الباب الثاني

( في نبوّة إدريس ونوح عليهما السّلام )

58 ـ أخبرنا السيد أبو الصّمصام ذو الفقار بن أحمد بن معبد (1) الحسيني ، حدّثنا الشّيخ أبو جعفر الطّوسي ، حدّثنا الشيخ المفيد أبو عبدالله ، حدّثنا الشّيخ أبو جعفر بن بابويه ، حدثنا أبي ، حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابراهيم بن أبي البلاّد ، عن أبيه ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : كان نبوّة إدريس عليه السلام أنه كان في زمنه ملك جبّار وأنّه ركب ذات يوم في بعض نزهة ، فمرّ بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن فأعجبته ، فسأل وزراءه لمن هذه ؟ فقالوا : لفلان ، فدعا به ، فقال له : أمتعني (2) بأرضك هذه ، فقال : عيالي أحوج إليها منك ، فغضب الملك وانصرف إلى أهله .
وكانت له امرأة من الأزارقة يشاورها في الأمر إذا نزل به ، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب ، فقالت : أيّها الملك انّما يغتم ويأسف من لا يقدر على التّغيير ، فان كنت تكره أن تقتله بغير حجة ، فأنا أكفيك أمره وأصيّر أرضه بيدك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك ، فقال : ما هي ؟
قالت : أبعث أقواماً من أصحابي الأزارقة حتى ياتوك به ، فيشهدون لك عليه عندك أنّه قد برىء من دينكم ، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه ، قال : فافعلي وكان أهلها يرون قتل
____________
(1) في ق 4 : سعيد ـ خ ل .
(2) في ق 2 : متعني .

( 74 )

المؤمنين ، فأمرتهم بذلك ، فشهدوا عليه أنّه برىء من دين (1) الملك ، فقتله واستخلص أرضه .
فغضب الله تعالى للمؤمن فأوحى إلى إدريس عليه السلام أن ائت عبدي الجبار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلماً حتى استخلصت أرضه ، فأحوجت (2) عياله من بعده وأجعتهم (3) ، أما وعزّتي لأنتقمنّ له منك في الآجل ، ولأسلبنّك ملكك في العاجل ، ولاُطعمنّ الكلاب ولحمك ، فقد غرّك حلمي ، فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربّه ، وهو في مجلسه وحوله أصحابه .
فقال الجبار : اخرج عنّي يا ادريس ، ثم أخبر امراته بما جاء به إدريس صلوات الله عليه ، فقال : لا تهولنّك رسالة إدريس أنا أرسل إليه من يقتله وأكفيك امره ، وكان لإدريس صلوات الله عليه أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم يوحى الله ورسالته (4) إلى الجبّار ، فخافوا على إدريس منه .
ثم بعثت امرأة الجبار أربعين رجلاً من الزارقة ليقتلوا إدريس ، فأتوه فلم يجدوه في مجلسه ، فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس ، فأحسّوا بأنّهم يريدون (5) قتل إدريس عليه السّلام ، فتفرّقوا في طلبه وقالوا له : خذ حذرك يا إدريس ، فتنحّى عن القرية (6) من يومه ذلك ومعه نفر من أصحابه ، فلمّا كان في السّحر ناجى ربه ، فأوحى الله إليه أن تنحّ عنه وخلّني وإياه .
قال إدريس صلوات الله عليه : أسألك أن لا تمطر السّماء على أهل هذه القرية ، وان خرجت وجهدوا وجاعوا . قال الله تعالى : إنّي قد أعطيتك ما سألته ، فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عليهم وعنهم ، وقال : اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى ، فتفرقوا وشاع الخبر بما سأل إدريس عليه السّلام ربّه .
____________
(1) في ق 1 وق 5 : عن دين .
(2) في ق 2 : فأخرجت .
(3) في ق 3 : وأحوجتهم . وفي ق 4 : وأفجعتهم .
(4) في ق 2 وق 4 وق 5 : ورسالاته .
(5) في ق 2 : أرادوا .
(6) في ق 3 : عن القوم .

( 75 )

وتنحّى إدريس إلى كهف في جبل شاهق ، ووكّل الله تعالى ملكاً ياتيه بالطعام عند كلّ مساء ، وكان يصوم النهار ، وظهر في المدينة جبار آخر ، فلسب ملكه ـ أعني : الأول ـ (1) وقتله وأطعم الكلاب لحمه ولحم امرأته ، فمكثوا بعد إدريس عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم مطرة ، فلما جهدوا ومشى بعضهم إلى بعض .
فقالوا : إنّ الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس عليه السلام ربّه ، وقد تنحّى عنّا ولا علم لنا بموضعه ، والله أرحم بنا منه ، فأجمعوا أمرهم على أن يتوبوا إلى الله تعالى ، فقاموا على الرّماد ، ولبسوا المسوح ، وحثّوا على رؤوسهم التّراب ، وعجّوا إلى الله بالتّوبة والاستغفار والبكاء والتّضرع إليه .
فأوحى الله تعالى إلى امللك الّذي يأتي إدريس عليه السلام بطعامه : أن أحبس طعامه عنه ، فجاع إدريس عليه السلام ليلة ، فلمّا كان في ليلة اليوم الثّاني لم يؤت بطعامه قلّ صبره وكذلك (2) اللّيلة الثّالثة ، فنادى يا ربّ حبست عنّي رزقي من قبل أن تقبض روحي .
فأوحى الله إليه اهبط من موضعك ، واطلب المعاش لنفسك ، فهبط إلى قرية فلمّا دخلها نظر إلى دخان بعض منازلها ، فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق قرصين لها على مقلاة فقال : بيعي منّي (3) هذا الطعام ، فحلفت أنّها ما تملك شيئاً غيرهما (4) واحد لي وواحد لإبني ، فقال : إنّ ابنك صغير يكفيه نصف قرصة فيحيى به ويجزيني النّصف الآخر ، فأكلت المرأة قرصها ، وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلمّا رآى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتّى مات ، فقالت يا عبدالله : قتلت ابني جزعاً على قوته ، فقال لها إدريس عليه السلام : أحييه باذن الله ولا تجزعي .
ثم أخذ إدريس بعضد الصّبيّ وقال : أيتها الرّوح الخارجة عن هذا الغلام ارجعي إليه وإلى بدنه باذن الله تعالى ، أنا إدريس النبيّ ، فرجعت روح الغلام إليه ، فقالت أشهد أنك
____________
(1) في ق 3 : فسلب ملك الأول .
(2) في ق 1 وق 3 وق 4 وق5 : وكذا .
(3) في ق 2 وق 4 : من .
(4) في ق 2 : منه شيئاً غيرها .

( 76 )

إدريس النّبيّ ، وخرجت ونادت في القرية بأعلى صوتها : إبشروا بالفرج قد دخل إدريس عليه السلام قريتكم .
ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبّار الأول وهي تلّ ، فاجتمع إليه الناس من أهل قريته (1) ، فقالوا مسّنا الجوع والجهد في هذه العشرين سنة ، فادع الله تعالى لنا أن يمطر علينا ، قال إدريس عليه السلام : لا أدعوا حتّى يأتيني (2) جبّاركم وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة ، فبلغ الجبار قوله ، فبعث إليه أربعين رجالً يأتوه بادريس ، فأتوه وعنفوا به ، فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ الجبار الخبر ، فبعث إليه خمسمائة رجل ، فقالوا له : يا إدريس إنّ الملك بعثنا إليك لنذهب بك إليه ، فقال لهم إدريس عليه السلام : انظروا إلى مصارع أصحابكم قالوا : متنا بالجوع (3) فارحم وادع الله أن يمطر علينا فقال : حتّى يأتي الجبار .
ثم إنهم سألوا الجبّار أن يمضي معهم ، فأتوه وقفوا بين يديه خاضعين ، فقال إدريس عليه السلام : الآن ، فنعم . فسأل الله أن يمطر عليهم فاظلّتهم سحابة من السّماء ، فارعدت وأبرقت وهطلت عليهم (4) .

فصل ـ 1 ـ

59 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا (5) محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، حدثنا محمد بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ ملكاً من الملائكة كانت له منزلة ، فأهبط الله تعالى من السّماء إلى الأرض ، فأتى إدريس النبي عليه السلام ، فقال له : اشفع لي عند ربك ، قال : فصلى ثلالث ليال لا يفتر وصام
____________
(1) في ق 3 : القرية .
(2) في ق 2 : ياتني .
(3) في ق 3 : مسّنا الجوع .لا
(4) ذكر العلامة المجلسي نحوه مع اختلاف كثير في الألفاظ مع التّحفظ لروح القصّة عن اكمال الدّين في البحار ( 11 | 271 ـ 276 ) ، برقم : ( 2 ) ، واكتفى بذلك عن التنصيص على عبارات القصّة عن قصص الانبياء .
(5) في ق 2 وق 4 : قال : حدّثنا .

( 77 )

أيّامها لا يفطر .
ثم طلب إلى الله تعالى في السّحر للملك ، فأذن له في الصّعود إلى السّماء ، فقال له الملك : أحبّ أن اكافيك ، فاطلب إليّ حاجة ، فقال : تريني ملك الموت لعلّي آنس به ، فانّه ليس يهنئني (1) مع ذكره شيء فبسط جناحيه .
ثم قال له : اركب (2) فصعد به ، فطلب ملك الموت في سماء الدّنيا ، فقيل له : إنّه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة ، فقال الملك الملك الموت : ما لي أراك قاطباً ؟ قال : أتعجّب أنّي كنت تحت ظلّ العرش حتّى اُومر (3) أن أقبض روح إدريس بين السّماء الرّابعة والخامسة ، فسمع إدريس ذلك ، فانتقض (4) من جناح الملك ، وقبض ملك الموت روحه مكانه ، وفي قوله تعالى : « وذاكر في الكتاب إدريس إنّه كان صديقاً نبيّاً ورفعناه مكاناً عليّاً » (5) (6) .
60 ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : كان إدريس النّبيّ صلوات الله عليه يسيح النّهار ويصومه (7) ، ويبيت حيث ما جنّه اللّيل ، ويأتيه رزقه حيث ما أفطر ، وكان يصعد له من العمل الصّالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلّهم ، فسأل ملك الموت ربّه في زيارة (8) إدريس عليه السلام وأن يسلّم عليه ، فأذن له فنزل وأتاه ، فقال : إنّي أريد أن أصحبك ، فأكون معك فصحبه ، وكانا يسيحان النّهار ويصومانه ، فإذا جنّهما اللّيل أتى إدريس فطره (9) فيأكل ، ويدعو ملك الموت إليه فيقول : لا حاجة لي فيه ، ثم يقومان
____________
(1) في ق 2 : يهنأ إليّ .
(2) في ق 1 : جناحيه ثم ركب .
(3) في البحار : حتى أمرت .
(4) في ق 1 وق 5 والبحار : فانتفض .
(5) سورة مريم : ( 56 ) .
(6) بحار الأنوار ( 11 | 277 ـ 278 ) ، برقم : ( 7 ) .
(7) في ق 2 وق4 : يسيح النّهار بصومه .
(8) في ق 4 : في زيارته .
(9) في ق 1 وق 3 : فطوره .

( 78 )

يصلّيان وإدريس ويفتر وينام ، وملك الموت يصلّي ولا ينام ولا يفتر ، فمكثا بذلك أيّام .
ثم إنّهما مرّا بقطيع غنم وكرم قد أينع ، فقال ملك الموت : هل لك أن تأخذ من ذلك حملا ، أو من هذا عناقيد فتفطر عليه ؟ فقال : سبحان الله أدعوك إلى ما لي فتأبى ، فكيف تدعوني إلى مال الغير ؟
ثم قال إدريس عليه السلام : قد صحبتني وأحسنت فيما بيني وبينك من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت قال إدريس : لي إليك حاجة فقال : وما هي ؟ قال : تصعد بي إلى السّماء فاستأذن ملك الموت ربّه في ذلك ، فأذن له فحمله على جناحه فصعد به إلى السّماء .
ثم قال له إدريس عليه السلام : إنّ لي إليك حاجة أخرى قال : وما هي ؟ قال : بلغني من الموت شدة فأحبّ أن تذيقني (1) منه طرفاً فانظر هو كما بلغني ؟ فاستأذن ربّه له ، فأخذ بنفسه ساعة ثم خلّى عنه فقال له : كيف رأيت (2) ؟ قال : بلغني عنه شدة ، وأنّه لأشدّ ممّا بلغني (3) ولي إليك حاجة اُخرى تريني النّار فاستأذن ملك الموت صاحب النّار ، ففتح له ، فلما رآها إدريس عليه السلام سقط مغشيّاً عليه .
ثم قال له : لي إليك حاجة اُخرى تريني الجنّة ، فاستأذن ملك الموت خازن الجنّة فدخلها فلمّا نظر إليها قال : يا ملك الموت ما كنت لأخرج منها إنّ الله تعالى يقول : ( كلّ نفس ذائقة الموت ) وقد ذقته ويقول : ( وإن منكم إلا واردها ) وقد وردتها ويقول في الجنّة : ( وما هم بخارجين منها ) (4) .
61 ـ وبالاسناد المتقدّم عن وهب بن منبّه : أنّ إدريس عليه السلام كان رجلاً طويلاً ضخم البطن ، غظيم الصدر ، قليل الصّوت ، رفيق المنطق ، قريب الخطا إذا مشى ، وإنّما سمّي إدريس لكثرة ما يدرس من كلام الله تعالى ، وهو بين أظهر قومه يدعوهم إلى
____________
(1) في ق 3 : تذوقني .
(2) في ق 1 : رأيته .
(3) في ق 3 : وانّه اشدّ مما بلغني ، وفي ق 4 : وانّه لأشدّ ممّا يبلغني .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 278 ـ 279 ) ، برقم : ( 7 ) ، الدّية : 35 سورة الأنبياء ، الآية : 71 سورة مريم ، والذيل بحسب منا يراد منه حصناً ، غير موجود في القرآن .

( 79 )

عبادة الله ، فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد ، حتّى صاروا سبعة وسبعين ، إلى ان صاروا سبعمائة ثم بلغوا ألفاً ، فاختار منهم سبعة ، فقال لهم : تعالو فليدع بعضنا وليؤمنّ بقيننا ، ثم رفعوا أيديهم إلى السّماء فنّبأه الله ودلّ (1) على عبادته ، فلم يزالوا يعبدون الله حتّى رفع الله تعالى إدريس عليه السلام إلى السّماء وانقرض من تابعه .
ثم اختلفوا حتى كان زمن نوح عليه السلام وأنزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة وهو أوّل من خطّ بالقلم ، وأوّل من خاط الثّياب ولبسها ، وكان من كان قبله يلبسون الجلود ، وكان كلّما خاط سبّح الله وهلّله وكبّره ووحّده ومجّده ، وكان يعسد إلى السّماء من عمله في كل يوم مثل أعمال أهل زمانه كلّهم .
قال : وكانت الملائكة في زمن إدريس صلوات الله عليه يصافحون النّاس ويسلّمون عليهم ويكلّمونهم ويجالسونهم ، وذلك لصلاح الزمان وأهله وفلم يزال النّاس على ذلك حتى كان (2) زمن نوح عليه الصّلاة والسلام وقومه ، ثم انقطع ذلك .
وكان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنّة ، فقال له ربّه : إنّ إدريس إنّما حاجك فحجّك بوحي (3) وأنا الّذي هيّأت له تعجيل دخول الجنّة ، فإنّه كان ينصب نفسه وجسده يتعبهما لي ، فكان حقاً عليّ أن أعوّضه (4) من ذلك الرّاحة (5) والطمأنينة وأن ابوّئه بتواضعه لي وبصالح عبادني من الجنّة مقعداً ومكاناً عليّاً (6) .

فصل ـ 2 ـ
62 ـ وبالاسناد عن سعد بن عبدالله ، حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسن بن عطا الأزدي ، عن عبد السّلام ، عن عمار اليقظان (7) قال : كان عند أبي
____________
(1) في ق 1 : ودله .
(2) في ق 3 : إلى أن كان .
(3) في ق 4 والبحار : بوحيي .
(4) في ق 4 : اعتوضه .
(5) في ق 2 وق 4 : بالراحة .
(6) بحار الأنوار ( 11 | 279 ـ 280 ) ، برقم : ( 9 ) .
(7) في البحار : أبي اليقظان .

( 80 )

عبدالله صلوات الله عليه جماعة وفيهم رجل يقال له : أبان بن نعمان فقال : أيّكم له علم بعمّي زيد بن عليّ صلوات الله عليه ؟ فقال : أنا أصلحك الله قال : وما علمك به قال : كنّا عنده ليلة : فقال هل لكم في مسجد سهلة ؟ فخرجنا معه إليه ، فوجدنا معه إجتهاداً كما قال .
فقال أبو عبدالله صلوات الله عليه : كان بيت إبراهيم صلوات الله عليه الّذي خرج منه إلى العمالقة ، وكان بيت إدريس عليه السلام الّذي كان يخيط فيه ، وفيه صخرة خضراء فيها صورة وجوه النّبيين ، وفيه مناخ الرّاكب ـ يعني : الخضر عليه السلام ـ ثم قال : لو أنّ عمى أتاه حين خرج فصلّى فيه واستجار بالله لاجاره عشرين سنة ؛ وما أتاه مكروب قط ، فصلّى فيه ما بين العشاءين ودعا الله إلا فرج الله عنه (1) .
63 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن علي بن المفضل بن تمام ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عمّار ، عن أبيه ، عن حمدان القلانسي ، عن محمد بن جمهور ، عن مرازم (2) بن عبدالله ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه أنّه قال : يا أبا محمد كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السّهلة باهله وعياله قلت : يكون منزله ؟ قال : نعم ، هو منزل إدريس عليه السلام وما بعث الله نبيّاً إلا وقد صلّى فيه ، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقبله يحنّ إليه ، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه ، يا أبا محمد أما انّي لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة إلاّ فيه ، ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين (3) .
64 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عبدالله بن محمد الصّائغ ، حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان ، حدثنا أبو محمد بن عبدالله بن حبيب ، حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، قال : قال لي الصّادق عليه السلام : إذا دخلت الكوفة فأت مسجد السّهلة ، فصل في واسأل الله حاجتك لدينك ودنياك ، فانّ مسجد السّهلة بيت إدريس عليه السلام الذي كان يخيط فيه ويصلّي فيه ، ومن دعا الله فيه بما أحبّ قضى له
____________
(1) بحار الأنوار ( 100 | 434 ـ 435 ) ، برقم : ( 2 ) و( 46 | 182 ) ، برقم : ( 45 ) .
(2) في ق 1 و2 و4 : مريم .
(3) بحار الأنوار ( 52 | 317 ) ، برقم : ( 13 ) و( 100 | 435 ) ، برقم : ( 3 ) .

( 81 )

حوائجه ورفعه يوم القيامة مكاناً علياً إلى درجة إدريس واُجير (1) من مكروه الدّنيا ومكائد أعدائه (2) .

فصل ـ 3 ـ
( في نبوّة نوح عليه السلام )
وهو ابن متوشلخ به اُخنوخ ـ وهو إدريس صلوات الله عليه ـ ابن برد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم صلوات الله عليهم أجمعين (3) .
65 ـ وباسناده عن ابن أورمة ، حدّثنا محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن عبد الحميد بن أبي الدّيلم ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه أنّ نوحاً دعا قومه (4) علانية ، فلمّا سمع عقب هبة الله من نوح تصديق ما في أيديهم من العلم صدّقوه ، فأمّا ولد قابيل فانّهم كذّبوه وقالوا : « ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين » (5) وقالوا : « أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون » (6) يعنون عقب هبة الله صلوات الله عليه (7) .
66 ـ وعن ابن أورمة ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن أحمد بن محمد ، عن ابان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : مكث نوح (8) عليه السّلام في قومه يدعوهم [ إلى الله ] (9) سرّاً وعلانية ، فلمّا عتوا وأبوا قال : ( ربّ إنّي مغلوب فانتصر ) (10) فأوحى الله تعالى إليه أن اصنع الفلك ، وأمره بغرس النّوى ، فمّر عليه قومه
____________
(1) في ق 3 : وأجاره .
(2) بحار الأنوار ( 11 | 280 ) ، برقم : ( 10 ) و( 100 | 434 ) ، برقم : ( 1 ) .
(3) بحار الأنوار ( 11 | 287 ) ، برقم : ( 8 ) ، وفيه : كان نوح ابن الملك بن متوشلخ .
(4) في البحار : قال دعا نوح عليه السلام قومه ، وفي ق 2 وق 4 : إنّ نوحاً لمّا دعا قومه .
(5) سورة المؤمنون : ( 24 ) .
(6) سورة الشّعراء : ( 111 ) .
(7) بحار الأنوار ( 11 | 323 ) ، برقم : ( 34 ) .
(8) في ق1 وق 3 وق 5 : سكن نوح .
(9) الزيادة من ق 3 .
(10) سورة القمر : ( 10 ) .

( 82 )

فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد غراساً حتّى إذا طال وصار طوالاً قطعه ونجره ، فقالوا قد قعد نجّاراً ، ثمّ ألّفه فجعله سفينة ، فمرّوا عليه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد ملاّحاً في أرض فلاة حتّى فرغ منها (1) .
67 ـ وباسناده عن الصّفار ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال : صنعها في ثلاثين سنة ، ثم أمر أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين الأزواج الثّمانية الّتي خرج بها آدم عليه السلام من الجنّة ، ليكون معيشة لعقب نوح عليه السلام في الأرض ، كما عاش عقب آدم عليه السلام ، فإنّ الأرض تغرق بما فيها إلاّ ما كان معه في السّفينة (2) .
68 ـ وباسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي رزين الأسدي ، عن عليّ صلوات الله وسلامه عليه ، قال : لمّا فرغ نوح من السّفينة ، فكان ميعاده عليه السّلام فيما بينه وبين ربّه تعالى في إهلاك قومه أن يفور التّنور ففار ، فقالت امرأته له : إنّ التّنور قد فار ، فقام إليه فختمه [ بخاتمه ] (3) فقام الماء فأدخل من أراد أن يدخل ثمّ أتى إلى خاتمه فنزعه وقال تعالى (4) : « ففتحنا أبواب السّماء بماء منهمر * وفجّرنا الأرض عيونا ) (5) .
69 ـ وعن أحمد بن عيسى (6) ، حدّثنا الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبدالله الصّادق عليه السلام قال : سمعت أبي صلوات الله عليه يحدّث عطا قال : كان طول سفينة نوح عليه السلام ألفاً ومائتي زراع ، وكان عرضها ثمانمائة زراع ، وعمقها ثمانين زراعاً ، فطافت بالبيت وسعت بين الصّفا والمروة سبعة أشواط ، ثمّ استوت على الجوديّ (7) .
____________
(1) بحار الأنوار ( 11 | 323 ) ، برقم : ( 35 ) .
(2) بحار الأنوار ( 11 | 324 ) ، برقم : ( 40 ) .
(3) الزيادة من قم 3 .
(4) ق سورة القمر : ( 11 ـ 12 ) .
(5) بحار الأنوار ( 11 | 324 ) ، برقم : ( 41 ) .
(6) كذا والظّاهر : أحمد بن محمد بن عيسى بدليل الحديث السّابق وأنّ في البحار : وابن عيسى . والتّعبير عنه به بحسب دأب العلامة المجلسي قرينة عليه .
(7) بحار الأنوار ( 11 | 324 ـ 325 ) ، برقم : ( 42 ) .

( 83 )

70 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا مصعب بن يزيد ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه الصّلاة والسّلام قال : جاء نوح عليه السلام إلى الحمار ليدخله السّفينة ، فامتنع عليه قال : وكان إبليس بين أرجل الحمار ، فقال : يا شيطان ادخل فدخل الحمار ودخل الشيطان فقال إبليس : أعلّمك خصلتين ، فقال نوح عليه السلام : لا حاجة لي في كلامك ، فقال إبليس : إيّاك والحرص ، فإنّه أخرجني أدم عليه السلام من الجنّة (1) ، وإيّاك والحسد فانّه الخرجني من الجنّة ، فأوحى الله إليه : اقبلهما وإن كان ملعوناً (2) .
71 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا أبو أحمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : إنّ قوم نوح شكوا إلى نوح عليه السلام الفأر ، فأمر الله الفهد فعطس (3) فطرح السّنور فأكل الفأر ، وشكوا إليه العذرة فأمر الله الفيل أن يعطس فعطس فسقط الخنزير (4) .
72 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا الحسن بن عليّ ، عن داوود بن يزيد ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه الصّلاة والسّلام قال ك ارتفع الماء زمان نوح (5) عليه السلام على كلّ جبل وعلى كلّ سهل خمسة عشر ذراعاً (6) .
73 ـ وعن ابن بابويه ، عن جعفر بن علي بن عبدالله بن المغيرة ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : إنّ الله تبارك وتعالى أغرق الأرض كلّها يوم نوح عليه السلام إلاّ البيت ، فمن يومئذ سمّي العتيق ، لأنّه اُعتق من الغرق ، فقلت : صعد إلى السّماء ؟ فقال : لم يصل الماء إليه وإنّما رفع عنه (7) .

فصل ـ 4 ـ
74 ـ وعن ابن أورمة ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، قال حدّثنا
____________
(1) في البحار ( 63 | 250 ) : أخرج أبويك من الجنّة .
(2) بحار الأنوار ( 11 | 323 ) ، برقم : ( 36 ) و( 63 | 250 ) ، برقم : ( 111 ) و( 72 | 195 ) ، برقم : ( 16 ) .
(3) في ق 4 : فأوحى الله تعالى إلى الفهد فعطس ، وفي ق 3 : فأمر الله الفهد يعطس .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 323 ) ، برقم : ( 37 ) و( 65 | 64 ) ، برقم : ( 22 ) .
(5) في ق 3 : في زمن نوح .
(6) بحار الأنوار ( 11 | 323 ـ 324 ) ، برقم : ( 38 ) .
(7) بحار الأنوار ( 11 | 325 ) ، برقم : ( 43 ) و( 99 | 58 ) ، برقم : ( 15 ) .

( 84 )

إبراهيم ابن أبي البلاد ، عن غير واحد ، عن أحدهما صلوات الله عليهما قال : لما قال الله تعالى : يا أرض ابلعي مائك ، قالت الأرض : إنما اُمرت أن أبلع مائي فقط ، ولم اُؤمر أن أبلع ماء السّماء ، فبلعت الأرض ماءها وبقى ماء السّماء فصير (1) بحراً حول السّماء وحول الدّنيا (2) والأمر والجواب يكونان مع الملك الموكّل بالأرض وبالسّماء (3) .
75 ـ وبالاسناد المتقدم ذكره ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنّان بن سدير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : آمن (4) بنوح صلوات الله عليه من قومه ثمانية نفر . وكان اسمه عبد الجبّار ، وإنّما سمّى نوحاً لانّه كان ينوح على نفسه .
وفي رواية : لأنّه بكى خمسمائة سنة ، وكان اسمه عبد الأعلى .
وفي رواية : عبد الملك وكان يسمّى بهذه الأسماء كلّها (5) .
76 ـ وباسناده عن وهب بن منبّه اليماني : أنّ نوحاً عليه السلام كان نجاراً ، وكان إلى الاُدمة ما هو دقيق الوجه (6) ، في رأسه طول ، عظيم العينين ، دقيق السّاقين ، كثير (7) لحم الفخذين ، ضخم السّرة ، طويل اللّحية عريضاً طويلاً جسيماً ، وكان في غضبه وانتهاره (8) شدّة ، فبعثه الله وهو ابن ثمانمائة وخمسين سنة ، فلبث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاماً ، يدعوهم إلى الله تعالى ، فلا يزدادون إلاّ طغياناً ، ومضى ثلاثة قرون من قومه ، وكان الرّجل منهم ياتي بابنه وهو صغير فيقفه (9) على رأس نوح صلوات الله عليه ، فيقول : يا بنيّ إن بقيت بعدي فلا تطيعنّ هذا المجنون (10) .
____________
(1) في ق 2 : فصار بحراً .
(2) للعلامة المجلسي فيه بيان راجع البحار .
(3) بحار الأنوار ( 11 | 324 ) ، برقم : ( 39 ) .
(4) كذا في ق 3 والبحار ، وفي غيرهما من النسخ : أمر .
(5) بحار الأنوار ( 11 | 326 ) ، برقم : ( 44 ) .
(6) في ق 2 : مائلاً رقيق الوجه ، وفي ق 4 : مائل رقيق الوجه ، وفي ق 3 : وهودقيق الوجه .
(7) في البحار : كثيراً .
(8) في ق 1 : وامتهاره ، وفي ق 4 : وانتهازه .
(9) في ق 4 : يوقفه ـ خ .
(10) بحار الأنوار ( 11 | 287 ) ، برقم : ( 9 ) . وقال : بيان إلى الادمة ما هو ، أي : كان مائلاً إلى الاُمة وما هو بأدم .

( 85 )

77 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا علي بن أحمد بن موسى ، حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، حدّثنا سهل بن زياد الآدمي حدّثنا عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : سمعت عليّ بن محمد العسكري صلوات الله عليهما يقول : عاش نوح صلوات الله عليه ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوماً في السّفينة نائماً فضحك (1) حام ويافث فزجرهما سام ونهاهما عن الضحك فانتبه نوح صلوات الله عليه .
وقال لهما : جعل الله ذريتكما خولاً لذرية سام إلى يوم القيامة ، لانّه برّني وعققتماني ، فلا زالت سمة عقوقكما في ذريتكما ظاهرة وسمة البرّ في ذريّة سام ظاهرة ما بقيت الدّنيا ، فجميع (2) السّودان حيث كانوا من ولد حام ، وجميع التّرك والسّقالبة ويأجوج ومأجوج والصّين من يافث حيث كانوا ، وجميع البيض سواهم من ولد سام .
وأوحى الله تعالى إلى نوح عليه السلام : إنّي قد جعلت قوسي أماناً لعبادي وبلادي ، وموثقاً منّي بيني وبين خلقي ، يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق ، ومن أوفى بعهده منّي . ففرح نوح عليه السلام وتباشر ، وكان القوس فيها وتر وسهم ، فنزع منها السهم والوتر ، وجعلت أماناً من الغرق .
وجاء إبليس إلى نوح عليه السلام فقال : إنّ لك عندي يداً عظيمةً ، فانتصحني فإنّي لا أخونك ، فتأثّم (3) نوح بكلامه ومساءلته (4) ، فأوحى الله إليه أن كلّمه واسأله (5) ، فانّي سأنطقه بحجة عليه ، فقال نوح صلوات الله عليه : تكلّم فقال إبليس : إذا وجدنا ابن آدم شحيحاً أو حريصاً أو حسوداً أو جبّاراً أو عجولاً تلقّفناه تلقّف الكرة ، فان اجتمعت لنا هذه الأخلاق سمّيناه شيطاناً مريداً فقال نوح صلوات الله عليه : ما اليد العظيمة الّتي صنعت ؟ قال : إنّك دعوت الله على أهل الأرض ، فألحقتهم في ساعة [ واحدة ] (6) بالنّار ، فصرت
____________
(1) في البحار : نائماً فهبت ريح فكشفت عورته فضحك .
(2) في ق 5 : فجمع .
(3) في ق 3 : فتألم .
(4) في ق 4 : ومسألته .
(5) في ق 4 : وسله .
(6) الزيادة من ق 3 .

( 86 )

فارغاً ، ولولا دعوتك لشغلت بهم دهراً طويلاً (1) .

فصل ـ 5 ـ
78 ـ أخبرنا الشّيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن الحلبي (2) ، عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطّوسيّ ، عن الشّيخ أبي عبدالله محمد بن محمد بن النّعمان الحارثيّ ، حدّثنا أبو جعفر ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبدالله محمد بن شاذان ، عن أحمد بن عثمان البروادي ، حدّثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سعد بن الحافظ السّمرقندي ، حدّثنا صالح بن سعيد الترمدي ، عن عبد الهيثم (3) بن إدريس ، عن المسيب ، عن محمد بن السّائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال إبليس لنوح صلوات الله عليه : لك عندي يد عظيمة سأعلّمك خصالاً قال نوح : وما يدي عندك ؟
قال : دعوتك على قومك حتىّ أهلكهم الله جميعاً . فايّاك والكبر وإيّاك والحرص وإيّاك والحسد فان الكبر هو الّذي حملني على أن تركت السجود (4) لآدم عليه السلام فأكفرني وجعلني شيطانا رجيماً وإيّاك والحرص فان ، ابن آدم حسد أخاه فقتله . فقال نوح صلوات الله عليه : فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم ؟ قال : عند الغضب (5) .
89 ـ وبالاسناد المتقدم عن عبد الحميد ابن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : عاش نوح صلوات الله عليه بعد النّزول من السّفينة خمسمائة سنة (6) ، ثمّ أتاه
____________
(1) بحار الأنوار ( 11 | 287 ـ 288 ) ، برقم : ( 10 ) و( 63 | 250 ) ، برقم : ( 112 ) و( 72 | 195 ) ، برقم : ( 17 ) .
(2) عنونه الشيخ منتجب الدين في الفهرست برقم : ( 357 ) قائلاً : الشيخ أبو جعفر محمد بن علي ابن المحسن الحلبي . . . وعنون الشيخ الحرّ في أمل الآمل ( 2 | 282 و289 ) كليهما ونفى البعد عن وحدتهما . والوحدة هي الصّحيح . كما أنّ الأصحّ في اسم جدّه هو المحسن .
(3) في ق 5 : عبد الهيثم ، وفي ق 4 : عبد القيثم ـ عبد القشم .
(4) في ق 2 : على ترك السجود .
(5) بحار الأنوار ( 11 | 293 ) ، برقم ( 7 ) و( 63 | 251 ) ، برقم : ( 113 ) .
(6) في البحار ( 11 | 288 ) : بعد النّزول من السّفينة خمسين سنة . قال العلامة المجلسي رحمه الله أقول : ذكر في

=


( 87 )

جبرئيل عليه السلام فقال : يا نوح انّه قد انقضت نبوّتك واستكملت أيامك ، فيقول الله تعالى : ادفع ميراث العلم وآثار علم النبوّة التي معك إلى ابنك سام ، فانّي لا أترك الأرض إلاّ وفيها عالم يعرف به طاعتي ويكون نجاة فيما بين قبض النّبيّ وبعث النّبيّ الآخر ، ولم أكن أترك النّاس بغير حجّة ، وداع (1) إليّ وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري ، فإنّي قد قضيت أن أجعل لكلّ قوم هادياً أهدي به السّعداء ، ويكون حجّة على الاشقياء .
قال : فدفع نوح صلوات الله عليه جميع ذلك ابنه سام ، فأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به . قال : وبشرهم نوح بهود صلوات الله عليهما ، وأمرهم باتّباعه ، وأمرهم أن يفتحوا الوصيّة كلّ عام فينظروا فيها ، فيكون ذلك عيداً لهم ، كما أمرهم آدم صلوات الله عليه (2) .
80 ـ وباسناده عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : عاش نوح عليه السلام ألفي سنة وخمسمائة سنة منها ثمانمائة سنة وخمسون سنة قبل أن يبعث وألف سنة إلاّ خمسين عاماً ، وهو في قومه يدعوهم إلى الله تعالى ومائتا عام في عمل السّفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السّفينة ، ونضب الماء ، فمصّر الأمصار وسكن ولده البلدان ، ثم جاءه (3) ملك الموت وهو في الشّمس فقال : السلام عليك ، فردّ عليه نوح صلوات الله عليهما السلام وقال : ما جاء بك ؟ قال : جئت لأقبض روحك قال : تدعني أدخل من الشمس إلى الظّل ؟ فقال له : نعم قال : فتحول نوح ثمّ قال : يا ملك الموت كان ما مرّ بي من الدّنيا مثل تحوّلي من الشمس إلى الظّل ، فأمض لما أمرت به ، فقبض روحه صلوات الله عليه (4) .
____________
=
(ص ) بهذا الاسناد إلى قوله : « كما أمرهم آدم عليه السلام » إلاّ أنّ فيه خمسمائة سنة بدل خمسين سنة ، وهو الصّواب كما يدل عليه ما مرّ من الأخبار .
(1) في ق 3 : فلم أكن أترك الأرض بغير حجّة فيها النّاس وداع .
(2) بحار الأنوار ( 11 | 288 ـ 289 ) ، عن إكمال الدّين مثله وعن قصص الأنبياء في الجزء ( 23 | 33 ) ، برقم : ( 53 ) .
(3) في ق 2 وق 4 : جاء .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 285 | 286 ) ، برقم : ( 2 ) عن أمالي الصّدوق مثله . وأشار إلى وجود الخبر في القصص بذكر السّند .