يقذفه إليهم السحاب فيعيشون به عيشا خصبا ويصلحون عليه ويستمطرونه في إبانه ( 1 ) كما يستمطر الناس المطر في إبان المطر ، وإذا قذفوا به خصبوا وسمنوا وتوالدوا وكثروا وأكلوا منه حولا كاملا إلى مثله من العام المقبل ، ولا يأكلون معه شيئا غيره ، وهم لا يحصى عددهم إلا الله عزو جل الذي خلقهم ، وإذا أخطأهم التنين قحطوا وأجدبوا وجاعوا وانقطع النسل والولد ، وهم يتسافدون كما تتسافد البهائم ( 2 ) على ظهر الطريق وحيث ما التقوا ، وإذا أخطأهم التنين جاعوا وساحوا في البلاد ، فلا يدعون شيئا أتوا عليه إلا أفسدوه وأكلوه ، فهم أشد فسادا فيما أتوا عليه من الارض من الجراد والبرد والافات كلها ، وإذا أقبلوا من أرض إلى أرض جلا أهلها عنها وخلوها ، وليس يغلبون ولا يدفعون حتى لا يجد أحد من خلق الله تعالى موضعا لقدمه ، ولا يخلو للانسان قدر مجلسه ، ولا يدري أحد من خلق الله أين أولهم وآخرهم ( 3 ) ، ولا يستطيع أحد من خلق الله أن ينظر إليهم ولا يدنو منهم نجاسة وقذرا وسوء حلية ، فبهذا غلبوا ولهم حس وحنين ( 4 ) ، إذا أقبلوا إلى الارض يسمع حسهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرتهم ، كما يسمع حس الريح البعيدة ، أو حس المطر البعيد ولهم همهمة إذا وقعوا في البلاد كهمهمة النحل إلا أنه أشد وأعلا صوتا ، يملا الارض حتى لا يكاد أحد أن يسمع من أجل ذلك الهميم شيئا ، وإذا أقبلوا إلى أرض حاشوا وحوشها كلها وسباعها حتى لا يبقى فيها شيء منها ، وذلك لانهم يملؤونها ما بين أقطارها ولا يتخلف وراءهم من ساكن الارض شيء فيه روح إلا اجتلبوه من قبل أنهم أكثر من كل شيء ،
____________
( 1 ) ابانه أي وقته . وفي بعض النسخ « في أيام المطر » .
( 2 ) السفاد : النكاح .
( 3 ) في بعض النسخ « كم من أولهم إلى آخرهم » .
( 4 ) الحس والحسيس : الصوت الخفي . والحنين : الصوت الجلي .

( 402 )

فأمرهم أعجب من العجب وليس منهم أحد إلا وقد عرف متي يموت وذلك من قبل أنه لا يموت منهم ذكر حتى يولد له ألف ولد ولا تموت منهم أنثى حتى تلد ألف ولد ، فبذلك عرفوا آجالهم ، فإذا ولد ذلك الالف برزوا للموت ، وتركوا طلب ما كانوا فيه من المعيشة والحياة ، فهذه قصتهم من يوم خلقهم الله عزوجل إلى يوم يفنيهم .
ثم إنهم جعلوا في زمان ذي القرنين يدورون أرضا أرضا من الارضين ، وأمة امة من الامم وهم إذا توجهوا لوجه لم يعدلوا عنه أبدا ولا ينصرفون يمينا ولا شمالا ولا يلتفتون .
فلما أحست تلك الامم بهم وسمعوا همهمتهم استغاثوا بذي القرنين وذو القرنين يومئذ نازلا في ناحيتهم فاجتمعوا إليه وقالوا : يا ذا القرنين إنه قذ بلغنا ما آتاك الله من الملك والسلطان ، وما ألبسك الله من الهيبة ، وما أيدك به من جنود أهل الارض ومن النور والظلمة ، وإنا جيران يأجوج ومأجوج ، وليس بيننا وبينهم سوى هذه الجبال ، وليس لهم إلينا طريق إلا هذين الصدفين ولو ينسلون أجلونا عن بلادنا لكثرتهم حتى لا يكون لنا فيها قرار ، وهم خلق من خلق الله كثير فيهم مشابه من الانس وهم أشباه البهائم ، يأكلون من العشب ، ويفترسون الدواب والوحوش كما تفترسها السباع ، ويأكلون حشرات الارض كلها من الحيات والعقارب و كل ذي روح مما خلق الله تعالى ، وليس [ مما خلق الله ] جل جلاله خلق ينموا نماهم وزيادتهم فلانشك أنهم يملؤون الارض ويجلون أهلها منها ويفسدون فيها ، ونحن نخشى كل وقت أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين ، وقد آتاك الله عزوجل من الحيلة والقوة ما لم يؤت أحدا من العالمين ، « فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * آتوني زبر الحديد » .


( 403 )

قالوا : ومن أين لنا من الحديد والنحاس ما يسع هذا العمل الذي تريد أن تعمل قال : إني سأدلكم على معدن الحديد والنحاس ، فضرب لهم في جبلين حتى فتقهما فاستخرج لهم منهما معدنين من الحديد و النحاس ، قالوا : فبأي قوة نقطع الحديد والنحاس ؟ فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الارض يقال لها : السامور وهو أشد بياضا من الثلج ( 5 ) وليس شيء منه يوضع على شيء إلا ذاب تحته فصنع لهم منه أداة يعملون بها ـ وبه قطع سليمان بن داود عليه السلام أساطين بيت المقدس وصخوره جاءت بها الشياطين من تلك المعادن ـ فجمعوا من ذلك ما اكتفوا به فأوقدوا على الحديد حتى صنعوا منه زبرا مثال الصخور ، فجعل حجارته من حديد ، ثم أذاب النحاس فجعله كالطين لتلك الحجارة ، ثم بنى وقاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال فحفر له أساسا حتى كاد أن يبلغ الماء وجعل عرضه ميلا وجعل حشوه زبر الحديد ، وأذاب النحاس فجعله خلال الحديد فجعل طبقة من نحاس واخرى من حديد حتى ساوى الردم بطول الصدفين ، فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد ، فيأجوج ومأجوج ينتابونه في كل سنة مرة ، وذلك أنهم يسيحون في بلادهم حتى إذا وقعوا إلى ذلك الردم حبسهم ، فرجعوا يسيحون في بلادهم ، فلا يزالون كذلك حتى تقرب الساعة وتجيئ أشراطها فإذا جاء أشراطها وهو قيام القائم عليه السلام فتحه الله عزوجل لهم ، وذلك قوله عزوجل « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون » ( 1 ) .
فلما فرغ ذو القرنين من عمل السد انطلق على وجهه ، فبينما هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من
____________
( 1 ) في بعض النسخ « وهو أشد شئ بياضا » . والسامور : الالماس المعروف اليوم كما في بحر الجواهر ولا يذب شيئا بل قطعه .
( 2 ) الكهف : 94 و 95 .

( 404 )

صلاته فقالى له ذو القرنين : كيف لم يروعك ما حضرك من الجنود ؟ قال : كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك وأعز سلطانا وأشد قوة ، ولو صرفت وجهي إليك ما أدركت حاجتي قبله . فقال له ذو القرنين : فهل لك أن تنطلق معي فأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أموري ؟ قال : نعم إن ضمنت لي أربعا ( 1 ) : نعيما لا يزول ، وصحة لا سقم فيها ، وشبابا لا هرم فيه ، وحياة لا موت فيها . فقال له ذو القرنين : أي مخلوق يقدر على هذه الخصال ؟ فقال الشيخ : فاني مع من يقدر على هذه الخصال ( 2 ) ويملكها وإياك .
ثم مر برجل عالم فقال لذي القرنين : أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله تعالى قائمين ، وعن شيئين جاريين ، وشيئين مختلفين ، وشيئين متباغضين ؟ فقال ذو القرنين : أما الشيئان القائمان فالسماء والارض ، وأما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر ، وأما الشيئان المختلفان فالليل والنهار ، وأما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة ، فقال : انطلق فإنك عالم .
فانطلق ذو القرنين يسير في البلاد حتي مر بشيخ يقلب جماجم الموتى فوقف عليه بجنوده فقال له : أخبرني أيها الشيخ لاي شئ تقلب هذه الجاجم ؟ قال : لا عرف الشريف عن الوضيع فما عرفت ، فإني لا قلبها منذ عشرين سنة ، فانطلق ذو القرنين وتركه وقال : ما أراك عنيت بهذا أحدا غيري .
فبينما هو يسير إذ وقع إلى الامة العالمة الذين هم من قوم موسى الذين « يهدون بالحق وبه يعدلون » فوجد أمة مقسطة عادلة يقسمون
____________
( 1 ) في بعض النسخ « أربع خصال » .
( 2 ) في بعض النسخ « فان معي من يقدر عليها » .

( 405 )

بالسوية ، ويحكمون بالعدل ، ويتواسون ويتراحمون ، حالهم واحدة ، و كلمتهم واحدة ، وقلوبهم مؤتلفة ، وطريقتهم مستقيمة ، وسيرتهم جميلة ، وقبور موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم وبيوتهم ، وليس لبيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء ، وليس بينهم قضاة ، وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يختلفون ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ، ولا تصيبهم الافات .
فلما رأى ذلك من أمرهم ملئ منهم عجبا ، فقال : أيها القوم أخبروني خبركم فإني قد درت الارض شرقها وغربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها ونورها وظلمتها فلم ألق مثلكم ( 1 ) ، فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أفنيتكم وعلى أبواب بيوتكم ؟ قالوا : فعلنا ذلك عمدا لئلا ننسى الموت ، ولا يخرج ذكره من قلوبنا .
قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب ؟ فقالوا : لانه ليس فينا لص ولا ظنين ( 2 ) ، وليس فينا إلا الامين ، قال : فما بالكم ليس عليكم أمراء ؟ قالوا : لاننا لانتظالم ، قال : فما بالكم ليس بينكم حكام ؟ قالوا : لاننا لا نختصم ، قال : فما بالكم ليس فيكم ملوك ؟ قالوا : لاننا لا نتكاثر ، قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف ؟ قالوا : لاننا لا نتنافس ، قال : فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون ، قالوا : من قبل أنا متواسون متراحمون ، قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون ؟ قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا ، قال : فما بالكم لا تستبون ولا تقتتلون ؟ قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم ، وسسنا أنفسنا بالحلم ، قال : فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة ؟ قالوا : من قبل أنا لا
____________
( 1 ) في بعض النسخ « فلم أر مثلكم » .
( 2 ) في بعض النسخ « ليس فينا لص ولا خائن » .

( 406 )

نتكاذب ولا نتخادع ، ولا يغتاب بعضنا بعضا ، قال : فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير ؟ قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية ، قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ ؟ قالوا : من قبل الذل والتواضع ، قال : فلم جعلكم الله أطول الناس أعمارا ؟ قالوا : من قبل أنا نتعاطي الحق ونحكم بالعدل ، قال : فما بالكم لا تقحطون ؟ قالوا : من قبل أنا لا نغفل عن الاستغفار ، قال : فما بالكم لا تحزنون ؟ قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا على البلاء وحرصنا عليه فعزينا أنفسنا ( 1 ) ، قال : فما بالكم لا تصيبكم الافات ؟ قالوا من قبل أنا لا نتوكل على غير الله [ جل جلاله ] ولا نستمطر بالانواء ( 2 ) والنجوم ، قال : فحدثوني أيها القوم أهكذا وجدتم آباءكم يفعلون ؟ قالوا : وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم ، ويواسون فقيرهم ، ويعفون عمن ظلمهم ، ويحسنون إلى من أساء إليهم ، ويستغفرون لمسيئهم ، ويصلون أرحامهم ، ويؤدون أماناتهم ، ويصدقون ولا يكذبون ، فأصلح الله بذلك أمرهم .
فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض ولم يكن له فيهم عمر ، وكان قد بلغه السن ، وأدركه الكبر ، وكان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عزوجل إلى يوم قبضه الله خمسمائة عام .
____________
( 1 ) عزى تعزية ـ الرجل ـ : سلاء .
( 2 ) النوء : النجم جمعه أنواء . والانواء ثمان وعشرون منزلة ، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر وتطلع اخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر ، وينسبونه إليها ، فيقولون : مطرنا بنوء كذا . وانما سمى نوءا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق . وينوء نوءا أي نهض وطلع ( النهاية )

( 407 )

رجعنا إلى ذكر ما روى عن أبي محمد الحسن العسكري
عليه السلام بالنص على ابنه القائم صاحب الزمان عليه السلام .

* * *

2 ـ حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال : حدثنا آدم ابن محمد البلخي ( 1 ) قال : حدثني علي بن الحسين ( 2 ) بن هارون الدقاق قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عبد الله بن قاسم بن إبراهيم بن مالك الاشتر قال : حدثني يعقوب بن منقوش قال : دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام وهو جالس على دكان في الدار ، وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل ، فقلت له : [ يا ] سيدي من صاحب هذا الامر ؟ فقال : ارفع الستر ، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي ( 3 ) له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض الوجه ، دري المقلتين ، شثن الكفين ، معطوف الركبتين ، في خده الايمن خال ، وفي رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمد عليه السلام ثم قال لي : هذا صاحبكم ، ثم وثب فقال له : يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم ، فدخل البيت وأنا أنظر إليه ، ثم قال لي : يا يعقوب انظر من في البيت ، فدخلت فما رأيت أحدا ( 4 ) .
3 ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي أنه خرج من أبي محمد عليه السلام توقيع : « زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل وقد كذب الله عزوجل قولهم والحمد لله » .
____________
( 1 ) هو آدم بن محمد القلانسي من أهل بلخ ، يقول بالتفويض ( صه ) .
( 2 ) في بعض النسخ « علي بن الحسن » .
( 3 ) في الدر النثير والنهاية غلام خماسي : طوله خمسة أشبار والانثى خماسية ، ولا يقال : سداسي ولا سباعي ولا غير الخمسة .
( 4 ) سيأتي الحديث في باب من شاهد القائم عليه السلام بهذا السند أيضا .

( 408 )

4 ـ حدثنا محمد بن محمد بن عصام رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثني علان الرازي قال : أخبرني بعض أصحابنا أنه لما حملت جارية أبي محمد عليه السلام قال : ستحملين ذكرا واسمه محمد وهو القائم من بعدي .
5 ـ حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدثنا أحمد بن علي بن كلثوم قال : حدثنا علي بن أحمد الرازي قال : خرج بعض إخواني من أهل الري مرتادا بعد مضي أبي محمد عليه السلام فبينما هو في مسجد الكوفة مغموما متفكرا فيما خرج له يبحث حصا المسجد بيده فظهرت له حصاة فيها مكتوب محمد ، قال الرجل : فنظرت إلى الحصاة فإذا فيها كتابة ثابتة ( 1 ) مخلوقة غير منقوشة .
6 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال : حدثني محمد بن أحمد المدائني ، عن أبي غانم ( 2 ) قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام يقول : في سنة مائتين وستين تفترق شيعتي . ففيها قبض أبو محمد عليه السلام وتفرقت الشيعة وأنصاره ، فمنهم من انتمى إلى جعفر ( 3 ) ومنهم من تاه و [ منهم من ] شك ، ومنهم من وقف على تحيره ، ومنهم من ثبت على دينه بتوفيق الله عزوجل .
7 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي بن كلثوم ، عن علي بن أحمد الرازي ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي
____________
( 1 ) في بعض النسخ « ناتئة » ونتأ ينتؤ نتوءا خرج من موضعه . وتنفخ وبعضو ورم فهو ناتئ .
( 2 ) كذا ، وفي بعض النسخ والبحار أيضا « أبي حاتم » وفي هامش بعض المخطوط عن حاشية رجال الميرزا « أبو غانم لا أعرفه روى خبرا عنه عيسى بن مهران في باب ضمان النفوس من كتاب قصاص التهذيب » .
( 3 ) انتمى أي انتسب وفي بعض النسخ « آل » وتاه يتيه إذا تحير وضل .

( 409 )

العسكري عليهما السلام يقول : الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي ، أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خلقا وخلقا ، ويحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته ، ثم يظهره فيملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما .
8 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا موسى بن جعفر بن وهب البغدادي قال : سمعت أبا محمد الحسن ابن علي عليهما السلام يقول : كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني ، أما إن المقر بالائمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنكر لولدي كمن أقر بجميع أنبياء الله ورسله ثم أنكر نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله ، والمنكر لرسول الله صلى الله عليه وآله كمن أنكر جميع أنبياء الله لان طاعة آخرنا كطاعة أولنا ، والمنكر لاخرنا كالمنكر لاولنا . أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله عزوجل .
9 ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدثني أبو علي بن همام قال : سمعت محمد بن عثمان العمري ـ قدس الله روحه ـ يقول : سمعت أبي يقول : سئل أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام : « أن الارض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلي يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » فقال عليه السلام : إن هذا حق كما أن النهار حق ، فقيل له : يا ابن رسول الله فمن الحجة والامام بعدك ؟ فقال ابني محمد ، هو الامام والحجة بعدي ، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية . أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ، ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الاعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة .


( 410 )

39
( باب )
* ( فيمن أنكر القائم الثاني عشر من الائمة عليهم السلام ) *
1 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الاموات .
2 ـ وحدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، والحسن بن متيل الدقاق ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا قالوا : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ويعقوب بن يزيد ، وإبراهيم بن هاشم جميعا ، عن محمد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى جميعا ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الاموات .
3 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن سعيد ، عن أبان بن تغلب قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : من عرف الائمة ولم يعرف الامام الذي في زمانه أمؤمن هو ؟ قال : لا ، قلت : أمسلم هو ؟ قال : نعم . قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي الله عنه : الاسلام هو إقرار بالشهادتين ، وهو الذي به تحقن الدماء والاموال والثواب على الايمان ، وقال النبي صلى الله عليه وآله : « من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله فقد حقن ما له ودمه إلا بحقهما ، وحسابه على الله عزوجل
4 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد الادمي قال : حدثنا الحسن بن محبوب ( 1 ) ، عن
____________
( 1 ) في أكثر النسخ « عن محمد بن الحسن بن محبوب » وهو تصحيف ورواية سهل عن السراد كثير راجع التهذيب ج 2 ص 73 وص 411 و 463 ، والكافي ج 1 ص 457 . وهكذا رواية السراد عن العبدي راجع التهذيب ج 2 ص 455 و 464 حسبما رقمناه و 399 و 408 حسبما رقم فيه .
( 411 )

عبد العزيز العبدي ، عن ابن أبي يعفور ( 1 ) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : من أقر بالائمة من آبائي وولدي ، وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الانبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وآله . فقلت : يا سيدي : ومن المهدي من ولدك ؟ قال : الخامس من ولد السابع ، يغيب عنهم شخصه ولا يحل لهم تسميته .
5 ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال : حدثنا أبي ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن سنان ، عن صفوان [ بن مهران ] ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : من أقر بجميع الائمة ، وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الانبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وآله نبوته ، فقيل له ، يا ابن رسول الله فمن المهدي من ولدك ؟ قال : الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته .
6 ـ حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري ، عن حمدان بن سليمان قال : حدثني أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : القائم من ولدي اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، وشمائله شمائلي ، وسنته سنتي ، يقيم الناس على ملتي وشريعتي ، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزوجل ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ، ومن كذبه فقد كذبني ، ومن صدقه فقد صدقني ، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره ، والجاحدين لقولي في شأنه ، والمضلين لامتي عن طريقته « وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون »
7 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ـ في حديث طويل ـ يقول في آخره : كيف يهتدي من
____________
( 1 ) في بعض النسخ « عن أبي يعقوب » .
( 412 )

لم يبصر ؟ وكيف يبصر من لم ينذر ، اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وأقروا بما نزل من عند الله عزوجل ، واتبعوا آثار الهدى فإنها علامات الامانة والتقي ، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل عليهم السلام لم يؤمن ، اقصدوا الطريق بالتماس المنار ، والتمسوا من وراء الحجب الاثار تستكملوا أمر دينكم ، وتؤمنوا بالله ربكم .
8 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال : حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني .
9 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا أبي ، عن عبد الله ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غير واحد ، عن مروان بن مسلم قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : الامام علم فيما بين الله عزوجل وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ، ومن أنكره كان كافرا .
10 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمد بن مروان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم .
11 ـ حثدنا أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنهم قالوا : حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي سعيد المكاري ، عن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية كفر وشرك وضلالة .
12 ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي رضي الله عنه قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه


( 413 )

عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته [ فـ‍ ] مات [ فقد مات ] ميتة جاهلية .
13 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمر قندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن محمد قال : حدثني عمران عن محمد ( 1 ) بن عبد الحميد ، عن محمد بن الفضيل ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أنت والائمة من ولدك بعدي حجج الله عزوجل على خلقه ، وأعلامه في بريته ، من أنكر واحدا منكم فقد أنكرني ، ومن عصى واحدا منكم فقد عصاني ، ومن جفا واحدا منكم فقد جفاني ، ومن وصلكم فقد وصلني ومن أطاعكم فقد أطاعني ، ومن والاكم فقد والاني ، ومن عاداكم فقد عاداني لانكم مني ، خلقتم من طينتي وأنا منكم
14 ـ حدثنا علي بن محمد رضي الله عنه قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي رضي الله عنه قال : حدثنا الحسن بن محمد الفارسي قال : حدثنا عبد الله بن قدامة الترمذي ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : من شك في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل الله تبارك وتعالى أحدها : معرفة الامام في كل زمان وأوان بشخصه ونعته
15 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن محمد بن عيسى ، ويعقوب بن يزيد ، وإبراهيم ابن هاشم جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن عمر بن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي أنه سمع من سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، ثم عرضه على جابر وابن ـ
____________
( 1 ) في بعض النسخ « عن محمد بن علي قال : حدثنى عمران بن محمد » . وهو عمران بن موسى الزيتوني الاشعري . وأما راويه علي بن محمد فلعله علي بن محمد بن مروان ، وهو مهمل .
( 414 )

عباس فقالا : صدقوا وبروا ، وقد شهدنا ذلك وسمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإن سلمان قال : يا رسول الله إنك قلت : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية من هذا الامام ؟ قال : من أوصيائي يا سلمان ، فمن مات من أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية ، فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدوا فهو جاهل وليس بمشرك .

40
( باب )
* ( ما روى في أن الامامة لا تجتمع في اخوين بعد ) *
* ( الحسن والحسين عليهما السلام ) *
1 ـ حدثنا أبي ؛ ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسين بن ثوير أبي فاختة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا تكون الامامة ( 1 ) في أخوين بعد الحسن والحسين عليهم السلام أبدا ، إنها جرت ( 2 ) من علي بن الحسين عليهما السلام كما قال الله جل جلاله : « وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله » ( 3 ) ولا تكون بعد علي بن الحسين إلا في الاعقاب وأعقاب الاعقاب .
2 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، ومحمد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسين بن الحسن الفارسى ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام ، إنما تجري في الاعقاب وأعقاب الاعقاب ( 4 ) .
____________
( 1 ) في الكافي ج 1 ص 285 و 286 بهذا الاسناد « لا تعود الامامة » .
( 2 ) في الكافي « انما جرت » .
( 3 ) الانفال : 76 والاحزاب : 7 .
( 4 ) في الكافي باسناده ، عن سليمان ، عن حماد عنه عليه السلام

( 415 )

3 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أبي الله عزوجل أن يجعلها ( يعني الامامة ) ( 1 ) في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام .
4 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : « وجعلها كلمة باقية في عقبه » ( 2 ) إنها في الحسين عليه السلام تنتقل من ولد إلى ولد ، لا ترجع إلى أخ ولاعم .
5 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر محمد بن جعفر [ عن أبيه ـ خـ ] عن عبد الحميد بن نصر ، عن أبي إسماعيل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا تكون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام أبدا ، إنما هي في الاعقاب وأعقاب الاعقاب .
6 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما ولدت فاطمة عليها السلام الحسين عليه السلام أخبرها أبوها صلى الله عليه وآله أن امته ستقتله من بعده ، قالت : ولا حاجة لي فيه ، فقال : إن الله عزوجل قد أخبرني أن يجعل الائمة من ولده ، قالت : قد رضيت يا رسول الله .
7 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ومحمد بن عيسى بن عبيد جميعا ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عيسى بن عبد الله العلوي العمري ( 3 ) ، عن أبي عبد الله
____________
( 1 ) من زيادات النساخ أو المؤلف ( ره ) لعدم وجودها في الكافي والراوي واحد .
( 2 ) الزخرف : 28 .
( 3 ) هو عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام .

( 416 )

جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال : قلت له : جعلت فداك إن كان كون ـ ولا أراني الله يومك ـ فبمن أئتم ؟ قال : فأومأ إلى موسى عليه السلام ، قلت : فإن مضى موسى عليه السلام فبمن أئتم ؟ قال : بولده ، قلت : فإن مضى ولده وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتم ؟ قال : بولده ، ثم هكذا أبدا ، قلت : فإن أنا لم أعرفه ولم أعرف موضعه فما أصنع ؟ قال : تقول : « اللهم إني أتولي من بقي من حججك من ولد الامام الماضي فإن ذلك يجزئك ( 1 ) .
8 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لما أن حملت ( 2 ) فاطمة عليها السلام بالحسين عليه السلام قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عزوجل قد وهب لك غلاما اسمه الحسين ، تقتله امتي ، قالت : فلا حاجة لي فيه ، فقال : إن الله عزوجل قد وعدني فيه عدة ، قالت : وما وعدك ؟ قال : وعدني أن يجعل الامامة من بعده في ولده ، فقالت : رضيت .
9 ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن هشام بن سالم قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : الحسن أفضل أم الحسين ؟ فقال : الحسن أفضل من الحسين . [ قال : ] قلت : فكيف صارت الامامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن ؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى أحب أن يجعل ( 3 ) سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما السلام ، ألا ترى أنهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة وإن الله عزوجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وإن كان موسى أفضل من هارون عليهما السلام ، قلت : فهل يكون إمامان في وقت
____________
( 3 ) روى الكليني ( ره ) نحوه في الكافي ج 1 ص 286 .
( 1 ) في بعض النسخ « علقت » .
( 2 ) في بعض النسخ « ان الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك الا أن يجعل ـ الخ » وفى بعضها « ان الله تبارك وتعالى أبي الا أن يجعل ـ الخ » .

( 417 )

واحد ؟ قال : لا إلا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه ، والاخر ناطقا إماما لصاحبه ، فأما أن يكونا إمامين ناطقين في وقت واحد فلا .
قلت : فهل تكون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام ؟ قال : لا إنما هي جارية في عقب الحسين عليه السلام كما قال الله عزوجل : « وجعلها كلمة باقية في عقبة » ثم هي جارية في الاعقاب وأعقاب الاعقاب إلى يوم القيامة .
10 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : « وبئر معطلة وقصر مشيد » ( 1 ) فقال : البئر المعطلة الامام الصامت ، والقصر المشيد الامام الناطق

41
( باب )
* ( ما روى في نرجس أم القائم عليهما السلام واسمها ) *
* ( مليكة بنت يشوعا( 2 ) بن قيصر الملك ) *
1 ـ حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال : حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر الشيباني قال : وردت كربلا سنة ست وثمانين ومائتين ، قال : وزرت قبر غريب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجها إلى مقابر قريش في وقت قد تضرمت الهواجر وتوقدت السمائم ، فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة ، المحفوفة بحدائق الغفران أكببت عليها بعبرات متقاطرة ، وزفرات متتابعة
____________
( 1 ) الحج : 45 . وعلي بن أبي حمزة البطائني أحد عمد الواقفة كذاب متهم ملعون قال العلامة ( ره ) : قد رويت عنه أحاديث كثيرة وكتب تفسير القرآن كله من أوله إلى آخره الا أن أبي لا أستحل أن أروى عنه حديثا واحدا .
( 2 ) في بعض النسخ « يوشعا » وفي بعضها « يستوعا » .

( 418 )

وقد حجب الدمع طرفي عن النظر فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه ، وتقوس منكباه ، وثفنت جبهته وراحتاه ، وهو يقول لاخر معه عند القبر : يا ابن أخي لقد نال عمك شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان ، وقد أشرف عمك على استكمال المدة و انقضاء العمر ، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره ، قلت : يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك باتعابي الخف والحافر ( 1 ) في طلب العلم ، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأثر عظيم ، فقلت : أيها الشيخ ومن السيدان ؟ قال : النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى ، فقلت : إني اقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الامامة والوراثة إني خاطب علمهما ، وطالب آثارهما ، وباذل من نفسي الايمان المؤكدة على حفظ أسرارهما ، قال : إن كنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبك من الاثار عن نقلة أخبارهم ، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال : صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس ( 2 ) من ولد أبي أيوب الانصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام وجارهما بسر من رأى ، قلت : فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما قال : كان مولانا أبو الحسن على بن محمد العسكري عليهما السلام فقهني في أمر الرقيق فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه ، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتى كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق [ فيما ] بين الحلال والحرام .
فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رآى وقد مضى هوي ( 3 ) من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام يدعوني إليه فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد واخته حكيمة من وراء الستر ، فلما جلست قال : يا بشر إنك من ولد الانصار وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف ، فأنتم ثقاتنا أهل البيت وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة
____________
( 1 ) كناية عن البعير والفرس .
( 2 ) مهمل .
( 3 ) يعني زمانا غير قليل

( 419 )

تسبق بها شأو الشيعة ( 1 ) في الموالاة بها : بسر أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمة ( 2 ) فكتب كتابا ملصقا ( 3 ) بخط رومي ولغة رومية ، وطبع عليه بخاتمه ، وأخرج شستقة ( 4 ) صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا فقال : خذها وتوجه بها إلى بغداد ، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا ، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وبرزن الجواري منها فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق ، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا ، لابسة حرير تين صفيقتين ، تمتنع من السفور ولمس المعترض ، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره ، بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية ، فاعلم أنها تقول : واهتك ستراه ، فيقول بعض المبتاعين علي بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة ، فتقول بالعربية : لو برزت في زي سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك ، فيقول النخاس : فما الحيلة ولا بد من بيعك ، فتقول الجارية : وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي [ إليه و ] إلي أمانته وديانته ، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له : إن معي كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي ، ووصف فيه كرمه ووفاه ونبله وسخاءه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيته ، فأنا وكيله في ابتياعها منك .
قال بشر بن سليمان النخاس : فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في
____________
( 1 ) في بعض النسخ « سائر الشيعة » ، والشأو مصدر الامد والغاية يقال فلان بعيد الشأو أي عالي الهمة .
( 2 ) في بعض النسخ « في تتبع أمره » . مكان « في ابتياع أمة » .
( 3 ) في بعض النسخ « مطلقا » وفي بعضها « ملفقا » .
( 4 ) كذا في أكثر النسخ وفي بعض النسخ « الشنسقة » والظاهر الصواب « الشنتقة » معرب « چنته » وفي البحار « الشقة » وهي بالكسر والضم ـ السبيبة المقطوعة من الثياب المستطيلة . وعلى أي المراد الصرة التي يجعل فيه الدنانير .

( 420 )

أمر الجارية ، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا ، وقالت لعمر بن يزيد النخاس : بعني من صاحب هذا الكتاب ، وحلفت بالمحرجة المغلظة ( 1 ) إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها ، فما زلت اشاحه في ثمنها حتى استقر الامر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء ، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة ، وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه ( 2 ) وتضعه على خدها وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها ، فقلت : تعجبا منها أتلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه ؟ قالت : أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء أعرني سمعك وفرغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا ( 3 ) بن قيصر ملك الروم ، وأمي من ولدا الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون ، أنبئك العجب العجيب إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الاخطار سبعمائة رجل وجمع من أمراء الاجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف ، وأبرز من بهو ملكه عرشا مسوغا ( 4 ) من أصناف الجواهر إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الاساقفة عكفا ونشرت أسفار الانجيل تسافلت الصلبان ( 5 ) من الاعالي فلصقت بالارض ، وتقوضت الاعمدة ( 6 )
____________
( 1 ) المحرجة : اليمين الذي يضيق المجال على الحالف ولا يبقي له مندوحة عن برقسمه . والمغلظة : المؤكدة .
( 2 ) أي تقبله .
( 3 ) في بعض النسخ « يوشعا » .
( 4 ) في بعض النسخ « وابرز هو من ملكه عرشا مصنوعا » . والبهو : البيت المقدم امام البيوت . وفي بعض النسخ « مصنوعا » مكان « سوغا » .
( 5 ) في بعض النسخ « تساقطت الصلبان » .
( 6 ) في بعض النسخ « تفرقت الاعمدة » وفي بعضها « تقرضت » .