الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين على آله
الطاهرين الطيبين، الفاضلين الأخيار، وسلم تسليماً.
يقول عبدالله علي بن موسى الرضا:
أما بعد: إن أول ما افترض الله على عباده، وأوجب على خلقه معرفة الوحدانية، قال
الله تبارك وتعالى: ( وما قدروا الله حق قدره ) (1)، يقول: ما عرفوا الله حق معرفته.
ونروي عن بعض العلماء عليهم السلام، أنه قال في تفسير هذه الاية: ( هل جزاء الاحسان
إلاّ الإحسان ) (2) ما جزاء من أنعم الله عليه بالمعرفة إلاّ الجنة (3).
وأروي أن المعرفة: التصديق والتسليم والإخلاص، في السرو العلانية.
وأروي أن حق (1) المعرفة أنّ يطيع ولا يعصي ويشكر ولا يكفر.
وروي أن بعض العلماء سئل عن المعرفة، هل للعباد فيها صنع؟ فقال: لا.
فقيل له: فعلى ما يثيبهم؟
فقال: منّ عليهم بالمعرفة، ومنّ عليهم بالثواب (2)، ( ثم مكّتهم ) (3) من الحنيفية التي
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ( واتبع ملة إبراهيم حنيفا ) (4) فهي عشر
سنن: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فأما التي في الرأس: فالفرق، والمضمضة
، والاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، وأما التي في الجسد فنتف (5) الابط، وتقليم
الأضافير، وحلق العانة، والإستنجاء، والختان (6).
واياك أن تدع الفرق، إن كان لك شعر، فقد روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال:
« من لم يفرق شعره، فرقه الله بمنشار من النار في النار » (7).
فإن وجدت بلة في أطراف إحليلك، وفي ثوبك، بعد نتر (8) إحليلك وبعد وضوئك،
فقد علمت ما وصفته لك (9)، من مسح أسفل انثييك ونتر إحليلك ثلاثاً، فلا تلتفت إلى
شئ منه، ولا تنقض وضوءك له، ولا تغسل منه ثوبك، فإن ذلك من الحبائل (10)
والبواسير (11).
ولا تغسل ثوبك ولا احليلك من مذي ووذي (1) فإنهما بمنزلة البصاق والمخاط (2).ولا
تغسل ثوبك إلاّ مما يجب عليك في خروجه إعادة الوضوء.
ولا يجب عليك إعادته (3) إلا من بول، أو مني، أو غائط، أو ريح تستيقنها (4)، فإن
شككت في ريح أنها خرجت منك أو لم تخرج، فلا تنقض من أجلها الوضوء إلاّ أن تسمع
صوتها أو تجد ريحها (5).
وإن استيقنت أنها خرجت منك، فأعد الوضوء، سمعت وقعها (6) أو لم تسمع، وشممت
ريحها أو لم تشم (7).
فإن شككت في الوضوء وكنت على يقين من الحدث فتوضأ (8)
وإن شككت في الحدث فإن كنت على يقين من الوضوء فلا ينقض الشك اليقين إلاّ أن
تستيقن الحدث (9)، وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيهم سبق فتوضأ
(10) ( وأن توضأت وضوءاً تاماً، وصليت صلاتك أو لم تصل، ثم شككت فلم تدر أحدثت أو لم تحدث،
فليس عليك وضوء، لأن اليقين لا ينقضه الشك ) (11).
وإياك أن تبعّض الوضوء، وتابع بينه، كما قال الله تبارك وتعالى (12)، إبدأ
فإن فرغت من بعض وضوئك، وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه، ثم اُوتيت بالماء فأتمم
وضوئك، إذا كان ما غسلته رطباً، فان كان قد جف فأعد الوضوء، فإن جف بعض وضوئك،
قبل أن تتمم الوضوء، من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي، جف
وضوؤك أم لم يجف (2).
وأن كان عليك خاتم فدوره عند وضوئك، فإن علمت أن الماء لا يدخل تحته فانزع (3).
ولا تمسح على عمامة، ولا على قلنسوة، ولا على خفيك (4)، فإنه أروي عن العالم
عليه السلام: لا تقية في شرب الخمر، ولا المسح على الخفين (5)، ولا تمسح على جوربك
إلاّ من عذر، أو ثلج تخاف على رجليك.
ولا ينقض الوضوء إلاّ ما يخرج من الطرفين (6).
ولا ينقض القئ، ولا القلس (7)، والرعاف، والحجامة، والدماميل، والقروح وضوءاً (8).
وإن احتقنت أو حملت الشياف فليس عليك إعادة الوضوء (9).
فإن خرج منك مما احتقنت أو احتملت من الشياف، وكانت بالثفل (10)، فعليك الإستنجاء
والوضوء، وإن لم يكن فيها ثفل فلا استنجاء عليك ولا وضوء.
وان خرج منك حب القرع، وكان فيه ثفل، فاستنج وتوضأ، وإن لم يكن فيه
وكل ما خرج من قبلك ودبرك، من دم وقيح وصديد (2)، وغير ذلك، فلا وضوء عليك
ولا استنجاء، إلاّ أن يخرج منك بول، أو غائط، أو ريح، أو مني (3).
وإن كان بك بول أو غائط أو ريح أو مني، وكان بك في الموضع الذي يجب عليه الوضوء
قرحة، أو دماميل ولم يؤذك، فحلها واغسلها، وإن أضرك حلها فاسمح يدك على الجبائر
والقروح، ولا تحلها ( ولا تعبث ) (4) بجراحتك (5).
وقد نروي في الجبائر عن أبي عبدالله عليه السلام قال: « يغسل ما حولها» (6).
ولا بأس أن يصلي بوضوء واحد صلوات الليل والنهار، ما لم يحدث (7).
ونروي أن أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم قال لابنه محمد بن الحنفية: يا بني قم فائتني
بمخضب (8) فيه ماء للطهور، فأتاه.
فضرب بيده في الماء فقال: بسم الله (9) والحمد لله الذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجساً، ثم استنجى فقال: اللهم حصن فرجي واعفه، واستر عورتي، وحرمه على النار.
ثم تمضمض فقال: اللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق لساني بذكرك.
ثم استنشق فقال: اللهم لا تحرمني رائحة الجنة، واجعلني ممن شم ريحها، وروحها وطيبها.
ثم غسل وجهه فقال: اللهم بيض وجهي، يوم تسود فيه الوجوه، ولا تسود وجهي، يوم تبيض
فيه الوجوه.
ثم غسل يده اليمنى فقال: اللهم اعطني كتابي بيميني، والخلد ( في الجنان ) (10) بشمالي
ثم غسل شماله فقال: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ
بك من مُقَطعات (1) النيران.
ثم مسح برأسه فقال: اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك.
ثم غسل قدميه فقال: اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزّل فيه (2) الأقدام، واجعل سعيي
فيما يرضيك عني.
ثم التفت إلى ابنه فقال: يا بني فأيما (3) عبد مؤمن توضأ بوضوئي هذا، وقال مثل ما
قلت عند وضوئه، إلاّ خلق الله من كل قطرة ملكاً يسبحه، ويكبره ويحمده، ويهلله إلى
يوم القيامة (4).
وأيما مؤمن قرأ في وضوئه ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) خرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمه،
ولا صلاة إلاّ بإسباغ الوضوء، وإحضار النية، وخلوص اليقين، وإفراغ القلب، وترك
الاشغال، وهو قوله ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ) (5).
إعلم يرحمك الله: أن لكل صلاة وقتين: ( أول وآخر ) (1) فأول الوقت رضوان الله، و
آخره عفو الله (2).
ونروي أن لكل صلاة ثلاثة أوقات: أول وأوسط وآخر (3)، فأول الوقت رضوان الله،
وأوسطه عفو الله، وآخره غفران الله، وأول الوقت أفضله، وليس لأحد أن يتخذ آخر الوقت
وقتاً، وإنما جعل آخر الوقت للمريض، والمعتل، والمسافر (4).
وقال العالم عليه السلام: (5) إن الرجل قد يصلي ( في وقت ) (6) وما فاته من الوقت
خير له من أهله وماله (7).
وقال العالم عليه السلام (8): إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، فلا أحب أن يسبقني
أحد بالعمل، لأَني اُحب أن يكون صحيفتي أول صحيفة يرفع فيها العمل الصالح (9).
وقال العالم عليه السلام (10): ما يأمن أحدكم الحدثان في ترك الصلاة، وقد دخل وقتها
وقال الله عز وجل: ( الذين هم على صلواتهم يحافظون ) (2) قال العالم عليه السلام (3):
يحافظون على المواقيت (4).
وقال ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) (5) قال ( العالم عليه السلام: أي هم ) (6) يدومون
على أداء الفرائض والنوافل، وإن فاتهم بالليل قضوا بالنهار، وإن فاتهم بالنهار قضوا
بالليل (7).
وقال العالم عليه السلام (8): أنتم رعاة الشمس والنجوم، وما أحد يصلي صلاتين ولا يؤجر
أجرين غيركم، لكم أجر في السر وأجر في العلانية.
وأول صلاة فرضها الله على العباد صلاة يوم الجمعة الظهر (9)، فهو قوله تعالى: ( أقم
الصلاة لدلوك الشمس اِلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) (10) تشهده ملائكة الليل
وملائكة النهار (11).
وقال العالم عليه السلام (12): أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخره أن يبلغ الظل ذراعاً
أو قدمين من زوال الشمس في كل زمان.
ووقت العصر بعد القدمين الأولين إلى قدمين آخرين أو ذراعين (13)، لمن كان مريضاً أو
معتلاً (14) أو مقصراً، فصار قدمان للظهر وقدمان للعصر. فإن لم يكن معتلاً من مرض
أو من غيره ولا
والثمان ركعات قبل الفريضة والثمان بعدها نافلة (3)، وإن شاء طول إلى القدمين، وإن
شاء قصر، والحد لمن أراد أن يطول في الثماني والثماني أن يقرأ مائة آية فما دون، وإن
أحب أن يزداد فذلك إليه، وإن عرض له شغل أو حاجة أو علة تمنعه من الثماني والثماني
، إذا زالت الشمس، صلى الفريضتين وقضى النوافل متى ما فرغ من ليل أو نهار، في
أي وقت أحب غير ممنوع من القضاء في وقت من الاوقات (4). وإن كان معلولاً حتى
يبلغ ظل القامة قدمين، أو أربعة أقدام صلى الفريضة، وقضى النوافل متى ما تيسر له القضاء (5).
وتفسير القدمين والأربعة أقدام أنهما بعد زوال الشمس في أي زمان كان، شتاء أو صيفاً
طال الظل أم قصر، فالوقت واحداً أبداً (6).
والزوال يكون في نصف النهار، سواء قصر النهار أم طال (7)، فاذا زالت الشمس فقد
دخل وقت الصلاة، وله مهلة في التنفل، والقضاء، والنوم، والشغل إلى أن يبلغ ظل
قامته قدمين بعد الزوال، فإذا بلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال فقد وجب عليه أن يصلي
الظهر في استقبال القدم الثالث، وكذلك يصلي العصر إذا صلى في آخر الوقت في استقبال
القدم الخامس، فإذا صلى بعد ذلك فقد ضيع الصلاة، وهو قاض للصلاة بعد الوقت (8).
وأول وقت المغرب سقوط القرص، وعلامة سقوطه أن يسود أفق المشرق، وآخر وقتها
وأول وقت الفجر إعتراض الفجر في اُفق المشرق، وهو بياض كبياض النهار، وآخر وقت
الفجر أن تبدو الحمرة في أفق المغرب (4).
وإنما يمتد وقت الفريضة بالنوافل، فلولا النوافل وعلة المعلول لم يكن أوقات الصلاة ممدودة
على قدر أوقاتها، فلذلك تؤخر الظهر إن أحببت، وتعجل العصر إذا لم يكن هناك نوافل،
ولا علة تمنعك أن تصليهما في أول وقتهما، وتجمع بينهما في السفر، إذ لا نافلة تمنعك من
الجمع (5).
وقد جائت أحاديث مختلفة في الأوقات، ولكل حديث معنى وتفسير، فجاء أن أول وقت
الظهر زوال الشمس، وآخر وقتها قامة رجل: قدم (6) وقدمان (7).
وجاء: على النصف من ذلك، وهو أحب إليّ (8).
وجاء: آخر وقتها إذا تم قامتين.
وجاء: أول وقت العصر إذا تم الظل قدمين، وآخر وقتها إذا تم أربعة أقدام (9).
وجاء: أول وقت العصر إذا تم الظل ذراعاً، وآخر وقتها إذا تم ذراعين (10).
وجاء: لهما جميعاً وقت واحد مرسل، لقوله: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت
وجاء: أن رسول الله صلى الله وعليه وآله جمع بين الظهر والعصر، ثم المغرب والعتمة،
من غير سفر ولا مرض (2).
وجاء: أن لكل صلاة وقتين: أول وآخر، كما ذكرناه في أول الباب (3)، وأول الوقت
أفضلها (4).
وإنما جعل آخر الوقت للمعلول، فصار آخر الوقت رخصة للضعيف بحال علته في نفسه
وماله، وهي رحمة للقوي الفارغ لعلة الضعيف والمعلول (5)، وذلك أن الله فرض الفرائض
على أضعف القوم قوة ليستوي فيها (6) الضعيف والقوي، كما قال الله تبارك وتعالى:
( فما استيسر من الهدي ) (7) وقال: ( فاتقوا الله ما استطعتم ) (8) فاستوى الضعيف الذي
لا يقدر على أكثر من شاة، والقوي الذي يقدر على أكثر من شاة ـ إلى أكثر القدرة (9) ـ
في الفرائض، وذلك لئلا تختلف الفرائض فلا يقام على حد.
وقد فرض الله تبارك وتعالى على الضعيف ما فرض على القوي، ولا يفرّق عند ذلك بين
القوي والضعيف.
فلما (10) لم يجز أن يفرض على الضعيف المعلول فرض القوي الذي هو غير معلول،
لم يجز أن يفرض على القوي غير فرض الضعيف، فيكون الفرض محمولاً ثبت الفرض
عند
وإنما سمي ظل القامة قامة، لأن حائط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قامة إنسان (1)،
فسمي ظل الحائط ظل قامة وظل قامتين، وظل قدم وظل قدمين، وظل أربعة أقدام وذراع.
وذلك أنه إذا مسح بالقدمين كان قدمين، وإذا مسح بالذراع كان
ذراعاً، وإذا مسح بالذراعين كان ذراعين، وإذا مسح بالقامة كان قامة أي هو ظل القامة وليس
هو بطول القامة سواء مثله، لأن ظل القامة ربما كان قدماً وربما كان قدمين، ظل مختلف
على قدر الأزمنة واختلافه باختلافها، لأن الظل قد يطول وينقص لاختلاف الازمنة.
والحائط المنسوب إلى قامة إنسان قائماً معه غير مختلف ولا زائد ولا ناقص، فلثبوت (2)
الحائط المقيم المنسوب إلى القمة، كان الظل منسوباً إليه ممسوحاً به، طال الظل أم قصر.
فإن قال: لم صار وقت الظهر والعصر أربعة أقدام، ولم يكن الوقت أكثر من الاربعة و
لا أقل من القدمين؟ وهل كان يجوز أن يصير أوقاتها أوسع من هذين الوقتين أو أضيق ؟
قيل له: لايجوز أن يكون الوقت أكثر مما قدر، لأنه إنما صُيِّر الوقت على مقادير قوة أهل
الضعف، واحتمالهم لمكان أداء الفرائض، ولو كانت قوتهم أكثر مما قدر لهم من الوقت
لقدر لهم وقت أضيق، ولو كانت قوتهم أضعف من هذا لخُفف عنهم من الوقت وصيّر أكثر.
ولكن لما قدرت قوى الخلق على ما قدرت لهم من الوقت الممدود بما يقدر الفريقين [ قدر ]
(3) لأداء الفرائض والنافلة وقت، ليكون الضعيف معذوراً ( في تأخير ) (4)
وقد قيل: أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو (4) الله (5).
وقيل: فرض الصلوات الخمس التي هي مفروضة على أضعف الخلق قوة، ليستوي
بين الضعيف والقوي، كما استوى في الهدي شاة.
وكذلك جميع الفرائض المفروضة على جميع الخلق، إنما فرضها الله على أضعف الخلق
قوة، مع ما خص أهل القوة على أداء الفرائض في أفضل الأوقات وأكمل الفرض، كما
قال الله عزوجل: ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) (6).
وجاء أنّ آخر وقت المغرب إلى ربع الليل، للمقيم المعلول، والمسافر (7) كما جاز أن
يصلي العتمة في أول وقت المغرب الممدود، (8) كذلك جاز أن يصلي العصر في أول
الوقت الممدود للظهر.
أقول لك: فإذا دخلت الغائط فقل: أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث، المخبث الشيطان
الرجيم (2).
فإذا فرغت منه فقل: الحمد لله الذي أماط عني الأذى، وهنأني طعامي، وعافاني من
البلوى (3)، الحمد لله الذي يسر المساغ، وسهل المخرج وأماط عني الأذى.
واذكر الله عند وضوئك وطهرك، فإنه نروي أن (4): من ذكر الله عند وضوئه طهر جسده
كله، ومن لم يذكر اسم الله في وضوئه طهر من جسده ماأصابه الماء (5).
فإذا فرغت فقل: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، والحمد لله
رب العالمين (6).
وإن كنت أهرقت الماء فتوضأت، ونسيت أن تستنجي حتى فرغت من صلاتك، ثم ذكرت
فعليك أن تستنجي ثم تعيد الوضوء والصلاة (7).
ولا تقدم المؤخر ( من الوضوء ) (8) ولا تؤخر المقدم، لكن تضع كل شيء على
وإن غسلت قدميك، ونسيت المسح عليهما، فإن ذلك يجزيك،
لأنك قد أتيت بأكثر ما عليك.
وقد ذكر الله الجميع في القرآن، المسح والغسل، قوله تعالى ( وأرجلكم الى
الكعبين ) (2) أراد به الغسل بنصب اللام وقوله: ( وأرجلكم ) بكسر اللام، أراد به المسح
وكلاهما جائزان الغسل والمسح (3).
فإن توضأت وضوءاً تاماً وصليت صلاتك أو لم تصل، ثم شككت فلم تدر أحدثت أم لم
تحدث، فليس عليك وضوء لأن اليقين لا ينقضه الشك.
وليس (4) من مس الفرج (5)، ولا من مس القرد والكلب (6)، والخنزير، ولا من
« فان قيل: فأين انتم عن القراءة بنصب الأرجل، وعليها اكثر القراءة وهي موجبة للغسل
ولا يحتمل سواه؟
قلنا: « أول ما في ذلك ان القراءة بالجر مجمع عليها والقراءة بالنصب مختلف فيها، لأنّا
نقول: ان القراءة بالنصب غير جائزة، وإنما القراءة المنزلة هي القراءة بالجر.. ».
واستدل على ذلك بأحاديث عديدة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة و أبوبكر: « وأرجلكم » خفضاً عطفاً على الرؤوس،
وحجتهم في ذلك ما روي عن ابن عباس انه قال: « الوضوء غسلتان ومسحتان ».
وعلى فرض قراءة الآية الشريفة بنصب « أرجلكم » فهي دالة ـ حسب قوانين اللغة ـ
على المسح أيضاً،كما أوضحه الشيخ الطوسي. انظر « التهذيب 1: 70، حجة القراءات:
223، تفسير القرطبي 6: 91، التفسير الكبير 11: 161 ».
ونروي: أن جبرئيل عليه السلام هبط على رسول الله صلى الله وعليه وآله بغسلين
ومسحين: غسل الوجه والذراعين بكف كف، ومسح الرأس والرجلين بفضل النداوة التي
بقيت في يدك من وضوئك.
فصار الذي كان يجب على المقيم غسله في الحضر، واجباً على المسافر أن يتيمم لا غير،
صارت الغسلتان مسحاً بالتراب، وسقطت المسحتان اللتان كانتا بالماء للحاضر لاغيره.
ويجزيك من الماء في الوضوء مثل الدهن، تمر به على وجهك وذراعيك، أقل من ربع
مدٍّ، وسدس مدٍّ أيضاً، ويجوز بأكثر من ربع مدٍّ وسدس مد أيضاً، ويجوز بأكثر من مد (2).
وكذلك في غسل الجنابة مثل الوضوء سواء، وأكثرها في الجنابة صاع، ويجوز غسل
الجنابة بما يجوز به الوضوء، إنما هو تأديب وسنن حسن، وطاعة آمر لمأمور ( ليثيبه
عليه ) (3) فمن تركه فقد وجب عليه السخط، فأعوذ بالله منه (4).
إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن غسل الجنابة فريضة من فرائض الله جل وعز وأنه ليس من
الغسل فرض غيره (1).
وباقي الغسل سنة واجبة، ومنها سنة مسنونة، إلاّ أن بعضها ألزم من بعض وأوجب من
بعض.
فإذا اردت الغسل من الجنابة، فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة المني في إحليلك،
وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شيء عليك وتنظف موضع الأذى منك، وتغسل يديك
إلى المفصل ثلاثاً قبل ان تدخلها الإناء، وتسمي بذكر الله قبل إدخال يدك إلى الإناء، وتصب
على رأسك ثلاث أكف، وعلى جانبك الأيمن مثل ذلك، وعلى جانبك الأيسر مثل ذلك،
وعلى صدرك ثلاث أكف وعلى الظهر مثل ذلك، وإن كان الصب بالإناء جاز الإكتفاء
بهذا المقدار والإستظهار فيه إذا أمكن (2).
وقد يروى: تصب على الصدر من مد العنق، ثم تمسح سائر بدنك (3) بيديك، وتذكر الله
فإنه من ذكر الله على غسله وعند وضوئه طهر جسده كلّه، ومن لم يذكر الله طهر من
جسده ما أصاب الماء (4).
وقد نروي: أن يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ـ ويروى ـ: مرة مرة يجزيه، وقال:
ويجزي من الغسل عند عوز الماء الكثير ما يجزي من الدهن (2)، وليس في غسل الجنابة
وضوء، والوضوء في كل غسل ماخلا غسل الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة مجزية
عن الفرض الثاني، ولا يجزيه سائر الغسل عن الوضوء لأن الغسل سنة والوضوء
فريضة، ولا يجزي سنة عن فرض، وغسل الجنابة والوضوء فريضتان فإذا اجتمعا
فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (3).
وإذا اغتسلت بغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل (4)، ولا يجزيك الغسل عن الوضوء
(5) فإن اغتسلت ونسيت الوضوء فتوضأ وأعد الصلاة.
والغسل ثلاثة وعشرون: من الجنابة، والاحرام، وغسل الميت، ومن غسل الميت،
وغسل الجمعة، وغسل دخول المدينة، وغسل دخول الحرم، وغسل دخول مكة، وغسل
زيارة البيت، ويوم عرفة، وخمس ليال من شهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة سبع
عشرة، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ودخول البيت،
والعيدين، وليلة النصف من شعبان، وغسل الزيارات، وغسل الاستخارة، وغسل طلب
الحوائج من الله تبارك وتعالى، وغسل يوم غدير خم (6).
الفرض من ذلك غسل الجنابة، والواجب غسل الميت، وغسل الإحرام، والباقي سنة (7).
وقد يجزي غسل واحد من الجنابة، ومن الجمعة، ومن العيدين، والإحرام (8).
وقد روي: أن الغسل أربعة عشر وجهاً:
ثلاث منها غسل واجب مفروض، متى ما نسيه ثم ذكره بعد الوقت اغتسل، وإن لم يجد
الماء تيمم، ثم إن وجدت الماء فعليك الإعادة.
وأحد عشر غسلاً سنة: غسل العيدين، والجمعة ويوم عرفة، ودخول مكة، دخول المدينة،
وزيارة البيت، وثلاث ليال في شهر رمضان: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين،
وليلة ثلاث وعشرين، ومتى ما نسي بعضها أو اضطر أو به علة يمنع من الغسل، فلا
إعادة عليه.
وأدنى ما يكفيك ويجزيك من الماء ما تبل به جسدك مثل الدهن (1).
وقد اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله وبعض نسائه بصاع من ماء (2).
وروي: أنه يستحب غسل ليلة إحدى وعشرين، لأنها الليلة التي رفع فيها عيسى ابي مريم
صلوات الله عليه، ودفن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهي عندهم ليلة القدر (3).
وليلة ثلاث وعشرين هي الليلة التي ترجى فيها، وكان أبوعبدالله عليه السلام يقول: « إذا
صام الرجل ثلاثة وعشرين من شهر رمضان، جاز له أن يذهب يجيئ في أسفاره » (4).
وليلة تسع عشرة من شهر رمضان، هي الليلة التي ضرب فيها جدنا أميرالمؤمنين
صلوات الله عليه، ويستحب فيها الغسل (5).
وميز شعرك بأناملك عند غسل الجنابة، فإنه نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
« تحت كل شعرة جنابة »، فبلّغ الماء تحتها في اُصول الشعر كلّها وخلل اُذنيك بإصبعك،
وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلاّ وتدخل تحتها
وإن كانت عليك نعل وعلمت أن الماء قد جرى تحت رجليك فلا تغسلهما، وإن لم يجر الماء
تحتهما فاغسلهما.
وإن اغتسلت في حفيرة وجرى الماء تحت رجليك فلا تغسلهما، ( وإن كان رجلاك مستنقعتين
في الماء فاغسلهما ) (2،3).
وإن عرقت في ثوبك، وأنت جنب وكانت الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه، وإن كانت
حراماً فلا تجوز الصلاة فيه حتى تغتسل (4).
وإذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك، وتمضمض واستنشق، ثم كل واشرب إلى أن
تغتسل، فإن أكلت أو شربت قبل ذلك أخاف عليك البرص، ولا تعد الى ذلك (5).
وإن كان عليك خاتم فحوله عند الغسل، وإن كان عليك دملج (6) وعلمت أن الماء لا يدخل
تحته فانزعه (7).
ولا بأس أن تنام على جنابتك بعد أن تتوضأ وضوء الصلاة (8).
وإن أجنبت في يوم أو ليلة مراراً أجزاك غسل واحد،إلاّ أن تكون أجنبت بعد الغسل أو
احتلمت، وإن احتلمت فلا تجامع حتى تغتسل من الإحتلام (9).
ولا بأس بذكر الله وقراءة القرآن وأنت جنب، إلاّ العزائم التي تسجد فيها، وهي: ( الم
ولا تمس القرآن إذ كنت جنباً أو كنت على غير وضوء، ومسّ الأوراق (2).
وان خرج من إحليلك شيء بعد الغسل، وقد كنت بلت قبل أن تغتسل فلا تعد الغسل، وإن لم تكن بلت فأعد الغسل (3).
ولا بأس بتبعيض الغسل: تغسل يديك وفرجك ورأسك، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة، ثم تغسل إن أردت ذلك. فإن أحدثت حدثاً من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك ـ من قبل أن تغسل جسدك ـ فأعد الغسل من أوله، فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس، فأعد الغسل على جسداك بعد غسل الرأس (4).
ولا تدخل المسجد وأنت جنب، ولا الحائض إلاّ مجتازين ولهما أن يأخذ منه وليس لهما أن يضعا فيه شيئاً، لأن ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما قادران على وضع ما معهما في غيره (5).
وإذا احتلمت في مسجد من المساجد فاخرج منه واغتسل، إلاّ أن تكون احتلمت في مسجد الحرام أوفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنك إذا احتلمت في أحد هذين المسجدين فتيمم ثم اخرج، ولا تمر عليهما مجتازاً إلاّ وأنت متيمم (6).
وإن اغتسلت من ماء في وهدة (7)، وخشيت أن يرجع ما تصب عليك، أخذت كفاً فصببت على رأسك،وعلى جانبيك كفاً كفاً، ثم امسح بيدك وتدلك بدنك (8).
وإن اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به ويداك قذرتان
وإن اجتمع مسلم مع ذمي ( في الحمام ) (2) اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي (3).
وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري، إذا كانت له مادة (4).
وإياك والتمشط في الحمام، فإنه يورث الوباء في الشعر (5).
وإياك والسواك في الحمام، فإنه يورث الوباء في الأسنان (6).
وإياك أن تدلك رأسك ووجهك بالمئزر (7) الذي في وسطك، فإنه يذهب بماء الوجه (8).
وإياك أن تغسل رأسك بالطين، فإنه يسمج الوجه (9).
وإياك أن تدلك تحت قدميك بالخزف، فإنه يورث البرص (10).
وإياك أن تضجع في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين (11).
واياك والإستلقاء فإنه يورث الدبيلة (12،13).
ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم تُرد به الصوت (14)، اذا كان عليك مئزر.
وإياك أن تدخل الحمام بغير مئزر فإنه من الإيمان (1)، وغض بصرك عن عورة الناس، واستر عورتك من أن ينظر اليه فإنه روي أن الناظر والمنظور إليه ملعون، وبالله العصمة (2).
إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن التيمم غسل المضطر ووضوءه، وهو نصف الوضوء (1) في غير ضرورة إذا لم يوجد الماء، وليس له أن يتيمم حتى يأتي إلى آخر الوقت (2) أو إلى أن يتخوف خروج وقت الصلاة.
وصفة التيمم للوضوء والجنابة وسائر أسباب (3) الغسل واحد، (4) وهو أن تضرب بيديك على الأرض ضربة واحدة، ثم تمسح بهما وجهك من حد الحاجبين إلى الذقن، وروي: أن موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف (5) ثم تضرب بهما اُخرى فتمسح باليسرى اليمنى إلى حد الزند ـ وروي [ من ] (6) اُصول (7) الأصابع من اليد اليمنى ـ وباليمنى اليسرى على هذه الصفة.
وأروي: إذا أردت التيمم إضرب كفيك على الأرض ضربة واحدة، ثم تضع إحدى يديك على الاُخرى، ثم تمسح بأطراف أصابعك وجهك من فوق حاجبيك وبقى ما بقى، ثم تضع أصابعك اليسرى على أصابعك اليمنى من أصل الأصابع من فوق الكف، ثم تمرها على مقدمها على ظهر الكف، ثم تضع أصابعك اليمنى على أصابعك اليسرى، فتصنع بيديك اليمنى ما صنعت بيدك اليسرى على اليمنى مرة واحدة، فهذا
فإذا قدرت على الماء انتقض التيمم، وعليك إعادة الوضوء والغسل بالماء لما تستأنف من (2) الصلاة (3) اللهم إلاّ أن (4) تقدر على الماء وأنت في وقت من الصلاة التي صليتها بالتيمم، فتطهر وتعيد الصلاة (5).
ونروي: أن جبرئيل عليه السلام نزل إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، في الوضوء بغسلين ومسحين (6): غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين (7)، ثم نزل في التيمم بإسقاط المسحين، وجعل مكان موضع الغسل مسحاً.
ونروي عنه ( عليه السلام ) (8) أنه قال: ربُّ الماء وربُّ الصعيد واحد (9)، وليس للمتيمم أن يتيمم إلاّ في آخر الوقت (10)، وإن تيمم وصلى قبل خروج الوقت ثم أدرك الماء وعليه الوقت فعليه أن يعيد الصلاة والوضوء (11)، وإن مر بماء فلم يتوضأ ـ وقد كان تيمم وصلى في آخر الوقت ـ وهو يريد ماءاً آخر فلم يبلغ الماء حتى حضرت الصلاة الاُخرى، فعليه أن يعيد التيمم لأن ممره بالماء نقض تيممه (12).
وقد يصلي بتيمم واحد خمس صلوات، مالم يحدث حدثاً ينقض به الوضوء (13).
وتيمم الجنابة والحائض تيمم مثل تيمم الصلاة (1)، إن الله عزوجل فرض الطهر، فجعل غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين.
وفرض الصلاة أربع ركعات، فجعل للمسافر ركعتين ووضع عنه الركعتين ليس (2) فيهما القراءة. وجعل للذي لا يقدر على الماء التيمم (3)، مسح الوجه واليدين، ورفع عنه مسح الرأس والرجلين.
وقال الله تبارك وتعالى: ( فتيمموا صعيداً طيباً ) (4) والصعيد: الموضع المرتفع عن الأرض (5) والطيب: الذي ينحدر عنه الماء (6).
وقد روي أنه يمسح الرجل على جبينيه وحاجبيه، ويمسح على ظهر كفيه (7).
فإذا كبّرت في صلاتك تكبيرة الإفتتاح، واُوتيت بالماء (8) فلا تقطع الصلاة ولا تنقض تيممك، وامض في صلاتك (9).
الأول: أنه يمضي في صلاته، ولو تلبس بتكبيرة الاحرام، كما دل عليه هذا الخبر، وهو مختار الأكثر.
الثاني: أنه يرجع ما لم يركع، ذهب إليه الصدوق والشيخ في النهاية وجماعة.
الثالث: أنه يرجع ما لم يقرأ، ذهب إليه سلار.
الرابع: وجوب القطع مطلقاً اذا غلب على ظنه سعة الوقت بقدر الطهارة والصلاة، وعدم وجوب القطع إذا لم يمكنه ذلك، واستحباب القطع ما لم يركع، نقله الشيخ عن ابن حمزة.
الخامس: ما نقله الشهيد أيضاُ عن ابن الجنيد، حيث قال: وإذا وجد المتيمم الماء بعد دخوله في الصلاة قطع ما لم يركع الثانية، فان ركعها مضى في صلاته، فان وجده بعد الركعة الاُولى وخاف ضيق الوقت أن يخرج إن قطع، رجوت أن يجزيه ان لا يقطع صلاته، وأما قبله فلا بد من قطعها مع وجود
=
إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن كل ماء جار لا ينجسه شيء (1).
وكلّ بئر عميق، ماؤها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها، فسبيلها سبيل الماء الجاري، إلاّ أن يتغير لونها ( أو طعمها أو رائحتها ) (2) فإن تغيرت نزحت حتى تطيب (3).
وكل غدير فيه من الماء أكثر من كرّ، لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات (4).
والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمي به ( في وسطه ) (5) فان بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكر، وإن لم يبلغ فهو كر (6)، ولا ينجسه شيء إلا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه ( أو طعمه أو رائحته ) (7) فاذا غيرته لم يشرب منه ولم يتطهر منه، إذا
ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات، ويمكن الجمع بينها بحمل أخبار المضي على الجواز، وأخبار القطع قبل الركوع على الاستحباب، بل القطع بعده أيضاً والمسألة قليلة الجدوى إذ الفرض نادر.
وإذا سقط في البئر فأرة أو طائر أو سنور وما أشبه ذلك، فمات فيها ولم يتفسخ، نزح منه سبعة أدل من دلاء هجر، والدلو أربعون رطلا. وإذا تفسخ نزح منها عشرون دلواً، وأروي: أربعون دلواً، اللهم إلا أن يتغير اللون ( أو الطعم أو الرائحة ) (1) فينزح حتى يطيب (2).
وروي: لا ينجس الماء إلاّ ذو نفس سائلة أو حيوان له دم (3).
وقال العالم عليه السلام (4): وإذا سقط النجاسة في الإناء، لم يجز استعماله (5)، وإن لم يتغير لونه ( أو طعمه أو رائحته ) (6) مع وجود غيره فإن لم يوجد غيره استعمل، اللهم إلاّ أن يكون سقط فيه خمر فيتطهر منه، ولا يشرب ( إلاّ إذا لم ) (7) يوجد غيره، ولا يشرب ولا يستعمل إلا في وقت الضرورة والتيمم.
وكلّما تغير فحرم التطهير به، جاز شربه في وقت الضرورة.
وكل ماء مضاف أو مضاف إليه، فلا يجوز التطهر به ويجوز شربه، مثل ماء الورد، وماء القرع، ومياه الرياحين، والعصير والخل، ومثل ماء الباقلى، وماء الزعفران، وماء الخلوق (8)، وغيره وما يشبهها، وكل ذلك لايجوز استعمالها إلا الماء القراح أو التراب.
( وماء المطر اذا ) (9) بقي في الطرقات ثلاثة أيام نجس، واحتيج إلى غسل الثوب منه.
وماء المطر في الصحاري لا ينجس، وأروي (1) أن طين المطر في الصحاري يجوزالصلاة فيه طول الشتو (2).
وإن شرب من الماء دابة أو حمار أو بغل أو شاة أو بقرة، فلا بأس باستعماله والوضوء منه، ما لم يقع فيه (3) كلب أو وزغ أو فارة.
فإن وقع فيه وزغ أُهريق ذلك الماء (4).
وإن وقع كلب أو شرب منه، اُهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرات، مرة بالتراب ومرتين بالماء، ثم يجفف (5).
وإن وقع فيه فأرة، أو حية أُهريق الماء (6).
وإن دخل فيه حية وخرجت منه، صب من ذلك الماء ثلاثة أكف واستعمل الباقي، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة (7).
وإن وقعت (8) فيه عقرب أو شيء من الخنافس ( أو بنات وردان أو الجراد ) (9) وكل ما ليس له دم، فلا بأس باستعماله والوضوء منه مات فيه أم لم يمت (10).
وإن كان معه إناءان وقع في أحدهما ما ينجس الماء، ولم يعلم في أيهما وقع فليهرقهما جميعاً وليتيمم (11).
وماء البئر طهور ما لم ينجسه شيء يقع فيه (12).
وأكبر ما يقع فيه إنسان فيموت فانزح منها سبعين دلواً، وأصغر ما يقع فيها
فإن وقع فيها حمار فانزح منها كراً من الماء (3).
وإن وقع فيها كلب أو سنور فانزح منها ثلاثين دلواً إلى أربعين (4).
ـ والكر ستون دلواً ـ وقد روي سبعة أدل (5).
وهذا الذي وصفناه في ماء البئر ما لم يتغير الماء، وإن تغير الماء وجب أن ينزح الماء كلّه، فإن كان كثيراً وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح، من الغدوة إلى اليل (6).
فإن توضأت منه (7)، أو اغتسلت أو غسلت ثوبك بعد ما تبين، وكل آنية صب فيها ذلك الماء غسل (8).
وإن وقعت فيها حية، أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان، فاستق للحية أدلي، وليس لسواها شيء (9).
وإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر، فانزح منهما الماء كلّه (10).
وإن قطر فيها قطرات من دم، فاستق منها دُليَّ (11).
وإن بال فيها رجل، فاستق منها أربعين دلوا (12).
وإن بال صبي وقد أكل الطعام، استق منها ثلاثة دلاء (13).
وإن كان رضيعاً، استق منها دلواً واحداً (1).
وإن أصابك بول في ثوبك، فاغسله من ماء جارٍ مرة، ومن ماء راكد مرتين، ثم اعصره (2).
وإن كان بول الغلام الرضيع، فتصب عليه الماء صباً، وإن كان قد أكل الطعام فاغسله، والغلام والجارية سواء (3).
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: « لبن الجارية تغسل منه الثوب قبل أن تطعم وبولها، لأن لبن الجارية يخرج من مثانة أُمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب، ولا من بوله قبل أن يطعم، لأن لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين » (4).
وإن أصاب ثوبك دم، فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقدار درهم واف، والوافي ما يكون
وزنه درهماً وثلثاً، وما كان دون الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله، ولا بأس بالصلاة فيه. وإن كان الدم حمصة فلا بأس بأن لا تغسله، إلا أن يكون الدم دم الحيض فاغسل ثوبك منه، ومن البول والمني قل أم كثر وأعد منه صلاتك علمت به أم لم تعلم (5).
وقد روي في المني (6): اذا لم تعلم به من قبل أن تصلي، فلا إعادة عليك (7).
ولا بأس بدم السمك في الثوب أن تصلي فيه قليلاً كان أم كثيراً.
فإن أصاب قلنسوتك وعمامتك، أو التكة أو الجورب أو الخف، مني أو بول أو دم أو غائط، فلا بأس بالصلاة فيه، وذلك أن الصلاة لا تتم في شيء من هذا وحده (8).