الباب الرابع

( في نبوة إبراهيم عليه السلام )

95 ـ أخبرنا ألسيد أبو البركات محمّد بن إسماعيل ، عن علي بن عبد الصّمد سعد النيشابوري ، عن السيد أبي البركات الحوري (1) عن أبي جعفر بن بابويه ، حدّثنا بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان آزر عمّ إبراهيم عليه السلام منجّماً لنمرود (2) وكان لا يصدر إلاّ عن رأيه ، فقال : لقد رأيت في ليلتي عجباً ، فقال : ما هو ؟ فقال : إنّ مولوداً يولد في ارضنا هذه يكون هلاكنا على يديه ، فحجبت الرّجال عن النّساء ، كان تارخ وقع على أمّ إبراهيم عليه السلام فحملت ، فأرسل إلى القوابل لتنظر (3) إلى النّساء ، ولا يكون في البطن شيء إلاّ علمن به ، فنظرن إلى اُمّ ابراهيم ، والزم الله ما في الرّحم الظّهر ، فقلن ما نرى بها شيئاً ، فلمّا وضعت ذهبت به إلى بعض الغيران (4) فجعلته فيه وأرضعته ، وجعلت على باب الغار صخرة ، فجعل الله رزقه في إبهامه فجعل يمصّها فتشخب لبناً ، وجعل يشبّ في اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة ، ويشب في الجمعة كما
____________
(1) هو السيد أبو البركات علي بن الحسين الحسيني الحلي الجوزي ، كما في أمل الآمل ، فالحوري أو الخوري غلط ، كان أنّ الصّحيح في السّند بعد هذا : عن أبي جعفر بن بابويه عن أبيه عن سعد ، اذ الصّدوق لا يروي عن سعد بلا واسطة .
(2) في ق 4 وق 5 : للنمرود .
(3) في ق 3 : لينظرن .
(4) الغيران : جمع الغار .

( 104 )

يشب غيره في الشهر ، فمكث ما شاء الله أن يمكث .
ثم أخرج إبراهيم من السرب (1) ، فرأى الزهرة وقوما يعبدونها ، فقال : أهذا ـ على سبيل الانكار ـ ربي ؟ فلم يلبث أن طلع القمر وعبده قوم أيضا وقال ( عليه السلام ) أيضا على سبيل الانكار (2) ليكون ذلك حجة عليهم في إثبات التوحيد ونفي التشبيه ، وذلك قوله تعالى (3) : « وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه » (4) .
96 ـ وعن ابن أورمة ، حدثنا الحسين بن علي ، عن عمر ، عن أبان ، عن حجر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خالف إبراهيم عليه السلام وعادى آلهتهم حتى أدخل (5) على نمرود فخاصمه ، فقال إبراهيم عليه السلام : « ربي الذي يحيي ويميت ) الآية ، وكان في عيد لهم دخل على آلهتهم قالوا : ما اجترأ عليها إلا الفتى الذي يعيّبها ويبرأ منها ، فلم يجدوا له مثلة أعظم من النار ، فأخبروا نمرود ، فجمع له الحطب وأوقد عليه ، ثم وضعه (6) في المنجنيق ليرمى به في النار ، وأن إبليس دل على عمل المنجنيق لإبراهيم عليه السلام (7) .
97 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، حدثنا يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما أخذ نمرود إبراهيم عليه السلام ليلقيه في النار ، قلت : يا رب عبدك وخليلك ليس في أرضك أحد يعبدك غيره ، قال الله تعالى : هو عبدي آخذه اذا شئت ، ولما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار ، تلقّاه جبرئيل عليه السلام في الهوآء وهو يهوي إلى النار ، يا إبراهيم ألك حاجة ؟
____________
(1) السرب : الحفير تحت الارض .
(2) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : أن طلع القمر ورأى أيضا قوما عنده يعبدونه ، فقال أيضا على سبيل الانكار قوله الأول ، وهو : أهذا ربي .
(3) سورة الانعام : ( 83 ) .
(4) بحار الانوار ( 12 | 42 ) ، برقم : ( 31 ) ، الى قوله « فحملت » .
(5) في ق2 : دخل .
(6) في ق2 : وضع ، وفي ق3 : وضعه على .
(7) بحار الانوار ( 12 | 38 ـ 39 ) ، برقم : ( 23 ) .

( 105 )

فقال : أما اليك فلا وقال : يا الله يا واحد يا أحد يا صمد (1) ، ويا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، نجّني من النار برحمتك . فأوحى الله إلى النار : كوني بردا وسلاما على إبراهيم (2) .
98 ـ وعن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مروان ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : كان دعاء إبراهيم عليه السلام يومئذ : « يا أحد يا صمد يا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد » ثم توكّلت على الله ، فقال : كفيت .
وقال : لما قال الله تعالى للنار : « كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) لم تعمل يومئذ نار على وجه الأرض ، ولا انتفع بها أحد ثلاثة أيام ، قال : ونزل جبرئيل يحدثه وسط النار ، قال نمرود : من اتخذ إلهاً فليتخذ مثل إله إبراهيم ، فقال عظيم من عظمائهم : إني عزمت على النيران أن لا تحرقه ، قال : فخرجت عنق من النار فأحرقته ، وكان نمرود ينظر بشرفة على النار .
فلما كان بعد ثلاثة أيام قال نمرود لآزر : اصعد بنا حتى ننظر فصعدا ، فاذا إبراهيم في روضة خضراء ومعه شيخ يحدثه ، قال : فالتفت نمرود إلى آزر ، فقال ما أكرم ابنك على الله . والعرب تسمي العم « أبا » قال تعالى : في قصة يعقوب : « قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق ) (3) وإسماعيل كان عم يعقوب عليهم السلام وقد سماه أبا في هذه الآية (4) .

فصل ـ 1 ـ
99 ـ أخبرنا الاستاد أبو القاسم بن كمح ، عن الشيخ جعفر الدوريستي ، عن الشيخ
____________
(1) في ق1 وق4 : يا الله يا صمد يا من لم يلد ، وفي ق3 وق5 والبحار : يا الله يا أحد يا صمد .
(2) بحار الانوار ( 12 | 39 ) ، برقم : ( 24 ) .
(3) سورة البقرة : ( 133 ) .
(4) بحار الانوار ( 12 | 39 ـ 40 ) ، برقم : ( 26 ) و ( 95 | 189 ) الى قوله « كفيت » .

( 106 )

المفيد ، عن أبي جعفر بن بابويه ، حدثنا محمد بن بكران النقاش ، حدّثنا أحمد بن محمد بن سعد الكوفي ، حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن ابيه ، عن الرّضا صلوات الله عليه قال : لمّا أشرف نوح صلوات الله عليه على الغرق دعا الله بحقّنا ، فدفع الله عنه الغرق ، ولمّا رمي إبراهيم في النّار دعا الله بحقّنا ، فجعل النّار عليه برداً وسلاماً وإنّ موسى عليه السلام لمّا ضرب طريقاً في البحر دعا الله بحقّنا ، فجعله يبساً ، وأنّ عيسى عليه السلام لمّا اراد اليهود قتله دعا الله بحقّنا ، نجى من القتل فرفعه إليه (1) .
100 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي رباب الكرخي (2) ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : إنّ إبراهيم عليه السلام كان مولده بكوثا ، وكان من أهلها وكانت أمّ ابراهيم وامّ لوط عليهما السلام اختين ، وأنّه تزوّج سارة بنت لاحج ، وهي بنت خالته ، وكانت صاحبة ماشية كثيرة وحال حسنة ، فملكت إبراهيم جميع ما كانت تملكه ، فقام فيه وأصلحه ، فكثرت الماشية والزّرع ، حتّى لم يكن بأرض كوثا رجل أحسن حالاً منه (3) .
وإنّ إبراهيم عليه السلام لمّا كسّر أصنام نمرود أمر به فأوثق وعمل له حيراً فيه الحطب ، وألهب فيه النّار ، ثمّ قذف بإبراهيم عليه السلام لتحرقه ، ثمّ أعتزلوها ثلاثاً حتّى خمدت ، ثمّ أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم صلوات الله عليه سليماً مطلقاً من وثاقه ، فأخبروا نمرود ، فأمرهم أن ينفّروا ابراهيم من بلاده ، فإنّه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضرّ (4) بآلهتكم ، فأخرجوا إبراهيم ولوطاً عليهما السلام إلى الشّامات .
فخرج إبراهيم ومعه لوط وسارة ( وقال : إنّي ذاهبٌ إلى ربّي سيهدين ) (5) يعني إلى
____________
(1) بحار الأنوار ( 11 | 69 ) ، برقم : ( 27 ) و( 12 | 40 ) ، برقم : ( 27 ) و( 26 | 325 ) ، برقم : ( 7 ) وفي ق 1 : فنجيّ و هو الصحيح .
(2) في البحار : أبي زياد الكرخي .
(3) أورد صدره إلى قوله : حالاً منه ، في البحار ، الجزء ( 12 | 110 ) ، برقم : ( 34 ) ومرة أخرى هذا الصّدر عن الكافي في نفس الجزء ( 44 ـ 45 ) بنحو أحسن وأوسع .
(4) في ق 1 وق 2 : وأخرجني .
(5) سورة الصافات : ( 99 ) .

( 107 )

بيت المقدس ، فتحمل إبراهيم بماشيته وماله وعمل تابوتاً وحمل سارة فيه ، فمضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط ، فمّ بعاشر (1) له ، فاعترضه فقال له : افتح هذا التّابوت حتّى تعطيني عشره وأبى إلاّ فتحه ، ففتحه إبراهيم صلوات الله عليه ، فلّما بدت سارة وكانت موصوفة بالحسن ، قال : فما هي ؟ قال إبراهيم : حرمتي وابنة خالتي ، قال : فما دعاك إلى أن حبستها (2) في هذا التّابوت ، فقال إبراهيم صلوات الله عليه : الغيرة عليها أن لا يراها أحدٌ .
قال : فبعث الرّسل إلى الملك فأخبره بخبر إبراهيم ، فأرسل الملك أن احملوه والتّابوت معه ، فلمّا دخل عليه قال الملك لإبراهيم : افتح التّابوت وأرني من فيه ، قال : إنّ فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي ، فأبى الملك إلاّ فتحه ، قال : ففتحه فلمّا رأى سارة الملك ، فلم يملك حمله سفهه أنّ مدّ يده إليها ، فقال إبراهيم : أللّهمّ احبس يده عن حرمتي ، فلم يصل إليها يده ولم ترجع إليه ، فقال الملك : إنّ إلهك هو الّذي فعل بي هذا ؟ قال : نعم إنّ إلهي غيور يكره الحرام ، وهو الّذي حال بينك وبينها ،فقال المكل : ادع ربّك يردّ عليّ يدي ، فان أجابك لم أعترض لها ، فقال إبراهيم صلوات الله عليه : اللهمّ ردّ عليه يده ليكفّ عن حرمتي ، فردّ الله تعالى عليه يده .
فأقبل الملك نحوها ببصره ، ثم عاد بيده نحوها ، فقال إبراهيم عليه السلام الّلهمّ احبس يده عنها ، فيبست يده ولم تصل إليها ، فقال الملك لإبراهيم : إنّ إلهك لغيور فادع إلهك يردّ عليّ يدي ، فإنّه إن فعل بي لم اُعد ، فقال له إبراهيم عليه السلام : أسأل ذلك على أنّك إن عدت لم تسألني أن أسأله ، فقال الملك : نعم ، فقال إبراهيم : الّبلهمّ إن كان صادقاً فردّ عليه يده ، فرجعت عليه يده .
فلمّا رآى الملك ذلك عظّم إبراهيم عليه السلام وأكرمه ، وقال : فنطلق حيث شئت ، ولكن لي إليك حاجة ، قال إبراهيم عليه السلام وما هي ؟ قال : أحبّ أن تأذن لي أن أخدمها قبطيّة عندي جميلة عاقلة تكون لها خادمة ، فأذن له إبراهيم عليه السلام فدعا بها فوهبها لسارة ، وهي هاجر امّ اسماعيل عليه السلام ، فسار إبراهيم بجميع ما معه ، وخرج
____________
(1) في ق 3 : بعشار .
(2) في ق 2 : إلى حبسها .

( 108 )

الملك معه يتّبعه ويمشي خلف إبراهيم عليه السلام إعظاماً له ، فأوحى الله تعالى إلى ابراهيم عليه السلام : أن قف ولا تمش قدّام الجبّار ، فوقف إبراهيم صلوات الله عليه وقال للملك : إنّ إلهي أوحى إليّ السّاعة أن اُعظّمك واُقدّمك وأمشي خلفك ، فقال : أشهد أنّ إلهك رفيق حليم كريم .
قال : وودّعه الملك ، وسار إبراهيم حتّى نزل بأعلى الشّامات ، وخلّف لوطاً بأدنى الشّمات ، ثمّ إنّ إبراهيم أبطأ عن الولد ، فقال لسارة : أن لوشئت لمتّعتني من هاجر لعلّ الله يرزقني منها ولداً فيكون خلفاً ، فابتاع إبراهيم عليه السلام هاجر م سارة فوقع عليها ، فولدت إسماعيل عليه السلام (1) .
101 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن داود بن كثير الرّقّي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : أيّهما كان أكبر إسماعيل أم اسحاق ؟ وأيّهما كان الذبيح ؟ قال : كان إسماعيل أكبر بخمس سنين ، وكان الذبيح اسماعيل عليه السلام ، وكانت مكة منزل إسماعيل عليه السلام ، ولمّا أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيّام الموسم بمنى قال الله تعالى : ( فلمّا بلغ معه السّعي قال يا بنّي إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى ) (2) ثم قال : ( وبشّرناه باسحاق نبيّاً من الصّالحين ) (3) فمن زعم أن إسحاق أكبر من اسماعيل وأنّه كان الذبيح ، فقد كذّب بما أنزل الله تعالى في القرآن من نبأهما صلوات الله عليهما (4) .
102 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هاشم بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام ، قال : كان لإبراهيم ابنان ، فكان أفضلهما ابن الأمة (5) .
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 45 ـ 47 ) ، برقم : ( 38 ) عن الكافي .
(2) سورة الصّافات : ( 102 ) .
(3) سورة الصّافات : ( 112 ) .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 130 ) ، برقم ( 11 ) .
(5) بحار الأنوار ( 12 | 110 ) ، برقم : ( 35 ) .

( 109 )

103 ـ وعن ابن أبي عمير ، عن عبد الرّحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله صلوات اله عليه في قوله تعالى : ( وامرأته قائمة فضحكت ) (1) يعني : حاضت ، وهي يومئذ ابنة تسعين سنة ، وابراهيم ابن مائة وعشرين سنة ، قال : وإنّ قوم إبراهيم عليه السلام نظروا إلى إسحاق عليه السلام قالوا : ما أعجب هذا وهذه يعنون إبراهيم عليه السلام وسارة أخذا صبيّاً وقالا : هذا ابننا يعنون إسحاق ، فلمّا كبر لم يعرف هذا وهذا لتشابههم حتّى صار إبراهيم يعرف بالشّيب قال : فثنى إبراهيم عليه السلام لحيته ، فرآى فيها طاقة بيضاء فقال إبراهيم : اللّهمّ ما هذا ؟ فقال : وقار فقال : الّلهمّ زدني وقاراً (2) .
104 ـ وباسناده عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مروان (3) ، عن زرارة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : كان إبراهيم عليه السلام رجلاً غيور ، كان إذا خرج أغلق بابه ، فرجع يوماً فرأى رجالً في داره عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهنا ، فقال له : من أنت ؟ فقال : أنا ملك الموت ، ففزع إبراهيم عليه السلام وقال : جئتني لتسلبني روحي ؟ فقال : لا ولكن الله اتّخذ عبداً خليلاً فجئته ببشارة ، فقال : ومن هو ؟ قال : وما تريد منه ؟ قال إبراهيم عليه السلام : أخدمه حتى أموت فقال : أنت هو (4) .
105 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عبدالله بن داود ، عن عبدالله بن هلال ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قالك : لمّا جاء المرسلون إلى إبراهيم صلوات الله عليه جاءهم بالعجل ، فقال كلوا ، قالوا : لا نأكل حتّى تخبرنا ما ثمنه ؟ فقال : إذا أكلتم فقولوا : بسم الله وإذا فرغتم فقولوا : ألحمد لله ، فقال : فالتفت جبرئيل عليه السلام إلى أصحابه وكانوا أربعة وجبرئيل رئيسهم ، فقال : حق (5) أن يتّخذ هذا خليلاً (6) .
____________
(1) سورة هود : ( 71 ) .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 110 ـ 111 ) ، برقم : ( 36 ) .
(3) في ق 3 : محمد بن حمران .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 4 ـ 5 ) عن علل الشّرايع ، برقم : ( 11 ) مع اختلاف في السّند والمتن .
(5) في البحار : حق الله . . .
(6) بحار الأنوار ( 12 | 5 ) ، برقم ( 12 ) عن العلل والسّند هنا معلول وصحيحه على ما في البحار ، ابن الوليد عن محمد الغطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن عبدالله بن محمد عن داود بن أبي يزيد عن عبدالله بن هلال .

( 110 )

106 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا عمرو بن عثمان (1) ، عن العبقري ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرّب ، عن عليّ عليه السلام قال : شب إسماعيل وإسحاق فتسابقا فسبق إسماعيل فأخذه إبراهيم عليه السلام فأجلسه في حجره وأجلس إسحاق إلى جنبه ، فغضبت سارة وقالت : أما انّك قد جعلت أن لا تسوي بينهما فاعزلها عنّي ، فانطلق إبراهيم عليه السلام باسماعيل صلوات الله عليهما وباُمة هاجر حتى أنزلهما مكّة ، فنفد طعامهم ، فأراد إبراهيم أن ينطلق فيلتمس لهم طعاماً ، فقالت هاجر إلى من تكلنا ، فقال : أكلكم إلى الله تعالى ، وأصابهما جوع شديد ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال لهاجر : إلى من وكلكما ؟ قالت : وكلنا إلى الله قال : ولقد وكلكما إلى كاف ، ووضع جبرئيل يده في زمزم ثم ّ طواها ، فإذا الماء قد نبع ، فأخذت هاجر قربة مخافة أن يذهب ، فقال جبرئيل : إنها تبقى فادعي ابنك فأقبل فشربوا وعاشوا حتّى أتاهم إبراهيم عليه السلام فأخبرته الخبر فقال : هو جبرئيل عليه السلام (2) .
107 ـ وباسناده ع ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، قال : سألت ابا عبدالله عليه الصلاة والسلام عن السّعي ، فقال : إنّ إبراهيم عليه السلام لمّا خلّف هاجر اُمّ إسماعيل عطش الصبيّ ولم يكن بمكة ماء ، فأتت هاجر إلى الصّفا ، فصعدت فوقها ، ثم نادت هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحدٌ ، فرجعت إلى المروة حتّى فعلت ذلك سبعاً ، فأجرى بذلك سنّة (3) ، قال : فأتاها جبرئيل وهي على المروة ، فقال لها : من انت ؟ فقالت : اُمّ ولد إبراهيم ، فقال : إلى من ترككما ؟ قالت : إلى الله تعالى فقال : وكّلكما إلى كاف ، قال : فحص الصّبي برجله فنبعت زمزم ، ورجعت هاجر إلى الصّبيّ ، فلمّا رأت لماء قد نبع جمعت التّراب حوله ولو تركته لكان سيحاً ، قال : ومّر ركب من اليمن يريد سفراً لهم فرأوا الطّير قد حلقت قالوا : وما حلقت إلا على ماء ، وقد كانوا يتجنبون منه ، لأنّه لم يكن بها ماء ، فأتوهم فأطعموهم وسقوهم ، وكان النّاس يمرّون بمكة ، فيطعمونهم
____________
(1) في النّسخ : عمرة بن عثمان ، وهو تصحيف ، والصّحيح ما أثبتناه عن البحار .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 111 ) ، برقم : ( 37 ) .
(3) في البحار : فمضت حتى انتهت إلى المروة ، فقال : هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحد ، ثم رجعت إلى صفا ، فقالت كذلك حتى صنعت ذلك سبعاً ، فأجرى الله ذلك سنة .

( 111 )

من الطّعام وهم يسقونهم من الماء (1) .
108 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا سعد (2) بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن النّعمان ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبدالله صلوات الله عليه : إنّ اسماعيل دفن امّه في الحجر وجعله عليها لئلاّ (3) يوطأ قبرها (4) .

فصل ـ 2 ـ
109 ـ وباسناده عن ابن أبي عمير ، عن ابان ، عن عقبة ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : إنّ إسماعيل لمّا تزوّج امرأة من العمالقة يقال لها : سماة وأنّ إبراهيم اشتاق إليه ، فركب حماراً ، فأخذت عليه سارة ألاّ ينزل حتّى يرجع قال : فأتاه وقد هلكت اُمّه ولم يوافقه ووافق امرأته ، فقال لها : أين زوجك ، فقال : خرج يتصيّد ، فقال : كيف حالكم ؟ فقالت : حالنا وعيشنا شديد ، قال : ولم تعرض عليه المنزل ، فقال : إذا جاء زوجك فقولي له جاء ها هنا شيخ وهو يأمرك أن تغيّر عتبة بابك .
فلمّا أقبل إسماعيل صلوات الله عليه وصعد الثّنية وجد ريح أبيه ، فأقبل إليها وقال : أتاك أحدٌ ؟ قالت : نعم شيخ قد سألني عنك ، فقال لها : هل أمرك بشيء ؟ قالت : نعم ، قال لي : إذا دخل زوجك فقولي له جاء شيخ وهو يأمرك أن تغيّر عتبة بابك ، قال : فخلّى سبيلها .
ثمّ إنّ إبراهيم عليه السلام ركب إليه الثانية ، فأخذت عليه سارة أن لا ينزل حتى يرجع ، فلم يوافقه ووافق امرأته ، فقال : أين زوجك قالت : خرج : عافاك الله للصيد ، فقال : كيف أنتم ؟ فقالت : صالحون قال : وكيف حالكم ؟ قالت : حسنة ونحن بخير ، انزل يرحمك الله حتّى يأتي ، فأبى ولم تزل به تريده على النزول (5) فأبى ، قالت : أعطني
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 106 ) ، برقم : ( 19 ) ، عن العلل مع اختلاف في الألفاظ .
(2) في البحار : الصّدوق عن أبيه عن سعد ، وهو الصّحيح وتقدّم نظيره برقم : ( 95 ) .
(3) في البحار : وجعل عليها حائطاً لئلاّ .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 104 ) ، برقم : ( 13 ) .
(5) في ق 1 وق 5 والبحار : قال فأبى ولم تزل به ، وفي ق 1 : تزيده على النزول ، وفي ق 3 : وهي تريده على النزول .

( 112 )

رأسك حتّى أغسله ، فإنّي أراه شعثاً ، فجعلت له غسولاً ، ثم أدنت منه الحجر ، فوضع قدمه عليه ، فغسلت جانب رأسه ، ثم قلبت قدمه الأخرى فغسلت الشق الآخر ثمّ سلّم عليها وقال : إذا جاء زوجك فقولي جاء ها هنا شيخ فهو يوصيك بعتبة بابك خيراً .
ثم إنّ إسماعيل صلوات الله عليه أقبل فلمّا انتهى الثنيّة وجد ريح أبيه ، فقال لها : هل أتاك أحدٌ ؟ قالت : نعم شيخ وهذا أثر قدميه ، فاكبّ على المقام وقبّله ، وقال : شكى إبراهيم إلى الله ما يلقى من سوء خلق سارة ، فأوحى الله إليه : أنّ مثل المرأة مثل الضّلع الأعوج إن تركته استمتعت به وان أقمته كسرته ، وقال : إنّ إبراهيم عليه السلام تزوّج سارة وكانت من أولاد الأنبياء على أن لا يخالفها ولا يعصي لها أمراً ولا تعصي له أمراً فيما وافق الحق ، وأنّ إبراهيم كان يأتي مكة من الحيرة في كلّ يوم (1) .
110 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن موسى المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سمعت أبا عبدالله صلوات الله عليه يقول : إنّ إبراهيم عليه السلام استأذن سارة أن يزور إسماعيل بمكة ، فأذنت له على أن لا يبيت عنها (2) ولا ينزل عن حماره ، قلت : كيف كان ذلك ؟ قال : طويت له الأرض (3) .
111 ـ عن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن أورمة ، عن يحيى الّلحام ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه ، قال : إنّ إبراهيم ناجى ربّه فقال : يا رب كيف ذا العيال من قبل أن يجعل له من ولده خلفاً يقوم بعده في عياله ؟ فأوحى الله تعالى إليه : يا إبراهيم أو تريد لها خلفاً منك يقوم مقامك من بعد خيراً منّي ؟ قال إبراهيم : اللّهمّ لا ، الآن طابت نفسي (4) .
112 ـ عن ابن بابويه ، عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي البرقي ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن ابي
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 111 ـ 112 ) ، برقم : ( 38 ) .
(2) في ق4 : عندها .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 112 ) ، برقم : ( 39 ) .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 82 ) ، برقم : ( 11 ) .

( 113 )

عبدالله عليه السلام قال : إنّ اسماعيل صلوات الله عليه توفّي ، وهو ابن مائة وثلاثين سنة ، ودفن بالحجر مع اُمّه ، فلم يزل بنو اسماعيل ولاة الأمر يقيمون للنّاس حجّهم وأمر دينهم يتوارثونها كابراً عن كابر حتّى كان زمن عدنان بن اُدد (1) .
113 ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي أبي نصر ، عن ابان ، عمّن ذكره ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : كانت الخيل العرابة (2) وحوشاً بأرض العرب ، فلمّا رفع إبراهيم واسماعيل صلوات الله عليهما القواعد من البيت ، قال : إنّي أعطيتك (3) كنزاُ لم أعطه أحداً كان قبلك ، فخرج إبراهيم وإسماعيل صلوات الله عليهما حتّى صعدا (4) ، فقالا : ألا هلا ألا هلمّ ، فلم يبق في ارض العرب فرس إلا أتاه وذلّل له فأعطته (5) بنواصيها (6) .

فصل ـ 3 ـ
( في وفاة إبراهيم عليه السلام )
114 ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان (7) ، عن أبي بصير ، عن أحدهما صلوات الله عليهما ، قال : كان سبب وفاة إبراهيم عليه السلام أنّه أتاه ملك الموت ليقبضه فكره إبراهيم ، فرجع ملك الموت إلى ربّه ، فقال : إنّ إبراهيم كره الموت ، فقال : دع إبراهيم فانّه يحبّ أن يعبدني حتّى رآى إبراهيم شيخاً يأكل ويخرج منه ما يأكل ، فكره الحياة وأحبّ الموت ، فأتى داره فإذا فيها أحسن صورة ما رآها قطّ ، قال : من انت ؟ قال :أنا ملك الموت فقال : يا سبحان
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 113 ) ، برقم : ( 41 ) .
(2) في البحار : العراب .
(3) في البحار : قال الله إني قد أعطيتك .
(4) في البحار : صعدا جياداً ، والجياد كما في الصّحاح اسم جبل بمكة وعن بعض نسخ العلل : صعدا جيلاً .
(5) في البحار : وأعطت .
(6) بحار الأنوار ( 12 | 104 ) ، برقم : ( 16 ) عن العلل وراجع العلل ( 1 | 37 ) .
(7) في العلل : عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن البزنطي عن أبان بن عثمان الخ مع الختلاف يسير .

( 114 )

الله من هذا الّذي يكره قربك ورؤيتك ؟ وأنت بهذه الصّورة ، قال : يا خليل الله إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيراص بعثني إليه في هذه الصّورة ، وإذا أراد بعبد شرّاً بعثني إليه في صورة غيرها وقبض إبراهيم عليه السلام بالشّام (1) .
115 ـ عن ابن بابويه ، قال : حدّثنا أحمد بن موسى ، حدّثنا محمد بن هارون الصّولي (2) ، عن عبدالله بن موسى الجمال الطّبري ، حدّثنا محمد بن الحسين الخشاب (3) ، حدثنا محمد بن محسن ، عن يونس بن ظبيان (4) ، قال : قال لي الصّادق عليه السلام : يا يونس قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : لمّا أراد الله قبض روح إبراهيم عليه السلام هبط إليه ملك الموت عليه السلام فقال : السلام عليك يا إبراهيم قال : وعليك السلام يا ملك الموت أداع أنت أم ناع ؟ قال : بل داع فأجبه ، فقال إبراهيم : هل رأيت خليلاً يميت خليله ، قال : فرجع ملك الموت حتى وقف بين يدي الله تعالى فقال : إلهي قد سمعت ما قال خليلك إبارهيم عليه السلام ، فقال الله جلّ جلاله : يا ملك الموت اذهب إليه وقل له : هل رأيت حبيباً يكره لقاء حبيبه ؟ إنّ الحبيب يحبّ لقاء حبيبه .
وتوفي إبراهيم بالشّام ، ولم يعلم إسماعيل صلوات الله عليهما بموته ، فتهيّأ لقصده (5) ، فنزل علي جبرئيل عليه السلام فعزّاه بإبراهيم ، وقال : يا اسماعيل لا تقل في موت أبيك ما يسخط الرّب وإنّما كان عبداً دعاه الله تعالى فأجابه .
ولمّا ترعرع اسماعيل وكبر أعطوه سبعة أعنز ، وكان ذلك أصل ما له ، فنشأ وتكلم بالعربيّة وتعلّم الرّمي ، وكان اسماعيل صلوات الله عليه بعد موت أمّه تزّوج امرأة من جرهم اسمها زعله (6) ، وطلّقها ولم تلد له شيئاً ، ثمّ تزوّج السّيدة بنت الحرث بن مضاض فولدت له ، وكان عمر إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين ، ومات صلوات الله عليه ودفن في الحجر وفيه
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 79 ) ، برقم : ( 8 ) عن العلل ، وراجع العلل ( 1 | 38 ) .
(2) في ق 4 : الصوفي .
(3) في ق 2 : محمد بن الحسن الخشاب .
(4) في ق 2 : محمد بن الحسن عن يونس ، وفي موضع من البحار : محمد بن محصن عن يونس بن ظبيان .
(5) في ق 1 وق 4 وق 5 : تهيأ لقصيده ، وفي البحار : تهيأ اسماعيل لابيه .
(6) في ق 1 وق 4 وق 5 : زعلة أو عمادة ، وفي ق 3 : وعلة أو عمارة ، وفي ق 2 : زعلة أو عمارة .

( 115 )

قبور الأنبياء عليهم السلام ، ومن أراد أن يصلي فيه فلتكن صلاته على ذراعين من طرفه (1) مما يلي باب البيت ، فانّه موضع شبير وشبر ابني هارون عليه السلام (2) .
116 ـ وكان على عهد إبراهيم عليه السلام رجل يقال له : ماريا بن أوس ، قد أتت عليه ستمائة سنة وستون سنة ، وكان يكون في غيضة له بينه وبين النّاس خليج من ماء غمر ، وكان يخرج إلى الناس في كلّ ثلاث سنين ، فيقيم في الصّحراء في محراب له يصلي فيه ، فخرج ذات يوم فيما كان يخرج ، فإذا هو بغنم كان عليها الدّهن ، فاُعجب بها وفيها شاب كأنّ وجهه شقة قمر ، فقال : يا فتى لمن هذا الغنم ، قال : لإبراهيم خليل الرّحمن قال : فمن أنت ؟ قال : أنا ابنه إسحاق ، فقال ماريا في نفسه : اللّهم أرني عبدك وخليلك حتّى اراه قبل الموت .
ثم رجع إلى مكانه ورفع إسحاق ابنه خبره إلى أبيه فأخبره بخبره ، وكان إبراهيم يتعاهد ذلك المكان الّذي هو فيه ويصلّي فيه ، فسأله إبراهيم عن اسمه وما أتى عليه من السّنين فخبّره ، فقال : أين تسكن ؟ فقال : في غيضة ، فقال إبراهيم عليه السلام إنّي أحبّ أن آتي موضعك فأنظر إليه وكيف عيشك فيها ؟ قال : إنّي أيبّس من الثّمار الرّطب ما يكفيني إلى قابل ، لا تقدر أن تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر ، فقال له إبراهيم : فما لك فيه معبر ؟ قال : لا : قال : فكيف تعبر ؟ قال أمشي على الماء ، قال إبراهيم : لعل الله الّذي سخّ لك الماء يسخّره لي .
قال : فنطلق وبدأ ماريا فوضع رجله في الماء وقال : بسم الله قال إبراهيم عليه السلام : بسم الله ، فاتفت ماريا وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو ، فتعجّب من ذلك ، فدخل الغيضة ، فأقام معه إبراهيم صلوات الله عليه ثلاثة أيّام لا يعلمه من هو ، ثم قال له : يا ماريا ما أحسن موضعك هل لك أن تدعو الله أن يجمع بيننا في هذا الموضع ؟ فقال : ما كنت لأفعل ، قال : ولم قال لأنّي دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين فلم يجبني فيها ، قال :
____________
(1) في ق 1 وق 2 : من طوفه .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 78 ) ، برقم : ( 7 ) إلى قوله : يحبّ لقاء حبيبه . ومن قوله : ولمّا ترعرع ، إلى آخره في نفس الجزء ص ( 112 ـ 113 ) برقم ( 40 ) والباقي مذكور ص ( 96 ) عن العلل .

( 116 )

وما الّذي دعوته به (1) ؟ فقصّ عليه خبر الغنم واسحاق ، فقال إبراهيم عليه السلام : فإنّ الله قد استجاب منك أنا إبراهيم ، فقام : وعانقه فكانت أوّل معانقة (2) .
____________
(1) الزيادة من ق 4 فقط وهو أحسن .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 9 ـ 10 ) ، برقم : ( 23 ) .