وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين على آله الطاهرين الطيبين، الفاضلين الأخيار، وسلم تسليماً.
يقول عبدالله علي بن موسى الرضا:
أما بعد: إن أول ما افترض الله على عباده، وأوجب على خلقه معرفة الوحدانية، قال الله تبارك وتعالى: ( وما قدروا الله حق قدره ) (1)، يقول: ما عرفوا الله حق معرفته.
ونروي عن بعض العلماء عليهم السلام، أنه قال في تفسير هذه الاية: ( هل جزاء الاحسان إلاّ الإحسان ) (2) ما جزاء من أنعم الله عليه بالمعرفة إلاّ الجنة (3).
وأروي أن المعرفة: التصديق والتسليم والإخلاص، في السرو العلانية.
____________
(1) الأنعام 6: 91.
(2) الرحمن 55: 60.
(3) رواه ـ باختلاف يسير ـ الصدوق في الأمالي 316|7، والتوحيد: 22|17 و28|29 ، والقمي في تفسيره 2: 345، والشيخ الطوسي ـ بسندين ـ في أماليه 2: 44 و182.

( 66 )

وأروي أن حق (1) المعرفة أنّ يطيع ولا يعصي ويشكر ولا يكفر.
وروي أن بعض العلماء سئل عن المعرفة، هل للعباد فيها صنع؟ فقال: لا.
فقيل له: فعلى ما يثيبهم؟
فقال: منّ عليهم بالمعرفة، ومنّ عليهم بالثواب (2)، ( ثم مكّتهم ) (3) من الحنيفية التي قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ( واتبع ملة إبراهيم حنيفا ) (4) فهي عشر سنن: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فأما التي في الرأس: فالفرق، والمضمضة ، والاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، وأما التي في الجسد فنتف (5) الابط، وتقليم الأضافير، وحلق العانة، والإستنجاء، والختان (6).
واياك أن تدع الفرق، إن كان لك شعر، فقد روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: « من لم يفرق شعره، فرقه الله بمنشار من النار في النار » (7).
فإن وجدت بلة في أطراف إحليلك، وفي ثوبك، بعد نتر (8) إحليلك وبعد وضوئك، فقد علمت ما وصفته لك (9)، من مسح أسفل انثييك ونتر إحليلك ثلاثاً، فلا تلتفت إلى شئ منه، ولا تنقض وضوءك له، ولا تغسل منه ثوبك، فإن ذلك من الحبائل (10) والبواسير (11).
____________
(1) ليس في نسخة « ش ».
(2) قرب الاسناد: 151، باختلاف في ألفاظه، وفيه: عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
(3) في نسخة « ض »: ولكنها، وفيها بياض قدر ستة أسطر.
(4) النساء 4: 125.
(5) في نسخة « ض » و« ش »: فنبط، تصحيف، صوابه ما أثبتناه من هامش نسخة « ض ».
(6) رواه الصدوق في الهداية: 17، وفيه من: « قال الله عزوجل لنبيه... »، وفي الخصال:271|11، مسنداً إلى الامام الكاظم عليه السلام، وفيه: « خمس من السنن في الرأس »، وروى نحوه القمي في تفسيره 1: 59، وأخرج المجلسي في البحار 76:67 في باب « السنن الحنيفية » عدة أحاديث بهذا المضمون.
(7) الهداية: 17، والفقيه 1: 76 |330 وقرب الاسناد: 34.
(8) النتر: جذب الشئ بجفوة، ومنه نتر الذكر في الاستبراء، وهو استخراج بقية البول منه « مجمع البحرين ـ نتر ـ 3: 487 ».
(9) كذا، ولم يتقدم منه شئ.
(10) الحبائل: عروق ظهر الانسان، وحبائل الذكر عروقه، انظر « مجمع البحرين ـ حبل ـ 5: 348 »
(11) ورد مؤداه في الهداية: 18، والكافي 3: 19|1 و2، والتهذيب 1: 28 |71، والاستبصار 1: 49|137.

( 67 )

ولا تغسل ثوبك ولا احليلك من مذي ووذي (1) فإنهما بمنزلة البصاق والمخاط (2).ولا تغسل ثوبك إلاّ مما يجب عليك في خروجه إعادة الوضوء.
ولا يجب عليك إعادته (3) إلا من بول، أو مني، أو غائط، أو ريح تستيقنها (4)، فإن شككت في ريح أنها خرجت منك أو لم تخرج، فلا تنقض من أجلها الوضوء إلاّ أن تسمع صوتها أو تجد ريحها (5).
وإن استيقنت أنها خرجت منك، فأعد الوضوء، سمعت وقعها (6) أو لم تسمع، وشممت ريحها أو لم تشم (7).
فإن شككت في الوضوء وكنت على يقين من الحدث فتوضأ (8)
وإن شككت في الحدث فإن كنت على يقين من الوضوء فلا ينقض الشك اليقين إلاّ أن تستيقن الحدث (9)، وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيهم سبق فتوضأ (10) ( وأن توضأت وضوءاً تاماً، وصليت صلاتك أو لم تصل، ثم شككت فلم تدر أحدثت أو لم تحدث، فليس عليك وضوء، لأن اليقين لا ينقضه الشك ) (11).
وإياك أن تبعّض الوضوء، وتابع بينه، كما قال الله تبارك وتعالى (12)، إبدأ
____________
(1) الوذي: بالذال المعجمة.. ماء يخرج عقيب إنزال المني « مجمع البحرين ـ وذا ـ 1: 433 » وفي نسخ « ش »: وودي.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 1:39|150، والمقنع: 5، وعلل الشرائع: 296|3، والكافي 3:39|1 والتهذيب 1: 17|40 و41، والإستبصار 1: 91|293 و294.
(3) في نسخة « ض » إعادة، وما أثبتناه من نسخة « ش » هو الصواب.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 1: 37|137، والمقنع: 4، والهداية: 18، والكافي 3:36|6، و والتهذيب 1: 8|12
(5) ورد مؤداه في الفقيه 1: 37|139، والمقنع: 7، والكافي 3: 36|6، والتهذيب والتذهيب 1: 347|1017 و1018، والإستبصار 1: 90|288 و 289
(6) الوقع: الصوت « لسان العرب ـ وقع ـ 8:402 ».
(7) ورد مؤداه في قرب الاسناد:92، والبحار 10: 284 عن كتاب علي بن جعفر
(8) ورد مؤداه في الهداية: 17، والتهذيب 1: 102|286، والكافي 3: 33|1
(9) ورد مؤداه في الفقيه 1: 37|139 والخصال: 619، والتهذيب 1: 8|11.
(10) ورد مؤداه في المقنع: 7، والمقنعة: 6.
(11) ما بين القوسين ليس في نسخة « ض » وورد مؤداه في المقنع: 7
(12) إشارة إلى آية الوضوء في سورة المائدة 5: 6

( 68 )

بالوجه، ثم باليدين، ثم بالمسح على الرأس والقدمين (1).
فإن فرغت من بعض وضوئك، وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه، ثم اُوتيت بالماء فأتمم وضوئك، إذا كان ما غسلته رطباً، فان كان قد جف فأعد الوضوء، فإن جف بعض وضوئك، قبل أن تتمم الوضوء، من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي، جف وضوؤك أم لم يجف (2).
وأن كان عليك خاتم فدوره عند وضوئك، فإن علمت أن الماء لا يدخل تحته فانزع (3).
ولا تمسح على عمامة، ولا على قلنسوة، ولا على خفيك (4)، فإنه أروي عن العالم عليه السلام: لا تقية في شرب الخمر، ولا المسح على الخفين (5)، ولا تمسح على جوربك إلاّ من عذر، أو ثلج تخاف على رجليك.
ولا ينقض الوضوء إلاّ ما يخرج من الطرفين (6).
ولا ينقض القئ، ولا القلس (7)، والرعاف، والحجامة، والدماميل، والقروح وضوءاً (8).
وإن احتقنت أو حملت الشياف فليس عليك إعادة الوضوء (9).
فإن خرج منك مما احتقنت أو احتملت من الشياف، وكانت بالثفل (10)، فعليك الإستنجاء والوضوء، وإن لم يكن فيها ثفل فلا استنجاء عليك ولا وضوء.
وان خرج منك حب القرع، وكان فيه ثفل، فاستنج وتوضأ، وإن لم يكن فيه
____________
(1) الفقيه 1: 28|89.
(2) أورده الصدوق في الفقيه 1: 35، باب 13 عن رسالة أبيه، والمقنع: 6
(3) ورد مؤداه في المقنع: 6، والكافي 3: 45|14.
(4) ورد مؤداه في الهداية: 17، والفقيه 1: 29|94، والتهذيب 1: 361|1090.
(5) المقنع: 6، والهداية: 17، والفقيه: 1: 30|95، باختلاف في ألفاظه.
(6) الهداية: 18.
(7) القلس: ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقيء « الصحاح ـ قلس ـ 3: 965».
(8) الهداية: 18، والفقيه 1: 37|137، والمقنع: 5، والكافي 3: 36|9، والتهذيب 1: 13|25.
(9) الفقيه 1: 39|148.
(10) الثفل: ما يخرج من البطن « مجمع البحرين ـ ثفل ـ 5: 329 ».

( 69 )

ثفل، فلا وضوء عليك ولا استنجاء (1).
وكل ما خرج من قبلك ودبرك، من دم وقيح وصديد (2)، وغير ذلك، فلا وضوء عليك ولا استنجاء، إلاّ أن يخرج منك بول، أو غائط، أو ريح، أو مني (3).
وإن كان بك بول أو غائط أو ريح أو مني، وكان بك في الموضع الذي يجب عليه الوضوء قرحة، أو دماميل ولم يؤذك، فحلها واغسلها، وإن أضرك حلها فاسمح يدك على الجبائر والقروح، ولا تحلها ( ولا تعبث ) (4) بجراحتك (5).
وقد نروي في الجبائر عن أبي عبدالله عليه السلام قال: « يغسل ما حولها» (6).
ولا بأس أن يصلي بوضوء واحد صلوات الليل والنهار، ما لم يحدث (7).
ونروي أن أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم قال لابنه محمد بن الحنفية: يا بني قم فائتني بمخضب (8) فيه ماء للطهور، فأتاه.
فضرب بيده في الماء فقال: بسم الله (9) والحمد لله الذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجساً، ثم استنجى فقال: اللهم حصن فرجي واعفه، واستر عورتي، وحرمه على النار.
ثم تمضمض فقال: اللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق لساني بذكرك.
ثم استنشق فقال: اللهم لا تحرمني رائحة الجنة، واجعلني ممن شم ريحها، وروحها وطيبها.
ثم غسل وجهه فقال: اللهم بيض وجهي، يوم تسود فيه الوجوه، ولا تسود وجهي، يوم تبيض فيه الوجوه.
ثم غسل يده اليمنى فقال: اللهم اعطني كتابي بيميني، والخلد ( في الجنان ) (10) بشمالي
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 1: 37|138، والكافي 3: 36|5.
(2) صديد الجرح: ماؤه الرقيق المختلط بالدم قبل أن يصير مدة « الصحاح ـ صدد ـ 2: 496 ».
(3) الفقيه 1: 37 باختلاف في الفاظه.
(4) في نسخة « ش »: « تعنت »
(5) الفقيه 1: 29|93
(6) الفقيه 1: 29 |94
(7) الهداية: 18، المقنع: 6، الكافي 3: 63|4.
(8) المخضب: الاُجانة التي تغسل فيها الثياب « مجمع البحرين ـ خضب ـ 2: 50 ».
(9) في نسخة « ش » زيادة: « وبالله ».
(10) ليس في نسخة « ض »

( 70 )

ثم غسل شماله فقال: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك من مُقَطعات (1) النيران.
ثم مسح برأسه فقال: اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك.
ثم غسل قدميه فقال: اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزّل فيه (2) الأقدام، واجعل سعيي فيما يرضيك عني.
ثم التفت إلى ابنه فقال: يا بني فأيما (3) عبد مؤمن توضأ بوضوئي هذا، وقال مثل ما قلت عند وضوئه، إلاّ خلق الله من كل قطرة ملكاً يسبحه، ويكبره ويحمده، ويهلله إلى يوم القيامة (4).
وأيما مؤمن قرأ في وضوئه ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) خرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمه، ولا صلاة إلاّ بإسباغ الوضوء، وإحضار النية، وخلوص اليقين، وإفراغ القلب، وترك الاشغال، وهو قوله ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ) (5).
____________
(1) المقطعات: الثياب « مجمع البحرين ـ قطع ـ 4: 380 »
(2) ليس في نسخة « ض »
(3) في نسخة « ش »: « ما من »
(4) روي باختلاف يسير في الفقيه 1: 26|84، والمقنع: 3، وثواب الاعمال: 31، وأمالي الصدوق: 445|11، والكافي 3: 70|6، والتهذيب 1: 53|153، والمحاسن: 45
(5) الأنشراح 94: 7 و8

( 71 )

1 ـ باب مواقيت الصلاة

إعلم يرحمك الله: أن لكل صلاة وقتين: ( أول وآخر ) (1) فأول الوقت رضوان الله، و آخره عفو الله (2).
ونروي أن لكل صلاة ثلاثة أوقات: أول وأوسط وآخر (3)، فأول الوقت رضوان الله، وأوسطه عفو الله، وآخره غفران الله، وأول الوقت أفضله، وليس لأحد أن يتخذ آخر الوقت وقتاً، وإنما جعل آخر الوقت للمريض، والمعتل، والمسافر (4).
وقال العالم عليه السلام: (5) إن الرجل قد يصلي ( في وقت ) (6) وما فاته من الوقت خير له من أهله وماله (7).
وقال العالم عليه السلام (8): إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، فلا أحب أن يسبقني أحد بالعمل، لأَني اُحب أن يكون صحيفتي أول صحيفة يرفع فيها العمل الصالح (9).
وقال العالم عليه السلام (10): ما يأمن أحدكم الحدثان في ترك الصلاة، وقد دخل وقتها
____________
(1) ليس في نسخة « ش ».
(2) الفقيه 1: 140|651.
(3) روي مؤداه في الكافي 3: 273|1 و274|5، والتهذيب 2: 40|127.
(4) روي مؤداه من عبارة « وليس لأحد... » في الكافي 3: 274|3، والتهذيب 2: 39|124 و41|132.
(5) ليس في نسخة « ض ».
(6) ليس في نسخة « ش ».
(7) ورد مؤداه في الفقيه 1: 140|652، والكافي 3: 274، والتهذيب 2:40|126.
(8) ليس في نسخة « ض ».
(9) الهداية: 29.
(10) ليس في نسخة « ض ».

( 72 )

وهو فارغ (1).
وقال الله عز وجل: ( الذين هم على صلواتهم يحافظون ) (2) قال العالم عليه السلام (3): يحافظون على المواقيت (4).
وقال ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) (5) قال ( العالم عليه السلام: أي هم ) (6) يدومون على أداء الفرائض والنوافل، وإن فاتهم بالليل قضوا بالنهار، وإن فاتهم بالنهار قضوا بالليل (7).
وقال العالم عليه السلام (8): أنتم رعاة الشمس والنجوم، وما أحد يصلي صلاتين ولا يؤجر أجرين غيركم، لكم أجر في السر وأجر في العلانية.
وأول صلاة فرضها الله على العباد صلاة يوم الجمعة الظهر (9)، فهو قوله تعالى: ( أقم الصلاة لدلوك الشمس اِلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) (10) تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار (11).
وقال العالم عليه السلام (12): أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخره أن يبلغ الظل ذراعاً أو قدمين من زوال الشمس في كل زمان.
ووقت العصر بعد القدمين الأولين إلى قدمين آخرين أو ذراعين (13)، لمن كان مريضاً أو معتلاً (14) أو مقصراً، فصار قدمان للظهر وقدمان للعصر. فإن لم يكن معتلاً من مرض أو من غيره ولا
____________
(1) الهداية: 29، وروي مؤداه في التهذيب 2: 272|1082.
(2) المؤمنون 23: 9.
(3) ليس في نسخة « ض ».
(4) ورد مؤداه في تفسير القمي 2: 89، ومجمع البيان 4: 99.
(5) المعارج 70: 23.
(6) ليس في نسخة « ض ».
(7) روى مؤداه الصدوق في الخصال: 628.
(8) ليس في نسخة « ض ».
(9) أورد مؤداه الصدوق في الفقيه 1: 125|600 وفي الكافي 3: 275|1.
(10) الإسراء 17: 78.
(11) روي مؤداه في الفقيه 1:138|643، والكافي 3: 283|2، وتفسير القمي 2: 25.
(12) ليس في نسخة « ض ».
(13) ورد مؤداه في الفقيه 1: 140|649 و653، والهداية: 29.
(14) ليس في نسخة « ش ».

( 73 )

تقصير، ولا يريد أن يطيل التنفل، فاذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين (1)، وليس يمنعه منهما إلاّ السبحة (2) بينهما.
والثمان ركعات قبل الفريضة والثمان بعدها نافلة (3)، وإن شاء طول إلى القدمين، وإن شاء قصر، والحد لمن أراد أن يطول في الثماني والثماني أن يقرأ مائة آية فما دون، وإن أحب أن يزداد فذلك إليه، وإن عرض له شغل أو حاجة أو علة تمنعه من الثماني والثماني ، إذا زالت الشمس، صلى الفريضتين وقضى النوافل متى ما فرغ من ليل أو نهار، في أي وقت أحب غير ممنوع من القضاء في وقت من الاوقات (4). وإن كان معلولاً حتى يبلغ ظل القامة قدمين، أو أربعة أقدام صلى الفريضة، وقضى النوافل متى ما تيسر له القضاء (5).
وتفسير القدمين والأربعة أقدام أنهما بعد زوال الشمس في أي زمان كان، شتاء أو صيفاً طال الظل أم قصر، فالوقت واحداً أبداً (6).
والزوال يكون في نصف النهار، سواء قصر النهار أم طال (7)، فاذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاة، وله مهلة في التنفل، والقضاء، والنوم، والشغل إلى أن يبلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال، فإذا بلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال فقد وجب عليه أن يصلي الظهر في استقبال القدم الثالث، وكذلك يصلي العصر إذا صلى في آخر الوقت في استقبال القدم الخامس، فإذا صلى بعد ذلك فقد ضيع الصلاة، وهو قاض للصلاة بعد الوقت (8).
وأول وقت المغرب سقوط القرص، وعلامة سقوطه أن يسود أفق المشرق، وآخر وقتها
____________
(1) الفقيه 1: 139|646، الهداية: 29، الكافي 3: 276|5، من « فاذا زالت الشمس.. »
(2) السبحة: النافلة « مجمع البحرين ـ سبح ـ 2: 370 ».
(3) ليس في نسخة « ش ».
(4) قوله: « وقضى النوافل... » ورد مؤداه في التهذيب 2: 163|642 و173|688 و690، والإستبصار 1: 290|1060 و1061 و1063 و1064.
(5) ورد مؤداه في الفقيه 1: 140|649 و653، والتهذيب 2: 20 |56.
(6) ورد مؤداه في الكافي 3: 277|7، والتهذيب 2: 249|988 و989.
(7) روى الصدوق مؤداه في الفقيه 1: 140|649 و650 و653.
(8) روى الشيخ مؤداه في التهذيب 2: 256|1016|و 1018، والاستبصار 1: 259|928 و930، من « فاذا صلى... ».

( 74 )

غروب الشفق (1)، وهو أول وقت العتمة، وسقوط الشفق ذهاب الحمرة (2)، وآخر وقت العتمة نصف الليل وهو زوال الليل (3).
وأول وقت الفجر إعتراض الفجر في اُفق المشرق، وهو بياض كبياض النهار، وآخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في أفق المغرب (4).
وإنما يمتد وقت الفريضة بالنوافل، فلولا النوافل وعلة المعلول لم يكن أوقات الصلاة ممدودة على قدر أوقاتها، فلذلك تؤخر الظهر إن أحببت، وتعجل العصر إذا لم يكن هناك نوافل، ولا علة تمنعك أن تصليهما في أول وقتهما، وتجمع بينهما في السفر، إذ لا نافلة تمنعك من الجمع (5).
وقد جائت أحاديث مختلفة في الأوقات، ولكل حديث معنى وتفسير، فجاء أن أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخر وقتها قامة رجل: قدم (6) وقدمان (7).
وجاء: على النصف من ذلك، وهو أحب إليّ (8).
وجاء: آخر وقتها إذا تم قامتين.
وجاء: أول وقت العصر إذا تم الظل قدمين، وآخر وقتها إذا تم أربعة أقدام (9).
وجاء: أول وقت العصر إذا تم الظل ذراعاً، وآخر وقتها إذا تم ذراعين (10).
وجاء: لهما جميعاً وقت واحد مرسل، لقوله: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 1: 141|655 و657 و142|662، والهداية: 30 والكافي 3: 279|4 و6 و280|7 و9، والتهذيب 2: 28|77 و82 و29|86 و258|1029 و1031.
(2) في نسخة « ش » زيادة: المغربية.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 141|657، والتهذيب 2: 30|88.
(4) روي الصدوق مؤداه في الفقيه 1:143|664 و317 |1440 و1441، وروى الكليني مؤداه في الكافي 3: 282|1 و283|3.
(5) ورد مؤداه في الكافي 3: 276|2 و3 و4، والتهذيب 2: 21 |57 و58 و60 وفي الكافي 3: 431|3 و4 ما يدل على الجمع بين العصر والظهر في السفر.
(6) في نسخة « ش » وقدم.
(7) ورد مؤداه في التهذيب 2: 18|50 و19|52 و20|56 و21|60 و61 و252|1001.
(8) التهذيب 2: 246|978.
(9) ورد مؤداه في التهذيب 2:255|1012.
(10) ورد مؤداه في التهذيب 2: 251|994 و995، 256|1016.

( 75 )

الصلاتين (1).
وجاء: أن رسول الله صلى الله وعليه وآله جمع بين الظهر والعصر، ثم المغرب والعتمة، من غير سفر ولا مرض (2).
وجاء: أن لكل صلاة وقتين: أول وآخر، كما ذكرناه في أول الباب (3)، وأول الوقت أفضلها (4).
وإنما جعل آخر الوقت للمعلول، فصار آخر الوقت رخصة للضعيف بحال علته في نفسه وماله، وهي رحمة للقوي الفارغ لعلة الضعيف والمعلول (5)، وذلك أن الله فرض الفرائض على أضعف القوم قوة ليستوي فيها (6) الضعيف والقوي، كما قال الله تبارك وتعالى: ( فما استيسر من الهدي ) (7) وقال: ( فاتقوا الله ما استطعتم ) (8) فاستوى الضعيف الذي لا يقدر على أكثر من شاة، والقوي الذي يقدر على أكثر من شاة ـ إلى أكثر القدرة (9) ـ في الفرائض، وذلك لئلا تختلف الفرائض فلا يقام على حد.
وقد فرض الله تبارك وتعالى على الضعيف ما فرض على القوي، ولا يفرّق عند ذلك بين القوي والضعيف.
فلما (10) لم يجز أن يفرض على الضعيف المعلول فرض القوي الذي هو غير معلول، لم يجز أن يفرض على القوي غير فرض الضعيف، فيكون الفرض محمولاً ثبت الفرض عند
____________
(1) الفقيه 1: 139|646، والهداية: 29، والكافي 3: 276|5، والتهذيب 2: 243|964 و965 و966 و967، وفيها عن أبي عبدالله عليه السلام.
(2) ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 186|886، وعلل الشرائع: 321|3 و4، و322|6 و7، والتهذيب 2: 263|1046.
(3) تقدم ذكره في ص 9.
(4) الكافي 3: 274|3 و4.
(5) ورد مؤداه في الكافي 3: 274|3، والتهذيب 2: 39|123 و124، وفيها: النهي عن تأخير الصلاة بغير علة.
(6) في نسخة « ش » و« ض »: منها، وهو تصحيف، صوابه ما أثبتناه من البحار 83: 32 عن فقه الرضا (ع).
(7) البقرة 2: 196.
(8) التغابن 64: 16.
(9) ليس في نسخة « ش ».
(10) في نسخة « ش » و« ض » زيادة: أن

( 76 )

ذلك على أضعف القوم، ليستوي فيها القوي والضعيف، رحمة من الله للضعيف لعلته في نفسه، ورحمة منه للقوي لعلة الضعيف، ويستتم الفرض المعروف المستقيم عند القوي والضعيف.
وإنما سمي ظل القامة قامة، لأن حائط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قامة إنسان (1)، فسمي ظل الحائط ظل قامة وظل قامتين، وظل قدم وظل قدمين، وظل أربعة أقدام وذراع.
وذلك أنه إذا مسح بالقدمين كان قدمين، وإذا مسح بالذراع كان ذراعاً، وإذا مسح بالذراعين كان ذراعين، وإذا مسح بالقامة كان قامة أي هو ظل القامة وليس هو بطول القامة سواء مثله، لأن ظل القامة ربما كان قدماً وربما كان قدمين، ظل مختلف على قدر الأزمنة واختلافه باختلافها، لأن الظل قد يطول وينقص لاختلاف الازمنة.
والحائط المنسوب إلى قامة إنسان قائماً معه غير مختلف ولا زائد ولا ناقص، فلثبوت (2) الحائط المقيم المنسوب إلى القمة، كان الظل منسوباً إليه ممسوحاً به، طال الظل أم قصر.
فإن قال: لم صار وقت الظهر والعصر أربعة أقدام، ولم يكن الوقت أكثر من الاربعة و لا أقل من القدمين؟ وهل كان يجوز أن يصير أوقاتها أوسع من هذين الوقتين أو أضيق ؟
قيل له: لايجوز أن يكون الوقت أكثر مما قدر، لأنه إنما صُيِّر الوقت على مقادير قوة أهل الضعف، واحتمالهم لمكان أداء الفرائض، ولو كانت قوتهم أكثر مما قدر لهم من الوقت لقدر لهم وقت أضيق، ولو كانت قوتهم أضعف من هذا لخُفف عنهم من الوقت وصيّر أكثر.
ولكن لما قدرت قوى الخلق على ما قدرت لهم من الوقت الممدود بما يقدر الفريقين [ قدر ] (3) لأداء الفرائض والنافلة وقت، ليكون الضعيف معذوراً ( في تأخير ) (4)
____________
(1) الفقيه: 1: 140|653، والتهذيب 2: 20|55 و21|58، باختلاف يسير، من « وانما سُمي... ».
(2) في نسخة « ض »: فسوف وفي « ش »: فلما استوفي، وما أثبتناه من البحار 83|33 عن فقه الرضا.
(3) أثبتناه من البحار.
(4) في نسخة « ش »: بتأخير.

( 77 )

الصلاة ( إلى آخر الوقت ) لعلة ضعفه. ( وكذلك القوي معذوراً بتأخير الصلاة إلى آخر الوقت لأهل الضعف ) (2) لعلة المعلول مؤدياً للفرض، وإن (3) كان مضيعاً للفرض بتركه للصلاة في أول الوقت.
وقد قيل: أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو (4) الله (5).
وقيل: فرض الصلوات الخمس التي هي مفروضة على أضعف الخلق قوة، ليستوي بين الضعيف والقوي، كما استوى في الهدي شاة.
وكذلك جميع الفرائض المفروضة على جميع الخلق، إنما فرضها الله على أضعف الخلق قوة، مع ما خص أهل القوة على أداء الفرائض في أفضل الأوقات وأكمل الفرض، كما قال الله عزوجل: ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) (6).
وجاء أنّ آخر وقت المغرب إلى ربع الليل، للمقيم المعلول، والمسافر (7) كما جاز أن يصلي العتمة في أول وقت المغرب الممدود، (8) كذلك جاز أن يصلي العصر في أول الوقت الممدود للظهر.
____________
(1) في نسخة « ض »: التي تنهي بلوغ غاية الوقت.
(2) في نسخة « ش »: والقوي معذوراً.
(3) في نسخة « ض » و« ش »: وإذا، الصواب ما أثبتناه من البحار 83: 33 عن فقه الرضا.
(4) في نسخة « ض »: غفران.
(5) الفقيه 1: 140|651.
(6) الحج 22: 32.
(7) الفقيه 1: 141|656، الكافي 3: 281|14، باختلاف في الفاظه، وورد مؤداه في التهذيب 2: 259|1034، والاستبصار 1: 267|964.
(8) ورد مؤداه في الفقيه 1: 142|662، والكافي 3: 280|11 و12، والتهذيب 2: 28|82.

( 78 )

2 ـ باب التخلي والوضوء (1)

أقول لك: فإذا دخلت الغائط فقل: أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث، المخبث الشيطان الرجيم (2).
فإذا فرغت منه فقل: الحمد لله الذي أماط عني الأذى، وهنأني طعامي، وعافاني من البلوى (3)، الحمد لله الذي يسر المساغ، وسهل المخرج وأماط عني الأذى.
واذكر الله عند وضوئك وطهرك، فإنه نروي أن (4): من ذكر الله عند وضوئه طهر جسده كله، ومن لم يذكر اسم الله في وضوئه طهر من جسده ماأصابه الماء (5).
فإذا فرغت فقل: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، والحمد لله رب العالمين (6).
وإن كنت أهرقت الماء فتوضأت، ونسيت أن تستنجي حتى فرغت من صلاتك، ثم ذكرت فعليك أن تستنجي ثم تعيد الوضوء والصلاة (7).
ولا تقدم المؤخر ( من الوضوء ) (8) ولا تؤخر المقدم، لكن تضع كل شيء على
____________
(1) ليس في نسخة « ض ».
(2) الفقيه 1: 16|37 و17|42، والكافي 3: 16|1، والتهذيب 1: 25|63.
(3) الفقيه 1: 20|58. والمقنع: 3، والهداية: 16.
(4) في نسخة « ض »: « يروي أبي ».
(5) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 31|102، والمقنع: 7، وعلل الشرائع: 289|1 والكافي 3: 16|2، والتهذيب 1: 358|1074 و1075 و1076.
(6) الكافي 3: 16|1، والتهذيب 1: 25|63.
(7) ورد مؤداه في الكافي 3: 19|17، والتهذيب 1: 50|146، والاستبصار 1: 55|162.
(8) ليس في نسخة « ش ».

( 79 )

ما اُمرت أولاً فأولاً (1).
وإن غسلت قدميك، ونسيت المسح عليهما، فإن ذلك يجزيك، لأنك قد أتيت بأكثر ما عليك.
وقد ذكر الله الجميع في القرآن، المسح والغسل، قوله تعالى ( وأرجلكم الى الكعبين ) (2) أراد به الغسل بنصب اللام وقوله: ( وأرجلكم ) بكسر اللام، أراد به المسح وكلاهما جائزان الغسل والمسح (3).
فإن توضأت وضوءاً تاماً وصليت صلاتك أو لم تصل، ثم شككت فلم تدر أحدثت أم لم تحدث، فليس عليك وضوء لأن اليقين لا ينقضه الشك.
وليس (4) من مس الفرج (5)، ولا من مس القرد والكلب (6)، والخنزير، ولا من
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 1: 28|89 و29|90، وفي التهذيب 1: 97|251، 252، 253 والاستبصار 1: 73|223 و224 و225 و227 و228.
(2) المائدة: 5 و6.
(3) ورد مؤدى الفقرة من « وان غسلت قدميك... » في التهذيب 1: 64|180 و181 و66|187، وهذه الأحاديث محمولة على التقية، أو ورد فيها تأويل، مع العلم ان الاحاديث الواردة في المسح أكثر عدداً، وأشهر رواية، وأصح سنداً، وأوضح دلالة، وقرر الشيخ الطوسي قول الامامية بالمسح، حيث صرح في جملة كلام له:
« فان قيل: فأين انتم عن القراءة بنصب الأرجل، وعليها اكثر القراءة وهي موجبة للغسل ولا يحتمل سواه؟
قلنا: « أول ما في ذلك ان القراءة بالجر مجمع عليها والقراءة بالنصب مختلف فيها، لأنّا نقول: ان القراءة بالنصب غير جائزة، وإنما القراءة المنزلة هي القراءة بالجر.. ».
واستدل على ذلك بأحاديث عديدة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة و أبوبكر: « وأرجلكم » خفضاً عطفاً على الرؤوس، وحجتهم في ذلك ما روي عن ابن عباس انه قال: « الوضوء غسلتان ومسحتان ».
وعلى فرض قراءة الآية الشريفة بنصب « أرجلكم » فهي دالة ـ حسب قوانين اللغة ـ على المسح أيضاً،كما أوضحه الشيخ الطوسي. انظر « التهذيب 1: 70، حجة القراءات: 223، تفسير القرطبي 6: 91، التفسير الكبير 11: 161 ».
(4) في نسخة « ض » زيادة: « عليك وضوء ».
(5) ورد مؤداه في الكافي 3: 37|12
(6) ورد مؤداه في الكافي 3: 60|2.

( 80 )

مس الذكر، ولا من مس ما يؤكل من الزهومات (1) وضوء عليك.
ونروي: أن جبرئيل عليه السلام هبط على رسول الله صلى الله وعليه وآله بغسلين ومسحين: غسل الوجه والذراعين بكف كف، ومسح الرأس والرجلين بفضل النداوة التي بقيت في يدك من وضوئك.
فصار الذي كان يجب على المقيم غسله في الحضر، واجباً على المسافر أن يتيمم لا غير، صارت الغسلتان مسحاً بالتراب، وسقطت المسحتان اللتان كانتا بالماء للحاضر لاغيره.
ويجزيك من الماء في الوضوء مثل الدهن، تمر به على وجهك وذراعيك، أقل من ربع مدٍّ، وسدس مدٍّ أيضاً، ويجوز بأكثر من ربع مدٍّ وسدس مد أيضاً، ويجوز بأكثر من مد (2).
وكذلك في غسل الجنابة مثل الوضوء سواء، وأكثرها في الجنابة صاع، ويجوز غسل الجنابة بما يجوز به الوضوء، إنما هو تأديب وسنن حسن، وطاعة آمر لمأمور ( ليثيبه عليه ) (3) فمن تركه فقد وجب عليه السخط، فأعوذ بالله منه (4).
____________
(1) في نسخة « ض » الزهوكات، وهوتصحيف،صوابه ما أثبتناه من نسخة « ش »، والزهومة: الدسم وريح اللحم « مجمع البحرين ـ زهم ـ 6: 81 »
(2) ورد مؤداه في الكافي 3: 21|1 و2 وص 22|7.
(3) في نسخة « ش »: « ليثيب له وعليه ». وفي نسخة « ض »: « ليثيب له عليه ». وما أثبتناه من البحار 80: 349|5 عن فقه الرضا عليه السلام.
(4) ورد مؤداه في التهذيب 1: 136|376 و377 و378.

( 81 )

3 ـ باب الغسل من الجنابة وغيرها

إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن غسل الجنابة فريضة من فرائض الله جل وعز وأنه ليس من الغسل فرض غيره (1).
وباقي الغسل سنة واجبة، ومنها سنة مسنونة، إلاّ أن بعضها ألزم من بعض وأوجب من بعض.
فإذا اردت الغسل من الجنابة، فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة المني في إحليلك، وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شيء عليك وتنظف موضع الأذى منك، وتغسل يديك إلى المفصل ثلاثاً قبل ان تدخلها الإناء، وتسمي بذكر الله قبل إدخال يدك إلى الإناء، وتصب على رأسك ثلاث أكف، وعلى جانبك الأيمن مثل ذلك، وعلى جانبك الأيسر مثل ذلك، وعلى صدرك ثلاث أكف وعلى الظهر مثل ذلك، وإن كان الصب بالإناء جاز الإكتفاء بهذا المقدار والإستظهار فيه إذا أمكن (2).
وقد يروى: تصب على الصدر من مد العنق، ثم تمسح سائر بدنك (3) بيديك، وتذكر الله فإنه من ذكر الله على غسله وعند وضوئه طهر جسده كلّه، ومن لم يذكر الله طهر من جسده ما أصاب الماء (4).
وقد نروي: أن يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ـ ويروى ـ: مرة مرة يجزيه، وقال:
____________
(1) ورد في الفقيه 1: 44|172، والمقنع: 12، والهداية: 19، والتهذيب 1: 110|287 و114|302.
(2) أورد الصدوق مؤداه في الفقيه 1: 46 عن رسالة أبيه، والمقنع: 12، والهداية: 20، والكافي 3: 43|1 و2 و3، والتهذيب 1: 131|363 و132|365 و133|368 و145|411 و412.
(3) ورد مؤداه في التهذيب 1: 132|364.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 1: 31|102، والمقنع: 7، والتهذيب 1: 358|1074 و1076.

( 82 )

الأفضل الثلاثة، وإن لم يفعل فغسله تام (1).
ويجزي من الغسل عند عوز الماء الكثير ما يجزي من الدهن (2)، وليس في غسل الجنابة وضوء، والوضوء في كل غسل ماخلا غسل الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة مجزية عن الفرض الثاني، ولا يجزيه سائر الغسل عن الوضوء لأن الغسل سنة والوضوء فريضة، ولا يجزي سنة عن فرض، وغسل الجنابة والوضوء فريضتان فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (3).
وإذا اغتسلت بغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل (4)، ولا يجزيك الغسل عن الوضوء (5) فإن اغتسلت ونسيت الوضوء فتوضأ وأعد الصلاة.
والغسل ثلاثة وعشرون: من الجنابة، والاحرام، وغسل الميت، ومن غسل الميت، وغسل الجمعة، وغسل دخول المدينة، وغسل دخول الحرم، وغسل دخول مكة، وغسل زيارة البيت، ويوم عرفة، وخمس ليال من شهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة سبع عشرة، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ودخول البيت، والعيدين، وليلة النصف من شعبان، وغسل الزيارات، وغسل الاستخارة، وغسل طلب الحوائج من الله تبارك وتعالى، وغسل يوم غدير خم (6).
الفرض من ذلك غسل الجنابة، والواجب غسل الميت، وغسل الإحرام، والباقي سنة (7).
وقد يجزي غسل واحد من الجنابة، ومن الجمعة، ومن العيدين، والإحرام (8).
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، وعلل الشرائع: 287|2، والتهذيب 1: 148|422، 131|362.
(2) ورد مؤداه في التهذيب 1: 137|384 و138|385.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، والهداية: 19 و20، والفقرة الاُولى من هذه القطعة « وليس في غسل الجنابة وضوء » ورد مؤداها في التهذيب 1: 139|389 و390 و392 و142|402 و403 وورد مؤدى الفقرة الثانية « والوضوء من كل غسل ما خلا غسل الجنابة » في الكافي 3: 45|13، والتهذيب 1: 139|391.
(4) الهداية: 20، وورد مؤداه في الكافي 3: 45|13، والتهذيب 1: 142|401.
(5) الهداية: 20.
(6) ورد مؤداه في الفقيه 1: 44|172، والهداية: 19، والكافي 3: 40|1 و2، والتهذيب 1: 104|270.
(7) ورد مؤداه في الفقيه 1: 45|176.
(8) ورد مؤداه في الهداية: 20، والتهذيب 1: 107|279.

( 83 )

وقد روي: أن الغسل أربعة عشر وجهاً:
ثلاث منها غسل واجب مفروض، متى ما نسيه ثم ذكره بعد الوقت اغتسل، وإن لم يجد الماء تيمم، ثم إن وجدت الماء فعليك الإعادة.
وأحد عشر غسلاً سنة: غسل العيدين، والجمعة ويوم عرفة، ودخول مكة، دخول المدينة، وزيارة البيت، وثلاث ليال في شهر رمضان: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ومتى ما نسي بعضها أو اضطر أو به علة يمنع من الغسل، فلا إعادة عليه.
وأدنى ما يكفيك ويجزيك من الماء ما تبل به جسدك مثل الدهن (1).
وقد اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله وبعض نسائه بصاع من ماء (2).
وروي: أنه يستحب غسل ليلة إحدى وعشرين، لأنها الليلة التي رفع فيها عيسى ابي مريم صلوات الله عليه، ودفن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهي عندهم ليلة القدر (3).
وليلة ثلاث وعشرين هي الليلة التي ترجى فيها، وكان أبوعبدالله عليه السلام يقول: « إذا صام الرجل ثلاثة وعشرين من شهر رمضان، جاز له أن يذهب يجيئ في أسفاره » (4).
وليلة تسع عشرة من شهر رمضان، هي الليلة التي ضرب فيها جدنا أميرالمؤمنين صلوات الله عليه، ويستحب فيها الغسل (5).
وميز شعرك بأناملك عند غسل الجنابة، فإنه نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « تحت كل شعرة جنابة »، فبلّغ الماء تحتها في اُصول الشعر كلّها وخلل اُذنيك بإصبعك، وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلاّ وتدخل تحتها
____________
(1) ورد مؤداه في الكافي 3: 21|1، والتهذيب 1: 137|384، من « وأدنى ما يكفيك ».
(2) ورد مؤداه في التهذيب 1: 378، والكافي 3: 22|5.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 45|176، والكافي 3: 40|2، والتهذيب 1: 114|302.
(4) ورد مؤداه في التهذيب 4: 216|626.
(5) ورد مؤداه في الفقيه 2: 100|446.

( 84 )

الماء (1).
وإن كانت عليك نعل وعلمت أن الماء قد جرى تحت رجليك فلا تغسلهما، وإن لم يجر الماء تحتهما فاغسلهما.
وإن اغتسلت في حفيرة وجرى الماء تحت رجليك فلا تغسلهما، ( وإن كان رجلاك مستنقعتين في الماء فاغسلهما ) (2،3).
وإن عرقت في ثوبك، وأنت جنب وكانت الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه، وإن كانت حراماً فلا تجوز الصلاة فيه حتى تغتسل (4).
وإذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك، وتمضمض واستنشق، ثم كل واشرب إلى أن تغتسل، فإن أكلت أو شربت قبل ذلك أخاف عليك البرص، ولا تعد الى ذلك (5).
وإن كان عليك خاتم فحوله عند الغسل، وإن كان عليك دملج (6) وعلمت أن الماء لا يدخل تحته فانزعه (7).
ولا بأس أن تنام على جنابتك بعد أن تتوضأ وضوء الصلاة (8).
وإن أجنبت في يوم أو ليلة مراراً أجزاك غسل واحد،إلاّ أن تكون أجنبت بعد الغسل أو احتلمت، وإن احتلمت فلا تجامع حتى تغتسل من الإحتلام (9).
ولا بأس بذكر الله وقراءة القرآن وأنت جنب، إلاّ العزائم التي تسجد فيها، وهي: ( الم
____________
(1) الفقيه 1: 46، المقنع: 12، والهداية: 20، باختلاف يسير، وأما الحديث النبوي: « إن تحت كل شعرة جنابة » في الحدائق 3: 89 عن سنن ابن ماجة 1:196|597.
(2) ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».
(3) ورد باختلاف في الألفاظ من « وان كان عليك... » في الفقيه 1: 19|53، والكافي 3: 44|10 و11، والتهذيب 1: 132|366 و133|367.
(4) المقنع 14 عن رسالة أبيه.
(5) ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، والمقنع: 13، والهداية: 20، والكافي 3: 50.
(6) الدملج: المعضد، وهو حلي يلبس في العضد انظر « القاموس المحيط ـ دملج ـ 1: 189 ».
(7) ورد مؤداه في الفقيه 1: 31|19، والمقنع: 6، والكافي 3: 44|6.
(8) ورد مؤداه في الفقيه 1: 47|180، والكافي 3: 51|10.
(9) الفقيه 1: 48، والهداية: 20.

( 85 )

تنزيل )، و(حم السجدة )، و( النجم )، وسورة ( اقرأ بسم ربك ) (1).
ولا تمس القرآن إذ كنت جنباً أو كنت على غير وضوء، ومسّ الأوراق (2).
وان خرج من إحليلك شيء بعد الغسل، وقد كنت بلت قبل أن تغتسل فلا تعد الغسل، وإن لم تكن بلت فأعد الغسل (3).
ولا بأس بتبعيض الغسل: تغسل يديك وفرجك ورأسك، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة، ثم تغسل إن أردت ذلك. فإن أحدثت حدثاً من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك ـ من قبل أن تغسل جسدك ـ فأعد الغسل من أوله، فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس، فأعد الغسل على جسداك بعد غسل الرأس (4).
ولا تدخل المسجد وأنت جنب، ولا الحائض إلاّ مجتازين ولهما أن يأخذ منه وليس لهما أن يضعا فيه شيئاً، لأن ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما قادران على وضع ما معهما في غيره (5).
وإذا احتلمت في مسجد من المساجد فاخرج منه واغتسل، إلاّ أن تكون احتلمت في مسجد الحرام أوفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنك إذا احتلمت في أحد هذين المسجدين فتيمم ثم اخرج، ولا تمر عليهما مجتازاً إلاّ وأنت متيمم (6).
وإن اغتسلت من ماء في وهدة (7)، وخشيت أن يرجع ما تصب عليك، أخذت كفاً فصببت على رأسك،وعلى جانبيك كفاً كفاً، ثم امسح بيدك وتدلك بدنك (8).
وإن اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به ويداك قذرتان
____________
(1) الفقيه 1: 48، والهداية: 20، والمقنع: 13.
(2) الهداية: 20، وورد مؤداه في المقنع: 13، والتهذيب 1: 127|344.
(3) المقنع: 13، والهداية: 21، وورد مؤداه في الفقيه 1: 47|186، والتهذيب 1: 144|406 و407 و408 والكافي 3: 49|1 و2 و4.
(4) أورده الصدوق في الفقيه 1: 49، عن رسالة والده.
(5) الفقيه 1: 48|191، والهداية: 21.
(6) الهداية: 21، وورد مؤداه في التهذيب 1: 407|1280، والكافي 3: 73|14.
(7) الوهدة: الأرض المنخفظة، « القاموس المحيط ـ وهد ـ 1|347 ».
(8) المقنع: 14، والفقيه 1: 11.

( 86 )

فاضرب يدك في الماء وقل: بسم الله، وهذا مما قال الله تبارك وتعالى: ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) (1).
وإن اجتمع مسلم مع ذمي ( في الحمام ) (2) اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي (3).
وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري، إذا كانت له مادة (4).
وإياك والتمشط في الحمام، فإنه يورث الوباء في الشعر (5).
وإياك والسواك في الحمام، فإنه يورث الوباء في الأسنان (6).
وإياك أن تدلك رأسك ووجهك بالمئزر (7) الذي في وسطك، فإنه يذهب بماء الوجه (8).
وإياك أن تغسل رأسك بالطين، فإنه يسمج الوجه (9).
وإياك أن تدلك تحت قدميك بالخزف، فإنه يورث البرص (10).
وإياك أن تضجع في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين (11).
واياك والإستلقاء فإنه يورث الدبيلة (12،13).
ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم تُرد به الصوت (14)، اذا كان عليك مئزر.
____________
(1) المقنع: 13، والآية في سورة الحج 22: 78.
(2) ليس في نسخة « ش ».
(3) المقنع: 13 باختلاف في الألفاظ.
(4) ورد مؤداه في التهذيب 1: 378|1168 و1170.
(5) المقنع: 14 ـ عن رسالة والده.
(6) الفقيه 1: 64|243، وفي المقنع عن رسالة والده: 14.
(7) في نسخة « ض » « بمئزرك ».
(8) المقنع: 14 عن رسالة أبيه، وفي الفقيه باختلاف يسير 1: 64|243.
(9) الفقيه 1: 64|243، وفي المقنع عن رسالة أبيه: 14.
(10) المقنع: 14 عن رسالة أبيه، وفي الفقيه باختلاف يسير 1: 64|243.
(11) الفقيه: 1: 64|243، وفي المقنع عن رسالة أبيه: 14، مكارم الاخلاق: 53.
(12) في نسخة « ش »: « الدمبلة »، والدبيلَة: الطاعون وخراج ودمل يظهر في الجوف ويقتل صاحبه غالباً « مجمع البحرين ـ دبل ـ 5: 369 ».
(13) المقنع: 14 عن رسالة والده.
(14) المقنع: 14 عن رسالة والده.

( 87 )

وإياك أن تدخل الحمام بغير مئزر فإنه من الإيمان (1)، وغض بصرك عن عورة الناس، واستر عورتك من أن ينظر اليه فإنه روي أن الناظر والمنظور إليه ملعون، وبالله العصمة (2).
____________
(1) المقنع: 14 عن رسالة والده.
(2) تحف العقول: 11.

( 88 )

4 ـ باب التيمم

إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن التيمم غسل المضطر ووضوءه، وهو نصف الوضوء (1) في غير ضرورة إذا لم يوجد الماء، وليس له أن يتيمم حتى يأتي إلى آخر الوقت (2) أو إلى أن يتخوف خروج وقت الصلاة.
وصفة التيمم للوضوء والجنابة وسائر أسباب (3) الغسل واحد، (4) وهو أن تضرب بيديك على الأرض ضربة واحدة، ثم تمسح بهما وجهك من حد الحاجبين إلى الذقن، وروي: أن موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف (5) ثم تضرب بهما اُخرى فتمسح باليسرى اليمنى إلى حد الزند ـ وروي [ من ] (6) اُصول (7) الأصابع من اليد اليمنى ـ وباليمنى اليسرى على هذه الصفة.
وأروي: إذا أردت التيمم إضرب كفيك على الأرض ضربة واحدة، ثم تضع إحدى يديك على الاُخرى، ثم تمسح بأطراف أصابعك وجهك من فوق حاجبيك وبقى ما بقى، ثم تضع أصابعك اليسرى على أصابعك اليمنى من أصل الأصابع من فوق الكف، ثم تمرها على مقدمها على ظهر الكف، ثم تضع أصابعك اليمنى على أصابعك اليسرى، فتصنع بيديك اليمنى ما صنعت بيدك اليسرى على اليمنى مرة واحدة، فهذا
____________
(1) الفقيه 1: 58|213 باختلاف في ألفاظه، ومؤداه في المقنع: 9.
(2) المقنع: 8، ومؤداه في الكافي 3: 63|1 و2.
(3) في نسخة « ض »: « أبواب ».
(4) الفقيه 1: 58|215 باختلاف يسير.
(5) الفقيه 1: 76|836، والتهذيب 2: 298|1199، والاستبصار 1: 327|1222.
(6) أثبتناه من البحار 81: 148.
(7) في نسخة « ض »: وصول. تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة « ش ».

( 89 )

هو التيمم (1)، وهو الوضوء التام الكامل في وقت الضرورة.
فإذا قدرت على الماء انتقض التيمم، وعليك إعادة الوضوء والغسل بالماء لما تستأنف من (2) الصلاة (3) اللهم إلاّ أن (4) تقدر على الماء وأنت في وقت من الصلاة التي صليتها بالتيمم، فتطهر وتعيد الصلاة (5).
ونروي: أن جبرئيل عليه السلام نزل إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، في الوضوء بغسلين ومسحين (6): غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين (7)، ثم نزل في التيمم بإسقاط المسحين، وجعل مكان موضع الغسل مسحاً.
ونروي عنه ( عليه السلام ) (8) أنه قال: ربُّ الماء وربُّ الصعيد واحد (9)، وليس للمتيمم أن يتيمم إلاّ في آخر الوقت (10)، وإن تيمم وصلى قبل خروج الوقت ثم أدرك الماء وعليه الوقت فعليه أن يعيد الصلاة والوضوء (11)، وإن مر بماء فلم يتوضأ ـ وقد كان تيمم وصلى في آخر الوقت ـ وهو يريد ماءاً آخر فلم يبلغ الماء حتى حضرت الصلاة الاُخرى، فعليه أن يعيد التيمم لأن ممره بالماء نقض تيممه (12).
وقد يصلي بتيمم واحد خمس صلوات، مالم يحدث حدثاً ينقض به الوضوء (13).
____________
(1) ورد مؤداه في المقنع: 9، والهداية: 18، والكافي 3: 61|1.
(2) ليس في نسخة « ض ».
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 58|213، والهداية: 19، والكافي 3:63|4.
(4) في نسخة « ض » زيادة: لا.
(5) ورد مؤداه في التهذيب 1: 193|559.
(6) ليس في نسخة « ض ».
(7) ورد مؤداه في الفقيه 1: 34|127 و35|128.
(8) في نسخة « ش » صلى الله عليه وآله وسلم.
(9) الكافي 3: 65|9، والتهذيب 1: 197|571، وورد مؤداه في الفقيه 1: 58|213.
(10) المقنع: 8، وورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 3: 63|1 و2.
(11) ورد مؤداه في التهذيب 1: 193|559.
(12) ورد مؤداه في الفقيه 1: 58|213، والمقنع: 8، والكافي 3: 63|4، والتهذيب 1: 193|557 و200|580.
(13) ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 8، والهداية: 19، والكافي 3: 63|4، والتهذيب 1: 300|580 و582، والاستبصار1: 163|565 و567.

( 90 )

وتيمم الجنابة والحائض تيمم مثل تيمم الصلاة (1)، إن الله عزوجل فرض الطهر، فجعل غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين.
وفرض الصلاة أربع ركعات، فجعل للمسافر ركعتين ووضع عنه الركعتين ليس (2) فيهما القراءة. وجعل للذي لا يقدر على الماء التيمم (3)، مسح الوجه واليدين، ورفع عنه مسح الرأس والرجلين.
وقال الله تبارك وتعالى: ( فتيمموا صعيداً طيباً ) (4) والصعيد: الموضع المرتفع عن الأرض (5) والطيب: الذي ينحدر عنه الماء (6).
وقد روي أنه يمسح الرجل على جبينيه وحاجبيه، ويمسح على ظهر كفيه (7).
فإذا كبّرت في صلاتك تكبيرة الإفتتاح، واُوتيت بالماء (8) فلا تقطع الصلاة ولا تنقض تيممك، وامض في صلاتك (9).
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 1: 58|215، والتهذيب 1: 212|616 و617.
(2) ليس في نسخة « ض » والصواب ما أثبتناه من نسخة « ش ».
(3) ليس في نسخة « ش ».
(4) المائدة 5: 6، والنساء 4: 34.
(5) وفي كتب اللغة: التراب أو وجه الأرض.
(6) الهداية: 18 باختلاف يسير.
(7) الفقيه 1: 57|212، الهداية: 18.
(8) ليس في نسخة « ش ».
(9) قال العلامة المجلسي في البحار 80: 152 في بيانه حول هذا الخبر « ولو وجد الماء بعد الدخول في الصلاة، فقد اختلف فيه كلام الاصحاب على أقوال:
الأول: أنه يمضي في صلاته، ولو تلبس بتكبيرة الاحرام، كما دل عليه هذا الخبر، وهو مختار الأكثر.
الثاني: أنه يرجع ما لم يركع، ذهب إليه الصدوق والشيخ في النهاية وجماعة.
الثالث: أنه يرجع ما لم يقرأ، ذهب إليه سلار.
الرابع: وجوب القطع مطلقاً اذا غلب على ظنه سعة الوقت بقدر الطهارة والصلاة، وعدم وجوب القطع إذا لم يمكنه ذلك، واستحباب القطع ما لم يركع، نقله الشيخ عن ابن حمزة.
الخامس: ما نقله الشهيد أيضاُ عن ابن الجنيد، حيث قال: وإذا وجد المتيمم الماء بعد دخوله في الصلاة قطع ما لم يركع الثانية، فان ركعها مضى في صلاته، فان وجده بعد الركعة الاُولى وخاف ضيق الوقت أن يخرج إن قطع، رجوت أن يجزيه ان لا يقطع صلاته، وأما قبله فلا بد من قطعها مع وجود

=


( 91 )

5 ـ باب المياه وشربها، والتطهر منها، وما يجوز
من ذلك وما لا يجوز منها

إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن كل ماء جار لا ينجسه شيء (1).
وكلّ بئر عميق، ماؤها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها، فسبيلها سبيل الماء الجاري، إلاّ أن يتغير لونها ( أو طعمها أو رائحتها ) (2) فإن تغيرت نزحت حتى تطيب (3).
وكل غدير فيه من الماء أكثر من كرّ، لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات (4).
والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمي به ( في وسطه ) (5) فان بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكر، وإن لم يبلغ فهو كر (6)، ولا ينجسه شيء إلا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه ( أو طعمه أو رائحته ) (7) فاذا غيرته لم يشرب منه ولم يتطهر منه، إذا
____________
الماء.
ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات، ويمكن الجمع بينها بحمل أخبار المضي على الجواز، وأخبار القطع قبل الركوع على الاستحباب، بل القطع بعده أيضاً والمسألة قليلة الجدوى إذ الفرض نادر.
(1) الجعفريات: 11، وورد مضمونه في الكافي 3: 12|1 و2، التهذيب 1: 31|81 و43|120 و121 و122.
(2) في نسخة « ض »: « وطعمها ورائحتها ».
(3) ورد مؤداه في الكافي 3: 2|4 و3|5، والتذهيب 1: 42|117 و234|676.
(4) ورد مؤداه في الهداية: 14، الكافي 3: 2|1، 2، 4، 5 و3|7، التهذيب 1: 39|107 و40|108 و109 و414|1308.
(5) ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».
(6) قال المحدث النوري في مستدرك الوسائل 1: 27 بعد نقله هذا الخبر: « قلت: هذا التحديد لم ينقل إلاّ من الشلمغاني، وهو قريب من مذهب أبي حنيفة لم يقل به احد من اصحابنا فهو محمول على التقية، ويحتمل بعيداً ملازمته في أمثال الغدير للتحديدين الأخيرين ويؤيده كلامه في البئر ».
(7) في نسخة « ض »: « وطعمه ورائحته ».

( 92 )

وجدت غيره.
وإذا سقط في البئر فأرة أو طائر أو سنور وما أشبه ذلك، فمات فيها ولم يتفسخ، نزح منه سبعة أدل من دلاء هجر، والدلو أربعون رطلا. وإذا تفسخ نزح منها عشرون دلواً، وأروي: أربعون دلواً، اللهم إلا أن يتغير اللون ( أو الطعم أو الرائحة ) (1) فينزح حتى يطيب (2).
وروي: لا ينجس الماء إلاّ ذو نفس سائلة أو حيوان له دم (3).
وقال العالم عليه السلام (4): وإذا سقط النجاسة في الإناء، لم يجز استعماله (5)، وإن لم يتغير لونه ( أو طعمه أو رائحته ) (6) مع وجود غيره فإن لم يوجد غيره استعمل، اللهم إلاّ أن يكون سقط فيه خمر فيتطهر منه، ولا يشرب ( إلاّ إذا لم ) (7) يوجد غيره، ولا يشرب ولا يستعمل إلا في وقت الضرورة والتيمم.
وكلّما تغير فحرم التطهير به، جاز شربه في وقت الضرورة.
وكل ماء مضاف أو مضاف إليه، فلا يجوز التطهر به ويجوز شربه، مثل ماء الورد، وماء القرع، ومياه الرياحين، والعصير والخل، ومثل ماء الباقلى، وماء الزعفران، وماء الخلوق (8)، وغيره وما يشبهها، وكل ذلك لايجوز استعمالها إلا الماء القراح أو التراب.
( وماء المطر اذا ) (9) بقي في الطرقات ثلاثة أيام نجس، واحتيج إلى غسل الثوب منه.
____________
(1) في نسخة « ض »: « والطعم والرائحة ».
(2) ورد مؤداه في الكافي 3: 6|6، والتهذيب 1: 235|679 و680 و236|681، والاستبصار 1: 34|91، 93 و36|97 و98.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 7|3، والكافي 3: 5|4، والتهذيب 1: 231|668 و669.
(4) ليس في نسخة « ض ».
(5) ورد مؤداه في الكافي 3: 74|16، والتهذيب 1: 418|1320.
(6) في نسخة « ض »: « طعمه ورائحته ».
(7) في نسخة « ض »: « إذا ».
(8) الخلوق: نوع من الطيب. « القاموس المحيط ـ خلق ـ 3: 299 ».
(9) في نسخة « ض » « أو ماء مطر فإذا ».

( 93 )

وماء المطر في الصحاري لا ينجس، وأروي (1) أن طين المطر في الصحاري يجوزالصلاة فيه طول الشتو (2).
وإن شرب من الماء دابة أو حمار أو بغل أو شاة أو بقرة، فلا بأس باستعماله والوضوء منه، ما لم يقع فيه (3) كلب أو وزغ أو فارة.
فإن وقع فيه وزغ أُهريق ذلك الماء (4).
وإن وقع كلب أو شرب منه، اُهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرات، مرة بالتراب ومرتين بالماء، ثم يجفف (5).
وإن وقع فيه فأرة، أو حية أُهريق الماء (6).
وإن دخل فيه حية وخرجت منه، صب من ذلك الماء ثلاثة أكف واستعمل الباقي، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة (7).
وإن وقعت (8) فيه عقرب أو شيء من الخنافس ( أو بنات وردان أو الجراد ) (9) وكل ما ليس له دم، فلا بأس باستعماله والوضوء منه مات فيه أم لم يمت (10).
وإن كان معه إناءان وقع في أحدهما ما ينجس الماء، ولم يعلم في أيهما وقع فليهرقهما جميعاً وليتيمم (11).
وماء البئر طهور ما لم ينجسه شيء يقع فيه (12).
وأكبر ما يقع فيه إنسان فيموت فانزح منها سبعين دلواً، وأصغر ما يقع فيها
____________
(1) في نسخة « ض »: « وروي ».
(2) الشتو: فصل الشتاء. « لسان العرب ـ شتا ـ 14: 421 ».
(3) ليس في نسخة « ض ».
(4) الفقيه 1: 8|10: باختلاف يسير.
(5) الفقيه 1: 8|10، المقنع: 12.
(6) ورد مؤداه في التهذيب 1: 239|693، والاستبصار 1: 40|112، وفيما ذكر الفأرة فقط.
(7) الفقيه 1: 9|13.
(8) في نسخة « ش »: « وقع ».
(9) في نسخة « ض »: « ض »: « بنات وردان والجراد ».
(10) ورد مؤداه في الفقيه 1: 7|3، والمقنع: 11، وأورده في المختلف: 64 عن علي بن بابويه.
(11) الفقيه 1: 7|3، وورد مؤداه في التهذيب 1: 248|712 و249|713.
(12) الفقيه 1: 6 وفيه ( ماء البئر طهور ) وورد في الكافي 3: 5|2، والتهذيب 1: 234|676.

( 94 )

الصعوة (1) فانزح منها دلواً واحداً وفيما بين الصعوة والإنسان على قدر ما يقع فيها (2).
فإن وقع فيها حمار فانزح منها كراً من الماء (3).
وإن وقع فيها كلب أو سنور فانزح منها ثلاثين دلواً إلى أربعين (4).
ـ والكر ستون دلواً ـ وقد روي سبعة أدل (5).
وهذا الذي وصفناه في ماء البئر ما لم يتغير الماء، وإن تغير الماء وجب أن ينزح الماء كلّه، فإن كان كثيراً وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح، من الغدوة إلى اليل (6).
فإن توضأت منه (7)، أو اغتسلت أو غسلت ثوبك بعد ما تبين، وكل آنية صب فيها ذلك الماء غسل (8).
وإن وقعت فيها حية، أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان، فاستق للحية أدلي، وليس لسواها شيء (9).
وإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر، فانزح منهما الماء كلّه (10).
وإن قطر فيها قطرات من دم، فاستق منها دُليَّ (11).
وإن بال فيها رجل، فاستق منها أربعين دلوا (12).
وإن بال صبي وقد أكل الطعام، استق منها ثلاثة دلاء (13).
____________
(1) الصَّعْوَة: اسم طائر من صغار العصافير أحمر الرأس « مجمع البحرين ـ صعا ـ 1: 262 ».
(2) الفقيه 1: 12|22، الهداية: 14، باختلاف يسير.
(3) الفقيه 1: 12|22، الهداية: 14.
(4) المقنع: 9، الهداية 14، والفقيه 1: 12|22، ولم يرد فيه السنور.
(5) المقنع: 9، وفي الفقيه 1: 12|22 « وان وقع فيها سنور نزح منها سبعة دلاء ».
(6) الفقيه 1: 13|24 باختلاف يسير. وورد مؤداه في التهذيب 1: 236|681 و237|684 و284|832.
(7) ليس في نسخة « ش ».
(8) ورد مؤداه في الفقيه 1: 14|26، والاستبصار 1: 32|86.
(9) قال العلامة في المختلف: 8: « وقال ابن بابويه في رسالته: اذا وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بيات وردان فاستق منها للحيّة سبع دلاء وليس عليك فيما سواها شيء ».
(10) الفقيه 1: 12|22، والكافي 3: 6|7، والتهذيب 1: 240|694 و241|695.
(11) الفقيه 1: 13|22، وورد مؤداه في الكافي 3: 5|1.
(12) الفقيه 1: 13|22، الهداية: 14.
(13) الفقيه 1: 13|22، الهداية: 14.

( 95 )

وإن كان رضيعاً، استق منها دلواً واحداً (1).
وإن أصابك بول في ثوبك، فاغسله من ماء جارٍ مرة، ومن ماء راكد مرتين، ثم اعصره (2).
وإن كان بول الغلام الرضيع، فتصب عليه الماء صباً، وإن كان قد أكل الطعام فاغسله، والغلام والجارية سواء (3).
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: « لبن الجارية تغسل منه الثوب قبل أن تطعم وبولها، لأن لبن الجارية يخرج من مثانة أُمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب، ولا من بوله قبل أن يطعم، لأن لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين » (4).
وإن أصاب ثوبك دم، فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقدار درهم واف، والوافي ما يكون وزنه درهماً وثلثاً، وما كان دون الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله، ولا بأس بالصلاة فيه. وإن كان الدم حمصة فلا بأس بأن لا تغسله، إلا أن يكون الدم دم الحيض فاغسل ثوبك منه، ومن البول والمني قل أم كثر وأعد منه صلاتك علمت به أم لم تعلم (5).
وقد روي في المني (6): اذا لم تعلم به من قبل أن تصلي، فلا إعادة عليك (7).
ولا بأس بدم السمك في الثوب أن تصلي فيه قليلاً كان أم كثيراً.
فإن أصاب قلنسوتك وعمامتك، أو التكة أو الجورب أو الخف، مني أو بول أو دم أو غائط، فلا بأس بالصلاة فيه، وذلك أن الصلاة لا تتم في شيء من هذا وحده (8).
____________
(1) الفقيه 1: 13|22، الهداية: 14.
(2) الهداية: 14 باختلاف يسير، ومؤداه في التهذيب 1: 250|717.
(3) الهداية: 14 باختلاف يسير.
(4) الهداية 15، المقنع: 5، علل الشرائع: 294|1 باختلاف يسير.
(5) الفقيه 1: 42|165 باختلاف يسير. وأورد في المختلف: 17 عن علي بن بابويه باختلاف يسير.
(6) في نسخة « ش » زيادة: انه.
(7) المختلف: 17 عن علي بن بابويه.
(8) الفقيه 1: 42|167، والمقنع: 5 باختلاف يسير.