« ان مال الدنيا كلما ازداد كثرة وعظمة ازداد صاحبه بلاء ، فلا تغبطوا أصحاب الأموال إلا بمن جاء بماله في سبيل الله ، ولكن ألا أخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة وأسرع منه كرة [ وأعظم منه غنيمة وما أعد له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمن ] (1) ؟ قالوا : بلى يارسول الله فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : انظروا إلى هذا المقبل [ إليكم ] (2) .
فنظرنا فإذا رجل من الأنصار رث الهيئة فقال رسول الله : ان هذا الرجل لقد صعد له في هذا اليوم الى العلو من الخيرات والطاعات ما لو قسم على جميع أهل السماوات والأرض لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه ووجوب الجنة له قالوا : بماذا يارسول الله ؟ فقال : سلوه يخبركم بما صنع في هذا اليوم .
فأقبل إليه أصحاب رسول الله وقالوا له : هنيئا لك ما بشرك به رسول الله فماذا صنعت في يومك هذا حتى كتب لك ما كتب ؟ فقال الرجل : ما أعلم أني صنعت شيئا غير أني خرجت من بيتي وأردت حاجة كنت أبطأت عنها فخشيت ان تكون فاتتني ، فقلت في نفسي لأعتاض منها بالنظر الى وجه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : النظر الى وجه علي بن أبي طالب عبادة .
فقال رسول الله : إي والله عبادة وأي عبادة انك يا عبد الله ذهبت تبتغي ان تكسب دينارا لقوت عيالك ففاتك ذلك فاعتضت منه بالنظر الى وجه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وانت محب له ولفضله معتقد ، وذلك خير لك من ان لو كانت الدنيا كلها [ لك ] (3) ذهبة حمراء فانفقتها في سبيل الله ولتشفعن بعدد كل نفس تنفسته في مسيرك إليه في ألف رقبة يعتقهم الله من النار بشفاعتك » (4) .
39 ـ أخبرني أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن عمه ، عن أبيه ، عن عمه ، عن أبي جعفر ، قال : حدثنا أحمد بن هارون الفامي (5) ، قال : حدثنا
____________
(1) من الأمالي .
(2 و 3) من الامالي .
(4) رواه الصدوق في أماليه : 296 ، عنه البحار 38 : 197 ، تأويل الآيات 2 : 868 .
(5) في « ط » : القاضي .

( 101 )

محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري ، عن أبيه ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان الأحمر ، عن سعد الكناني ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن العباس ، قال : قال رسول الله لعلي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) :
« يا علي ! أنت خليفتي على امتي في حياتي وبعد موتي ، وأنت مني كشيث من آدم ، وكسام من نوح ، وكاسماعيل من إبراهيم ، وكيوشع من موسى ، وكشمعون من عيسى ، يا علي أنت وصيي ووارثي وغاسل جثتي ، وأنت الذي تواريني في حفرتي وتؤدي عني ديني وتنجز عداتي .
يا علي أنت أمير المؤمنين وإمام المسلمين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين (1) ، يا علي أنت زوج سيدة النساء فاطمة ابنتي وأبو السبطين الحسن والحسين ، يا علي ان الله تبارك وتعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه وجعل ذريتي من صلبك .
يا علي من أحبك ووالاك أحببته وواليته ومن أبغضك وعاداك أبغضته وعاديته لأنك مني وانا منك ، يا علي ان الله تعالى طهرنا واصطفانا لم تلتف لنا أثواب (2) على سفاح قط من لدن آدم ، فلا يحبنا إلا من طابت ولادته ، يا علي ابشر بالشهادة فانك مظلوم بعدي مقتول .
فقال علي : يارسول الله وذلك في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك ، انك لن تضل ولن تزل (3) ولولاك لم يعرف حزب الله بعدي » (4) .
40 ـ قال : وبهذا الإسناد ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن أبي القاسم ما جيلويه ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله الصادق ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) ، قال :
« بلغ ام سلمة زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن مولى لها ينتقص عليا ( عليه السلام ) ويتناوله ، فأرسلت إليه فلما أن صار إليها قالت له : يا بني انه بلغني انك تنتقص عليا
____________
(1) في الأمالي : المتقين .
(2) في الأمالي : لم يلتق لنا أبوان .
(3) في الأمالي : لم تزل .
(4) رواه في الأمالي : 301 .

( 102 )

( وتتناوله ) (1) ، فقال : نعم يا اماه ، قال : فغضبت وقالت : اقعد ثكلتك امك حتى احدثك بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم اختر لنفسك .
انا كنا عند رسول الله تسع نسوة ، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله ، فأتيت الباب (2) فقلت : ادخل يارسول الله ؟ فقال : لا ، قالت : فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطه أو نزل في شيء من السماء ، ثم لم البث أن أتيت الباب ثانية ! فقلت : ادخل يارسول الله ؟ [ قال : لا ، فكبوت كبوة أشد من الاولى ، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب في ثالثة ، فقلت : أدخل يارسول الله ] (3) فقال : ادخلي يا ام سلمة .
فدخلت وعلي جاث بين يديه وهو يقول : فداك أبي وامي يارسول الله إذا كان كذا وكذا فماذا تأمرني ؟ قال : آمرك بالصبر ، ثم أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصبر ، ثم أعاد عليه القول الثالثة ، فقال له : يا علي يا أخي إذا كان ذلك منهم فسل سيفك وضعه على عاتقك واضرب به قدما [ قدما ] (4) حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم .
ثم التفت إلي رسول الله وقال لي : ما هذه الكآبة يا ام سلمة ؟ قلت : الذي كان من ردك لي يارسول الله .
فقال : والله ما رددتك من موجدة وانك لعلى خير من الله ورسوله ولكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعلي عن يساري وجبرئيل يحدثني بالأحداث التي تكون من بعدي وأمرني أن اوصي بذلك عليا ، يا ام سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة ، ( يا ام سلمة ! اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب ، وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة ) (5) ، يا ام سلمة اسمعي وأشهدي هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي في الدنيا وحامل لوائي غدا
____________
(1) ليس في « ط » .
(2) سقط من هنا عبارات من الأمالي .
(3) من الأمالي .
(4) من الأمالي .
(5) ليس في « ط » .

( 103 )

في الآخرة (1) يا ام سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي ، يا ام سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
قلت : يارسول الله من الناكثين ؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة قلت : من القاسطين ؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام ، قلت : ومن المارقين ؟ قال : أصحاب النهروان ، فقال مولى ام سلمة : فرجت عني فرج الله عنك والله لاسببت عليا أبدا » (2) .
41 ـ وبهذا الإسناد قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعد ابادي ، عن أحمد بن أبي عب‍دالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن القاسم بن الوليد ، عن شيخ من ثمالة قال :
« دخلت على امرأة من تميم عجوز كبيرة وهي تحدث الناس ، فقلت لها : يرحمك الله حدثيني في بعض فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قالت : احدثك وهذا شيخ بين يدي نائم (3) فقلت : ومن هذا ؟ فقالت : أبو الحمراء خادم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فجلست إليه فلما سمع حديثي (4) استوى جالسا ، فقال : مه ، فقلت : حدثني رحمك الله بما رأيت من رسول الله وصنعه (5) بعلي بن أبي طالب فان الله سائلك عنه .
فقال : على الخبير سقطت ، اما ما رأيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يصنعه بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ،
____________
(1) في « ط » : حامل لوائي في الآخرة غدا في يوم القيامة ، وفي المعاني : لواء الحمد غدا في الآخرة ، وفي أمالي الشيخ : لواء الحمد غدا يوم القيامة .
(2) رواه الصدوق في أماليه : 312 ، وذيله في معاني الأخبار : 204 ، رواه الشيخ في أماليه 2 : 39 .
(3) في « ط » : قائم ، وفي أمالي الشيخ : كما ترى بين يدي نائم .
(4) في الأمالي : حسي .
(5) في الأمالي : يصنع .

( 104 )

فانه قال لي ذات يوم : يا أبا الحمراء انطلق فادع لي بمائة من العرب وخمسين رجلا من العجم وثلاثين رجلا من القبط وعشرين رجلا من الحبشة [ فاتيت بهم ] (1) ، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فصف العرب ثم صف العجم خلف العرب وصف القبط خلف العجم وصف الحبشة خلف القبط ، ثم قام فحمد الله واثنى عليه ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله ثم قال : يا معاشر العرب والعجم والقبط والحبشة أأقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني محمدا عبده ورسوله وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي ؟ قالوا : اللهم نعم ، فقال : اللهم اشهد ـ حتى قالها ثلاثا .
ثم قال لعلي : يا أبا الحسن ! انطلق فأتني بصيحفة ودواة ، فدفعها الى علي بن أبي طالب فقال : اكتب ، قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أقرت به العرب والعجم والقبط والحبشة ، أقروا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وان علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي ، ثم ختم الصحيفة ودفعها الى علي ، فما رأيتها الى الساعة .
فقلت : رحمك الله زدني ، قال : نعم ، خرج علينا رسول الله يوم عرفة وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : يا معاشر الخلائق ! ان الله تبارك وتعالى باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة ، ثم التفت إلى علي ( عليه السلام ) وقال له : وغفر لك يا علي خاصة ، وقال : يا علي ادن مني ، فدنا منه ، فقال :
ان السعيد حق السعيد من أحبك وأطاعك ، وان الشقي كل الشقي من عاداك ونصب لك الحرب وأبغضك ، يا علي كذب من زعم انه يحبني ويبغضك ، يا علي من حاربك فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله عز وجل ، يا علي من أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، وأتعس الله جده وأدخله نار جهنم » (2) .
42 ـ وبهذا الإسناد ( قال : حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس ، قال :
____________
(1) من الأمالي .
(2) رواه الصدوق في أماليه 312 ، والشيخ في أماليه 2 : 40 .

( 105 )

حدثنا أبي ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن علي ، عن عمر بن زيد ، عن عمه محمد بن عمر ، عن أبيه ) (1) ، عن علي بن الحسين (2) بن علي الرازي في درب مسلخكاه بالري في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وخمسمائة املاء من لفظه ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن نصر الحلواني في داره غرة ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثمانين وأربعمائة بكرخ بغداد املاء من لفظه ، قال : حدثني الشريف الأجل المرتضى علم الهدى ذو المجدين أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي ( رضي الله عنه ) في داره ببغداد في بركة زلزل في شهر رمضان سنة تسع وعشرين وأربعمائة ، قال : حدثني ابي الحسين بن موسى ، قال : حدثني ابي موسى ابن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي إبراهيم بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثنا جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) » (3) .
43 ـ أخبرنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن حمزة (4) الحسيني بالكوفة في مسجده بالقلعة في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد الثغور (5) ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن ( محمد ) (6) السكري الحربي ، قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، قال : حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين في شعبان سنة سبع وعشرين ومائتين ، قال : حدثنا هشام بن يوسف ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي ،
____________
(1) ليس في البحار .
(2) في « م » : وحدثنا علي بن الحسين .
(3) عنه البحار 38 : 199 .
(4) في « م » : محمد بن محمد بن حمزة .
(5) في « ط » : أحمد بن محمد بن أحمد بن الثغور .
(6) ليس في « ط » .

( 106 )

عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي » (1) .
44 ـ أخبرني السيد الزاهد أبو طالب يحيى بن محمد بن محمد بن الحسين الجواني الحسيني في المحرم سنة تسع وخمسمائة قراءة ولفظا في داره بآمل ، قال : حدثنا السيد أبو عبد الله الحسين بن علي بن الداعي ، قال : حدثنا السيد أبو إبراهيم جعفر بن محمد الحسيني ، قال : أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم (2) ، قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا اسباط بن نصر الهمداني ، عن السدي (3) ، عن صبيح مولى ام سلمة ، عن زيد بن أرقم ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) :
« أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم » (4).
45 ـ أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن بابويه بقراءتي عليه بالري سنة عشرة وخمسمائة قال : حدثنا الشيخ المفيد أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي في جمادي الآخرة سنة خمس وخمسين وأربعمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد الحارثي ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن الفضل الداودي (5) ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن أحمد بن بشر العسكري ، قال : حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون الهاشمي (6) ،
____________
(1) رواه الصدوق في أماليه : 298 ، عنه البحار 70 : 14 ، علل الشرائع 1 : 139 و 600 ، أخرجه الشيخ في أماليه 1 : 285 أقول : يأتي مثله في ج 3 : الرقم 36 ، وج 7 : الرقم 50 .
(2) في « ط » : أبو العباس بن يعقوب .
(3) في « م » : العبدي .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 345 ، وفيه : حاربكم وسالمكم .
أقول : يأتي مثله بتغيير في اللفظ في ج 2 : الرقم 50 ، وج 3 : الرقم 4 .
(5) في أمالي المفيد : أبو علي حسن بن علي بن فضل الرازي .
(6) في « م » : محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي .

( 107 )

قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن مهدي الابلي (1) ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشمي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا هارون الرشيد ، قال : حدثنا أبي المهدي ، قال : حدثنا المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول :
« أيها الناس ! نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا ، قال : فقال له قائل : بأبي أنت وامي يارسول الله من الركبان ؟
قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وابنتي فاطمة على ناقة العضباء (2) ، وعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على ناقة من نوق الجنة ، خطامها من اللؤللؤ الرطب ، وعيناها من ياقوتتين حمراويين ، وبطنها من زبرجدة خضراء ، عليها قبة من لؤلؤة بيضاء ، يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ، ظاهرها من رحمة الله وباطنها من عفو الله ، إذا أقبلت زفت وإذا أدبرت زفت (3) ، وهو أمامي ، على رأسه تاج من نور يضيء لأهل الجمع ذلك التاج ، له سبعون ركنا ، كل ركن يضئ كالكوكب الدري في افق السماء .
وبيده لواء الحمد وهو ينادي في القيامة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فلا يمر بملأ من الملائكة إلا قالوا : نبي مرسل ، ولا يمر بنبي [ مرسل ] (4) إلا ويقول : ملك مقرب ، فينادي مناد من بطنان العرش : يا أيها الناس ليس هذا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب .
ويجيء شيعته من بعده ، فينادي مناد لشيعته : من أنتم ؟ فيقولون : نحن العلويون ، فيأتيهم النداء : أيها العلويون أنتم آمنون ، إدخلوا الجنة مع من كنتم توالون » (5) .
____________
(1) في « ط » : الاربلي .
(2) في « ط » : البيضاء .
(3) زف البرق : لمع .
(4) من أمالي المفيد .
(5) رواه المفيد في أماليه : 272 ، والشيخ في أماليه 1 : 355 ، أخرجه في صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : 247 ، عنه البحار 7 : 235 .

( 108 )

46 ـ أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ( رحمه الله ) بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بقراءتي عليه في رجب سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، قال : حدثنا السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قال : أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو عمرو عثمان [ بن أحمد ] (1) الدقاق إجازة ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى الأزدي (2) ، قال : حدثني مخول بن إبراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي ( عليه السلام ) قال :
« ما من عبد قطرت عيناه قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة ، إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا » .
قال أحمد بن يحيى الأزدي : فرأيت الحسين بن علي ( عليه السلام ) في المنام فقلت : حدثني مخول بن إبراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عنك أنك قلت : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت [ عيناه ] (3) فينا دمعة إلا بوأه الله تعالى في الجنة حقبا ؟ قال : نعم ، قلت : يسقط الإسناد بيني وبينك » (4) .
47 ـ أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن في شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحسين القرشي ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن عبد الله التميمي المقري ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن سفيان : ان علي بن العباس حدثهم ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، قال حدثنا يحيى بن يسار (5) أبو علي قال : حدثنا عمر بن إسماعيل الهمداني (6) عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة والحارث ، عن علي ( عليه السلام ) قال :
____________
(1) من أمالي المفيد .
(2) في أمالي المفيد : الاودي .
(3) من أمالي المفيد .
(4) رواه المفيد في أماليه : 340 و 175 ، والشيخ في أماليه 1 : 116 . أقول : يأتي مثله في ج 2 : الرقم 134 .
(5) في « م » : ابن بشان .
(6) في « ط » : المدائني .

( 109 )

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« مثلي ومثل أهل بيتي شجرة (1) ، أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمرها ، والشيعة ورقها ، فأي شيء ( يخرج ) (2) من الطيب إلا الطيب » (3) .
48 ـ أخبرنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن حمزة العلوي وأبو غالب سعيد بن محمد بن أحمد الثقفي سنة ست عشرة وخمسمائة بالكوفة ، قال : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين (4) بن النحاس قراءة ، قال : حدثنا علي بن العباس البجلي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الزهري الرماني ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد القصاري (5) ، قال : حدثنا يونس أبو يعقوب الجعفي ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام ) ( انه ) (6) قال :
« لن يغفر (7) إلا لنا و ( لشيعتنا ) (8) ، ان شيعتنا هم الفائزون يوم القيامة » .
49 ـ أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه ( بالري ) (9) في الموضع المذكور في السنة المذكورة ، قال : حدثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي ( رحمه الله ) ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن ، عن أبيه (10) ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن علي بن النعمان ، عن بشير الدهان قال :
قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : جعلت فداك أي الفصوص أفضل لاركبه (11) على خاتمي ؟ قال :
____________
(1) في « ط » : مثلي ومثل علي بن أبي طالب شجرة .
(2) ليس في « م » ، وفي الأمالي : فابى أن يخرج من الطيب إلا الطيب .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 363 .
(4) في « م » : الحسن .
(5) في « م » العضباني .
(6) ليس في « ط » .
(7) في « م » : لن يغفر الله .
(8) ليس في « ط » .
(9) ليس في « م » ، وفيه : بالموضع .
(10) في « ط » : قال : أخبرنا أبو الحسين قال : حدثني أبي أحمد بن الحسن .
(11) في « م » : اركبه .

( 110 )

« يا بشير أين أنت عن العقيق الأحمر والعقيق الأصفر والعقيق الأبيض فانها ثلاثة جبال في الجنة ، أما الأحمر فمطل على دار رسول الله ، وأما الأصفر فمطل على دار فاطمة ، وأما الأبيض فمطل على دار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الدور كلها واحدة واحدة تخرج منها ثلاثة أنهار من تحت كل جبل نهر أشد بردا من الثلج واحلى من العسل وأشد بياضا من اللبن ، لا يشرب منها إلا محمد وآله وشيعتهم ، ومصبها كلها واحد ومجراها من الكوثر .
وان هذه الثلاثة (1) جبال تسبح الله وتقدسه وتمجده وتحمده وتستغفر لمحبي آل محمد ، فمن تختم بشيء منها من شيعة آل محمد لم ير إلا الخير والحسنى والسعة في الرزق والسلامة من جميع أنواع البلاء ، وهو أمان من السلطان الجائر ومن كل ما يخافه الانسان ويحذره » (2) .
50 ـ حدثنا السيد أبو طالب يحيى بن محمد بن الحسين الجواني الحسيني لفظا بآمل في داره في محرم سنة تسع وخمسمائة ، قال : حدثنا السيد أبو عبد الله الحسين بن علي بن الداعي الحسيني السلبقي في داره بنيشابور ، قال : حدثنا السيد أبو إبراهيم جعفر بن محمد الحسيني ، قال : حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ بالكوفة ، قال : حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر القابوسي ، قال : حدثنا ابن ثنا سليمان بن القرم ، عن ابن الجحاف ، عن إبراهيم بن عبد الله بن صبيح ، عن أبيه ، عن جده ، قال :
أتيت زيد بن أرقم فقال : ما جاء بك ؟ فقلت : جئت لتحدثني عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : سمعته يقول وقد مر علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم » (3) .
____________
(1) في « م » : ثلاثة .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 36 .
(3) عنه البحار 37 : 43 ، وفيه : حاربهم ، سالمهم ، رواه الشيخ في أماليه 1 : 345 ، وفيه : حاربكم وسالمكم .
أقول : مر في ج 2 : الرقم 44 ، وج 3 : الرقم 4 .

( 111 )

51 ـ أخبرنا الشيخ (1) أبو النجم محمد بن عبد الوهاب بن عيسى الرازي بالري في صفر سنة ست عشرة وخمسمائة قراءة عليه بدرب زامهران ، قال : أخبرنا أبو سعيد محمد بن أحمد النيشابوري ، قال : حدثنا أبو حاتم أحمد بن محمد بن الحسن البزاز لفظا بعد ما كتبه لي بخطه ، قال : حدثنا أبو أحمد عبد الله (2) بن محمد ابن أحمد العدل ببغداد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الصولي ، قال : حدثنا محمد بن يونس القرشي ، قال : حدثنا عبد الله بن داود الحربي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، قال : سمعت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول :
« والذي فلق الحبة وتردى (3) بالعظمة انه لعهد النبي الامي إلي إنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق » (4) .
52 ـ أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي في الموضع المقدم ذكره في السنة المذكورة ، قال : أخبرنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قال : حدثنا المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد من كتابه (5) قال : حدثنا أحمد بن عيسى بن الحسن الجرمي (6) ، قال : حدثنا نصر بن حماد ، قال : حدثنا عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :
« قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ان جبرئيل نزل علي وقال : ان الله يأمرك أن تقوم بتفضيل علي بن أبي طالب خطيبا على أصحابك ليبلغوا من بعدهم (7) ذلك عنك ،
____________
(1) في « م » : الفقيه .
(2) في « م » : عبيدالله .
(3) في « م » : تفرد .
(4) للحديث ـ بهذا اللفظ أو بغيره ـ مصادر كثيرة ، أربعين الشيخ منتجب الدين : 43 ، أمالي الصدوق : 116 ، أمالي الشيخ 1 : 264 ، ويأتي مثله بتغيير في اللفظ في ج 2 : الرقم 74 ، وج 3 : الرقم 25 ، وج 4 : الرقم 11 و 23 .
(5) في أمالي المفيد : زيادة بن كنانة .
(6) في أمالي المفيد : الحوبي .
(7) في « ط » : بعدك .

( 112 )

ويأمر جميع الملائكة ان تسمع ما تذكره ، والله يوحي إليك يا محمد ان من خالفك في أمره فله النار ومن أطاعك فله الجنة .
فأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) مناديا ينادي بالصلاة جامعة ، فاجتمع الناس وخرج النبي حتى علا المنبر وكان أول ما تكلم به : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم .
ثم قال : ايها الناس انا البشير وأنا النذير وأنا النبي الامي ، أنا مبلغكم عن الله عز وجل في أمر رجل لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو عيبة العلم ، وهو الذي انتجبه الله من هذه الامة واصطفاه وهذاه وتولاه ، وخلقني وإياه ، فضلني بالرسالة وفضله بالتبليغ عني ، وجعلني مدينة العلم ( وجعله الباب ) (1) ، وجعله (2) خازن العلم والمقتبس منه الأحكام وخصه بالوصية وأبان امره وخوف من عداوته وأزلف لمن والاه وغفر لشيعته ، وأمر الناس جميعا بطاعته ، وانه عز وجل يقول : من عاداه عاداني ، ومن والاه والاني ، ومن ناصبه ناصبني ، ومن خالفه خالفني ، ومن عصاه عصاني ، ومن أذاه آذاني ، ومن أبغضه أبغضني ، ومن أحبه أحبني ، ومن أراده أرادني ، من كاده كادني ، ومن نصره نصرني .
يا أيها الناس اسمعوا ما آمركم به وأطيعوه ، فاني أخوفكم عقاب الله ، ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه ) (3) .
ثم أخذ بيد أمير المؤمنين علي ، فقال : معاشر الناس هذا مولى المؤمنين وحجة الله على الخلق أجمعين ومجاهد الكافرين ، اللهم إني قد بلغت وهم عبادك وأنت القادر على اصلاحهم (4) ، فاصلحهم ( برحمتك ) (5) يا أرحم الراحمين استغفر الله لي ولكم .
____________
(1) ليس في « ط » .
(2) في أمالي المفيد : جعلني .
(3) آل عمران : 30 .
(4) في « م » : صلاحهم .
(5) ليس في « ط » .

( 113 )

ثم نزل عن المنبر فأتاه جبرئيل فقال : يا محمد ان الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك : جزاك الله عن تبليغك خيرا وقد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وأرضيت (1) المؤمنين وأرغمت الكافرين ، يا محمد ان ابن عمك مبتلى ومبتلى به ، يا محمد قل في كل أوقاتك الحمد لله رب العالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون » (2) .
53 ـ أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن شهريار الخازن في شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بقراءتي عليه ، قال : أخبرنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( رحمه الله ) ومحمد بن محمد بن ميمون المعدل بواسط ، قال : حدثنا الحسن بن إسماعيل البزاز وجماعة ، قالوا : أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسيني ، قال : حدثنا أبو نصر محمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي ، قال : حدثنا حسين بن شداد الجعفي ، عن أبيه شداد بن رشيد ، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) :
« أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلى ما فعله ابن أخيها علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بنفسه من الدأب في العبادة أتت جابر بن عبد الله الأنصاري فقالت له : يا صاحب رسول الله ! ان لنا عليكم حقوقا وان من حقنا عليكم [ ان ] (3) إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه ، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه إدآبا منه لنفسه في العبادة .
فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين ( عليه السلام ) وبالباب أبو جعفر محمد بن
____________
(1) في « م » : أوصيت .
(2) رواه المفيد في أماليه 76 و 346 ، والشيخ في أماليه 1 : 118 ، أقول : يأتي مثله ج 2 : الرقم 148 .
(3) من البحار .

( 114 )

علي في أغيلمة من بني هاشم [ و ] (1) قد اجتمعوا هناك ، فنظر جابر بن عبد الله إليه مقبلا فقال : هذه مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسمته (2) فمن أنت يا غلام ؟ قال : أنا محمد بن علي بن الحسين ، فبكى جابر وقال : أنت والله الباقر عن العلم حقا ، ادن مني بأبي أنت ، فدنا منه ، فحل جابر أزراره ثم وضع يده على صدره فقبله ، وجعل عليه خده ووجهه ، وقال : اقرؤك عن جدك رسول الله السلام ، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) لي : يوشك ان تعيش ، وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد بن علي ، يبقر العلم بقرا ، وقال : انك تبقى حتى تعمى ويكشف لك عن بصرك ، ثم قال له : إئذن لي على أبيك علي بن الحسين ( عليه السلام ) .
فدخل أبو جعفر على أبيه وأخبره الخبر وقال : ان شيخا بالباب وقد فعل بي كيت وكيت ، قال : يا بني ذاك جابر بن عبد الله ، ثم قال له : من بين ولدان أهلك ، قال لك ما قاله وفعل بك ما فعله ؟ قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : إنا لله ، انه لم يقصدك بسوء ولقد أشاط بدمك .
ثم أذن لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد انضته العبادة ، فنهض علي وسأله عن حاله سؤالا حثيثا (3) ثم أجلسه بجنبه فأقبل جابر عليه يقول له : يابن رسول الله أما علمت ان الله انما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك .
فقال له علي بن الحسين : يا صاحب رسول الله أما علمت ان جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولم يدع الاجتهاد ، وقد تعبد بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق وورم القدم ، فقيل له : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : أفلا أكون عبدا شكورا ، فلما نظر جابر الى علي بن الحسين ، وانه ليس يغني قول من يستميله من الجهد والتعب الى القصد قال له : يابن رسول الله ، البقاء (4) على نفسك فانك من اسرة بهم يستدفع البلاء ويكشف
____________
(1) من البحار .
(2) في البحار : سجيته .
(3) في « ط » : خفيا .
(4) في « ط » : البقيا .

( 115 )

الأواء وبهم تستمطر السماء ، فقال : يا جابر لا أزال على منهاج آبائي حتى القاه .
فأقبل جابر على من حضر وقال : والله ما رؤي من أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب ، والله لذرية علي بن الحسين ( عليه السلام ) أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب ، ان منه لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا » (1) .
54 ـ أخبرنا الشريف أبو البركات عمر بن محمد بن حمزة العلوي الكوفي بها وأبو غالب سعيد بن محمد الثقفي سنة ستة عشرة وخمسمائة ، قالا : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين بن عبد الرحمان العلوي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الجعفي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يعقوب بن يوسف وأحمد بن حازم ، قالا : حدثنا يعقوب ، حدثنا عبد الله بن موسى (2) ، قال : أخبرنا خالد بن طهمان أبو العلا الخفاف [ عن شجرة ] (3) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :
« بحبنا (4) تغفر لكم [ الذنوب ] (5) » (6) .
55 ـ أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه في السنة المذكورة بالري بقراءتي عليه ، قال : حدثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( رحمه الله ) املاء في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وأربعمائة ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ( رحمهم الله ) ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة ، قال : أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي ، قال : حدثنا محمد بن عمر الكشي ، قال : حدثنا محمد بن مسعود العياشي ، قال : حدثنا جعفر بن معروف ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) :
____________
(1) عنه البحار 71 : 185 ، رواه الشيخ في أماليه 2 : 249 ، عنه البحار 46 : 60 .
(2) في « م » : قال يعقوب : حدثنا عبد الله بن موسى .
(3) من أمالي الشيخ .
(4) في « ط » لحبنا .
(5) من أمالي الشيخ .
(6) رواه الشيخ في اماليه 2 : 68 .