وسائل الشيعة ج30 ص198 ـ ص221
وقد صرح ـ في كتاب ( العدة ) ـ بأنه لايجوز العمل بالاجتهاد ، ولا بالظن في الشريعة .
وكثيرا مايقول ـ في ( التهذيب ) في الأخبار التي يتعرض لتأويلها ولا يعمل بها ـ : « هذا من أخبار الآحاد ، التي لاتفيد علما ولاعملا » .
فعلم أن كل حديث عمل به ، فهو محفوف بقرائن تفيد العلم ، أو توجب العمل .
وقال الشيخ ؛ بهاء الدين ؛ محمد ؛ العاملي ـ في ( مشرق الشمسين ) ؛ بعد ذكر تقسيم الحديث إلى الأقسام الأربعة المشهورة ـ :
وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا ، كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل المتعارف بينهم إطلاق « الصحيح » على ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه ، أو اقترن بما يوجب الوثوق به ، والركون إليه وذلك باُمور :
منها : وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة ، التي نقلوها عن مشايخهم ، بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة ، وكانت متداولة في تلك الأعصار ، مشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رائعة النهار .
ومنها : تكرره في أصل أو أصلين منها ، فصاعدا ، بطرق مختلفة ، وأسانيد عديدة معتبرة .
ومنها : وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة ، الذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ، ومحمد بن مسلم ، والفضيل بن يسار .
أو على تصحيح ما يصح عنهم ، كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرحمن ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ؛ البزنطيّ .


( 199 )

أو العمل برواياتهم ، كعمار الساباطي .
وغيرهم ، ممن عدهم شيخ الطائفة في ( العدة ) ، كما نقله عنه المحقق ، في بحث التراوح من ( المعتبر ) .
ومنها : اندراجه في أحد الكتب التي عرضت على الأئمة صلوات الله عليهم ، فأثنوا على مصنفيها ، ككتاب عبيد الله بن عليّ ؛ الحلبي ، الذي عرضه على الصادق عليه السلام ، وكتابي يونس بن عبد الرحمن ، والفضل بن شاذان ، المعروضين على العسكري عليه السلام .
ومنها : كونه مأخوذا من الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها ، والاعتماد عليها .
سواء كان مؤلفوها من الفرقة الناجية المحقة ، ككتاب ( الصلاة ) لحريز بن عبدالله ، وكتب ابني سعيد ، وعلي بن مهزيار .
أو من غير الإمامية ، ككتاب حفص بن غياث ؛ القاضي ، وكتب الحسين بن عبيدالله ؛ السعدي ، وكتاب ( القبلة ) لعلي بن الحسن ؛ الطاطري .
وقد جرى رئيس المحدثين على متعارف القدماء ، فحكم بصحة جميع أحاديثه ، وقد سلك ذلك المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال ، لما لاح لهم من القرائن الموجبة للوثوق والاعتماد .
انتهى (1) .
ثم ذكر : أن أول من قرر الاصطلاح الجديد العلامة ، قدس سره ، وأنه كثيرا ما يسلك مسلك المتقدمين هو وغيره من المتأخرين .
____________
(1) مشرق الشمسين ( ص 269 ـ 270 ) .
( 200 )

وذكر جملة من تلك المواضع .
وقال ـ في رسالته الموسومة بـ ( الوجيزة ) التي ألفها في دراية الحديث ـ :
جميع أحاديثنا ـ إلا ماندر ـ ينتهي إلى أئمتنا الاثني عشر عليهم السلام ، وهم ينتهون فيها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله ، فإن علومهم مقتبسة من تلك المشكاة ، وما تضمنه كتب الخاصة ـ من الأحاديث المروية عن أئمتهم ـ تزيد على ما في الصحاح الست للعامة ، بكثير ، كما يظهر لمن تتبع كتب الفريقين .
وقد روى راو واحد ـ وهو أبان بن تغلب ـ عن إمام واحد ـ أعني الصادق عليه السلام ـ ثلاثين ألفْ حديث .
وقد كان جمع قدماء محدثينا ما وصل إليهم من كلام أئمتنا عليهم السلام في أربعمائة كتاب تسمى ( الأصول ) .
ثم تصدى جماعة من المتأخرين ـ شكر الله سعيهم ـ لجمع تلك الكتب وترتيبها ، تقليلا للانتشار ، وتسهيلا على طالبي تلك الأخبار ، فألفوا كتبا مضبوطة ، مهذبة ، مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب العصمة عليهم السلام ، كالكافي ، ومن لايحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار ، ومدينة العلم والخصال ، والأمالي ، وعيون الاخبار ، وغيرها .
انتهى (1) .
وقال الشهيد الثاني ـ في شرح دراية الحديث ـ :
قد كان استقر أمر المتقدمين على أربعمائة مصنف ، لأربعمائة مصنف ، سموها ( أصولا ) فكان عليها اعتمادهم ، ثم تداعت الحال إلى
____________
(1) الوجيزة للبهائي ( ص 6 ـ 7 ) .
( 201 )

ذهاب معظم تلك الأصول ، ولخصها جماعة في كتب خاصّة ، تقريبا على المتناول ، وأحسن ما جمع منها ( الكافي ) و ( التهذيب ) و ( الاستبصار ) و ( من لايحضره الفقيه ) .
انتهى (1) .
وكلام الشهيد الثاني ، والشيخ بهاء الدين ـ كما ترى ـ صريح في الشهادة بصحة تلك الأصول ، والكتب المعتمدة ، وعرض كثير منها على الأئمة عليهم السلام ، وفي الشهادة بأن الكتب الأربعة ، وأمثالها من الكتب المعتمدة ، منقولة من تلك الأصول ، وأنها كلها محفوفة بالقرائن المتعددة .
وقال الكفعمي ـ في أول ( الجنة الواقية ) ـ :
هذا كتاب محتو على عوذ ، ودعوات ، وتسابيح ، وزيارات ، وحجب ، وتحصينات ، وهياكل ، واستغاثات ، وأحراز ، وصلوات ، وأقسام ، واستخارات .
إلي أن قال : مأخوذة من كتب معتمد على صحتها ، مأمون بالتمسك بوثقى عروتها .
انتهى (2) .
وقال الطبرسي ـ في أول ( الاحتجاج ) ـ :
ولا نأتي ، في أكثر ما نورده من الأخبار ، بإسناده الموجود ، للإجماع عليه ، ولموافقته لما دلت العقول إليه ، ولاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف ، إلا ما أوردته عن الحسن بن علي ؛ العسكري عليه السلام ، فإنه ليس في الاشتهار على حد ما سواه ، وإن كان مشتملا على
____________
(1) الدراية ، للشهيد ( ص 17 ) .
(2) الجنة الواقية ( المصباح للكفعمي ) ص 3 ـ 4 .

( 202 )

مثل الذي قدمناه ، فذكرت اسناده في أول خبر من ذلك .
انتهى (1) .
وقد شهد علي بن إبراهيم ـ أيضا ـ بثبوت أحاديث تفسيره ، وأنها مروية عن الثقات عن الأئمة عليهم السلام (2) .
وكذلك جعفر بن محمد بن قولويه ، فانه صرح بما هو أبلغ من ذلك في أول مزاره (3) .
وأكثر أصحاب الكتب المذكورة قد شهدوا بنحو ذلك ، إما في أوائل كتبهم أو في أواخرها ، أو أثنائها .
فانهم كثيرا ما يضعفون حديثا بسبب قوة معارضه ، أو نحو ذلك .
أو يتعرضون لتأويله .
أو يقولون : لولا الغرض الفلاني لم نذكره ، ويشيرون ـ أويصرحون ـ بأن ماعداه من أخبار ذلك الكتاب معتمد عندهم ، وهم قائلون بمضمونه ، جازمون بثبوته ، وصحة نقله .
وكل ذلك ظاهر بالقرائن الواضحة عند المتتبع الماهر .
ويأتي شهادة كثير منهم بصحة كثير من الكتب المعتمدة .
ولايخفى عليك : أن القرائن ، المذكورة في كلام الشيخ في ( العدة ) و ( الاستبصار ) وفي كلام الشيخ ، بهاء الدين ، وغيرهما : موجودة الآن ، أو أكثرها .
وقد شهد بذلك جماعة كثيرون ، يطول الكلام بنقل عباراتهم .
____________
(1) الاحتجاج ، للطبرسي ( ج 1 ص 14 ) .
(2) تفسير القمي ( ج 1 ص 4 ) .
(3) كامل الزيارات ( ص 4 ) .

( 203 )

وقد ادعى بعض المتأخرين اختلاط الأصول بغيرها ، وعدم إمكان التمييز ، واندراس الأصول ، وخفاء القرائن ، وأنهم لذلك وضعوا الاصطلاح الجديد .
وذلك ممنوع ، إن أراد حصوله في زمن أصحاب الكتب الأربعة ، بل ممنوع مطلقا ، وسند المنع ما أشرنا إليه ، وما يأتي إن شاء الله .
وليت شعري ! كيف حصل هذا الاندراس ، وهذا الاختلاط ، في زمن العلامة ، وشيخه أحمد بن طاوس ، الذين أحدثا هذا الاصطلاح ، كما صرح به صاحب المنتقى ، وغيره ، في اليوم الذي أحدثاه فيه ؟ ولم يحصل قبله بساعة ، أو يوم ، أو شهر ، أو سنة ؟ بل كانوا يعملون بالاصطلاح الأول ، فيكون اندراس تلك الأصول واختلاطها كله في ساعة واحدة ، أو يوم واحد ؟ .
وهذا معلوم البطلان ، عادة .
بل كلام الشهيد الثاني ، والشيخ بهاء الدين ، وغيرهما : صريح في خلاف هذه الدعوى .
وقد اعترف الشيخ بهاء الدين ، والشيخ حسن ، وغيرهما ، بأن المتأخرين ـ أيضا ـ كثيرا ما يسلكون مسلك المتقدمين ، ويعملون باصطلاحهم .
فعلم أن ذلك غير متعذر .
وقال الشيخ بهاء الدين ـ في ( مشرق الشمسين ) ـ :
المستفاد ـ من تصفح كتب علمائنا ، المؤلفة في السير ، والجرح والتعديل ـ أن اصحابنا الإمامية كان اجتنابهم ـ لمن كان ، من الشيعة ، على الحق أولا ، ثم أنكر إمامة بعض الأئمة عليهم السلام ـ في أقصى المراتب ،


( 204 )

بل كانوا يحترزون عن مجالستهم ، والتكلم معهم ، فضلا عن أخذ الحديث عنهم .
بل كان تظاهرهم بالعداوة لهم أشد من تظاهرهم بها للعامة ، فإنهم كانوا يتاقون العامة ، ويجالسونهم ، وينقلون عنهم ، ويظهرون لهم أنهم منهم ، خوفاً من شوكتهم ، لأن حكام الضلال منهم .
وأما هؤلاء المخذولون : فلم يكن لأصحابنا الإمامية ضرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال ، وخصوصا : الواقفة (1) ، فإن الإمامية كانوا في غاية الاجتناب لهم ، والتباعد عنهم ، حتى أنهم كانوا يسمونهم « الممطورة » أي الكلاب التي أصابها المطر .
وأئمتنا عليهم السلام كانوا ينهون شيعتهم عن مجالستهم ، ومخالطتهم ، ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلاة ، ويقولون : إنهم كفار ، مشركون ، زنادقة ، وأنهم شرّ من النواصب وأن من خالطهم فهو منهم .
وكتب أصحابنا مملوءة بذلك ، كما يظهر لمن تصفح كتاب ( الكشي ) وغيره .
فإذا قبل علماؤنا ـ وسيما المتأخرون منهم ـ رواية رواها رجل من ثقات الإمامية ، عن أحد من هؤلاء ، وعولوا عليها ، وقالوا بصحتها ، مع علمهم بحاله ؛ فقبولهم لها ، وقولهم بصحتها ، لابد من ابتنائه على وجه صحيح ، لا يتطرق به القدح إليهم ، ولا إلى ذلك الرجل ، الثقة ، الراوي عن من هذا حاله .
كأن يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقف .
أو بعد توبته ، ورجوعه إلى الحق .
أو أن النقل إنما وقع من أصله الذي ألّفه ، واشتهر عنه قبل الوقف .
____________
(1) كذا الصحيح وكان في كتابنا والمصدر : « الواقفية » وهو غلط ، إذ الفعل هو الوقف ، والفاعل : واقف ، وجمعه : الواقفة .
( 205 )

أو من كتابه الذي ألفه بعد الوقف ، ولكنه أخذ ذلك الكتاب عن شيوخ أصحابنا الذين عليهم الاعتماد ، ككتاب علي بن الحسن ؛ الطاطري ، فإنه وإن كان من أشد الواقفية (1) عنادا للإمامية ـ فإن الشيخ شهد له في ( الفهرست ) بأنه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم ، وروايتهم .
إلى غير ذلك من المحامل الصحيحة .
والظاهر : أن قبول المحقق رواية علي بن أبي حمزة ـ مع تعصبه في مذهبه الفاسد ـ مبني على ما هو الظاهر من كونها منقولة من أصله .
وتعليله يشعر بذلك ، فان الرجل من أصحاب الأصول .
وكذلك قول العلامة بصحة رواية إسحاق بن جرير عن الصادق عليه السلام ، فإنه ثقة من أصحاب الأصول ، أيضا .
وتأليف هؤلاء أصولهم كان قبل الوقف ، لأنه وقع في زمن الصادق عليه السلام .
فقد بلغناعن مشايخنا ـ قدس الله أرواحهم ـ : أنه قد كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا من أحد الأئمة عليهم السلام حديثا بادروا إلى إثباته في اصولهم ، لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه أو كلّه ، بتمادي الأيام ، وتوالي الشهور ، والأعوام .
والله أعلم بحقايق الأمور . انتهى (2) .
وهذا الكلام يستلزم الحكم بصحة أحاديث الكتب الأربعة ، وأمثالها ، من الكتب المعتمدة ، التي صرّح مؤلفوها وغيرهم بصحتها ، واهتموا بنقلها ورواياتها ، واعتمدوا ـ في دينهم ـ على ما فيها .
____________
(1) لاحظ التعليقة (1) في الصفحة السابقة .
(2) مشرق الشمسين ـ المطبوع مع الحبل المتين ( ص 273 ـ 275 ) .

( 206 )

ومثله يأتي في رواية الثقات ؛ الأجلاء ـ كأصحاب الإجماع ، ونحوهم ـ عن الضعفاء ، والكذابين ، والمجاهيل ، حيث يعلمون حالهم ، ويروون عنهم ، ويعملون بحديثهم ، ويشهدون بصحته .
وخصوصا مع العلم بكثرة طرقهم ، وكثرة الأصول الصحيحة عندهم وتمكنهم من العرض عليها ، بل على الأئمة عليهم السلام .
فلا بد من حمل فعلهم ، وشهادتهم بالصحة ، على وجه صحيح ، لا يتطرق به الطعن إليهم .
وإلا ، لزم ضعف جميع رواياتهم لظهور ضعفهم وكذبهم ، فلا يتم الاصطلاح الجديد .
وقد اعترف الشيخ حسن ـ في ( المعالم ) و ( المنتقى ) في عدة مواضع ـ بأن أحاديث كتبنا المعتمدة محفوفة بالقرائن ، وأن المتقدمين إلى زمن العلامة كانوا يعملون بالقرائن ، لا بهذا الاصطلاح المشهور بعده ، وأن المتأخرين قد يعملون بذلك أيضا (1) .
وقال السيد : رضي الدين ؛ علي بن طاوس ـ في كتاب ( كشف المحجة لثمرة المهجة ) في وصيّته لولده ـ :
روى الشيخ ، المتفق على ثقته ، وأمانته ؛ محمد بن يعقوب ؛ الكليني .
وهذاالشيخ كانت حياته في زمان وكلاء مولانا ؛ المهدي عليه السلام : عثمان بن سعيد العمري ، وولده ؛ أبي جعفر ؛ محمد ، وأبي القاسم ؛ الحسين بن روح ، وعلي بن محمد ؛ السمري ، رضي الله عنهم ، وتوفي
____________
(1) معالم الدين في الأصول ( ص 197 ) ، ومنتقى الجمان ( ج 1 ص 14 و 27 ) .
( 207 )

محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد ؛ السمري .
فتصانيف هذا الشيخ ، ورواياته ، في زمان الوكلاء المذكورين . انتهى (1) .
وهي قرينة واضحة على صحة كتبه ، وثبوتها ، لقدرته على استعلام أحوال الكتب التي نقل منها ـ لو كان عنده شك فيها ـ لروايته عن السفراء والوكلاء المذكورين وغيرهم ، وكونه معهم في بلد واحد ، غالبا .
وقد ذكر الشيخ ؛ بهاء الدين في الرسالة ( الوجيزة ) :
أن الكليني ألف ( الكافي ) في مدة عشرين سنة .
قال : ولجلالة قدره عده جماعة من علماء العامة ـ كابن الأثيرفي ( جامع الأصول ) ـ من المجدّدين لمذهب الإمامية على رأس المائة الثالثة ، بعد ما ذكرأن سيدنا ، وإمامنا ، علي بن موسى ؛ الرضا عليه السلام ، هو المجدد لذلك المذهب على رأس المائة الثانية .
انتهى (2) .
وقال المفيد رحمه الله في ( الإرشاد ) :
كان الصادق عليه السلام أنبه إخوته ذكْراً ، وأعظمهم قدرا ، وأجلهم في العامة والخاصة ، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر ذكره في البلدان ، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه ، فان أصحاب الحديث نقلوا أسماء الرواة عنه من الثقات ، على اختلافهم في الآراء والمقالات ، وكانوا أربعة آلاف رجل
انتهى (3) .
____________
(1) كشف المحجة لثمرة المهجة ( ص 159 ) .
(2) الوجيزة للبهائي ( ص 7 ) .
(3) الإرشاد للمفيد ( ص 270 ـ 271 ) .

( 208 )

ونقل ابن شهرآشوب في ( المناقب ) : أن الذين رووا عن الصادق عليه السلام من الثقات كانوا أربعة آلاف رجل ، وأن ابن عقدة ذكرهم في كتاب ( الرجال ) (1) .
ونقل ابن شهر آشوب ـ في كتاب ( معالم العلماء ) ـ عن المفيد : أنه قال : صنفت الإمامية ـ من عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى عهد أبي محمد ؛ الحسن ؛ العسكري عليه السلام ـ أربعمائة كتاب ، تسمى ( الأصول ) ، فهذا معنى قولهم : له أصل (2) .
وقال الطبرسي في ( إعلام الورى ) ـ :
روى عن الصادق عليه السلام ، من مشهوري أهل العلم ، أربعة آلاف إنسان ، وصنف ، من جواباته في المسائل ، أربعمائة كتاب ، معروفة ، تسمى ( الأصول ) رواها أصحابه ، وأصحاب ابنه موسى عليه السلام . انتهى (3) .
ولا منافاة بين العبارتين ، ولاتعارض بين النقلين ، وليس مفهوم العدد بحجة ، كما لا يخفى .
وقال المحقق ؛ أبو القاسم ؛ جعفر بن سعيد ـ في ( المعتبر ) ـ :
روى عن الصادق عليه السلام ، من الرجال ، ما يقارب أربعة آلاف رجل ، وبرز بتعليمه ، من الفقهاء ، الأفاضل ، جم غفير ، كزرارة بن أعين ، وإخوته : بكير ، وحمران ، وجميل بن صالح ، وجميل بن دراج ، ومحمد بن
____________
(1) مناقب آل أبي طالب ( ج 4 ص 247 ) .
(2) معالم العلماء ( ص 3 ) .
(3) إعلام الورى بأعلام الهدى ( ص 410 ) ، وقال أيضا : ولم ينقل عن أحد من سائر العلوم ما نقل عنه ، وإن اصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في المقالات والديانات ، « فكانوا أربعة ألاف رجل » اعلام الورى ( ص 284 ) .

( 209 )

مسلم ، وبريد بن معاوية ، والهشامين ، وأبي بصير ، وعبدالله ومحمد وعمران الحلبيين ، وعبدالله بن سنان ، وأبي الصباح الكناني ، وغيرهم ، من أعيان الفضلاء ، حتى كتبت ، من أجوبة مسائله ، أربعمائة مصنف ، لأربعمائة مصنف ، سموها اصولا (1) .
ثم قال : كان من تلامذة الجواد عليه السلام فضلاء ، كالحسين بن سعيد وأخيه ؛ الحسن ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ؛ البزنطي ، وأحمد بن محمد بن خالد ؛ البرقي ، وشاذان ؛ أبي الفضل ؛ القمي ، وأيوب بن نوح بن دراج ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، وغيرهم ممن يطول تعدادهم ، وكتبهم ـ الآن ـ منقولة بين الأصحاب ، دالة على العلم الغزير (2) .
ثم قال : اجتزأت بإيراد كلام من اشتهر علمه وفضله ، وعرف تقدمه في نقد (3) الأخبار ، وصحّة الاختيار ، وجودة الاعتبار .
واقتصرت من كتب هؤلاء الأفاضل على ما بان فيه اجتهادهم وعرف به اهتمامهم ، وعليه اعتمادهم .
فممن اخترت نقله : الحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، والحسين بن سعيد ، والفضل بن شاذان ، ويونس بن عبد الرحمن ، ومن المتأخرين : أبو جعفر ؛ محمد بن علي بن بابويه ، ومحمد بن يعقوب ؛ الكليني . انتهى (4) .
____________
(1) المعتبر ( 1 | 26 ) .
(2) كذا في الأصل ، وفي المصححتين : الغريز
(3) كذا في الأصل والمصححة ، لكن المطبوع في ( المعتبر ) ( نقل ) باللام .
(4) إلى هنا ورد في المعتبر ( ص 7 ) لكن لكلامه تتمة ضرورية ، وهي قوله :
ومن أصحاب كتب الفتاوى : علي ابن بابويه ، وأبو علي ابن الجنيد ، والحسن بن أبي عقيل ؛ العماني ، والمفيد ؛ محمد بن محمد النعمان ، وعلم الهدى ، والشيخ ؛ أبو جعفر ؛ محمد بن الحسن ؛ الطوسي .

( 210 )

وقال المحقق ـ أيضا ـ في كتاب الأصول ـ :
ذهب شيخنا أبوجعفر إلى العمل بخبر العدل من رواة أصحابنا ، لكن لفظه ، وإن كان مطلقا ، فعند التحقيق يتبين أنه لا يعمل بالخبر مطلقا ، بل بهذه الأخبار المروية عن الأئمة عليهم السلام ، ودونها الأصحاب ، لا أن كل خبر يرويه إمامي يجب العمل به .
هذا الذي تبين لي من كلامه ، ونقل إجماع الأصحاب على العمل بهذه الأخبار .
حتى لو رواها غير الإمامي ، وكان الخبر سليما عن المعارض ، واشتهر نقله في هذه الكتب الدائرة بين الأصحاب ، عمل به .
انتهى (1) .
وقال ـ أيضا ، في ( المعتبر ) في بحث الخمس ، بعد ما ذكر خبرين مرسلين ـ :
الذي ينبغي العمل به اتباع ما نقله الأصحاب ، وأفتى به الفضلاء ، وإذا سلم النقل عن المعارض ، ومن المنكر ، لم يقدح إرسال الرواية الموافقة لفتواهم .
فإنا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة ، والشافعي ، وإن كان الناقل عنهم ممن لا يعتمد على قوله ، وربما لم يعلم نسبته إلى صاحب المقالة .
ولو قال إنسان : « لاأعلم مذهب أبي هاشم في الكلام ، ولا مذهب الشافعي في الفقه ، لانه لم ينقل مسندا ، كان متجاهلا » .
وكذا مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ينسب إليهم بحكاية بعض
____________
(1) المعارج في الأصول ( ص 147 ) .
( 211 )

شيعتهم ، سواء ارسل أو اسند ، إذا لم ينقل عنهم ما يعارضه ، ولارده الفضلاء منهم . انتهى (1) .
وقال ابن إدريس ـ في آخر ( السرائر ) ـ :
باب الزيادات : فيما انتزعته ، واستطرفته من كتب المشيخة المصنفين ، والرواة المحصلين ، وستقف على أسمائهم :
فمن ذلك : ما رواه موسى بن بكر ، في كتابه .
وأورد أحاديث كثيرة ، ثم قال :
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب معاوية بن عمار .
وأورد أحاديث كثيرة ، ثم قال :
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر ؛ البزنطي ، صاحب الرضا عليه السلام .
ومن ذلك : ما أورده أبان بن تغلب ؛ صاحب الباقر ، والصادق عليهما السلام ، في كتابه .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب جميل بن دراج .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب السياري ، واسمه : أبو عبدالله : صاحب موسى ، والرضا عليهما السلام .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب جامع البزنطيّ ، صاحب الرضا عليه السلام .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم مولانا علي بن محمد ، الهادي عليهما السلام ، والأجوبة عن ذلك .
____________
(1) المعتبر ( ج 2 ص 639 ) .
( 212 )

ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب المشيخة ، تصنيف الحسن بن محبوب ؛ السراد ؛ صاحب الرضا عليه السلام .
وهو ثقة عند أصحابنا ، جليل القدر ، كثير الرواية ، أحد الأركان الأربعة في عصره ، وكتاب المشيخة : كتاب معتمد .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب نوادر المصنف ، تصنيف محمد بن علي بن محبوب .
وكان هذا الكتاب بخط شيخنا أبي جعفر ؛ الطوسي ، فنقلت هذه الأحاديث من خطه .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من ( كتاب من لا يحضره الفقيه ) ، لابن بابويه .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب ( قرب الإسناد ) ، تصنيف محمد بن عبدالله بن جعفر ؛ الحميري .
ومما استطرفناه ، من كتاب جعفر بن محمد بن سنان ؛ الدهقان .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب ( تهذيب الأحكام ) .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب عبدالله بن بكير بن أعين .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب أبي القاسم ابن قولويه .
ومما استطرفناه ، من كتاب ( أنس العالم ) ، تصنيف الصفواني .
ومما استطرفناه ، من كتاب ( المحاسن ) ، تصنيف أحمد بن أبي عبدالله ؛ البرقي .
ومن ذلك : ما استطرفناه ، من كتاب ( العيون والمحاسن ) تصنيف المفيد . انتهى (1) .
____________
(1) السرائر ( ص 471 ـ 493 ) ، وقد طبع باسم ( مستطرفات السرائر ) .
( 213 )

وقد أورد من كل كتاب ، من الكتب المذكورة ، أحاديث كثيرة .
وقد ذكر السيد ؛ رضي الدين ؛ بن طاوس ، في كتبه ما يدل على أن أكثر الكتب المذكورة ، وغيرها من أمثالها ، من أصول أصحاب الأئمة عليهم السلام كانت عنده ، ونقل منها شيئا كثيرا ، ونحن نقلنا من ذلك أحاديث كثيرة ، كما مر .
ومعلوم أن كتب القدماء إنما اندرست بعد ذلك ، لوجود ما يغني عنها ، بل هو أوثق منها ، مثل الكتب الأربعة ن وغيرها ، مما تقدم ذكره من الكتب المعتمدة ، التي هي أحسن ترتيبا ، وتهذيبا ، وفي بعضها كفاية .
بل قد ذكر الشهيد في ( الذكرى ) والكفعمي في ( مصباحه ) قريبا من ذلك ، وصرحا : بأن كثيرا من اصول القدماء ، وكتبهم ، كانت موجودة عندهما .
فما الظن بأصحاب الكتب الأربعة ، وأمثالهم ؟ ! .
وقد علم من كلام المحقق ، وابن إدريس : الشهادة لهذه الكتب بالصحة ، والثبوت ، والاعتماد .
ومعلوم من مذهبهما : أنهما لايعملان بخبر الواحد ، الخالي عن القرينة المفيدة للعلم والقطع .
وكذلك السيد المرتضى ـ مع أنه لا يعمل بخبر الواحد الخالي عن القرينة ـ قد شهد لهذه الأحاديث ـ المشار إليها ـ بالصحّة ، والثبوت ـ كما نقله صاحب المعالم ، والمنتقى ـ فقال :
إن أكثر أحاديثنا ، المروية في كتبنا ، معلومة ، مقطوع على صحتها :
إما بالتواتر من طريق الإشاعة ، والإذاعة .
وإما بعلامة ، وأمارة دلت على صحتها ، وصدق رواتها .


( 214 )

فهي موجبة للعلم ، مقتضية للقطع ، وإن وجدناها مودعة في الكتب بسند معين مخصوص من طريق الآحاد .
انتهى (1) .
وقال أيضا ـ كما نقله عنه صاحب المعالم ـ : أن معظم الفقه ، تعلم مذاهب أئمتنا عليهم السلام فيه ، بالضرورة ، وبالأخبار المتواترة .
وما لم يتحقق ذلك فيه ـ ولعله الأقل ـ يعول فيه على إجماع الإمامية . انتهى (2) .
ومراده بإجماع الإمامية : إجماعهم على نقل الحكم عن الإمام ، كوجوده في الكتب المجمع عليها ، وهو اجماع على الرواية لا على الرأي .
فيكون الخبر محفوفا بالقرينة ، وهي الإجماع وغيره ، صرح بذلك في رسالة اخرى له .
وقد ذكرالمفيد ، والسيد المرتضى ، في مواضع من كتبهما : أن الأحاديث المتواترة عندنا أكثر من أن تحصى .
وإنما قال السيد المرتضى في العبارة السابقة : « أكثر أحاديثنا » :
إما : لأن بعض الكتب كانت غير معتمدة ، وكانت متميزة عن الكتب المعتمدة وكانت أكثر مؤلفات الشيعة معتمدة ، معلومة ، مجمعا عليها .
وإما : لأن أحاديث الكتب المعتمدة ـ التي يقطع بثبوتها عنهم عليهم السلام ـ فيها ماله معارض أقوى منه ، فلا يوجب العلم والعمل ، وإن أوجب العلم بثبوته عن المعصوم ، فلا يعلم كونه حكم الله ، بل يعلم كونه من باب التقية ـ مثلا ـ .
____________
(1) معالم الدين ( ص 197 ) ومنتقى الجمان ( ج 1 ص 2 ـ 3 ) .
(2) معالم الدين ( ص 196 ) .

( 215 )

فمراده بالصحة هنا : المعنى الأخص ، أعني ثبوت النقل ، وانتفاء المعارض المساوي أو الراجح كما يأتي .
ومن تأمل كتابنا هذا ، حق التأمل ، وعرف أحوال الرجال ، والكتب ، حق العرفة ، تيقن صدق دعوى السيّد المرتضى رضي الله عنه .
وأما ما يوجد في بعض كلامه من الطعن في ظواهر الأخبار ، فوجهه ظاهر : لوجود معارضها ، وعدم إمكان العمل بظاهرها .
أو لأن مراده بالأخبار ـ هناك ـ أعم من أخبار الكتب المعتمدة ، وغيرها .
وذلك كله واضح .
مع أن الشيخ في ( العدة ) أشار إلى دفع ذلك : بأنه إنما يقول برد الأخبار التي يرويها المخالفون ، لا ما يرويه ثقات الإمامية .
وقد صرح الشيخ ؛ حسن في ( المنتقى ) و ( المعالم ) ـ أيضا ـ : بأن أحاديث الكتب الأربعة وأمثالها محفوفة بالقرائن ، وأنها منقولة من الأصول ، والكتب المجمع عليها بغير تغيير (1) .
ومن المواضع التي صرح فيها بذلك : بحث ( الإجازة ) من ( المعالم ) ، فإنه قال : إن أثر الإجازة بالنسبة إلى العمل إنما يظهر حيث لا يكون متعلقها معلوما بالتواتر ونحوه ، ككتب أخبارنا الأربعة ، فإنها متواترة إجمالا ، والعلم بصحة مضامينها تفصيلا يستفاد من قرائن الأحوال ، ولا مدخل للإجازة فيه غالبا .
____________
(1) منتفى الجمان ( 1 | 27 ) .
( 216 )

انتهى (1) .
ومعلوم أن حال كتب المتقدمين كانت في زمان مؤلفي الكتب الأربعة كذلك ، بل كانت أوضح ، وأوثق من ذلك .
وقد ذكر الشهيد في ( الذكرى ) ـ مما يدل على وجوب اتباع مذهب الإمامية ـ وجوها كثيرة ، منها : اتفاق الأمة على طهارة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، وشرف اصولهم ، وظهور عدالتهم ، مع تواتر الشيعة إليهم ، والنقل عنهم ، بما لا سبيل إلى إنكاره .
حتى أن أبا عبدالله ؛ جعفر بن محمد ، الصادق عليه السلام ، كتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف ، لأربعمائة مصنف ودوّن ـ من رجاله المعروفين ـ أربعة آلاف رجل ، من أهل العراق ، والحجاز ، وخراسان ، والشام .
وكذلك عن مولانا الباقر عليه السلام .
ورجال باقي الأئمة عليهم السلام معروفون ، مشهورون ، أولو مصنفات مشهورة ، وقد ذكر كثيراً منهم العامة في رجالهم .
وبالجملة : إسناد النقل ، والنقلة عنهم عليهم السلام ، يزيد ـ أضعافا كثيرة ـ عن النقلة عن كل واحد من رؤساء العامة .
فالإنصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم .
وحينئذ فنقول : الجمع بين عدالتهم ، وثبوت هذا النقل عنهم ، مع بطلانه ، مما يأباه العقل ، ويبطله الاعتبار بالضرورة .
إلى أن قال : وكتاب ( الكافي ) لأبي جعفر ؛ الكليني ـ وحده يزيد
____________
(1) معالم الدين في الأصول ( ص 213 ) .
( 217 )

على ما في الصحاح الستة للعامة ، متونا وأسانيد .
وكتاب ( مدينة العلم ) و ( من لا يحضره الفقيه ) قريب من ذلك .
وكتاب ( التهذيب ) و ( الاستبصار ) نحو ذلك .
وغيرها مما يطول تعداده ، بالأسانيد الصحيحة ، المتصلة ، المنتقدة ، والحسان ، والقوية .
والإنكار ـ بعد ذلك ـ مكابرة محضة ، وتعصب صرف .
انتهى (1) .
ومصنفات الصدوق ، وأكثر الكتب التي ذكرناها ، ونقلنا منها ، معلومة النسبة إلى مؤلفيها ، بالتواتر ، وهي إلى الآن في غاية الشهرة .
والباقي ـ منها ـ :
علم بالأخبار المحفوفة بالقرائن .
وذكرها علماء الرجال ، وغيرهم ، في مؤلفاتهم .
واعتمد على نقلها علماء الأعلام .
ووجدت بخطوط ثقات الأفاضل .
ورأينا على نسخها خطوط علمائنا ـ المتأخرين ، وجمع من المتقدمين ، بحيث لا مجال إلى الشك في صحتها ، وثبوتها عن مؤلفيها .
وأكثرها لا يقصر في الشهرة والتواتر عن الكتب الأربعة المذكورة أولا ، بل التحقيق والتأمل يقتضي تواتر الجميع .
على أن أدناها رتبة ـ في الوثوق والاعتماد ـ مقصور على أخبار السنن والآداب ، التي لا يحتاج في إثباتها إلى زيادة القرائن ، لكون أكثرها من
____________
(1) الذكرى ، للشهيد ص 6 السطر 16 .
( 218 )

الضروريات ، المعلومة بالتواتر المعنويّ ، التي دل على مضمونها أحاديث أخر معتمدة .
وقد عرفت شهادة جماعة ـ من ثقات علمائنا المعتمدين ـ بصحة هذه الكتب ، عموماً أَو خُصوصاً .
وكذلك أكثر المتقدمين والمتأخرين ـ من علماء الرجال وغيرهم ـ قد اتفقت شهادتهم بنحو ذلك .
وما نقلناه كافٍ ، ويأتي مايؤيده إن شاء الله (1) .
____________
(1) في الفائدء التاسعة من هذه الخاتمة .
( 219 )

الفائدة السابعة

( التوثيقات العامة )


( 220 )


( 221 )

في ذكر أصحاب الإجماع ، وأمثالهم ، كأصحاب الأصول ، ونحوهم ، والجماعة الذين وثقهم الأئمة عليهم السلام ، وأثنوا عليهم ، وأمروا بالرجوع إليهم ، والعمل برواياتهم ، والذين عرفت عدالتهم بالتواتر ، فيحصل بوجودهم في السند قرينة توجب ثبوت النقل والوثوق ، وإن رووا بواسطة .
قال الشيخ ؛ الثقة ؛ الجليل ؛ أبوعمرو ؛ الكشي ـ في كتاب ( الرجال ) ـ : ما هذا لفظه :
قال الكشي : أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء ؛ الأولين ، من أصحاب أبي جعفر ، وأبي عبدالله عليهما السلام ، وانقادوا لهم بالفقه ، فقالوا : أفقه الأولين ستة :
زرارة .
ومعروف بن خربوذ .
وبريد .
وأبو بصير ؛ الأسدي .
والفضيل بن يسار .
ومحمد بن مسلم ؛ الطائفيّ .