فصل ـ 3 ـ
135 ـ وبإسناده عن الصّفار ، عن أيّوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : قلت لأبي عبدالله صلوات الله عليه : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف ؟ قال : حزن سبعين ثكلى ، قال : ولمّا كان يوسف صلوات الله عليه في السّجن دخل عليه جبرئيل عليه السّلام ، فقال : إنّ الله تعالى ابتلاك وابتلى أباك وأنّ الله ينجّيك من هذا السجن ، فاسأل الله بحقّ محمد وأهل بيته أن يخلّصك ممّا أنت فيه ، فقال يوسف : اللّهم إنّي أسألك بحق محمد وأهل بيته إلاّ عجّلت فرجي وأرحتني ممّا أنا فيه .
قال جبرئيل عليه السلام : فابشر أيّها الصّديق ، فانّ الله تعالى أرسلني إليك بالبشارة بأنه يخرجك من السّجن إلى ثلاثة أيّام ، ويملّكك مصر وأهلها تخدمك أشرافها ، يجمع إليك أخوتك وأباك ، فابشر أيها الصدّيق إنّك صفيّ الله وابن صفيّه . فلم يلبث يوسف عليه السّلام إلاّ تلك اللّيلة حتّى رأى الملك رؤيا أفزعته ، فقصّها على أعوانه ، فلم يدروا ما تأويلها .
فذكر الغلام الّذي نجى من السّجن يوسف ، فقال له : أيّها الملك أرسلني إلى السّجن ، فإنّ فيه رجلاً لم ير مثله حلماً وعلماً وتفسيراً ، وقد كنت أنا وفلان غضبت علينا وأمرت بحبسنا رأينا رؤيا ، فعبّرها لنا وكان كما قال ، ففلان صلب وأمّا أنا فنجوت فقال له الملك : انطلق إليه ، فدخل وقال : يا يوسف : ( أفتنا في سبع بقرات ) (1) فلمّا بلغ رسالة الملك يوسف الملك قال : ( ائتوني به أستخلصه لنفسي ) (2) فلمّا بلغ يوسف رساله الملك قال : كيف أرجو كرامته وقد عرف برآءتي وحبسني سنين ، فلمّا سمع الملك أرسل إلى النّسوة فقال ما خطبكنّ : ( قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء ) (3) .
فأرسل إليه وأخرجه من السّجن ، فلمّا كلمّا أعجبه كماله وعقله ، فقال له : أقصص رؤياي فانّي أريد أن أسمعها منك ، فذكّره يوسف كما رأى وفسّرها . قال الملك : صدقت
____________
(1) سورة يوسف : ( 46 ) .
(2) سورة يوسف : ( 54 ) .
(3) سورة يوسف : ( 51 ) .

( 133 )

فمن لي بجمع ذلك وحفظه ؟ فقال يوسف : إن الله تعالى أوحى إليّ أنّي مدبّره والقيّم به في تلك السّنين ، فقال له الملك : صدقت دونك خاتمي وسريري وتاجي .
فأقبل يوسف على جمع الطّعام في السّنين السّبع الخصيبة يكسبه في الخزائن في سنبله ، ثمّ أقبلت السّنون الجدبة ، أقبل يوسف عليه السلام على بيع الطّعام ، فباعهم في السّنة الأولى بالدّراهم والدّينار ، حتّى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلاّ صار في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة الثّانية بالحلي والجواهر حتّى لم يبق بمصر حليّ ولا جوهر إلاّ صار في مملكته ، وباعهم في السّنة الثاّلثة بالدّواب والمواشي حتّى لم يبق بمصر وما حولها دابّة ولا ماشية إلاّ صارت في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة الرّابعة بالعبيد والإماء حتّآ لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلاّ وصار في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة الخامسة بالدّور والعقار حتّى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة السّادسة بالمزارع والأنهار حتّى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلاّ صار في مملكة يوسف عليه السّلام ، وباعهم في السّنة السّابعة برقابهم حتّى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حرّ إلا صار في مملكة يوسف عليه السلام وصاروا عبيداً له .
فقال يوسف للملك : ما ترى فيها خوّلني ربّي ؟ قال : الرّأي رأيك ، قال : إنّي أشهد الله وأشهدك أيّها الملك إنّي أعتقت أهل مصر كلّهم ، ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ، ورددت عليك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلاّ بسيرتي ، ولا تحكم إلاّ بحكمي ، فالله أنجاهم على يديّ ، فقال الملك : إنّ ذلك لديني (1) وفخري ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّك رسوله ، وكان من إخوة يوسف وأبيه عليهم السلام ما ذكرته (2) .

فصل ـ 4 ـ
136 ـ وأخبرنا الشّيه أبو الحسين أحمد بن محمد بن عليّ بن محمّد الرّشكي (3) ، عن
____________
(1) في هامش البحار عن نسخة : لزيني ، وهو أنسب .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 291 ـ 293 ) ، برقم : ( 76 ) .
(3) في ق 1 وق 2 وق 5 : الرشكي وهو الموافق لما في الرياض ( 2 | 436 ) وفي ق 4 : اليشكري ، وعن بعض : الزّشكي ، وزشك قرية من قرى مشهد الرّضا عليه السلام .

( 134 )

جعفر بن محمد ، عن جعفر بن أحمد ، عن ابن بابويه ، عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي (1) ، عن الحسن الواسطي ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : قدام أعرابي على يوسف ليشتري طعامه قباعه ، فلما فرغ قال له يوسف : أين منزلك ؟ قال : موضع كذا وكذا قال : إذا مررت بوادي كذا وكذا ، فقف فناد : يا يعقوب هو يقرؤك السّلام ويقول لك : إنّ وديعتك عند الله لن تضيع .
قال : فمضى الاعرابي حتى انتهى إلى الموضع ، فقال لغلمانه : احفظوا على الإبل ، ثم نادى يا يعقوب ، فخرج إليه رجل طويل جميل ، فقال له الاعرابي : أنت يعقوب ؟ قال : نعم ، فاُبلغه ما قال له يوسف صلوات الله عليه ، قال : فسقط مغشيّاً عليه ، ثم أفاق فقال يا أعرابي : ألك حاجة إلى الله جلّ وعلا ؟ قالك ك نعم إنّي رجل كثير المال ولي بنت عم ليس يولد لي منها ، فأحبّ أن تدعو الله أن يرزقني ولدا ، قال : فتوضّأ يعقوب عليه السّلام وصلى ركعتين ، ثمّ دعى الله تعالى ، فرزق له أربعة أبطن في كلّ بطن اثنان (2) .
137 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حنّان بن سدير ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي جعفر صلوات الله عليه : أخبرني عن يعقوب عليه السلام حين قال لولده : يا بنيّ اذهبوا فتجسّسوا من يوسف وأخيه ، أكان عالما بأنه حيّ ؟ قال : نعم قلت : فكيف ذلك ؟ قال : ان هبط (3) عليه ملك الموت .
قال يعقوب عليه السّلام ليوسف : حدّثني كيف صنع بك إخوتك ؟ قال : يا ابت دعني ، فقال أقسمت عليك إلاّ أخبرتني ، قال : أخذوني فأقعدوني على رأس الجبّ ، ثم
____________
(1) في ق 2 : ابن أورمة عن أحمد بن محمد بن المحسن الميثمي ، وفي البحار : عن أحمد بن محسن .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 285 ) عن كمال الدين . وراجع كمال الدين ص ( 141 ) ، برقم : ( 9 ) .
(3) في ق 1 : انه يهبط . وفي ق 3 بعد قوله : فكيف ذلك ؟ قال : كان يهبط عليه ملك الموت فسأله هل مرّ بك روح يوسف ؟ قال : لا ، نعلم حياته ، قال : اذهبوا فتحسّسوا من يوسف ، فانّه ألقي في روعي على أن يوسف احتال على أخيه . وبإسناده المذكور بأنه طلب يعقوب من يوسف إخباره بصنع إخوته ، فاستعفى فأقسم عليه ، فقال : أقعدوني على رأس الجبّ وطلبوا نزع قميصي ، فسألتهم بوجهك لا يبدوا عورتي ، فرفع فلان السكين عليّ فقال : انزع ، فصاح يعقوب ووقع مغشياً عليه ، فأفاق فطلب التّكملة فسأله بآبائه أن يكف ، فتركه .

( 135 )

قالوا لي : انزع قميصك ، قلت لهم : إنّي أسألكم بوجه يعقوب ألاّ تنزعوا قيمصي ، وتبدوا عورتي ، فرفع فلان عليّ السّكين وقال : انزع ، فصاح يعقوب عليه السلام وسقط مغشيّاً عليه ثمّ أفاق فقال : يا بنيّ كيف صنعوا بك ؟ قال : إنّي أسألك بآل إبراهيم وإسحاق وإسماعيل إلاّ أعفيتني عنه ، فتركه (1) .

فصل ـ 5 ـ
138 ـ وعن ابن بايويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علا ، عن محمد بن مسلم ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن يعقوب عليه السلام كم عاش مع يوسف بمصر بعدما جمع الله ليعقوب شمله ، وأراه تأويل رؤيا يوسف الصّادقة ؟ قال : عاش حولين ، قلت : فمن كان الحجّة في الارض ، يعقوب أم يوسف ؟ قال : كان يعقوب الحجّة ، وكان الملك ليوسف ، فلمّا مات يعقوب صلوات الله عليه حمله يوسف في تابوت إلى ارض الشّام ، فدفنه في بيت المقدس ، وكان يوسف بعد يعقوب الحجة ، قلت : فكان يوسف رسولاً نبيّاً ؟ قال : نعم أما تسمع قول الله تعالى : « ولقد جائكم يوسف من قبل بالبيّنات » (2) .
139 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن صلوات الله عليه قال : احتبس المطر عن بني إسرائيل ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن أخرج عظام يوسف من مصر ووعده نزول المطر إذا أخرج عظامه ، فسأل موسى عليه السلام عمّن يعلم موضعه ، فقيل : ها هنا عجوز تعلم علمه ، فبعث موسى إليها ، فأتي بعجوز مقعدة عمياء ، فقال لها : أتعرفين موضع قبر يوسف عليه السلام قالت : نعم ، قال : فأخبريني ، فقالت : لا ، حتّى تعطيني أربع خصال : تطلق لي رجلي ، وتعيد إليّ شبابي ، وتعيد إليّ بصري ، وتجعلني معك في الجنّة ،
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 277 ) ، برقم : ( 50 ) عن العلل مع اختلاف يسير في السّند والمتن . ( 12 | 244 ) عن تفسير القمي و( 12 | 319 ) عن العياشي ، وراجع تفسير القمي ( 1 | 357 ) .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 295 ) ، برقم : ( 77 ) ، سورة غافر : 34 .

( 136 )

فكبر ذلك على موسى ، فأوحى الله تعالى إليه : أعطها ما سألت ، فأنّك إنّما تعطي عليّ ، ففعل فدلته عليه ، فاستخرجه من شاطيء النّيل من تابوت في صندوق ، فلمّا أخرجه ذلك المطر ، فحمله إلى الشّام ، فلذلك تحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشّام .
140 ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه ، قال : لمّا صار يوسف عليه السلام إلى ما صار إليه تعرضت له امرأة العزيز ، فقال لها : من أنت ؟ قالت : أنا تيكم ، فقال لها : انصرفي فانّي ساغنيك ، قال : فبعث إليها بمائة ألف درهم (1) .
141 ـ وبهذا الأسناد عن بعض أصحابنا ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال : إنّ يوسف لما تزوّج امرأة العزيز وجدها عذراء ، فقال لها : ما حملك على الّذي صنعت ؟ قالت : ثلاث خصال : الشّباب ، والمال ، وإنّي كنت لا زوج لي ، يعني : كان الملك عنّيناً (2) .
141 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض اصحابنا يرفعه ، قال :إنّ ! امرأة العزيز احتاجت ، فقيل لها : لو تعرّضت ليوسف صلوات الله عليه ، فقعدت على الطّريق ، فلمّا مرّ بها قالت : الحمد لله الّذي جعل العبيد بطاعتهم لربّهم ملوكاً ، والحمد لله الّذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيداً ، قال : من أنت ؟ قالت : أنا زليخاً فتزوّجها (3) .

فصل ـ 6 ـ
143 ـ أخبرنا هبة الله بن دعويدار ، عن أبي عبدالله الدّوريستي ، عن جعفر بن أحمد المريسي ، عن ابن بابويه ، عن جعفر بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه عبدالله بن المغيرة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليها ، قال : استأذنت زليخا على يوسف ، فقيل لها : إنّا نخاف بقدم (4) أن تقدمي عليه لما كان منك ، قالت : أنا لا أخاف من يخاف الله ، فلمّا
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 296 ) ، برقم : ( 78 ) .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 296 ) ، برقم : ( 79 ) .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 296 ) ، برقم : ( 80 ) .
(4) أي : بجرأة وشجاعة ، وفي البحار ( 12 | 182 ) عن القصص والعلل : أنّا نكره أن تقدم .

( 137 )

دخلت عليه قال لها : يا زليخا ما لي أراك قد تغيّر لونك ، قالت : الحمد لله الّذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيداً ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكاً .
قال لها : ما الّذي دعاك إلى ما كان منك ؟ قالت : حسن وجهك يا يوسف ، قال : فكيف لو رأيت نبيّاً يقال له : محمد صلى الله عليه وآله يكون في آخر الزّمان يكون أحسن منّي وجهاً ، وأحسن منّي خلقاً ، وأسمح منّي كفّا ، قالت : صدقت ، قال : فكيف علمت أني صدقت ؟ قالت : لأنك حين ذكرته وقع حبّه في قلبي ، فأوحى الله تعالى إلى يوسف أنّها صدقت إنّي قد أحببتها لحبّها محمد صلى الله عليه وآله ، فأمره الله تعالى أن (1) يتزوّجها (2) .
144 ـ وباسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام ، قال : لما دخل يوسف صلوات الله عليه على الملك يعني نمرود ، قال : كيف أنت يا إبراهيم ؟ قال : إنّي لست بإبراهيم أنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، قال : وهو صاحب إبراهيم الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه قال : وكان أربعمائة سنة شاباً (3) .
145 ـ وباسناده عن ابن أورمة ، عن يزيد بن إسحاق ، عن يحيى الأزرق ، عن رجل ، عن الصّادق صلوات الله وسلامه عليه قال : كان رجل من بقيّة قوم عاد قد أدرك فرعون يوسف ، وكان أهل ذلك الزّمان قد ولعوا بالعادي يرمونه بالحجارة ، وأنّه أتى فرعون يوسف ، فقال : أجرني عن النّاس وأحدّثك بأعاجيب رأيتها ولا أحدّثك إلا بالحق ، فأجاره فرعون ومنعه وجالسه وحدّثه ، فوقع منه كلّ موقع ، ورآى منه أمراً جميلاً .
قال : وكان فرعون لم يتعلق على يوسف بكذبة ولا على العادي ، فقال فرعون ليوسف : هل تعلم أحداً خيراً منك ؟ قال : نعم أبي يعقوب ، قال : فلمّا قدم يعقوب عليه السّلام على فرعون حيّاه بتحية الملوك ، فأكرمه وقربه وزاده إكراماً ليوسف ، فقال فرعون ليعقوب عليه السلام : يا شيخ كم اتى عليك ؟ قال : مائة وعشرون سنة ، قال العادي : كذب فسكت
____________
(1) في أغلب النّسخ المخطوطة : ان يزوّجها .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 281 ـ 282 ) ، برقم : ( 60 ) ، وإثبات الهداة ( 1 | 197 ) في الباب ( 7 ) الفصل ( 17 ) الخبر المرقم ( 109 ) .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 42 ) ، برقم : ( 32 ) و( 12 | 296 ) ، برقم : ( 81 ) .

( 138 )

يعقوب ، وشقّ ذلك على فرعون حين كذّبه ، فقال فرعون ليعقوب عليه السلام : كم أتى عليك ؟ قال : مائة وعشرون سنة ، قال العادي : كذب ، فقال يعقوب صلوات الله وسلامه عليه : اللّهم إن كان كذب فاطرح لحيته على صدره ، قال : فسقطت لحيته على صدره فبقي واجباً (1) .
فهال ذلك فرعون وقال ليعقوب : عمدت إلى رجل أجرته فدعوت عليه ، أحبّ أن تدعو إلهك بردّه ، فدعا له فردّه الله إليه ، فقال العادي : إنّي رأيت هذا مع إبراهيم خليل الرّحمن في زمن كذا وكذا . قال يعقوب : ليس أنا الذي رأيته إنّما رأيت إسحاق ، فقال له : فمن أنت ؟ قال : أنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليهم ، فقال العادي : صدق ، ذلك الّذي رأيته ، فقال : صدق وصدقت (2) .
146 ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن محمد بن أحمد ، حدثنا موسى بن جعفر البغدادي ، عن ابن معبد (3) ، عن عبدالله الدّهقان ، عن درست ، عن أبي خالد (4) ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : دخل يوسف صلوات الله عليه السّجن وهو ابن اثني عشرة سنة ، ومكث بعدها ثمانية عشر ، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة ، فذلك مائة وعشر سنين (5) .
____________
(1) في النّسخ الخمسة المخطوطة : وحيا ، واحا ، واحبا ، وهذه الكلمة غير موجودة في البحار .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 297 ـ 298 ) ، برقم : ( 84 ) .
(3) في ق 3 و4 : عليّ بن معبد .
(4) في ق 4 : ابن خالد ، وهو غلط . والصّحيح : عن أبي خالد القماط يزيد .
(5) بحار الأنوار ( 12 | 297 ) .

( 139 )

الباب السابع

( في ذكر أيوب وشعيب عليهما السّلام )
147 ـ وأخبرنا السّيد المرتضى بن الدّاعي الحسيني ، عن جعفر الدوريستي ، عن أبيه ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ الخزّاز ، عن فضل الأشعري ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين بلا ذنب . وقال : ما سأل أيوب عليه السلام العافية في شيء من بلائه .
وقال : قال أبي صلوات الله وسلامه عليه : إنّ أيوب ابتلي من غير ذنب وانّ الأنبياء صلوات الله عليهم لا يذنبون ، لأنهم معصومون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ، وقال : إنّ الله تعالى ابتلى أيوب بلا ذنب ، فصبر حتى عيّر ، والأنبياء لا يصبرون على التّعيير (1) .
148 ـ وباسناده عن سعد بن عبدالله ، حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال ذكر أيّوب عليه السلام ، فقال : قال الله جلّ جلاله : إنّ عبدي أيّوب ما أنعم عليه بنعمة إلاّ ازداد شكراً ، فقال الشيطان : لو نصبت (2) عليه البلاء ، فابتليته كيف صبره ، فسلّطه على إبله ورقيقه ، فلم
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 350 ) ، برقم : ( 18 ) من قوله : ما سأل وخرّج ما قبله عن العلل ( 12 | 347 ) ، برقم : ( 9 ) وما بعده في نفس الجزء ص ( 348 ) برقم ( 13 ) عن الخصال إلى قوله : ولا كبيراً والبقيّة أوردها فيه ص ( 347 ) برقم ( 10 ) عن العلل .
(2) في البحار : لو صببت ـ خ .

( 140 )

يترك له شيئاً غير غلام واحد .
فأتاه الغلام فقال : يا أيّوب ما بقي من إبلك ولا من رقيقك أحد إلاّ وفد مات فقال أيوب : الحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أخذ (1) فقال الشّيطان : إنّ خيله أعجب إليه فسلّط عليها ، فلم يبق منها شيء إلاّ هلك ، فقال أيوب : الحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أخذ (2) . وكذلك ببقرة ، وغنمه ، ومزارعه ، وأرضه ، وأهله ، وولده ، حتّى مرض مرضاً شديداً .
فأتاه أصحاب له ، فقالوا يا أيّوب : ما كان أحد من النّاس في أنفسنا ولا خير علانية خيراً عندنا منك ، فلعلّ هذا لشيء كنت أسررته فيما بينك وبين ربّك لم تطلع عليه أحداً ، فابتلاك الله من أجله ، فجزع جزعاً شديداً ودعى ربّه ، فشفاه الله تعالى ورد عليه ما كان له من قيل أو كثير في الدّنيا ، قال : وسألته عن قوله تعالى : ( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة ) (3) فقال : الّذين كانوا ماتوا (4) .
149 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصّفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لمّا طال بلاء أيّوب عليه السّلام ، ورآى ابليس صبره أتى إلى أصحاب له كانوا رهباناً في الجبال ، فقال لهم : مرّوا بنا إلى هذا العبد المبتلى نسأله عن بليّته ، قال : فركبوا وجاؤوه ، فلمّا قربوا منه نفرت بغالهم فقرّبوها بعضاً إلى بعض (5) ، ثم مشوا إليه وكان فيهم شابّ حدث فسلّموا على ايّوب وقعدوا ، وقالوا : يا أيّوب لو أخبرتنا بذنبك . فلا نرى تبتلي بهذا البلاء إلاّ لأمر كنت تستره .
____________
(1) في ق 1 وق 5 : الحمد لله الذي أخذه ، وفي غيرهما من النّسخ والبحار : الحمد لله الذي أعطاه والحمد لله الّذي أخذه .
(2) في البحار هنا ذكر جملة واحدة فقط وهلي : الحمد لله الّذي أخذ وترك الأخرى وهي : الحمد لله الذي أعطى . والظّاهر وقوع السّقط .
(3) سورة ص : ( 43 ) .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 350 ) ، برقم : ( 19 ) .
(5) في بعض النّسخ : فقرّبوا بعضها من بعض .

( 141 )

قال ايوب صلوات الله عليه : وعزّة ربي إنّه ليعلم أنّي ما أكلت طعاماً قط إلا ومعي يتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة إلاّ أخذت بأشدّهما على بدني ، فقال الشّاب : سوءة لكم عمدتم إلى نبيّ الله ، فعنفتموه حتّى أظهر من عبادة ربّه ما كان يسرّه ، فعند ذلك دعا ربّه وقال : « رب إنّي مسّني الشيطان بنصب وعذاب » (1) .
وقال : قيل لأيّوب صلوات الله عليه بعدما عافاه الله تعالى : أيّ شيء أشدّ ممّا مرّ عليك ؟ قال : شماتة الاعداء (2) .

فصل ـ 1 ـ
150 ـ وباسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : أمطر الله على أيوب من السماء فراشا من ذهب ، فجعل أيوب صلوات الله عليه يأخذ ما كان خارجاً من داره فيدخله داره ، فقال جبرئيل عليه السلام : أما تشبع يا أيّوب ؟ قال : ومن يشبع من فضل ربّه (3) .
151 ـ وبالاسناد المتقدم عن وهب بن منبّه : انّ أيّوب كان في زمن يعقوب بن إسحاق صلوات الله عليهم ، وكان صهراً له ، تحته ابنة يعقوب يقال لها : إليا ، وكان أبوه ممّن آمن بإبراهيم صلوات الله عليه ، وكانت أم أيّوب ابنة لوط ، وكان لوط جدّ أيّوب صلوات الله وسلامه عليهما أبا أمّه .
ولما استحكم البلاء على أيوب من كل وجه صبرت عليه امرأته ، فحسدها إبليس على ملازمتها بالخدمة ، وكانت بنت يعقوب ، فقال لها : ألست اُخت يوسف الصّديق ؟ قالت : بلى ، قال : فما هذا الجهد وهذه البليّة التي أراكم فيها ؟ قالت : هو الّذي فعل بنا ليأجرنا بفضله علينا ، لأنّه أعطاء بفضله منعماً ثم أخذه ليبتلينا ، فهل رأيت منعما أفضل منه ؟ فعلى إعطائه نشكره ، وعلى ابتلائه نحمده ، فقد جعل لنا الحسنيين كلتيهما ، فابتلاه ليرى صبرنا ، ولا نجد على الصّبر قوّة إلاّ بمعونته وتوفيقه ، فله الحمد والمنّة على ما أولانا وابلانا ،
____________
(1) سورة ص : ( 41 ) .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 351 ـ 352 ) ، برقم : ( 21 ) .
(3) بحار الانوار ( 12 | 352 ) ، برقم : ( 22 ) .

( 142 )

فقال لها : أخطأت خطأ عظيماً ليس من هيهنا ألحّ عليكم البلاء وأدخل عليها شبها دفعتها كلّها .
وانصرفت إلى أيّوب صلوات الله عليه مسرعة وحكت له ما قال اللّعين فقال أيّوب : القائل إبليس لقد حرص على قتلي ، إنّي لأقم بالله لا جلدنّك مائة لم أضغيت إليه إن شفاني (1) الله (2) .
152 ـ قال وهب : قال ابن عباس : فأحيى الله لهما أولادهما وأموالهما وردّ عليه كلّ شيء لهما بعينه ، وأوحى الله تعالى إليه : وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ، فأخذ ضغثاً من قضبان وقاف من شجرة يقال لها : الثّمام ، فبرّ به يمينه وضربها ضربة واحدة ، وقيل : أخذ عشرة منها فضربها بها عشر مرّات ، وكان عمر أيّوب ثلاثاً وسبعين قبل أن بصيبه البلاء ، فزادها الله مثلها ثلاثاً وسبعين سنة أخرى (3) .

فصل ـ 2 ـ
( في نبوّة شعيب عليه السلام )
153 ـ أخبرنا السيّد ذوالفقار بين معبد الحسيني ، عن الشّيخ أبي جعفر الطّوسي ، عن الشّيخ المفيد ، عن ابي جعفر بن بابويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدّثنا علي بن الحسين السّعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام ، عن سعد الإسكافي ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال : إنّ أوّل من عمل المكيال والميزان شعيب النّبي عليه السلام عمله بيده ، فكانوا يكيلون ويوفون ، ثمّ إنّهم بعد طفّفوا في المكيال وبخسوا في الميزان « فأخذتهم الرّجفة » فعذّبوا بها « فأصبحوا في ديارهم جاثمين » (4) .
154 ـ وبهذا الاسناد عن ابن محبوب ، عن يحيى بن زكريّا ، عن سهل بن سعيد ،
____________
(1) في بعض النسخ : عافاني .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 352 ) ، برقم : ( 32 ) .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 352 ) من السّطر ( 18 ) إلى آخر الصّفحة .
(4) بحار الانوار ( 12 | 382 ) ، برقم : ( 6 ) والآية في سورة الأعراف : ( 78 ) .

( 143 )

قال : بعثني هشام بن عبد الملك أستخرج له بئراً في رصافة عبد الملك فحفرنا منها مائتي قامة ، ثمّ بدت لنا جمجمة رجل طويل ، فحفرنا ما حولها فإذا رجل قائم على صخرة عظيمة عليه ثياب بيض ، وإذا كفّه اليمنى على رأسه على موضع ضربة برأسه ، فكنّا إذا نجّينا يده عن رأسه سالت الدّماء ، وإذا تركناها عادت فسدّت الجرح ، وإذا في ثوبه مكتوب : أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله شعيب النبي عليه السلام إلى قومه (1) فضربوني وأضّروا بي طرحوني في هذا الجبّ وهالوا عليّ التّراب فكتبنا إلى هشام بما رأيناه فكتب : أعيدوا عليه التّراب كما كان واحتفروا في مكان آخر (2) .
155 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه إبراهيم بن هشام ، عن عليّ بن معبد ، عن عليّ بن عبد العزيز ، عن يحيى بن بشير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه ، قال : بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي عليه السلام ، فأشخصه إلى الشّام ، فلمّا دخل عليه قال له : يا أبا جعفر إنّما بعثت إليك لا سألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري ، ولا ينبغي أن يعرف هذه المسألة إلاّ رجل واحد ، فقال له أبي : يسألني أمير المؤمنين عمّا أحبّ ، فان علمت أجبته ، وإن لم أعلم قلت : لا أدري وكان الصّدق أولى بي .
فقال هشام : أخبرني عن اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب ، بما استدلّ الغائب (3) عن المصر الّذي قتل فيه على ذلك ؟ وما كانت العلامة فيه للنّاس ؟ وأخبرني هل كانت لغيره في قتله عبرة ؟ فقال له أبي : أنّه لمّا كانت اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ صلوات الله عليه لم يرفع عن وجه الارض حجرٌ إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّى طلع الفجر ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي فقد فيها هارون أخو موسى عليهما السلام ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي رفع فيها عيسى بن مريم عليهما السلام ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين صلوات الله عليه .
____________
(1) في البحار : أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله إلى قومه .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 383 ) ، برقم : ( 7 ) .
(3) في جميع النّسخ : الكاتب عن المصر الّذي قتل فيه عليّ . وهي ناقصة حتّى نسخة البحار والصّحيح ما وضعناه في المتن اكتمالاً عن نسخة إثبات الهداة .