( ما رواه الحميري والصدوق في حقه )

عن الحميري في كتاب الدلائل أنه روى عن عبد الرحمن بن سعيد عن رجل من بني هاشم قال كنا عند الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل الكوفة فقال عليه السلام للكوفي أتروي شيئا من طرائف الشعر فأنشد

لعمرك ما أن أبـو مالـك * بـوان ولا بضعيـف قـواه
ولا بالالــد لــه مازع * يمـاري أخـاه إذا ما نهـاه
ولكـنـه هيــن ليــن * كعالية الرمـح عـردنسـاه
اذا سدتـه سدت مطواعـة * ومهمـا وكلت اليـه كفــاه
الا من ينـادي أبـا مالـك * أفي أمرنـا هو أم في سـواه
أبو مالـك قاصـر فقـره * علـى نفسه ومشيـع غنـاه

فوضع الامام يده الشريفة على كتف أخيه زيد بن علي وكان جالسا بجنبه وقال هذه صفتك يا أخي وأعيذك بالله أن تكون قتيل أهل العراق.
وفي أمالي اصدوق في المجلس العاشر حدثنا الحسن بن عبد الله ابن سعيد العسكري حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثنا الاشعث ابن محمد الضبي حدثني شعيب بن عمر عن أبيه عن جابر الجعفي قال دخلت على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام وعنده زيد أخوه فدخل عليه معروف بن خربوذ المكي فقال له أبو جعفر (ع)


( 23 )

يا معروف انشدني من طرائف ما عندك فأنشده

لعمرك ما إن أبو مالك * بوان ولا بضعيف قواه
ولا بالألد لدى قولــه * يعادي الحكيم إذا ما نهاه
ولكنـه سيــد بـارع * كريم الطبائـع حلو ثناه
إذا سدته سدت مطوّاعة * ومهمـا وكلت إليه كفاه

قال فوضع محمد بن علي (ع) يده على كتفي زيد فقال هذه صفتك يا أبا الحسين ورواه الصدوق في العيون مثله سندا ومتنا وروى الصدوق في الامالي أيضا في الحديث (11) من المجلس 54 بسنده عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال إني لجالس عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام إذا قبل زيد بن علي عليه السلام فلما نظر إليه أبو جعفر عليه السلام وهو مقبل قال هذا سيد من سادات أهل بيته والطالب باوتارهم لقد انجبت أم ولدتك زيد وفي أمالي الصدوق أيضا في المجلس العاشر حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق حدثنا علي بن الحسين القاضي العلوي العباسي حدثني الحسن بن علي الناصر قدس الله روحه حدثني أحمد بن رشد عن عمه أبي معمر سعيد بن خثيم عن أخيه معمر كنت جالسا عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فجاء زيد بن علي بن الحسين عليه السلام فأخذ بعضادتي الباب فقال له الصادق (ع) يا عم أعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة فقالت له أم زيد والله ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني فقال (ع) يا ليته حسد ثلاثا ثم قال حدثني


( 24 )

أبي عن جدي أنه يخرج من ولده رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة يخرج من قبره نبشا تفتح لورحه أبواب السماء يبتهج به أهل السماوات الحديث . ومر مثله عن الصدوق في العيون . وفي أمالي الصدوق في المجلس 53 الحديث 9 حدثنا أحمد بن هرون الفامي رضي الله عنه حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن علوان عن عمرو ابن ثابت عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسين يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطأ هو أصحابه رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بلا حساب ومر مثله عن الصدوق في العيون.

[ ما رواه أبو ولاد الكاهلي ]

في الرياض ـ ولم يتيسر لي معرفة مصدره ـ ما صورته : عن أبي ولاد الكاهلي قال لي الصادق عليه السلام أرأيت عمي زيدا قلت نعم رأيته مصلوبا ورأيت الناس بين شامت حنق وبين محزون محترق قال أما الثاني فمعه في الجنة وأما الشامت فشريك في دمه.

[ ما رواه الحسن بن راشد ]

في الرياض أيضا ـ ولم يتيسر لي معرفة مصدره ـ : روى


( 25 )

الحسن بن راشد قال ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند ابي عبد الله (ع) فقال لا تفعل رحم الله عمي زيدا فإنه أتى الى أبي فقال إني أريد الخروج على هذا الطاغية فقال لا تفعل يا زيد فإني أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة الحديث . فنهيه إنما كان شفقة عليه ولذا لم يرض بتنقصه وترحم عليه .

( ما روي مما يوهم القدح فيه )

قال الفاضل المازندراني في حاشية الكافي : أعلم إن الروايات في مدح زيد وذمه مختلفة وروايات المدح أكثر مع إن روايات الذم لا تخلو من علة فمن الروايات التي توهم الذم ما رواه الكشي في رجاله بسنده عن أبي خالد القماط قال لي رجل من الزيدية أيام زيد ما منعك أن تخرج مع زيد قلت له إن كان أحد في الأرض مفروض الطاعة فالخارج قبله هالك وإن كان ليس في الأرض مفروض الطاعة فالخارج والجالس موسع لهما فلم يرد علي بشيء فأخبرت أبا عبدالله عليه السلام بما يقال لي وبما قلت له وكان متكئا فجلس ثم قال أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ولم تجعل له مخرجا . ( والجواب ) عن هذا الحديث إن الخارج إنما يكون هالكا إذا خرج مدعيا الامامة لنفسه وزيد إنما خرج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داعيا إلى الرضا من آل محمد.
وروى الكشي أيضا في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة بسنده


( 26 )

عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال دخل أبي وعلقمة على زيد بن علي وكان بلغهما إنه قال ليس الامام منا من أرخى عليه ستره إنما الإمام من شهر سيفه فقال له أبو بكر يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه قال وكان زيد يبصر الكلام فسكت ولم يجبه فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشيء فقال له أبو بكر إن كان علي بن أبي طالب إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك ها هنا فطلب إليه علقمة إن يكف عنه فكف عنه.
والجواب عنه كالجواب عن حديث أبي مالك الاحمسي الآتي وغيره وفي المناقب عن زرارة بن أعين قال لي زيد بن علي عند الصادق عليه السلام ما تقول في رجل من آل محمد استنصرك فقلت إن كان مفروض الطاعة نصرته وإن كان غير مفروض الطاعة فلي أن أفعل ولي أن لا أفعل فقال أبو عبد الله لما خرج زيد أخذته والله من بين يديه ومن خلفه ولم تدع له مخرجا . وهذا الحديث أيضا لا دلالة فيه على أن زيدا كان يدعي الامامة .
وفيه عن أبي مالك الأحمسي قال زيد بن علي لصاحب الطلق تزعم ان في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروفا بعينه قال نعم وكان أبوك أحدهم قال ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول المضغة فيبردها ثم


( 27 )

يلقمنيها أفتراه كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار فيقول لي إذا أنا مت فاسمع وأطع لأخيك محمد الباقر إبني فإنه الحجة عليك ولا يدعني أموت ميتة جاهلية فقال كره أن يقول لك فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد ولا يكون له فيك شفاعة فتركك مرجئا لله فيك المشيئة وله فيك الشفاعة ثم قال أنتم أفضل أم الأنبياء قال بل الأنبياء قال يقول يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا لم يخبرهم حتى لا يكيدوا له كيداً ولكن كتمهم وكذا أبوك كتمك لأنه خاف منك على محمد إن هو أخبرك بموضعه من قبله وبما خصه الله فتكيد له كيدا كما خاف يعقوب على يوسف من إخوته الحديث وهذا الحديث مع فرض صحة سنده معارض بالاخبار الكثيرة المستفيضة المتقدمة الدالة على إحترام زيد لأخيه الباقر وإعترافه بامامته وعلى إحترامه لابن أخيه الصادق وإعترافه بامامته وإحترام الصادق له وحزنه لقتله وتفريقه المال في عيال من قتل معه . وفي الكافي في باب الاضطرار الى الحجة من كتاب الحجة الحديث الخامس عدة من أصحابنا عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان أخبرني الاحوال أن زيد ابن علي بن الحسين عليهما الاسلام بعث إليه وهو مستخف قال فأتيته فقال لي يا أبا جعفر ما تقول إذا ( ان ) طرقك طارق منا أتخرج معه فقلت له إن كان أباك أو أخاك خرجت معه فقال لي فأنا أريد أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم فأخرج معي قلت لا ما أفعل جعلت فداك


( 28 )

فقال لي أترغب بنفسك عن فقلت له إنما هي نفس واحدة فإن كان لله في الأرض حجة فالمتخلف عنك ناج والخارج معك هالك وإن لم يكن لله حجة في الأرض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء فقال لي يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة ويبرد لي اللقمة الحارة شفقة علي ولم يشفق علي من حر النار إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به فقلت له جعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار وأخبرني أنا فإن قبلت نجوت وإن لم أقبل لم يبال ان أدخل النار ثم قلت له جعلت فداك أنتم أفضل أم الأنبياء قال بل الأنبياء قلت يقول يعقوب ليوسف عليهما السلام يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ثم لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه ولكن كتمهم ذلك فكذا أبوك كتمك لأنه خاف عليك فقال أما والله لئن قلت ذلك لقد حدثني صاحبك بالمدينة إني أقتل وأصلب بالكناسة وان عنده صحيفة فيها قتلي وصلبي فحججت فحدثت أبا عبد الله عليه السلام بمقالة زيد وما قلت له فقال لي أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه ولم تترك له مسلكا بسلكه . وهذا الحديث ليس فيه ان زيدا ادعى الامامة وإنما فيه إنه دعا مؤمن الطاق للخروج معه حيث عزم على الخروج على أئمة الجور وظاهره أنه كان مصدقا بما أخبره به الصادق عليه السلام من قتله وصلبه لكن تعبيره عنه بصاحبك ربما ينافي بظاهره تصديقه بامامته


( 29 )

الا أن هذا الظاهر لا يعارض التصريح فيما مر بتصديقه بامامته وأما قول الصادق عليه السلام هنا وفي بعض ما مر أخذته من بين يديه الخ فإنما يراد به أخذته في طلبه منك الخروج معه والله أعلم .
وفي الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل بسنده عن موسى بن بكر عمن حدثه ان زيد بن علي بن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن علي (ع) ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها الى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج فقال له أبو جعفر هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم اليه فقال بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله (ص) ولما يجدون في كتاب الله عز وجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء فقال له أبو جعفر عليه السلام إن الطاعة مفروضة من الله عز وجل وسنة أمضاها في الاولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع وأمر الله يجري لاوليائه بحكم وصول وقضاء مفصول وحتم مقتضي وقدر مقدور وأجل مسمى لوقت معلوم فلا يستخفنك الذين لا يوقنون أنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فلا تعجل ان الله لا يعجل لعجلة العباد ولا تستبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك فغضب زيد عند ذلك ثم قال ليس الامام منا من جلس في بيته وارخى ستره وثبط (1) عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته وجاهد
____________
(1) ثبط بفتح الثاء وكسر الباء أي ثقل وبطىء ـ المؤلف ـ
( 30 )

في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه قال ابو جعفر هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو يضرب به مثلا فإن الله عز وجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الامام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله وقد قال لله عز وجل في الصيد ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله عز وجل وجعل لكل شيء محلا وقال الله عز وجل فإذا حللتم فاصطادوا وقال عز وجل لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله ثم قال تبارك وتعالى فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فجعل لذلك محلا وقال ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله فجعل لكل شيء محلا ولكل أجل كتابا فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ولا تتعاط زوال ملك لم ينقض أكله ولم ينقطع مداهولم يبلغ الكتاب أجله فلو قد بلغ مداه وانقطع أكله وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفضل وتتابع النظام ولا عقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار (1) أعوذ بالله
____________
(1) هذا الكلام لا يخلو من أغلاق ولعل لذلك لم يفسره المازندراني ـ
( 31 )

من امام ضل عن وقته فكان التابع فيه أعلم من المتبوع (1) أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا لسواءهم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله واعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم أرفضت عيناه وسالت دموعه ثم قال الله بيننا وبين من الله ولا عهد من رسوله وأعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه ثم قال الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وافشى سرنا ونسبنا الى غير جدنا (2) وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا (3) وهذا الحديث مع ضعف سنده ليس فيه إلا أن زيدا قال ان الامام من خرج بالسيف ولم يرخ ستره ويقعد في بيته وهذه هي مقالة الزيدية وقد أقام عليه أخوه الباقر (ع) الحجة الواضحة والبرهان القاطع وفند ما قاله بما لا مزيد عليه ولم يظهر من زيد أنه بقي مصرا على رأيه ولكنه مع ذلك خرج إلا ان خروجه ـ كما دلت عليه الروايات الاخرى ـ لم يكن لدعواه الامامة بل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالمين . وفي الرياض
____________
ـ ولعله وقع فيه تحريف وان كان حاصله معلوما وهو أنه اذا انتهت مدة الملك وقع فيه الخلل وأمكن للغير الاستيلاء عليه وأعقب الله في الملك والرعية الذل والصغار.
(1) هذا الكلام رد على من يجوز عدم عصمة للامام وعدم كونه اعلم رعيته.
(2) قال الفاضل المازندراني المراد النسبة المعنوية وهي النسبة في العلم والعمل ورياسة الدارين وأما النسبة الصورية فالظاهر أنه لم ينكرها أحد.
(3) اشارة الى الغلاة ـ المؤلف ـ

( 32 )

روي الشيخ حسين بن عبد الوهاب المعاصر للشيخ الطوسي في كتاب عيون المعجزات ان زيد بن علي مر بأخيه الباقر فقال لاصحابه ترون أخي هذا والله أنه يدعي ما ليس له ويدعو الناس الى نفسه الحديث قال وروى أيضا في ذلك الكتاب في ضمن حديث وصية الباقر أنه قال لابنه أبي عبدالله عليه السلام ان زيدا أخي سيدعو بعدي الى نفسه فدعه ولا تنازعه فإنه يدعو ويخرج ويقتل ثالث يوم خروجه . وقد عرفت أنه لم يدع الى نفسه وإنما أخرجه اهتضام بني أمية له فخرج ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وصورة مبايعته الاتية تدل على ذلك . ولنا جواب واحد عن جميع هذه الاخبار بعد تسليم سندها هو أن ما دل على مدحه أكثر وأشهر ومعتضد بقرائن أخر.
وفي المناقب سأل زيدي الشيخ المفيد واراد الفتنة فقال بأي فشيء ( نبأ ) استجزت أنكار إمامة زيد فقال أنك قد ظننت علي ظنا باطلا وقولي في زيد لا يخالفني فيه أحد من الزيدية فقال وما مذهبك فيه قال أثبت في إمامته ما تثبته الزيدية وأنفي عنه من ذلك ما تنفيه وأقول كان إماما في العلم والزهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنفي عنه الإمامة الموجبة لصاحبها العصمة والنص والمعجز فهذا ما لا يخالفني فيه أحد.


( 33 )

( عبادته )

عن تفسير فرات بن ابراهيم أنه روى عن سعيد بن جبير أنه قال قلت لمحمد بن خالد كيف قلوب أهل العراق مع زيد بن علي فقال لا أحدثك عن أهل العراق لكن أحدثك عن رجل يسمى النازلي بالمدينة قال صحبت زيدا ما بين مكة والمدينة وكان يصلي الفريضة ثم يصل ما بين الصلاة الى الصلاة ويصلي الليل كله ويكثر التسبيح ويكرر هذه الآية : وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد فصلى ليلة معي وقرأ هذه الآية الى قريب نصف الليل فانتبهت من نومي فإذا أنا به ماد يديه نحو السماء وهو يقول : الهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ثم انتحب فقمت اليه وقلت يا ابن رسول الله لقد جزءت في ليلتك هذه جزعا ما كنت أعرفه فقال ويحك يا نازلي أني نمت هذه الليلة وأنا ساجد فرأيت جماعة عليهم لباس لم أر أحسن منه فجلسوا حولي وأنا ساجد فقال رئيسهم هل هو هذا فقالوا نعم فقالوا أبشر يا زيد فإنك مقتول في الله ومصلوب ومحروق بالنار ولا تمسك النار بعدها أبدا فانتبهت وأنا فزع.
ومر قول يحيى بن زيد رحم الله أبي كان والله أحد المتعبدين قائم ليله صائم نهاره . وروى الخزاز في كفاية النصوص بسنده عن المتوكل بن هرون عن يحيى بن زيد أنه قال له في حديث يا أبا عبد الله


( 34 )

إني أخبرك عن أبي عليه السلام وزهده وعبادته أنه كان يصلي في نهاره ما شاء الله فاذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء الله ثم يقوم قائما على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر سجد سجدة ثم يصلي الفجر ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار ثم يذهب لقضاء حوائجه فاذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاه واشتغل بالتسبيح والتمجيد للرب المجيد فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس ثم يصلي العصر ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة فاذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء فقلت هل كان يصوم دائما قال لا ولكنه يصوم في كل سنة ثلاثة أشهر وفي كل شهر ثلاثة أيام ثم أخرج إلي صحيفة كاملة فيها أدعية علي بن الحسين عليه السلام ومر قول عاصم رأيته يذكر الله عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل ما يرجع الى الدنيا وأنه أثر السجود بوجهه.

( قراءته )

لزيد قراءة مشهورة معروفة الف فيها بعض العلماء مؤلفا ففي كشف الظنون ج2 ص624 كتاب النير الجلي في قراءة زيد ابن علي لأبي علي الاهوازي المقري وفي عمدة الطالب كان الحسين ذو الدمعة يحفظ القران وكذا آباؤه الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهذه فضيلة حسنة ورأيت بعض النسابين قد ذكر أن


( 35 )

الاب كان يلقن الابن منه الى أمير المؤمنين علي (ع) وهذا مشكل لأن الحسين ذا الدمعة كان يوم قتل أبوه ابن سبع سنين ويبعد أن يكون في هذا السن قد تلقن القرآن من أبيه زيدا ( وأقول ) لا بعد فيه فإن ابن سبع قابل لذلك بالتجارب وفي مسودة الكتاب : ولزيد قراءة جده أمير المؤمنين قال عمر بن موسى الرحبي الزيدي في كتاب قراءة زيد هذه القراءة سمعتها من زيد بن علي بن الحسين وما رأيت أعلم بكتاب الله منه الخ.

( براءته من دعوى الامامة )

مر عن المفيد أنه اعتقد كثير من الشيعة فيه الامامة لخروجه يدعو الى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فظنوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه الباقر عليه السلام للامامة من قبله ووصية أخيه الباقر عند وفاته الى ولده الصادق عليه السلام ( وعن رياض الجنة ) ما تعريبه أن زيد بن علي كان دائما في فكر الانتقام والأخذ بثأر جده الحسين عليه السلام ومن هذه الجهة توهم بعضهم أنه ادعى الإمامة وهذا الظن خطأ لأنه كان عادفا برتبة أخيه وكان حاضرا في وقت وصية أبيه ووضع أخيه في مكانه وكان متيقنا أن الامامة لأخيه وبعده للصادق عليه السلام وعن السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد النيلي النجفي رضوان الله عليه في كتابه الأنوار المضيئة أنه قال زعم طوائف ممن لا رشد لهم أن زيد ابن


( 36 )

علي بن الحسين عليهم السلام خرج يدعو لنفسه وقد افتروا عليه الكذب وبهتوه بما لم يدعه لأنه كان عين إخوته بعد أبي جعفر عليه السلام وأفضلهم ورعا وفقها وسخاء وشجاعة وعلما وزهدا وكان يدعى حليف القرآن وحيث أنه خرج بالسيف ودعا الى الرضا من آل محمد زعم كثير من الناس لا سيما جهال أهل الكوفة هذا الزعم وتوهموا أنه دعا الىنفسه ولم يكن يريدها له لمعرفته باستحقاق أخيه الامامة من قبله وابن أخيه لوصية أخيه اليه بها من بعده الى أن قال وقد انتشرت الزيدية فكثروا وهم الان بها من بعده الى أن قال وقد انتشرت الزيدية فكثروا وهم الان طوائف كثيرة في كل صقع أكثرهم باليمن ومكة وكيلان.

( بعض النصوص الواردة عن زيد بامامة الأئمة الاثني عشر )

روى الصدوق في الامالي في المجلس 181 عن عمرو بن خالد قال زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه وفي كفاية الأثر ص86 عن محمد بن بكير في حديث يا ابن بكير بنا عرف الله وبنا عبدالله ونحن السبيل الى الله ومنا المصطفى ومنا المرتضى ومنا يكون المهدي قائم هذه الأمة فقال ابن بكير يا ابن رسول الله هل عهد اليكم رسول الله متى يقوم قائمكم قال يا ابن بكير أنك لن تلحقه وان هذا الامر يكون بعد ستة من الأوصياء بعد هذا ثم يجعل الله


( 37 )

خروج قائمنا فيملاؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما قلت يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الأمر فقال أنا من العترة ثم زارني فقلت يا ابن رسول الله هذا الذي قلته عن علم منك أو نقلته عن رسول الله فقال لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله (ص) ثم أنشأ يقوم :

نحن سـادات قريــش * وقـوام الحــق فينــا
نحن الانــوار التــي * من قبــل كون الخلق كنا
نحن من المصطفـى الـ * مختــار والمهـدي منـا
فبنا قــد عــرف الله * وبـالحــق أقـمـنــا
سوف يصــلاه سميرا * من تولــى اليــوم عنا

وفي كفاية الاثر أيضا عن قاسم بن خليفة عن يحيى بن زيد أنه قال سألت أبي عن الأئمة فقال الأئمة اثنا عشر أربعة من الماضين وثمانية من الباقين فقلت سمهم يا أبة قال أما الماضون فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومن الباقين أخي الباقر وبعده جعفر الصادق وبعده موسى ابنه وبعده علي ابنه وبعده محمد ابنه وبعده علي ابنه وبعده الحسن ابنه وبعده المهدي فقلت له يا أبة ألست منهم قال ولا ولكني من العترة قلت فمن أين عرفت اساميهم قال عهد معهود عهده الينا رسول الله (ص) . ونسب الى زيد هذه الابيات وأوردها ابن شهر آشوب في المناقب :

ثوى باقر العلم في ملحـد * امـام الورى طيب المولد


( 38 )

فمن لي سوى جعفر بعـده * امام الورى الاوحد الامجد
أيا جعفر الخير أنت الإمام * وأنت المرجـى لبلوى غد

وفي كفاية الاثر عن المتوكل بن هرون في حديث قلت ليحيى بن زيد يا ابن رسول الله ان أباك قام بدعوى الامامة وخرج مجاهدا في سبيل الله وقد جاء عن رسول الله (ص) أنه ذم من خرج مدعيا للامامة كاذبا فقال مه يا ابا عبد الله ان ابي كان أعقل من أن يدعي ما ليس له بحق وإنما قال أدعوكم الى الرضا من آل محمد عني بذلك ابن عمي جعفرا قلت فهو اليوم صاحب هذا الأمر قال نعم هو أفقه بني هاشم وفيها أيضا بعد نقل النصوص الواردة عن زيد بن علي في إمامة الأئمة عليهم السلام قال فإن قال قائل فزيد بن علي عليه السلام إذا سمع هذه الأحاديث من الثقات المعصومين وآمن بها واعتقدها فلم خرج بالسيف وادعى الإمامة لنفسه وأظهر الخلاف على جعفر ابن محمد عليهما السلام وهو بالمحل الشريف الجليل معروف بالسنن والصلاح مشهور عند الخاص والعام بالعلم والزهد وهذا لا يفعله إلا معاند جاحد وحاشا زيدا أن يكون بهذا المحل فأقول في ذلك وبالله التوفيق ان زيد بن علي خرج على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن محمد وإنما وقع الخلاف من جهة الناس وذلك أن زيد بن علي لما خرج ولم يخرج جعفر بن محمد عليه السلام توهم قوم من الشيعة أن امتناع جعفر للمخالفة وإنما كان لضرب من التدبير فلما رأى الذين صاروا للزيدية


( 39 )

سلفا ذلك قالوا ليس الامام من جلس في بيته واغلق بابه وأرخى ستره وإنما الإمام من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فهذان سبب وقوع الخلاف بين الشيعة وأما جعفر عليه السلام وزيد فما كان بينهما خلاف والدليل على صحة قولنا قول زيد بن علي من أراد الجهاد فإلي ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر ولو ادعى الإمامة لنفسه لم ينف كمال العلم عن نفسه إذا كان الامام أعلم من الرعية ومن مشهور قول جعفر بن محمد رحم الله عمي زيدا لو ظفر لوفى إنما دعى الرضا من آل محمد وإنا الرضا قال السيد علي خان الحويزي في نكث البيان بعد نقل خبر فضيل بن يسار في شهادة زيد عليه الرحمة : وقد دل هذا الحديث على أن زيدا رحمه الله في أعلى المراتب من رضى الأئمة الطاهرين وإنه من خلص المؤمنين وانه من الأعزة عند المعصومين وكذلك ما ورد في حقه ومدحه والتحزن عليه وعلى ما أصابه في غير هذا الحديث عن أهل البيت عليهم السلام من أحاديث كثيرة ولا شك أنه لم يحصل له من الإمام عليه السلام نهي صريح عن الخروج كما ينبئ عن ذلك مدحهم له وإظهار الرضا عنه وهو لم يخرج إلا لما ناله من الضيم من عتاث بني امية ولاريب أن قصده ونيته أن استقام له الأمر إرجاع الحق إلى أهله ويدل على ذلك رضاهم عنه الى آخر كلامه.