) لا حول ولا قوة إلا بالله.
ونروي: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: « ان الله تبارك وتعالى عفا عن أمتي وساوس الصدور ».
ونروي عنه « أن الله تجاوز لاُمتي عما تحدث به أنفسها (5)، إلا ما كان يعقد عليه ».
وأروي: إذا خطر ببالك في عظمته وجبروته ـ أو بعض صفاته ـ شيء من الأشياء، فقل: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله، علي أمير المؤمنين، إذا قلت ذلك عدت إلى محض الإيمان.
____________
(1) الكافي 2: 310|1.
(2) أمالي الصدوق: 436|5، المحاسن: 41|52 باختلاف يسير.
(3) الكافي 2: 310|2.
(4) ما بين القوسين ليس في « ش ».
(5) عدة الداعي: 212 باختلاف يسير.

(386 )

وأروي ان الله تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن ما لا يعلم، وما لا يتعمد، والنسيان، والسهو، والغلط، وما استكره عليه، وما اتقى فيه، وما لا يطيق. أقول ذلك (1).
____________
(1) ورد باختلاف في الفاظه في الفقه 1: 36|132، والخصال: 417|9، والتوحيد : 353|24، والكافي 2: 335|2.
(387 )

109 ـ باب الرياء والنفاق والعجب

نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: « قال الله تبارك وتعالى: أنا أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين، أن يجتهد في عبادتي فيقوم من نومه ولذة وسادته ، فيجتهد لي، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين، نظراً مني له وإبقاء عليه، فينام حتى يصبح، فيقوم وهو ماقت نفسه، ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي، لدخله من ذلك العجب، فيصيّره العجب إلى الفتنة، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه، ألا فلا يتكل العاملون على أمالهم، فإنهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي، فيما يطلبونه عندي، ولكن برحمتي فليثقوا، وبفضلي فليفرحوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت » (1).
ونروي في قول الله تبارك وتعالى: ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) (2) قال: ليس من رجل يعمل شيئاً من الثواب، لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس، يشتهي أن تسمع به الناس، إلا أشرك بعبادة ربه (3) في ذلك العمل، فيبطله (4) الرياء، وقد سماه الله تعالى الشرك.
ونروي: من عمل لله كان ثوابه على الله، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس، إن كان رياء شرك (5).
____________
(1) الكافي 2: 50|4، التمحيص: 57|115، عدة الداعي: 222 باختلاف يسير.
(2) الكهف 18: 110.
(3) الكافي 2: 222|4، تفسير العياشي 2: 352|93، الزاهد: 67|177 باختلاف يسير.
(4) في نسخة « ش »: « فيطلب » وفي نسخة « ض »: « فيطلبه » وما أثبتناه من البحار 72: 300|36.
(5) الزهد: 67|177 وورد بتقدم وتأخير في الكافي 2: 222|3.

(388 )

ونروي: ما من عبد أسر خيراً، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له خيراً، وما من عبد أسرّ شراً، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له شراً (1).
ونروي: أن عالماً أتى عابداً فقال له: كيف صلاتك؟ قال: تسألني عن صلاتي وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا! فقال له: كيف بكاؤك؟ قال: إني لأبكي حتى تجري دموعي، فقال له العالم عليه السلام: فان ضحكك وأنت عارف بالله، أفضل من بكائك وأنت تدل على الله، إن المدل (2) لا يصعد من عمله شيء (3).
ونروي: من شك في الله ـ بعد ما ولد على الفطرة ـ لم يتب أبداً (4).
وأروي: أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام قال في كلام له: « إن من البلاء الفاقة، وأشد من الفاقة مرض البدن، وأشد من مرض البدن مرض القلب » (5).
أروي: لا ينفع مع الشك والجحود عمل (6).
وأروي: من شك أو ظن، فأقام على أحدهما، أحبط عمله (7).
وأروي في قول الله عز وجل: ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) (8) قال: نزلت في الشكاك (9).
وأروي في قوله تعالى: ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) (10) قال: الشك (11)، الشاك في الآخرة مثل الشاك في الاؤلى. نسأل الله الله الثبات وحسن اليقين.
وأروي أنه سئل عنه رجل يقول بالحق، ويسرف على نفسه بشرب الخمر، ويأتي الكبائر، وعن رجل دونه في اليقين، وهو لا يأتي ما يأنيه. فقال صلى الله عليه
____________
(1) الكافي 2: 224|12، الزهد: 67|177 باختلاف يسير.
(2) المدل: المنان، انظر « الصحاح ـ دلل ـ 4: 1699 ».
(3) الكافي 2: 236|5، الزهد: 63|168، قصص الانبياء: 179، باختلاف يسير.
(4) الكافي 2: 294|6 باختلاف يسير.
(5) نهج البلاغة 3: 247|388.
(6) الكافي 2: 294|7.
(7) الكافي 2: 294|8.
(8) الأعراف 7: 102.
(9) الكافي 2: 293|1، تفسير العياشي: 2: 23| 60.
(10) الأنعام 6: 82.
(11) الكافي 2: 293|4، تفسير العياشي 1: 366|48.

(389 )

وآله: أحسنهما يقيناً كنائم على المحجة إذا انتبه ركبها، والأدون الذي يدخله الشك كالنائم على غير طريق، لا يدري إذا انتبه أيما المحجة.


(390 )

110 ـ باب النوادر

نروي: ان رجلاً أتى أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: « من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة » فقال أبو جعفر عليه السلام: « الخبر حق » فولى الرجل مدبراً، فلما خرج أمر برده ثم قال: « يا هذا، إن للا إله الله شروطاً، وإني من شروطها ».
أروي عن العالم عليه السلام أن رجلاً سأله فقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ، علمني ما يجمع لي خير الدنيا والآخرة، ولا تطول عليّ، فقال: لا تغضب.
وأروي أن رجلاً سأل النبي صلّى الله عليه وآله عما يجمع به خير الدنيا والآخرة، قال: « لا تكذب ».
وسألني رجل (1) عن ذلك، فقلت: خالف نفسك.
____________
(1) في نسخة « ض » زيادة: مني، وورد في عوائد الأيام: 252: سني، فتأمل.
(391 )

111 ـ باب العطاس

واعلم أن علة العطاس هي ان الله تبارك وتعالى إذا أنعم على عبد بنعمة، فنسي أن يشكر عليها، سلّط عليه ريحاً تدور في بدنه، فيخرج من خياشيمه، فيحمد الله على تلك العطسة، فيجعل ذلك الحمد شكراً لتلك النعمة.
وما عطس عاطس إلا هضم له طعامه، أو تجشأ (1) الا مرئ طعامه.
فإذا عطست فاجعل سبابتك على قصبه أنفك، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله وسلم، رغم أنفي لله داخراً صاغراً غير مستنكف ولا مستكبر (2). فإنه من قال هذه الكلمات عند عطسه، خرج من أنفه دابة أكبر من البق وأصغر من الذباب، فلا يزال في الهواء إلى أن يصير تحت العرش، وتسبح لصاحبها إلى يوم القيامة.
فإذا عطس أخوك فسمته، وقل: يرحمك الله. وإذا سمتك أخوك فرد عليه وقل: يغفر الله لنا ولك. هذا إذا عطس مرة أو مرتين أو ثلاثاً، فإذا زاد على ثلاث، فقل: شفاك الله (3). فإن ذلك من علة وداء في رأسه ودماغه.
ومن عطس ولم يسمت، سمته سبعون ألف ملك فسمت أخاك إذا سمعته يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، فإن لم تسمع ذلك منه فلا تسمته.
وإذا سمعت عطسةً فاحمد الله، وإن كنت في صلاتك، أو كان بينك وبين
____________
(1) في نسخة « ض »: « يخشى » ولم ترد نسخة « ش » وما أثبتناه من البحار 76: 55|13.
(2) مكارم الأخلاق: 355 باختلاف يسير. من « فاذا عطست... ».
(3) مكارم الأخلاق: 355 باختلاف في ألفاظه، من « فاذا عطس... ».

(392 )

العاطس أرض أو بحر (1).
ومن سبق العاطس إلى حمد الله، أمن من الصداع.
وإذا سمّتّ فقل: يرحمك الله، وللمنافق: يرحمكم الله، تريد بذلك الملائكة الموكلين به ،وتقول للمرأة: عافاك الله، وللمريض: شفاك الله، وللمغموم والمهموم: فرّحك الله، وللغلام: ورّعك (2) الله وانشاك، وللذمي: هداك الله، ولإمام المسلمين: صلّى الله عليك.
ونروي: أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول لرسول الله صلّى الله عليه وآله إذا عطس: « رفع الله ذكرك وقد فعل »، وكان النبي صلّى الله عليه وآله يقول لأمير المؤمنين عليه السلام إذا عطس: « أعلى الله كعبك وقد فعل ».
وإن عطست وأنت في الصلاة، أو سمعت عطسة، فاحمد الله على أي حالة تكون، وصلّ على النبي وآله.
____________
(1) مكارم الأخلاق: 353 باختلاف يسير.
(2) من الرّعة: وهي حسن الهيئة « القاموس المحيط ـ ورع ـ 3: 93 ».

(393 )

112 ـ باب الفزع والهم

وإذا فزعت من سلطان ـ أو غيره ـ فقل: حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، أمتنع بحول الله، أمتنع بحول الله وقوته من حولهم وقوتهم، أمتنع برب الفلق من شر ما خلق، وأقول ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله (1).
وإذا حزنك أمر، فقل سبع مرات: بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فان كفيت وإلا أتممت سبعين مرة.
واذا ابتليت ببلوى، أو أصابتك محنة، أو خفت أمراً، أو أصابك غم، فاستعن ببعض إخوانك، وادع بهذا الدعاء، ويؤمّن الاُخ عليه، فإنه روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنه دعا وأمّن عليه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ـ في المهمات ـ وقال : « ما دعا بهذا الدعاء أحد قط ـ ثلاث مرات ـ إلا أعطي ما سأل، إلا أن يسأل مأثماً، أو قطيعة رحم، وهو أن يقول: يا حي يا قيوم، يا حي لا يموت، يا حي لا إله إلا أنت، أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذاالجلال والإكرام » (2).
وإذا كنت مجهوداً فاسجد، ثم اجعل خدك الأيمن على الأرض، ثم خدك الأيسر، وقل في كل واحد: يا مذل كل جبار عنيد، يا معز كل جبار عنيد، يا معز كل ذليل، قد وحقك بلغ مجهودي، فصّل على محمد وآله وفرج عني (3).
____________
(1) الكافي 2: 405|7.
(2) الكافي 2: 405|4، تفسير القمي 1: 354 من « أسألك بان الحمد... ».
(3) مكارم الأخلاق: 329.

(394 )

113 ـ باب الحجامة والحلق

فإذا أردت الحجامة، فاجلس بين يدي الحجام وأنت متربع، وقل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي، من العين في الدم، ومن كل سوء (1) واعلال وأمراض وأقسام وأوجاع، وأسألك العافية والمعفات والشفاء من كل داء.
وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: « اقرأ آية الكرسي، واحتجم أي يوم شئت (2)، وتصدق واخرج أي يوم شئت ».
وإذا أردت أن تأخذ شعرك، فابدأ بالناصية فإنها من السنة، وقل: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسنة، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، اللهم اعطني بكل شعرة نوراً ساطعاً يوم القيامة.
فإذا فرغت فقل: اللهم زيني بالتقى، وجنبني الردى (3)، وجنب شعري وبشري المعاصي وجميع ما تكره مني، فإني لا أملك لنفسي نفعاً. واستقبل القبلة وابتدئ بالناصية، واحلق إلى العظمين النابتين الدانيين للاُذنين وبالله التوفيق.
____________
(1) معاني الأخبار: 172، مكارم الأخلاق: 74 باختلاف يسير.
(2) مكارم الأخلاق: 75.
(3) مكارم الأخلاق: 59 باختلاف يسير.

(395 )

114 ـ باب الزي والزينة

وإذا لبست ثوبك الجديد فقل: الحمد الله الذي كساني من الرياش ما اُواري به عورتي، وأتجمل به عند الناس، اللهم اجعله لباس التقوى، ولباس العافية، واجعله لباساً أسعى فيه لمرضاتك، واُعمر فيها مساجدك (1).
إذا أردت أن تلبس السراويل، فلا تلبسه وأنت قائم، والبس وأنت جالس، فإنه يورث الجن (2) والماء الأصفر، يورث الغم والهم، وقل: بسم الله، اللهم استر عورتي، ولا تهتكني في عرصات القيامة، وأعفّ فرجي، ولا تخلع عني زينة الإيمان (3).
وإذا تعممت فقل: بسم الله، اللهم ارفع ذكري، واعل شأني، وأعزّني بعزتك، وأكرمني بكرمك، بين يديك وبين خلقك، اللهم توجني بتاج الكرامة والعز والقبول.
وإذا لبست خاتماً فقل: اللهم سمني بسيماء الإيمان، واختم لي بالخير، واجعل عاقبتي إلى خير، إنك العزيز الكريم.
وإذا أردت النظر في المرآة فخذها بيدك اليسرى وقل: بسم الله.
فإذا نظرت فيها، فضع يدك اليمنى على مقدم رأسك، وامسح على وجهك، اقبض لحيتك، وانظر في المرآة، وتقول: الحمد الله الذي خلقني بشراً سوياً، وزينني ولم يشنّي، وفضلني على كثير من خلقه، ومنّ عليّ بالإسلام ورضية لي ديناً.
____________
(1) مكارم الأخلاق: 101، وفي المقنع عن رسالة والده: 194، الكافي 6: 458|2 باختلاف في ألفاظه.
(2) في نسخة « ش » و « ض »: « الجبن » والظاهر تصحيف صحته: « الحبن » وهوداء في البطن يعظم منه البطن ويتورم « القاموس المحيط ـ حبن ـ 4: 212 ».
(3) المقنع: 194 عن رسالة والده باختلاف يسير.

(396)

ثم ضعها من يدك وقل: اللهم لا تغير ما بنا من أنعمك، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين.


(397 )

115 ـ باب الآداب

وإذا أردت أن تكتحل، فخذ الميل بيدك اليمنى واضربه في المكحلة، وقل: بسم الله.
وإذا جعلت الميل في عينك، فقل: اللهم نور بصري، واجعل فيه نوراً اُبصر به حقك ، واهدني إلى الطريق الحق، وأرشدني إلى سبيل الرشاد، اللهم نوّر عليّ دنياي وآخرتي.
وإذا أردت أن تمشط لحيتك، فخذ المشط بيدك اليمنى، وقل: بسم الله. وضع المشك على اُم رأسك، ثم تسرح مقدم رأسك وقل: اللهم حسن شعري بشري، وطيب عيشي، وافرق عني السوء، ثم تسرح مؤخر رأسك وقل: اللهم لا تردني على عقبي، واصرف عني كيد الشيطان، ولا تمكنه مني.
ثم سرّح حاجبيك وقل: اللهم زني بزينة أهل التقوى، ثم تسرح لحيتك من فوق، وقل: اللهم سرّح عني الغموم والهموم ووسوسة الصدور (1)، ثم أمر المشك على صدغك.
ثم امسح وجهك بماء ورد، فإني عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: « من أراد أن يذهب في حاجة له، ومسح وجهه بماء ورد، لم يرهق، وتقضى حاجته، ولا يصيبه قتر ولا ذلة » (2).
وإذا لبست الخف أو النعل، فابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى.
____________
(1) المقنع: 195 عن رسالة والده، مكارم الأخلاق: 71 باختلاف يسير من « واذا اردت أن تمشط... ».
(2) المقنع: 196 عن رسالة والده باختلاف يسير.

(398 )

وإذا أردت لبسه فقال: بسم الله والحمد لله، اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم وطيء قدمي في الدنيا والآخرة وثبتهما على الإيمان، ولا تزلهما يوم زلزلة الأقدام، اللهم وقني من جميع الآفات والعاهات والأذى.
وإذا اردت أن تنزعهما فقل: اللهم فرج عني كل هم وغم، ولا تنزع عني حلّة الإيمان (1).
وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، توكلت على الله. فإنك إذا قلت هذا نادى ملك في قولك: بسم الله، هديت أيها العبد. وفي قولك: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقيت، وفي قولك: توكلت على الله، كفيت. فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي يعبد هدي ووقي كفي (2)
اقرأ ( قل هن الله أحد ) مرة عن يمينك، ومرة عن يسارك، ومرة من خلفك، ومرة من بين يديك، ومرة من فوقك، ومرة من تحتك، فإنك، ومرة من تحتك، فإنك تكون في يومك كله في أمان الله تعالى.
وإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، ومن علينا بالإيمان وبحمد صلّى الله عليه وآله (3).
فإذا دخلت سوقاً المسلمين، فقل: لا إله إلا الله وحه لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم ارزقني من خيرهها وخير أهلها (4).
واجتهد أن لا تلقى أخا من إخوانك، إلا تبسمت في وجهه وضحكت معه في مرضاة الله ، فإنه نروي عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: « من ضحك في وجه أخيه المؤمن، تواضعاً لله جل وعز، أدخله الجنة ».
وإذا رأيت ذمياً فقل: الحمد لله الذي فضلني عليك بالإسلام ديناً، وبالقرآن
____________
(1) ورد باختصار في المقنع: 196 عن رسالة والده، ومكارم الأخلاق: 123.
(2) المقنع: 196 عن رسالة والده، وقد ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 2: 393|2.
(3) المقنع: 68، مكارم الأخلاق: 248 باختلاف في ألفاظه.
(4) مكارم الأخلاق: 257 باختلاف يسير، وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2: 31|42 وقد ورد الدعاء فيه إلى « وهو على كل شيء قدير ».

(399 )

كتاباً، وبمحمد صلّى الله عليه وآله رسولاً ونبيّاً، وبالمؤمنين إخواناً، وبالكعبة قبلة فإنه من قال ذلك لا يجمع بينه وبينه في النار، ويعتقه منها.
فإذا نظرت إلى أهل البلاء، فقل ثلاث مرات: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء الفعل (1)، وأنا أعوذ بالله منها ومما ابتلاك به، والحمد لله الذي فضلني على كثير من خلقه.
وإذا كان لك دين على قوم، وقد تعسر عليك أخذه، فقل: اللهم لحظة من لحظاتك الكرام، تيسر على غرمائي بها القضاء، وتيسر لي بها منهم الإقتضاء، إنك على كل شيء قدير (2).
وإذا وقع عليك دين، فقل: اللهم اغنني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك. فإنه نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: « لو كان عليك مثل صبير (3) ديناً قضاه الله عنك » والصبير جبل باليمن، يقال: لا يرى جبل أعظم منه (4).
وروي: أكثر من الإستغفار، وأرطب لسانك بقراءة ( إنا أنزلنا في ليلة القدر ) (5).
وإذا أردت سفراً، فاجمع أهلك وصلّ ركعتين، وقل: اللهم إني أستودعك ديني ونفسي وأهلي وولدي وعيالي (6).
فإذا اشتريت متاعاً أو سلعة أو جارية أو دابة، فقل: اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك، فاجعل لي فيه رزقاً اللهم إني ألتمس فيه فضلك، فأجعل لي فيه فضلاً، اللهم إني ألتمس فيه من خيرك وبركتك وسعة رزقك، فاجعل لي فيه رزقاً واسعاً وربحاً طيباً هنيئاً مرياً. يقولها ثلاث مرات (7).
____________
(1) الكافي 2: 79|20، مكارم الأخلاق: 351 باختلاف يسير من « فإذا نظرت إلى اهل البلاء... ».
(2) الكافي 2: 403|1 باختلاف يسير.
(3) في نسخة « ض » و « ش »: « صيد » وكذا المورد الآتي و كلاهما تصحيف وصوابه ما أثبتناه من البحار 95: 301|3. والصبير: إسم جبل باليمين « النهاية 3: 9 ».
(4) أمالي الصدوق: 317|10 باختلاف يسير.
(5) الكافي 5: 317|51.
(6) المقنع: 67، مكارم الأخلاق: 245 باختلاف يسير.
(7) الفقيه 3: 125|1 باختلاف يسير، وورد مختصراً في الكافي 5: 156|1، مكارم الأخلاق: 257.

(400 )

فإذا دخلت على سلطان تخاف شره، فقل: اللهم إني أسألك خير فلان، وأعوذ بك من شره، وأسألك بركته، وأعوذ بك من فتنة، اللهم اجعل حاجتي أولها صلاحاً وأوسطها فالحاً وآخرها نجاحاً.
وإذا كان لك إلى رجل حاجة، فقل: خيرك بين عينيك، وشرك تحت قدميك، وأنا أستعين بالله عليك. تقول ذلك مراراً (1).
وإذا أُصبت بمال، فقل: اللهم إني عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، تحكم ما تشاء وتفعل ما تريد، اللهم فلك الحمد على حسن قضائك وبلائك، اللهم هو مالك ورزقك، وأنا عبدك، خولتني حين رزقتني، اللهم فألهمني شكرك فيه، والصبر عليه حين أصبت وأخذت، اللهم أنت أعطيت وأنت أصبت، اللهم لا تحرمني ثوابه، ولا تنسني من خلفه في دنياي وآخرتي، إنك على كل شيء قدير، اللهم أن لك وبك وإليك ومنك، لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً.
وإذا أردت أن تحرز متاعك، فاقرأ آية الكرسي واكتبها وضعها في وسطه، واكتب أيضاً ( وجعلنا من بين أيديهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) (2) لا ضيعة على ما حفظ الله ( فإن تولّوا فقل حسبي الله ) (3) إلى آخر السورة. فإنك قد أحرزت إن شاء الله، فلا يصل اليه سوء بإذن الله.
فإذا رأيت الأسد، فكبر في وجهه ثلاث تكبيرات وقل: الله أعز وأكبر وأجل، من كل شيء اكبر، وأعوذ بالله مما أخاف وأحذر (4).
فإذا نبحك الكلب فاقرا ( يا معشرا الجن والأنس ) (5) إلى آخرها.
وإذا نزلت منزلاً تخاف فيه السبع، فقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، أعوذ بالله من شر كل سبع.
وإن خفت عقرباً، فقل: أعوذ بكلمات الله التامات، التي لا يجاوزهن برولا
____________
(1) مكارم الأخلاق: 348 وفيه « إذا دخلت على السلطان فقل ».
(2) يس 36: 9.
(3) التوبة 9: 129.
(4) مكارم الأخلاق: 349 باختلاف يسير من « فإذا رأيت الاسد... ».
(5) الرحمن 55: 33.

(401 )

فاجر، من شر كل ذي شر، ومن شرما ذرأ وبرأ، ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها ، إن ربّي على صراط مستقيم (1).
وإذا كرهت أمراً فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
وإذا دخلت منزلك فسلم على أهلك، فإن لم يكن فيه أحد، فقل: بسم الله وبالله، والسلام على رسول الله، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (2).
واتّق في جميع أمورك، وأحسن خلقك، وأجمل معاشرتك مع الصغير والكبير، وتواضع مع العلماء وأهل الدين، وارفق بما ملكت يمينك، وتعاهد إخوانك، وسارع في قضاء حوائجهم، وإياك والغيبة والنميمة، وسوء الخلق مع أهلك وعيالك، وأحسن مجاورة من جاورك، فإن الله يسألك عن الجار.
وقد نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: « إن الله ـ تبارك وتعالى ـ أوصاني بالجار، حتى ظننت أنه يرثني » (3) وبالله التوفيق.
____________
(1) الكافي 2: 415|7 باختلاف يسير من « وان خفت عقرباً... ».
(2) مكارم الأخلاق: 245 باختلاف يسير « من واذا دخلت منزلك... ».
(3) نهج البلاغة 3: 86|47.