(241)
بطاقات الائتمان


(243)
نبذة تاريخية للبطاقات المصرفية :
    ان البطاقات المصرفية ( اعم من بطاقات الائتمان ) مثل بطاقة الاعتماد والملاءة كان وجودها نتيجة لتطلّع المجتمع الى ايجاد نظام متطور ومأمون لتسديد الديون والمقاصة وانجاز التبادلات التجارية. وكان هذا الحديث قد زامن مطلع القرن التاسع عشر ، وقد ابتكرته شركات عالمية مثل شركة « سترن يونين » في امريكا سنة 1914 م لتسهيل اعمال عمالها ثم تبعتها على ذلك شركات النفط وسكك الحديد وبعض الفنادق الفخمة والمحلات التجارية ، ولكن ضمن حدود خاصة ولبعض العمال. وفي سنة 1924 م قامت شركة « جنرال تبروليوم كوربوريشن » في كاليفورنيا باصدار اول بطاقة ائتمان حقيقية ، توزع على الجمهور لدفع قيمة البنزين المباع لهم ، على ان تسدد المبالغ المترتبة عليهم في تواريخ لاحقة.
    ثم تقدمت البنوك ـ نتيجة نجاح فكرة الدفع بالبطاقة الائتمانية ـ لاصدار بطاقات الائتمان ، وتشكلت منظمة غير ربحية تنضوى تحت لوائها البنوك التي ترغب باصدار بطاقة خاصة بها وسميت هذه المنظمة « الفيزا » (1).
    وكانت مهمة منظمة الفيزا مايلي :

     (1) الفيزا : منظمة ، تقبل بطاقة الائتمان المرتبطة بها اكثر من مائة وستين دولة حول العالم ، وبعبارة اخرى تقبل بطاقة الائتمان المرتبط بهذه المنظمة اكثر من ستة ملايين مؤسسة ، تشمل شركات الطيران والفنادق والمطاعم والمحلات التجارية والنوادي ووكالات تأجير السيارات وغير ذلك.
(244)
    1 ـ قبول طلبات البنوك في اصدار بطاقة خاصة بها او رفضها.
    2 ـ تزويد البنوك الاعضاء بالخبرة الفنية لاصدار البطاقات.
    3 ـ تقديم الخدمات بين البنوك الاعضاء في حالات المراسلة الخاصة بالمنظمة والمقاصة والتسديد وفي عمليات التفويض.
    4 ـ تطور خدمات البطاقات مع تزويد البنوك الاعضاء بها.
    والخلاصة : ان « منظمة الفيزا » تسعى لخدمة البنوك الاعضاء التي تصدر البطاقة لهم من الناحية الادارية والفنية والخدماتية وتتكون ادارتها من ممثلي البنوك الاعضاء.

ماهي بطاقات الائتمان ؟
    ان بطاقة الائتمان : هو سند يعطيه مصدره لشخص طبيعي او اعتباري بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء او بيع السلع ، او غيرها من الحصول على الخدمات او تقديمها.
    ومن فوائده : سحب النقود من البنك على حساب المصدّر.
    وهذا التعريف لبطاقات الائتمان عبارة عن عقدين :
    1 ـ عقد بين المصدّر للبطاقة وبين الحامل لها ، يتضمن حدّاً اقصى للائتمان وشروط العلاقة بينهما ، فالبنك تعهد باعطاء ما يشتريه عميله بالبطاقة مثلا ( من حساب العميل ان وجد ، او من حساب البنك المصدّر ان لم يوجد للعميل رصيد كاف عند البنك ) ، وفي مقابل ذلك تعهد حامل البطاقة ( العميل ) بالسداد في وقت محدد كشهر مثلا.
    ومن الواضح هنا ان هذا العقد هو عقد صحيح يشمله : ) اوفوا بالعقود ( لعدم اختصاص الآية بالعقود التي كانت وقت نزولها بل تشمل كل ما يراه العقلاء عقدا وعهدا مالم ينه عنه من قبل الشارع ، والمفروض عدم النهي هنا لعدم الضرر


(245)
( الخطر ) وعدم الجهالة اللذان يبطلان العقد ، حيث ان البطاقة مشتملة على سقف ائتماني معين لا تتعدّاه ، فلا خداع ولا خطر في البين. فان حصل الشراء او تلقّى الخدمة او سحب نقداً معيناً فان الوثائق التي تدل على هذه الامور قد تبادلت بينهما وعلم كل منهما بما هي وظيفته. ثمَّ : ان هذا التعهد من البنك للحامل هو عبارة عن اداء دين شخص نيابة عنه ، فاذا تعهد البنك اداء دين حامل البطاقة بمال نفسه او بمال البنك المصدّر ويرجع عليه بعد ذلك ، مع اجرة على هذا التسديد والاداء وقد قبل حامل البطاقة هذا التعهد ، فان هذه العملية هي من مصاديق العقود العقلائية ، وقد قام الارتكاز العقلائي على ان كل عقد بما انه عقد وعهد ، وجب الوفاء به مالم يندرج تحت احد النواهي المعينة.
    وبعبارة اخرى : ان هذا التعهد من البنك لحامل البطاقة هو عبارة عن جعل مالية المال المشتري مثلا في عهدة مصدّر البطاقة ، وهذا معنى مشروع للضمان يمكن انشاؤه مستقلا.
    2 ـ عقد بين المصدّر للبطاقة وبين من يعتمدها من مؤسسات وشركات ومصارف ، يتضمن شروط العلاقة بينهما ، والعلاقة هي ان يقوم البنك باعطاء التاجر ثمن البضاعة او الخدمة التي قدمها الى حامل البطاقة. محسوماً منها نسبة معينة ، وقد تبلغ البطاقة حداً من الاعتبار تبيح لكل احد بيع السلع او تقديم الخدمات لحامل البطاقة بلا حاجة الى عقد ينشاً بينهما. ويكون الدافع لثمن البطاقة نائباً عن المصدّر لها حسب ضمانه لقيمتها.
    وقد ذكروا (1) عدم وجود أي صلة بين حامل البطاقة والمؤسسة التجارية بحيث لو فرضنا ان المؤسسة التجارية لم تحصل على الثمن من المصدّر للبطاقة ، فلا
     (1) هو الدكتور عبدالستار ابوغدّة عند عرضه لبحث بطاقات الائتمان ، في مجمع الفقه الاسلامي في دورته السابعة لسنة 1412 هـ في ذى القعدة الحرام المنعقد في جدة.
(246)
يحلّ لها ان ترجع على الحامل للبطاقة لتسديد حقه. وسوف يتضح ان العمل الخارجي لهذه البطاقات ليس كذلك ، بل هناك ارتباط ثالث بين المؤسسة التجارية والعميل لم يظهر للخارج لوجود البنك الذي يتولى التسديد بما أنه ضامن للعميل ( او محال عليه من قبل العميل ) قيمة ما اخذه وهنا لابدّ لنا من تفسير الضمان ( او الحوالة ) بما قاله الامامية من انه : عبارة عن نقل الدين من ذمة العميل الى ذمة البنك المصدّر للبطاقة حتى يكون العميل بعد شرائه اجنبيا وليس مديناً للمؤسسة التجارية. اما على تفسير اهل السنة الذى يقول بان الضمان عبارة عن ضم ذمة الى ذمة ، فيبقى العميل له ارتباط بالتاجر ، ويتمكن التاجر أن يرجع عليه في تسديد الثمن.

اطراف بطاقات الائتمان :
    ذكروا ان لبطاقات الائتمان اطرافاً هي :
    1 ـ شركة عالمية او بنك عالمي يرعى البطاقة.
    2 ـ وكالات محلية للشركة العالمية ، او فروع للبنك العالمي تستخدم للوساطة بين الشركة العالمية والعملاء.
    3 ـ اصحاب المتاجر ( المؤسسات التجارية ) والخدمات ( وهم من يتعاملون مع هذه البطاقة ).
    4 ـ حملة البطاقة ، وهم العملاء الذين يشترون او يحصلون على خدمات البطاقة قدر حاجتهم ،
    والعلاقة بين هذه الاطراف الاربعة بصورة مجملة كالآتي :
    الف ـ تتفق الشركة العالمية مع الوكالات المحلية ( او يتفق البنك العالمي مع فروعه ) لاصدار البطاقة لكل من يتعامل بها سواء كان عضوا مشترياً ، او طالباً لخدمة ، او عضوا بائعاً او عارضاً للخدمة.


(247)
ب ـ يتقدم حامل البطاقة ( المشتري ) الى صاحب المتجر ( البائع ) او يتقدم من يريد الخدمة فيتسلم ما اراد لقاء الالتزام بالدفع عن طريق الشركة او البنك بتوقيع القسيمة مع اعطاء صورة البطاقة ( مشخصاتها ).
    ج ـ يتقدم صاحب المتجر او الخدمة بالاشعار الموقع من حامل البطاقة الى البنك (1) اوالشركة ، وحينئذ يتسلم من البنك العالمي او الشركة العالمية او فروعهما ثمن البضاعة او الخدمة.
    د ـ تقوم الشركة او البنك بارسال صورة المشتريات بالبطاقة للعميل مطالبة اياه تسديد ثمن ما دفعته الشركة او البنك على شكل دفعات منتظمة أو غير منتظمة ، او يقوم البنك بخصم ذلك المبلغ من حساب عميله اذا كان صاحب حساب دائن عند البنك.
    هـ ـ اذا تأخر حامل البطاقة ( المستفيد ) عن سداد التزاماته في الفترة المحددة المسموح بها في العقد ، فانه يحسب عليه فائدة من اجل التأخير وهي فائدة مركبة.
    و ـ اذا لم يسدد حامل البطاقة التزاماته وما ترتب عليه فسوف توضع البطاقة في قائمة منع الاستخدام الى ان يتم المحاسبة بين البنك والعميل.

اقسام بطاقات الائتمان :
    وتقسم بطاقات الائتمان تقسيمات متعددة بلحاظ اخذ رسوم في مقابلها او اشتراط فتح حساب لدى البنك ، او تحديد زمن التسديد او غير ذلك ، وعلى هذا
     (1) قد يكون بنك التاجر الذي يضع التاجر قسيمة البيع عنده ليتسلم ثمنها هو بنك المصدّر ايضا ، فيكون العميل والتاجر كلاهما قد ارتبطا بالبنك المصدّر للبطاقة ، واحيانا يكون بنك التاجر غير البنك المصدّر للبطاقة ، ولكنه مخوّل من قبل البنك المصدّر للبطاقة بتسديد دين التاجر والرجوع عليه ، فحينئذ يقوم بنك التاجر بتسديد قيمة القسيمة ويرجع على البنك المصدّر في الاستيفاء وحينئذ تُقسّم ما يخصمه بنك التجار ( من ثمن البطاقة ) بينه وبين البنك المصدّر كأجر على عملها.
(248)
فقد تقسم بطاقات الائتمان الى :
    1 ـ بطاقات يؤخذ رسوم اشتراك في مقابلها.
    2 ـ بطاقات لا يؤخذ رسوم اشتراك في مقابلها.
    وقد تقسم بطاقات الائتمان الى :
    1 ـ بطاقات تطلب فتح حساب في البنك الذي يصدرها.
    2 ـ بطاقات لا تطلب فتح حساب في البنك الذي يصدرها.
    وقد تقسم بطاقات الائتمان الى :
    1 ـ بطاقات توجب الدفع خلال شهر واحد من الاستفادة منها.
    2 ـ بطاقات لا توجب الدفع خلال شهر واحد من الاستفادة منها ولا تحدد عليه الدفع فورا بل اذا دفع فورا فهو ، والاّ وضعت عليه فوائد.
    وقد تقسم بطاقات الائتمان الى :
    1 ـ بطاقات توجب الدفع الفوري لكل المبلغ لمدة معينة.
    2 ـ بطاقات لا توجب ذلك ، بل تقسط دفع المبلغ الى آجال متعددة.
    وهناك بطاقات تقسم حسب امتيازها ، العالي ، والمتوسط ، والعادي ، مثل البطاقة الذهبية والالماسية والخضراء ، فالذهبية تمنح لمن يتمتع بكفاءة عالية من العملاء ، وليست محدودة بسقف ائتماني محدد ، وتتميز بكون صاحبها مضموناً من قبل المصدّر لها والذي عنده حساب دائن فيه.

فائدة بطاقات الائتمان :
    لقد اصبح لبطاقات الائتمان في المجتمعات الحديثة شأناً مهماً ، ومن الاساسيات ، اما في البلاد الاسلامية فهي على مستوى بعض الافراد مهمة في سفره ، حيث تحقق له فوائد كثيرة سوف نذكرها فيما بعد ، وهي مهمة جدا بالنسبة للتاجر الذي يعرض سلعته وخدماته ، كما انها مفيدة للبنك الذي يصدرها. واليك


(249)
الفوائد مفصّلة شيئا ما :

الف ـ فائدة البطاقة للعميل :
    1 ـ تحقق للعميل سهولة وأماناً على الاموال من حملها معه ، لأن الأموال قد تتعرض للسرقة او الفقدان ، او يتعرض هو للهجوم والسطو المسلح.
    2 ـ تمكنه من شراء ما يبدو له شراؤه في ظروف مفاجئة لم يستعد لها ، بحمل ما يقابلها من الاموال.
    3 ـ تيسر لحاملها السداد بأيِّ عملة كانت. وبهذا يستريح العميل من اجراءات دخول العملات وخروجها في بعض البلاد التي بها قيود على تحويل العملة او منع خروجها او دخولها.
    4 ـ انها تحمل معها وسيلة المحاسبة وضبط المصاريف وتوثيق السداد للمطالبات.
    5 ـ تزود حاملها بتسهيلات نقدية في أي دولة كان ، ضمن حدود ممنوحة له عند طلبه.
    6 ـ ان بعض بطاقات الائتمان يخوّل العميل سحب نسبة من النقد من فروع البنك الذي يتعامل معه او بنوك اخرى تتعامل معه ، بمراجعة البنك او اجهزة الصرف الآلي او انظمة التحويل الاكتروني. وهنا تؤخذ عمولة تقسم بين شركة البطاقة والبنوك التي لها دور في عملية الاستخدام ان وجدت. وهذه العملية تقلص الوقت الذي يبذل في تحقيق نفس الخدمة يدوياً عن طريق البنوك الفرعية او التي تتعامل مع البنك العالمي لمصدِّر البطاقة الائتمانية.
    7 ـ قد يلتزم التاجر بتخفيض ثمن السلعة ( لحامل البطاقة ) عن السعر السوقي ، حسب الالتزام مع الجهة المصدرة للبطاقة.
    8 ـ ان بعض البطاقات تمنح صاحبها التأمين على الحياة ، كالبطاقات الذهبية ، وتمنحهم اضافة الى ذلك حدوداً ائتمانية عالية ، وخدمات اخرى دولية فريدة


(250)
كأولوية الحجز في مكاتب السفر والفنادق والتأمين الصحي والخدمات القانونية.
    9 ـ ان بعض البطاقات تدفع جوائز وهدايا لعملائها بطريقة القرعة ترغيباً لهم على الحصول على بطاقة الائتمان عند هذا البنك المصدر لها ، فيدفع البنك لمن اصابته القرعة مبلغاً من المال بعنوان الجائزة.
    10 ـ ان ضياع بطاقة الائتمان يوجب ضمان مسؤولية محدودة فقط كمبلغ من المال ، اذا أبلغ الجهة المصدرة بضياع البطاقة فوراً ، حتى لا تستخدم هذه البطاقة من قبل الآخرين بصورة غير مشروعة ، وطبعاً في حالة الاطمئنان بعدم وجود تواطي بين حامل البطاقة ومن استخدمها بصورة غير مشروعة ، وهذا الشرط لا حاجة له ، اذ أنَّ عنوان ضياع البطاقة او سرقتها يكفي لذلك.

ب ـ فائدة البطاقة للتاجر :
    هناك فوائد كثيرة للتاجر يمكن تلخيصها على النحو التالي :
    1 ـ يستقطب التاجر عملاء جدد ، وبنوعية جيدة ، وثقافة عالية.
    2 ـ تخفف على التاجر مخاطر الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة في متجره ، فيأمن من السرقة او السطو المسلح.
    3 ـ البنك يضمن للتاجر تغطية المبالغ الناشئة من استعمال بطاقة الضمان عند تقديم المستندات بصورة صحيحة ، او على الاقل فان البنك يقدم المبلغ المستحق للتاجر قرضاً ويستوفيه بعد ذلك.

ج ـ فائدة البطاقة للبنك :
    ان البنك التجارى يحصل من البطاقة على دخل له ، وذلك من خلال :
    1 ـ استيفاء رسوم اصدار البطاقة ( رسوم العضوية ) ، ومنحها.
    2 ـ استيفاء رسوم تجديد البطاقة حيث تكون صلاحيتها لسنة واحدة.
    3 ـ رسم تبديل البطاقة عند الضياع او التلف او السرقة.