كتاب نظرة عابرة الى الصحاح الستة ص 411 ـ ص 436
(839) وعن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكلّ نبي دعوة مستجابة، وانّي اختبأت دعوتي شفاعة لاَمّتي وهي نائلة إن شاء الله، من مات منهم لا يشرك بالله شيئاً(1).

أوتيت الكتاب ومثله
(840) عن المقدام، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا انّي اوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه»(2).
أقول: فلا يجوز أن نقول حسبنا كتاب الله.

اعظم المسلمين جرماً
(841) عن سعد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ أعظم المسلمين جرماً من سأل عن أمر لم يحرم فحرم على الناس من أجل مسألته»(3).

هل علي خليفة وهل له فضل؟
(842) عن أبي بكرة: انّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «من رأى منكم رؤيا»؟ فقال رجل: أنا، رأيت كأنّ ميزاناً نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم(4).
(843) عن جابر: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اُري الليلة رجل صالح أنّ أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر».
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 187.
(2) سنن أبي داود 4: 199 كتاب السنة.
(3) سنن أبي داود 4: 201.
(4) سنن أبي داود 4: 207.

( 412 )
قال جابر: فلمّا قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلنا: أمّا الرجل الصالح فرسول الله، وأمّا تنوُّط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الاَمر الذي بعث الله به نبيه(1).
(844) عن سمرة بن جندب: انّ رجلاً قال: يا رسول الله، رأيت كأنَّ دلواً دُلِّي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شرباً ضعيفاً، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتّى تضلع، ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتّى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت وانتضع عليه منها شيء(2).
(845) عن ابن عمر: كنّا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي لا تفاضل بينهم(3).
أقول: والعجب من ابن عمر كيف نسي فضائل معاوية وابنه أمير المؤمنين يزيد؟!
(846) عن محمّد بن الحنفية: قلت لاَبي: أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر.
قلت: ثمَ من.
قال ثم عمر.
قال ثم خشيت أن أقول ثم مَن؟ فيقول عثمان، فقلت: ثم أنت يا أبة؟
قال: ما أنا إلاّ رجل من المسلمين(4)!
أقول: فليكن علي شاكراً لله حيث عدوه من المسلمين!!
____________
(1) سنن أبي داود 4: 208.
(2) سنن أبي داود 4: 208.
(3) سنن أبي داود 4: 205.
(4) سنن أبي داود 4: 206.

( 413 )
(847) عن سفينة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك (ملكه) من يشاء»...
قال سعيد: قلت لسفينة: انّ هؤلاء يزعمون انّ علياً ـ عليه السلام ـ لم يكن بخليفة.
قال: كذبت أستاه بني الزرقاء يعني بني مروان(1).
أقول: الزاعمون غير منحصرين ببني مروان، بل هم كثيرون، بل جماعة منهم يرون علياً مستحقاً للسبّ، كما مرّ عن معاوية.
(848) وعن رياح بن الحارث: انّ قيس بن علقمة سبّ وسبّ، فقال سعيد: من يسب هذا الرجل؟ قال: يسبّ عليّاً(2).
وأبو داود لم يذكر حديثاً في فضل علي في سننه مقصوداً بالذات، ولكن ذكر ما يدلّ على اهانته.

العشرة المبشرة
(849) عن عبد الرحمن: انّه كان في المسجد فذكر رجل عليّاً عليه السلام ، فقام سعيد بن زيد فقال: اشهد على رسول الله أنّي سمعته يقول عشرة في الجنة، النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر في الجنة، فسكت.
قال: فقالوا: من هو؟
فقال: هو سعيد بن زيد(3)!
____________
(1) سنن أبي داود 4: 210 كتاب السنة. (2) سنن أبي داود 4: 212. (3) سنن أبي داود 4: 212.
( 414 )
الظاهر انّ المراد برجل هو معاوية حين قدم من الشام إلى الكوفة بعد شهادة علي فسبّه. وانظر ص504 هذا الكتاب أيضاً.

كذبة جلية
لاحظ ما يقصّ أنّ الاسقف وجد عمر وعثمان وعليّاً في كتابه ويخبر عن حالهم، وأنّ عمر يعلم أنّ وصيّه عثمان(1).

إكفار مسلم
(850) عن ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيّما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فان كان كافراً، وإلاّ كان هو الكافر(2).

أول ما خلق الله
(851) عن أبي حفصة: قال عبادة الصامت لابنه:... سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «انّ أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كلّ شيء حتّى تقوم الساعة...»(3).

الخوارج
لاحظ ما ورد في حقهم، وما قاله النبي الاَكرم صلى الله عليه وسلم لعلي فيهم(4).

حدّ القتال
(852) عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد»(5).
أقول: إذا علم الانسان بقتله في اثناء الدفاع عن المال فلا يجوز
____________
(1) سنن أبي داود 4: 213.
(2) سنن أبي داود 4: 220.
(3) سنن أبي داود 4: 225 كتاب السنة.
(4) سنن أبي داود 4: 243 ـ 246 آخر كتاب السنة.
(5) سنن أبي داود 4: 247 آخر كتاب السنة.

( 415 )
القتال؛ لانّ حفظ النفس أهم من حفظ المال، فيحمل الحديث على فرض اتفاق وقوع القتل بلا علم به، وأمّا في الدفاع عن الاَهل ففيه تفصيل وبحث.

من أخلاق الاسلام
(853) عن همام: جاء رجل فأثنى على عثمان في وجهه، فأخذ المقداد بن الاَسود تراباً فحثا في وجهه، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب»(1).

الحاد الحجاج
(854) عن الربيع: سمعت الحجاج يخطب فقال في خطبته: رسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله...(2)
أقول: يريد به ـ لعنه الله ـ انّ عبد الملك ـ وكذا معاوية ويزيد و... ـ أكرم على الله من رسوله صلى الله عليه وسلم.

أمانة المجالس
(855) عن جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المجالس بالاَمانة إلاّ ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق»(3).

جواز الانتقام
(856) عن أبي هريرة: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المستبَّان ما قالا فعلى البادئ منهما، ما لم يعتد المظلوم»(4).
____________
(1) سنن أبي داود 4: 255 كتاب الاَدب.
(2) سنن أبي داود 4: 209 كتاب السنة.
(3) سنن أبي داود 4: 269 كتاب الاَدب.
(4) سنن أبي داود 4: 274.

( 416 )
أقول: يظهر منه جواز سبّ الثاني انتقاماً، وهو المستفاد من القرآن الكريم، وهذا من اصول الحقوق في الاسلام: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)(1)، نعم لا بدّ من تخصيص هذا الاَصل بما إذا لم نعلم عدم رضا الشارع بالانتقام كالزنا واللواط ومقدماتهما وأمثال ذلك.

جواز الكذب في ثلاث
(857) عن بنت عقبة: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلاّ في ثلاث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا أعده كاذباً: الرجل يصلح بين الناس يقول القول ولا يريد به إلاّ الاصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها»(2).

الاختلاف
هل يجوز الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته (أبو القاسم)؟ الروايات فيه مختلفة(3).

تسبيح فاطمة
لاحظ فضله في كتاب الادب(4).

الوصاة
(858) عن مسلم:... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما انّي سأكتب لك بالوصاة بعدي» قال: ففعل وختم عليه ودفعه اليَّ...(5)
____________
(1) البقرة 2: 194.
(2) سنن أبي داود 4: 282.
(3) سنن أبي داود 4: 294 ـ 293 كتاب الادب.
(4) سنن أبي داود 4: 318 كتاب الادب.
(5) سنن أبي داود 4: 323 ح5080 كتاب الادب.

( 417 )
آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم
(859) عن أم موسى، عن علي عليه السلام قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة. اتقوا الله فيما ملكت ايمانكم(1).

تصرفات عمر باجتهاده
1 ـ عن ابن عباس: بلى كان الرجل إذا طلّق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من امارة عمر، فلمّا رأى الناس قد تتابعوا فيها قال: اجيزوهن عليهم (سنن أبي داود).
2 ـ انّه أبطل مشروعية التيمم ويفتي بترك الصلاة عند عدم الماء. كما مرّ.
3 ـ ردّه متعة الحج كما سبق وقال: قد علمت انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله واصحابه ولكنّي كرهت... وكذا متعة النساء.
4 ـ عن جابر: بعنا اُمّهات الاَولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا (كتاب العتق سنن أبي داود).
5 ـ انّه جعل حدّ شارب الخمر ثمانين جلدة.
(860) عن شعيب، عن أبيه قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم... حتّى استخلف عمر ـ رحمه الله ـ ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر الفاً، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشياة ألفي شاة(2).

كلام حول سنن أبي داود
انّه لم يخرّج حديثاً في فضل علي مقصوداً بالذات، ولكنّه ذكر جملة
____________
(1) سنن أبي داود 4: 342 كتاب الادب.
(2) سنن أبي داود 4: 183 كتاب الديات.

( 418 )
(عليه السلام) في حقّ علي في عدة من الموارد(1)، وجملة (عليها السلام) في حقّ فاطمة(2)، والظاهر أنّ استعمالها في لسان الرواة كان شائعاً فلم يحذفها أبو داود.

____________
(1) انظر سنن أبي داود 3: 48، 211، 300، 324 وغيرها.
(2) انظر سنن أبي داود 3: 142، 143.

( 419 )
المقصد الرابع
فـي أحـاديث صـحيـح جـامع التـرمـذي

( 420 )

( 421 )
مؤلّفه محمّد بن عيسى بن سورة، أبو عيسى، المولود في قرية بوغ من ترمذ على نهر جيحون سنة 209، وتوفّى فيها سنة 279هـ، وقد سمع من البخاري وغيره.
النسخة الموجوة عندي ما قام بطبعها ونشرها مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض، وعلّق عليها وصححها محمّد ناصر الدين الاَلباني، وهي في ثلاثة أجزاء، وبلغت أحاديثه كلّها إلى 4234، لكن المصحِّح لم يذكر أحاديثه الضعاف واختصر على الصحاح منها وهي 3101 حديثاً. ولاَجله سمّاه صحيح سنن الترمذي.

عاشوراء
(861) عن الحكم: انتهيت إلى ابن عباس... فقلت: اخبرني عن يوم عاشوراء أي يوم أصومه؟ فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم اصبح من يوم التاسع صائماً.
قال: قلت: أهكذا يصومه محمّد صلى الله عليه وسلم.
قال: نعم(1).
(862) وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر(2).

التمتع
(863) عن سالم بن عبدالله: سمع رجلاً من أهل الشام وهو يسأل
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 1: 228.
(2) صحيح جامع الترمذي 1: 229.

( 422 )
عبدالله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال عبدالله بن عمر: هي حلال.
فقال الشامي: انّ أباك قد نهى عنها.
فقال عبدالله بن عمر: أرايت ان كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبي يُتّبع أم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال الرجل: بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم(1).

معاوية واستلام الاركان
(864) عن أبي الطفيل: كنّا مع ابن عباس، ومعاوية لا يمر بركن إلاّ استلمه، فقال ابن عباس: انّ النبي لم يكن استلم إلاّ الحجر الاسود والركن اليماني، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً(2).

بعثة علي
(865) عن زيد بن اثيع قال: سألت عليّاً بأي شيء بعثت؟ قال بأربع: ألاّ يدخل الجنة إلاّ نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته، ومن لا مدة له فأربعة أشهر(3).

في القود
(866) عن عمر، عنه صلى الله عليه وسلم: «لا يقاد الوالد بالولد».
ورواه ابن عباس بلفظ: «لا يقتل»(4).
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 1: 247.
(2) سنن أبي داود 1: 256.
(3) صحيح جامع الترمذي 1: 259.
(4) صحيح جامع الترمذي 2: 57.

( 423 )
الاعتراض على علي
(867) عن عكرمة: انّ عليّاً حرق قوماً ارتدوا عن الاسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت انا لقتلتهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه» ولم اكن لاَحرقهم؛ لانّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعذّبوا بعذاب الله».
فبلغ ذلك عليّاً فقال: صدق ابن عباس(1).
أقول: عكرمة ينقل فعل علي وقوله مرسلاً فلا عبرة به، على انّه ضعيف غير ثقة، ويضاف إلى ذلك انّ ابن عباس تلميذ علي وتابع له ولا شكّ انّ عليّاً أعلم منه بالشريعة، فالرواية موضوعة، والواقع انّه لم يثبت احراق علي المرتدين بل قتلهم بدخان النار، وقد تقدّم أيضاً ما يتعلّق بذلك، ولم يصدّقه علي، وهذه امارة أخرى على كذب ما في الخبر.

الامر بالاحراق ونسخه
(868) عن أبي هريرة:... «ان وجدتم فلاناً وفلاناً ـ لرجلين من قريش ـ فاحرقوهما بالنار» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اردنا الخروج: «انّي كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً بالنار وانّ النار لا يعذب بها إلاّ الله، فان وجدتموهما فاقتلوهما»(2).
أقول: حتّى إن قلنا بجواز النسخ قبل العمل لا نصدق أبا هريرة في قوله هذا، فانّه يدلّ على جهالة النبي صلى الله عليه وسلم أو غفلته عن الاَحكام الشرعية وهي باطلة.
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 77.
(2) صحيح جامع الترمذي 2: 111.

( 424 )
نجاسة آنية المجوس وأهل الكتاب
لاحظ ما ورد فيها في: ج2: 107.

الاختصاص وعدمه
(869) عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبداً مأموراً ما اختصّنا دون الناس بشيء إلاّ بثلاثة: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي حماراً على فرس(1).
أقول ليس هذه الامور ممّا اختص به النبي صلى الله عليه وسلم بني هاشم وبني عباس، ووجهه ظاهر حتّى في الثاني، فانّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصّهم به وان كان هم مورد الحكم، والمظنون انّ الرواية موضوعة وضعها من وضعها لغرض آخر غير خفي على المتضلّع.

طريفة
(870) عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل طعاماً في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين!!، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما انّه لو سمّى لكفاكم!!»(2).

الشرب قائماً
الاَحاديث فيه متضاربة، يكشف تضاربها عن بطلان بعضها.

الحجامة
(871) عن ابن مسعود قال: حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة اُسري به،
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 139.
(2) صحيح جامع الترمذي 2: 167.

( 425 )
انّه لم يمرّ على ملاَ من الملائكة إلاّ أمروا أن مر اُمّتك بالحجامة(1).

تأثير السلطات على الرواة والاَحاديث
(872) عن زياد: كنت مع أبي بكرة تحت منبر أبي عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق.
فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهان سلطان الله في الاَرض أهانه الله»(2).
فجعلوا الظالمين من سلطان الله!! والمستفاد من روايات أبي بكرة انّه يكذب ويضع للسلطة الاموية وغيرها، فلاحظ.

مدة الخلافة
(873) عن سفينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الخلافة في اُمّتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك». المصدر.

ولاية المرأة
(874) عن أبي بكرة قال عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّ هلك كسرى قال: «من استخلفوا؟».
قالوا: ابنته؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».
فلمّا قدمت عائشة (يعني البصرة) ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمني الله به.
أقول: نقول لاَبي بكرة فلِمَ لم تعن عليّاً؟! على انّ عائشة قد ولت مقداراً من أمر الاُمّة بجعل أقاويلها أحاديث واجبة القبول!
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 204.
(2) صحيح جامع الترمذي 2: 245.

( 426 )
اهانة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم
(875) عن أبي ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... لوددت انّي كنت شجرة تعضد»(1).
أقول: هل يمكن أن يتفوّه به من أرسله الله رحمة للعالمين؟ فاقض ما أنت قاض.

تحول أبي هريرة
(876) عن محمّد بن سيرين قال: كنّا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان، فمخط في احدهما ثم قال: بخ بخ يتمخّط أبو هريرة في الكتان! لقد رأيتني وانّي لاَخرّ فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة من الجوع مغشيّاً عليَّ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى انّ بي الجنون، وما بي جنون، وما هو إلاّ الجوع(2).

لا تمانع بين الاَسباب
(877) عن انس: قال رجل يا رسول الله أعقلها وأتوكّل أو اطلقها وأتوكّل؟ قال: «أعقلها وتوكّل».
اقول: الاَسباب المادية في طول العلل المعنوية لا في عرضها، فلا تمانع بينهما كما توهّمه كثير من علماء الاَديان وكثير من الماديين أو كلّهم.

تمثيلة لاَبي هريرة!
(878) عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضرس الكافر يوم القيامة مثل اُحد، وفخذه مثل البيضاء، ومقعده من النار مسيرة ثلاث مثل الربذة»(3).
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 268.
(2) صحيح جامع الترمذي 2: 277.
(3) صحيح جامع الترمذي 2: 321.

( 427 )
قيل: يعني به كما بين المدينة والربذة، والبيضاء جبل.
(879) وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «انّ غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعاً، وانّ ضرسه مثل اُحد، وانّ مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة». المصدر.
أقول: وليته حدّ تمام أعضائه، فانّه نعمت التمثيلية! لكنّه لا يحفظ ابداعاته فيتناقض فيها كما تراه في الحديثين ـ أو القولين ـ المذكورين!

الايمان والجنة والنار
(880) عن عبادة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله حرّم الله عليه النار».
(881) وعنه صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلاّ الله دخل الجنة»(1).
قيل: انّه في صدر الاسلام فنسخ.
وقيل: انّ الموحّد يدخل الجنة قطعاً ولو بعد دخوله النار، لكنّه لا يجري في الحديث الاَول.
قلت: انّ الايمان بنفسه يقتضي دخول الجنة وحرمان النار، إلاّ أن يمنع عنه مانع كالمعاصي الموبقة غير المقرونة بالتوبة أو الشفاعة أو العفو.

اختصاص واستثناء
(882) عن علي بن أبي طالب انّه قال: يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك، اسمّيه محمّداً أو اكنيه بكنيتك؟ قال: «نعم»(2).
(883) وروى عنه صلى الله عليه وسلم: «لا تكنّوا بكنيتي». المصدر.
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 333.
(2) صحيح جامع الترمذي 2: 373.

( 428 )
حول آخر سورة البقرة
(884) عن النعمان، عنه: «انّ الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السموات والارض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة...»(1).
أقول: لا يبعد كون الحديث مجعولاً، فانّ الآيتين المذكورتين لا تناسب القبلية المذكورة فيه، فلاحظ.

طينة الانسان
(885) عن أبي موسى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الاَرض، فجاء بنو آدم على قدر الارض، فجاء منهم الاَحمر والاَبيض والاَسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب»(2).

أبو سفيان
(886) عن عبدالله بن عمر: قال رسول الله يوم اُحد: اللّهمّ العن أبا سفيان، اللّهمّ العن الحارث بن هشام، اللّهمّ العن صفوان بن اُميّة».
قال: فنزلت: (ليس لكَ مِنَ الاَمر شيءٌ أو يتوبَ عليهم)(3) فتاب عليهم، فأسلموا فحسن اسلامهم(4).
أقول: أي دليل على حسن اسلام أبي سفيان، فما ذكره ابن عمر غير مقبول. وقد تقدّم في أواخر المقصد الثاني ما يدلّ على أنّ جمعاً من الصحابة كانوا يعتقدون فيه انّه عدو الله، ويظهر منه رضى النبي صلى الله عليه وسلم باعتقادهم، فراجع.
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 4.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 20.
(3) آل عمران 3: 128.
(4) صحيح جامع الترمذي 3: 33.

( 429 )
افتراء على علي
(887) عن علي: صنع لنا عبدالرحمن بن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة فقدّموني فقرأت: قل يا أيّها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون، فانزل الله: (يا أيّها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سُكارى حتّى تعلموا ما تقولون)(1)(2).
أقول: علي لم يشرب الخمر قبل تحريمه، ولم يعبد صنماً طيلة حياته، فكيف يقول في حال سكره (ان فرض صحته) نعبد ما تعبدون؟ فانّ السكران يتكلّم بما هو مركوز في ذهنه.

الفرية العظيمة
(888) عن عائشة: ثلاث من تكلّم بواحدة فقد أعظم الفرية على الله: من زعم أنّ محمّداً رأى رِبّه فقد أعظم الفرية على الله، والله يقول: (لا تدركه الاَبصار)(3)... ومن زعم أنّ محمّداً كتم شيئاً ممّا أنزل الله عليهم... يقول الله: (يا أيّها الرسول بلغ ما أُنزل اليك من ربّك)(4)، ومن زعم انّه يعلم ما في غد... والله يقول: (لا يعلم من في السموات والارض الغيب إلاّ الله)(5)(6).

فرية أُخرى
(889) عن أُبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الغلام الذي قتله
____________
(1) النساء 4: 43.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 39.
(3) الانعام 6: 103.
(4) المائدة 5: 67.
(5) النمل 27|65.
(6) صحيح جامع الترمذي 3: 39.

( 430 )
الخضر طبع يوم طبع كافراً»(1).
أقول: مرّ أنّ كلّ مولود يولد على الفطرة، وانّ الكفر من التربية الباطلة.

حليّة الاَزواج له صلى الله عليه وسلم
(890) عن عائشة قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى اُحلَّ له النساء(2).
أقول: بل في أحاديث الشيعة الاِمامية انّه لم يحرم عليه صلى الله عليه وسلم سوى محارمه من الاَول، والاحسن ردّ هذه الاَحاديث إلى من صدر عنه، فانّ ظاهر القرآن الكريم هو تحريم النساء عليه صلى الله عليه وسلم في حين من حياته ولم يثبت رفعه بدليل معتبر، فالاَعتماد على اطلاق القرآن الكريم.

النبي صلى الله عليه وسلم راى الله تعالى في نومه
(891) عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني الليلة ربّي تبارك وتعالى في أحسن صورة ـ قال احسبه قال في المنام ـ فقال: يا محمّد هل تدري فيم يختصم الملاَ الاَعلى؟ قلت: لا، قال: فوضع يده بين كتفي حتّى وجدت بردها بين ثديي...»(3).
ورواه معاذ بن جبل أيضاً بالفاظ مغايرة. وسبحان الله الذي ليس كمثله شيء.

خصومة القيامة
(892) عن الزبير قال: لمّا نزلت: (ثم انَكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون)(4) قال: يا رسول الله أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 73.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 93.
(3) صحيح جامع الترمذي 3: 98.
(4) الزمر 39 ـ 31.

( 431 )
في الدنيا؟
قال: (نعم).
فقال انّ الاَمر اذن لشديد(1).
أقول: فنشاهد خصومة علي وخصمائه هناك انّ صح الحديث.

رجال من فارس
(893) عن أبي هريرة: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (وإن تتولّوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)(2)، قالوا: ومن يستبدل بنا؟
قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ثم قال: «هذا وقومه».
وفي حديث آخر: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال: «هذا واصحابه، والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس»(3).
(894) وعنه: كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اُنزلت الجمعة فتلاها فلمّا بلغ: (وآخرين منهم لمّا يحلقوا بهم)(4)، قال له رجل: يا رسول الله، من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا... فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان فقال: «والذي نفسي بيده لو كان الايمان بالثريا لتناوله رجال من فارس»(5).
مرّ انّه لو ثبت نزول سورة الجمعة قبل غزوة خيبر بان كذب أبي هريرة، فانّه التحق بالنبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة.
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 99.
(2) محمّد 47: 38.
(3) صحيح جامع الترمذي 3: 105.
(4) الجمعة 63: 3.
(5) صحيح جامع الترمذي 3: 118.

( 432 )
حلّيّة الغناء وضرب الدف
(895) عن بريدة: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلمّا انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، انّي كنت نذرت إن ردّك الله سالماً أنّ أضرب بين يديك بالدف وأتغنّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان كنت نذرت فاضربي وإلاّ فلا!».
فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّ الشيطان ليخاف منك يا عمر...»(1).
أقول: من هذا الحديث الصحيح! يعلم انّ المحرمات تحلل بوسيلة النذر، فنعم الطريق للفساق مبروك لهم، ثم انّ الشيطان لا يخاف من النبي الاَكرم صلى الله عليه وسلم وغيره، وانّما يخاف من عمر وحده!

العشرة المبشرة
(896) عن عبد الرحمن بن عوف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبدالرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة»(2).
قال المحشي: مع العلم بانّ الذين بشّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة كثيرون.
(897) وقريب منه ما نقل عن سعيد بن زيد، وقد تقدّم عنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان أبي عبيدة! وقد نقله الترمذي أيضاً(3).
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 206.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 218.
(3) صحيح جامع الترمذي 3: 221.

( 433 )
ويعارضه في الزبير وطلحة ما رواه مسلم (كتاب الفتن) عن الاحنف ابن قيس قال: ذهبت لاَنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال: اين تريد؟
قلت: أنصر هذا الرجل.
قال: ارجع، فانّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار» فقلت: يارسول الله هذا القاتل فيما بال المقتول.
قال: انّه كان حريصاً على قتل صاحبه. أقول ولاحظ ص504 من هذا الكتاب أيضاً.

عمّار بن ياسر
(898) عن علي: جاء عمّار بن ياسر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ائذنوا له، مرحباً بالطيِّب المطيَّب»(1).
(899) عن أبي هريرة: «ابشر يا عمار تقتلك الفئة الباغية»(2).
(900) عن حذيفة:... فقال صلى الله عليه وسلم: «انّي لا أدري ما قدر بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين من بعدي ـ واشار إلى أبي بكر وعمر ـ واهتدوا بهدي عمّار، وما حدَّثكم ابن مسعود فصدّقوه.

البركة لاَبي هريرة
(901) عن أبي هريرة: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات فقلت: يا رسول الله ادعُ الله فيهنَّ بالبركة، فضمَّهنّ ثم دعا لي بالبركة، فقال لي: «خذهنَّ فاجعلهنَّ في مِزودَك هذا! كلمّا أردت أن تأخذ منه شيئاً فادخل يدك فيه فخذه ولا تنشره نشراً، فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق! في سبيل الله! وكنّا نأكل منه ونطعم، وكان لا يُفارق حِقوي! حتّى كان يوم قتل
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 228.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 229.

( 434 )
عثمان فانّه انقطع(1)!
أقول: وقال بعضهم عنه:
للناس همّ ولي في الناس همّان * هم الجراب وقتل الشيخ عثمان!

معاوية
(902) عن عبدالرحمن بن أبي عميرة ـ وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم انّه قال لمعاوية: «اللهم اجعله هادياً مهدياً»(2).
أقول: عبد الرحمن كان من الصحابة أو لم يكن لا شكّ عند كلّ منصف أنّ معاوية ظلَّ ضالاً مضّلاً، فيفهم كذب الحديث على رسول الله الصادق الحكيم صلى الله عليه وسلم القائل له ولاَصحابه: «الفئة الباغية الداعية إلى النار».

بحث توضيحي
قد سبق بعض ما يتعلّق بمعاوية الذي حارب عليّاً وغصب الخلافة من الحسن السبط قهراً وحيلة، وأسس مملكة الامويين بالشام، وأطعم الاُجراء في جعل الاَحاديث، واليك نقل بعضها على سبيل الاختصار:
1 ـ عنه صلى الله عليه وسلم: «اللّهم علّمه الكتاب والحساب، وقه العذاب، وادخله الجنة».
2 ـ وعنه صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالشام، فانّها خيرة الله من ارضه يجتبى اليها خيرته من عباده، انّ الله قد توكل بالشام وأهله».
3 ـ وعنه: صلى الله عليه وسلم: «الشام صفوة الله في بلاده يجتبى اليها صفوته من عباده، فمن خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه، ومن دخلها من غيرها فبرحمته».
4 ـ عن أبي هريرة مرفوعاً: «الخلافة بالمدينة، والملك بالشام».
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 3: 235.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 236.

( 435 )
5 ـ وعنه صلى الله عليه وسلم: «ستفتح عليكم الشام، فاذا خيرّتم المنازل فعليكم بمدينة يقال لها دمشق ـ وهي حاضرة الامويين ـ فانّها معقل المسلمين في الملاحم...».
6 ـ عن أبي هريرة مروّج النظام الاموي، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «أربع مدائن من مدائن الجنة: مكة، والمدينة، وبيت المقدس، ودمشق...».
ولكن عن اسحاق بن راهويه شيخ البخاري: انّه لم يصح في فضائل معاوية شيء، ولعلّه لاَجله ذكر البخاري: باب ذكر معاوية ولم يورد فيه حديثاً في حقّه، وإنّما نقل عن ابن عباس: انّه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانّه فقيه، مع انّك عرفت فقهه فيما مضى!
وعن ابن الجوزي انّه اخرج من طريق ابن عبدالله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي ما تقول في عليّ ومعاوية؟ فاطرق ثم قال: اعلم أنّ عليّاً كان كثير الاَعداء ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيداً منهم لعليّ...(1) وقد اشتهر انّه سئل النسائي ـ وهو بدمشق ـ عن فضائل معاوية، فقال: ألا يرضى رأساً برأس حتّى يفضّل؟! وله قصة معروفة
وعن ابن حجر في فتح الباري وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الاسناد(2).
أقول: لكن صح من طريق الدينار.

كتاب معاوية وحديثه
عن الواقدي ـ كما عن شرح نهج البلاغة(3): انّ معاوية لمّا عاد من العراق
____________
(1) فتح الباري 7: 83.
(2) فتح الباري 7: 83.
(3) شرح نهج البلاغة 361.

( 436 )
إلى الشام بعد بيعة الحسن سنة 41 هـ خطب فقال: أيّها الناس، انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «انّك ستلي الخلافة من بعدي! فاختر الارض المقدسة فانّ فيها الاَبدال» وقد أخبرتكم، فالعنوا أبا تراب.
فلمّا كان من الغد كتب كتاباً ثم جمعهم فقرأ عليهم وفيه: هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين صاحب وحي الله الذي بعث محمّداً نبياً وكان أُميّاً لا يقرأ ولا يكتب، فاصطفى له من أهله وزيراً كاتباً أميناً، فكان الوحي ينزل على محمّد وأنا اكتبه وهو لا يعلم ما اكتب، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه.
فقال الحاضرون: صدقت!!
يقول أبو ريّه في كتاب الاضواء بعد نقل هذا الكلام(1): لم يكن معاوية في كتّاب الوحي، ولاخطّ بقلمه لفظة واحدة من القرآن.

فاطمة في صحيح جامع الترمذي
(903) عن المسور بن مخرمة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: «انّ بني هشام... فانّها بضعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها»(2).
(904) وعن ابن الزبير... فقال صلى الله عليه وسلم: «انّما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها»(3).
(905) عن انس عنه صلى الله عليه وسلم: حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، وآسية امرأة فرعون»(4).
____________
(1) اضواء على السنة المحمديّة: 130.
(2) صحيح جامع الترمذي 3: 241.
(3) صحيح جامع الترمذي 3: 24 وفيه روايتان اخريتان في حقها.
(4) صحيح جامع الترمذي 3: 244.