دينه طوعا وكرها ، فإذا مات النبي وثبت الذين دخلوا في دينه كرها على الذين دخلوا طوعا فقتلوهم واستذلوهم ، حتى ان كان النبي يبعث بعد النبي فلا يجد أحدا يصدقه أو يؤمن له ، وكذلك فعلت هذه الامة غير انه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته ، ولكن الله باعث مني ـ وأشار بيده إلى صدره ـ من يرد الأمر الذي جاء به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » .
8 ـ قال : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الى أبي برزة الأسلمي فقال له وأنا أسمعه :
« يا أبا برزة ان رب العالمين عهد إلي في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عهدا ، فقال : علي راية الهدى ومنار الإيمان وإمام أوليائي ونور جميع من أطاعني ، يا أبا برزة علي بن أبي طالب أميني في القيامة على حوضي وصاحب لواي ومعيني غدا في القيامة على مفاتيح خزائن جنة ربي » (1) .
9 ـ حدثنا مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على ظهراني جهنم فلا يجوزها ويقطعها إلا من كان معه جواز بولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) " (2) .
10 ـ عن أبي المقدام قال :
« قال الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) : نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا ، وهي قوله عزوجل : ( وأما إن كان من المقربين * فروح وريحان ـ [ يعني ] في قبره ـ وجنة نعيم ـ يعني في الآخرة ـ * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم ـ يعني في قبره ـ * وتصلية جحيم ـ يعني في الآخرة (3) ) (4) .
____________
(1) رواه الشيخ في اماليه 1 : 251 والصدوق في اماليه : 386 .
أقول : مر مثله تحت ارقام : 211 و 279 .
(2) روى مثله في تأويل الآيات 2 : 494 ، عن مصباح الأنوار : 106 ، وأخرجه الشيخ في أماليه 1 : 296 ، مع اختلاف ، عنه البحار 8 : 67 .
أقول : مر ما يشابهه تحت أرقام : 217 و 259 ، ويأتي ما يشابهه تحت أرقام : 407 و 571 .
(3) الواقعة : 88 ـ 93 .
(4) رواه الصدوق في أماليه : 383 ، عنه البحار 68 : 9 ، والاسترابادي في تأويل الآيات 2 : 653 .

( 310 )

11 ـ قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال :
« حقوق شيعتنا علينا أوجب من حقوقنا عليهم ، قيل له : وكيف ذلك يابن رسول الله ؟ قال : لأنهم يصابون فينا ولا نصاب فيهم » (1) .
12 ـ عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « من لقى الله مكفوفا محتسبا مواليا لآل محمد ، لقى الله ولا حساب عليه » .
13 ـ عن أبي الطفيل أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :
« ان الفتح والرضا والراحة والروح والفوز والنجاة والقربة والنصر والرضا والمحبة من الله لمن أحب عليا وتولاه وائتم به وبذريته من بعده ، لأنهم أتباعي فمن تبعني فانه مني » .
14 ـ عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« إذا كان يوم القيامة نصب لي منبرا طوله ثلاثون ميلا ، ثم ينادي مناد من بطنان العرش : يا محمد ، فأجيب فيقال لي : ارق فأكون في أعلاه ، ثم ينادي الثانية : أين علي بن أبي طالب ؟ فيكون دوني بمرقاة ، فتعلم جميع الخلائق بأن محمدا سيد المرسلين وأن عليا سيد الوصيين .
قال انس : فقام إليه رجل من الأنصار فقال : يارسول الله فمن يبغض عليا بعد هذا ؟ فقال : يا أخا الأنصار لا يبغضه من قريش إلا سفحي ولا من الأنصار إلا يهودي ، ولا من العرب إلا دعي ، ولا من سائر الناس إلا شقي » .
15 ـ قال : حدثنا عمرو بن هشام ، عن مسلم عن خيثمة قال : سمعت سعدا يقول :
« إن ابن أبي طالب اعطي خصالا ثلاثا ، قام رسول الله يوم غدير خم نصف النهار ثم قال : أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال يوم خيبر : لأعطين الراية أفضلكم ليس بفرار ،
____________
(1) رواه الشيخ في أماليه 1 : 310 .
( 311 )

ثم أصبحنا نجثوا على ركبتيه فدعى عليا ، قيل : رمد في عينه فأتى به ودعا أن يفتح على يده يومئذ خيبر ، ثم منزله في مسجد رسول الله ، وقال : ما أسكنته ان الله أسكنه » .
16 ـ قال : حدثنا ابن اليمان عن إمام لبني سليم عن أشياخ له قالوا :
« غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنايسها مكتوبا :

أيرجو معشر قتلوا حسينا * شفاعة جده يوم الحساب

فقلنا للروم : متى كتب هذا في كنيستكم ؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام » (1) .
17 ـ عن ابن مسعود قال : قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« لما اسري بي الى السماء إذا ملك أتاني فقال لي : يا محمد سل من أرسلنا قبلك قلت : يا معاشر الناس والنبيين على ما بعثكم الله قبلي ؟ قالوا : على ولايتك يا محمد وولاية علي بن أبي طالب » (2) .
18 ـ عن مجاهد ، عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« إذا كان يوم القيامة أمرني الله عز وجل وجبرئيل فنقف على الصراط ، فلا يجوز أحد إلا بجواز من علي ( عليه السلام ) » (3) .
19 ـ قال : حدثنا محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال :
« كان ذات يوم جالسا بالرحبة والناس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك يعذب بالنار ؟ فقال [ له ] (4) :
____________
(1) رواه الصدوق في أماليه : 112 ، مع اختلاف .
(2) رواه ابن شاذان مع اختلاف في مائة منقبة : 150 ، عنه البحار 26 : 307 ، غاية المرام : 207 ، والديلمي في ارشاد القلوب : 210 .
(3) مر ما يشابهه تحت أرقام : 217 ، 259 ، 398 ، ويأتي مثله تحت الرقم : 571 .
(4) من تأويل الآيات .

( 312 )

مه فض الله فاك ، والذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم ، أبي يعذب بالنار وابنه قسيم النار .
ثم قال : والذي بعث محمدا بالحق ان نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ [ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار ] (1) نور محمد ونوري ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ومن ولده من الأئمة ، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام » (2) .
20 ـ عن أبي جعفر محمد بن منصور ، قال : حدثني أبو طاهر ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه :
« ان عليا ( عليه السلام ) جمع أهل بيته ، وهم أحد عشر : الحسن بن علي والحسين بن علي ومحمد بن علي الأكبر وعمر بن علي ومحمد بن علي الأصغر والعباس بن علي وعبد الله بن علي وجعفر بن علي وعثمان بن علي وعبد الله بن علي وأبو بكر بن علي فلما اجتمعوا عنده قال :
يا بني كبارا وصغارا لا تكونوا كأشباه الفواه والحفاة الذين لم يتفقهوا في الدين ولم يعطوا من الله اليقين كبيض بيض في أدحى ، ويح الفراخ آل محمد من خليفة مستخلف عفريت مترف يقتل خلفي وخلف الخلف ، ثم قال : والله لقد علمت بتبليغ الرسالات وتمام الكلمات وتصديق العدات وليتمن عليكم نعمته أهل البيت » .
21 ـ حدثنا عن حماد عن المنقري عن ابن عباس قال :
« مر ابن عباس بعدما حجب بصره بقوم من قريش وهم يسبون عليا فقال لقائده : ردني إليهم ، فرده فوقف ابن عباس فقال لهم : من الذي سب الله ؟ فقالوا : سبحان الله يابن عباس ، من سب الله فقد أشرك ، فقال : فالذي سب محمدا فقد كفر ،
____________
(1) من تأويل الآيات .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 311 و 2 : 312 ، عنه البرهان 3 : 231 ، البحار 35 : 69 ، ورواه في الاحتجاج 1 : 340 ، وتأويل الآيات 1 : 397 .

( 313 )

فقال : من الذي سب عليا ؟ فقالوا : أما هذا فقد كان .
فقال ابن عباس : أشهد الله إني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله ، ثم ولى ذاهبا ، فقال لقائده : ما سمعتعهم يقولون ؟ قال : لم يقولوا شيئا ، فقال : كيف رأيت وجوههم ؟ فقال :

نظروا إليك بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر

فقال ابن عباس : زدني فداك أبي وامي ، فقال :

خزر الحواجب ناكسي أذقانهم * نظر الذليل إلى الغريم القاهر

فقال : زدني فداك أبي وامي ، فقال :

أحياؤهم خزي على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر » (1)

22 ـ عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : « سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي ( عليه السلام ) ثلاث فلئن تكون لي واحدة منهم أحب إلي من حمر النعم .
سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه ، فقال : يارسول الله تخلفني مع النساء والصبيان ، فقال رسول الله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي .
وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فتطاولنا لها ، قال : ادعوا لي عليا ، فأتى علي أرمد فبصق في عينيه ودفع إليه الراية ففتح عينه .
ولما نزلت هذه الآية : ( ندع أبناءنا وأبناءكم ) (2) دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهم هؤلاء أهلي » (3) .
23 ـ قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن مثنى ، عن ابن مسعود قال : « ليلة
____________
(1) رواه الصدوق في أماليه : 87 ، وابن المغازلي في مناقبه : 394 ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : 82 ، والجويني في فرائد السمطين 1 : 302 .
(2) آل عمران : 61 .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 313 .

( 314 )

ليلة الجن قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يابن مسعود نعيت إلي نفسي ، فقلت : استخلف يارسول الله ، قال من ؟ قلت : أبا بكر ، فأعرض عني ، ثم قال : يابن مسعود نعيت إلي نفسي ، قلت : استخلف ، قال : من ؟ قلت : عمر ، فاعرض عني ، ثم قال : يابن مسعود نعيت إلي نفسي ، قلت : استخلف ، قال : من ؟ قلت : عليا ، قال : أما انهم ان أطاعوه دخلوا الجنة أجمعين راكعين » (1) .
24 ـ قال : حدثنا حميد الشامي ، عن سليمان المنبهي ، عن ثوبان مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :
« وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا سافر كان آخر عهده بانسان من أهله فاطمة ( عليها السلام ) ، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة ، فقال : فقدم من غزاة له ، فأتاها فإذا هي بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين (2) من فضة فرجع ولم يدخل [ عليها ] (3) ، فلما رأت ذلك فاطمة ظنت انه لم يدخل عليها من أجل ما رأى ، فهتكت الستر ونزعت القلبين عن الصبيين فقطعته ودفعته إليهما ، فأتيا النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهما يبكيان .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا ثوبان خذ هذا فانطلق به إلى بيت بالمدينة ، فان هؤلاء أهل بيتي واني أكره أن يأكلوا طيباتكم في حياتكم الدنيا ، يا ثوبان إشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارا من عاج » (4) .
25 ـ عن أنس بن مالك قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) :
« يدخلون الجنة من امتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ، ثم التفت إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : شيعتك وأنت امامهم » (5) .
____________
(1) رواه الطوسي في أماليه 1 : 313 ، عنه البحار 38 : 117 ، والمفيد في أماليه : 35 ، وابن شهرآشوب في مناقبه 2 : 262 ، والخوارزمي في مناقبه : 64 ، والجويني في فرائد السمطين 1 : 267 .
(2) القلب ـ بالضم ـ السوار .
(3) من البحار .
(4) رواه الصدوق في أماليه مع اختلاف : 194 ، البحار 43 : 89 .
(5) مر ما يشابهه تحت الرقم : 318 .

( 315 )

26 ـ عن ابن عمر قال :
« حين آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه جاء علي بن أبي تدمع عيناه ، فقال : مالي لم تواخ بيني وبين أحد من أخواني ؟ قال : أنت أخي في الدنيا والآخرة » (1) .
27 ـ قال : حدثنا الهيثم بن حماد ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك :
« رجعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قافلين من تبوك ، فقال في بعض الطريق : القوا لي الاحلاس والأقتاب ، ففعلوا ، فصعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فخطب فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : معاشر الناس مالي أراكم إذا ذكر آل إبراهيم تهللت وجوهكم ، فإذا ذكر آل محمد كأنما يفعل (2) في وجوهكم حب الرمان ، والذي بعثني [ بالحق ] (3) نبيا لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب لأكبه الله عز وجل في النار » (4) .
28 ـ عن الحرث بن مالك قال :
« أتيت مكة فلقيت سعد بن مالك فقلت : سمعت لعلي منقبة ؟ قال : شهدت له أربعا لأن تكون لي إحداهن أحب إلي من الدنيا أعمر فيها عمر نوح .
ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوما وليلة ، ثم قال لعلي : اتبع أبا بكر فبلغها ، ورد أبا بكر فقال : يارسول الله أنزل في شئ ؟ فقال : لا إلا خير ، إلا انه لا يبلغ إلا أنا ورجل مني ، أو قال : من أهل بيتي .
قال : فكنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المسجد ، فنودي فينا إلا ليخرج من في المسجد إلا آل الرسول وآل علي ، فخرجنا نجر قلاعنا فلما أصبحنا أتى العباس رسول الله قال : يارسول الله أخرجت أعمامك وأصحابك وأسكنت هذا الغلام ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما أمرت بأخراجكم ولا أسكنت هذا الغلام ، إن الله هو أمر به .
____________
(1) رواه منتجب الدين في أربعينه : 72 ، وابن شهرآشوب في مناقبه 2 : 185 ، وابن طاووس في الطرائف 1 : 64 ، والترمذي في صحيحه 5 : 636 ، وابن المغازلي في مناقبه : 37 و 38 .
(2) في الأمالي : يفقا .
(3) من الأمالي .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 314 ، أقول : مر ما يشابهه تحت أرقام : 138 و 241 .

( 316 )

الثالثة : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعث عمرا وسعدا إلى خيبر ، فخرج سعدا ورجع عمر ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ـ في ثناء كثير خشى ان اخطئ بعضه ـ ، فدعا بعلي وهو أرمد فجيء به يقاد ، فقال رسول الله : افتح عينيك ، قال لا أستطيع ، فتفل فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم دلكها بابهامه فاعطاه الراية .
والرابعة : يوم غدير خم ، قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فابلغ ثم قال : أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ ـ ثلاث مرات ـ قالوا : بلى ، فقال : ادن يا علي ، فدنا علي ( عليه السلام ) فرفع يده ورفع النبي يده حتى نظرت بياض اباطيهما ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ثلاث مرات .
وأما الخامسة من مناقبه : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غزا على ناقته الحمراء وخلف عليا ، فنفست عليه قريش وقالوا : إنما خلفه لما استثقله وكره صحبته ، فجاء علي ( عليه السلام ) حتى أخذ بغرز الناقة ، فقال : يا نبي الله لأتبعنك أو إني تابعك ، زعمت قريش انك إنما خلفتني لما استثقلتني وكرهت صحبتي ، قال : وبكى علي ( عليه السلام ) فنادى رسول الله في الناس فاجتمعوا ، فقال : يا أيها الناس ما منكم من أحد إلا وله خاصة ، ثم قال لعلي : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، قال : رضيت عن الله وعن رسوله » (1) .
29 ـ قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي ( عليه السلام ) قال :
« قالت فاطمة ( عليها السلام ) يوما لي : أنا أحب الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منكم ، فقلت : لا بل أنا أحب ، فقال الحسن : لا بل أنا ، وقال الحسين : لا بل أنا أحبكم الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا بنية فيم أنتم ؟ فأخبرناه ، فأخذ فاطمة فاحتضنها وقبل فاها وضم عليا إليه وقبل بين عينيه ، أجلس الحسن على فخذه الأيمن والحسين على فخذه الأيسر وقبلهما وقال : أنتم أولى بي في الدنيا والآخرة ، والى الله من والاكم وعادى من عاداكم ، أنتم مني وأنا منكم ، والذي
____________
(1) روى صدره الصدوق في العلل : 190 ، عنه البحار 36 : 285 .
( 317 )

نفسي بيده لا يتوالاكم عبد في الدنيا إلا كان الله عز وجل وليه في الدنيا والآخرة » (1) .
30 ـ قال : حدثنا حماد بن عيسى الجهني ، قال : حدثني مسمع بن سيار ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال :
« بلغ معاوية ان عليا ( عليه السلام ) يستنفر الناس بالكوفة للمسير إليه الى الشام وذلك بعد الموادعة والحكومة ، فبلغ ذلك من معاوية المبالغ وجعل يدس الرجال الى علي ( عليه السلام ) للقتل ويعمل الحيلة في ذلك ، الى أن كاتب عمرو بن حريث المخزومي إلى الكوفة ، فقدم الرجل الى عمرو بن حريث فانزله في مكان يقرب منه .
وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا يرى المسح على الخفين وكان يجلس في مسجد الكوفة الأعظم ، يفتي الناس ويقضي بينهم حتى تجب الصلاة فيخلع الخفين ويطهر الرجلين ويصلي بالناس ، فإذا أراد أن ينصرف إلى أهله لبس خفه وانصرف فأجمع الرجل أن يرصد عليا ( عليه السلام ) ، فإذا خلع خفيه جعل في أحدهما أفعى أو قال : ثعبان مما كان معه ، ففعل ذلك وجعل الأفعى ـ أو قال الثعبان ـ في أحد الخفين ، فلما أراد أمير المؤمنين أن يلبس خفه انقض عقاب ، فاختطف الخف وطار به في الجو ، ثم طرحه فخرج الأفعى فقتل .
قال : فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للناس : خذوا أبواب المسجد فاخذت الأبواب ونظروا ، فإذا رجل غريب وهو الرجل الذي أرصد عليا بما صنع ، فاعترف أن معاوية بعثه لذلك الى عمرو بن حريث .
قال : فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : جيئوا بعمرو بن حريث ولا تنالوه بسوء ، فانطلقوا فجاؤا به ترتعد فرائصه فأرادوا قتله ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : دعوه فليس هو ولا معاوية بقاتلي ولا يقدران على ذلك ، أنا قاتلي رجل من مراد ضرب من الرجال أعسر أيسر أصيفر ، ينظر بعيني شيطان ، وجعل أمير المؤمنين ( عليه السلام )
____________
(1) رواه ملخصا الصدوق في أماليه : 21 .
( 318 )

يصفه قال : يقتلني في الشهر الحرام لا بل في شهر رمضان عهد من النبي الامي ( صلى الله عليه وآله ) إلي بذلك وقد خاب من افترى ، ثم أطلق عن عمرو وأنشأ يقول :

تلكـم قريــش تمنـانـي لتقتلنــي * فلا وربـك ما تـروى ولا ظفــروا
أما بقيــت فانـي لسـت متخــذا * أهلا ولا شيعــة في الدين إذ غدروا
قد بايعونـي فمـا أوفـوا ببيعتهــم * يومــا ومالـوا بأهل الكفر إذ كفروا
ما لـم يلاق أبو بكــر ولا عمــر * وقلصــوا لــي عن حـرب مشمرة
فـان هلكت فرهـن ذمتــي لكــم * بذات ودقيــن لا يعفــوا لهـا بشر
عام الثلاثيــن خيـل غير مخلقــة * إذا المحــرم عنهـا مر أو صفــر
وسوف يأتيك عــن أنبـاء ملحمـة * يبيـض من ذكرهــم انباءها الشعـر
إذا التقــى مـرة بالمـرج جمعهـم * تعلـوا قضاعــة أو يشفـي بها مضر
فسوف يبعــث مهــدي لسنتــه * فينشر الوحي والدين الذي طهروا » (1)

31 ـ عن ليث بن طاووس قال :
« المهدي جواد بالمال ، رحيم بالمساكين ، شديد على العمال » (2) .
32 ـ قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، وعن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) ، عن أبيهما ، عن جدهما ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
« ان الفردوس عينا أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك ، فيها طينة خلقنا الله عز وجل منها وخلق منها شيعتنا فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا وهي الميثاق الذي أخذ الله عز وجل عليه ولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
قال عبيد : فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي هذا الحديث ،
____________
(1) رواه مختصرا في قرب الاسناد : 81 ، عنه مدينة المعاجز : 204 ، أخرجه في أعلام الورى : 181 .
(2) عنه منتخب الأثر : 311 ، رواه أيضا عن عقد الدرر من الباب الثامن منه عن طاوس ، وقال عنه : أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن .

( 319 )

فقال : صدقك يحيى بن عبد الله ، هكذا أخبرني أبي ، عن جدي [ عن أبيه ] (1) ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) » (2) .
33 ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن منصور بن العباس ، قال : حدثنا محمد بن الفضل الهمداني ، قال : حدثني مسهر رجل من أصحابنا قال :
« مر أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) بقبر بعض من أهل بيته فنزل عن دابته ووضع خده على القبر وهو يبكي ويقول : إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيبة لك فجهلوك وقدروك والتقدير على ما قدروك وشبهوك بخلقك ثم لم يعرفوك ولم يعبدوك ، فأنا إلهي برئ من الذين بالتشبيه طلبوك وبالتحديد وصفوك ليس كمثلك شئ ياإلهي ولن يدركوك وظاهر ما بهم من نعمتك دلهم عليك لو عرفوك وفي خلقك ياإلهي مندوحة أن يتناولوك بل سووك بخلقك ، فمن ثم لم يعرفوك واتخذوا بعض آياتك ربا ، فبذلك وصفوك تعاليت رب وتقدست عما به المشبهون نعتوك ، ثم قام فركب دابته " (3) .
____________
(1) من الامالي .
(2) رواه الشيخ في أماليه مع اختلاف : 2 : 270 .
(3) رواه الصدوق في أماليه : 487 ، والصدوق في التوحيد : 124 ، والعيون 1 : 117 .