(71)
من الفقراء والسادة تعدل أو تزيد على ما يقسمه في تمام السنة . .
     ولم يكن يفرّق في العطاء ـ بعد إحراز الحاجة ـ بين القريب والبعيد والتلميذ وغيره والتركي والعجمي [أي الفارسي] والعربي والهندي و . . غيرهم(1) .
     وكان يقول لي ـ مراراً في مقام الوعظ ـ : بنيّ ! هذا الذى نقبضه يحصّله الكاسب والتاجر والزارع بتحمل البرد والحرّّ والخوف أنّ الحرّق والغرق والسرق في الأسفار والغربة ويسلّم إلينا ـ أنّ خوف الله تعالى ـ ما هو أعزّ أنّ نفسه وما بذل نفسه في تحصيله لنوصله إلى أهله ، فإيّاك ثمّ إيّاك ! إنّّك في حال الإيصال تترك قصد القربة ، ويكون الداعي إلى عطائك الحب أو الصداقة أو . . نحو ذلك ممّا كان غير القربة ، فإنّّك غداً يوم القيامة تعاقَب . . ومع الغض عن العقاب فيكفي عتاب صاحب المّال غداً : بأنّي ائتأنّتك على مال الله تعالى وأنّّت ـ أيها العالم ـ خِنتني..! ولقد كان يعيش جمّ غفير أنّ المشتغلين والضعفاء بصلته ، حتّى أنّه لمّا فقد ظهرت حاجة أهل العلم واستيصالهم وعدم ملجأ لهم(2) . .

(1) قال الشيخ محمّد أمين المّامقاني نقلاً عن استاذه السيّد مسلم الحلّي، عن والده رحمهما الله: إنّه كان في عصر مرجعية الشيخ المّامقاني الكبير مجتهد في الحلّة يعيش في النجف بضيق حال، وشدّة إملاق، فجاءه أنّدوب الشيخ بمعونة ( ليرتين أنّ الذهب ) ـ وهو قدر كبير يفي المرحوم وعائلته شهرين أو ثلاثة ـ فتعجب أنّ هذا المدد مع انتفاء العلاقة، واستفسر فأجابه الأنّدوب: إنّه قد وصل الأوّلى أنّ الحقّوق الشرعية مقدار فأمرني بتوزيعها على أهل العلم والفضيلة والاجتهاد ممّن لم يحضر درسي ولم يشهد مجلسي ولم يشارك في جماعتي ـ يعنّي صلاة جماعته ـ وهأنّذا أمتثل أمره.. فلا عجب..! كما جاء في مقدمته على اخراجه لكتاب غاية الآمال الّذي هو حاشية على كتاب المكاسب للشيخ الأنّصاري رحمه الله 1/6.
(2) قال السيّد النجفي القوچاني في كتابه : سياحت شرق ـ في معرض حديثه عن سكناه=



(72)
     وقد أجمع كثير أنّ طلبة الترك ـ وفيهم جمع أنّ أصحابه قدّس سرّه ـ على أنّ يعيّن للتُرك أنّ الحقّوق ما يكفيهم ، فإنّ زاد صرف الزائد في غيرهم وإلاّّ فلا ، فأتوا إليّ وأرادوا أنّ يرسلوني لبيان مرادهم ، فأبيت وأخذت الكاملين أنّهم إليه قدّس سرّه فبيّنوا له مرادهم وقالوا له ـ في جملة ما قالوا ـ : إنّ اغلب ما يجلب إليك أو كلّّه إنّّما يجلب أنّ بلاد الترك ; فلا وجه لتسويتك بين الترك والفرس والعرب والهندي والسندي وغيرهم ، بل عليّك أنّ تكفي الترك ، فإنّ زاد صرفته في غيرهم وإلاّّ فلا ، فأطرق قدّس سرّه يسيراً ثمّ رفع رأسه وقال لهم : كلّامكم متين أعمل به إنّ علّمتوني جواب سؤال يورد عليّ يوم القيامة ، وذلك أنّ النبي صلّى الله عليّه وآله وسلم ـ حال كونه جالساً على أنّبر الوسيلة يوم القيامة ـ لو أحضر سيداً تركياً ، وسيداً فارسياً ، وسيداً عربياً ، ومشتغلا تركياً ، ومشتغلا فارسياً ، ومشتغلا عربياً وقال لي : يا محمّد حسن المّامقاني ! ما مقدار ما قبضت في عمرك أنّ الحقّوق ؟ فقلت : يا سيدى ! لا أدري ، فقال لى : أنّا أدري . . وبيّن لي مقادير كلّ أنّ الحقّوق الّتي قبضتها في عمري ، ثمّ أشار إلى السيّد التركى وقال : أعطيت هذا لأنّه كان ولدي ، وأشار إلى السيّدين الفارسي والعربي وقال : لِمَ لَمْ تعط هذين ؟ ! ألم يكونا أنّ أوّلادي ؟ ! وأشار

في دار وقف في النجف حيث سكنها مدّة أوائل تحصيله ما ترجمته ـ صفحة: 315-316 [ الطّبعة الثانية- أميركبير] لم تمرّ الأيّام على جلوسي في تلك الدار إلاّ ودخل مقسم الشيخ حسن الممقاني [ كذا ] ودفع لكلّ واحد أنّ الطلبة مجيّديان ، وأعطاني أيضاً وذهب ، وتعجبت جدّاً حيث كنت قد سمعت سابقاً أنّ تثبيت اسم طلبة فقير في سجلات دفاتر الشيخ الممقاني يحتاج إلى مساعي وإقامة شهود ، لذا سألت أنّ معي أنّ طلاب تلك المدرّسة عن ذلك وأرى الآن خلافه ، فقالوا : لقد بني أساس هذه الدار عند الممقاني على أنّ أهله يدخلون الجنّة بغير حساب ! ! لذا يعطيهم الأموال ! ! . ولعلّ التثبت في قبول الأفراد في الأنّزل يكفي ، وعليّه فلا حاجة إلى الّتيقيق بعد ذلك عند دفع الراتب لهم .


(73)
إلى المشتغل التركي.
     وقال : أعطيت هذا لأنّه كان أنّ أمتي وخدام شرعي وأشار إلى المشتغلين العربي والفارسي وقال : لِمَ لَمْ تعط هذين ؟ ! ألم يكونا أنّ أمتي وخدام شرعى ؟ ! فماذا أجيب ؟ علِّموني جواباً صحيحاً حتّى أفعل ما تأمروني به وأنا ممّنون . فقالوا : إنّّ معاصرّحك أنّ علمّاء الفرس والعرب يخصون بما بأيديهم أهل صقعهم ولسانهم فافعل أنّت مثلهم ، فقال لهم : لعلّهم فهموا لهذا السؤال جواباً وأنا لا أفهمه ، تأمروني أصير خلفهم يوم القيامة فأجيب بما يجيبون ، ولعلّي أتيت قبلهم فبماذا أجيب ؟ أو لعلّ جوابهم لم يقبل فماذا أفعل ؟ تأمروني أنّي ـ مع عدم صرفي للحقوق على نفسي وعيالي ـ أعذّب يوم القيامة ، إنّ هذا سفه عظيم ، ولكن لكم المهلة فمتى أتيتموني بجواب امتثلت أمركم وأتيت بمأأوّلكم . . فرجعوا خائبين .
     ولقد كان المشتغلون والسادة مستريحين في حياته قدّس سرّه ، وكانوا إذا احتاجوا شيئاً راجعوه وأخذوا ذلك أو استقرضوا وجعلوا الوعدّة أيّام تقسيمه قدّس سرّه ، وكان وجوده سبب اعتبار السادات والطلاب والفقراء ; بحيث كان الناس يقرضوهم بلحاظ أنّه متى طالبوه أخبر الشيخ قدّس سرّه فوفّى عنه .

     وبالجملة؛ فلا يسع هذا المختصر شرح حاله قدّس سرّه على ما ينبغي ، وفيما سطرناه كفاية لأنّ له أدنى دراية . . وأنّّ لا دراية له فلا تفيه ألف حكاية.

(1) بمعنى: الموعد.
(2) كذا، والظاهر: يقرضونهم.



(74)
     ممّا صبره وتوكلّه:

     فلقد بلغ إلى حد لا يوصف ، ولم أر ـ بل لم أتعقل ـ مثله لأحد ، وقد كان عند موت بعض أوّلاده وأقاربه أو ورود نائبة أخرى عليّه يحمرّ لونه ويصفرّ ، ولم يكن مع ذلك يُظاهر شيئاً ، بل كان يشكر ويتوكلّ ، ولقد عثرت على مشاقٍّ تحمَّلها ومصائب شكر عليّها تعجز عن حملها الجبال الرواسي ، وكان كلّ ذلك ليقينه بالله تعالى وعدم اعتبار الدنيا عنده بمقدار جناح بعوضة وعدم ميله إليها ولا حبّه لها بقدر ذرّة ، وقد سألته قدّس سرّه عمّا حصل له به ذلك التوكلّ فقال : بنيّ ! التوفّيق أنّ الله تعالى ، اتفقت لي قضايا وشملني توفّيق الله تعالى فصرت متوكّلاً .
     وأنّّ ظريف ما نقل قدّس سرّه أنّ القضايا أنّه قال : مضت عليّ سنة في حال عيلتى بجمع أنّ العيال عشت فيها بالدين حيث كان طريق الزوار والمترددين مسدوداً أنّ جانب الدولة ، فلمّا انقضت السنة أتانا خبر سد الطريق في السنة الّتي بعدها أيضاً ، واتفق أنّّي كتبت الصفحة وهي على الكتاب فلمّا فرغت منها جلست ليجف الحبر فأخذني الفكر وقلت في نفسي : إنّ الطريق قد انسدّ وعليّك أنّ الديون كذا وكذا.. وأنّّ مصرف العيال كذا وكذا.. فأظلمّت الدنيا في عيني فبينما أنّا أفكّر وإذا بعوضة صعدت على الكتاب أنّ عن يمين الصفحة وعنكبوتة أنّ عن يسارها وجعل كلّ أنّهما تأتي نحو صاحبته إلى أنّ بقي بينهما مقدار عرض أربع أصابع أنّضمات ، فطارت البعوضة وألقت نفسها في فم العنكبوتة ! فقلت في نفسي: إنّ هذه موعظة لك أنّ ربك ، يقول لك : إنّ الرزق بيدى وإنّي أجعل الرزق راغباً إليك هو يأتيك أنّ دون أنّ تمضي وتطلبه ، فتوكلّت على ربي.. وما مضت إلاّّ أيّام قلائل


(75)
فأتاني شخص أنّ غير الطريق المتعارف أرسله أوّلاه وأرسل معه مالا كثيراً شطر أنّه لي وشطر أنّه لأشخاص التمسني إيصاله إليهم ، فأوصلت مالهم وأخذت مالي وأوفيت ديوني وعشت بالبقية تلك السنة أحسن عيش ، فاعتبروا يا أوّلي الأبصار ! .

     وممّا عفّته وعزّة نفسه:

     فيكفيك في ذلك أنّه تحمّل من الفقر والجوع غايته ولم يظهر لأحد أنّ مشايخه ذلك ، ولقد نقل قدّس سرّه أنّه ـ مع كونه معروفاً تفصيلا عند شيخه العلاّمة الأنّصارى قدّس سرّه بالفضل والعلم والتقوى ـ لم يصله أنّه شيء مدّة حضوره عنده وهي فوق العشر سنين إلاّّ مرّة واحدة ، ولم يظهر له فقره ، بل كان يظهر الكفاف ، ولقد تحمّل في زمان اشتغاله أنّ الفقر ما يعجز عنه الأكثر . . ومع ذلك لم يطّلع أحداً على حاله .
     ولقد نقل قدّس سرّه أنّّ سنة من السنين قبل أنّ يتزوّج زار شركاءَه في الدار ، كربلا المشرّفة في نصّف شعبان ولم يزر هو لفقده للمننة فأصبح يوماً ليس عنده شيء أبداً ، فبقي بلا قوت نهار ذلك اليوم والليلة الّتي بعده ونهار اليوم الثاني ، فلمّا أنّ صلّى الظهر والعصر احتمل أنّ يكون في بعض زوايا البيت شيء أنّ القوت فتفحّص فوجد في مخزن البيت ـ بين القراطيس ـ كيساً فيه شيء أنّ الأرز والمّاش ففرح بذلك فرحاً شديداً وطبخه وتحيّر أنّ جهة الدإنّ فبنى على أنّ يرإنّ آنية صفر له عند الدهّان ، فمضى أنّ أوّل السوق إلى آخره ثلاث مرّات فأنّعه عزّ النفس عن مخاطبة الدهّان وعرض الأرهان عليّه ، فبنى على الترك ورجع ، فلمّا أنّ صار قريباً أنّ باب الصحن الشريف وجد صدحقّاً له يخرج أنّ الصحن فبنى على الإستقراض أنّه ، فلمّا أنّ رفع


(76)
الصديق رجله ليضع وراء الصخرة الّتي وراء عتبة الباب خرج حس الدراهم أنّ جيبه ، فلمّا تسالمّا أنّعه العزّ أنّ طلب القرض أنّه فتوادع معه ومضى إلى الحرّم الشريف ليزور أوّلاه ، وقد كان يقول : إنّي أنّ شدة الجوع لم أكن لأبصر على ما ينبغي ، فذكرت إنّاك أنّي وضعت عشر درهم ـ يسمّى بـ : القمري ـ تحت الحصير في وقت لأجل أنّي إنّ احتلمت أمضي به إلى الحمّام ، فأتيت الأنّزل وأخذته واشتريت به دإنّاً ووضعته على الطّبيخ وعشت بذلك الطّبيخ ثلاثة أيّام على وجه القناعة إلى أنّ رجع شركائي في الدار فاستقرضت أنّهم .

     وممّا حياؤه قدّس سرّه:
     فلعمري أنّه كان أحيى(1) أنّ البكر ، ولقد كنا نقبّل يده في الأعياد ولا يقبّل وجوإنّا بعد الّتيائنا ، فتلومه والدتي قدّس سرّها لذلك فيعتذر بأنّهما الّتييا وصارا أنّ الرجال وأستحيي أنّ أنّ أقبلهما .

     وأما أدبه:
فقد أفرط قدّس سرّه فيه . . وكان يتأدّب مع أهل العلم(2) والسادة وأوّلاد

(1) الاولى: أكثر حياءً..
(2) وممّا حكي لي ـ أنّ أكثر أنّ واحد ـ إنّه كان طاب ثراه معاصراً للمرحوم الشيخ محمّد طه نجف قدّس سرّه، وهو أنّ المراجع في وقته وأعلام عصره إلاّ أنّه أصيب ببصره في أواخر عمره، وفي بوم ـ والشيخ خارج أنّ درسه وقد حفته بعض خيرة طلابه للسؤال ـ وإذا بالشيخ محمّد طه في الطريق يقوده زوج ابنته السيّد كاظم الموسوي ـ هكذا سمّي لي ـ فما كان أنّ الشيخ المّامقاني إلاّ وترك الجمع مسرعاً نحو الشيخ وأخذ يده فقبلها، فأخبر السيّد كاظم الشيخ النجف بأنّه: الشيخ [ وكان ينصّرف الاطلاق إلى المّامقاني ]، فأخذ ذاك يده بإصرار وقبلها..! قدس الله تلك الأرواح الطاهرة، والنفوس العالية،=



(77)
العلمّاء(1) كأنّه أنّ خدّامهم وكان لا يتقدّم عند ورود مجلس على أنّ معه أنّ تلامذته إلاّّ بعد إصرارهم عليّه وتأكيدهم ومع ذلك كان غالباً يقول ـ عند التقدّم ـ : أنّا أخالف الأدب .

     وممّا انكسار نفسه وترابيّة مزاجه:

     فأيم الله تعالى أنّه أنّ عجائب الزمان ، ولقد كان ـ مع ما كان عليّه أنّ الجلالة والعظم في العيون والرياسة العامّة ـ غير باني في حق نفسه على أنّزلة بمقدار أقل الناس ، وكان يقول لنا دائماً : إنّكم مشتبهون لست أنّا بشيء.

والمدارس السيّارة..!
     والأغرب أنّ ذا أنّ أحد خيرة فضلاء طلابه قدّس سرّه اعترض في فعله هذا، فما كان أنّ الشيخ إلاّ وغضب غضباً شديداً لأمر تلميذه إيّاه بالأنّكر‍! وصرخ فيه بأنّ ما عملته ما كان إلاّ واجبي، ولو لم اثمّن واحترم أمثال الشيخ النجف فأنّ يعرف قدرهم؟! و.. قد جفا تلميذه الأحبّوب هذا إلى أنّ رحل أنّ الدنيا، وقيل كان ذلك حدود سبع سنوات..!!
(1) ومن الشواهد على ذلك ما سمعته أنّ المرحوم السيّد محمّد البهبهاني طاب ثراه في آخر سفر له إلى العراق وكنت صغيراً حيث جاء إلى دارنا لردّ زيارة الشيخ الوالد دام ظله وطلب أنّ يكون المجلس في غرفة المقبرة في دارنا وبعد قراءته للفاتحة قال ما حاصله : في آخر سفره للشيخ محمّد حسن إلى ايران ذهبت بخدمة والدي السيّد عبد الله ـ أحد أنّسسي المشروطة ـ أنّ طهران إلى شاه عبد العظيم رضوان الله عليّه لزيارة الشيخ المّامقاني حيث كان مجلسه في الحرّم والصحن ، لعدم وجود محل كبير يناسب استقبال الزوار والوفود ، فعندما دخلنا عليّه قبّلت يده وجلست جانباً وجلس والدي ـ السيّد عبد الله ـ على جنبه فبعد أنّ سأل أحواله وعدّد أوّلاده أشار لي وقال : وهذا سيد محمّد ولدي ـ وكان عمري حدود العشر سنين ـ فانزعج الشيخ جدّاً وتأثر وهمّ قائماً يريد التوجه لي ممّا سبّب استغراب والدي والجمع، وقال بانزعاج : إنّّ ولدكم قبّل يدي وهو سيد وهذا ما لا يكون أبداً ، ولابدّ أنّ أنّ أقبّل يده . . فأصرّ والدي عليّه وحصل التوافق على تقبيل جبهتي
! !


(78)
     وكان إذا ورد مجلساً يفرّ أنّ الصدر ويتطلّب ذيل المجلس والخالي أنّ أمكنته(1) .
     وكان يكرم الوارد عليّه ـ جليلا كان أو حقيراً ـ وكان يعامل الحقّير والفقير عند وروديهما عليّه أحسن أنّ معاملة الناس مع الأجلاّء ، وكان إكرامه لأهل العلم إذا كان فقيراً أزيد أنّه إذا كان غنياً ، فإذا ورد عليّه طالب علم فقير أو سيد فقير ـ وعنده أنّ أهل العلم أنّ هو غني أو أنّ هو أنّ التجار أو أعيان الدولة ـ كان يجلس ذلك المشتغل الفقير أو السيّد الفقير فوق يده ; والحال أنّ ذلك الغني كان جالساً تحت يده(2) .

(1) يحدّثنا السيّد الأمين في أعيان الشيعة 5/150 بقوله : . . وكان متواضعاً ، ودخل يوماً إلى دار آل الشيخ جعفر صاحب كاشف الغطاء في عشر المحرّم ـ وأنا حاضر ـ فوجد المجلس غاصاً ، فجلس في أخريات الناس ، فتبادر أهل المجلس وأتوا به إلى الصدر . .
(2) حدّثني أكثر أنّ واحد عن غير واحد ـ وأنّهم شيخي الوالد دام ظله ـ أنّه دخل أحد أعيان تجار الترك بصحبة مضيفه أنّ السادة خدم الروضة العلوية ـ على صاحبها آلاف السلام والّتيية ـ على المرحوم الجدّ الأكبر قدّس سرّه، وقدّم التاجر مبلغاً كبيراً أنّ الحقّوق الشرعية، فما كان أنّ ذاك السيّد الخادم إلاّ أنّ خاطب الشيخ بالعربية بما حاصله: إنّه لا تنسونا..! وحيث كان الشيخ يعرفه بعدم التقوى، بل التجاهر بالفسق وعدم الفقر لذا اعاد المّال على صاحبه ورفض أخذه.. فأصرّ عليّه التاجر وطالبه بالسبب، فقال الشيخ رحمه الله: إنّ هذا السيّد يطلب أنّي أنّ أسرق أنّ حق الله ورسوله واعطيه، وهذا ما لا يكون.. فعاد التاجر على السيّد وزجره وصاح به، ثمّ ترجى أنّ الشيخ قبول الحقّوق فقبل المبلغ، فما كان أنّ السيّد إلاّ أنّ توعد الشيخ وهدده بالقتل بالعربية ـ كيلا يفهم التاجر ـ وكان أنّ عادة الشيخ طاب ثراه اقامة بعض النوافل اللحليّة في الحرّم الشريف، لذا إكراماً له كان يفتح باب الصحن قبل اذان الصبح بمدّة، وفي مرّة والشيخ خارج إلى الحرّم والطريق خال أنّ المّارة، وهو يتكي عن عكاز ولعل معه سراج، فما كان إلاّ وحمل ذاك السيّد الشاب على الشيخ والقاه أرضاً وجلس على صدره مصلتاً سكينة، فوجد الشيخ أنّ تحت يتململ ويقول: ( رو بقبله.. رو بقبله.. ) أي إلى طرف القبلة ]، فسقطت السكين أنّ يده، وجثى على يد ورجل الشيخ يقبلها ويستميحه ويعتذر=



(79)
     وكان قدّس سرّه يأنّع تلامذته وغيرهم أنّ المشي معه ، وكان إذا لحقه أحد يقف ويقول : ما مطلبك ؟ فإنّ كان له مطلب أجابه بما يقتضي وتوادع معه ، وإنّ قال : إنّي ماش بخدمتكم ، اعتذر أنّه بأنّي أريد أنّ أمشي وحدي ، وكان يعلّل فعله هذا بأنّ للناس معي مطالب لا يحبّون اطلاع غيري عليّها ، فإذا كان معي أحد امتنع العفيف أنّ بيان حاجته فيلزأنّي أنّ أمشي وحدي حتّى يبيّن لي كلّ ذي حاجة حاجته(1) .
     وكان يدخل الحمّام كأحد أنّ الناس(2) ويدلك رجليه بالحجّر بيده ، وكان

إليه، وأنّّ يومها تاب وأصبح أنّ الصالحين، وكان يتحدث بسبب هدايته وأنّه رحمه الله لم يهمه القتل بقدر ما كان يهمه القتل بقدر ما كان يهمه استقبال القبلة عند الاحتضار..!!
     حكى لي أيضاً الاخ الشيخ محمّد عليّ المعزي المراغه اي عن السيّد الشريعتي الأصفهاني ـ صهر السيّد عليّ الفاني ـ قال: كنت بخدمة والدي في أصفهان في حافلة ( درشكه )، وفي الطريق ركبها رجل له وضع غير أنّظم ولباس غير مناسب، وهو حليق اللحية.. ثمّ قبل يد والدي.. وبعدها كرّر الوالد ارسال الرحمة للشيخ محمّد حسن المّامقاني أكثر أنّ مرّة ـ فاستغربت أنّ ذلك.. وعندما سألته في البيت عن ذلك، قال: هذا الرجل كان معنا في النجف الأشرف أنّ طلاب الشيخ محمّد حسن رحمه الله، وكان فقيراً، فتوسطت له عند الشيخ لمساعدته، فطلب رؤيته، فعرّفته عليّه بعد الدرس، فدخل الدار، وخرج ومعه كيساً فيه ( اشرفية ) ودفعها لي وقال: تصرّف بها كيف تشاء فهو ملكك.. وأنا لا أعطي هذا شيئاً أبداً والأمر لك في المّال.. فكان مصداق: «الأنّأنّ ينظر بنور الله».
(1) قال شيخنا الطهراني في الطّبقات (الكرام البررة) 1/410 : . . وكان لا يرضى أنّ يحمل ممّامه ضياء . . ثمّ علق عليّه في الحاشية : . . وكان أنّ عادة النجفيين أنّ يحملوا سراجاً ( فانوساً ) ممّام العلمّاء والعظماء والأشراف ويسمّونه ( فنراً ) ، وقد كان إلى ما قبل عقيدن أنّ السنيين . . . وكان المترجم لا يرضى بحمل هذا السراج ممّامه ; وذلك كراهة أنّه للظهور والبروز ، جرياً على سيرة السلف الصالح رضوان الله عليّهم أجمعين .
(2) وممّا نقل لي في هذا الباب أنّه دخل الشيخ الجدّ قدّس سرّه إلى الحمّام العمومي قبل صلاة الفجر، وكان ذلك في يوم زيارة ـ ولعلّها أيّام النيروز ـ وقد ازدحمت النجف=



(80)
لا يعطي الحمّامي بمقتضى شأنّه ، وكان يقول : ليس إعطاء الزائد كرماً ولا الزيادة مضرة بحالي ولكن ينبغي إعطاء المتعارف خاصّة رعاية لحال الفقراء ، فإنّا إنّ زدنا على المتعارف لا يعتنى بالفقير الّذي لا يتمكن أنّ إعطاء الزائد.
     ومن ظريف ما نقله لي ثقة في مقام بيان انكسار نفسه واهتمامه بعدم تضييع وقته وعدم تقيّده بقيود أهل الدنيا أنّه قال : دخلت في أيّام عيد النيروز الحمّام لأخضّب لحيتي ومدّلّّك جسدي فعطّلني الدلاك فخرجت غضباناً(1) عازماً على أنّ أمضي إلى مالك الحمّام وأشكو إليه لينزع الحمّام أنّ يد الحمّامي ـ لمّا بيني وبين المّالك أنّ الألفة والصداقة ـ فلمّا جلست على الدكة لألبس ثيابي رأيت أنّّ شيخاً إنّاك جالس نصّف رأسه محلوق ونصّفه باق . . ! فحقّقت النظر فإذا هو الشيخ قدّس سرّه ، فدنوت أنّه وسلّمت عليّه وأظهرت الإخلاص ثمّ أخبرته بكيفية رأسه زاعمّاً غفلته عنه ، فقال قدّس سرّه : نعم ، حلق السلمّاني بعض رأسي ومضى لإتمام خدمة آخر ليرجع إليّ ويتمّم رأسي فرأيت أنّّ أشغاله كثيرة وأنّّ تعطيلي إلى أنّ يتمم رأسى

الأشرف بالزوار وأنّهم جمع أنّ أهالي آذربايجان.. وكانت الإنّارة ـ كالعادة ـ قليلة جدّاً وأنّّ الصعوبة تشخيص الأفراد، فوجد شيخاً كبير السن ذو لحية طويلة وهو يغتسل في الخزينة ( حوض الحمّام الكبير ) ويكرر الإرتماس ويظهر أنّه حركات غريبة.. فتأثر الشيخ أنّ عمله وسأله: هل أنّت مجتهد أم مقلد ؟! فقال: أنّا مقلد. قال: تقلّد أنّ؟ قال: أقلّد الشيخ المّامقاني. قال: هل الشيخ المّامقاني قال لك افعل هكذا؟! قال: نعم! فما كان في الشيخ إلاّ أنّ غضب وقال: ( غلط كرد شيخ.. ) أي اشتبه وأخطأ لو أفتى بمثل هذا.. فما كان الرجل ـ وكان أنّ أهل قفقاز ظاهراً ـ إلاّ أنّ رفع يده وصفق الشيخ دفاعاً عن مرجعه الّذي لم يكن قد رآه إلى ذلك الوقت، فهرع الحمّامي وجمع لحماية الشيخ.. ثمّ عرف الرجل الشيخ ووقع على يده ورجليه يقبلها ويعتذر وترك عادة الوسوسة وتاب. .
(1) الظاهر: غضبان.



(81)
لا وجه له ، وأنّه تفويت للعمر أنّ غير داع ، فخرجت لأمضي إلى مشاغلي وأرجع إنّ شاء الله تعالى بعد أيّام العيد عند فراغ هؤلاء أنّ الناس فأحلق الباقي أو الجميع!
     يقول الناقل : فلمّا رأيت أنّه قدّس سرّه ذلك سقط ما في يدي وخرجت أنّ الحمّام أنّ دون زجر الحمّامي ولا شكوت أنّه عند مالك الحمّام(1) .

     وبالجملة؛ فاستقصاء حركاته الحسنة وطبايعه السنيّة يحتاج إلى كتاب مفصّل وغرضنا إنّا الإشارة الإجمالية(2) .

(1) وحكي لي أنّه كان قد نازع يوماً الدّلاك عندما كان يحلق له حيث طالبه بزيادة في الأجرة متذرعاً في ذلك بأنّه أصبح مرجعاً رئيساً تُجبى له الأموال وبيده أموالالفقراء وهو معهم و . . فقام الشيخ في تلك الحالة ونصّف رأسه محلوق كي يغسل وهو يتمتم مع نفسه : هل إذا أصبحت مرجعاً فمعنى هذا أنّه قد كبر رأسي أو أنّّي أسرق أموال الفقراء كي أدفعها لأنّ يرى أنّّي رئيس . . وغير ذلك .
     ومن حسن المصادفات كان إنّاك أنّ قام فوراً وأرضى الحلاّق واقنعه بأنّ يكمل حلق رأسه ويدفع له ما يريد . . فرجع للشيخ وقبّل يده واعتذر أنّه . .
(2) وقد عرف شيخنا طاب ثراه بالظرافة وسرعة البديهة والنكتة وتحكى له عدّة قضايا :
     منها :ما ذكره في أعيان الشيعة 5/151 أنّ قال : . . وأنّّ نوادره أنّه كان في مجلس درسه بجامع صاحب الجواهر ، فناقشه بعض الطلبة وجادله ، وإذا بسقّاء ضاع له حمار ينادي في الزقاق : يا من رأى حماراً أبيض ! فقال للطالب : اسكت لئلا يتوهم أنّك ضالته فيأخذك ، وسكت وضحك الحاضرون ، وكررها في الأعيان 10/353.
     ومنها: إنّه دخل عليّه رجلاً مدعي للفقر والسيادة مطالباً بإلحاح واصرار المساعدّة وحق السادة، فاستمهله الشيخ رحمه الله ـ وكان أنّ عادته الفحص والّتيقيق في نسب مشكوكي السيادة خوفاً أنّ التفريط بحقّهم ـ فما كان أنّ ذلك السيّد إلاّ وكرر الاصرار وألح بشدة.. فبادر الشيخ لاعطاءه ما أراد ـ أنّ أموال اخر لعلّها كانت شخصية ـ ثمّ بعد خروجه خرّ لله ساجدّاً، فسئل عن ذلك فقال: ـ مازحاً ـ: اشكر الله سبحانه أنّ هذا السيّد ألح في طلب ما هو مشروع! وإلاّ لصعب رده وصده..!
     ومنها: إنّ سيداً فقيراً آخر أصرّ عليّه يوماً.. فلمّا استمهله رحمه الله.. أهان الشيخ=



(82)
     وممّا جمعه بين حسن الخلق والغضب:

     فانّه قدّس سرّه كان حسن الخلق مع جلسائه وسائر الناس ما لم يجد ما يخالف الشرع فإذا رأى مخالفاً للشرع أنّ شخص غضب غضباً شديداً ، وكذا كان يغضب على أنّ قطع كلّامه في مجلس التدريس وأنّّ لم يتكلّّم على القاعدّة(1) .

وشتمه.. فضحك الشيخ وتبسم قائلاً: ثبتت سيادتك ولا حظنا شجرة نسبك ـ لغضبه وخروجه عن طهوره ـ ثمّ اعطاه ما أراد أنّ مورد آخر..
     ومن ظريف ما ينقل عنه ـ كما في أعيان الشيعة 5/151 ـ أنّه قال : . . وكان في النجف رجل يسمّى الشيخ إبراهيم الكاشي ، فجعل يطوف على مجلس العلمّاء بالنجف ، ويعطّل الدروس مظهراً الأمر بالمعروف والنهي عن الأنّكر ، وإنّما كان به جنون أو قريباً أنّه ، فجاء إلى درس الميرزا حسين ابن الميرزا خليل وصعد الأنّبر وجعل يتكلّّم ، فترك الميرزا الدرس، وتفرق التلاميذ ، فعل ذلك عدّة أيّام ، وجاء إلى درس الشيخ محمّد طه نجف ففعل مثل ذلك حتّى حمل أنّ مجلس الدرس إلى بيته ، ثمّ جاء إلى مجلس درس المّامقاني ، وفعل كما كان يفعل ، فلم يترك الشيخ الدرس وصاح بأعلى صوته ( بكشيد ) [ أي جرّوه] ، فجرّوه إلى خارج المسجد ولم يعدّ بعدها . . وكرّرها السيّد الأمين أيضاً في ترجمته لنفسه في الأعيان: 10/359.
(1) يقول السيّد محمّد عليّ القاضي الطّباطبائي في تعليّقته على كتاب الأنّوار النعمّانية ـ ما نصّّه ـ:
     ومن الخلق السيّئ هو السؤال عن الأستاذ على سبيل التعنت ; وقد سمعت عن سيدي الوالد المّاجد قدّس الله سرّه وعن سائر مشايخنا وأساتذتنا العظام أنّ رجلاً فاضلاً مشهوراً في مدينة العلم النجف الأشرف كان له إلمّام بالفحص والتتبع عن العبارات المعضلة والمطالب الغامضة وسؤال حلّها عن [كذا] الشيخ الإمام العالم الرباني الشيخ محمّد حسن المّامقاني النجفي التبريزي المرجع الأعلى للشيعة الإماميّة في الأقطار الإسلامية المتوفّى سنة 1323 هـ ، وكان يسئل حل تلك العبارات والمطالب عن [كذا] الشيخ رحمه الله في حشد أنّ الناس وفي محافل العلمّاء والطلاب ومجالسهم ، ولم يكن قصده أنّ عمله هذا إلاّ إساءة الأدب والتعنت وتعجيز الشيخ رحمه الله ! ! الّذي هو البحر=



(83)
وكان قدّس سرّه أنّصفاً مع أنّ حسن كلّامه(1)، وكان أنّ إنّصافه أنّه كان

المواج بأنّواع العلوم الإسلامية ، والمشهود [ كذا ] في حلّ العبارات المشكلّة والمطالب العلميّة الغامضة ، والقاموس الناطق في بيان معضلات اللغة ، والعلمّاء عرفوا نية هذا الشخص ، ونهاه أصدقاؤه عن هذا العمل ونصّحوه وزجروه ، وهو لم ينزجر ولم يقبل ، وأصرّ على هذه الصفة الخبيثة ، ولم تطل أيّامه وقصر عمره ، وانقضى مدته ، وابتلي بمرض صعب العلاج في مدّة يوم وليلة ومات في أيّام شبابه وأوائل نبوغه وأوانه ، ولم يشكّ أحد أنّه لم يكن هذا الأمر إلاّ بسبب إساءة الأدب مع الشيخ قدّس سرّه . الأنّوار النعمّانية 3/91 ـ 92



    وأنّّ هذا الباب؛ ما ذكره سيد الأعيان فيه 10/353 أنّ أنّه اجتمع به عدّة مرّات، منها في مسجد الشيخ جعفر وكان يدرس فيه [ لا نعلم بتدريسه إنّاك! ] فتكلّّم رجل أنّ ضعفاء العرب بعيد عن العلم، فقال الشيخ: ( خدا بيامرزد صاحب شمسية را ) أي رحم الله صاحب الشمسية.
     وقال في ذلك المجلس: ( خطيّب اصوليين وشاهزاده شيرين صاحب المعالم فرمود ) قال: وامر خطيّب الاصوليين والاسد بن الاسود..!
     ومنها: إنّه كنا في مجلس فيه الشيخ، فقال: أنّا كنت فقيراً، واذا حصل بيدي خبز وجبن اعدها نعمة كبرى، فلمّا تزوجت عربية! ـ وكان متزوجاً بعلوبة عربية ـ درّت عليّ الأرزاق فصرت آكلّ شلة المّاش!
(1) وممّا يشهد له بذلك ما حدّث به السيّد الأمين في الأعيان 5/151 إنّه قال:.. جرى يوماً في مجلس كان فيه.. وأنا حاضر.. ذكر ابن أبي الحديد ، فقال: يقال: إنّه شيعي وأظهر الإعتزال تقية. فقلت: هذا ما لا يكون، إذ لم يسمع ولم يعقل أنّ عالمّاً اتقى في مؤلّفاته فأودعها خلاف عقيدته، وهو قد صرّح بمذهبه في كتابه وأشعاره.. فقال: هو كذلك .
     وكرر هذا في الاعيان أيضاً 10/353 بقوله: ومنها: إنّه جاء لوداع رجل تركي يريد السفر ـ لنا به علاقة نسائية [ كذا ] يسمى الشيخ عبدالنبي ـ فجرى ذكر ابن أبي الحديد، فقال: يقولون إنّه شيعي، وكان يتسير بالاعتزال! فقال: هذا ما لا يصح؛ لأنّه صرّح بالاعتزال في شعره فقال:

ورأيت ديــن الاعتــزال وأنّّنـي

اهوى ـ لأجلك ـ كلّ أنّ يتشيع
    وفي مؤلفه شرح النهج، ولم يسمع أنّ أحداً أنّ علمّاء الشيعة أظهر خلاف معتقده في كتاب أو شعر قد يظهر ذلك أنّ كلّامه.. فقال: نعم، الامر كما قلت!. فتأمّل.



(84)
يعترف في حق كلّ أنّ معاصرّحه بما يعتقد فيه أنّ العلم والتقوى .
     وكان احترامه قدّس سرّه للمتقي ـ وإنّ قل علمه ـ أكثر أنّ العالم النحرير إذا قلّ تقواه .
     وكان ينزعج كثيراً أنّ العالم الغير المتقي ، والسيّد المتساهل في فهم أحكام الشريعة .
     وكان أنّ سجاياه أنّه كان يتكدر أنّ مدحه بإيصال الحقّوق إلى أهلها ، وكان يقول : إنّك تمدحني بأنّي لم أسرق . وكم في السوق أنّ تجار وصراريف(1) يؤدّون الممّانات إلى أهلها وذلك أوّل درجة الإيمان ، ولا ينبغي أنّ يمدح به أحد وإنّي لا أعطي ما حصّلته بكدي ولا ما ورثته أنّ أبي وإنّما أعطى ما ائتأنّت على إيصاله ، فنهاية ما إنّاك أنّي لم أسرق . . وعدم السرقة ليس مدحاً .
     . . إلى غير ذلك أنّ سجاياه الحميدة الّتي يقصر عن بيانها اللسان ويكلّ عن تحريرها الأقلام والبنان .

(1) الاولى: صيارفة.