قال ابن الاثير وكانت بيعته إنا ندعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله وعليه وسلّم وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين واعطاء المحرومين وقسم هذا الفيء بين أهله بالسواء ورد المظالم ونصره أهل البيت أتبايعون على ذلك فإذا قالوا نعم وضع يده على أيديهم ويقول عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلّم لتفين ببيعتي ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي في السر والعلانية فاذا قال نعم مسح يده على يده ثم قال اللهم أشهد قال أبو الفرج وأقام بالكوفة بضعة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا منها شهران بالبصرة والباقي بالكوفة ثم خرج وأرسل دعاته الى الآفاق والكور يدعون الناس الى بيعته قال ابن الاثير فشاع أمره في الناس على قول من زعم أنه أتى الكوفة من الشام وأختفى بها يبايع الناس وأما على قول من زعم أنه أتى الى يوسف بن عمر لموافقة خالد بن عبدالله القسري أو ابنه يزيد بن خالد فإن زيدا أقام بالكوفة ظاهرا ومعه داود بن علي وأقبلت الشيعة تختلف الى زيد وتأمره بالخروج ويقولون انا لنرجو أن تكون أنت المنصور وان هذا الزمان هو الذي يهلك فيه بنو أمية فأقام بالكوفة وجعل يوسف ابن عمر يسأل عنه فيقال هو هاهنا ويبعث اليه ليسير فيقول نعم ويعتل بالوجع فمكث ما شاء الله ثم أرسل اليه يوسف ليسير فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبدالله لملك بينهما بالمدينة فأرسل إليه
وكان خروجه بالكوفة في ولاية يوسف بن عمر بن أبي عقيل الثقفي العراق لهشام بن عبد الملك في الشذرات ويوسف هذا هو
عن فرحة الغري : روي عن أبي حمزة الثمالي قال كنت أزور علي بن الحسين عليهما السلام في كل سنة مرة في وقت الحج فزرته سنة فرأيت على ركبته ولدا جالسا ثم نهض الى نحو باب الدار فوقع فجرح رأسه
وجرى دمه فقام الامام عليه السلام مسرعا وحمله ومسح الدم عن رأسه وقال يا بني أعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة فقلت فداك أبي وأمي أي كناسة هذه قال كناسة الكوفة فقلت جعلت فداك هذه الواقعة من المحتوم فقال أي والذي بعث محمداً بالحق أن عشت بعدي لترين هذا الغلام في ناحية من نواحي الكوفة مقتولا مدفونا منبوشا مسلوبا مسحوبا مصلوباً في الكناسة قال أبو حمزة جعلت فداك ما اسم هذا الغلام فقال زيد ابني ثم بكى قال أبو حمزة والله ما لبثت الا برهة حتى رأيت زيدا بالكوفة في دار معوية ابن اسحق فجئت اليه وسلمت عليه وقلت جعلت فدا ما اقدمك هذا البلد قال انتقل الى دور بارق وبني هلال فوالله لقد رأيت زيدا مقتولا ومدفونا ومنبوشا ومسلوبا ومسحوبا ومصلوبا ثم أحرق وذري رماده في الهواء.
وروي أبو الفرج في المقاتل بسنده عن خالد مولى آل الزبير
في أمالي الصدوق في الحديث العاشر من المجلس 54 بسنده عن عون بن عبدالله كنت مع محمد بن علي بن الحنفية في فناء داره فمر به زيد بن الحسن فرفع طرفه اليه ثم قال ليقتلن من ولد الحسين رجل يقال له زيد بن علي وليصلبن بالعراق من نظر الى عورته فلم ينصره أكبه الله على وجهه في النار.
وروى ابو الفرج في المقاتل بسنده عن محمد بن الحنفية مر زيد ابن علي بن الحسين على محمد ابن الحنفية فرق له وأجلسه وقال أعيذك بالله يا ابن أخي أن تكون زيدا المصلوب
قال ابو الفرج وابن الاثير فلما دنا خروجه أمر أصحابه بالاستعداد والتهيؤ فجعل من يريد أن يفي له يستعد وشاع ذلك قال ابوالفرج فانطلق سليمان بن سراقة الباقي فأخبر يوسف بن عمر خبر يد فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين الذين سعي اليه أنه عندهما فأتي بهما يوسف فلما كلمهما استبان أمر زيد وأصحابه وأمر بهما يوسف فضربت أعناقهما وبلغ الخبر زيدا فتخوف أن يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الاجل الذي بينه وبين أهل الأمصار وكان قد وعد أصحابه ليلة الاربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 فخرج قبل الاجل فلما حققت الراية على رأسه قال الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله اني كنت أستحيي من رسول الله (ص) أن أرد عليه الحوض ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فأمر الحكم بن الصلت أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الاعظم فيحصرهم فه فبعث الحكم الى العرفاء (1).
وقال ابن عساكر في حديث عن ضمرة بن ربيعة أن يوسف بن عمر لما علم بخروج زيد أمر بالصلاة جامعة وبأن من لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الامر ثم نرجع فلما اجتمع الناس أمر بالابواب فأخذ بها وبنى عليهم وأمر الخبل فجالت في أزقة الكوفة فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام يتناوبهم الشرط والحرس فخرج زيد على تلك الحال.
وقال أبو الفرج في حديثه وطلبوا زيدا في دار معوية ابن اسحق فخرج ليلا وذلك ليلة الاربعاء لسبع بقين من المحرم في ليلة شديدة البرد من دار معوية بن اسحق فرفعوا الهرادي (5) فيها النيران ونادوا بشعارهم شعار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا منصور أمت فما زالوا كذلك
وقال المسعودي حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فأتي بحجام
وقال ابو الفرج قال القوم أين ندفنه وأين نواريه ( خوفا من بني أمية وعمالهم أن يمثلوا به لما يعلمون من خبث سرائرهم وعادتهم في التمثيل التي ابتدأت من يوم أحد ) فقال بعضهم نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم لا بل نحتز رأسه ثم نلقيه بين القتلى فقال يحيى ابن زيد لا والله لا يأكل لحم أبي السباع وقال بعضهم نحمله الى العباسية فندفنه فيها ( وهي على ما في القاموس بلدة بنهر الملك ) .
وقال سلمة بن ثابت فأشرت عليهم أن ينطلقوا الى الحفرة التي يؤخذ منها الطين فندفنه فيها فقبلوا رأيي فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير حتى إذا نحن مكنا له دفناه ثم أجرينا عليه الماء ومعنا عبد سندي وقيل حبشي كان مولى لعبد الحميد الرواسي وكان معمر بن خثم قد أخذ صفقته لزيد وقيل هو مملوك سندي لزيد وكان حضرهم وقيل كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس فرآهم حيث دفنوه فلما اصبح أتي الحكم بن الصلت فدلهم على موضع قبره
وقال ابن عساكر أخذه رجل دفنه في بستان له وصرف الماء عن الساقية وحفر له تحتها ودفنه وأجرى عليه الماء وكان غلام له سندي في بستان له ينظر فذهب الى يوسف فأخبره . وقال ابن الاثير رآهم قصار فدل عليه فبعث اليه يوسف بن عمر الثقفي فاستخرجوه وحملوه على بعير قال أبو الفرج قال نصر بن قابوس فنظرت والله اليه حين أقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص أصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر كأنه جبل وقطع الحكم بن الصلت رأسه وسيره الى يوسف بن عمر وهو بالحيرة فأمر يوسف أن يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعوية ابن اسحق وزياد النهدي وأمر بحراستهم وبعث بالرأس الى الشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم أرسل الى المدينة . ثم أن يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور قال المسعودي ففي ذلك ( اي صلب زيد ) يقول بعض شعراء بني أمية ( وهو الحكم « الحكيم » بن العباس الكلبي ) يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات :
وفي البحار أن الصادق عليه السلام لما بلغه قول الحكم رفع يديه الى السماء وهما يرعشان فقال اللهم ان كان عبدك كاذبا فصلط عليه كلبك فبعثه بنو أمية الى الكوفة فبينما هو يدور في سككها
| لقد لامني فيك الوشـاة واطنبــوا | * | وراموا الذي لم يدر كوه فخيبــوا |
| ارقت وقد نـام الخلـي ولـم أزل | * | كأني على جمــر الغضى اتقلب |
| عجبت وفي الايـام كم من عجائب | * | ولكنمـا فيهـا عجيب واعـجـب |
| تفاخرنــا قوم لنــا الفخر دونها | * | على كل مخلــوق يجيء ويذهب |
| وما سـاءني الا مقالــة قائــل | * | الـى آل مروان يضـاف وينسب |
| ( صلبنـا لكم زيدا على جذع نخلة | * | ولم أر مهديا على الجذع يصلب ) |
| فإن تصلبــوا زيـدا عنـادا لجده | * | فقد قتلت رسل الالـه وصلبــوا |
| وأنا نعد القتــل أعظـم فخرنـا | * | بيـوم به شمس النهــار تحجب |
| فما لكم والفخــر بالحــرب انها | * | اذا ما انتمث تنمى الينــا وتنسب |
| هداة الورى في ظلمة الجهل والعمى | * | اذا غاب منهم كوكب بـأن كوكب |
| كفاهم فخــارا أن أحمـد منهــم | * | وغيرهم أن يدعوا الفخــر كذبوا |
وفي أمالي الصدوق في الحديث الثاني من المجلس 62 حدثنا أحمد ابن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران دخلت الى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي يا حمزة من أين أقبلت قلت من
قال المفيد في الارشاد ولما قتل زيد بلغ ذلك من أبي عبدالله عليه السلام كل مبلغ وحزن له حزنا شديدا عظيما حتى بأن عليه وفرق من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار . وفي أمالي الصدوق في الحديث 13 من المجلس 54 حدثنا أبي حدثنا عبدالله ابن جعفر الحميري عن ابراهيم بن هاشم عن محمد بن أبي عمير عن عبدالرحمن بن سيابة قال دفع الي ابو عبد الله الصادق جعفر بن محمد الف دينار وامرني أن اقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي فقسمتها
قال أبو الفرج ووجه يوسف برأسه الى هشام مع زهرة ابن سليم فلما كان بمضيعة ابن أم الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من عند هشام.
وفي معجم البلدان ج8 ص77 عند الكلام على مصر وعلى باب الكورتين مشهد فيه مدفن رأس زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب الذي قتل بالكوفة وأحرق وحمل رأسه فطيف به الشام ثم حمل الى مصر فدفن هناك وفي عمدة الطالب قال الناصر الكبير الطبرستاني لما قتل زيد بعثوا برأسه الى المدينة ونصب عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوما وليلة كأنهم يريدون أن يقولوا يا محمد هذا رأس ولدك الذي قتلناه بمن قتل منا يوم بدر نصبناه عند قبرك . وروى ابو الفرج باسناده عن الوليد بن محمد الموقري كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعابين فقال لي أنظ ما هذا فاشرف من كوة في بيته فقلت هذا رأس زيد بن علي فاستوى جالسا ثم قال أهلك أهل هذا البيت العجلة فقلت له أو يملكون قال حدثني علي بن حسين عن أبي عن فاطمة أن رسو الله (ص) قال لها المهدي من ولدك.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن الوليد ابن
وقال المسعودي : ذكر أبو بكر بن عياش وجماعة أن زيدا
ورأى جرير بن حازم كما في مقاتل الطالبيين وتهذيب التهذيب النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو متساند الى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس أهكذا تفعلون بولدي . وقال ابن عساكر أن الموكل بخشبته رأى النبي (ص) في النوم وقد وقف على الخشبة وقال هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله صلبوك صلبهم الله فخرج هذا في الناس فكتب يوسف بن عمر الى هشام أن عجل الى العراق فقد فتنوا فكتب اليه هشام أن احرقه بالنار. وجازى الله يوسف بن عمر على سوء فعلته في دار الدنيا والعذاب الآخرة أشد وأبقى فإنه لما ولي يزيد بن الوليد استعمل على العراق منصور بن جهور فلما كان بعين التمر كتب الى من بالحيرة من قواد أهل الشام يأمرهم بأخذ يوسف عماله فعلم بذلك يوسف فتحير في أمره ثم إختفى عند محمد بن سعيد بن العاص فلم ير رجل كان مثل عتوه خاف خوفه ثم هرب الى الشام فنزل البلقاء فلما بلغ خبره يزيد ابن الوليد وجه اليه خمسين فارسا فوجدوه بين نسوة قد ألقين عليه
والتمثيل بالقتيل بعد الموت يدل على خسة النفوس وخبثها والرجل الشريف النبيل يكتفي عند الظفر بخصمه بقتله أن لم يكن للعفو موضع وتأنف نفسه ويأبى له كرم طباعه التمثيل بعدوه ولو كان من أعدى الاعداء بل لا يسلبه ثيابه ولا درعه كما فعل أمير المؤمنين علي عليه السلام حين قتل عمرو بن عبدود واستدلت أخته بذلك على أن قاتل أخيها رجل كريم وقال له بعض الاصحاب هلا سلبته درعه فإنها داوودية فقال كلا أن عمرا رجل جليل وافتخر بذلك فقال :
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ولو بالكلب العقور وكانت سيرة بني أمية رجالهم ونسائهم وسيرة عمالهم المقتدين بهم والمتبعين لاوامرهم التمثيل بالقتلى من أخصامهم فمثلت هند ابنة عتبة ام معوية وزوجة أبي سفيان بقتلى أحد واتخذت من آذان الرجال وآنافهم خدماوقلائد وبقرت عن كبد حمزة وأخذت منها قطعة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها وسمية آكلة الأكباد وعير بنوها بذلك
ولئن أحرق هشام عظام زيد بنار الدنيا فقد سلط الله عليه وعلى أهل بيته من بني العباس من نبشهم وأحرقهم بنار الدنيا وأحرق الله هشاما وأهل بيته لظلهمهم وإلحادهم بنار الآخرة التي لا أمد لها .
قال المسعودي : حكى الهيثم بن عدي الطائي عن عمر بن هانىء قال خرجت مع عبدالله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح فانتهينا الى قبر هشام فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه الا حثمة (1) انفه فضربه عبدالله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه واستخرجنا سليمان من أرض دابق فلم نجد منه شيئا الا صلبه
قال ابن الاثير ثم أن يوسف بن عمر خطب الناس بعد قتل زيد وذمهم وتهددهم.