حَيَاةُ الامامِ مُحمَّد الجَواد ( عليه السَّلام ) ::: 111 ـ 120
(111)
     ( قد وصل الحساب تقبّل الله منك ، ورضي عنهم ، وجعلهم معنا في الدنيا والآخرة ، وقد بعثت لك من الدنانير بكذا ، ومن الكسوة بكذا ، فبارك الله فيك ، وفي جميع نِعم الله إليك ، وقد كتبت إلى النصر أمرته أن ينتهي عنك ، وعن التعرّض لك ، ولخلافك ، وأعلمته بوضعك عندي وكتبت إلى أيّوب أمرته بذلك أيضاً ، وكتبت إلى موالي بهمدان كتاباً أمرتهم بطاعتك ، والمصير إلى أمرك ، وأن لا وكيل سواك .. ) (1).
    وأعربت هذه الرسالة عن مزيد ثقة الإمام ( عليه السلام ) بوكيله إبراهيم ، ودعمه الكامل له فقد اتّصل بالمناوئين له وأمرهم بطاعته ، والمصير إلى أمره ، وتقوية مركزه .. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض رسائله.

    التوبة :
    وفتح الله باب التوبة لعباده ، ودعاهم إلى طهارة نفوسهم ، وإنقاذهم ممّا اقترفوه من عظيم الجرائم والذنوب ، وقد روى أحمد بن عيسى في نوادره عن أبيه أنّ رجلاً أربى دهراً (2) ، فخرج قاصداً أبا جعفر الجواد ( عليه السلام ) ، وعرض عليه ما ارتكبه من عظيم الإثم فقال ( عليه السلام ) له :
     ( مخرجك من كتاب الله ، يقول الله : ( فَمَن جَاءَهُ مَوْعظَةٌ من ربِّه فانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ ) والموعظة هي التوبة ، فجهله بتحريمه ، ثمّ معرفته به ، فما مضى فحلال وما بقي فليستحفظ .. ) (3).
    أمّا الأموال الربوية التي أخذها ـ بغير حقّ ـ فيجب عليه أن يردّها إلى أربابها
1 ـ بحار الأنوار : ج 12 ص 162.
2 ـ أربى دهراً : أي كان يتعاطى الربا زمناً.
3 ـ وسائل الشيعة : ج 12 ص 433.


(112)
ولا تبرأ ذمّته منها بالتوبة والرواية ناظرة إلى الحكم التكليفي.

    من وحي الله لبعض أنبيائه :
    وروى الإمام الجواد ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) أنّ الله تعالى : ( أوحى إلى بعض الأنبياء أمّا زهدك في الدنيا فتعجلك الراحة ، وأمّا انقطاعتك إليّ فيعزّزك بي ، ولكن هل عاديت لي عدوّاً ، وواليت لي وليّاً؟ .. ) (1).

    ما يحتاج إليه المؤمن :
    وتحدّث الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، عمّا يحتاج إليه المؤمن في هذه الحياة بقوله : ( المؤمن يحتاج إلى توفيق من الله ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممّن ينصحه ) (2).

    روائع الحكم والآداب :
    للإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السلام ) مجموعة من الكلمات الذهبية التي تُعدّ من مناجم التراث الإسلامي ومن أروع الثروات الفكرية في الإسلام ، وقد حفلت بأصول الحكمة ، وقواعد الأخلاق وخلاصة التجارب ، وفيما يلي بعضها :
    1 ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولا يطولنَ عليكم الأمل فتقسوا قلوبكم ، وارحموا ضعفاءكم ، واطلبوا الرحمة من الله بالرحمة منكم .. ).
    وحفل هذا الحديث بأمور بالغة الأهمّية ، وقد جاء فيه :
    أ ـ النهي عن العجلة والتسرّع في الأمور قبل أن يتبيّن حالها ، وذلك لما تجرّ من
1 ـ تحف العقول : ص 455 ـ 456.
2 ـ تحف العقول : ص 457.


(113)
الندامة والخسران.
    ب ـ النهي عن طول الأمل لأنّه ممّا يوجب قسوة القلب ، والبعد عن الله.
    ج ـ الحثّ على رحمة الضعفاء ، والإحسان إلى المحرومين ، فإنّ ذلك مفتاح لطلب الرحمة من الله.
    2 ـ قال ( عليه السلام ) : ( ثلاثة يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى : كثرة الاستغفار ، ولين الجانب ، وكثرة الصدقة ، وثلاث من كنّ فيه لم يندم : ترك العجلة ، والمشورة ، والتوكّل على الله عند العزم .. ).
    وحفل هذا الحديث بالدعوة لما يقرّب الإنسان من ربّه ، فقد حثّ على كثرة الاستغفار ، ولين الجانب ، وكثرة الصدقة ، وهذه الخصال يحبّها الله ، ويبلغ بها العبد رضوانه تعالى كما حفل الحديث بما يسعد به الإنسان في هذه الحياة ، فقد دعاه إلى الاتّصاف بهذه الخصال الثلاث وهي :
    أ ـ ترك العجلة ، فإنّ العجلة تسبّب للإنسان كثيراً من المشاكل والخطوب وقد قيل :
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
    ب ـ المشورة في الأمور ، وعدم الاستبداد فيها ، فإنّ الإنسان كثير ما يخطئ.
    ج ـ التوكّل على الله تعالى عند العزم على ما يريد أن يفعله الإنسان ، والابتعاد عن التردّد الذي يسبّب القلق النفسي ، والاضطراب في الشخصيّة.
    3 ـ قال ( عليه السلام ) : ( كيف يضيع من الله كافله ، وكيف ينجو من الله طالبه؟ .. ).
    وفي هذا الحديث الشريف دعوة إلى الاتصال بالله ، والوثوق بقدرته تعالى فإنّ من المستحيل أن يضيع من يكفله الله ، كما إنّ من المستحيل أن ينجو من كان الله يطلبه.


(114)
    4 ـ قال ( عليه السلام ) : ( يوم العدل على الظالم أشبه من يوم الجور على المظلوم .. ).
    وحذّر الإمام ( عليه السلام ) من الظلم والاعتداء على الناس ، فإنّ الله تعالى لابدّ أن ينتقم من الظالم إن عاجلاً أو آجلاً ، وإنّ يوم العدل والقصاص الذي يمرّ عليه يكون شبيهاً في شدّته وقسوته باليوم الذي كان على المظلوم.
    5 ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما هدم الدين مثل البدع ، ولا أزال الوقار مثل الطمع ، وبالراعي تصلح الرعية ، وبالدعاء تصرف البلية .. ).
    وصوّرت هذه الكلمات بعض الجوانب الدينية ، والاجتماعية والسياسية ، وهي :
    أ ـ البدع التي تلصق بالدين فإنّها تشوّه واقعه ، وتلحق به الخسائر لأرصدته الروحية والفكرية.
    ب ـ الأطماع التي تقضي على أصالة الشخص ، وتجرّه إلى ميادين سحيقة من مجاهل هذه الحياة.
    ج ـ صلاح الراعي ممّا يوجب صلاح الشعب ، وتطوّره ، وتنميته الفكرية والاجتماعية.
    د ـ الدعاء إلى الله فإنّه من موجبات صرف البلاء ودفع القضاء.
    6 ـ قال ( عليه السلام ) : ( اعلموا أنّ التقوى عزّ ، وإنّ العلم كنز ، وإنّ الصمت نور ).
    ولاشك في هذه الحقائق التي أدلى بها الإمام العظيم ( عليه السلام ) فإنّ تقوى الله عز وشرف للإنسان ، كما أن العلم من أعظم الكنوز وأثمنها في هذه الحياة ، أمّا الصمت فإنه نور لأنّه يعود على صاحبه بأفضل النتائج ويجنّبه كثيراً من المشاكل والخطوب.
    7 ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما استوى رجلان في حسب ودين إلاّ كان أفضلهما عند الله أدبهما .. إلى أن قال : بقراءته القرآن كما أنزل ، ودعائه الله من حيث لا يلحن ، فإنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله.. ).


(115)
    وأشادت هذه الكلمات بالآداب وجعلتها من مميّزات الشخص ، ومن موجبات القرب إلى الله تعالى ، كما جعلت من صميم الآداب قراءة القرآن الكريم بعيداً عن اللحن ، الذي يوجب كثيراً تشويه المعنى وتحريفه كما شجب الإمام ( عليه السلام ) اللحن وإنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله تعالى.
    8 ـ قال ( عليه السلام ) : ( من شتم أجيب ، ومن تهوّر أصيب .. ).
    ما أروع هذه الكلمة التي حكت الواقع الاجتماعي ، فإنّ من يتعرّض للناس بالسباب والشتم فإنه ـ حتماً ـ يُجاب بالمثل ، كما أنّ المتهوّر يُصاب من جرّاء تهوّره بالهلاك والدماء.
    9 ـ قال ( عليه السلام ) : ( العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم .. ).
    العلماء غرباء في المجتمع الذي يسوده الجهل فإنّ بضاعتهم لا يقيّم لها الجهّال وزناً بل ويزدرون بها ، وأي غربة للعالم أعظم من هذه الغربة.
    10 ـ قال ( عليه السلام ) : ( من طلب البقاء فليُعدّ للمصائب قلباً صبوراً ).
    إنّ من أراد البقاء وطول الحياة فليتسلّح بالصبر ، ولا يجزع من المصائب والأحداث التي تمرّ به فإنّ الجزع يقضي على الإنسان ، ويعرّضه للفناء والأسقام.
    11 ـ قال ( عليه السلام ) : ( من عمل بغير علم كان ما أفسد أكثر ممّا أصلح ).
    إنّ العمل بغير هدى وبغير علم لا يوصل إلى نتيجة صحيحة ، ويكون مدعاة إلى الخطأ وعدم إصابة الواقع ، ففي الحقيقة إنّ ما يفسده أكثر ممّا يصلحه.
    12 ـ قال ( عليه السلام ) : ( من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنّة ).
    إنّ من يستفيد أخاً في الله فقد ظفر بأفضل النعم وذلك لما يستفيد منه من التوجيه نحو الخير والبعد عن الشرّ ، وكلّ ما يزيّنه ، ويبلغ به رضوان الله.
    13 ـ قال ( عليه السلام ) : ( من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه ).


(116)
    إنّ إطاعة الهوى والانقياد للشهوات تحقّق للعدو أعظم أمانيه ، فإن أطاع إبليس فقد تحقّق ما يبتغيه من حيلولة العبد عن ربّه ، وإن كان غيره فإنّ إطاعة الهوى ممّا تسقط الشخص اجتماعياً ، وهذا أعظم سرور الأعداء.
    14 ـ قال ( عليه السلام ) : ( راكب الشهوات لا تقال عثرته .. ).
    إنّ من انقاد لشهواته صار أسيراً لها فإنّه لا تقال له عثرة ، ولا يمنح العذر في ذلك.
    15 ـ قال ( عليه السلام ) : ( عزّ المؤمن غناه عن الناس .. ).
    إنّ أهم ما يعتزّ به المؤمن إذا أغناه الله عن الناس ، ولم تكن له أيّة مصلحة عندهم ، فإنّه يكون حرّاً بذلك قد ملك عزّه وشرفه.
    16 ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا يكن ولي الله في العلانية عدواً له في السرِّ ).
    إنّ الذي يتولى الله ويؤمن به إنّما يكون صادقاً فيما إذا خاف الله في علانيّته وسرّه ، أمّا إذا تولاّه أمام الناس ، وعصاه سرّاً فإنّه لم يكن في إيمانه صادقاً وإنّما كان كاذباً ومنافقاً.
    17 ـ قال ( عليه السلام ) : ( اصبر على ما تكره فيما يلزمك الحقّ ، واصطبر عمّا لا تحب فيما يدعوك إلى الهوى .. ).
    أمر ( عليه السلام ) الناس بالانقياد للحقّ وإن كان مخالفاً للرغبات والميول كما أمر بمجانبة الهوى والابتعاد عنه.
    18 ـ قال ( عليه السلام ) : ( قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعاً لما يهواه ).
    عرض ( عليه السلام ) بذلك إلى بعض الأذناب والعملاء من أتباع السلطة الذين يحجبون عن المسؤولين ما تحتاج إليه الأمّة من الإصلاح الشامل ، ففي الحقيقة هؤلاء هم الأعداء ، وإن أظهروا المودّة والإخلاص.


(117)
    19 ـ قال ( عليه السلام ) : ( إيّاك ومصاحبة الشرير فإنّه كالسيف المسلول ، يحسن منظره ، ويقبح أثره .. ).
    حذّر الإمام ( عليه السلام ) من مصاحبة الشرير وذلك لما تترتّب على مصاحبته من الآثار السيئة التي منها الوقوع في المهالك ، وإنّه مهما حسن سمته فهو كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح أثره.
    20 ـ قال ( عليه السلام ) : ( الحوائج تُطلب بالرجاء ، وهي تنزل بالقضاء ).
    إنّ حوائج الناس إنّما تُطلب بالرجاء من الله ، وهي تنزل بقضائه ، ولا دخل في ذلك لسعي الإنسان وإرادته.
    21 ـ قال ( عليه السلام ) : ( العافية أحسن عطاء .. ).
    إنّ من أفضل نعم الله التي أسبغها على عباده هي الصحّة والعافية ، فهي الثروة والغنى ، ومن حرم العافية فقد حُرِم كلّ شيء في الحياة.
    22 ـ قال ( عليه السلام ) : ( إذا نزل القضاء ضاق الفضاء .. ).
    إنّ قضاء الله إذا نزل بالإنسان واختاره تعالى إلى جواره فإنّ الفضاء على سعته يضيق به.
    23 ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا تعادي أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله فإن كان محسناً لم يسلمه إليك ، وإنّ كان مسيئاً فعلمك به يكفيكه فلا تعاده ).
    وحذّر الإمام ( عليه السلام ) من العداوة للنّاس ، وإنّ المسلم ينبغي أن يغرس في نفسه الحبّ والولاء لأخيه المسلم ، وأمر بالفحص عمّن نعاديه فإن كانت علاقته قويّة مع الله تعالى فإنّه لا يسلمه لنا ، وإن كان مسيئاً فعلمنا بإسائته يكفينا عن عدوانه.
    24 ـ قال ( عليه السلام ) : ( التحفّظ على قدر الخوف ، والطمع على قدر النيل .. ).
    إنّ الحذر والتحفّظ من أي شيء كان إنّما هو على قدر الخوف منه ، فالتحفّظ


(118)
ـ مثلاً ـ من الوقوع في المعاصي إنّما هو على قدر الخوف من الله فإن كان الخوف قوياً فيمتنع الإنسان امتناعاً كلّياً من اقتراف أي ذنب أو مخالفة لله وإن كان ضعيفاً فإنه قد يقع في الإثم والحرام ، كما أنّ الطمع في الشيء على قدر النيل منه ، فإن كان النيل متوفّراً له كان الطمع قوياً وبالعكس.
    25 ـ قال ( عليه السلام ) : ( كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة .. ).
    إنّ أعظم دليل على خيانة المرء لنفسه وأمته أن يكون أميناً للخونة ومعيناً لهم.
    26 ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما شكر الله أحد على نعمة أنعمها عليه إلاّ استوجب بذلك المزيد قبل أن يظهر على لسانه .. ).
    إنّ الله تعالى الذي بيده الخير والحرمان قد وعد ـ وهو لا يخلف الميعاد ـ من شكره بالمزيد قال تعالى : ( لئن شكرتم لأزيدنّكم ) وهو يعطي المزيد فيما إذا نوى العبد الشكر قبل أن يظهره بلسانه.
    27 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( من أمل فاجراً كان أدنى عقوبته الحرمان .. ).
    لا ينبغي لأيّ إنسان يملك وعيه واختياره أن يأمّل غير خالقه ، فإذا أمّل فاجراً فأقلّ ما يعاقب به الحرمان وعدم قضاء حاجته.
    28 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل ، وحياته بالبرّ أكثر من حياته بالعمر .. ).
    يشير الإمام ( عليه السلام ) إلى الحياة المعنوية ، فمن يقترف الذنوب والجرائم فهو ميّت بين الأحياء ومن يعمل البرّ ويسدي الخير لأمته وبلاده فهو حيّ ومخلّد ذكره وإن مات.
    29 ـ قال ( عليه السلام ) : ( من أخطأ وجوه المطالب خذلته وجوه الحيل ).
    يريد الإمام ( عليه السلام ) إنّ من يخطئ في سلوكه فإنّ وجوه الحيل وطرقه تخذله ولا يصل إلى نتيجة صحيحة.


(119)
    30 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( من استحسن قبيحاً كان شريكاً فيه ).
    إنّ من يستحسن القبيح ، أو يدافع عنه فإنّه يتحمّل وزره وإثمه ويكون شريكاً لفاعله.
    31 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( من كتم همّه سقم جسده .. ).
    لا إشكال أنّ كتمان الهمّ ، وعدم نشره بين الأهل والإخوان ممّا يوجب تدهوّر الصحّة وإذابة الجسم ، وإشاعة السقم فيه.
    32 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( أربع خصال تعين المرء على العمل : الصحّة ، والغني ، والعلم والتوفيق .. ).
    هذه الأمور الأربعة : التي أدلى بها الإمام ( عليه السلام ) من المقدّمات التمهيدية لإيجاد فعل الخير وتحقّقه في الخارج.
    33 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( العامل بالظلم ، والمعين عليه ، والراضي به شركاء .. ).
    إنّ هؤلاء الأصناف الثلاث كلّهم يشتركون في الإثم ، والعقاب ، فإنّ الظلم الذي هو أبغض شيء إلى الله تعالى يستند إلى بعض هؤلاء بالمباشرة ، وإلى البعض الآخر بالرضا.
    34 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ).
    إنّ الصبر على المصيبة وعدم إبداء الجزع عليها تكون من أعظم المصائب على الشامت الذي يريد أن تحرق المصيبة من شمت به.
    35 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( لو سكت الجاهل ما اختلف الناس ).
    إنّ انطلاق الجاهل في المواضيع التي يجهلها هي التي أوجدت الاختلاف بين الناس.
    36 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( مقتل الرجل بين فكّيه ).


(120)
إنّ هلاك الإنسان بمنطقه فكثيراً ما يجرّ الكلام الدمار لصاحبه ، وقد لاقى أحرار العالم القتل بسبب ما أدلوا به من النقد لحكّام الظلم والجور.
    37 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( الناس أشكال ، وكلّ يعمل على شاكلته ).
    وألمت هذه الكلمة بالواقع الاجتماعي الذي يعيشه الناس ، فهم أصناف مختلفة في الميول والاتّجاهات ، وكلّ يعمل وفق اتّجاهه الفكري ، والعقائدي.
    38 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( الناس إخوان فمن كانت اخوّته في غير ذات الله ، فإنّها تعود عداوة ، وذلك قوله عزّ وجل : ( الأخِلاَءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَ الْمُتَّقِينَ ).
    إن الصداقة إذا لم تقم على أساس المحبة في الله وقامت على أساس المنافع والمصالح الشخصية فإنها – حتماً – تنقلب إلى العداوة والبغضاء حينما تتأثّر المصالح القائمة بينهما بمؤثرات أخرى.
    39 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( كفر النعمة داعية للمقت .. ).
    لا شك أن الكفر بالنعمة وعدم الشكر لها مما يوجب المقت عند الله والناس.
    40 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( من جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر مما أخذ منك ).
    إن مجازاة المحسن بالشكر وإذاعة فضائله ومعروفه هي في الحقيقة أكثر من عطائه لأنها توجب له الذكر الحسن الذي هو أعظم مكسب للإنسان.
    41 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( من وعظ أخاه سراً فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه ).
    إن موعظة الأخ والصديق إذا كانت سرّاً فإنّها تنمّ عن الإخلاص والصدق في الموعظة وإذا كانت علانية فإنها لا تخلو من التشهير به.
    42 ـ قال الإمام ( عليه السلام ) : ( ما أنعم الله على عبد نعمة يعلم أنّها من الله إلاّ كتب الله
حَيَاةُ الامامِ مُحمَّد الجَواد ( عليه السَّلام ) ::: فهرس