على اننا اذا نظرنا الى مأساة مالك ـ من زاوية اخرى ـ امكننا ان نلاحظ فيها الامور التالية :
( أ ) لقد تردد امر الزكاة على مالك كما يقول ابن الاثير .
والتردد غير الامتناع ، لانه يتضمن التريث والاحجام وهي فترة وسطى بين الامتناع والانصياع . فاذا حصل الامتناع ، فانه ـ مع ذلك ـ لايجوز قتاله برأينا ، الا اذا كان الامتناع مشروطا لا مطلقا ـ اي ان يكون حصوله نتيجة للانتقاض على العقيدة الاسلامية .
ومما يؤيد وجاهة ما ذهب اليه ابن الاثير : ان مالكا الذي كان واليا على صدقات قومه بني يربوع من قبل النبي ، لما بلغته وفاة الرسول امسك عن اخذ الصدقة من قومه وقال لهم : تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي وننظر ما يكون من امره ، وقد صرح بذلك في شعر :

وقال رجـال : سدد اليوم مالك * وقــال رجال : مالك لم يسدد
فان قــام بـالامر المجدد قائم * اطعنا وقـلنا : الدين دين محمد

فصرح مالك اذن انه استبقى الصدقة في ايدي قومه رفقا بهم ، وتقربا اليهم ، الى ان يقوم بالامر من يدفع له ذلك » (1) .
( ب ) لقد تجاوز ابو بكر عن خالد ـ رغم اصرار عمر على ضرورة معاقبته ـ بدافع الرأفة به والشفقة عليه ، ولكن ذلك التجاوز قد حصل على حساب اقامة الحدود الدينية على ابن الوليد .
فقد اخطأ خالد باعتراف ابي بكر ، واخطأ خالد واقر بخطئه واعتذر عنه .
ولاندري ايجوز الصفح عن المجرم اذا ندم واعتذر ؟
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 184 .
( 81 )

وهل يجوز الاجتهاد في معرض النص ؟
ولعل هذه الحادثة وامثالها هي التي جعلت عليا يمتنع عن الزام نفسه بالسير وفق سيرة الشيخين حين عرض عليه ذلك عبد الرحمن بن عوف اثناء الشورى .
( ج ) ومما يؤيد عدم قناعة ابي بكر ببراءة خالد انه امر برد السبي وودى مالكا من بيت المال عندما قدم عليه متمم بن نويرة يطالبه بدم اخيه ويسأله ان يرد عليهم سبيهم . على اننا لانعلم فيما اذا جاز لابي بكر من الناحية الدينية ان يدفع من بيت مال المسلمين تعويضا عن جريمة شخصية ارتكبها ابن الوليد !!
اما كيفية وقوع مالك وبعض صحبه اسرى بيد خالد بن الوليد ، وما جرى لهم بعد الاسر ، وموقف عم من ذلك ، فقد لخصه احد الرواة (1) بقوله :
« ان السرية التي بعث بها خالدا لما غشيت القوم تحت الليل راعوهم ، فأخذ القوم السلاح .
فقال اصحاب خالد : نحن المسلمون .
فقال اصحاب مالك : ونحن المسلمون . فقال اصحاب خالد : مابال السلاح معكم !! فلما وضعوا السلاح ربطوا اسارى ، فأتوا بهم خالدا ، فحدث ابو قتادة خالد بن الوليد : ان القوم نادوا بالاسلام ، وان لهم امانا .
فلم يلتفت خالد الى قوله ، وامر بقتلهم وتقسيم سبيهم .
وحلف ابو قتادة ان لايسير تحت لواء خالد في جيش ابدا . وركب فرسه شاذا الى ابي بكر ، فأخبره الخبر ، وقال :
اني نهيت خالدا عن قتل مالك فلم يقبل قولي ، واخذ بشهادة الاعراب الذين غرضهم الغنائم ، وان عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند ابي بكر فاكثر ، وقال :
ان القصاص وجب عليه .
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 184 الطبعة الاولى .
( 82 )

فلما دخل خالد المسجد قام اليه عمر ... وقال : ياعدو نفسه عدوت على امرىء مسلم فقتلته ، ونزوت على امرأته ... والله لنرجمنك بأحجارك .
وقد روى ايضا ان عمر لما ولى جمع من عشيرة مالك بن نويرة من وجد منهم واسترجع ما وجد عند المسلمين من اموالهم واولادهم ونسائهم ، فرد ذلك عليهم جميعا .
وقيل : انه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق وبعضهن حوامل فردهن على ازواجهن ، فالامر ظاهر في خطأ خالد ، وخطأ من تجاوز عنه » .
وكانت حجة مالك واصحابه في تأجيل دفع الزكاة على ما يحدثنا بعض الرواة (1) انهم فسروا الاية التي وردت في سورة التوبة : « خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم » (2) .
بأنها تتضمن ضرورة صلاة النبي عليهم صلاة تكون سكنا لهم ، ليأخذ صدقة من اموالهم يزكيهم بها ـ وتلك الصفات ، برأيهم ، لاتتحقق في غير النبي ، لان غير النبي ـ بنظرهم ـ لايطهر الناس ، ولايزكيهم بأخذ الصدقة منهم ، ولاتكون صلاته سكنا لهم ـ اي انهم بعبارة اخرى ، ترددوا في اعطاء الزكاة الى غير النبي الى ان يثبت لهم وجود من يمثله ، وهو امر دون شك ، لا يعنى عدم اعترافهم بالزكاة ـ كأساس من اسس الدين ـ لانهم لم يجحدوا وجوبها ، ولكنهم قالوا :
انه وجوب مشروط . فتأولوا ، وربما اخطأوا ، كما تأول خالد فأخطأ ـ برأي ابي بكر .
واذا كان ابو بكر قد تجاوز عن خالد لانه تأول الخطأ ، افلا يجوز ان يقال عن اولئك ، على اسوأ الفروض : انهم تأولوا فأخطأوا !!
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 185 : الطبعة الاولى بمصر .
(2) التوبة : 103 .

( 83 )

يتضح من كل ما ذكرنا ان خالد بن الوليد واصحابه قد غرروا بضحاياهم وخدعوهم تحت ستار الدين ، فجردوهم عن السلاح اولا وقتلوهم ـ بعد ذلك ـ على الشكل الذي ذكرناه ـ ويلوح للباحث في شهادة ابي قتادة ان خالدا ـ لمرض في نفسه ـ ربما كان له صلة بأم تميم زوج مالك ، قد اخذ بشهادة الاعراب الذين غرضهم الغنائم والسلب والنهب ، وهي امور ابعد ما تكون عن جوهر الدين .
وقد وصفهم الله في كتابه بالغلظة والنفاق .
هذا الى المؤرخين كما سلف ان ذكرناها :
لم يؤيدوا خروج مالك وصحبه على مبادىء الدين ، او منعهم الزكاة او جحودهم وجوبها ، فهم اذن لا يستحقون القتل اطلاقا ، فكيف به وقد وقع بذلك الشكل من الغدر !!
ان الشيء الذي كانوا بحاجة اليه هو التنبيه والارشاد ، هذا اذا كانوا مخطئين في تفسير الاية التي ذكرنا في قضية الزكاة .
اما مالك نفسه فقد كان مسلما ، بشهادة عمر بن الخطاب ؛
وان خالدا بشهادة عمر كذلك ؛ قد اعتدى عليه ونزى على زوجه .
وهناك امر آخر لابد من ذكره في هذه المناسبة لتعلقه بمبدأ عام يتصل بموضوع المتهمين بالامتناع عن دفع الزكاة ، لا بموضوع مالك بن نويرة حسب ما ذكره البخاري حين قال (1) :
« حدثنا يحيى بن بكير ؛ حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب ، اخبرني عبيد الله ابن عتبة ان ابا هريرة قال : لما توفى النبي واستخلف ابو بكر ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر :
يا ابا بكر كيف تقاتل الناس . وقد قال رسول الله امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا : لا اله الا الله ؛ فمن قال ذلك فقد عصم مني ماله ونفسه الا بحقه وحسابه على الله » . وهناك امور اخرى اقترفها خالد بن الوليد لا تقل شناعة عما
____________
(1) صحيح البخاري 8 / 50 طبعة مصر .
( 84 )

ذكرنا ـ منها : اغتياله سعد بن عبادة ـ وهو في محل اقامته في الشام ـ في اواخر خلافة ابي بكر ، او مساهمته بذلك الاغتيال .
ومنها ما رواه الطبري (1) حين قال :
« حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن اسحق قال : حدثني بعض اهل العلم عن رجل من جزيمة قال : لما امرنا خالد بوضع السلاح قال رجل منا ـ يقال له جحدم : ويلكم يا بني جذيمة .
ما بعد وضع السلاح الا الاسار ثم ما بعد الاسار الا ضرب الاعناق .
والله لا اضع سلاحي ابدا . قال : فأخذه رجال من قومه ، فقالوا : يا جحدم ؛ اتريد ان تسفك دماءنا ! ان الناس قد اسلموا .. فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ، ووضع القوم السلاح لقول خالد ؛ فلما وضعوه امر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ، ثم عرضهم على السيف ، فقتل منهم من قتل .
فلما انتهى الخبر الى رسول الله رفع يديه الى السماء وقال : اللهم اني ابرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد . ثم دعا علي بن ابي طالب ، فقال : ياعلي اخرج الى هؤلاء القوم فانظر في امرهم ، واجعل امر الجاهلية تحت قدميك ، فخرج علي ومعه مال قد بعثه رسول الله به ، فودى لهم الدماء وما اصيب من الاموال .
حتى اذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال . فقال لهم على حين فرغ منهم : ابقى لكم دم او مال لم يرد ؟ قالوا : لا ، قال :
فاني اعطيكم هذا البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله مما لايعلم ولا تعلمون ففعل ، ثم رجع الى رسول الله فأخبره الخبر . فقال : اصبت واحسنت » .
فاذا كان هذا عمل خالد في زمن النبي ، فكيف به وقد انتقل الرسول الى الرفيق الاعلى !!
____________
(1) « تاريخ الامم والملوك » 3 / 124 .
( 85 )

ومع ذلك كله ، فقد تجاوز عنه ابو بكر ، لانه تأول فأخطأ « على حد تعبيره » فاختلفت سيرة ابي بكر ، في هذه القضية الخطيرة ، عن سيرة عمر الذي عزل خالدا . فقد كان اول كتاب كتبه عمر ـ على ما يقول ابن الاثير (1) ـ موجها « الى ابي عبيدة ابن الجراح بتولية جند خالد ، وبعزل خالد ، لانه كان عليه ساخطا في خلافة ابي بكر كلها ، لوقيعته بابن نويرة ... وقال عمر : لا يلي خالد لي عملا ابدا .
وكتب الى ابي عبيدة .. ان انزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله » .
وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول :
ان ليس هناك شيء يصح ان يدعى « سيرة الشيخين » من حيث التوافق التام في جميع التصرفات العامة الدينية والزمنية ـ ولعل ذلك احد الاسباب التي ادت بالامام ـ حين عرض عليه ابن عوف الخلافة وقت الشورى ـ الى عدم الموافقة على الشرط الثالث « سيرة الشيخين » . وعلي بموقفه هذا ، قد استبعد « سيرة الشيخين » من ان تصبح بحد ذاتها سنة تتبع ، لعدم وجود ما يبرر اتباعها ـ من الناحية الدينية ـ ما دام القرآن وسنة الرسول هما دستور الاسلام بنظره .
وهناك امر آخر لابد من ذكره في هذه المناسبة ، هو ان جواب الامام ، بالصيغة التي ورد فيها ، كان يدل ـ دلالة قاطعة وصريحة ـ على التيهؤ لتحمل المسئولية ، وعدم نثر الوعود التي لا يمكن الالتزام بها اثناء تسلم المنصب الخطير .
فعلي لا يريد ان يلزم نفسه مقدما بشيء يستحيل عليه ان يعمل وفق مستلزماته بعد تسلمه الخلافة للاسباب التي ذكرناها . ولعل الشيء الذي يبدو غريبا ـ في امر الشورى ـ هو قبول علي الاشتراك فيها مع علمه بِأفضليته واحقيته بالخلافة . غير ان ذلك الاستغراب يزول عندما نتذكر ان عليا صرح بأنه يدخل الشورى ،
____________
(1) الكامل في التاريخ 3 / 293 .
( 86 )

لان ابن الخطاب قد اهله الان للخلافة « وكان من قبل يقول : ان النبوة والخلافة في بيت واحد لاتجتمعان » (1) .
اما موقفه من شرط ابن عوف فأمر كان متوقعا ـ ذلك ، لان الامام كان على يقين من ان كلا من الشيخين قد سار في حدود اجتهاده الشخصي ، وانه من غير الممكن ان يلتزم هو بالكتاب والسنة وبسيرة الشيخين ـ وتتجلى روعة موقفه هذا اذا ما تذكرنا موقف زميله عثمان الذي كان ينعم بالاجابة لابن عوف حتى كسب الخلافة ، ولكنه لم يسر ـ كما سنرى ـ على الكتاب والسنة ، بله سيرة الشيخين ؟؟
____________
(1) عبد الفتاح عبد المقصود : « الامام علي بن ابي طالب » 1 / 28 .
( 87 )

حديث السقيفة

ج ـ عثمان بن عفان

« فقام ثالوث القوم ، وقام بنو امية يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع .. إلى أن انتكث فتله ، وأجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته ... فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليّ ، ينثالون علي من جانب حتى لقد وطئ الحسنان ، وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم ، فلما نهضت بالامر نكثت طائفة ، ومرقت أخرى ، وقسط آخرون » ( 1 ) .
إرتقى عثمان بن عفان منبر النبي بعد وفاة عمر وبالشكل الذي وصفناه في قصة
____________
( 1 ) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 1 / 50 ـ 67 ، الخضم : اكل بكل الفم ، وضده القضم وهو : أكل بأطراف الاسنان ـ وقيل : الخضم اكل الشيء الرطب ، والقضم أكل الشيء اليابس ـ والمراد ـ على التفسيرين ـ لا يختلف ، وهو : انهم على قدم عظيمة من التهم وشدة الاكل وامتلاء الافواه .
قال أبو ذر عن بني أمية : يخضمون ونقضم .
وانتكث قتله : انتقض ـ واجهز عليه عمله : ثم قتله ـ وكبت به بطنته ، كبا الجواد : إذا سقط بوجهه ، والبطنة . الاسراف في الشبع ـ وثالث القوم عثمان ... والعطفان . الجانبان من المنكب إلى الورك ... والمعنى . خدش جانباي ، لشدة الاحتكاك منهم والازدحام ... وعرف الضبع ثخين ، ويضرب به المثل في الازدحام ـ وينثالون . يتتابعون .. وكربيضة الغنم . يصف شدة ازدحامهم حوله ، وجئومهم بين يديه .. فأما طائفة الناكثين . فهم أصحاب الجمل ـ والقاسطين ، أصحاب صفين . والمارقين . أصحاب النهروان .

( 88 )

« الشورى » . واول عمل قام به الخليفة الجديد هو : تعيين ذويه واقربائه من الامويين وآل ابي معيط مستشارين ، وامراء على الامصار ، وبخاصة اولئك الذين كانت لهم إو لآبائهم سيرة غليظة معروفة في محاربة الاسلام ونبيه ، الامر الذي اورثهم احقادا ـ من الجاهلية ـ على الرسول واهل بيته وتعاليمه ، زرعها امية بن عبد شمس ونجله حرب ، وتعهدها من بعدهما : ابو سفيان ، وزوجه هند بنت عقبة ، ونجلهما معاوية الذي حارب النبي في بدر مع ابيه فهرب بعد ان قتل اخ له ، واسر آخر كما سنرى .
وقد ادى اعتماد عثمان على اولئك النفر ـ وعلى مروان بن الحكم ـ الى تقويض دعائم الخلافة الاسلامية ، وطوح بحياة عثمان وعلى مروان بن الحكم ـ الى تقويض الخلافة الاسلامية ، وطوح بحياة عثمان وعلي من بعده ، وبالتالي الى اندحار مبادىء العدالة الاجتماعية التي تبناها الاسلام ، واراد الرسول الكريم بثها بين الناس على اختلاف اجناسهم ومواقعهم الجغرافية .
وقد زرعت تصرفات الامويين ـ الذين اعتمد عليهم عثمان في تدوير شئون المسلمين ، كما سنرى ، فأصبح الحكام ـ بعد مصرع الخليفة الثالث كما سنرى ، بذور الفسلد والتفسخ في الخلق العربي عند الحكام والمحكومين على السواء ، فأصبح الحكام ـ بعد مصرع الخليفة الثالث كما سنرى ـ يستعملون شتى اساليب الغدر والمواربة ، والكذب ، والدس ـ واضرابها من الرذائل السياسية والخلقية ـ لكسب ولاء الجماهير لحكمهم الفاسد من جهة ، وللايقاع بخصومهم من جهة اخرى . والف المحكومون ـ الا ما ندر ـ هذه التصرفات الملتوية ، مع توالي الايام ، واستحسنوها وكيفوا سلوكهم وفقا لها .
وبما اننا لانؤرخ ـ في هذه الدراسة ـ اثر الامويين (1) في الخلق العربي والاسلامي ، وانما نحن بصدد البحث في الدور الذي لعبوه في خلافة عثمان ، فسوف
____________
(1) ربما ساعدتنا الظروف في المستقبل فقمنا بدراسة ذلك بشيء من التفصيل ، راجع الصراع بين الامويين ومبادىء الاسلام ـ المؤلف .
( 89 )

نحصر بحثنا في هذه النقطة المعينة ، ولكي تفهم ذلك الاثر على الوجه الاكمل نرى لزاما علينا ان نستعرض مواقفهم من الاسلام في عهد الرسول :
لقد الب الامويون كفار قريش على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ـ فوقعت بدر ـ وقتل منهم حنظلة بن ابي سفيان بن حرب بن امية بن عبد شمس .
والعاص بن سعيد بن العاص بن امية بن عبد شمس ، وعبيدة بن سعيد بن العاص ابن امية بن عبد شمس .
والوليد بن عقبة بن ربيعة بن عبد شمس « صهره اخو هند زوج ابي سفيان » وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس ، وعقبة بن ابي معيط « والد الوليد اخي عثمان لامه »
واسر من الامويين يوم بدر ابو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ،
والحرث بن وجزة بن ابي عمر بن امية بن عبد شمس .
وكان عمرو بن ابي سفيان ـ زوج بنت عقبة بن ابي معيط ـ من اسرى بدر ـ كما ذكرنا ـ فاقترح بعض المقربين الى ابي سفيان ان يفدى عمرواً ؟ فأجاب : « ايجمع عليّ مالي ودمي ؟ قتلوا حنظلة وافدى عمروا !! دعوه في ايديهم .. وبينما هو ـ اي عمرو ـ كذلك محبوس في المدينة اذ خرج سعد بن النعمان بن اكال اخو بني عمرو بن عوف ... معتمرا ... وكان شيخا مسلما ... فعدا (2) عليه ابو سفيان بمكة فحبسه بابنه عمرو ، ثم قال مفتخرا :

ارهط ابن اكال اجيبوا دعـــاءه * تعاقدتموا لاتسلموا السيــد الكهلا
فان بني عمرو لئـــام اذلــة * لئن لم يفكوا عن اسيرهـم الكبلا (1)

وقالت هند بنت عتبة ـ زوج ابي سفيان ، وام معاوية ـ تبكي اباها يوم بدر :
____________
(1) على الرغم مما بين الطرفين من عهد بعدم التعرض للحجيج او المعتمرين الا بخير .
(2) ابن هشام « سيرة النبي محمد » 2 / 294 .

( 90 )

يريـــب علينا دهرنا فيسوؤنـــا * ويــأبى فـما نـأتي بشيء نغـالبه
فـأبلــغ ابا سفيان عنـــي مالكا * فـان الــقه يومـا فـسوف اعاتبه
فقد كان حرب يسعــر الحرب انه * لكل امرىء في الناس مولى يطالبه (1)

وفي ضوء ماذكرنا نستطيع ان نقول ان الامويين قد اصيبوا بنكسة مريعة في بدر ، فتحركت حفائظهم ، واثيرت ضغائهم القديمة ، واحقادهم الجديدة ، فالبوا من جديد كفار قريش ، والبهم الكفار ، على حرب النبي .
وكان ابو سفيان « رأس المؤلبين والحاقدين » قد هيا كفار قريش ـ وهيئوه ـ لاعلان حرب جديدة على النبي !! ؟ وتجهز الناس وارسلوا اربعة نفر منهم عمرو بن العاص .. فساروا في العرب يستنفرونهم .
وكان ابو سفيان قائد الناس ، فخرج بزوجه هند .. وخرج غيرهم بنسائهم .. الحرث بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد اخت خالد ... وعمرو بن العاص بريطة بنت منبه .. وكان مع النساء الدفوف يبكين على قتلى بدر ويحرضن بذلك المشركين » (2)
فخرجت قريش « بحدها واحابيشها ومن معها من بني كنانة واهل تهامة وخروجوا معهم بالظعن إلتماس الحفيظة ، ولئلا يفروا .
فخرج ابو سفيان بن حرب قائد الناس ومعه هند .. وكانت هند كلما مرت بوحشي ـ او مر بها ـ قالت ايه ابا دسمة ! استف واشتف .
واقبل خالد بن الوليد على خيل المشركين .. واقبل ابو سفيان يحمل اللات والعزى ، (3) وقامت هند في النسوة اللاتي معها واخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم وانشدت هند :
____________
(1) ابن هشام : سيرة النبي محمد 2 / 414 ، 415 .
(2) ابن الاثير : الكامل في التاريخ 2 / 103 .
(3) الطبري : تاريخ الامم والملوك 3 / 10 ، 14 .

( 91 )

ويهاً بنـي عبــد الـدار * ويـهــاً حمــاة الاديار
ضربـــا بكل بتــار
ان تـقبلــوا نعانـــق * ونفــرش النمـــارق
او تـدبـــروا نفـارق * فراق غيــر وامــق (1)

وانشد عمرو بن العاص يوم احد يصف خروجهم لقتال النبي :

خرجنا مـن الفيفــا عليهم كأننا * مع الصبح رضوى الحبيك المنطق
فما راعهم بالـشر الا نجـــاءة * كراديس خيــل في الازقة تمرق(2)

ووقفت هند والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من اصحاب الرسول .
« يجدعن الاذان والانف حتى اتخذت هند من آذان الرجال خدما » « جمع خدمة وهي الخلخال » وقلائد .
وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها .. ثم علت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها :

نحــن جزيناكم بيوم بــدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عــن عتبة لي صبر * ولا اخى وعمــه وبكــر (3)

وكان الحليس بن زبان « على مايروى ابن هشام في سيرة النبي محمد 2 / 44 ، 45 » قد « مر بأبي سفيان وهو يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب ـ وهو جثة هامدة ـ ويقول : ذق عقق .
ولما انصرف ابو سفيان ومن معه نادى : ان موعدكم بدرا للعام القادم » ـ ثم التفت الى زوجه هند وانشد مفتخرا (4) :

اباك واخوانا له قد تتابعوا * وحق لهم من عبرة بنصيب

____________
(1) ابن هشام « سيرة النبي محمد » 3 / 12 ، 13 .
(2) المصدر نفسه 3 / 11 .
(3) المصدر نفسه 3 / 41 .
(4) المصدر نفسه 3 / 21 ، 22 .

( 92 )

وسلى الذي قد كان في النفس انني * قـتـلت من النجار كل نجيــب
ومـن هاشم قرما كريما ومصعبـا * وكان لدى الهيجاء غير هيــوب

وكانت هند ـ حين انصرف المشركون منتصرين من احد ـ تنشد :

رجعت وفي نفسي بلابـل جمــه * وقد فـاتني بعض الذي كان مطلبي
ولكننـي قد نلت شيئا ولــم يكن * كما كنت اجو في مسيري ومركبي (2)

اما اسلام هند ـ في الظاهر ـ فقد حصل بالشكل التالي :
« لما فتح النبي مكة حضرت اليه هند مع نساء مكة ليبايعنه .
فلما تقدمت هند لمبايعته اشترط شروط الاسلام عليها .. فأجابته بأجوبة قوية
فما قاله لها : تبايعينني على ان لاتقتلي اولادك ؟! فقالت هند :
اما نحن فقد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا يوم بدر .. فقال : وعلى الا تزنين ! ؟ فقالت هند : وهل تزني الحرة ؟ قالوا : فالتفت رسول الله الى العباس وتبسم » (3)
يتضح مما ذكرنا جانب من جوانب تعبير الامويين عن مقتهم للدين الحنيف ولصاحبه ، فقد شنوها ـ كما رأينا ـ حربا شعواء لاهوادة فيها على النبي ، غير انهم اندحروا في بدر ـ كما رأينا ـ وكادوا ينالون من النبي في موقعة احد .
فقتلو عمه حمزة ومثلوا به على شكل من الوضاعة والبشاعة قل ان يعثر المرء على مثلهما في التاريخ . ولولا انه خيل اليهم ان الرسول قد قتل لما رجعوا من المعركة .
غير انهم سرعان ما اجمعوا امرهم على الرجوع الى النبي في احد حينما بلغهم انه نجا من سيوفهم الظالمة فلقى « معبد الخزاعي ، ابا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء .
____________
(1) القرم : الفحل الكريم من الابل ، والمصعب . الفحل من الابل ـ كناية عن حمزة ابن عبد المطلب .
(2) ابن هشام ( سيرة النبي محمد ) 3 / 159 .
(3) ابن الطقطقي الفخري في « الاداب السلطانية » ص 76 ، 77 لعل ابتسامة النبي تشير الى حادثة الزنى التي رمى بها الفاكهة بن المغيرة زوجه هند ، فطلقها فتزوجها ابو سفيان .

( 93 )

وقد اجمعوا الرجعة الى رسول الله واصحابه ، وقالوا :
اصبنا جل اصحابه وقادتهم واشرافهم ثم رجعنا قبل ان نستأصلهم ، لنكرّنّ على بقيتهم فلنفرغن منهم ـ فلما رأى ابو سفيان معبدا قال : ماوراءك يا معبد ؟
قال : محمد ، قد مرج في اصحاب يطلبكم في جمع لم ار مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرقا ... قال : فوالله لقد اجمعنا الكر عليهم لنستأصل بقيتهم .
قال : فاني انهاك عن ذلك ... قال : فثنى ذلك ابا سفيان ومن معه » (1) .
ولكن اخفاق ابي سفيان « في مؤامرته المسلحة لوَأدِ الاسلام والمسلمين في احد » لم يثنه عن مواصلة الكفاح المرير لاثارة وقائع اخرى ضد النبي .
وقد نذر ابو سفيان « ان لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمداً (2) في كل فرصة ملائمة للاجهاز عليه ، وعلى الدين الحنيف .
فألب الاحزاب في حرب الخندق ... ومابعدها ... ولم يعلن اسلامه ـ في الظاهر ـ الا حين رأى ان ذلك اجدى من السيف لتحطيم الاسلام .
وهكذا كان ابو سفيان يثيرها حروبا متصلة الحلقات للايقاع بالنبي وبدينه وبصحبه ، فأثار حرب بدر ، وأحد ، والاحزاب في الخندق ، وتآمر مع اليهود للوصول الى تحقيق غرضه الدنىء .
لقد مر بنا طرف من حوادث ايذاء قريش ـ وفي مقدمتهم بنو امية من النساء والرجال ـ للنبي ، وللمسلمين ، وللعقيدة الاسلامية طوال مكوث النبي في مكة « وقد ظهر ذلك الايذاء بشكل فردي مبعثر احيانا ، وبشكل جماعي منظم احيانا اخرى .
وتفنن المشركون من الامويين خاصة في ابتداع الوسائل المختلفة لايذاء الرسول
____________
(1) الطبري « تاريخ الامم والملوك » 3 / 28 ، 29 .
(2) ابن الاثير « الكامل في التاريخ » 2 / 98 .

( 94 )

فبعثوا النضر بن الحرث وعقبة بن ابي معيط (1) الى احبار اليهود لتأليبهم على النبي وتسفيه رسالته ، وارسلوا عبد الله بن ابي ربيعة ، وعمرو بن العاص (2) الى الحبشة لاقناع النجاشي بطرد المسلمين الذين هاجروا الى الحبشة ، تخلصا من ايذاء المشركين .
وقد نزل قرآن في ذم كثير من اولئك الذين بالغوا في الاعتداء على الرسول ، كأم جميل بنت حرب بن امية حمالة الحطب (3) .
وكان ذلك كله يجري بمكة طوال مكوث النبي فيها .
فلما هاجر النبي الى المدينة واصل كفار قريش ـ تحت زعامة الامويين من النساء والرجال ـ ايذاء الرسول ، هذه المرة عن طريق الحرب ، فامتشق (4) الامويون الحسام والبوا قريشا ، وحاربوا النبي في سلسلة من الحروب الفاشلة التي ذكرناها .
ولما رأى المشركون ـ من بني امية واتباعهم ـ فشلهم المتواصل لجأوا الى اتّباع اسلوب جديد للايقاع بالاسلام ـ وكان هذا الاسلوب ـ في واقعه ـ اكثر الاساليب ايجاعا للعقيدة الاسلامية .
فتقمص قادتهم الاسلام والتزموا ببعض مظاهره ليتمكنوا من اعلانها حربا شعواء على الدين من داخله ؛ بعد ان اعياهم امره في حربهم اياه من الخارج .
فأسلم ابو سفيان ـ قائدهم ـ في الظاهر يوم فتح مكة بعد ان لجأ الى العباس عم النبي مضطرا والتمسه ان يأخذه الى الرسول ، فلما اتى به العباس قال له رسوله الله : الم يأن لك ان تعلم ان لا اله الا الله ؟ فقال : بأبي انت وامي ما احلمك واكرمك واوصلك ‍
والله لقد علمت لو كان معه اله غيره اغنى عنا ‍! فقال :
____________
(1) ابن هشام : « سيرة النبي محمد » 1 / 320 .
(2) المصدر نفسه 1 / 357 ـ 360 .
(3) المصدر نفسه 1 / 376 ـ 378 .
(4) امتشقته : اقتطعته ، صحاح اللغة مادة « مشق »

( 95 )

ويحك الم يأن لك ان تعلم اني رسول الله ؟ قال : بأبي انت وامي ما احلمك واكرمك واوصلك !! اما هذه ففي النفس منها شيء .
فقال العباس : ويحك اسلم قبل ان يضرب عنقك ! فأسلم » (1) .
وقد حاول ابو سفيان ان يضبط اعصابه ـ التي نشأت على الكفر وتشربت ببغض الاسلام ـ فتظاهر بنبذ عبادة الاوثان والاعتراف بالدين الجديد .
ولكن ذلك لم يعصمه في مناسبات كثيرة من غمز الدين الجديد ، من ذلك ، مثلا : ما ذكره ابن هشام (2) حينما خاطب الحرث بن هشام ابا سفيان بعد فتح مكة بقوله : « اما والله لو اعلم ان محمداً نبي لاتبعته !! فقال ابو سفيان : لا اقول شيئا ، لو تكلمت لاخبرت عني الحصا ! » فلو كان ابو سفيان مسلما صحيح الاسلام لانبرى لتنفيذ زعم ذلك المشرك البغيض .
اما اقراره لرأي الحرث ـ ضمنيا ـ كما يبدو من عبارته فدليل قاطع على وثنيته .
ذلك ما يتصل بأبي سفيان ، اما ما يتصل بغيره من شيوخ الامويين ـ الذين اعتمد عليهم عثمان في تدوير شئون المسلمين ـ فمعروف لدى من لهم ادنى المام بالتاريخ الاسلامي في عهد الرسول ، فالحكم ـ ابو مروان وزير عثمان ـ قد خاض من فحش القول مع الرسول ما يندى من ذكره جبين المسلم ـ الامر الذي اضطر النبي الى نفيه من المدينة الى الطائف ، قال البلاذري (3) :
« حدثني محمد بن سعد الواقدي عن محمد بن عبد الله الزهري ، وحدثني عباس ابن هشام الكلبي عن ابيه عن جده ، ان الحكم بن العاص بن امية عم عثمان ابن عفان كان جارا للنبي في الجاهلية ، وكان اشد جيرانه اذى له في الاسلام .
فكان يمر خلف النبي فيغمز به ويحكيه ويخلج بأنفه وفمه ، واذا صلى قام خلفه فأشار بأصابعه ... واطلع على ذلك رسول الله ذات يوم في بعض حجر
____________
(1) ابن خلدون « كتاب العبر » ... الخ 2 / 234 .
(2) سيرة النبي محمد 4 / 33 .
(3) انساب الاشراف 5 / 27 .

( 96 )

نسائه فعرفه وخرج اليه ... ثم قال : لا يساكني هو ولا ولده فغربهم جميعا الى الطائف ، فلما استخلف عثمان ادخلهم المدينة » .
وابن ابي سرح الذي اختبره النبي في كتابة الوحي فحرف وبدل في التنزيل ، فأهدر النبي دمه .
والوليد بن عقبة بن ابي معيط الذي نزل فيه قرآن يصفه بالنفاق في قضية بني المصطلق المعروفة ـ قال تعالى : « يا ايها الذين آمنو ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة (1) » .
وكان المسلمون في عهد الرسول « يسمون ابا سفيان وامثاله من الذين اسلموا بأخرة ، ومن الذين عفا النبي عنهم يوم الفتح بالطلقاء .
ومهما يقال عن معاوية فهو ابن ابي سفيان قائد المشركين ... وابن هند التي اغرت بحمزة حتى قتل ثم بقرت بطنه ولاكت كبده » (2) .
وقد ذكر الزبير بن بكار في الموفقيات « عن المغيرة بن شعبة قال : قال لي عمر يوما : يا مغيرة هل ابصرت بعينك العوراء منذ اصيبت ؟ قلت : لا .
قال : اما والله ليعورن بنو امية الاسلام كما اعورت عينك هذه ، ثم ليعمينه حتى لايدري اين يذهب ولا اين يجيء » (3) .
وذكرالبخاري في صحيحه 8 / 49 » « حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا سفيان عن منصور ، والاعمش عن ابي واتل عن ابن مسعود قال : قال رجل يا رسول الله اتؤاخذنا بما عملنا في الجاهلية « قال : من احسن في الاسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية .
ومن اساء في الاسلام اخذ بالاول والاخر » .
____________
(1) الحجرات : 6 .
(2) الدكتور طه حسين : الفتنة الكبرى ، علي وبنوه 155 .
(3) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 115 .

( 97 )

لقد ظهر من تقريب عثمان للأمر بين خلافته وايثارهم ـ دون غيرهم ـ على سائر المسلمين اشكالا مختلفة : اوضحها الجانب المالي ، والجانب السياسي الاداري ـ وبقدر ما يتعلق الامر بالجانب المالي يمكننا ان نقول : ان عثمان اغدق العطايا على اقربائه من بيت مال المسلمين دون حساب ، من ذلك ، مثلا : ان عثمان قد منح مروان بن الحكم ـ زوج ابنته ام ابان ، كما منح ابنته عائشة ـ التي زوجها من الحرث بن الحكم اخى مروان ـ يوم العرس « مئتى الف من بيت المال ، سوى ما كان قد اقطعه من قطائع ، فلما اصبح الصباح جاءه زيد بن ارقم خازنه حزينا .. يرجو ان يقيله .
على ان هذه الواقعة لم تكن الا حلقة من حلقات سخاء عثمان .
وذات اليوم الاول لخلافته منح ابا سفيان ـ شيخ بني امية ـ مئة الف درهم (1) ،
واعطى عثمان كذلك « رجلا من ذوى قرابته مقدارا ضخما من بيت المال .
واستكثر عامله على بيت المال هذا المقدار فلم يخرجه ، فألح عثمان . فأبى الخازن . فلامه عثمان ... وقال : ما انت وذاك ؟ انما انت خازن ! قال له صاحب بيت المال : ما اراني خازنا لك ..
لقد كنت اراني خازنا للمسلمين ، ثم اقبل بمفاتيح بيت المال فعلقها على منبر النبي وجلس في داره » (2) وتفصيل ذلك على ما رواه البلاذري « انساب الاشراف 5 / 58 ، 59 » انه : « كان على بيت مال عثمان عبد الله بن الارقم .. فاستسلف عثمان من بيت المال مئة الف درهم .
ثم قدم عليه عبد الله بن اسيد بن ابي العيص من مكة ، وناس معه غزاة ، فأمر لعبد الله بثلاثمائة الف درهم ؛ ولكل رجل من القوم بمئة الف درهم ـ وصك بذلك الى ابن الارقم فاستكثره ورد الصك له .
فقال عثمان : انما انت خازن لنا فما حملك على ما فعلت ؟ فقال ابن الارقم : كنت اراني خازنا للمسلمين ؛ وانما خازنك غلامك والله لا الى لك بيت المال ابداً
____________
(1) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 2 / 20 ، 21 .
(2) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، علي وبنوه » ص 94 .

( 98 )

وجاء بالمفاتيح فعلقها على المنبر ..
وبعث عثمان الى عبد الله بن الارقم ثلاثمائة الف درهم فلم يقبلها » .
وقد استمر عثمان على هذا المنوال من ايثار بني عمومته والمقربين اليه من بيت المال على حساب المسلمين ، حتى تحدث الناس ذات يوم بأن عثمان اخذ من جوهر كان في بيت المال فخلى به بعض اهله فغضب الناس لذلك ، ولاموا عثمان فيه حتى اغضبوه ، فخطب ، فقال : لنأخذ حاجتنا من هذا الفىء وان رغمت انوف اقوام ؟
فقال عمار بن ياسر : اشهد الله ان انفي اول راغم من ذلك .
فقال عثمان : أعلى يا ابن المتكأ تجترىء !! خذوه ؟ فأخذ .
ودخل عثمان فدعا به فضربه حتى غشى عليه ، ثم اخرج محمولا حتى اتى به منزل ام سلمة زوج النبي ، وظل مغشيا عليه سائر النهار . ففاته الظهر والعصر والمغرب . فلما افاق توضأ وصلى وقال .
الحمد لله ، هذه ليست اول مرة اوذينا فيها في الله ، ويقال : ان ام سلمة ـ او عائشة ـ اخرجت شيئا من شعر النبي وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله وقالت :
هذا شعر النبي وثوبه ، ونعله لم يبل وانتم تعطلون سنته !! .
وضج الناس ، وخرج عثمان عن طوره حتى لا يدري مايقول » (1) .
واذا صحت الرواية المذكورة فان عثمان قد ارتكب خطئين في آن واحد : تبذير اموال المسلمين ، والاعتداء على رجل من خيرة الصحابة .
« ولسنا بحاجة الى ان نناقش في صحة ما جاءت به الرواية من ان عثمان اعطى مروان بن الحكم خمس الغنيمة التي غنمها المسلمون في افريقية .. ومن أنه اعطى الحكم عمه .
واعطى ابنه الحارث ثلثمائة الف .
____________
(1) الدكتور طه حسين : « الفتنة الكبرى » عثمان بن عفان 167 ، والبلاذري « انساب الاشراف » 5 / 48 .
( 99 )

واعطى عبد الله بن خالد بن اسيد الاموي ثلثمائة الف .
واعطى كل واحد من الذين وفدوا مع عبدالله بن خالد مائة الف .
واعطى الزبير بن العوام ستمائة الف ، واعطى طلحة بن عبيد الله مائة الف .
واعطى سعيد بن العاص مائة الف ، وزوج ثلاثا او اربعا من بناته لنفر من قريش ، فأعطى كل واحد منهم مائة الف دينار » (1) .
ويقول البلاذري في هذا الصدد (2) « حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن اسامة بن زيد بن اسلم ، عن نافع مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير قال :
اغزانا عثمان سنة 27 افريقية ، فأصاب عبد الله بن سعيد بن ابي سرح غنائم جليلة . فأعطى عثمان مروان بن الحكم خمس الغنائم ...
وحدثني عباس بن هشان الكلبي عن ابيه .. عمن حدثه قال :
كان عبد الله بن سعد بن ابي سرح اخا عثمان من الرضاعة ، وعامله على المغرب ، فغزا افريقية سنة 27 هـ فافتتحها فابتاع خمس الغنيمة بمئة الف او مئتى الف .
فكلم عثمان فوهبها له ، فأنكر الناس ذلك على عثمان ...
وحدثني ، محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الله بن جعفر ، عن ام بكر عن ابيها قالت : قدمت ابل الصدقة على عثمان فوهبها للحارث بن الحكم بن ابي العاص .
وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون ، حدثنا الحجاج الاعور عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : كان مما انكروا على عثمان انه ولى الحكم بن ابي العاص صدقات قضاعة فبلغت ثلثمائة الف درهم فوهبها له حين اتاه بها ..
ولما اعطى عثمان مروان بن الحكم ما اعطاه .
____________
(1) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 193 .
(2) انساب الاشراف 5 / 27 / 28 / 52 .

( 100 )

واعطى الحارث بن الحكم بن ابي العاص ثلثمائة الف درهم ..
واعطى زيد بن ثابت الانصاري مائة الف درهم جعل ابو ذر يتلو قول الله :
« والذين يكنزون الذهب ، (1) فرفع ذلك مروان بن الحكم الى عثمان ..
فأرسل الى ابي ذر نائلا مولاه : ان انته عما بلغني عنك فقال :
اينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله وعيب من ترك امر الله فوالله لسخط عثمان احب الي وخير لي من سخط الله » .
ولعل تصرف عثمان في بيت المال على الشكل الذي وصفناه ، وايقاعه بالصحابة الذين اعترضوا على ذلك ، يبدو بشكل اوضح مما ذكرناه اذا قارناه ـ حسب قاعدة : وبضدها تتميز الاشياء ـ بتصرف علي اثناء خلافته في بيت المال ـ وبموقفه ممن لامه على اتباعه الحق ، بله الباطل الذي هو اسمى من ان يهبط اليه .
« نزل بالحسين ابنه ضيف ، فاستسلف درهما اشترى به خبزا ، واحتاج الى الإدام فطلب من قنبر خادمهم ان يفتح لهم زقا من زقاق عسل جاءتهم من اليمن .
فأخذ منها رطلا ، فلما طلبها علي ليقسمها ، قال : ياقنبر ، اظن انه حدث بهذا الزق حدث ! ، فأخبره ، فغضب ، وقال : عليّ بحسين . فقال له : ما حملك ان اخذت من قبل القسمة ؟ قال : ان لنا فيه حقا فاذا اعطينا رددناه ، قال :
وان كان لك حق فليس ان تنفتح بحقك قبل ان ينفتح المسلمون بحقوقهم .. ثم دفع ال قنبر درهما كان مصروا في ردائه ، وقال :
اشتر به خير عسل تقدر عليه » (2) .
وذكر عقيل بن ابي طالب لمعاوية بن ابي سفيان عندما التحق به فارا من عدل الامام « اصابتني مخمصة شديدة . فجمعت صبياني وجئت عليا بهم ، والبؤس والضر
____________
(1) التوبة : 34 .
(2) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 3 / 81 ـ 83 هذا النص مخالف لما عليه الشيعة الامامية « الناشر »

( 101 )

ظاهران عليهم ! فقال ائتني عشية لادفع اليك شيئا ، فجئته يقودني احد ولدي ، فأمره بالتنحي ، ثم قال : الا دونك ، فأهويت حريصا قد غلبني الجشع اظنها صرة فوضعت يدي عل حديدة تلتهب نارا ، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جزار (1) .
والى هذه الحادثة يشير الامام في احدى خطبه :
« رأيت عقيلا وقد املق حتى استماحني من بركم صاعا . ورأيت صبيانه شعث الشعور ، غبر الالوان من فقرهم ، عاودني مؤكدا وكرر على القول مرددا ، فأصغيت اليه سمعي ، فظن اني ابيعه ديني واتبع قياده مفارقا طريقي ، فأحميت له حديدة ، ثم ادنيتها من جسمه ليعتبر من جسمه ليعتبر بها ، فضج ضجيج ذي دنف من المها ..
فقلت له : ثكلتك الثواكل ياعقيل .. اتئن من حديدة احماها انسانها للعبه ، وتجرني الى نار سجرها جبارها لغضبه ‍‍‍‍!! » (2) .
ويتجلى اروع مواقف الامام في ضبط النفس في معاملته للخوارج الذين هم على باطل ، من وجهة نظره على كل حال فلم نشهد له موقفا معهم ـ على باطلهم ـ يشبه موقف عثمان مع عمار ـ على حقه ـ يقول الدكتور طه حسين (3) .
« جاء عليا احد الخوارج ـ « وهو الحريث بن راشد السامي ـ فقال له : والله لا اطعت امرك ، ولا صليت خلفك .. فلم يغضب علي لذلك ، ولم يبطش به انما دعاه الى ان يناظره ويبين له وجه الحق لعله ان يثوب اليه ، فقال الحريث : اعود غدا ، فقبل منه على . » .
ولم يقف تمزيق عثمان لاموال المسلمين عند حد تفريقه اياها على الاصهار وذوي القرابة ؛ انما تعداه الى الاصدقاء والمقربين والاتباع .
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » .
(2) المصدر نفسه 3 / 80 .
(3) « الفتنة الكبرى علي وبنوه » ص 125 .

( 102 )

فقد وصل عثمان « الزبير بن العوام بستمائة الف .
ووصل طلحة بمائة الف ونزل عن دين كان له عنده » (1) .
وبقدر ما يتعلق الامر بهذا الجانب من جوانب سياسة ابن عفان يمكننا ان نقول بنشوء هوة سحيقة بين المقربين اليه ـ من الاقرباء والاصهار والاصدقاء من جهة ـ وبين سائر المسلمين من جهة اخرى .
فبينما نجد اكثرية المسلمين تعيش على الطوى ـ ويحرم القسم الكبير منها حقه في بيت المال ـ نرى المقربين الى الخليفة ـ بالاضافة الى ذوي قرابته ـ الذين استأثروا بحصة الاسد من غنيمة اموال المسلمين ، يبلغ ترفهم وثراؤهم الى الاذقان .
ففي ايام عثمان على ما يروي المسعودي (2)
« اقتنى جماعة من اصحابه الضياع والدور ، منهم : الزبير بن العوام ، بني داره بالبصرة وهي المعروفة في هذا الوقت ـ وهو سنة 332 هـ اثنتين وثلاثين وثلثمائة ـ تنزلها التجار وارباب المال ..
وابتنى ايضا دورا بمصر والكوفة والاسكندرية ، وما ذكر من دوره وضياعه فمعلوم ..
وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين الف دينار ، وخلف الزبير الف فرس . والف امة ..
وكذلك طلحة بن عبيدالله التميمي ابتنى داره المشهورة في الكوفة .
وكان غلته من العراق كل يوم الف دينار ـ وقبل اكثر من الف .
وبناحية سراة اكثر مما ذكرنا ـ وشيد داره بالمدينة وبناها بالآجر والجص والساج .
وكذلك عبد الرحمن بن عوف الزهري ابتنى داره ووسعها ، وكان على مربطه الف فرس ، وله الف بعير وعشرة الاف من الغنم
____________
(1) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 77 .
(2) مروج الذهب ومعادن الجوهر ، 2 / 222 .

( 103 )

وبلغ بعد وفاته ربع ثمن ماله اربعة وثمانين الفا » .
يتضح مما ذكرنا « ان السياسة المالية التي اصطنعها عثمان منذ ان نهض بالخلافة كانت كلها موضع نقمة وانكار من اكثر الذين عاصروه ومن اكثر الرواة والمؤرخين .
كان عثمان ـ قبل ان يلي الخلافة ـ كثير المال .
فلما تولى الخلافة شغلته عن التجارة .. ولم يكن له بد من ان ينفق على نفسه واهله وذوي قرابته بعد الخلافة كما كان ينفق قبلها ، فكان يرى فيما يظهر ان الخلافة يجب الا تغير من سيرته في المال شيئا ، فاذا لم يسعفه ماله الخاص وجب ان تسعفه الاموال العامة » (1) .
واذا استباح الخليفة لنفسه ان ينفتع ببيت المال لاغراضه الآنفة الذكر .
فان ذلك قد شجع عماله على السير في مال المسلمين سيرة امامهم ، فأعطوا واقرضوا والتوى بعضهم بالدين ، فاستقال عبد الله بن مسعود في الكوفة .
كما استقال عبد الله بن الارقم في المدينة .
واذا اطلق الامام يده واطلق العمال ايديهم في الاموال العامة على هذا النحو لم يمكن غريبا ان يحتاج الجند الى المال فلا يجدون ، وان اضطر الامام ان ينفق على الحرب من اموال الصدقة فيعرض نفسه لما تعرض اليه من الانكار ..
واذا اطلق يده في الاموال العامة على هذا النحو لم يكن غريبا ان تمتد هذه الايدي الى اموال الصدقة للانفاق على الحرب بل للعطاء وصلة الرحم .
كما يروى ان عثمان ارسل الحارث بن الحكم مصدقا على قضاعة . فلما جاء بصدقاتهم وهبها له ... على ان عثمان لم يقتصر على السائل من المال بل تجاوز الى الجامد ايضا .
فقد نقم الناس من عثمان انه كان يقطع القطائع الكثيرة في الامصار لبني امية .
____________
(1) الدكتور طه حسين . « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 190 .
( 104 )

وقد دافع اهل السنة والمعتزلة عن هذا الاقطاع بأن عثمان انما اقدم عليه استصلاحا لهذه الارض ..
ويرد الشيعة عليهم بأن عثمان نفسه لم يدافع عن نفسه هذا الدفاع ، وكان من الممكن ان يرد الشيعة ايضا بأن بني امية لم يكونوا اخصائين من دون قريش في استصلاح الارض » (1) .
وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول مع الدكتور طه حسين (2) « ان السياسة المالية لعثمان كانت تنتهي الى نتيجتين كلتاهما شر : الاولى انفاق الاموال العامة في غير حقها ..
والاخرى انشاء هذه الطبقة الغنية المسرفة في الغنى التي تستجيب لطمع لاحد له ، فتتوسع في ملك الارض واستغلال الطبقة العاملة ، ثم ترى لنفسها من الامتياز ما ليس لها ، ثم تتنافس في التسلط » .
وقد حدث ذلك بالفعل واستفحل في خلافة الامام علي كما سنرى .
ذلك : ما يتعلق بأسلوب عثمان في صرف المال وبسياسته العامة في هذه الناحية .. اما ما يتعلق بسياسته الادارية فمن الممكن ان يقال عنه :
بأن عثمان كان يعتمد ـ بالدرجة الاولى ـ من حيث الولاة والمتنفذين ، على مروان بن الحكم ـ مستشاره ووزيره ـ وعلى ولاة آخرين من اصهاره وذوي قرابته ـ مر بنا ذكر اسمائهم ـ وقد اخذ هؤلاء الولاة القساة الفجرة ، بدورهم ـ كما سنرى .
يعبثون بشئون المسلمين والاسلام بشكل لم يألفه الناس من قبل .
وعثمان من ورائهم يسندهم ويختلق لهم المعاذير التبرير افعالهم الناشزة .
____________
(1) الدكتور طه حسين : « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 193 ، 194 .
(2) المصدر نفسه : عثمان بن عفان ص 195 .

( 105 )

وانكى من ذلك ان عثمان نفسه كان ـ على الرغم مما عرف فيه من وداعة ولين ـ على جانب كبير من القسوة في معاملة اجلة الصحابة ، بله عامة الناس ..
وموقفه الغليظ من عبد الله بن مسعود ، وابي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، معروف لدى الكثيرين .
والانكى من ذلك كله :
ان هؤلاء الرجال الصالحين ـ بشهادة الرسول ـ قد امتهنهم الخليفة واعتدى عليهم بالضرب المبرح والنفي والكلام الجارح ، دون ان يقوموا بعمل يستحقون عليه العقاب .
اللهم الا اذا اعتبرنا عتابهم لعثمان على بعض تصرفاته الناشزة شيئا يستحقون عليه العقاب . قال البلاذري (1) « حدثنا محمد بن عيسى بن سميع عن محمد بن ابي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال :
ولما ولى عثمان كره ولايته نفر من اصحاب رسول الله .. وكان كثيرا ما يولى من بني امية من لم يكن له مع النبي صحبة . وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم فلما كان في الست الاواخر استأثر ببني عمه فولاهم .
وولى عبد الله بن سعد بن ابي سرح مصر فمكث فيها سنين ، فجاءه اهل مصر يشكونه ويتظلمون منه ... فكتب اليه كتابا يتهدده فيه ، فأبى ان ينزع عما نهاه عثمان عنه .
وضرب بعض من كان شكاه الى عثمان من اهل مصر حتى قتله .
فخرج من اهل مصر وفد الى المدينة فنزلوا المسجد وشكوا ما صنع بهم ابن ابي سرح في مواقيت الصلاة الى اصحاب محمد ، فقام طلحة الى عثمان فكلمه بكلام شديد .
وارسلت اليه عائشة تسأله ان ينصفهم من عامله » .
____________
(1) انساب الاشراف 5 / 25 ـ 26 .
(2) المصدر نفسه 5 / 49 .