« اللهم ، إني أستعين بك على قريش ، فإنهم [ قطعوا ] (1) رحمي ، ( والكفوُّا انائي ) (2) ، واجمعوا على منارعتي حقا كنت أولى به من غيري (3) ، وقالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه ، وفي الحق أن تمنعه ، فأصبر مغموما (4) ، أو مت متأسفا ، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ، ولا مساعد ، إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنية (5) ، فأغضيت على القذى ، وجرعت (6) ريقي على الشجا ، وفي العين قذى ، فصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، والم للقلب من وحز (7) الشفار » (8) .
ومن كلامه عليه السلام حين وصوله الى البصرة ، يحرض اصحابه على
لذا فأنها سواء كانت رسالة ام خطبة فهي ليس لها علاقة بوقعة الجمل ، وإذا كان ذلك في سبب قتل محمد بن ابي بكر فيظهر من هذا انها بعد وقعة صفين ، فهذا اشتباه وقع فيه المصنف .
« عباد الله ، أنهدوا الى هؤلاء القوم منشرحة صدوركم لقتالهم ، فأنهم نكثوا بيعتي ، واخرجوا عثمان (2) بن حنيف عاملي بعد الضرب المبرح ، والعقوبة الشديدة ، وقتلوا السبابجة (3) ، وقتلوا حكيم بن جبلة العبدي (4) ، وقتلوا رجالا صالحين .
ثم اتبعوا من نجا منهم ، يأخذونه من كل حائط ، ومن تحت كل راية . [ ثم يأتون بهم ] (5) فيضربون رقابهم صبرا ، [ فيستحلون اموالهم ] (6) ، مالهم قاتلهم الله انى يؤفكون .
أنهدوا إليهم وكونوا اشداء عليهم ، والقوهم وانتم صابرون محتسبون ، ليعلموا (7) أنكم منازلوهم ومقاتلوهم ، وقد وطنتم انفسكم
وأي امرئ منكم أحس من نفسه رباطة جأش عند اللقاء ، ورأى من أحد من إخوانه فشلا ، فليذب عن أخيه الذي فضل عليه كما يذب عن نفسه ، فلو شاء الله لجعله مثله » .
ثم قال عليه السلام : « ايها الناس :
إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على قتيل ولا جريح ، ولا تقتلوا اسيرا ، ولا تطلبوا موليا ، ولا تتبعوا مدبرا ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثلوا بقتيل ، ولا تهتكوا سترا ، ولا تربوا شيئا من أموالهم ، إلا أن تجدوه في معسكرهم من سلاح أو كراع وعبيد واماء ، وأما ما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم على ما في كتاب الله عزوجل » (3) .
قال المسعودي (4) :
ذكر عن المنذر انه ساق الحديث حتى قال : وكان دخول امير المؤمنين عليه السلام البصرة مما يلي الطف ، فأتى الزاوية (5) ، فخرجت انظر
انظر : معجم البلدان 3 : 128 .
فقيل لي : هذا أبو ايوب الانصاري ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهؤلاء الذين معه الانصار وغيرهم .
ثم تلاه فارس ثان عليه عمامة صفراء وثياب بيض ، متقلدا بسيف ( متنكبا قوسا ) (3) على فرس أشقر ، بيده راية ، معه نحو الف فارس .
فقلت : من هذا ؟
فقيل : لي هذا خزيمة ذو الشهادتين (4) .
=
ثم مر بنا فارس ثالث على فرس كميت ، متعمما بعمامة صفراء من تحتها قلنسوة بيضاء ، عليه قباء مصقول ، متقلدا بسيف ، متنكبا قوسا ، معه نحو الف فارس ، وبيد راية .
فقلت : من هذا ؟
فقيل لي : هذا أبو قتادة بن ربعي الانصاري .
ثم مر بنا فارس رابع (1) ، شديد الادمة ، على فرس اشهب ، عليه سكينة ووقار ، رافعا صوته بتلاوة القرآن المجيد ، بيده راية بيضاء ، وعليه عمامة سوداء ، وثياب بيض ، متقلدا بسيف ، متنكبا قوسا ، معه نحو الف فارس مختلفي التيجان ، حوله شيوخ وكهول وشبان [ كأنما قد أوقفوا للحساب ] (2) جباههم مسودة من أثر السجود .
فقلت : من هذا ؟
فقيل لي : هذا عمار بن ياسر الانصاري ، والذين معه من المهاجرين والانصار .
ثم مر بنا فارس خامس (3) ، على فرس اشقر ، على رأسه قلنسوة
=
لقد بعته وما معنا من أحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لخزيمة : كيف شهدت بهذا ؟.
فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي تخبرنا عن الله واخبار السموات فنصدقك ، ولا نصدقك في ثمن هذا . فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين .
انظر : الاختصاص : 58 .
فقلت : من هذا ؟
فقيل لي : هذا قيس بن سعد بن عبادة الانصاري ، وهؤلاء الذين معه الانصار وغيرهم من قحطان .
ثم مر بنا فارس سادس (1) على فرس أشهل (2) ما رأينا مثله ، عليه ثياب بيض وعمامة سوداء سدلها (3) بين يديه ومن خلفه ، وبيده لواء [ ومعه نحو الف فارس من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ] (4) .
فقلت : من هذا ؟
فقيل لي : هذا عبد الله بن العباس .
ثم تلاه موكب سابع (5) ، يقدمهم فارس اشبه الناس بمن [ قبله ] (6) .
فقلت : من هذا ؟
فقيل لي : هذا [ قثم بن العباس ، أو معبد بن العباس ] (7) .
ثم مر بنا موكب تاسع (1) ، فيه خلق عظيم ، مكملين بالسلاح والحديد ، مختلفي التيجان والرايات ، تقدمهم راية كبيرة عظيمة ، في اولهم فارس ، كأنما قد [ كسر وجبر ] (2) ، كأن على رؤوسهم الطير ، فعن يمينه شاب حسن الوجه ، وعن شماله (3) مثله ، وبين يديه شاب ليس هو ببعيد منهما .
فقلت : من هؤلاء ؟
فقيل لي : اما الاوسط فهو امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، وما الشاب الذي على يمنيه ابنه الحسن عليه السلام ، والذي عن شماله ابنه الحسين عليه السلام ، واما الذي بين يديه حامل الراية فأبنه محمد بن الحنفية (4) .
فساروا حتى نزلوا بالزاوية ، فصلى امير المؤمنين عليه السلام أربع ركعات ، ثم عفر خديه على التراب وخالطهما بدموعه ، ثم رفع رأسه يقول : « اللهم رب السموات وما اظلت ، ورب الارضين وما اقلت ،
اللهم ، ان هؤلاء القوم ، [ قد بغوا علي ، وخالفوا طاعتي ] (1) ، ونكثوا بيعتي .
اللهم ، احقن دماء المسلمين » .
ثم انه عليه السلام بعث إليهم يناشدهم ، فأبوا إلا الحرب لقتاله !!
فبعث إليهم مرة ثانية رجلا من اصحابه يقال له مسلم (2) بمصحف
فأقبل الغلام حتى وقف بإزاء الصفوف ونشر المصحف وقال : هذا كتاب الله عزوجل وأمير المؤمنين عليه السلام يدعوكم الى ما فيه . فقالت عائشة : أشجروه بالرماح قبحه الله ! فتبادروا إليه بالرماح فطعنوه من كل جانب ، وكانت أمه حاضرة فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرته من موضعه ، ولحقها جماعة من عسكر أمير المؤمنين عليه السلام أعانوها على حمله حتى طرحوه بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام وأمه تبكي وتندبه وتقول .. الشعر .
ثم جاء عبد الله بن مدمل بأخيه مقتولا ، وجيء برجل آخر من الميسرة مذبوحا فيه سهم ، فقال عليه السلام :
« اللهم ، اشهد غدر القوم » .
فمضى إليهم عمار بن ياسر رضي الله عنه (3) حتى وقف بين الصفين ، وقال :
انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 340 .
قال : وسمعت عمارا يقول : والله لو ضربتمونا حتى نبلغ سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وانكم على الباطل . وسمعته يقول : والله ما نزل تأويل هذه الاية الا اليوم ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال : ولما جال الناس تلك الجولة قتل بينهم خلق كثير ، وسمعت اصوات السيوف في الرؤوس كأنها مخاريق . قال الراوي : والله لقد مررت بعد الوقعة بالبصرة فدنوت من دير القصارين فسمعت اصوات الثياب على الحجارة فشبهتها بالاصوات التي كانت من السيوف على الرؤوس يومئذ ، وفي تلك الجولة قتل ظريف بن عدي بن حاتم ، وفقئت عين عدي . انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 2 : 366 ، الطبري 4 : 525 ، شرح نهج البلاغة 14 : 248 .
يا ام المؤمنين ما تريدين بهذا الموقف ؟
قالت : طالبة لدم عثمان رضي الله عنه .
قال : قتل الله تعالى الباغي في هذا اليوم ، والطالب للباطل بغير الحق .
ايها الناس : أتعلمون اينا الممالي في قتل عثمان ، فرشقوه بالنبل ، فرجع وهو يقول :
اشار بقوله هذا إليها ، حيث قالت : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا (1) !!
=
فلما اتى الى امير المؤمنين عليه السلام قال له : جعلت فداك ، انظرني امرك واجمع اصحابك وانصارك ، فإنه ليس لك عند القوم إلا الحرب .
فقال عليه السلام لاصحابه :
« ايها الناس : صافوهم ولا تبدوهم البراز ، ولا ترموهم بالسهام ، ولا تضربوهم بالسيف ، ولا تطعنوهم بالرماح ، حتى يبدوكم فإذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا اسيرا ، ولا تتبعوا موليا ، ولا تقبلوا شيئا من اموالهم ، إلا ما تجدونه في معسكرهم من كراع أو سلاح أو عبيد أو إماء ، وما عدا ذلك فهو ميراث لورثتهم » (1) .
*
*
=
فقال لها ابن ام كلاب :
انظر : الكامل في التاريخ 3 : 206 .
ثم انه عليه السلام خرج على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونادى بالزبير بن العوام ، فجاءه مكملا بالسلاح .
فقالت عائشة رضي الله عنها : واحزنك يا اسماء !
فقيل لها : إن عليا عليه السلام خرج حاسرا من السلاح ، فطمأنت نفسها . فتقاربا حتى اختلفت اعناق خيلهما .
فقال امير المؤمنين عليه السلام له : يا أبا عبد الله ، انما دعوتك لاذكرك حديثا قال لي ولك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أتذكر يوما رآك [ اي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ] وانت تعنقني في بني عوف ، إذ قال لك : أتحب يا زبير عليا ؟
فقلت : اي والله إني لأحبه ، وما يمنعني يا رسول الله عن حبه وهو اخي وابن خالي .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم لك : إنك ستخرج عليه وانت ظالم له !
قال : بلى ، قد كان ذلك !
فقال عليه السلام : انشدك الله ثانيا ، يوم جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عند بني عوف وانت معه آخذ بيدي ، فأستبقلته وسلمت عليه ، فضحك في وجهك ، وضحكت إليه ، فقلت له :
يا رسول الله ، لا يدع ابن ابي طالب زهوه .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم لك : يا زبير ليس بعلي زهو ، ولتخرجن عليه وتحاربه وانت ظالم له .
قال : اللهم ، نعم لقد كان ذلك ، ولكني نسيت وما ذكرتني انسانيه الدهر !! ولو ذكرته لما خرجت عليك .
فكيف أرجع وقد التقت حلقتا البطان ، والله ان هذا هو العار الذي ليس له مثيل .
فقال عليه السلام : يا زبير ارجع ، قبل ان تجمع العار والنار .
قال : اذن ، لامضين وانا استغفر الله تعالى ، فكر راجعا وهو يقول هذه الابيات شعرا (1) :
فقالت له عائشة رضي الله عنه : ما خلفت وراءك يا با عبد الله ؟
قال : والله ، ما وقفت موقفا ، ولا شهدت مشهدا في شرك ولا اسلام إلا ولي فيه بصيرة ، وانا اليوم على شك من أمري ، فما كدت ان ابصر موضع قدمي .
وقال له ابنه عبد الله : يا ابت لقد رجعت الينا بغير الوجه الذي مضيت به عنا .
قال : نعم والله ، لقد ذكرني علي [ عليه السلام ] حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد انسانيه الدهر فلا حاجة لي في محاربته ابدا . فرجعت مستغفرا لله عزوجل ، وتارككم منذ اليوم ، فيفعل الله ما يشاء .
قال : بلى ، اني اراك فررت من عيون بني هاشم حين رأيتها تحت المغافر ، وبأيديهم سيوف حداد ، وتحملها فتية امجاد .
قال : ويلك ، يا بني اتهيجني على حربه ، اما اني قد حلفت ان لا أحاربه (1) .
=
فقال : كفر عن يمينك ، لئلا يتحدثن نساء قريش ، أنك جبنت ، وما كنت بجبان .
قال : صدقت إذا ، فغلامي مكحول هو حر كفارة عن يميني (1) .
ثم انه نصل سنان رمحه ، وكر راجعا .
فقال امير المؤمنين عليه السلام : أفرجوا له ، فأنه محرج .
فلم يزل يجول في المعركة يمينا وشمالا ، يشق الصفوف ، حتى اتى وادي السباع ، ثم عاد الى أصحابه ، ثم حمل مرة ثانية وثالثة ، فقال
=
عثمان قتلنا ، فما اصنع بهذا المسير ، وضرب الناس بعضهم بعض .
فقال له عبد الله ابنه : افتدع عليا يستولي على الامر ؟ وانت تعلم انه كان احسن اهل الشورى عند عمر بن الخطاب ، ولقد اشار عمر وهو مطعون يقول لاصحابه اهل الشورى : ويلكم أطمعوا عليا فيها لا يفتق في الاسلام فتقا عظيما ومنوه حتى تجمعوا على رجل سواه .
انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 289 .
انظر : الكامل في التاريخ 3 : 240 .
وقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي عليه السلام :
انظر : نهج البلاغة 1 : 234 . بشارة المصطفى : 247 . بحار الانوار 32 : 205 .
قال : حاشا ، لقد اعذرت بما فعلت .
قال [ المصنف في رواية اخرى ] :
فلما خرج امير المؤمنين عليه السلام لطلب الزبير ، خرج حاسرا والزبير دارعا مدججا .
فقال له عليه السلام : يا ابا عبد الله ، لعمري لقد اعددت سلاحا وجندا ، فهل اعددت لله عزوجل بعذر ؟
قال : ان مردنا الى الله عزوجل يفعل ما يشاء .
فقال عليه السلام : ( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين ) (1) .
فكر عنه راجعا نادما (2) ، ورجع امير المؤمنين عليه السلام الى أصحابه فرحا مسرورا .
فقالوا له : يا امير المؤمنين ، أتبرز الى الزبير حاسرا وهو مستعد بالسلاح ، ألست تعلم بشجاعته ؟
قال : بلى ، ولكنه ليس بقاتلي ، وانما يقتلني رجل خامل الذكر غيلة .
انظر : الكامل في التاريخ 3 : 240 .
قال [ المصنف ] :
ولما انصرف الزبير الى وادي السباع (1) ، وكان به الاحنف بن قيس في جمع من بني تميم ، فأخبر به فرفع صوته ، وقال : ما معشر بني تميم هذا الزبير بن العوام فما أصنع به ؟ اما انه احق بالقتل .
معجم البلدان 5 : 343 .
ذكر الشيخ المفيد رضي الله عنه بعض ما روي في قتل الزبير بن العوام ، فقال : روى المفضل بن فضالة عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن ابراهيم ، قال : هرب الزبير على فرس له يدعى ( ذا الحمار ) حتى وقع بسفوان ، فمر بعبدالله بن سعيد المجاشعي ، وابن مطرح السعدي ، فقالا له : يا حواري رسول الله [ صلى الله عليه وآله وسلم ] انت في ذمتنا لا يصل إليك أحد ، فأقبل معهما فهو يسير مع الرجلين إذ أتى الاحنف بن قيس برجل فقال : أريد ان أسر اليك سرا ادن مني ، فدنا منه ، فقال : يا هذا الزبير قد هرب واني رأيته بين رجلين من بني مجاشع ومنقر اظنه يريد التوجه الى المدينة . فرفع الاحنف صوته وقال : ما اصنع ان كان الزبير قد القى الفتنة بين المسلمين حتى ضرب بعضهم بعضا ، ثم هو يريد ان يرجع الى اهله الى المدينة سالما ، فسمعه ابن جرموز فنهض ومعه رجل يقال له فضالة بن محابس ، وعلما ان الاحنف انما رفع صوته يذكر ابن الزبير لكراهته ان يسلم وإيثاره ان يقتل ، فأتبعاه جميعا ، فلما رآهما من كان مع الزبير ، قالوا له : هذا ابن جرموز ، وانا نخاف عليك . فقال لهم الزبير : انا اكفيكم ابن جرموز وأنتم اكفوني ابن محابس ، فحمل عمير على الزبير وعطف عليه ، وقال يا فضالة أعني فأن الرجل قاتلي ، فأعانه وحمل ابن جرموز فقتله وأحتز رأسه .
انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 387 .
قالوا : بلى والله ، فركب فرسه في الف فارس ، وتبعه عمرو بن جرموز ، [ و ] كان مشهورا [ بالفروسية ] والشجاعة ، فوقف له الزبير وقال : ما شأنك ؟
قال : جئت لأسألك عن أمر الناس .
قال : تركتهم قياما في الركب ، يضرب بعضهم وجه بعض بالسيف ! فسارا معا يتحدثان ، وكل واحد على حذر من صاحبه حتى دخل وقت الصلاة .
فقال الزبير : يا هذا انا نريد ان نصلي .
قال : احسنت فيما تقول ، إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، وقد أردت ان اقول لك ذلك .
قال : أفتؤمنني وأومنك .
قال : نعم .
فحولا عن خيلهما ، واسبغا الوضوء ، وقام الزبير للصلاة فشد عليه عمرو بن جرموز فقتله ، وجز رأسه ، وانتزع خاتمه وسيفه ، وحثا عليه التراب ، واتى بهم الى الاحنف بن قيس .
فقال له : والله ما ادري بك ، هل اسأت ام أحسنت ؟ ولكن اذهب بهم الى أمير المؤمنين عليه السلام ، واخبره بخبرك ، فمضى إليه وأخبره .
فقال عليه السلام له : « انت قتلته ؟ »
قال : نعم .
قال [ المصنف رحمه الله ] :
وفي كثير من الروايات انه لم يأته بالرأس .
فقال عليه السلام : « والله ما كان ابن صفية جبانا ولا لئيما ، ولكن الحين ومصارع السوء » (1) . ثم قال عليه السلام : « ناولني سيفه » فناوله اياه ، فأخذه وهزه ، ثم قال عليه السلام :
« اما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : بشر قاتل أبن صفية بالنار » .
وقال في حديث آخر : « الزبير وقاتله في النار » .
فخرج ابن جرموز خائبا وهو يقول هذه الابيات شعرا (2) :
ثم ان عمرو بن جرموز مضى عن امير المؤمنين عليه السلام ، وخرج عليه مع اهل النهروان ، فقتل مع من قتل منهم .
وفي رواية قال [ المصنف رحمه الله ] :