قيمة فتاوى الصحابة
(705) عن الاَزدية قالت: حججت فدخلت على اُمّ سلمة فقلت: يا أُمّ المؤمنين، انّ سمرة بن جندب يأمر النساء يقضين صلاة المحيض...(1) .
(706) عن عبد الرحمن بن أبزي قال: كنت عند عمر فجاءه رجل فقال: انّا نكون بالمكان الشهر والشهرين، فقال عمر: أما أنا فلم أكن اُصلّي حتّى أجد الماء، فقال عمّار:...(2). وقد تقدم بحثه.
(707) عن ابن عباس: أصاب رجلاً جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم احتلم فاُمر بالاغتسال، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العيِّ السؤال»(3).
(708) عن عطاء: اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعاً فصلاّهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتّى صلّى العصر(4).
أقول: وعليه، فصلّى الجمعة قبل الزوال بكرة وهو باطل قطعاً، فهو قد ترك الظهر.

تشييد المساجد
(709) عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اُمرت بتشييد المساجد»(5).

الاَذان
ورد فيه روايات متعارضة في عدد كلماته وكلمات الاقامة، ولم ترد
____________
(1) سنن أبي داود 1: 83.
(2) سنن أبي داود 1: 87.
(3) سنن أبي داود 1: 92.
(4) سنن أبي داود 1: 281.
(5) سنن أبي داود 1: 122.

( 374 )
(الصلاة خير من النوم) إلاّ في رواية أبي مخدورة (محذورة)، ومع هذا التعارض يشكل الاعتماد عليها(1).

تناقض في تكرار الصلاة
(710) عن سليمان: قال أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلّون فقلت: ألا تصلّي معهم؟
قال: قد صلّيت، انّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصلّوا صلاة في يوم مرتين»(2).
(711) عن جابر: انّ معاذ بن جبل يصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يأتي قومه فيصلّي بهم تلك الصلاة(3).
ووردت روايات عن اشياء تقطع الصلاة ثم ورد: «لا يقطع الصلاة شيء!»(4).

إمامة الفاجر ومرتكب الكبائر
(712) عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة المكتوبة واجبة خلف كلّ مسلم، برّاً كان أو فاجراً، وان عمل الكبائر»(5).

حول البسملة
(713) عن عائشة: كان رسول الله يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله ربّ العالمين(6).
____________
(1) انظر سنن أبي داود 1: 132 ـ 139، وكذا في غيره من الكتب الستة.
(2) سنن أبي داود 1: 156.
(3) سنن أبي داود 1: 161.
(4) سنن أبي داود 1: 189.
(5) سنن أبي داود 1: 160.
(6) سنن أبي داود 1: 206.

( 375 )
(714) عن أنس: انّ النبي وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتحون القراءة بالحمد لله ربّ العالمين.
أقول: وعدم ذكر علي إمّا لاَجل تنفر أنس عن اسمه كما هو الحال في بعض روايات عبدالله بن عمر، أو لاَجل الخوف من السلطة الاموية الغاشمة العدوة لعلي، وعدم ذكر علي في عداد أسامي الخلفاء في الاَحاديث غير نادر، ثم الحديثان يدلاّن على عدم لزوم قراءة البسملة في الفاتحة مع انّها آية قرآنية وجزء من السور. وربما يتأول بأنّ البسملة لم تُقرأ جهراً.
(715) عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اُنزلت عليَّ آنفاً سورة» فقرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم إنّا أعطيناك الكوثر» حتّى ختمها، فقال: «هل تدرون ما الكوثر؟».
قال: الله ورسوله أعلم.
قال: «نهر وعدنيه في الجنة»(1).
(716) عن ابن عباس: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الانفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطر «بسم الله الرحمن الرحيم»؟
قال عثمان: كان النبي ممّا ينزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له: «ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول: مثل ذلك، وكانت الاَنفال من أول ما [أُ] نزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها
____________
(1) سنن أبي داود 1: 207.

( 376 )
قصتها شبيهة بقصتها فظننت انّها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر «بسم الله الرحمن الرحيم»(1).
يستفاد من الحديث امور:
1 ـ المركوز في اذهان المسلمين انّ كلّ سورة لها بسملة.
2 ـ انّ ترتيب الآيات في السور انّما وقع في زمانه صلى الله عليه وسلم.
3 ـ انّه لم يكن تابعاً لترتيب النزول، بل بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم.
4 ـ انّ ترك البسملة في أول سورة البراءة من اجتهاد عثمان فهو حذفها ونقص القرآن.
(717) وعن ابن عباس: كان النبي لا يعرف فصل السورة حتّى تنزل عليه «بسم الله الرحمن الرحيم»(2).

نادرة في القراءة
(718) عن ابن عباس قال: لا أدري أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر أم لا(3).
واعجب منه ما نقل عنه ـ في جواب من سأل: أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟ ـ قوله: لا، لا، فقيل له: فلعلّه كان يقرأ في نفسه، فقال: خمشاً(4) هذه شر من الاَول، كان عبداً مأموراً بلّغ ما اُرسل إليه...
أقول: تأمل وتعجّب من الحديث! وقد مرّ في حديث انّه يجهر ببعض القراءة في صلاة الظهر!
____________
(1) سنن أبي داود 1: 207 ـ 208.
(2) سنن أبي داود 1: 208.
(3) سنن أبي داود 1: 213.
(4) خمشاً: دعا عليه بان يُخْمشَ وجهه أو جلده، كما يقال جدعاً وقطعاً، «النهاية لابن الاثير 2: 80».

( 377 )
النبي صلى الله عليه وسلم نسي القراءة
(719) عن أبي عبادة... صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتبست عليه القراءة.
وفي حديث: ثقلت...(1) .
وعن ابن عمر: انّ النبي صلّى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلمّا انصرف قال لاَبي: أُصلّيت معنا؟».
قال: نعم.
قال: «فما منعك؟»(2).
أقول: القرآن يبطل هذا الحديث بقوله: (سنقرئك فلا تنسى)(3).

بعض أحكام الصلاة
(720) انّه صلى الله عليه وسلم يقعد بعد السجدة الآخرة في الركعة الاولى ثم يقوم.... يدلّ عليه ثلاث روايات(4).
وفي رواية عن أنس: واذا قال: «سمع الله لمن حمده» قام حتّى نقول قد وهم(أوهم)، ثم يكبّر ويسجد، وكان يقعد بين السجدتين حتّى نقول قد وهم(5)

الالتفات في الصلاة
(721) عن عائشة: سألت رسول الله عن التفات الرجل في الصلاة، فقال: «(انّما) هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد»(6).
(722) عن سهل: ثوِّب بالصلاة ـ يعني صلاة الصبح ـ فجعل رسول
____________
(1) سنن أبي داود 1: 206.
(2) سنن أبي داود 1: 238.
(3) الاعلى 87: 6.
(4) انظر سنن أبي داود 1: 222.
(5) سنن أبي داود 1: 224، وانظر: 310 أيضاً.
(6) سنن أبي داود 1: 238.

( 378 )
الله يصلّي وهو يلتفت إلى الشعب، وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس(1).
أقول: لاحظ الحديثين واعتبر!

تناقض عن السيدة
(723) عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، فإذا صلّى قائماً ركع قائماً، واذا صلّى قاعداً ركع قاعداً(2).
(724) وعنها: انّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي جالساً فيقرأ وهو جالس، واذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع، ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك.
أقول: أيّهما صحيح؟ ويحكي كلّ منهما لمكان لفظ (كان) عن عادته صلى الله عليه وسلم.

سجدتا السهو
هل هما قبل التسليم أو بعده؟ الروايات فيهما مختلفة(3).

الرد على الوهابية الضالة
(725) عن أوس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ من أفضل أيّامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فاكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فانّ صلاتكم معروضة عليَّ».
قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرِمْتَ؟ يقولون: بليت.
____________
(1) سنن أبي داود 1: 240.
(2) سنن أبي داود 1: 250.
(3) انظر سنن أبي داود 1: 270 ـ 274.

( 379 )
فقال: «إنّ الله عزّ وجلّ حرّم على الاَرض أجساد الانبياء»(1).
أقول وحتّى اذا لم يحرّمها عليها فانّ أرواحهم الطاهرة أقوى من أرواح الشهداء الذين يرزقون عند ربّهم ولها ادراك. وعلى كلّ، انّ أرواح الانبياء قادرة وحدها ومع اجسادها لعرض الاَعمال عليها، فيجوز الاستشفاع والتوسل بها.
(726) عن أبي هريرة: انّ رسول الله قال: «ما من أحد يسلّم عليَّ إلاّ ردّ الله علَيَّ روحي حتّى اردّ عليه السلام»(2).
أقول: والصحيح: إلاّ ردّه الله على روحي حتّى أردّ...
(727) وعنه:... وصلّوا عليَّ فان صلاتكم تبلغني حيث كنتم»(3).
(728) وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم انّه قال: «انّ العبد اذا وضع في قبره وتولّى عنه اصحابه انّه ليسمع قرع نعالهم»(4).
(729) عن أبي هريرة: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون..»(5).

ساعة يستجاب فيها الدعاء في يوم الجمعة
(730) يحدّث أبو موسى الاَشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي ما بين أن يجلس الامام إلى أن تقضى الصلاة(6).
____________
(1) سنن أبي داود 1: 275، وانظر سنن ابن ماجة حديث 1085، رواه عن شداد بن أوس، وحديث 1636 و1637 حيث رواه عن أوس ابن أوس وعن أبي الدرداء، ولاحظ سنن النسائي 3: 91.
(2) سنن أبي داود 2: 224.
(3) سنن أبي داود 2: 225.
(4) سنن أبي داود 3: 215.
(5) سنن النسائي 1: 94.
(6) سنن أبي داود 1: 276.

( 380 )
ويحدث جابر عنه صلى الله عليه وسلم: «فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر»(1).

صلاة الجمعة في غير المسجد النبوي
(731) عن ابن عباس: انّ أول جمعة جمعت في الاسلام بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة لجمعة بجواثاء قرية من قرى البحرين.
قال عثمان ـ شيخ المؤلف ـ: قرية من قرى عبد القيس(2).
(732) عن عبد الرحمن:... لانّه (أي اسعد بن زرارة) أول من جمَّع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة، في نقيع يقال له نقيع الخضمات(3)، قلت: كم انتم يؤمئذ؟ قال: أربعون(4).

اظهار اليدين عند الدعاء
(733) عن سهل: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه قط يدعو على منبره ولا (على) غيره، ولكن رأيته يقول هكذا. واشار بالسبابة وعقد الوسطى بالابهام(5).
(734) عن عائشة في صلاة الاستسقاء... ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع...(6) .
أقول: لا تناقض بين الحديثين، لانّ سهلاً ادّعى عدم رؤيته، نعم
____________
(1) سنن أبي داود 1: 275.
(2) سنن أبي داود 1: 280.
(3) نقيع الخضمات: موضع بنواحي المدينة. «النهاية لابن الاثير 2: 44».
(4) سنن أبي داود 1: 281.
(5) سنن أبي داود 1: 288.
(6) سنن أبي داود 1: 304.

( 381 )
الحديث يسلب الاعتماد عن امثال الادعاء المذكور.

صلاة الكسوف
اختلفت الروايات في ذلك، ففي بعضها: انّه صلى الله عليه وسلم ركع في كل ركعة ثلاث ركعات، أي ست ركعات في اربع سجدات.
وفي بعضها: انّه صلى الله عليه وسلم ركع أربع ركعات وأربع سجدات.
وفي بعضها: ركع خمس ركعات وسجد سجدتين، وقام في الثانية بمثل ذلك.
وفي بعضها: انّه صلى الله عليه وسلم ركع أربع ركعات في كلّ ركعة.
وفي بعضها: انّه صلّى ركعتين بركوعين، في كلّ ركعة ركوعاً(1).
أقول: قد عرفت في أول الكتاب علل اختلاف الاَحاديث.
وأبو داود يعنون عدة من الاَبواب في الاَحاديث المتضاربة والمختلفة بقوله: باب من قال كذا وكذا، وباب من قال كذا وكذا، فينسب الاَحاديث المختلفة إلى الرواة دون النبي صلى الله عليه وسلم، ولعلّه يتوقّف في صحة انتسابها إلى النبي الاَكرم ويحتمل انّها من الرواة نسبوها إليه صلى الله عليه وسلم عمداً أو سهواً، وهذا هو الطريق الصحيح، بل لا يمكن نسبة المتعارضين إليه صلى الله عليه وسلم.

الجمع بين الصلاتين
أورد أبو داود (15) حديثاً في الجمع بين الصلاتين، بعضها نص لا يقبل التأويل والحمل على الجمع الصوري.
(735) عن معاذ بن جبل: انّ رسول الله كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، وإن يرتحل قبل أن تزيغ
____________
(1) انظر سنن أبي داود 1: 305 ـ 308.

( 382 )
الشمس أخّر الظهر حتّى ينزل للعصر، وفي المغرب مثل ذلك، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيب الشمس أخّر المغرب حتّى ينزل للعشاء، ثم جمع بينهما(1).
أقول: الحديث يدلّ على صحة الجمع المعنوي بكلا قسميه، أي جمع تقديم وتأخير.
وأمّا ما روي:
(736) عن ابن عمر: ما جمع رسول الله بين المغرب والعشاء قط في السفر إلاّ مرة. فهو غلط، على انّه روي موقوفاً على ابن عمر، وانّه لم ير انّه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما إلاّ مرة، بل هو معارض بما نقل عنه انّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جدّ صلّى صلاتي هذه. أي جمع جمع تأخير(2).
(737) وعن ابن عباس: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، في غير خوف ولا سفر(3).
(738) وعنه: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج اُمّته(4).
أقول: اتيان الظهر في آخر وقته واتيان العصر في أول وقته لا ينفي الحرج قطعاً، بل معرفة آخر وقت الظهر وأول وقت العصر لا تتيسّر لاَغلب المكلّفين كما اعترف به ابن عبد البر أيضاً، فالرواية نص في جواز الجمع
____________
(1) سنن أبي داود 2: 5.
(2) سنن أبي داود 2: 7.
(3) سنن أبي داود 2: 6.
(4) سنن أبي داود 2: 6.

( 383 )
المعنوي في الحضر والسفر،
يقول وحيد الزمان في تعليقته على المقام: انّ الجمع المعنوي بقسميه ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وهو عند أكثر العلماء صحيح في السفر، وفي الحضر اختلاف لم يجوّزه الاَئمّة الاَربعة، لكن مشايخ المحدّثين وطائفة من السلف يقولون بصحته، وأدلّة المنكرين ضعيفة. ثم نقل عن الزرقاني: انّ جماعة من الاَئمّة جوّزوا الجمع بين الصلاتين في الحضر بشرط أن لا يجعل عادة، وهذا قول ابن سيرين، وربيعة، والشهب، وابن المنذر، والقفال، وجماعة من المحدثين.
أقول: لا دليل على المنع سوى الاتباع والتقليد عن الاَئمّة الاَربعة، وهو في مقابل النصوص باطل.

أقوال الصحابة المتضاربة
(739) عن عمران بن حصين:... وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثماني عشر ليلة لا يصلّي إلاّ ركعتين(1).
(740) عن ابن عباس: انّه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبع عشرة يقصّر الصلاة.
قال ابن عباس: ومن أقام سبع عشرة قصّر، ومن أقام أكثر أتمّ.
(741) وعنه: انّه صلى الله عليه وسلم أقام تسع عشرة.
(742) وعنه: أقام صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمس عشرة(2).
(743) عن أنس بن مالك:... فقلنا هل أقمتم بها شيئاً؟ قال: أقمنا عشراً(3).
أقول: فهذا خمسة أقوال من الصحابة والرواة في أمر محسوس، فلا عبرة بأقوالهم فضلاً عن آرائهم، ولا يغتر بها إلاّ قليل العقل، وقلّة العقل
____________
(1) سنن أبي داود 2: 10.
(2) سنن أبي داود 2: 10.
(3) سنن أبي داود 2: 10.

( 384 )
هي التي تنتج الغلو.
ثم المنقول عن سفيان الثوري وأهل الكوفة: وجوب التمام باقامة خمسة عشر يوماً.
وعن مالك والشافعي واحمد: وجوبه باقامة أربعة أيام.
وعن بعضهم: تسعة عشر يوماً.
وأمّا اذا لم يقصد الاقامة فيقصر وإن مضى على سفره عدة سنوات، وعليه اجماع أهل السنة كما يدعيه وحيد الزمان في تعليقته.

صلاة الخوف
(744) يظهر من رواية سهل انّها ركعتان، ويعارضها ما يدلّ على انّها ركعة(1).

صلاة التسبيح
(745) وقد علّمها النبي صلى الله عليه وسلم للعباس وابن عمر وجعفر في ثلاثة أحاديث، وفيها فضل كثير(2).
أقول: وهي المشهورة بصلاة جعفر عند الشيعة.

صلاة الليل
ذكر فيها أحاديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وفيها اختلافات وتفاوت.

ليلة القدر
والاَحاديث فيها مختلفة، ففي بعضها: انّها ليلة 22 أو ليلة 23.
وفي بعضها: انّها 23، فانّ عبدالله بن أنيس الجهني قال له صلى الله عليه وسلم: انّ لي بادية أكون فيها... فمرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد، فقال: «انزل
____________
(1) انظر سنن أبي داود 2: 12 و 17.
(2) انظر سنن أبي داود 2: 29 و30.

( 385 )
ليلة ثلاث وعشرين»(1).
وفي بعضها: ليلة 21.
وفي بعضها: «التمسوها في العشر الاَواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة (أي 21)، والسابعة (أي 23)، والخامسة (أي 25)».
وفي بعضها: «اطلبوها ليلة 17 من رمضان، وليلة 21، وليلة 23» ثم سكت.
وفي بعضها: تحروها في السبع الاَواخر.
وعن معاوية عنه صلى الله عليه وسلم: «ليلة 27».
(746) وعن ابن عمر: سئل رسول الله ـ وأنا اسمع ـ عن ليلة القدر، فقال: «هي في كل رمضان»(2).

القنوت في الصلاة
(747) عن ابن عباس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كلّ صلاة اذا قال: «سمع الله لمن حمده» من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سليم وعلى... ويؤمّن من خلفه(3). وفي الباب احاديث.


الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم
(748) عن جابر: انّ امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: صلّ عليَّ وعلى زوجي، فقال النبي: «صلّى الله عليك وعلى زوجك»(4).
____________
(1) سنن أبي داود 2: 53.
(2) سنن أبي داود 2: 55.
(3) سنن أبي داود 2: 69.
(4) سنن أبي داود 2: 90.

( 386 )
نظر الخليفة في صدقة الفطر
(749) عن ابن عمر: كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير أو تمر أو سلت(1) أو زبيب، فلمّا كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الاَشياء(2).

متعة الحج
(750) عن جابر: أقبلنا مهلّين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفرداً... طفنا بالكعبة وبالصفا والمروة، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يحلّ منّا من لم يكن معه هدي، قال: فقلنا: حل ماذا؟ فقال: «الحل كلّه» فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا، وليس بيننا وبين عرفة إلاّ أربع ليال...(3).
(751) وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كلّه، وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»(4).
قال أبو داود: هذا منكر، انّما هو قول ابن عباس.
أقول: انكاره مردود عليه.

الحكم والفتوى
(752) عن أبي الطفيل: قلت لابن عباس: يزعم قومك انّ رسول الله قد رمل(5) بالبيت وان ذلك سنّة، قال: صدقوا وكذبوا... صدقوا قد رمل
____________
(1) السُلْتُ: ضرب من الشعير ليس له قشر، كأنّه حنطة، «الصحاح ـ سلت ـ 1: 253».
(2) سنن أبي داود 2: 115.
(3) سنن أبي داود 2: 160.
(4) سنن أبي داود 2: 161.
(5) رَمَلَ: اذا اسرع في المشي وهزَّ منكبيه. «النهاية لابن الاثير 2: 265».

( 387 )
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا ليس بسنّة، انّ قريشاً قالت زمن الحديبية: دعوا محمّداً واصحابه حتّى يموت موت النّغف(1)... فقال رسول الله: «ارملوا بالبيت ثلاثاً»...(2) .
(753) وعن عمر: فيم الرملان (اليوم) والكشف عن المناكب، وقد أطَّأَ الله الاسلام ونفي الكفر وأهله، ومع ذلك لا ندع...(3) .
أقول: الحكم ينشأ من قبل الحاكم مؤقتاً لاَمر عارض، والفتوى بيان الحكم من قبل الشارع بعنوان الدائم. ولعلّ جملة من أحكام النبي صلى الله عليه وسلم على نحو الحكم دون الفتوى، وهذا بحث عميق له ثمرات، فكن من أهله.

وحدة الطواف والسعي للحج والعمرة
(754) عن عطاء، عن عائشة: انّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجتك وعمرتك»(4).
قال الشافعي: كان سفيان ربّما قال: عن عطاء عن عائشة، وربّما قال: عن عطاء: انّ النبي قال لعائشة.
أقول: على الثاني يصير الخبر مرسلاً، وقد ابطلوا به حج الناس أو عمرتهم، والله حسيبهم.

عدم الاعتناء بأحكام الدين
(755) عن ابن يزيد: صلّى عثمان بمنى أربعاً، فقال عبدالله: صلّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين... ومع
____________
(1) النّغف: دود يكون في انوف الابل والغنم. «النهاية لابن الاثير 5: 87».
(2) سنن أبي داود 2: 184.
(3) سنن أبي داود 2: 185.
(4) سنن أبي داود 2: 187.

( 388 )
عثمان صدراً من امارته ثم أتمّها.
قال الاَعمش: فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه: انّ عبدالله صلّى أربعاً.
قال: فقيل له: عبت على عثمان ثم صلّيت أربعاً.
قال: الخلاف شرّ(1).
أقول: كأن دين الله مفوض إليهم وتابع لهواهم.

تناقض
(756) عن عمر: انّه صلى الله عليه وسلم صلّى ركعتين حين دخل الكعبة(2).
(757) وعن ابن عباس:... ثم دخل البيت فكبّر في نواحيه، ثم خرج ولم يصلّ فيه.

الرضاع
(758) عن ابن مسعود: لا رضاع إلاّ ما شد العظم وانبت اللحم، فقال أبو موسى: لا تسألونا وهذا الحبر فيكم(3).

الطلاق ثلاثاً
(759) عن طاووس: انّ رجلاً... (قال) لابن عباس: أما علمت انّ الرجل كان اذا طلّق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله وأبي بكر وصدراً من امارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى... جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من امارة عمر، فلمّا رأى الناس (قد) تتابعوا فيها قال: أجيزهنَّ عليهم(4).
____________
(1) سنن أبي داود 2: 206.
(2) سنن أبي داود 2: 221.
(3) سنن أبي داود 2: 229.
(4) سنن أبي داود 2: 268.

( 389 )
صوم عاشوراء والتناقض
(760) عن ابن عباس: حين صام النبي يوم عاشوراء وأمرنا بصيامه قالوا: يا رسول الله، انّه يوم تعظّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع» فلم يأت العام المقبل حتّى توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم(1).
أقول: أولاً: لا يمكن غفلة النبي طيلة تسعة أعوام عن تعظيم أهل الكتاب لليوم المذكور، فانّ الاَحاديث تدلّ على انّه صام يوم عاشوراء من أوائل دخوله المدينة.
وثانياً: يعارض ما نقل من قوله صلى الله عليه وسلم: «ونحن أحقّ بموسى» وأمر بصيامه!
وثالثاً: يعارض ما روي عن ابن عباس أيضاً حين سئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: اذ رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا كان يوم التاسع فاصبح صائماً، فقلت: كذا كان محمّد صلى الله عليه وسلم يصوم؟ فقال: كذلك كان محمّد صلى الله عليه وسلم يصوم(2).
وأنا أظن ان كلّ هذا مختلق من قبل اُجراء بني اُميّة على ابن عباس.

تصرّف اموي أيضاً
(761) عن ابن حوالة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيصير الاَمر إلى أن تكونوا جنوداً مجنّدة: جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق».
قال ابن حوالة: خِر لي أن ادرك ذلك.
فقال: «عليك بالشام: فانّها خيرة الله من أرضه، يجتبى اليها خيرته
____________
(1) سنن أبي داود 2: 339.
(2) سنن أبي داود 2: 340.

( 390 )
من عباده، فأمّا إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُرِكم، فان الله توكلّ لي بالشام وأهله»(1).
أقول: غرض الواضع تحكيم أمر معاوية على خلاف علي، أو تحكيم حكومة الامويين مطلقاً، ولكن له رواية اُخرى وهي:
(762) عنه:... «اذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والامور العظام...»(2).
وكأنّ الراوي روى أحدهما عند الغضب عليهم، والثانية عند الرضا عنهم.

مبالغة أو زندقة
(763) يروي سهل: انّه صلى الله عليه وسلم قال لرجل حرسه ليلة: «قد أوجبت فلا عليك أن لا تعمل بعدها»(3).
أقول: هذا يؤدي إلى ترك الناس العمل بدينهم، وأيضاً هذا الجزاء لمثل هذا العمل يبعد في حد نفسه.

النظم الاسلامي
(764) عن أبي سعيد الخدري: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمّروا أحدهم»(4).

أخوا عثمان
(765) عن سعد: لمّا كان يوم فتح مكّة أمِّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلاّ
____________
(1) سنن أبي داود 3: 4.
(2) سنن أبي داود 3: 19.
(3) سنن أبي داود 3: 10.
(4) سنن أبي داود 3: 37.

( 391 )
أربعة نفر وامرأتين... وأمّا ابن أبي سرح فانّه اختبأ عند عثمان، فلمّا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتّى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، بايع عبدالله. فرفع رأسه فنظر إليه ـ ثلاثاً ـ كلّ ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: «أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟».
فقالوا: ما ندري...(1) .
قال أبو داود: كان أبو عبدالله أخاً لعثمان من الرضاعة، وكان الوليد بن عقبة أخاً له من اُمّه، وضربه عثمان الحد إذ شرب الخمر.

سجدة الشكر
(766) عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: انّه كان اذا جاءه أمر سرور أو بشّر به خرَّ ساجداً شاكراً لله(2).

ما ينفع بعد الموت
(767) عن أبي هريرة: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اذا مات الانسان انقطع عنه عمله إلاّ من ثلاثة اشياء: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»(3).

ميراث المسلم من الكافر
(768) عن معاذ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الاسلام يزيد ولا ينقص» فورث المسلم.
____________
(1) سنن أبي داود 3: 59.
(2) سنن أبي داود 3: 89، وانظر حديث سعد فانّه وارد في سجدات شكره (ص).
(3) سنن أبي داود 3: 117 وانظر حديث ابن عباس الدالّ على نفع صدقة الابن لاُمّه.

( 392 )
وفي حديث آخر: انّ معاذاً أتى بميراث يهودي وارثه مسلم. بمعناه عن النبي صلى الله عليه وسلم(1).
أقول: ويناقضه ما دلّ على: انّ المسلم لا يرث من الكافر.

في حق عمر
(769) عن أبي ذر، عنه صلى الله عليه وسلم: «انّ الله وضع الحق على لسان عمر يقول به»(2).
(770) عن ابن شهاب: انّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر: يا أيّها الناس، انّ الرأي انّما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيباً، لانّ الله كان يريه، وانّما هو منّا الظن والتكلّف(3).

صورة جديدة من: لا نورث
(771) عن أبي الطفيل: جاءت فاطمة... فقال أبو بكر عليه السلام سمعت رسول الله يقول: «انّ الله عزّ وجلّ اذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده»(4).
(772) عن أبي البختري قال: سمعت حديثاً من رجل فأعجبني، فقلت: أكتبه لي... فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا انّ رسول الله: « قال: «كل مال النبي صدقة إلاّ ما أطعمه أهله وكساهم، إنّا لا نورث»(5).
(773) .... «لا نورث ما تركنا فهو صدقة، وانّما هذا المال لآل
____________
(1) سنن أبي داود 3: 126.
(2) سنن أبي داود 3: 139.
(3) سنن أبي داود 3: 301.
(4) سنن أبي داود 3: 144.
(5) سنن أبي داود 3: 144.

( 393 )
محمّد لنائبتهم ولضيفهم، فإذا مت فهو إلى من ولي الاَمر من بعدي»!
ما عشت أراك الدهر عجباً.

تقسيم الخمس
(774) عن جبير بن مطعم: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله غير انّه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم، قال: وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه، وعثمان بعده(1).
(775) عن ابن يزيد: انّ نجدة الحروري... أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول لمن تراه؟ قال ابن عباس: لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسّمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله(2).
(776) عن علي: ولاّني رسول الله خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياة أبي بكر وعمر، فاُتي بمال... قال: خذه فأنتم أحقّ به، قلت: قد استغنينا عنه!، فجعله في بيت المال!

فضل بني هاشم
(777) عن جبير بن مطعم:... فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتّى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم...(3) .
فضل آل رسول الله
(778) عن عبدالله بن الحرث:... ثم خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال
____________
(1) سنن أبي داود 3: 145 كتاب الخراج.
(2) سنن أبي داود 3: 146.
(3) سنن أبي داود 3: 146.

( 394 )
لنا: «انّ هذه الصدقة انّما هي أوساخ الناس، وانّها لا تحل لمحمّد ولا لآل محمّد... ثم قال رسول الله:«قم فاصدق عنهما من الخمس كذا وكذا»(1).

العشور
(779) عنه صلى الله عليه وسلم: «انّما العشور على اليهود والنصارى، وليس على المسلمين عشور(2)(3).

عجيبة في تغسيله صلى الله عليه وسلم
(780) عن عائشة: لمّا أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري أنجرّد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرّد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلمّا أختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتّى ما منهم رجل إلاّ وذقنه في صدره! ثم كلّمهم مكلّم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه...
وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّله إلاّ نساؤه!(4).
أقول: فيه عجائب ثلاث:
1 ـ القاء النوم على من يغسّله صلى الله عليه وسلم، وهم ثلة من بني هاشم وعلى رأسهم أبو الحسن وهو المغسّل، ولو كان صحيحاً ولم يكن موضوعاً لاشتهر وبان، ولم ينحصر نقله بعباد بن عبدالله بن الزبير عن عائشة.
2 ـ انّ قولها: لا يدرون من هو. ظاهر في انّهم سمعوا كلام المكلّم في يقظتهم، فحينئذ يتسائل ما فلسفة الانامة؟ ! فكأنّ الواضع جاهل فوق
____________
(1) سنن أبي داود 3: 148.
(2) العشور: جمع عُشر، يعني ما كان من أموالهم للتجارات دون الصدقات. «النهاية لابن الاثير 3: 239».
(3) سنن أبي داود 3: 166.
(4) سنن أبي داود 3: 193.

( 395 )
كونه كاذباً!
3 ـ انّ عائشة ندمت من انّها لم تمنع علياً عن تغسيله صلى الله عليه وسلم حتّى تباشر هي غسله!! لكن لا وجه للندامة، فانّ أرباب الصحاح لم ينقلوا عن علي في باب غسله صلى الله عليه وسلم وكفنه ودفنه شيئاً إلاّ نادراً، بل نقلوا عنها.

في غسل من غسل الميت
(781) عن عائشة: انّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، وغسل الميت.
(782) وعن أبي هريرة: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من غسّل الميت فليغتسل»(1).
قال أبو داود: هذا منسوخ.
أقول: لكنّه مكابرة أولاً، وغير مفهوم بالنسبة إلى الاول ثانياً، فانّه لا نسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويأتي عن قريب ما يدلّ عليه ثالثاً.

تناقضات مضحكة
(783) عن عائشة: مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، فلم يصلّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم(2).
(784) عن وائل:... لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن عطاء: انّ النبي صلّى على ابنه إبراهيم وهو ابن سبعين ليلة(3).
(785) عن ابن عمر: انّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حلف
____________
(1) سنن أبي داود 3: 197.
(2) سنن أبي داود 3: 203.
(3) سنن أبي داود 3: 204.

( 396 )
بغير الله فقد أشرك»(1).
(786) عن مالك: انّه سمع طلحة بن عبيد الله ـ يعني في قصة الاَعرابي ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق، دخل الجنة وأبيه إن صدق».
(787) عن رافع: انّ رسول الله قال: «كسب الحجام خبيث»(2).
(788) عن ابن عباس: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم واعطى الحجام أجره، ولو علمه خبيثاً لم يعطه.
أقول: هذه أحاديث كتب صحاحنا المختارة من مئات الآلاف من الاَحاديث، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، ومن أراد استيفاء هذه المتناقضات في كتاب أبي داود وسائر الصحاح فعليه بتأليف كتاب كبير!

تحقير علي
(789) عن ناجية بن كعب، عن علي عليه السلام قال: قلت للنبي: انّ عمّك الشيخ الضال قد مات، قال: «اذهب فوار أباك ثم لا تحدثنَّ شيئاً حتّى تأتيني».
فذهبت فواريته، وجئته، فأمرني فاغتسلت، ودعا لي»(3).
(790) عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب عليه السلام : انّ رجلاً من الاَنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرّم الخمر، فأمّهم علي في المغرب فقرأ: (قل يا أيّها الكافرون)(4)، فخلط فيها،
____________
(1) سنن أبي داود 3: 220.
(2) سنن أبي داود 3: 264.
(3) سنن أبي داود 3: 211.
(4) الكافرون 109: 1.

( 397 )
فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون)(1)(2).
وقيل: انّه قرأ: أعبد ما تعبدون!
لكن، من المعلوم انّ علياً لم يشرب الخمر قبل تحريمه ومطلقاً من أول عمره، ولم يعبد صنماً، فلا يتفوّه به حتّى وان فرض مسكراً كرم الله وجهه.
(791) عن علي: اُهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلّة سيراء، فأرسل بها اليَّ فلبستها، فأتيته فرأيت الغضب في وجهه وقال: «انّي لم أرسل بها اليك لتلبسها» وأمرني فأطرتها(3) بين نسائي(4).
سبق تعارضه بغيره وقلنا انّه مفتعل.

هؤلاء الرواة!
(792) عن محمّد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن أبي معمر:... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحتكر إلاّ خاطئ».
فقلت لسعيد: فانّك تحتكر.
قال: ومعمر كان يحتكر!(5).
قال أبو داود: كان سعيد بن المسيب يحتكر النوى والخبط والبزر.
(793) عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وايم الله، لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلاّ أن يكون مهاجراً قرشياً أو أنصارياً أو دوسياً!
____________
(1) النساء 4: 43.
(2) سنن أبي داود 3: 324.
(3) قال ابن الاثير: وفي حديث علي «فأطرتها بين نسائي» أي شققتها وقسمتها بينهن. «النهاية 1: 54».
(4) سنن أبي داود 4: 46.
(5) سنن أبي داود 3: 269.

( 398 )
أو ثقفياً»(1).
أقول: وجه اختلاق الحديث واضح، فانّه أراد أن يجعل الدوسيين بمنزلة المهاجرين والاَنصار، ولا أدري انّ أبا هريرة كم أخذ في ذكر الثقفي وممّن أخذ؟!
(794) وعنه: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «ممّن انت؟».
قلت: من دوس.
قال: «ما كنت أرى أنّ في دوس أحداً فيه خير!»(2).

قاعدة اليد
(795) عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي»(3).

القضاء باليمين والشاهد
(796) عن ابن عباس: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد(4).
ويدلّ عليه غيره. ورواه جابر وسعد وأبو هريرة أيضاً كما في جامع الترمذي، وفيه:
(797) عن جعفر بن محمّد، عن أبيه: انّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد، وقال: قضى بها عليٌّ فيكم(5).
أقول: ذيل الرواية نقل في أحاديث الشيعة أيضاً، قاله جعفر بن محمّد لاَبي حنيفة حيث ينكر ذلك.
____________
(1) سنن أبي داود 3: 289.
(2) جامع الترمذي 3:235.
(3) سنن أبي داود 294.
(4) سنن أبي داود 294.
(5) جامع الترمذي 2: 38.