(11)
1 ـ السنة النبوية
تمهيد :
     بعد أن ثبت ان القرآن الكريم قد جُمع وكُتب على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما روى ذلك عدّة من المسلمين منهم : ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل والترمذي والنسائي وابن حبّان والحاكم والبيهقي والضياء المقدسي عن ابن عباس ، وروى ذلك الطبراني وابن عساكر عن الشعبي ، كما رواه قتادة عن أنس بن مالك ، وأخرج ذلك النسائي بسند صحيح عن عبدالله بن عمر (1). وهناك عدّة أدلّة اُخرى ذُكرت لذلك تُورث القطع بأنَّ القرآن قد جمع في زمن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحيث اُطلق عليه اسم الكتاب كما ورد ذلك عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين « ... إني تاركٌ فيكم الثقلين ; كتاب الله وعترتي ... ». والكتاب لا يطلق إلاّ على ما كان محفوظاً بين الدفتين ، ويكفيك التحدّي الذي كان في زمان الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من قبل القرآن نفسه في الإتيان بمثله ، ولا يصح التّحدي إلاّ أن يكون القرآن مجموعاً متميّزاً في زمانه ( صلى الله عليه وآله ).
     (1) الروايات في كتاب البيان في تفسير القرآن للامام الخوئي : ص258 ومابعدها.
(12)
قال تعالى : ( قلْ لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) (1).
    أقول : بعد ان ثبت ان القرآن قد جمع في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لم يبق من الشريعة مما يستوجب الحفظ والاهتمام به إلاّ السنّة النبوية الشريفة ، لأن الاكتفاء بالقرآن لا يمكّننا من أن نستنبط حكماً واحداً بكل ماله من شرائط وموانع ، حيث ان أحكام القرآن لم يرد أكثرها لبيان جميع خصوصيات ما يتصل بالحكم ، وانما هي واردة في بيان أصل التشريع كآية : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ... ) (2) و آية : ( ... ولله على الناس حجُّ البيت من استطاع اليه سبيلا ... ) (3) وآية : ( ... كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ... ) (4) وآية : ( واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل...) (5) وآية : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ... ) (6) ; كل هذه الآيات الواردة في أهم أحكام الشرع من صلاة وصيام وحج وخمس وزكاة لا يمكن ان نستفيد منها حكماً محدوداً اذا تجرّدنا عن تحديدات السنّة لمفاهيمها واجزائها وشرائطها وموانعها.
    لهذا نرى انه لا يمكن ان يفهم معنى للاسلام بدون السنّة الشريفة ، لذا كان لحفظها الأثر الكبير في حفظ الاسلام.

تحديد السنّة :
    السنّة في اللغة : الطريقة المسلوكة أو الطريقة المعتادة سواء كانت حسنة
     (1) الاسراء : 88.
     (2) البقرة : 43.
     (3) آل عمران : 97.
     (4) البقرة : 183.
     (5) الانفال : 41.
     (6) التوبة : 60.

(13)
أم سيئة.
    وفي اصطلاح الفقهاء : تطلق السنّة على ما يقابل البدعة. ويراد بها كل حكم يستند الى اصول الشريعة في مقابل البدعة ، فانها تطلق على ما خالف اُصول الشريعة. وقد تطلق السنّة على المستحب والنافلة في العبادات من باب اطلاق العام على الخاص ، كما تطلق على ما واظب على فعله النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع عدم تركه بلا عذر.
    وتُطلق السنّة عند الاصوليين :ـ بالاتفاق ـ على ما صدر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) من قول أو فعل أو تقرير غير ما اختصّ به ( صلى الله عليه وآله ). ويدور كلامنا في هذا المقال حول دور الائمة الاثني عشر ( عليهم السلام ) في حفظ السنّة بمفهومها عند الاصوليين.

حجّية السنّة النبوية :
    من نافلة القول التأكيد على حجيّة السنة النبوية والتماس دليل لها ، لأنها ضرورة دينية أجمع عليها المسلمون ونطق بها القرآن الكريم بقوله : ( ... أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ... ) (1) ( ... وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ... ) (2) ( وما ينطق عن الهوى. إن هو إلاّ وحيٌ يوحى ) (3) وقد تقدم القول منّا بانه لا يكاد يفهم معنى للاسلام بدون السنة النبوية. ثم ان العصمة الثابتة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) تقتضي أن تكون أقواله وأفعاله وتقريراته من قبيل التشريع أو موافقة للشريعة.

اتجاهان مختلفان حول السنّة النبوية :
    أقول : هناك اتجاهان متفاوتان بالنسبة الى السنّة النبوية حدثا في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وبعد وفاته :
     (1) النساء : 59.
     (2) الحشر : 7.
     (3) النجم : 3 ـ 4.

(14)
الإتجاه الأول : ينحو لعدم الاهتمام بحفط وكتابة السنة النبوية وحتى يمنع من نشرها ، خشية ان تختلط مع القرآن الكريم وقد ادّى هذا الاتجاه الى صدور النهي عن كتابة الحديث (1) مثل ما حدّث به عبدالله بن عمر حيث قال : « كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اُريد حفظه ، فنهتني قريش ، فقالوا إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو بشر يتكلّم في الغضب والرضا ! فأمسكت عن الكتابة ، فذكرت ذلك للرسول ( صلى الله عليه وآله ) فقال : اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منّي إلاّ حق » (2) ، كما نسبت في ذلك روايات الى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) تنهى عن كتابة الحديث.
    ومن الجدير بالذكر تنبّه الخط المانع ( وهو الخط الحاكم آنذاك ) بعد قرن من الزمان الى بطلان هذا الاتجاه ! فدعوا الى كتابة الحديث وعرفوا ان القرآن لا يمكن ان يختلط مع غيره الذي لا يكون معجزا ، ولم ينقص من الاهتمام بالقرآن نتيجة كتابة الحديث. قال السيد رشيد رضا : « ونحن نجزم باننا نسينا وأضعنا من حديث نبيّنا حظّاً عظيماً لعدم كتابة علماء الصحابة كل ما سمعوه » (3).
    الإتجاه الثاني : وهناك اتجاه آخر حَفِظَ السنّة وكتبها ونشرها وتوارثها وأمر المسلمين بكتابتها. وهذا الاتجاه قام به الامام علي ( عليه السلام ) ومَنْ بعده من أئمة أهل البيت الذين صرّحوا بأنّ ما يقولونه هو عبارة عن السنّة النبوية التي كانت محفوظة عندهم بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ). وإليك نموذجاً من الأدلة على ذلك من

     (1) كتاب الغدير ، للعلاّمة الأميني : ج6 ، ص294 ـ 295 نقلاً عن تاريخ ابن كثير ج8 ، ص107 ، الروايات في كتاب تنوير الحوالك ، للسيوطي : ج1 ، ص4 و مستدرك الصحيحين ، للحاكم : ج1 ، ص102 ، وراجع تذكرة الحفّاظ : ج1 ، ص7.
     (2) المدخل للفقه الاسلامي ، لمحمد سلام مذكور : ص184 ، نقلاً عن ابن عبدالبر في جامعه وابي داود في سننه ، والحاكم وغيرهم.
     (3) تفسير القرآن ، للامام محمد عبده والسيد رشيد رضا : ج6 ، ص288.

(15)
الروايات التي تواترت في هذا الأمر المهم :
أوّلاً : ما ذكره في كتاب الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن ابي بصير قال : « قلت للامام الصادق ( عليه السلام ) : الحديث أسمعهُ منك أرويه عن أبيك ، أو أسمعهُ من أبيك أرويه عنك ؟ قال ( عليه السلام ) : سواء إلاّ انك ترويه عن أبي أحبُّ اليَّ » (1).
ثانياً : ما رواه في الكافي عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبدالعزيز عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا : « سمعنا الامام الصادق ( عليه السلام ) يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أميرالمؤمنين ، وحديث أميرالمؤمنين حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وحديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قول الله عزّوجلّ » (2)
ثالثاً : ما رواه في المجالس عن الحسين بن أحمد بن ادريس عن أبيه عن محمد بن أحمد عن محمد بن علي عن عيسى بن عبدالله عن أبيه عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اللّهم ارحم خلفائي ، قيل : يا رسول الله ومَنْ خلفاؤك ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي ثم يعلّمونها » (3).
     (1) وسائل الشيعة : ج 18 ، باب 8 من أبواب صفات القاضي ، ح11 عن الكافي.
     (2) المصدر السابق : ح26.
     (3) وبما ان الائمة من أهل البيت هم خلفاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالنصّ الوارد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهم المقصودون في هذا الحديث وهم رواة السنّة وهم الذين يعلّمونها الناس. المصدر نفسه : حديث5 ، وقد ورد الحديث عن الفقيه مرسلاً وعن المجالس مسنداً بالسند المتقدم ، وورد هذا الحديث بنفس المضمون في كتاب معاني الاخبار بسند آخر عن : صاحب معاني الاخبار عن أبيه عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن اليعقوبي عن عيسى بن عبدالله العلوي عن أبيه عن جدّه عن علي ( عليه السلام ). وله أسانيد اُخرى عن الامام الرضا ( عليه السلام ) عن آبائه عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).
ç
(16)
رابعاً : روى محمد بن محمد بن النعمان ( الشيخ المفيد ) في المجالس عن جعفر بن محمد بن قولويه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن هارون بن مسلم عن ابن اسباط عن سيف بن عميرة عن عمروبن شمر عن جابر قال : « قلت للامام الباقر ( عليه السلام ) اذا حدثتني بحديث فاسنده لي : فقال ( عليه السلام ) : حدّثني أبي عن جدّي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن جبرئيل عن الله تبارك وتعالى ، وكلما اُحدثك بهذا الاسناد » (1)
خامساً : روى علي بن موسى بن جعفر بن طاووس في كتاب الاجازات ، قال : مما رويناه من كتاب الشيخ الحسن بن محبوب عن ابن سنان عن الامام الصادق ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : « ليس عليكم فيما سمعتم منّي أن ترووه عن أبي ( عليه السلام ) ، وليس عليكم جناح فيما سمعتم من أبي أن ترووه عني. ليس عليكم في هذا جناح » (2).
سادساً : روى علي بن موسى بن جعفر بن طاووس قال : ومما روينا من كتاب حفص بن البختري قال : « قلت للامام الصادق ( عليه السلام ) نسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك؟ فقال ( عليه السلام ) : ما سمعتَهُ منّي فاروِهِ عن أبي ، وما سمعته منّي فاروه عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » (3).
سابعاً : وروى في الكافي عن محمد بن يحيى عن عبدالله بن محمد عليّ بن الحكم عن ابان بن عثمان عن عبدالله بن أبي يعفور قال : وحدّثني الحسين بن أبي
è
    (1) المصدر السابق : ح67 ، عن مجالس المفيد.
     (2) المصدر السابق : ح85 عن كتاب الاجازات للسيد بن طاووس ( مخطوط ).
     (3) المصدر السابق : ح86 ، عن كتاب الاجازات للسيد بن طاووس ( مخطوط ).

(17)
العلا انّه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس، قال : « سألت الامام الصادق ( عليه السلام ) عن اختلاف الحديث يرويه مَنْ نثق به ومنهم مَنْ لا نثق به ؟ قال ( عليه السلام ) : اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به ». وروى البرقي في المحاسن عن علي بن الحكم مثله (1). والظاهر انّ المراد من قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خصوص قوله ولو بالواسطة فلا يشمل قول غيره.
ثامناً : روى في عيون الاخبار عن أبيه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد جميعاً عن سعد بن عبدالله عن محمد بن عبدالله المسمعي عن أحمد بن الحسن الميثمي انه سأل الامام الرضا ( عليه السلام ) يوماً وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الشيء الواحد ، فقال ( عليه السلام ) : « ... لأنّا لا نرخّص فيما لم يرخّص فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا نأمر بخلاف ما أمر به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلاّ لعلّة خوف ضرورة ، فأما ان نستحل ما حرّم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أو نحرّم ما استحلّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يكون ذلك أبداً لأنّا تابعون لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسلِّمون له كما كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تابعاً لأمر ربه مسلِّماً له. وقال الله عزوجل : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (2).
تاسعاً : روى محمد بن الحسن بن فرّوخ الصفار القمي ( المتوفى سنة 290 هـ.ق ) قال : حدّثنا احمد بن محمد عن البرقي عن اسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي المعزا عن سماعة عن أبي الحسن ( الامام الرضا ( عليه السلام ) ) ، قال : « قلت له : كل شيء تقول به في كتاب الله وسنته أو تقولون فيه برأيكم ؟ قال ( عليه السلام ) : بل
     (1) المصدر السابق : باب 9 من أبواب صفات القاضي ، ح11 ، فالامام الصادق ( عليه السلام ) الذي يقول : بأنّ الميزان هو الشاهد من كتاب الله وقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فهو لم يرَ لقوله الذي ليس هو قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أي ميزة.
     (2) المصدر السابق : ح21 ، عن عيون الاخبار.

(18)
كل شيء نقوله في كتاب الله وسنّة نبيّه » (1).
عاشراً : روى محمد بن الحسن الصفار القمي قال : حدّثنا احمد بن محمد عن البرقي عن صفوان عن سعيد الاعرج قال : « قلت للامام الصادق ( عليه السلام ) ان من عندنا من يتفقّه ، يقولون : يرد علينا مالا نعرفه في كتاب الله ولا في السنّة نقول فيه برأينا. فقال الامام الصادق ( عليه السلام ) : كذبوا ، ليس شيء إلاّ جاء في الكتاب وجاءت فيه السنّة » (2) والظاهر أنَّ المراد بالنسبة هي سنّة النبي ( صلى الله عليه وآله ).
    الحادي عشر : روى الصفار قال حدّثنا احمد بن الحسن بن علي فضّال عن أبيه عن أبي المعزا عن سماعة عن العبد الصالح ( الامام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ) ، قال : « سألته فقلت ان اُناساً من أصحابنا قد لقَوْا أباك وجدّك وسمعوا منهما الحديث ، فربما كان الشيء يبتلي به بعض أصحابنا وليس عندهم في ذلك شيء يفتيه ، وعندهم مايشبهه ، يسعهم ان يأخذوا بالقياس؟ فقال ( عليه السلام ) : إنه ليس بشيء إلاّ وقد جاء في الكتاب والسنة » (3). والظاهر ان المراد بالسنّة هي سنّة النبي ( صلى الله عليه وآله ).
الثاني عشر : روى محمد بن الحسن الصفار قال : حدّثني السندي محمد بن صفوان بن يحيى عن محمد بن حكيم عن أبيالحسن ( موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ) ، قال :« قلت له : تفقّهنا في الدين وروينا ، وربما ورد علينا رجل قد ابتلي بشيء صغير ، الذي ما عندنا فيه بعينه شيء ، وعندنا ما هو يشبه مثله ، أفنفتيه بما يشبهه؟ قال ( عليه السلام ) : لا ، وما لكم والقياس في ذلك ، هلك من هلك بالقياس. قال : قلت : جعلت فداك ، أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بما يكتفون به؟
     (1) بصائر الدرجات : ج6 ، باب 15 ، ص301 ، ح1.
     (2) المصدر السابق : ح2.
     (3) المصدر السابق : ح3.

(19)
قال ( عليه السلام ) : اتى رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) بما استغنوا به في عهده وبما يكتفون به من بعده الى يوم القيامة. قال : قلت : ضاع منه شيء؟ قال : لا ، هو عند أهله » (1).
الثالث عشر : روى في الكافي عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابنابيعمير عن بعض أصحابه قال : « سمعت الامام الصادق يقول : من خالف كتاب الله وسنّة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فقد كفر » (2).
الرابع عشر : روى الشيخ الطوسي في أماليه وروى الصفار في بصائر الدرجات وروي في ينابيع المودة ـواللفظ للأولـ عن أحمد بن محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) عن آبائه قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي : اكتب ، املي عليك. قال : يا نبي الله أتخاف عليّ النسيان؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : لستُ أخاف عليك النسيان وقد دعوتُ الله لك ان يحفظك ولا ينسيك ، ولكن اكتب لشركائك. قال : قلتُ ومَنْ شركائي يا نبي الله؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : الأئمة من ولدك; بهم تُسقى اُمّتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عنهم البلاء ، وبهم تنزّل الرحمة من السماء. وأومأ الى الحسن ( عليه السلام ) وقال : هذا أولهم ، وأومأ الى الحسين ( عليه السلام ) وقال : الأئمة من ولده » (3).
    إذن كَتَبَ علي لشركائه وهم الأئمة من ولده ، فما يقولونه عن رسولالله ( صلى الله عليه وآله ). وقد وردت روايات كثيرة في شأن الصحيفة التي أملاها رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) على عليّ ( عليه السلام ) وقد خطها عليّ بيده وتوارثها الائمة ( عليهم السلام ) ، وهذه الروايات فيها تفصيل لما
     (1) بصائر الدرجات : ج6 ، باب 15 ، ح4 ، فاذا كان رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) قد أتى بما يستغني به المسلمون الى يوم القيامة ، ولم يفقد منه شيء ، وهو عند أهله الذين لا يقيسون ، وهم الأئمة ( عليهم السلام ) ، اذن ما يقولونه هو عن رسولالله ( صلى الله عليه وآله ).
     (2) وسائل الشيعة : ج18 ، باب 9 من صفات القاضي ، ح16 ، ولا يضرّ ارسال ابنابيعمير عن بعض اصحابه لشهادة الشيخ الطوسي بانه لا يُرسل الاّ عن ثقة.
     (3) أمالي الشيخ الطوسي : ج2 ، ص56 ، ط النجف 1384 هـ

(20)
ذكر في إملاء رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) لعليّ ( عليه السلام ) ، إذ فيها « كل حلال وحرام حتى أرش الخدش ».
    منها : ما رواه الصفار قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن سليمان بن خالد قال : « سمعت الامام الصادق ( عليه السلام ) يقول : إنّ عندنا لصحيفة سبعين ( سبعون ) ذراعاً ، إملاء رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) وخط عليّ ( عليه السلام ) بيده ، ما من حلال ولا حرام إلاّ وهو فيها حتى ارش الخدش » (1).
    ومنها : قال النجاشي : أخبرنا محمد بن جعفر قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد عن محمد بن أحمد بن الحسن ، عن عبّاد بن ثابت عن أبي مريم عبدالغفّار بن القاسم عن عذافر الصيرفي قال : « كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر ( عليه السلام ) ( الامام الباقر ) فجعل يسأله ، وكان أبوجعفر له مكرِماً ، فاختلفا في شيء ، فقال أبوجعفر : يا بنيّ قم فأخرِج كتاب عليّ ، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً ، ففتحه وجعل ينظر فيه حتى أخرج المسألة ، فقال ابوجعفر : هذا خطّ عليّ ( عليه السلام ) وإملاء رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأقبل على الحكم وقال : يا أبامحمد اذهب أنت وسلمة وابوالمقداد حيث شئتم يميناً وشمالاً ، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل ( عليه السلام ) » (2). وقد عبّر عن هذه الصحيفة في بعض الروايات بالجامعة ; فقد روى الصفار عن أبان بن عثمان عن علي بن الحسين ( زين العابدين ) ( عليه السلام ) عن الامام الحسين بن علي ( عليه السلام ) قال : « ان عبدالله بن الحسن يزعم انه ليس عنده من العلم إلاّ ما عند الناس ، فقال ( عليه السلام ) : صدق ـ والله ـ عبدالله ابن الحسن ، ما عنده من العلم إلاّ ما عند الناس ، ولكن عندنا ـ والله ـ
     (1) بصائر الدرجات ج3 : 142 ، باب 12 ، الاحاديث 24 حديثاً فراجع.
     (2) رجال النجاشي : ص255 ، ترجمة محمد بن عذافر.