كتاب نظرة عابرة الى الصحاح الستة ص 399 ـ ص 410
الحبس
(798) عن حكيم، عن أبيه: انّ النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة(1).

سمرة بن جندب
(799) عن محمّد بن علي، عن سمرة بن جندب: انّه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الاَنصار... فقال: انت مضار، فقال رسول الله للاَنصاري: «اذهب فاقلع نخله»(2).

كتابة أقوال النبي صلى الله عليه وسلم
(800) عن عبدالله بن عمرو قال: كنت أكتب كلّ شيء اسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم اريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كلّ شيء (تسمعه) ورسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ باصبعه إلى فيه فقال: «اُكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلاّ حق»(3).
أقول: في كون قوله: (اريد حفظه) قيداً لكلّ شيء أو كونها غاية لقوله: (اكتب) وجهان، ولاحظ متونه واسناده في مستدرك الحاكم ج1 كتاب العلم. ثم انّ الحديث يدلّ على امور، منها:
1 ـ بطلان ما دلّ من النهي عن الكتابة، وانّه لم يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو رأي الخلفاء لمصلحة رأوها. وحسن كتابة أقواله وأحاديثه صلى الله عليه وسلم(4).
2 ـ بطلان ما ورد انّه صلى الله عليه وسلم يلعن عند الغضب من هو غير مستحق للّعن، وسأل الله أن يجعل لعنته قربة ورحمة للملعون، فانّ الحديث يدلّ
____________
(1) سنن أبي داود 3: 313.
(2) سنن أبي داود 3: 314.
(3) سنن أبي داود 3: 317.
(4) ويدل عليه ما روي عن أبي هريرة: من انّ رجلاً من أهل اليمن ـ أبا شاة ـ سأل النبي(ص) ان يكتبوا له خطبة النبي (ص) في فتح مكّة، فقال (ص): «اكتبوا لاَبي شاة» ص318 ج3.

( 400 )
على انّه لا يخرج من فيه صلى الله عليه وسلم إلاّ الحق، ويدلّ عليه قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى)(1).
3 ـ بطلان ظن جمع من الصحابة بانّ النبي بشر يغضب ويرضى فيتكلّم بباطل ـ نعوذ بالله منه ـ فانّه ظن سوء مخالف للقرآن والاعتبار، فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم بشر يغضب ويرضى ولكنّه لا يهجر ولا يهذي لا يتكلم بظلم ولا باطل، فانّه أسوة الناس في الحكمة والاَدب والتقوى، فهذا الحديث أصل، وكلّ ما يخالفه لا بدّ من الحكم بردّه، والله اعلم.

النهي عن التفسير بالرأي
(801) عن جندب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال في كتاب الله عزّ وجلّ برأيه فأصاب فقد أخطأ»(2).

ثلاث يجهلهن عمر
(802) عن عمر:... وثلاث وددت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتّى يعهد الينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجَدّ، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا(3).


اعتذار الزبير
(803) عن عبدالله بن الزبير قال: قلت للزبير: ما يمنعك أن تحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدّث أصحابه؟ فقال: أما والله، لقد كان لي منه وجه ومنزلة، ولكنّي سمعته يقول: «من كذب عليَّ متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار»(4).
____________
(1) النجم 53: 3.
(2) سنن أبي داود 3: 319.
(3) سنن أبي داود 3: 323.
(4) سنن أبي داود 3: 318.

( 401 )
أقول: ولا ملازمة بين الكذب متعمّداً والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو واضح، والظاهر انّ الزبير لم يكن مشتاقاً إلى الحديث، إلاّ أن يقال انّه كان يعلم من نفسه انّه لو تحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لانجرّ أمره إلى الكذب متعمداً، فاحتاط في ذلك بترك أصل التحديث.

ليس قول كل صحابي بحجة
وإليك بعض الآراء في ذلك:
1 ـ يقول عمر لاَبي موسى حين ما نقل حديثاً: أقم عليه البينة وإلاّ أوجعتك أو: فوالله لاَوجعن ظهرك وبطنك، كما في صحيح مسلم.
2 ـ معاوية لم يقبل حديث عبادة بن صامت ـ كما في صحيح مسلم ـ فإن كان ردّه عناداً فهو يوجب فسقه، وإن ردّه اجتهاداً ثبت المطلوب، إن ثبت اجتهاده.
3 ـ وعن علي: اذا حدّثني عنه (أي عن النبي صلى الله عليه وسلم) غيره استحلفته، فإذا حلف صدقته، كما ورد في سنن ابن ماجة. والتحليف دليل عدم حجية قول الصحابة مطلقاً.
4 ـ طلب عمر من المغيرة بن شعبة دليلاً على نقل حديث، فجاء بمحمد بن مسلمة عليه شاهداً، كما في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من البخاري.
5 ـ يقول عمر في حق فاطمة بنت قيس: ما كنّا لندع كتاب ربّنا وسنّة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة أحفظت أم لا؟
أقول: ولا بد من أن يقال بمثله في حق عائشة.

كذب ثنتين من ثلاث

ذكر أبو داود في باب شراب العسل حديثين يدلان على تواطؤ عائشة وحفصة على الكذب وصدوره عن أحديهما، ويدلان أيضاً على انّ سودة
( 402 )
كذبت ضد حفصة بنت عمر(1).

لكلّ داء دواء
(804) عن اسامة:... فقال صلى الله عليه وسلم: «تداووا فانّ الله عزّ وجلّ لم يضع داء إلاّ وضع له دواء، غير داء واحد الهرم»(2).
(805) عن أبي الدرداء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ الله أنزل الداء والدواء وجعل لكلّ داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام»(3).

ولد الزنا
(806) عن أبي هريرة: قال رسول الله:«ولد الزنا شر الثلاثة»(4).

ما خصّ به علي
(807) عن علي: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسِّي، وعن لبس المعصفر، وعن تختم الذهب، وعن القراءة في الركوع والسجود، ولا أقول نهاكم(5).

اشكال آخر على لا نورث
(808) عن عبدالله:... فقالت (اسماء): يا جارية ناوليني جبّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخرجت جبّة...(6).

عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(809) عن عمرو قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء
____________
(1) سنن أبي داود 3: 334.
(2) سنن أبي داود 4: 3.
(3) سنن أبي داود 4: 7.
(4) سنن أبي داود 4: 28.
(5) سنن أبي داود 4: 46 و47، وانظر صحيح مسلم بشرح النووي 7: 173 كتاب الزكاة، حيث اخبره النبي (ص) عن الخوارج.
(6) سنن أبي داود 4: 49.

( 403 )
قد أرخى طرفها بين كتفيه(1).
(810) عن جابر: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح مكة وعليه عمامة سوداء(2).

معاوية وعبدالله بن عمرو
(811) عن خالد:... فقال معاوية للمقدام: أعلِمت انّ الحسن بن علي توفّي؟ فرجَّع المقدام، فقال له رجل: أتراها مصيبة؟! قال له: ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله في حجره فقال: «هذا منّي وحسين من علي».
فقال الاسدي (رجل من بني أسد): جمرة أطفأها الله عزّ وجلّ.
فقال المقدام: أما أنا فلا أبرح اليوم حتّى أغيظك... فانشدك بالله هل تعلم انّ رسول الله نهى عن لبس الذهب؟
قال (معاوية): نعم.
قال: فانشدك بالله هل تعلم انّ رسول الله نهى عن لبس الحرير؟
قال: نعم.
قال: فأنشدك بالله هل تعلم انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها.
قال: نعم.
قال: فوالله لقد رأيت هذا كلّه في بيتك يا معاوية...(3) .
(812) عن عبدالله بن عمرو: انّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بايع إماماً فأعطاه
____________
(1) سنن أبي داود 4: 54.
(2) سنن أبي داود 4: 53.
(3) سنن أبي داود 4: 67.

( 404 )
صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فان جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر».
قلت: انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سمعته اذناي، ووعاء قلبي.
قلت: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نفعل ونفعل.
قال: اطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله(1).
انظر إلى عبدالله كيف خالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم لاَجل معاوية.

علم الاَصحاب
(813) عن حذيفة: قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاّ حدّثه، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابه هؤلاء...(2).
(814) وعنه:... والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلثمائة فصاعداً إلاّ قد سمّاه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته(3).
أقول: تصديق هذا الخبر مشكل جداً.

اُمَّة مرحومة
(815) عن أبي موسى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اُمّتي هذه اُمّة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل»(4).
____________
(1) سنن أبي داود 4: 94.
(2) سنن أبي داود 4: 91.
(3) سنن أبي داود 4: 92.
(4) سنن أبي داود 4: 103.

( 405 )
اثنا عشر خليفة
(816) عن جابر بن سمرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم تجتمع عليه الاُمّة» فسمعت كلاماً من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه، قلت لاَبي: ما يقول؟ قال: كلّهم من قريش(1).
أقول: جملة: «كلّهم تجتمع عليه الاُمّة» غير مذكورة في غير هذا السند فلا عبرة بها.
وفي حديث آخر: «لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة...».

المهدي
(817) عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم (لطوّل الله ذلك اليوم) حتّى يبعث فيه رجلاً منّي (من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأَ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً جوراً.
وفي حديث سفيان: «لا تذهب ـ أو لا تنقضي ـ الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».
(818) عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملاَها عدلاً كما ملئت جوراً»(2).
(819) عن اُمّ سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».
(820) عن أبي سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الاَنف، يملاَ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً
____________
(1) سنن أبي داود 4: 103.
(2) سنن أبي داود 4: 104.

( 406 )
وظلماً، يملك سبع سنين»(1).
(821) عن أبي اسحاق: قال علي رضي الله عنه : ونظر إلى ابنه الحسن، فقال: انّ ابني هذا سيد كما سمّاه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يُسمّى باسم نبيكم يشبهه في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلق. ثم ذكر قصة يملاَ الاَرض عدلاً.

مجدد الدين
(822) عن أبي علقمة، عن أبي هريرة ـ فيما أعلم ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ الله يبعث لهذه الاُمّة على رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها»(2).
أقول: حدس أبي علقمة غير حجة، فالحديث غير مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأمّل.

العذاب بالاحراق
(823) عن عكرمة: انّ عليّاً عليه السلام أحرق ناساً ارتدوا عن الاسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم اكن لاَحرقهم بالنار، انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعذّبوا بعذاب الله» وكنت قاتلهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... «من بدلّ دينه فاقتلوه» فبلغ ذلك عليّاً عليه السلام فقال: ويحَ ابن عباس(3).
أقول: عكرمة ضعيف يكذب على ابن عباس، على انّ النبي صلى الله عليه وسلم قد همَّ أن يحرق بيوت من لم يحضروا الجماعة عليهم كما نقله ارباب الصحاح، مع انّ عليّاً انّما قتلهم بدخان النار ولم يحرقهم بالنار.

سب الصحابة لا يجوّز القتل
(824) عن أبي برزة قال: كنت عند أبي بكر فتغيظ على رجل فاشتد
____________
(1) سنن أبي داود 105.
(2) سنن أبي داود 4: 106 و107.
(3) سنن أبي داود 4: 124.

( 407 )
عليه، فقلت: تأذن لي... اضرب عنقه؟... قال: لا والله ما كانت لبشر بعد محمّد صلى الله عليه وسلم...(1).
(825) وبسند آخر عنه: اغلظ رجل لاَبي بكر الصديق... اقتله، فانتهرني وقال: ليس هذا لاَحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم(2).
أقول: مرّ انّ خالداً سب ابن عوف ولم يعزره النبي صلى الله عليه وسلم، بل نهى عن سبّ أصحابه.

حد المجنونة
(826) عن ابن عباس قال اُتي عمر بمجنونة قد زنت فاستشار فيها اُناساً، فأمر بها عمر أن ترجم، فمرّ بها (على) علي بن أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ... فقال: ارجعوا بها، ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، أما علمت انّ القلم رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتّى يبرأ، وعن النائم حتّى يستيقظ، وعن الصبي حتّى يعقل؟ قال: بلى...(3) .
وللحديث اسناد والفاظ أخرى.
أقول: يظهر من الحديث انّ جمعاً من المشاورين أيضاً رأوا قتلها وانّ عمر نسي الحديث.

للامام أن يعفو عن الحد اذا ثبت بالاقرار
لاحظ ما يدل عليه في ما ورد في رجم ماعز بن مالك(4)، ولاحظ حديث عبدالله(5).
____________
(1) سنن أبي داود 4: 128.
(2) سنن أبي داود 7: 109.
(3) سنن أبي داود 4: 138.
(4) سنن أبي داود 4: 143.
(5) سنن أبي داود 4: 158.

( 408 )
من زنى بجارية امرأته
(827) عن النعمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يأتي جارية امرأته، قال: «ان كانت أحلّتها له جلد مائة، وإن لم تكن أحلّتها له رجمته»(1).

شارب الخمر متى يقتل
في حديث: انّه يقتل في الخامسة.
وفي حديث: انّه يقتل في الرابعة أو الثالثة.
وفي حديث: انّه يقتل في الثالثة!(2).

تناقض حول قتل اليهودية
(828) عن أنس: انّ امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة... فقالوا: ألا نقتلها. قال: «لا»(3).
(829) عن جابر:... فعفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبها.
(830) عن أبي سلمة:... فأمر بها رسول الله فقتلت!
(831) عن أبي هريرة:.... فأمر بها رسول الله فقتلت، وكذا في حديث أمّ مبشر(4).

73 فرقة
(832) عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على ثنتين وسبعين فرقة، وتفرّقت النصارى على إحدى وسبعين أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة»(5).
____________
(1) سنن أبي داود 4: 156.
(2) انظر سنن أبي داود 4: 163.
(3) سنن أبي داود 172.
(4) سنن أبي داود 4: 172 و174.
(5) سنن أبي داود 4: 197، وانظر سنن أبي ماجة رقم 3991، وليس فيه عن النصارى ذكر.

( 409 )
(833) عن معاوية بن أبي سفيان: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: «ألا انّ من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وانّ هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعين في النار واحدة في الجنة، وهي الجماعة...»(1).
أقول: ومراد معاوية من الجماعة جماعته! وعلى كلّ انّه ينافي ما مرّ من انّ أُمّته مرحومة، ومن انّه لا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من الايمان. والمهم انّ تطبيقه على أهل الكتاب غير ممكن، إذ ليس لهم (72) أو (71) فرقة، والمسلمون أيضاً ليسوا (73) فرقة، فالمظنون انّ الحديثين موضوعان.
(834) وعن عوف بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فاحدى وسبعون في النار وواحد في الجنة، والذي نفس محمّد بيده لتفترقنَّ أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار».
قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: «الجماعة»(2).
والمتبادر من الجماعة هي جماعة جمعوا على امارة معاوية بعد شهادة علي.
(835) عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ بني اسرائيل افترقت على احدى وسبعين فرقة، وانّ اُمّتي ستفرق على ثنتين وسبعين فرقة، كلّها في النار إلاّ واحدة هي الجماعة.
____________
(1) سنن أبي داود 4: 197.
(2) سنن ابن ماجة رقم 3992.

( 410 )
أقول: والمراد من الافتراق ليس هو الافتراق في الفروع الفقهية اتفاقاً ولا الاختلاف في سائر الامور العلمية والاعتقادية الجزئية التي لا تؤثر في دخول النار، فالمراد منه هو الاختلاف في الاصول الاعتقادية الموجبة لدخول النار، وعليه فلا وجود لهذه الفرق بهذا العدد بين اليهود والنصارى كما قلنا، ولا بين المسلمين أي أهل القبلة والمقرين بالوحدانية والرسالة حتّى الآن.
(836) وعن عبدالله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتينَّ على اُمّتي ما أتى على بني اسرائيل حذو النعل بالنعل، حتّى إن كان منهم من أتى اُمّه علانية لكان في أُمّتي من يصنع علانية، وان بني اسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة، وتفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلهم في النار إلاّ ملّة واحدة».
قال: من هي يا رسول الله؟
قال: «ما أنا عليه وأصحابي»(1).
أقول: عرفت في هذا الكتاب انّ الاَصحاب على قسمين، فالمراد من: «ما أنا عليه وأصحابي» المهتدين العاملين بسنّته « إن صح الحديث.
(837) عن أبي ذر: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني جبرائيل فبشّرني انّه من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة».
قلت: وان زنى وان سرق؟
قال: «نعم»(2).
(838) وعن عبادة: انّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله حرّم الله عليه النار»(3).
____________
(1) جامع الترمذي 2: 334.
(2) جامع الترمذي 2: 335.
(3) جامع الترمذي 2: 333.