حَيَاةُ الامامِ مُحمَّد الجَواد ( عليه السَّلام ) ::: 91 ـ 100
(91)
الإسلامية التي فرضها الله على المسلمين لازدهار اقتصادهم ، ومعالجة الفقر والبؤس ، ونصف من الخمس المسمّى بحقّ الإمام ينفق على إقامة معالم الشريعة الإسلامية وازدهار الحياة الفكرية والعلمية في الإسلام ، وهو يجب في مواضع ـ ذكرها الفقهاء ـ منها ما يفضل عن مؤنة سنة الإنسان له ولعياله من أرباح التجارات ، والصناعات والزراعات ونحوها ، وقد استدلّ الفقهاء على ذلك بما أثر عن الإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السلام ) من الأخبار والتي منها :
    1 ـ روى عليّ بن مهزيار عن محمد بن الحسن الأشعري قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : اخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصنّاع؟ وكيف ذلك؟ فكتب ( عليه السلام ) بخطّه : الخمس بعد المؤنة (1).
    2 ـ روى الشيخ في الصحيح عن عليّ بن مهزيار قال : ( كتب إليه أبو جعفر ( عليه السلام ) وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكّة ، قال : إنّ الذي أوجبت في سنتي هذه ، وهذه سنة عشرين ومائتين فقط لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كلّه خوفاً من الانتشار ، وسأفسّر لك بعضه إن شاء الله : إنّ مواليّ أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم ، فعلمت ذلك فأحببت أن أطهّرهم وأزكّيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا قال تعالى : ( خُذْ مِن أموالهم صدَقةً تُطهِّرهمْ وتزكِّيهم بها وصلِّ عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم والله سميع عليمٌ * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذُ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم * وقُلِ اعْمَلُوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم
1 ـ وسائل الشيعة : ج 6 ص 348.

(92)
تَعمَلُونَ ) (1).
    ولم أوجب عليهم ذلك ، في كلّ عام ولا أوجب عليهم إلاّ الزكاة التي فرضها الله عليهم ، وإنّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول ، ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحوه في تجارة ولا ضيعة إلاّ في ضيعة سافسّر لك أمرها تخفيفاً منّي عن موالي ، ومنّاً منّي عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ، ولما ينوبهم في ذاتهم ، فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام قال الله تعالى : ( واعلمُوا أَنَّما غنمتُم من شيءٍ فأنَّ للهِ خُمُسهُ وللرَّسُولِ ولذي القُربى واليتامَى والمساكينِ وابنِ السبيلِ إن كُنتُمْ آمنتم باللهِ وما أنزلنَا على عبدنا يومَ الفرقانِ يومَ التقى الجمعان والله على كلِّ شيءٍ قديرٍ ) فالغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها. والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ، ومثل عدوّ يصطلم فيؤخذ ماله ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب ، وما صار إلى موالي من أموال الخرمية الفسقة ، فقد علمت أنّ أموالاً عظاماً صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصله إلى وكيلي ، ومن كان نائياً بعيد الشقّة فليعمد لإيصاله ولو بعد حين ، فإنّ نيّة المرء خير من عمله ، فأمّا الذي أوجب من الضياع والغلات في كلّ عام فهو نصف السدس ، ممّن كانت ضيعته تقوم بمؤنته ، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك .. ) (2).
    ومنيت هذه الصحيحة بكثير من الغموض وعدم وضوح المراد منها وقد
1 ـ سورة الجمعة : ج 103 ـ 105.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 6 ص 350.


(93)
ذكرت عليها عدّة إشكالات تصدّى بعض المحقّقين من الفقهاء إلى تفنيدها ، وذكر المحقّق الفقيه البحراني ما نصّه : فالحقّ ما ذكره جملة من الأصحاب من أنّ الرواية في غاية الإشكال ونهاية الإعضال (1).
    الحجّ :
    واستند فقهاء الشيعة الإمامية في فتاواهم في بعض فروع الحجّ ، ومسائله إلى ما أثر عن الإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السلام ) فيها ، وفيما يلي ذلك :
    1 ـ استند الفقهاء في استحباب الحجّ للصبي بما رواه محمّد بن الفضيل قال : سألت أبا جعفر الثاني ( عليه السلام ) عن الصبي متى يحرم به؟ قال : إذا أثغر (2) وقد تعرّض الفقهاء إلى كيفيّة حجّه بالتفصيل.
    2 ـ وأفتى فقهاء الإمامية بأنّ المخالف إذا حجّ ثمّ استبصر لم يعد حجّه إلاّ أن يخلّ بركن عندنا (3) وقد وردت رواية عن الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) تقضي بالإعادة فقد روى عليّ بن مهزيار قال : كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) : إنّي حججت وأنا مخالف ، وكنت صرورة فدخلت متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ ، قال : فكتب إليه : أعد حجّك (4) وحمل الشيخ الأمر بإعادة الحجّ على الاستحباب (5).
    3 ـ واتّفق فقهاء الإمامية بأنّ حجّ التمتّع أفضل أنواع الحجّ لمن أراد أن يحجّ
1 ـ الحدائق الناضرة.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 8 ص 37.
3 ـ اللمعة الدمشقية : ج 2 ص 177.
4 ـ وسائل الشيعة : ج 8 ص 43.
5 ـ نفس المصدر.


(94)
حجاً مندوباً ، وقد استندوا في ذلك إلى ما ورد عن الإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السلام ) وغيره من أئمّة العترة الطاهرة ( عليه السلام ) فقد روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) قال : كان أبو جعفر ( عليه السلام ) يقول : المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ أفضل من المفرد السائق للهدي ، وكان يقول : ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة (1).
    4 ـ من التروك اللازمة في الحجّ التظليل للرجل الصحيح سائراً أمّا المرأة فيجوز لها الظلّ (2) وقد ورد عن الإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السلام ) في ذلك ما رواه بكر بن صالح قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) إنّ عمّتي معي وهي زميلتي ويشتدّ عليها الحرّ إذا أحرمت افترى أن أظلّل عليّ وعليها؟ فكتب ( عليه السلام ) : ظلّل عليها وحدها (3).
    هذه بعض فروع الحجّ التي وردت أحكامها عن الإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السلام ).
    النذر :
    وسئل الإمام أبو جعفر الجواد ( عليه السلام ) عن بعض مسائل النذور وفروعه فأجاب عنها ، وكان ممّا سئل عنه.
    1 ـ سئل الإمام الجواد ( عليه السلام ) عن الرجل يقول : عليّ مائة بدنة أو ما لا يطيق ، فقال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ذلك من خطوات الشيطان (4).
    إنّ القدرة على الامتثال ـ كما يقول الفقهاء ـ شرط في صحّة التكليف ويستحيل أن يتعلّق بغير المقدور ، فمتعلّق النذر في هذه المسألة لمّا كان غير مقدور ولا
1 ـ وسائل الشيعة :
2 ـ اللمعة : ج 2 ص 324.
3 ـ وسائل الشيعة : ج 9 ص 153.
4 ـ وسائل الشيعة : ج 16 ص 221.


(95)
يطيقه المكلّف كان النذر باطلاً.
    2 ـ رفع رجل من بني هاشم رسالة إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) جاء فيها : ( إنّي كنت نذرت نذراً منذ سنين أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا ممّا يرابط فيه المتطوّعة نحو مرابطتهم بجدّة وغيرها من سواحل البحر ، افترى جعلت فداك انّه يلزمني الوفاء به أو لا يلزمني أو افتدي الخروج إلى ذلك بشيء من أبواب البرّ لأصير إليه إن شاء الله؟ ).
    فأجابه ( عليه السلام ) برسالة جاء فيها :
     ( إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته وإلاّ فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البرّ ، وفّقنا الله وإيّاك لما يحب ويرضى .. ) (1).
    ولم ينعقد هذا لنذر لأنّ متعلّقة غير راجح ، وقد حثّ الإمام على أن يصرف نفقات مرابطته في وجوه البرّ والتي منها الإحسان إلى الفقراء.
    كفارة مخالفة العهد :
    وأفتى فقهاء الإمامية بأن من حنث ما عاهد عليه الله تجب عليه الكفّارة المخيّرة وهي : عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، وقد استندوا في ذلك إلى ما روي عن الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) فقد روى أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) في رجل عاهد الله عند الحجر أن لا يقرب محرماً أبداً فلمّا رجع عاد إلى المحرم ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : يعتق أو يصوم أو يتصدّق على ستين مسكيناً وما ترك من الأمر أعظم ويستغفر الله ويتوب إليه (2).
1 ـ تهذيب الأحكام : ج 8 ص 311.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 16 : ص 248.


(96)
    الوقف :
    سئل الإمام أبو جعفر ( عليه السلام ) عن بعض مسائل الوقف فأجاب عنها ، وعلى ضوء أجوبته أفتى الفقهاء ، وكان من بين ما سئل عنه :
    1 ـ إنه سئل عن الوقف الذي يكون على أسرة وهي منتشرة في أنحاء مختلفة في البلاد فهل يجب على متولّي الوقف أن يوصل إليهم حقّهم من واردات الوقف ، فأجاب ( عليه السلام ) بعدم لزوم ذلك عليه ، وإنّ الوارد يختصّ بمن حضر البلد الذي فيه الوقف ، وهذا نصّ السؤال والجواب :
    روى عليّ بن محمد بن سليمان النوفلي قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) أسأله عن أرض وقفها جدّي على المحتاجين من ولد فلان ابن فلان ، وهم كثيرون متفرّقون في البلاد ، فأجاب : ذكرت الأرض التي وقفها جدّك على فقراء ولد فلان ، وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف وليس لك أن تتّبع من كان غائباً (1).
    2 ـ روى عليّ بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) إنّ فلاناً ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس ، ويسأل عن رأيك في بيع حصّتك من الأرض أو تقويمها على نفسه بما اشتراها ، أو يدعها موقفة؟ فكتب ( عليه السلام ) : اعلم فلاناً أنّي آمره أن يبيع حقّي من الضيعة ، وإيصال ثمن ذلك إليّ ، وإنّ ذلك رأي إن شاء الله ، أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له (2) وحمل الحرّ العاملي الرواية على عدم قبض الإمام للضيعة كما هو الظاهر منه حتى يصحّ البيع.
    3 ـ روى عليّ بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) أعلمه أنّ إسحاق بن إبراهيم وقف ضيعته على الحجّ ، وأمّ ولده وما فضل عنها للفقراء ، وإنّ محمد بن
1 ـ وسائل الشيعة : ج 13 ص 308.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 13 ص 304.



(97)
إبراهيم أشهد على نفسه بمال يفرّق في إخواننا ، وإنّ في بني هاشم من يعرف حقّه ، يقول بقولنا ممّن هو محتاج ، فترى أن يصرف ذلك إليهم إذا كان سبيله سبيل الصدقة؟ لأنّ وقف إسحاق إنّما هو صدقة ..
    فكتب ( عليه السلام ) في الجواب : ( فهمت رحمك الله ما ذكرت من وصية إسحاق بن إبراهيم ( رضي الله عنه ) ، وما أشهد بذلك محمد بن إبراهيم ( رضي الله عنه ) ، وما استأمرت به من إيصالك بعض ذلك إلى من كان له ميل ومودّة من بني هاشم ممّن هو مستحقّ فقير ، فأوصل ذلك إليهم يرحمك الله ، فهم إذا صاروا إلى هذه الخطّة أحقّ من غيرهم لمعنى لو فسّرته لك لعلمته إن شاء الله ) (1).
    وأدرج الحرّ العاملي هذه الرواية تحت عنوان ( جواز إعطاء فقراء بني هاشم من الصدقة سوى الزكاة من الوقف على الفقراء ) (2).
    الزواج :
    وأثرت عن الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) في الزواج عدّة أخبار استند إليها الفقهاء في فتواهم ، وكان من بينها عدم ولاية العمّ على ابنة أخيه في الزواج فقد روى محمد بن الحسن الأشعري قال : كتب بعض بني عمّي إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : ما تقول في صبية زوجها عمّها ، فلمّا كبرت أبت التزويج فكتب ( عليه السلام ) : ( لا تكره على ذلك والأمر أمرها ) (3).
    الطلاق :
    وسئل الإمام أبو جعفر ( عليه السلام ) عن الطلاق المخالف لفقه أهل البيت ( عليهم السلام )
1 ـ وسائل الشيعة : ج 13 ص 322.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 9 ص 213.
3 ـ وسائل الشيعة : ج 14 ص 207.


(98)
فأجاب ( عليه السلام ) بعدم صحّته إن كان المطلّق ممّن يدين بالولاء لهم ، ويسير على وفق ما أثر عنهم ، وإن كان المطلّق لا يرى ذلك فطلاقه صحيح ، وهذا نصّ جوابه عن هذا السؤال الذي سأله عنه إبراهيم بن محمد الهمداني : ( فهمت ما ذكرت من أمر بنتك وزوجها ( إلى أن قال ) ومن حنثه بطلاقها غير مرّة فانظر فإن كان ممّن يتولاّنا ، ويقول : بقولنا فلا طلاق عليه لأنّه لم يأت أمراً جهله ، وإن كان ممّن لا يتولاّنا ولا يقول : بقولنا فاختلعها منه ، فإنّه نوى الفراق ) (1).
    الرضاع :
    وإذا توفّرت في الرضاع الشروط المعتبرة التي ذكرها الفقهاء فيترتّب عليه ما يترتّب على النسب من الآثار الوضعيّة ، ففي الحديث : ( الرضاع لحمة كلحمة النسب ) وكان من بين مسائل الرضاع التي عرضت على الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) وأجاب عنها ما رواه عليّ بن مهزيار قال : سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني ( عليه السلام ) انّ امرأة أرضعت لي صبياً فهل يحلّ لي أن أتزوج ابنة زوجها؟ فقال لي : ما أجود ما سألت من هاهنا يؤتى أن يقول الناس : حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل ، هذا هو لبن الفحل لا غيره ، فقلت له : الجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعت لي ، هي ابنة غيرها ، فقال : لو كن عشراً متفرّقات ما حلّ لك شيء منهنّ ، وكنّ في موضع بناتك (2).
    حلّية زواج الزاني بالمزني بها :
    وسئل الإمام أبو جعفر الجواد ( عليه السلام ) عن الزاني هل له أن يتزوّج بالمزني بها ، فأجاب ( عليه السلام ) بالجواز بعد استبرائها ، وهذا نصّ السؤال مع جوابه روى الحسن بن عليّ
1 ـ وسائل الشيعة : ج 15 ص 320.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 14 ص 296.


(99)
بن شعبة عن أبي جعفر محمد بن عليّ الجواد ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا أيحلّ له أن يتزوّجها؟ فقال : يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه ، ثمّ يتزوّج بها إن أراد ، فإنّما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراماً ثمّ اشتراها فأكل منها حلالاً (1).
    حرمان ابن الزنا من الميراث :
    من الآثار الخطيرة التي تترتّب على اقتراف جريمة الزنا ان ابن الزنا لا يلحق بأبويه ويحرم من ميراثهما ، وقد أثر عن الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) في ذلك ما رواه محمد بن الحسن الأشعري قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) معي يسأله عن رجل فجر بامرأة ، ثم إنّه تزوّجها بعد الحمل فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به ، فكتب بخطّه وخاتمه : الولد لغية لا يورث (2).
    الشفعة :
    من البحوث الفقهيّة : الشفعة وقد سئل الإمام أبو جعفر ( عليه السلام ) عن بعض أحكامها فأجاب عنها ، فقد روى الثقة الفقيه عليّ بن مهزيار قال : سألت أبا جعفر الثاني ( عليه السلام ) عن رجل طلب شفعة فذهب على أن يحضر المال فلم ينضّ ، فكيف يصنع صاحب الأرض إن أراد بيعها أيبيعها أو ينتظر مجيء شريكه صاحب الشفعة؟ قال : إن كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيام فإن أتاه بالمال وإلاّ فليبع ، وبطلت شفعته في الأرض وإن طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد إلى آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة ، وينصرف وزيادة ثلاثة أيام إذا قدم فإن وافاه وإلاّ فلا شفعة له (3) ، وقد أدرج الشيخ الحرّ هذا الخبر تحت هذا العنوان : ( باب أنّ
1 ـ وسائل الشيعة : ج 15 ص 476.
2 ـ وسائل الشيعة : ج 17 ص 567.
3 ـ وسائل الشيعة : ج 17 ص 324.


(100)
الثمن إذا كان في المصر انتظر به ثلاثة أيام وإن كان في بلد آخر انتظر به قدر الذهاب والعودة وزيادة ثلاثة أيام ، فإن زاد بطلت الشفعة ).
    الميراث :
    وسئل الإمام أبو جعفر ( عليه السلام ) عن بعض فروع الميراث فأجاب عنها ، ونعرض لبعضها :
    1 ـ روى محمد بن علي بن الحسن بإسناده عن البزنطي قال : قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : رجل هلك ، وترك ابنته وعمّه ، فقال : المال للابنة ، قال : وقلت له : رجل مات وترك ابنة له وأخاً له ، أو قال : ابن أخيه قال : فسكت طويلاً ثمّ قال : المال للابنة (1).
    2 ـ روى عليّ بن مهزيار قال : سألت أبا جعفر الثاني ( عليه السلام ) عن دار كانت لامرأة وكانت لها ابن وابنة فغاب الابن في البحر ، وماتت المرأة فادّعت ابنتها أنّ أمّها كانت صيّرت هذه الدار لها وباعت أشقاصاً منها وبقيت في الدار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن ، وما يتخوّف أن لا يحلّ شراؤها ، وليس يعرف للابن خبر ، فقال لي : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، قال : ينتظر به غيبة عشرة سنين ، ثمّ يشتري (2). فقلت : إذا انتظر به غيبة عشر سنين يحلّ شراؤها؟ قال : نعم (3).
    وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض المسائل الفقهية التي أدلى بها الإمام الجواد ( عليه السلام ) حينما سئل عنها وهي تكشف ـ بوضوح ـ عن أنّ الإمام ( عليه السلام ) قد كان
1 ـ وسائل الشيعة : ج 17 ص 446.
2 ـ علّق الشيخ الحرّ على ذلك بقوله : أقول : لا يلزم من جواز البيع بعد عشر سنين الحكم بموته لجواز بيع الحاكم مال الغائب مع المصلحة ذكر ذلك جماعة من علمائنا.
3 ـ وسائل الشيعة : ج 17 ص 584.
حَيَاةُ الامامِ مُحمَّد الجَواد ( عليه السَّلام ) ::: فهرس