(97)
232هـ ،فكيف تكون ولادة الامام العسكري عليه السلام في سامراء سنة231هـ او في ربيع الاخر سنة232هـ ، وكلا التاريخين في زمان الواثق ، وهو عليه السلام لما يزل في المدينة.
    ويعارض هذا ايضا ما قدمناه في الفصل الثاني من انه عليه السلام غادر المدينة مع ابيه عليه السلام سنة236هـ علي رواية المسعودي ، او سنة 233هـ علي رواية الطبري ، اوسنة 243هـ علي رواية الشيخ المفيد ، او سنة 234هـ علي ما حققه بعض الباحثين.
    ولدينا بعض الاحاديث الصريحة بولادته في المدينة منها حديث ابي حمزة نصير الخادم (1) ، وحديث احمد بن عيسي العلوي الذي يصرح برؤيته بصريا وهي قرية علي ثلاثة اميال من المدينة (2) ، كما نص المؤرخون والمحدثون الذين قدمنا ذكرهم في ولادته علي انه عليه السلام ولد في المدينة ومنهم : الشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، وابن الفتال ، وابن الصباغ ، والشبلنجي ، والكنجى ، والسويدي وغيرهم (3) ، وقال ياقوت : « ولد بالمدينة ونقل الي سامراء » (4).

    القابه : عليه السلام
    اشهر القاب الامام ابي محمد عليه السلام هو العسكري ، و قد اطلق عليه وعلي

(1) اصول الكافي1 : 509/11 ـ باب ميلاد ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام من كتاب الحجة ، الارشاد2 : 331 ، اثبات الوصية : 251 ، الخرائج والجرائح1 : 436/814 ، اعلام الوري1 : 145 ، بحار الانوار50 : 268/28.
(2) الغيبة/الشيخ الطوسي : 199/165.
(3) راجع : احقاق الحق12 : 458 ، 19 : 619 ، 29 : 59 عن عدة مصادر.
(4) معجم البلدان ـ المجلد الثالث : 328 ـ عسكر سامراء.



(98)
ابيه عليه السلام ، لانهما سكنا عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه ، وهو اسم سر من راي (1).
    وقيل : هو اسم محلة في سامراء ، قال الشيخ الصدوق : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون : ان المحلة التي يسكنها الامامان علي بن محمد والحسن ابن علي عليه السلام بسر من راي كانت تسمي عسكر ، فلذلك قيل لكل واحد منهما العسكري (2).
    وكان هو وابوه وجده عليه السلام يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا (3).
    وهناك القاب اخري تطلق علي الامام العسكري عليه السلام وفي كل منها دلالة علي كمال من كمالاته او مظهر من مظاهر شخصيته ، منها : الخالص ، الشافي ، الزكي ، المرضي ، الصامت ، الهادي ، الرفيق ، النقي ، المضيء ، المهتدي ، السراج ، وغيرها (4)من الالقاب التي تحكي مكارم اخلاقه وخصائصه السامية وصفاته الزكية.

(1) راجع : الانساب/للسمعاني4 : 194ـ196 ، معجم البلدان ـ المجلد الثالث : 328 ، القاموس المحيط/الفيروز ابادي ـ عسكر ـ 2 : 92ـ دارالجيل ـ بيروت ، الائمة الاثنا عشر/لابن طولون : 113.
(2) علل الشرائع/الصدوق1 : 230 ـ باب 176 ، معاني الاخبار/الصدوق : 65 ، بحار الانوار50 : 113/1و235/1.
(3) المناقب لابن شهر اشوب4 : 455 ، الفصول المهمة2 : 1080 ، اعلام الوري2 : 131.
(4) دلائل الامامة : 423ـ424 ، اعلام الوري2 : 131 ، مناقب ابن شهر اشوب4 : 455 ، الفصول المهمة2 : 1080 ، اكمال الدين : 307باب 27 ، التتمة في تواريخ الائمة عليهم السلام : 142 ، بحار الانوار50 : 238.



(99)

كنيته : عليه السلام
    اشتهر الامام العسكري عليه السلام بكنية واحدة عرف بها عند سائر المؤرخين والمحدثين ، هي ابو محمد ، وذكر الطبري الامامي انه عليه السلام يكني ايضا ابا الحسن (1)سولم اجده في غيره ، بل هي كنية ابيه عليه السلام.

حليته :عليه السلام
    وصفه احد معاصريه من رجال البلاط العباسي ، وهو احمد بن عبيدالله بن خاقان (2)بقوله : « انه اسمر اعين ـ اي واسع العين ـ حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، له جلالة وهيئة حسنة » (3).
    وقال ابن الصباغ : « صفته بين السمرة والبياض » (4).
    وجاء في صفة لباسه : « انه كان يلبس ثيابا بيضاء ناعمة ، ويلبس مسحا اسود خشنا علي جلده ، ويقول : هذا لله ، وهذا لكم » (5).

(1) دلائل الامامة : 424.
(2) ترجم له النجاشي في رجاله : 87/213 وقال : ذكره اصحابنا في المصنفين ، وان له كتابا يصف فيه سيدنا ابا محمد عليه السلام ، ولم ارهذا الكتاب ، وقال الشيخ الطوسي : له مجلس يصف فيه ابا محمد الحسن بن علي عليه السلام ، اخبرنا به ابن ابي جيد ، عن ابن الوليد ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، الفهرست : 81/102 ـ مكتبة المحقق الطباطبايي ـ قم ـ 1420هـ .
(3) اصول الكافي1 : 503/1 ـ باب مولد ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام من كتاب الحجة ، الارشاد2 : 321 ، اكمال الدين1 : 40 مقدمة المصنف ، اعلام الوري2 : 147 ، الخرائج والجرائح2 : 901.
(4) الفصول المهمة2 : 1081 ، نور الابصار : 338.
(5) الغيبة/للشيخ الطوسي : 247/216.



(100)

نقش خاتمه : عليه السلام
    كان نقش خاتمه : سبحان من له مقاليد السماوات والارض (1). وقيل : انا لله شهيد (2). وفي نسخة من البحار : ان الله شهيد (3).
    وقال الطبري الامامي : « كان له خاتم فصه : الله وليي » (4).

    بوابه : عليه السلام
    المشهور ان بوابه هو وكيلة الثقة الجليل ، العظيم الشان عثمان بن سعيد العمري رضى الله عنه. وقيل : ابنه محمد بن عثمان. وقال ابن شهر اشوب : الحسين بن روح النوبختي ، وقيل : محمد بن نصير ، ورجح الطبري صحة الاول (5).

    شاعره : عليه السلام
    قيل : هو ابو الحسن علي بن العباس ، المعروف بابن الرومي (221ـ283هـ) (6) ولم اجد قصيدة لابن الرومي في الامام عليه السلام ، نعم توجد له قصيدة رائعة في مدح ابي الحسين يحيي بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي عليه السلام،

(1) الفصول المهمة2 : 1081 ، نورالابصار : 338 ، بحارالانوار50 : 238/9.
(2) مصباح الكفعمي : 523 ، التتمة في تواريخ الائمة عليه السلام : 142.
(3) بحارالانوار50 : 238/12.
(4) دلائل الامامة : 425.
(5) راجع : تاريخ الائمة لابن ابي الثلج : 33 ـ مكتبة السيد المرعشي ـ قم ـ ضمن مجموعة نفيسة ، مصباح الكفعمي : 523 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 455 ، دلائل الامامة : 425 ، التتمة في تواريخ الائمة عليه السلام : 143.
(6) الفصول المهمة2 : 1081 ، نور الابصار : 338.



(101)
الذي ثار في ايام المتوكل وقتل في ايام المستعين (250هـ) ، وذكر في تلك القصيدة ظلم بني العباس لاهل البيت عليهم السلام ، وقارن بين النهجين ، وهي طويلة ، يقول في مطلعها : ;
امامك فانظر اي نهجيك تنهج طريقان شتي مستقيم واعوج(1)

    عمره ومدة امامته : عليه السلام عمره يوم وافاه الاجل (28) عاما ، فقد ولد في سنة 232هـ واستشهد سنة 260هـ ، وهو بذلك يعد اصغر ابائه المعصومين عليه السلام عمرا ، وعاش 22عاما في ظل ابيه الامام ابي الحسن الهادي عليه السلام الذي استشهد سنة254هـ ، ووصفه بقوله : « ابومحمد ابني انصح ال محمد غريزة ، واوثقهم حجة ، وهو الاكبر من ولدي ، وهو الخلف ، واليه تنتهي عري الامامة واحكامها » (2).
    ومدة امامته ست سنوات (254 ـ 260هـ) عاصر فيها من سلاطين بني العباس المعتز (251 ـ255 هـ) والمهتدي (255 ـ 256هـ) والمعتمد (256 ـ 279هـ) (3).

(1) ديوان ابن الرومي2 : 492/365 تحقيق الدكتور حسين نصار ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
(2) اصول الكافي : 327/11ـ باب الاشارة والنص علي ابي محمد عليه السلام من كتاب الحجة.
(3) راجع : تاج المواليد : 134 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 455 ، دلائل الامامة : 423 ، اعلام الوري2 : 31 ، التتمة في تواريخ الائمة عليهم السلام : 142 ، بحار الانوار50 : 236/5 و 238/8.



(102)

زوجته : عليه السلام
    وهي ام ولد يقال لها نرجس عليها السلام ، وكان الامام ابو الحسن الهادي عليه السلام قد اعطاها الي اخته حكيمة بنت محمد الجواد عليه السلام وقال لها : « يا بنت رسول الله ، اخرجيها الي منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فانها زوجة ابي محمد وام القائم » (1).
    وكما اختلفت الروايات في اسم ام الامام العسكري عليه السلام كما مر ، فقد اختلفت ايضا في اسم زوجته ، ويستفاد من اخبار اسرها وجلبها الي بغداد و ابتياعها (2) ، ان اسمها مليكة بنت يشوعا بن قصير ملك الروم ، وامها من ولد الحواريين ، تنسب الي شمعون وصي المسيح عليه السلام ، ولما اسرت سمت نفسها نرجس لئلا يعرف الشيخ الذي وقعت في سهمه من الغنيمة انها من سلالة الملوك.
    وقد تعددت اسماؤها ، فجاء في رواية : انها ريحانة ، ويقال لها نرجس ويقال لها صقيل ، ويقال لها سوسن ، الا انه قيل لها بسبب الحمل صقيل (3).
    ويستفاد من الاخبار انه بعد شهادة الامام العسكري عليه السلام هجم جند السلطان لتفتيش دارالامام عليه السلام طلبا للولد ، ولما لم يعثروا علي شيء وجه المعتمد بخدمه فقبضوا علي صقيل ، وحملوها الي داره ، فطالبوها بالولد فانكرته

(1) اكمال الدين : 423/1 ـ باب41.
(2) راجع : اكمال الدين : 417/1 ـ باب 41 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 472 الغيبة للشيخ الطوسي : 208/178 ، روضة الواعظين : 252 ، دلائل الامامة : 489/488.
(3) اكمال الدين : 432/12 ـ باب42 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 393/362.



(103)
وادعت الحبل تغطية علي حاله ، فجعلت نسوة وخدم المعتمد والموفق والقاضي ابن ابي الشوارب يتعاهدن امرها في كل وقت ، الي ان دهمهم امر يعقوب بن الليث الصفار ، وصاحب الزنج ، وموت عبيدالله بن يحيي بن خاقان ، فشغلوا عنها ، وخرجت عن ايديهم (1).

    ولده : عليه السلام
    ذكر بعض النسابة والمؤرخين انه عليه السلام لم يخلف ولدا غير الامام الحجة القائم المهدي عليه السلام (2).
    قال الشيخ المفيد : كان الامام بعد ابي محمد عليه السلام ابنه المسمي باسم رسول الله صلى الله عليه و اله المكني بكنيته ، ولم يخلف ولدا غيره ظاهرا ولاباطنا ، وخلفه غائبا مستترا ، وكانت سنه عند وفاة ابيه خمس سنين ، اتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب ، وجعله اية للعالمين ، واتاه الحكمة كما اتاها يحيي صبيا ، وجعله اماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسي بن مريم عليه السلام في المهد نبيا (3).
    وقال الطبرسي وغيره : خلف ولده الحجة القائم المنتظر لدولة الحق ، وكان قد اخفي مولده لشدة طلب سلطان الوقت له ، واجتهاده في البحث عن امره ،

(1) راجع : اكمال الدين : 43 ـ مقدمة المصنف ، 476/25 باب42 ، دلائل الامامة : 425 ، بحارالانوار50 : 331/3.
(2) راجع : المناقب لابن شهر اشوب4 : 455 ، كفاية الطالب/الكنجي : 458 ـ دار احياء تراث اهل البيت ـ طهران ـ 1404هـ ، دلائل الامامة : 425 ، نورالابصار : 341.
(3) الارشاد2 : 339.



(104)
فلم يره الا الخواص من شيعته (1).
    و قيل : ان للامام العسكري ذكرا وانثي (2) ، وجاء في رواية للشيخ الصجوق ان له ولدين هما محمد عليه السلام و موسي (3) ، وعد بغضهم سبعة اولاد للامام العسكري عليه السلام وهم : القائم عليه السلام وهو الامام بعد ابيه ، وموسي ، وجعفر ، وابراهيم ، وعائشة ، وفاطمة ، ودلالة (4).
    واذا سلمنا بصحة هذه الاقوال فلا بد ان نفترض كونهم ممن درجوا في حياة ابيهم عليه السلام ، ويدل عليه ما رواه الشيخ الطوسي بالاسناد عن ابراهيم بن ادريس ، قال : « وجه الي مولاي ابو محمد عليه السلام بكبش ، ثم لقيته بعد ذلك فقال لي : المولود الذي ولد لي مات ، ثم وجه الي بكبشين ، وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، عق هذين الكبشين عن مولاك ، وكل هناك الله ، واطعم اخوانك ، ففعلت ولقيته بعدد ذلك فما ذذكر لي شيئا » (5).

    اخوته : عليه السلام
    ذكر المؤخون ان له ثلاثة اخوة ، وهم : محمد المتوفي في حياة ابيه ، والحسين ، وجعفر المعروف بالكذاب ، وقيل : ان له من الاخوة اثنين و حسب وهما : جعفر وابراهيم ، وهذا غلط واضح لشهرة السيد محمد بن الامام الهادي عليه السلام في كتب الانساب والتاريخ والحديث. وله اخت واحدة مختلف في

(1) اعلام الوري2 : 151 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 455.
(2) مصباح الكفعمي : 523.
(3) راجع : اكمال الدين : 446/19 باب 43و467/21 من نفس الباب.
(4) التتمة في تواريخ الائمة عليهم السلام: 143.
(5) الغيبة للشيخ الطوسي : 245ـ246/214.



(105)
اسمها فقيل : حكيمة ، اوعائشة ، اوعلية ، اوعالية.
    وقيل : له اختان وهما : عائشة ودلالة (1).

    السيد محمد :
    وهو ابو جعفر محمد بن الامام ابي الحسن الهادي ، المتوفي نحو سنة252هـ (2) ، وقال السيد محسن الامين : جليل القدر ، عظيم الشان ، وكان ابوه خلفه بالمدينة طفلا لما اتي به الي العراق ، ثم قدم عليه في سامراء ، ثم اراد الرجوع الي الحجاز ، فلما بلغ القرية التي يقال لها (بلد) علي تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفي ودفن قريبا منها ، ومشهده هناك معروف مزور ، ولما توفي شق اخوه ابو محمد ثوبه ، وقال في جواب من لامه علي ذلك : « قد شق موسي علي اخيه هارون » (3).
    وجاء في الرواية : « ان ابا الحسن عليه السلام قد بسط به في صحن دار ، يوم توفي محمد ابنه ، والناس جلوس حوله يعزونه ، من ال ابي طالب وبني هاشم

(1) راجع : الارشاد2 : 312 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 433 ، دلائل الامامة : 412 ، اعلام الوري2 : 127 ، الفصول المهمة2 : 1076 ، التتمة في تواريخ الائمة عليهم السلام : 138.
(2) ورد في حديث ان عمر الامام العسكري عليه السلام يوم وفاة اخيه السيد محمد نحو عشرين سنة ، وبما انه عليه السلام ولد سنة232 ، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252ه. راجع : اصول الكافي1 : 327/8 ـ باب الاشارة والنص علي ابي محمد عليه السلام من كتاب الحجة.
(3) اعيان الشيعة14 : 291 ـ دار التعارف للمطبوعات.



(106)
وقريش ومواليه ومن سائرالناس » (1).

    جعفر الكذاب :
    اما جعفر الكذاب ، فكان صاحب فتنة وضلالة ، وقد اخبر ائمة اهل البيت عليهم السلام عنه قبل ولادته ، وحذروا شيعتهم من فتنته ، ففي حديث عن ابي خالد الكابلي« انه سال الامام علي بن الحسين صلوات الله عليه : من الحجة والامام بعدك؟ فقال : ابني محمد ، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا ، وهو الحجة والامام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند اهل السماء الصادق.
    فقلت له : يا سيدي ، كيف صار اسمه الصادق ، وكلكم صادقون؟فقال : حدثني ابي عن ابيه عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه و اله قال : اذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ، فسموه الصادق ، فان للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدعي الامامة اجتراء علي الله وكذبا عليه ، فهو عندالله جعفر الكذاب المفتري علي الله عزوجل والمدعي لما ليس له باهل ، المخالف علي ابيه ، والحاسد لاخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عزوجل...ثم قال : كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه علي تفتيش امر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله ، والتوكيل بحرم ابيه جهلا منه بولادته ، وحرصا علي قتله ان ظفر به ، طمعا في ميراث ابيه حتي

(1) اصول الكافي1 : 326/8 باب الاشارة والنص علي ابي محمد عليه السلام من كتاب الحجة.


(107)
ياخذه بغير حقه... » (1).
    وحينما ولد جعفر فرح اهل الدار بولادته ، ولم يروا اثرا للسرور علي ابي الحسن الهادي عليه السلام ، فقيل له في ذلك ، فقال : « يهون عليك امره ، فانه سيضل خلقا كثيرا » (2).
    وقد تحقق ما قاله اهل البيت عليهم السلام عن فتنته وضلالته ، حيث كانت له بعد شهادة اخيه الامام العسكري عليه السلام ثلاثة ادوار سيئة :
    1ـ ادعاء الامامة بعد اخيه الحسن عليه السلام كذبا وزورا ، ولهذا خرجت عن الامام المهدي عليه السلام عدة تواقيع تنبه الشيعة علي بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه ، وجهله بالاحكام وتركه الواجبات ، منها علي يد احمد بن اسحاق الاشعري ، وعلي يد محمد بن عثمان العمري (3) ، فجفته الشيعة بعد ان بان كل ما ذكره ، مما اضطره الي التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيدالله بن يحيي ابن خاقان في ان يجعلوا له مرتبة اخيه فزبره بالقول« يااحمق ، السلطان جرد سيفه في الذين زعموا ان اباك واخاك ائمة ليردهم عن ذلك فلم يتهيا له ذلك ، فان كنت عند شيعة ابيك واخيك اماما فلا حاجة لك الي السلطان ليرتبك

(1) علل الشرائع/الصدوق1 : 234/1 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1385ه ، اكمال الدين : 319/2 باب 31.
(2) اكمال الدين : 321/اخر الحديث2باب31 ، الغيبة/للشيخ الطوسي : 226/193.
(3) راجع : اكمال الدين : 483/4ـ باب 45 ، الغيبة/للشيخ الطوسي : 290/247 ، بحار الانوار50 : 230/3عن احتجاج الطبرسي : 162ـ163.



(108)
مراتبهم ولا غير السلطان ، و ان لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا... » (1).
    وحمل عشرين الف دينار الي المعتمد ، طالبا منه ان يجعل له مرتبة اخيه ومنزلته. فاجابه بنحوجواب ابن خاقان (2).
    2ـ ادعاؤه التركة وبالتالي حيازته اياها مناصفة مع ام العسكري عليه السلام باذن من السلطات الحاكمة.
    3ـ افشاء سر اخيه العسكري عليه السلام الي الدولة من خلال الايعاز لهم بولادة الامام المهدي عليه السلام ، ومن هنا بدات سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الامام عليه السلام ، ولم يتمكنوا من العثور علي الامام المهدي عليه السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما اوجب الله تعالي ستره وكتمانه.
    وقد اجمل الشيخ المفيد رحمة الله جملة هذه الادوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب تعد شهادة اخيه الحسن عليه السلام بقوله : « تولي جعفر بن علي اخو ابي محمد عليه السلام اخذ تركته ، وسعي في حبس جواري ابي محمد عليه السلام واعتقاله حلائله ، وشنع علي اصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بامامته ، واغري بالقوم حتي اخافهم وشردهم ، وجري علي مخلفي أبي محمد عليه السلام بسبب ذلك كل عظيمة؛من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.
    وحاز جعفر ظاهر تركة ابي محمد عليه السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة

(1) اصول الكافي1 : 505/1 باب مولد ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام من كتال الحجة ، الارشاد2 : 324.
(2) راجع : اكمال الدين : 479 ، الخرائج والجرائح3 : 1109.



(109)
مقامه ، فلم يقبل احد منهم ذلك ، ولا اعتقده فيه ، فصار الي سلطان الوقت يلتمس مرتبة اخيه ، وبذل مالا جليلا ، وتقرب بكل ما ظن انه يتقرب به ، فلم ينتفع بشيء من ذلك » (1).
    وهكذا كان جعفر كاخوة يوسف الصديق عليه السلام يوم قالوا لابيهم كذبا : ((يا ابانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فاكله الذئب وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)) (2).

(1) الارشاد2 : 336ـ337 ، ونحوه في المناقب لابن شهر اشوب4 : 455 ، اعلام الوري2 : 151ـ152 ، الفصول المنهمة2 : 1093.
(2) سورة يوسف : 12/17.



(110)



(111)


الفصل الرابع

امامته عليه السلام

    قال الشيخ المفيد : كان الامام بعد ابي احسن علي بن محمد عليه السلام ابنه ابا محمد الحسن بن علي لاجتماع خلال الفضل فيه ، وتقدمه علي كافة اهل عصره فيما يوجب له الامامة ويقتضي له الرئاسة ، من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم زكثرة الاعمال المقربة الي الله ، ثم لنص ابيه عليه السلام عليه واشارته بالخلافة اليه (1). وفيما يلي نذكر طرفاً من النصوص الواردة في امامته عليه السلام وكما يلي :

    اولا : نص ابائه عليه عليه السلام
    وردت المزيد من النصوص عن النبي صلى الله عليه و اله والال المعصومين عليه السلام تصرح بتعيين اوصياء النبي صلى الله عليه و اله وخلفائه من عترته واحدا بعد واحد باسمائهم واوصافهم ، بشكل يلجو العمي عن البصائر وينفي الشك عن القلوب ، وسنذكر هنا حديثين عن ابائه المعصومين عليه السلام كنموذج علي تلك النصوص ، ونحيل القارئ الي مظان بقيتها (2).

(1) الارشاد2 : 313.
(2) راجع : اصول الكافي1 : 286 ـ باب ما نص الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه و اله علي



(112)
1ـ عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : انشدت مولاي الرضا علي بن موسي عليه السلام قصيدتي التي اولها :
يـقوم علي اسم الله والبركات خروج امام لا محالة خارج

    فلما انتهيت الي قولي :
   
مدارس ايات خلت من تلاوة ويجزي علي النعماء والنقمات ومنزل وحي مقفر العرصات يميز فينا كل حـق وباطل

    بكي الرضا عليه السلام بكاء شديدا ، ثم رفع راسه الي فقال لي : ياخزاعي ، نطق روح القدس علي لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام ومتي يقوم؟فقلت : لا يا مولاي ، الا اني سمعت بخروج امام منكم يطهر الارض من الفساد ، ويملاها عدلا كما ملئت جورا.
    فقال : يا دعبل ، الامام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره... » (1).
    2ـ وعن الصقر بن ابي دلف ، قال : « سمعت ابا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول : ان الامام بعدي ابني علي ، امره امري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، امره امر ابيه ، وقوله قول ابيه ،

الائمة عليهم السلام واحدا فواحدا ، اكمال الدين : 250 ـ 378 ـ الابواب23 ـ 36 ، بحارالانوار36 : 192 ـ 418 ـ باب40 ـ 48.
(1) اكمال الدين : 372/6 باب35.



(113)
وطاعته طاعة ابيه... » (1).

    ثانيا : نص ابيه عليه عليه السلام
    فيما يلي نعرض اهم النصوص الواردة عن ابيه عليه السلام في اانص عليه والاشارة اليه بالامامة من بعده.
    1 ـ روي ثقة الاسلام اكليني بالاسناد عن يحيي بن يسار القنبري ، قال : « اوصي ابوالحسن عليه السلام الي ابنه الحسن عليه السلام قبل مضيه باربعة اشهر ، واشهدني علي ذلك وجماعة من الموالي » (2).
    2 ـ وعن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع ابي الحسن عليه السلام في صحن داره ، فمر بنا محمد ابنه ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك؟فقال : لا ، صاحبكم بعدي الحسن » (3).
    3ـ وعن عبدالله بن محمد الاصفهاني ، قال : « قال ابو الحسن عليه السلام : صاحبكم بعدي الذي يصلي علي. قال : ولم نعرف ابا محمد قبل ذلك. قال : فخرج ابو محمد فصلي عليه » (4).
    4 ـ وعن علي بن مهزيار ، قال : « قلت لابي الحسن عليه السلام : ان كان كون ـ واعوذ بالله ـ فالي من؟ قال : عهدي الي الاكبر من ولدي » (5). وكان الامام العسكري عليه السلام اكبر ولد الامام الهادي عليه السلام.

(1) اكمال الدين : 378/3 باب36.
(2) اصول الكافي1 : 325/1ـ باب الاشارة والنص علي ابي محمد عليه السلام من كتاب الحجة.
(3) اصول الكافي1 : 325/2من نفس الباب المتقدم.
(4) اصول الكافي1 : 326/3 من نفس الباب المتقدم.
(5) اصول الكافي1 : 326/6 من نفس الباب المتقدم.