واخف نفسك منهم اخفاء القنفذ رأسه عند لمس الاكف . وامتهن نفسك امتهان من ييأس القوم من نصره وانتصاره ... وانفل الحجاز فاني منفل الشام ..
وكتب الى سعيد بن العاص .. يابني امية عما قليل تسألون ادنى العيش من ابعد المسافة فينكركم من كان بكم عارفا ويصد عنكم من كان لكم واصلا ، متفرقين في الشعاب تتمنون لمظة المعاش . ان امير المؤمنين عتب عليه فيكم وقتل في سبيلكم . ففيم القعود عن نصرته والطلب بدمه ؟!
وانتم بنو ابيه ذوو رحمة واقربوه وطلاب ثأره اصبحتم مستمسكين بشظف معاش زهيد عما قليل ينزع منكم عند التخاذل .. وكتب الى عبد الله بن عامر ..
كأني بكم يابني امية شعار يرك كالاوراك تقودها الحدأة .. فثب الآن قبل أن يستشرى الفساد ..
واجعل اكبر عدتك الحذر ، وأحد سلاحك التحريض ، واغضض عن العوراء وسامح اللجوج ، واستعطعف الشارد ، ولاين الاشوس ، وقو عزم المريد ..
وكتب الى الوليد به عقبة .. فلو قد استتب هذا الأمر لمريده ألفيت كشريد النعام يفزع من ظل الطائر . وعن قليل تشرب الرنق وتستشعر الخوف .
وكتب الى يعلى بن امية .. فكان اعظم ما نقموا على عثمان وعابوه عليه ولايتك على اليمن وطول مدتك عليها .. حتى ذبحوه ذبح النطيحة .. وهو صائم معانق المصحف .. على غير جرم .. وأنت تعلم ان بيعته في اعناقنا وطلب ثأره لازم لنا .. فشمر لدخول العراق .
فأما الشام فقد كفيتك أهلها ، واحكمت امرها .
وقد كتبت الى طلحة بن عبيد الله ان يلقاك بمكة حتى يجتمع رأيكما على اظهار الدعوة والطلب بدم عثمان المظلوم .


( 128 )

وكتبت الى عبد الله بن عامر يمهد لكم العراق ..
واعلم يا ابن امية ان القوم قاصدوك بادىء بدء لاستنزاف ما حوته يداك من المال .
وكتب اليه مروان جوابا على كتابه .. زعيم العشيرة وحامي الذمار .. أنا على صحة نيتي ، وقوة عزيمتي ، وتحريك الرحم لي ، وغليان الدم مني غير سابقك يقول ولا متقدمك بفعل .
وأنت ابن حرب طلاب التراث وابى الضين . وكتابي اليك .
وانا كحرباء السبسب الهجير يرقب عين الغزالة ، وكالسبع المفلت من الشرك يفرق من صوت نفسه .
منتظرا لما تصح به عزيمتك ، ويرد به أمرك فيكون العمل به والمحتذى عليه ..
وكتب اليه عبد الله بن عامر .. فان امير المؤمنين كان الجناح الحاضنة تأوى اليها فراخها . فلما اقصده للسهم صرنا كالنعام الشارد .. والذي اخبرك به ان الناس في هذا الامر تسعة لك وواحد عليك .
ووالله للموت في طلب العز احسن من الحياة في الذلة . وانت ابن حرب فتى الحروب ، ونصار بني عبد شمس ، والهمم بك منوطة وانت منهضها .. ولنعم مؤدب العشيرة انت ، وانا لنرجوك بعد عثمان .
وها انا اتوقع ما يكون منك لامتثله واعمل عليه .
وكتب الوليد بن عقبة .. فانك اسد قريش عقلا ، واحسنهم فهما واصوبهم رأيا . معك حسن السيرة وانت موضع الرئاسة ، تورد بمعرفة وتصدر عن منهل .
واما اللين فهيهات .. والعار منقصة ، والضعف ذل .. قد عقلت نفسي على الموت عقل البعير ، واحتسبت اني ثاني عثمان او أقتل قاتله .


( 129 )

فعملي علي ما يكون من رأيك فانا منوطون بك متبعون عقبك ...
وكتب اليه يعلى بن امية : انا وانتم يابني امية كالحجر ؛ لا يبني بغير مدر ، وكالسيف لايقطع ؛ الا بضاربه ... ثكلتني من انا ابنها ان تمت عن طلب وتر عثمان ..
ارى العيش بعد قتل عثمان مراً ..
اما سعيد بن العاص فانه كتب بخلاف ماكتب هؤلاء » (1) .
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 580 / 583 .
( 130 )

خلافة الامام

« لقد كان علي موفقا كل التوفيق ، ناصحا للاسلام كل النصح ..
صبر نفسه على ما كانت تكره .
وطابت نفسه للمسلمين بما كان يراه حقا ..
بايع على ثاني الخلفاء كما بايع اولهم كراهية للفتنة .. ونصحا للمسلمين .
ولم يظهر مطالبته بما كان يراه حقا له . ونصح لعمر كما نصح لابي بكر ..
وقد بايع عثمان كما بايع الشيخين . وهو يرى انه مغلوب على حقه . ولكنه على ذلك لم يتردد في البيعة ، ولم يقصر في النصح للخليفة الثالث ، كما لم يقصر في النصح للشيخين من قبله .. فكان طبيعيا اذن حين قتل عثمان ان يفكر علي في نفسه ، وفيم غلب عليه من حقه .
ولكنه مع ذلك لم يطلب الخلافة ، ولم ينصب نفسه للبيعة حين استكره على ذلك استكراها .
وحين هدده بعض الذين ثاروا بعثمان بأن يبدوا به فيلحقوه بصاحبه المقتول » (1)
أما كيفية مبايعة المسلمين لعلي بالخلافة فيصفها الطبري (2) بقوله :
« حين قتل عثمان واجتمع المهاجرون والانصار ومنهم طلحة والزبير ، فأتوا علياً وقالوا : يا أبا الحسن هل نبايعك ؟ فقال : لاحاجة لي في امركم ، فمن اخترتم فقد رضيت به ..
____________
(1) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، علي وبنوه » ص 20 ـ 22 .
(2) تاريخ الامم والملوك 5 / 152 ، 153 .

( 131 )

فقالوا : مانختار غيرك .. فاختلفوا اليه بعد ما قتل عثمان مراراً ..
وخرج علي الى السوق في يوم السبت لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة فاتبعه الناس وبشوا في وجهه . فدخل حائط بني عمرو بن مبذول وقال لابي عمرة ابن عمر بن محصن : اغلق الباب . فجاء الناس فقرعوا فدخلوا وفيهم طلحة والزبير فقالا : ياعلي ابسط يدك فبايعه طلحة والزبير .
فنظر حبيب بن ذئب الى طلحة حين بايعه فقال : اول من بدأ بالبيعة يد شلاء »
وقد اوجز الامام سياسته العامة في اول خطبة خطبها حين استخلف فقال :
« ان الله انزل كتابا هاديا يبين فيه الخير والشر . فخذوا الخير ودعوا الشر .
والفرائض ادوها .. اتقوا الله عباد الله في عباده وبلاده ..
وانكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم » (1) .
كلمات قصار ولكنها تتضمن اجراء تغيير واسع المدى ، وعميق الغور في علاقات المسلمين ببعضهم وبالخليفة .
ومما تجدر الاشارة اليه في هذا الصدد ان الامام ـ كما يحدثنا مؤرخوه ـ قد اعتذر مرارا عن قبول الخلافة على الرغم من الحاح المسلمين عليه .
وقد مر بنا طرف من ذلك .
ولقد اشار الامام نفسه الى ذلك في مواطن شتى من « نهج البلاغة » قال يصف تزاحم المسلمين عليه والحاحهم الشديد على مبايعته :
« دعوني والتمسوا غيري . فانا مستقبلون امرا له وجوه والوان ، لاتقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول ، وان الآفات قد اغامت ، والمحجة قد تنكرت .
واعلموا اني ان اجبتكم ركبت بكم ما اعلم ، ولم اصغ الى قول القائل ، وعتب العاتب » (2) . فلما اصر القوم على مبايعته ، ورأى ان واجبه الديني يدعوه الى
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 157 طبعة مصر الاولى .
(2) المصدر نفسه 2 / 170 .

( 132 )

تلبية الدعوة كشف لهم عن حقيقة نفسه ـ فراعهم والب الكثيرين منهم عليه ـ حين قال : « ذمتي بما اقول رهينة وانا به زعيم . ان من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات احجزته التقوى عن تقحم الشبهات .
الا وان بليتكم قد عادت لهيئتها يوم بعث الله نبيكم ..
والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة . ولتسلطن سوط القدر حتى يعود اسفلكم اعلاكم ، واعلاكم اسفلكم . وليسبقن سباقون كانوا قصروا ، وليقصرن قاصرون كانوا سبقوا (1) »
فالامام اذن يرى انهم سوف يضيقون به ذرعا لعدالته وشدته في التزام الحق فيعصون امره ، ولا يستطيعون ان يثنوه عن خطته .
ثم يصف الامام : « في خطبة اخرى » اقبال المسلمين على مبايعته فيقول :
« وبسطتم يدي فكففتها . ومددتموها فقبضتها . ثم تداككتم عليّ تداك الابل الهيم على حياضها يوم وردها ، حتى انقطع النعل وسقط الرداء ووطىء الضعيف » (2) .
واشار الامام « في خطبة اخرى » الى المعنى نفسه حين قال : « فما راعني الا والناس كعرف الضبع ينثالون الى من كل جانب .
ـ ولقد وطىء الحسنان وشق عطفاي ـ مجتمعين حولي كربيضة الغنم .
فلما نهضت بالامر نكثت طائفة ، ومرقت اخرى ، وقسط آخرون » (3) .

* * *

____________
(1) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 1 / 90 الطبعة الاولى بمصر .
(2) المصدر نفسه 3 / 181 التداك : الازدحام . الهيم : العطاش .
(3) المصدر نفسه 1 / 50 ـ 67 لقد مر بنا شرح كلامه في فصل سابق .

( 133 )

القسم الثاني



( 134 )

قميص عثمان

1 ـ الفصل الرابع : الناكثون ـ أصحاب الجمل ـ 36 هـ
2 ـ الفصل الخامس : القاسطون ـ أصحاب صفين ـ 37 هـ
3 ـ الفصل السادس : التحكيم ، المارقون ، ومصرع الإمام : 38 ـ 40 هـ

( 135 )

الناكثون

اشترك طلحة ، والزبير ، وعائشة في تأليب المسلمين على عثمان ، كما ساهم كل منهم بقلبه ولسانه في قتل الخليفة على الشكل الذي وصفناه .
وكان اشد الثلاثه وطأة على عثمان الزبير بن العوام ، واخفهم طلحة بن عبيد الله . هذا مع العلم بأن عثمان كان يقول عن طلحة ـ وهو اخفهم وطأة عليه كما ذكرنا :
« ويلي من طلحة ! اعطيته كذا ذهبا وهو يروم دمي ... اللهم لا تمتعه به ولقه عواقب بغيه » (1) .
ويلوح للباحث ان طلحة قد تظاهر بالمطالبة بدم عثمان ـ في اوائل خلافة الامام ـ وهو ادرى من غيره بقتلة الرجل وبالدور الذي لعبه هو ـ والزبير وعائشة ـ في هذا الشأن ليغالط الناس ويوهمهم « انه برىء من دمه . فلقد قال علي لطلحة وعثمان محصور :
انشدك الله الا رددت الناس عن عثمان ؟ قال طلحة :
لا والله حتى تعطي بنو امية الحق من انفسها .
ويروي الطبري : ان عثمان كان له على طلحة خمسون الفاً . فخرج عثمان يوماً الى المسجد فقال له طلحة : قد تهيأ مالك فأقبضه » فقال : هو لك يا ابا محمد معونة لك على مروءتك .
قال : فكان عثمان يقول وهو محصور : جزاء سنمار .
وروى المدائني في كتاب « مقتل عثمان » : أن طلحة منع من دفنه ثلاثة ايام . وان حكيم بن حزام ... وجبير بن مطعم . استنجدوا بعلي على دفنه ، فأقعد طلحة
____________
(1) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى : علي وبنوه » ص 8 .
( 136 )

لهما في الطريق ناساً بالحجارة » (1) . ولم يكن طلحة على مايقول الدكتور طه حسين : « ليخفى ميله مع الثائرين ولا تحريضه لهم ولا اطماع فريق منهم في نفسه . وكثيرا ماشكا منه عثمان في السر والجهر .
والرواة يتحدثون بأنه استعان عليه بعلي نفسه ، وبأن عليا استجاب له فذهب الى طلحة ورأى عنده جماعة ضخمة من الثائرين . وحاول ان يرده عن خطته تلك فلم يستجب له طلحة » (2) .
واما عائشة فقد مر بنا ذكر موقفها من عثمان ، فقد خرجت مرارا ـ كما ذكرنا ـ بقميص النبي مؤلبة على عثمان وقائلة .
اقتلوا نعثلا . وكثيرا ما كانت تصيح به ـ من وراء سترها ـ وهو على المنبر ؛ كما ذكرنا ، تلومه على بعض فعاله .
فقد كانت عائشة ـ والحق يقال ـ من اعظم المؤلبين على الخليفة الثالث والمخذلين عن نصرته حتى انه حين بلغها ـ وهي في بيت الله الحرام :
ان عثمان قد انتصر على اعدائه صرخت بأعلى صوتها .
ايقتل قوما جاءوا يطلبون الحق وينكرون الباطل .
وقد سأل سعيد بن العاص ام المؤمنين ، قبل سفرها الى البصرة .
« أين تريدين يا ام المؤمنين ؟ فقالت : اريد البصرة . وماذا تصنعين ؟
اطلب بدم عثمان . فأجابها سعيد : ان قتلة عثمان معك يا ام المؤمنين » (2) .
وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول : ان ابطال حركة الجمل كانوا قادة الثورة على عثمان ورءوس الفتنة التي انتهت بمصرع ثالث الخلفاء الراشدين .
____________
(1) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 2 / 505 ، 506 الطبعة الاولى بمصر .
(2) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، علي وبنوه » ص 8 .
(3) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 3 / 427 ، 428 .

( 137 )

وقد كان هؤلاء ـ دون شك ـ عارفين حق المعرفة ـ كغيرهم من المسلمين آنذاك ـ من هم قتلة عثمان ؟
ترى لماذا البوا الناس على علي ؟ !
وهل هناك عوامل خفية ـ قريبة وبعيدة ـ ساقتهم الى القيام بعصيانهم المسلح ضد النظام القائم متخذين من قميص عثمان ذريعة لذلك ؟
ولماذا بايع طلحة ، والزبير عليا بالخلافة ؟
هل المطالبة بدم عثمان ـ ان صحت ـ تستلزم الثورة على النظام القائم ام تتم على اساس تقديم شكوى ، من قبل اولياء عثمان الذين عينهم القرآن بصراحة في سورة الاسراء(1) ـ الى الحكومة لتجري التحقيق في ذلك وتتخذ الاجراءات القانونية بحق الذين تثبت ادانتهم ؟
وما حق عائشة وطلحة والزبير ـ من الناحية الشرعية ـ بالمطالبة بدم عثمان ؟ ان ولى عثمان هو ابنه عمرو ؟ !
وما شأن البصرة الثورة على عثمان ؟
لماذا لم يتجهوا الى مصر المؤلبة ؟ وبقدر مايتعلق الامر بالسيدة عائشة نستطيع ان نقول : ان جفاء حصل بين عائشة وعلي ـ منذ عهد الرسول ايام غزوة بني المصطلق التي سنذكرها ..
وهناك عامل آخر اشار اليه بعض الباحثين المحدثين (2) ملخصه :
ان السيدة عائشة وجدت على الامام ـ من الناحية النفسية ـ فحسدته لعقمها ، ولان عقب الرسول قد انحصروا في بنيه من فاطمة زوج علي ، ولكي نعرض على
____________
(1) « ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ومن قتل مظلوما لقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصوراً » الاسراء : 33 ، بغض النظر عن شرعية القتل او عدمها .
(2) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى » ، وعبد الفتاح عبد المقصود : « الامام علي ابن ابي طالب » .

( 138 )

القارىء عوامل الجفاء بين السيدة عائشة وعلي بن ابي طالب نرى لزاما علينا ان نترك السيدة عائشة نفسها تقص على القارىء ملابسات الموضوع .
قالت السيدة عائشة (1) « كان رسول الله اذا اراد سفرا اقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه . فلما كانت غزوة بني المصطلق ( 6 هـ ) اقرع بين نسائه كما كان يصنع فخرج سهمي عليهن . فخرج بي رسول الله .. فلما انتهى من سفر ؟؟؟ وجه قافلاً حتى اذا كان قريباً من المدينة نزل منزلا فبات فيه بعض الليل ثم اذن في الناس بالرحيل .
فلما ارتحل الناس خرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي .. فلما فرغت انسل عقدي ولا ادري .
فلما رجعت الى الرحيل ذهبت التمسه في عنقي فلم اجده .
وقد اخذ الناس في الرحيل فرجعت .. الى المكان الذي ذهبت اليه ، فالتمسته حتى وجدته .. ورجعت الى المعسكر وما فيه داع ولا مجيب ؛ قد انطلق الناس . فلفلفت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، فوالله اني لمضطجعة اذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي ـ وقد كان تخلف عن المعسكر لبعض حاجته فلم يبت مع الناس في المعسكر ـ فلما رأى سوادي اقبل حتى وقف علي فعرفني .. ثم قرب البعير فقال : اركبي .. فركبت .
فانطلق سريعا يطلب الناس .. ثم قدمنا المدينة فلم امكث ان اشتكيت شكاية شديدة .. وقد انتهى الحديث الى رسول الله والى ابوي .
فأنكرت من رسول الله بعض لطفه بي . حتى وجدت في نفسي مما رأيت من جفائه عني . فقلت :
يا رسول الله لو اذنت لي فانتقلت الى امي فمرضتني ، قال :
لا عليك ، فانتقلت الى امي .
وجاء رسول الله فدخل علي : ودعا علي بن ابي طالب .
____________
(1) الطبري « تاريخ الامم والملوك 3 / 76 ـ 70 .
( 139 )

فقال علي : يا رسول الله ان النساء لكثير ، وانك لقادر على ان تستخلف ؛ وسل الجارية فانها تصدقك .
فدعا رسول الله بريرة يسألها .. فقام اليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول :
اصدقي رسول الله ... فوالله ما برح رسول الله مجلسه حتى تغشاه من الله ما يتغشاه . فسجى بثوبه ووضعت وسادة من ادم تحت رأسه .. ثم جلس فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : ابشري يا عائشة فقد انزل الله براءتك .
ثم امر بمسطح بن اثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بن جحش ـ وكانوا ممن افصح بالفاحشة ـ فضربوا حدهم » .
يتضح ـ من رواية السيدة عائشة ـ انها خرجت مع النبي في مسيرة مع جيشه الى بني المصطلق ، وانها اثناء رجوع القوم الى المدينة ـ شذت عن الركب لبعض حاجتها ـ دون ان يعلم بها احد من الناس ، ثم عادت الى الركب . ولكنها تفقدت عقدها ـ اثناء عودتها ـ فلم تجده في جيدها . فعادت الى المكان الذي جاءت من عنده ـ دون ان يراها احد من الناس فعثرت على العقد . ثم عادت الى الركب فلم تجده . فمكثت في مكانها ـ بعد ان سار الركب دون ان يتفقدها احد .
فمر بها صفوان ـ الذي هو الاخر ـ كما تحدثنا السيدة عائشة نفسها ـ قد شذ عن الركب لبعض حاجته ، وقد مر صفوان ـ على رسله ـ صدفة بالمكان الذي كانت السيدة عائشة جاثمة فيه . فأركبها على ناقته واتجه بها نحو المدينة كي يلحق بالركب .
وقد ارتاب بعض القوم ، بما فيهم حسان بن ثابت في موضوع عائشة وصفوان فرموهما بالفاحشة ... واشار علي على النبي ـ عندما استشاره بأمرها في حضورها ـ ان يطلقها .
ومن الجدير بالذكر ـ في هذه المناسبة ـ ان البخاري في صحيحه قد نقل رواية السيدة عائشة مفصلة . والى القارىء رواية البخاري (1) .
____________
(1) صحيح البخاري 3 / 154 ، 156 و 5 / 55 ، 56 .
( 140 )

« قالت عائشة : كان رسول الله اذا اراد سفرا اقرع بين ازواجه فأيهن خرج سهمها خرج بها رسول الله معه . قالت عائشة :
فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي . فخرجت مع رسول الله .. فسرنا حتى اذا فرغ رسول الله من غزوته تلك ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل . فقمت ـ حين آذنوا بالرحيل ـ فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت الى رحلي فلمست صدري فاذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه . قالت :
واقبل الرهط الذين كانوا يرحلونني فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت اركب عليه وهم يحسبون اني فيه .
وكان النساء آنذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم ، انما يأكل الملعقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه .
وكنت جارية حديثة السن .. ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش .
فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولامجيب . فتيممت منزلي الذي كنت به .
فبينما انا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت
وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش . فأصبح عند منزلي . فرأى سواد انسان نائم فعرفني ، وكان رآني قبل نزول آية الحجاب . فاستيقظت باسترجاعه .. وهوى حتى اناخ راحلته فوطىء على يدها .
فقمت اليها فركبتها . فانطلق يقودها » . اي ان السيدة عائشة ـ حسب رواية البخاري ـ شذت عن الجيش لبعض شأنها في اللحظة التي آذنوا بالرحيل ليلا ، دون ان تخبر أحداً منهم بذلك او تطلب منهم انتظارها . وان الاشخاص الموكلين يحمل هودجها لم يشعروا بخلوه منها لان النساء آنذاك ـ جميعهن لا السيدة عائشة وحدها ـ كن نحيفات الاجسام لقلة ما يتناولنه من الطعام .


( 141 )

ولأن السيدة عائشة بالذات كانت صغيرة اللسن ، بالاضافة الى خفة وزن جسمها فلم يستنكروا خفة الهودج حين رفعوه وحملوه وهو خلو منها .. ثم انها نامت بعد ان يئست من القوم ، وكان صفوان من وراء الجيش ، فأدركها نائمة فعرفها ـ وهو سائر في الصحراء ليلا ـ لانه كان قد رآها قبل الحجاب ، اي حينما كانت سافرة قبل ان يأمرها الله بالتحجب من الرجال ، فحملها صفوان على بعيره واوصلها الى مكان امنها .
ذلك مايتصل ببعض عوامل الجفوة بين ام المؤمنين وعلي بن ابي طالب .
وهنالك عوامل اخرى ، غير مباشرة ، تتعلق بالجفاء الذي كان بين السيدة فاطمة « بنت النبي من خديجة » وبين السيدة ام المؤمنين بنت ابي بكر .
فقد كانت السيدة عائشة تريد الاستئثار بحب النبي وتحويل ما تبقى من ذلك الحب الى ابيها بدلا من علي زوج فاطمة . ويذكر بعض الرواة (1) : ان للسيدة عائشة ـ والسيدة حفصة بنت عمر زوج النبي ـ ضلعا في تأخير جيش اسامة في عهد الرسول .
هذا بالاضافة الى العامل النفسي المتصل بحرمان السيدة عائشة من النسل كما اشار الى ذلك الدكتور طه حسين ، والاستاذ عبد الفتاح عبد المقصود .
اما مايتصل بموقف الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله تجاه امام زمانهما فيمكننا ان نكشف عوامله القريبة والبعيدة بسهولة ويسر .
فقد كان كل من طلحة والزبير راغبا في الخلافة منذ زمن ليس بالقصير وقد مر بنا ترشيح عمر لها في رهط الشورى . فلما انتقلت الخلافة الى عثمان حاول الرجلان ـ في صدر خلافته ـ ان ينتفعا به الى اقصى حدود الانتفاع .
وعندما رأى الرجلان تأزم الاحوال العامة على الخليفة ساهما في ذلك الى حد كبير على الشكل الذي وصفناه ظنا منهما ان الامر ـ بعد اندحار عثمان ـ سوف ـ
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » .
( 142 )

لاينتقل لعلي ـ غير ان انتقال الخلافة للامام قد راعهما . فبايعاه على مضض . ثم سألاه عن ولايتي الكوفة والبصرة فلم يجبهما .
يضاف الى ذلك ان موقف الامام الشديد في تطبيق مبادىء الدين كان هو الآخر من اقوى عوامل انتقاض الرجلين على الخليفة . فلكل منهما مصالح مركزة في جسم الدولة .
ويلوح للباحث ان طلحة والزبير كانا قد اعتادا على الاستئثار ببعض الموارد العامة بعد وفاة الرسول .
وقد مر بنا ذكر بعض ما وصلهما به عثمان .
اما ماحصلا عليه في عهد الشيخين فنذكر منه المثالين التاليين :
قال البلاذري (1) : « حدثني الحسين بن علي الاسود العجلي قال : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا ابو معاوية عن هشام بن عروة عن عروة قال : اقطع ابو بكر : الزبير ، بين الجرف الى قناة . واخبرني المدائني قال :
قناة واد يأتي من الطائف ويصب الى الارحضية وقرقرة الكدر ثم يأتي سد معاوية ثم يمر على طرف القدوم ويصب في اصل قيدر الشهداء بأحد .
وحدثني الحسين بن علي العجلي قال : حدثنا حفص بن عتاب عن هشام بن عروة قال : خرج عمر يقطع الناس ، وخرج معه الزبير ، فجعل عمر يقطع حتى مر بالعقيق . فقال اين المستقطعون ؟ .. ما مررت بقطعة اجود منها .
فقال الزبير : اقطعنيها . فأقطعه اياها « .
فلا عجب ان رأى الزبير وطلحة في قميص عثمان ضالتهما المنشودة للانقضاض على الامام .
وقد روى احد المؤرخين (2) ملابسات الموقف بين علي من جهة وطلحة والزبير
____________
(1) فتوح البلدان ص 26 .
(2) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 4 ـ 9 الطبعة الاولى .

( 143 )

من جهة اخرى حين قال : « ارسل طلحة والزبير الى علي ـ قبل خروجهما الى مكة ـ محمد بن طلحة يقولان : اننا اصلحنا لك الامر ووطدنا لك الامرة ، واجلبنا على عثمان حتى قتل . فلما طلبك الناس لامرهم جئنا واسرعنا اليك وبايعناك وقدنا اليك اعناق العرب ، ووطىء المهاجرون والانصار اعقابنا في بيعتك . حتى اذا ملكت عنانك استبددت برأيك عنا ورفضتنا رفض التريكة واذللتنا ذل الاماء .
فلما جاء محمد بن طلحة ابلغه ذلك . فقال : اذهب اليهما فقل لهما : فما الذي يرضيكما ، فذهب وجاء فقال : انهما يقولان : ول احدنا البصرة ، والآخر الكوفة . فقال :
لها الله !! اذن يحكم الاديم ويستشرى الفساد ، وتنتقض علي البلاد من اقطارها .
والله اني لا آمنهما وهما عندي بالمدينة فكيف آمنهما وقد وليتهما العراقين ! . فاستأذناه في الخروج الى مكة للعمرة . فأذن لهما بعد ان احلفهما الا ينقضا بيعته ولايغدرا به ، ولا يشقا عصا المسلمين ولايوقعا الفرقة بينهم ، وان يعودا بعد العمرة الى بيوتهما فحلفا على ذلك كله . ثم خرجا ففعلا ما فعلا .
وكان الامام قد خاطبهما ـ قبل خروجهما الى مكة ـ فقال :
الا تخبراني اي شيء كان لكما فيه حق حتى دفعتكما عنه ؟ ام اي قسم استأثرت عليكما به ؟ ام اي حق رفعه الى احد من المسلمين ضعفت عنه ام جهلته ام اخطأت بابه ؟ والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ، ولافي الولاية اربة . ولكنكم دعوتموني وجملتموني عليها . فلما افضت الي نظرت الى كتاب الله وما وضع لنا وامرنا بالحكم به فاتبعته . وما استن النبي فافتديته .
فلم احتج في ذلك الى رأيكما ولا رأى غيركما .
ولو وقع حكم جهلته فأستشيركما » .
وقد وصف الامام فتنة طلحة والزبير واعوانهما بقوله :


( 144 )

« والله ما انكروا علي منكرا ، ولا جعلوا بيني وبينه نصفا ، وانهم ليطلبون حقا هم تركوه ... ودما هم سفكوه ، (1) .

* * *

خرج الزبير وطلحة وعائشة يريدون البصرة مدعين بأنهم يطالبون بدم عثمان . وقد ارتكبوا ـ بعملهم هذا . كما سلف ان ذكرنا جملة اخطاء من الناحية الدينية والزمنية ، فليس من حقهم ان يطالبوا بدم عثمان لانهم ليسوا اولياءه الذين اجازت لهم الشريعة الاسلامية ان يطالبوا بذلك .
ان وليه ـ كما ذكرنا ـ ابنه عمرو . وانهم اتبعوا اسلوبا فظا للتوصل الى مازعموا انهم يسعون اليه بدلا من ان يرفعوا ـ اذا جاز لهم ذلك ـ طلبهم الى الخليفة الذي له وحده الحق ـ بحكم كونه خليفة المسلمين ـ في اجراء التحقيق وانزال العقوبة بالجناة .
وانهم ارتكبوا من الافعال البشعة ومن القتل ، والنهب والاعتداء ـ كما سنرى ـ ما يتضاءل دونه بمراحل مصرع الخليفة الذبيح على اهميته ، ومالا تجيزه الشريعة السمحاء ومبادىء الشرف والاخلاق .
وانهم قصدوا البصرة ـ دون مصر ـ للبحث عن القاتلين .
وان السيدة عائشة بالذات لايجوز لها ان تساهم في مثل هذه الامور ، وقد اوصاها الله ان تقر في بيتها (2) .
____________
(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 2 / 403 ـ 405 .
(2) في لقاء لي مع : الدكتور طه حسين عام 1965 م سألته : عن رأيه في عائشة اجاب بقوله : كان احد الاساتذة يقول : لو ادركت عائشة لاوجعتها ضرباً حتى اقعدتها في بيتها لقوله تعالى : « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى » الاحزاب : 33 . راجع كتابنا : « مع رجال الفكر في القاهرة » ص 160 / 175 الطبعة الاولى القاهرة ـ مطبعة حسان عام 1974 م . « الناشر »

( 145 )

ثم هل يجوز شرعا ان تعالج فتنة باثارة فتنة اغلظ منها ؟ وقد حصل ذلك كله مع علم الثائرين ان الامام نفسه بريء من دم عثمان براءة الذئب من دم ابن يعقوب . (1)
يضاف الى ذلك ان الامام ـ في سياسته العامة ـ لم يتجه اطلاقا الى الاستعانة بالذين ثاروا على عثمان او تقريبهم او الاعتماد عليهم في الادارة او المال .(2)
فلا غرو ان رأينا اولئك الثوار قد نقموا عليه ، كما نقموا على عثمان من قبله « مع فرق كبير في عوامل تلك النقمة في الحالتين » . فقد نقموا على عثمان : خروجه في سياسته العامة على مبادىء الدين ، ونقموا على علي : تقيده ـ في سياسته العامة ـ بمبادىء الدين .
لذلك نجد الامام لم يقربهم اليه او يعين بعضهم في القضاء اوالامارة او الادارة
وقد اصبح الوضع الجديد اشد وطأة عليهم منه في عهد عثمان .
اي ان الامام ، بعبارة اخرى ، قد ارتقى منبر النبي بعد ثورة لم يساهم فيها .
اي انه اقتطف ثمار ثورة لم يقتطفها الذين قاموا بها . يضاف الى ذلك ان الثوار اخذوا يشعرون بأن الامام سوف يقتص من قتلة عثمان بعد حصول البينة عنده .
وطلحة ، والزبير ، وعائشة يعرفون ذلك حق المعرفة . وعلي نفسه عارف بأنهم عارفون به .
ومهما يكن من شيء فقد خرج الناكثون ـ وعلى رأسهم طلحة وابن الزبير وبنت ابي بكر ـ من مكة يريدون البصرة . ومرت ابلهم ـ في طريقها على ماء الحوأب (3) » فنبحتهم كلابه . فنفرت صعاب ابلهم .
فقال قائل منهم : لعن الله الحوأب فما اكثر كلابها !!
فلما سمعت عائشة قالت :
ردوني ... اني سمعت رسول الله يقول :
كأني بكلاب الحوأب قد نبحت بعض نسائي ثم قال : اياك ياحميراء ان تكونيها ...
____________
(1) هذا التشبيه غير مؤدب « الناشر »
(2) وهو ماء لبني عامر بن صعصعة يقع في بادية العراق الجنوبية .
(3) ويذكر التاريخ ان الامام استعان على جملة منهم كعمار بن ياسر ومحمد بن ابي بكر ومالك الاشتر وغيرهم « الناشر »

( 146 )

فقال الزبير لعائشة : مهلا فانا قد جزنا ماء الحوأب .. فلفق لها الزبير وطلحة خمسين اعرابيا شهدوا بذلك . فكانت هذه اول شهادة زور في الاسلام .. وكتب على عثمان بن حنيف واليه في البصرة : اما بعد فان البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا (1)
فاذا قدموا عليك فادعهم الى الطاعة ... فان اجابوا فأحسن جوارهم .
فلما وصل الكتاب ارسل عثمان بن حنيف ابا الاسود الدؤلي وعمران بن الحصين الخزاعي ، فانطلقا . فدخلا على عائشة ووعظاها .. فقالت : القيا طلحة والزبير ... فقاما من عندها ولقيا : الزبير فكلماه ، فقال لهما : اننا جئنا للطلب بدم عثمان ... فقالا له : ان عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب بدمه فيها ، وانت تعلم من هم قتلته واين هم ، وانك وصاحبك وعائشة كنتم اشد الناس عليه واعظمهم اغراء بدمه ... وقد بايعتم عليا طائعين .. فقال لهما .. اذهبا فالقيا طلحة .
فقاما الى طلحة فوجداه خشن الملمس .. في اثارة الفتنة واضرام نار الحرب .
وأتى طلحة والزبير عبد الله بن حكيم التميمي فأتى بكتب كان كتباها اليه ، فقال لطلحة : أما هذه كتبك الينا ؟ قال : بلى .
قال : فكتبت امس تدعونا الى خلع عثمان وقتله ، حتى اذا قتلته اتيتنا ثائراً بدمه .
وخرج عثمان بن حنيف الى طلحة والزبير في اصحابه فناشدهما الله والاسلام وذكرهما بيعتها لعلي ... فقالا نطلب بدم عثمان ، فقال لهما : ما انتما وذاك ؟ أين بنوه ... الذين احق منكم ؟ فشتماه شتما قبيحا ..
ثم كتب الطرفان كتاباً للصلح ... الى ان يقدم الخليفة ... فمكثوا كذلك اياما .
ثم ان طلحة والزبير ... اجتمعا على مراسلة القبائل واستمالة العرب ... فبايعهم على ذلك الازد ، وضبة ، وقيس بن غيلان ... وبنو عمرو بن تميم ، وبنو حنظلة ... وبنو دارم كلهم الا نفرا من بني مجاشع ذووى دين وفضل .
____________
(1) يشير الى بيعة الزبير وطلحة له ، ثم نكوصهما عن ذلك ، والى عهدهما له حين خرجا للعمرة من المدينة لمكة ـ بالرجوع الى المدينة وخرقهما لذلك العهد .