مكارم الأخلاق ::: 241 ـ 255
(241)
    عن أنس قال : كان أحب الايام إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يسافر فيه يوم الجمعة وكان إذا أراد سفرا لغزو ورى بغيره.
    وكتب بعض البغداديين إلى أبي الحسن الثاني ( عليه السلام ) يسأله عن الخروج يوم الاربعاء لا تدور ؟ فكتب ( عليه السلام ) : من خرج يوم الاربعاء لا تدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله له حاجته.
    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليكم بالسير بالليل ، فإن الارض تطوى بالليل.
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الارض تطوى من آخر الليل.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : لا تخرج يوم الجمعة في حاجة ، فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك.
    وسأل أبوأيوب الخزاز (1) [ وعبد الله بن سنان ] أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عزوجل : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله ) (2) ؟
    فقال : الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : اتق الخروج إلى السفر في اليوم الثالث من الشهر والرابع من الشهر والحادي والعشرين منه والخامس والعشرين منه. ( فإنها أيام منحوسة مروية عن الصادق ( عليه السلام ) ).
    وقال ( عليه السلام ) : لا تسافروا يوم الاثنين ولا تطلبوا فيه حاجة.
    من كتاب عيون الاخبار ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال : يوم السبت يوم مكر وخديعة. ويوم الاحد يوم غرس وبناء. ويوم الاثنين يوم سفر وطلب. ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم. ويوم الاربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس. ويوم الخميس يوم الدخول على الامراء وقضاء الحوائج ، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح.
1 ـ هو إبراهيم بن عثمان الكوفي ، المكنى بأبي أيوب الخزاز ، ثقة كبير المنزلة وله كتاب روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام.
2 ـ سورة الجمعة آية : 10. ( مكارم الاخلاق ـ 16 )


(242)
    عن أبي أيوب الخزاز قال : أردنا أن نخرج فجثنا نسلم على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فقال : كأنكم طلبتم بركة الاثنين ؟ قلنا : نعم ، قال : فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين ، فقدنا فيه نبينا واتفع الوحي عنا ، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى.
    روي عن عبد الملك بن أعين قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : إني قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة فإذا نظرت في الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها. وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة ، فقال لي : تقضي ؟ قلت : نعم ، قال : أحرق كتبك. وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يكره أن يسافر الرجل أو يزوج والقمر في المحاق.
    عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : الشؤم للمسافر في طريقه في ستة : الغراب الناعق عن يمينه. والكلب الناشر لذنبه. والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقطع على ذنبه يعوي ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا (1). والظبي السائح
    من يمين إلى شمال. والبومة الصارخة. والمرأة الشمطاء يرى وجهها (2). والاتان العضباء يعني الجدعاء (3) ، فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل : اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك ، قال : فيعصم من ذلك.
    عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يكره السفر في شيء من الايام المكروهة ، الاربعاء وغيره ، وقال : افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية الكرسي إذا بدا لك.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : قال زين العابدين ( عليه السلام ) : حجوا واعتمروا تصح أبدانكم وتتسع أرزاقكم وتكفوا مؤناتكم ومؤنات عيالكم.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : لو حج رجل ماشيا فقرأ إنا أنزلناه ما وجد ألم المشي.
    وقال ( عليه السلام ) : من يقرأ أحد إنا أنزلناه حين يركب دابته إلا نزل منها سالما مغفورا له. ولقارئها أثقل على الدواب من الحديد. وأن البعير إذا حج عليه سبع حجات صير من نعم الجنة.
1 ـ العواء : صوت السباع من الذئب وغيره. وأقعى الذئب : جلس على إسته وألصق إليته بالارض ونصب ساقيه.
2 ـ الشمطاء : المرأة التي بياض شعر رأسها يخالط سوادها.
3 ـ الاتان : الحمارة. والعضباء والجدعاء : المقطوعة الاذن أو الانف.


(243)
    قال أبوجعفر ( عليه السلام ) : لو كان شيء يسبق القدر لقلت : إن قارئ إنا ( أنزلناه ) حين يسافر أو يخرج من منزله سيرجع إليه سالما إن شاء الله تعالى.

    عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : قال : تصدق واخرج أي يوم شئت.
    عن حماد بن عثمان قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : أيكره السفر في شيء من الايام المكروهة مثل يوم الاربعاء وغيره ؟ فقال : افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك.
    واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك.
    عن إبن أبي عمير (1) قال : كنت أنظر في النجوم وأعرفها وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء ، فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقال : إذا وقع في نفسك شيء فتصدق على أول مسكين ، ثم امض ، فإن الله عز وجل يدفع عنك.
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم.
    من كتاب المحاسن ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أحدهما عليهما السلام قال : كان أبي إذا خرج يوم الاربعاء أو في يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره تصدق بصدقة ، ثم خرج.
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم.
    عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزوجل بما تيسر له ويكون
1 ـ هو أبوأحمد محمد بن زياد بن عيسى الازدي من أصحاب الاجماع وأدرك الامام السابع والثامن والتاسع عليهم السلام ، توفي سنة 217 هـ.

(244)
ذلك إذا وضع رجله في الركاب. وإذا سلمه الله وانصرف حمد الله عز وجل وشكره وتصدق بما تيسر له.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا أردت سفرا فاشتر سلامتك من ربك بما طابت به نفسك ، ثم تخرج وتقول : اللهم إني أريد سفر كذا وكذاو إني قد اشتريت سلامتي في سفري هذا بهذا وتضعه حيث يصلح. وتفعل مثل ذلك إذا وصلت شكرا.
( في حمل العصا )
    من كتاب الفردوس ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أيعجز أحدكم أن يتخذ في يده عصا في أسفله عكازة (1) ، يدعم عليها إذا أعيا ويجر بها الماء ويميط بها الاذى عن الطريق ويقتل بها الهوام ويقاتل بها السباع ويتخذها قبلة بأرض فلاة.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حمل العصا علامة المؤمن وسنة الانبياء عليهم السلام.
    عن أم سلمة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : المشي بالعصا من التواضع ويكتب له بكل خطوة ألف حسنة ويرفع له ألف درجة.
    قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : من خرج في سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الاية : ولما توجه تلقاء مدين قال عيسى ربي أن يهديني سواء السبيل إلى قوله : ( والله على ما نقول وكيل ) (2) أمنه الله من كل سبع ضار ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها. وقال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حمل العصا ينفي الفقر ولا يجاوره الشيطان.
    وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أراد أن تطوي له الارض فليتخذ عصا من النقد.
    ( والنقد عصا لوز مر ) (3).
1 ـ العكاز والعكازة ـ كتفاح وتفاحة ـ : عصا ذات زج في أسفلها ، يتوكأ عليها الرجل. والزج ـ بالضم فالتشديد ـ : الحديدة التي في أسفل الرمح ، ويدعم عليها أي يتكأ عليها.
2 ـ سورة القصص : آية 21. والحمة ـ بالضم فالتخفيف كصرد وأصله يائي ـ : السم.
3 ـ النقد ـ بفتحتين أو بضمتين ـ : ضرب من الشجر أي الشجر اللوز.


(245)
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تعصوا ، فإنها من سنن إخواني النبيين عليهم السلام. وكانت بنوا إسرائيل ، الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم.
( في التعمم تحت الحنك )
    من ثواب الاعمال ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ضمنت لمن يخرج من بيته متعمما تحت حنكه أن يرجع إليه سالما.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : من خرج في سفر فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه.
    عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : أنا الضامن لمن خرج يريد سفرا متعمما تحت حنكه أن لا يصيبه السرق والغرق والحرق.

    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره ويقول عند التوديع : اللهم إني أستودعك [ اليوم ] ديني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني وأهل حزانتي (1) ، الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به علي ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعياذك وعزك ، عز جارك وجل ثناؤك وامتنع عائذك ولا إله غيرك ، توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
    وكان أبوجعفر ( عليه السلام ) إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثم قال : اللهم إني أستوذعك إلى آخره.
    عن صباح الحذاء قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : لو كان
1 ـ الحزانة ـ بالضم والتخفيف ـ : عيال الرجل الذين يتحزن لهم ويهتم لامرهم.

(246)
الرجل منكم إذا أراد سفرا قال على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله ، و آية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ، ثم قال : اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن [ الجميل ] لحفظه الله تعالى وحفظ ما معه وسلمه الله وسلم ما معه وبلغه الله وبلغ ما معه ، قال : ثم قال : يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه ؟ قلت : بلى ، جعلت فداك.
    وكان الصادق ( عليه السلام ) إذا أراد سفرا قال : اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأعظم عافيتنا.
    عن الرضا ( عليه السلام ) قال : إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : بسم الله آمنت بالله ، توكلت على الله ، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل عليه وقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
    عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من قال حين خرج من داره : أعوذ بالله مما عاذت منه ملائكة الله من شر هذا اليوم ومن شر الشياطين ومن شر من نصب لاولياء الله ومن شر الجن والانس ومن شر السباع والهوام (1) ومن شر ركوب المحارم كلها ، أجير نفسي بالله من شر كل شيء غفر الله له وتاب عليه وكفاه المهم وحجزه عن السوء وعصمه من الشر.
    عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يرد سفرا إلا قال حين ينهض من مجلسه أو من جلوسه : اللهم بك انتشرت وإليك توجهت وبك اعتصمت ، أنت ثقتي ورجائي اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهتم له وما أنت أعلم به مني ، اللهم زودني التقوى واغفر لي ووجهني إلى الخير حيثما توجهت ، ثم يخرج.
    وكان أبو عبد الله ( عليه السلام ) يقول إذا خرج في سفره : اللهم احفظني واحفظ ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن ، بالله أستفتح وبالله أستنجح وبمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أتوجه ، اللهم سهل لي كل حزونة وذلل لي كل صعوبة وأعطني من الخير كله أكثر مما
1 ـ الهامة والهوام ، كدابة ودواب : ما كانه له سم كالحية. والهوام ، كشداد : الاسد.

(247)
أرجو ، واصرف عني من الشر أكثر مما أحذر في عافية يا أرحم الراحمين. وكان يقول أيضا : أسأل الله الذي بيده ما دق وجل وبيده أقوات الملائكة [ والناس أجمعين ] أن يهب لنا في سفرنا أمنا وإيمانا وسلامة وإسلاما وفقها وتوفيقا وبركة وهدى وشكرا وعافية ومغفرة وعزما لا يغادر ذنبا.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : من قال حين يخرج من منزله : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، باسم الله دخلت وباسم الله خرجت وعلى الله توكلت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله أجمعين ، اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير ، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر غيري ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. كان في ضمان الله حتى يرجع إلى منزله ، قال : ثم يقول : توكلت على الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له وأعوذ بك من شر ما خرجت له ، اللهم أوسع علي من فضلك وأتمم علي من نعمتك واجعل رغبتي فيما عندك وتوفني في سبيلك على ملتك وملة رسولك ، ثم اقرأ آية الكرسي والمعوذتين ، ثم اقرأ سورة الاخلاص بين يديك ثلاث مرات ومن فوقك مرة ومن تحتك مرة ومن خلفك ثلاث مرات وعن يمينك ثلاث مرات وعن شمالك ثلاث مرات وتوكل على الله.
    عوذة ـ كان يتعوذ بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر قبل الليل : يا أرض ربي وربك الله ، وأعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وسوء ما خلق فيك وسوء ما يدب عليك ، وأعوذ بالله من أسد وأسود ومن شر الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ومن شر والد وما ولد ، اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الارضين السبع وما أقللن ورب الرياح وما ذرين ورب الشياطين وما أضللن ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك خير هذه الليلة وخير هذا اليوم وخير هذا الشهر وخير هذه السنة وخير هذا البلد وأهله وخير هذه القرية وأهلها وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.
( في القول عند الركوب والمسير )
    عن الصادق ( عليه السلام ) أنه كان إذا وضع رجله في الركاب يقول : سبحان الذي


(248)
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا ويهلل الله سبعا.
    عن الاصبغ بن نباتة أنه قال : أمسكت لامير المؤمنين ( عليه السلام ) بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه فتبسم ، فقلت : يا أمير المؤمنين [ عليك سلام الله ] رأيتك رفعت رأسك وتبسمت ، قال : نعم ، يا أصبغ أمسكت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما أمسكت لي فرفع رأسه وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني ، أمسكت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الشهباء (1) فرفع رأسه إلى السماء وتبسم ، فقلت : يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت ؟ فقال : يا علي ( إنه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة أيام إلى آخرها ) (2) ، ثم يقول : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إلا قال السيد الكريم : يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه.
    عن الرضا ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا ركب الرجل الدابة فسمى ، ردفه ملك يحفظه حتى ينزل ، فإن ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول : تغن ، فإن قال : لا أحسن ، قال : تمن ، فلا يزال يتمنى حتى ينزل.
    وقال ( عليه السلام ) : من قال إذا ركب الدابة : بسم الله ولا قوة إلا بالله الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين حفظت له نفسه ودابته حتى ينزل. وفي رواية اخرى ما يقال عند الركوب : الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين ، اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الامر وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل والمال والولد ، اللهم أنت عضدي وناصري وإذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك : خرجت بحول الله وقوته بغير حول مني ولا قوة ولكن بحول الله وقوته ، برئت إليك يا رب من الحول والقوة ، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله ، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا
1 ـ الشهباء ـ مؤنث الاشهب ـ : فرس للقتال.
2 ـ سورة الاعراف : آية 52 وهي معروفة بآية السخرة.


(249)
تسوقه إلي وأنا خافض في عافية بقوتك وقدرتك ، اللهم إني سرت في سفري هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا [ يا ذا الجلال والاكرام برحمتك يا أرحم الراحمين ].
( في التشييع )
    شيع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعفر الطيار لما وجهه إلى الحبشة وزوده هذه الكلمات : اللهم الطف به في تيسير كل عسير ، فإن تيسير العسير عليك يسير [ إنك على كل شيء قدير ] ، أسألك [ له ] اليسر والمعافاة [ الدائمة ] في الدنيا والاخرة.
    وودع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلا فقال : زودك الله التقوى وغفر ذنبك ولقاك الخير حيث كنت.
    ولم شيع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أباذر رضي الله عنه ، شيعه الحسن والحسين عليهما السلام وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر رضي الله عنهم ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ودعوا أخاكم ، فإنه لابد للشاخص أن يمضي وللمشيع أن يرجع ، فتكلم كل رجل منهم على حياله ، فقال الحسين بن علي عليهما السلام : رحمك الله يا أباذر إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء لانك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم ، فما أحوجهم [ غدا ] إلى ما منعتهم وأغناك عما منعوك ، فقال أبوذر رضي الله عنه : رحمكم الله من أهل بيت فمالي شجن في الدنيا غيركم ، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم [ جدكم ] رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا ودع المؤمنين قال : زودكم الله التقوى ووجهكم إلى كل خير وقضى لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم وردكم إلي سالمين.
    وفي خبر آخر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا ودع مسافرا أخذ بيده ثم قال : أحسن الله لك الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك البعيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك ووجهك لكل خير ، عليك بتقوى الله ، أستودع الله نفسك ، سر على بركة الله عزوجل.
( في الوداع )
    من أراد أن يودع رجلا فليقل : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ،


(250)
أحسن الله لك الصحابة وأعظم لك العافية وقضى لك الحاجة وزودك التقوى ووجهك للخير حيثما توجهت وردك الله سالما غانما.
    من كتاب المحاسن ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ودع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلا فقال له : سلمك الله وغنمك.

    عن أبي ربيع الشامي (1) قال : كنا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) والبيت غاص بأهله ، فقال ( عليه السلام ) : ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه (2) ومخالقة من خالقه.
    عنه ( عليه السلام ) قال : كان أبي يقول : ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال : خلق يخالق به من صحبه ، وحلم يملك به غضبه ، ووزع يحجزه عن محارم الله تعالى.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر.
    عن عمار بن مروان قال : أوصاني أبو عبد الله ( عليه السلام ) فقال : أوصيك بتقوى الله وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحبة لمن صحبك ولا قوة إلا بالله.
    عن أبي بصير قال : قلت للصادق ( عليه السلام ) : يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرجون النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا ؟ قال : ما أحب أن يذل نفسه ، ليخرج مع من هو مثله.
    عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا (3) عليه فافعل.
1 ـ هو خالد أو خليد بن أوفى العنزي من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ، له كتاب.
2 ـ مالحه : أكل معه ، والممالحة : المؤاكلة. وخالقه : عاشره بخلق حسن.
3 ـ اليد العليا : المعطية والمتعففة. واليد السفلى : المانعة والسائلة.


(251)
    عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : الرفيق ثم السفر.
    وقال ( عليه السلام ) : ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عزوجل أرفقهما بصاحبه.
    وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تصحبن في سفرك من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك.
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم ، فإن ذلك أطيب لانفسهم وأحسن لاخلاقهم.
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إصحب من تتزين به ولا تصحب من يتزين بك.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : البائت في البيت وحده شيطان والاثنان أمة والثلاثة أنس.
    عن شهاب بن عبد ربه قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأوسع عليهم ، قال : لا تفعل يا شهاب ، فإنك إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم ، وإن هم أمسكوا أذللتهم.
    فاصحب نظراءك.
    قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك ، فإن ذلك مذلة للمؤمن.
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أحب الصحابة إلى الله عزوجل أربعة ، وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم.
    قال الصادق ( عليه السلام ) : حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثا.
    عنه ( عليه السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما من نفقة أحب إلى الله عزوجل من نفقة قصد ، وإن الله يبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفر خرج حاجا : من كان سيئ الخلق والجوار فلا يصحبنا.
    عن الحلبي قال : سألت الصادق ( عليه السلام ) عن القوم يصطحبون فيكون فيهم الموسر وغيره ، أينفق عليهم الموسر ؟ قال : إن طابت بذلك أنفسهم وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سيد القوم خادمهم في السفر.
    ومن كتاب شرف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه أمر أصحابه بذبح


(252)
شاة في سفر ، فقال رجل من القوم : علي ذبحها ، وقال الاخر : علي سلخها ، وقال الاخر : علي قطعها ، وقال الاخر : علي طبخها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : علي أن ألقط لكم الحطب ، فقالوا : يا رسول الله لا تتعبن ـ بآبائنا وأمهاتنا أنت ـ نحن نكفيك ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عرفت أنكم تكفوني ولكن الله عز وجل يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم ، فقام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلقط الحطب لهم.
( في آداب المسافر )
    كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا سافر يصحب مع نفسه المشط والسواك والمكحلة.
    عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم. وأكثر التبسم في وجوههم. وكن كريما على زادك بينهم. وإذا دعوك فأجبهم. وإذا استعانوا بك فأعنهم. واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد. وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر. ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة. وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم. وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم. وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فاعط معهم. واسمع لمن هو أكبر منك سنا. وإذا أمروك بأمر أو سألوك شيئا فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإن لا عي ولؤم (1).
    وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا. وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا. وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب. يا بني : إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء وصلها واسترخ منها فإنها دين ، وصل في جماعة ولو على رأس زج (2). ولا تنامن
1 ـ العي : العجز في الكلام. وفي بعض النسخ الغي أي الخيبة والضلالة. وفي بعضها عمى.
2 ـ الزج ـ بالضم ـ : نصل السهم والحديدة التي في أسفل الرمح ويقابله السنان.


(253)
على دابتك ، فإن ذلك يسرع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل. فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك. وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبة. وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس. فإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض. وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة. وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل. وعليك بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا. وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا. وعليك بالدعاء ما دمت خاليا.
    وإياك والسير من أول الليل إلى آخره. وإياك ورفع الصوت في مسيرك.
( في بذل الزاد والمروة في السفر )
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره.
    وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو للعمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق المحمص والمحلا.
    من المحاسن قال الصادق ( عليه السلام ) : ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يلقى في سفره من خير أو شر.
    عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره.
    وروي أنه قام أبوذر رضي الله عنه عند الكعبة فقال : أنا جندب بن السكن فاكتنفه الناس ، فقال : لو أن أحدكم أراد سفرا لا تتخذ فيه من الزاد ما يصلحه ، فسفر يوم القيامة أما تزودون فيه ما يصلحكم ، فقام إليه رجل فقال : أرشدنا ؟ فقال : صم يوما شديد الحر للنشور. وحج حجة لعظائم الامور. وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ، كلمة خير تقولها وكلمة شر تسكت عنها أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجوا يا مسكين من يوم عسير. اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته على عيالك ، ودرهما قدمته لاخرتك والثالث يضر ولا ينفع لا ترده. اجعل الدنيا كلمتين : كلمة
1 ـ حمص السويق : خمسه وقلاه. وحلى الشيء : صيره حلوا.

(254)
في طلب الحلال وكلمة للاخرة والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها ، ثم قال : قتلني هم يوم لا أدركه.
    وقال لقمان لابنه : يا بني إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان بالله عزوجل واجعل شراعها التوكل على الله واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله وإن هلكت فبذنوبك. يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك وسقائك وخيوطك ومخرزك ، وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك. وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل. وفي رواية بعضهم : وقوسك وفرشك.
    عن الصادق ( عليه السلام ) : سئل عن أمر الفتوة ؟ فقال : تظنون أن الفتوة بالفسق والفجور وإنما الفتوة والمروة طعام موضوع ونائل مبذول وبشر معروف وأذى مكفوف ، فأما تلك فشطارة وفسق (1) ، ثم قال ( عليه السلام ) : ما المروة ؟ فقال الناس : لا نعلم ، قال ( عليه السلام ) : ليس المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره والمروة مروتان : مروة في الحضر ومروة في السفر ، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج والنعمة ترى على الخادم ، فإنها تسر الصديق وتكبت العدو. وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عز وجل ، ثم قال : والذي بعث جدي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالحق إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروة ، فإن المعونة تنزل على قدر المؤنة وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء.

    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من قرأ آية الكرسي في السفر في كل ليلة سلم وسلم ما معه ويقول : اللهم اجعل مسيري عبرا وصمتي تفكرا وكلامي ذكرا.
1 ـ شطر بصره شطورا : صار كأنه ينظر إليك وألي آخر. وشطر فلان على أهله : ترك موافقتهم وأعياهم لؤما وخبثا. وشطر شطارة : اتصف بالدهاء والخبث.

(255)
    من مسموعات السيد الامام ناصح الدين أبي البركات المشهدي رحمه الله ، عن محمد ابن عيسى ، عن رجل قال : بعث إلي أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) من خراسان ثياب رزم (1) وكان بين ذلك طين ، فقلت للرسول : ما هذا ؟ قال : طين قبر الحسين عليه السلام ، ما يكاد يوجه شيئا من الثياب ولا غيره إلا ويجعل فيه الطين وكان يقول : أمان فإذن الله تعالى.
    عنه ( عليه السلام ) قال : أتى أخوان إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالا : يا رسول الله إنا نريد الشام في تجارة فعلمنا ما نقول ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بعد إذ آويتما إلى منزل فصليا العشاء الاخرة ، فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة فليسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، ثم ليقرأ آية الكرسي فإنه محفوظ من كل شيء ، وإن لصوصا تبعوهما حتى نزلا فبعثوا غلاما لهم ينظر كيف حالهما ، ناموا أو مستيقظون ، فانتهى الغلام إليهم وقد وضع أحدهما جنبه على فراشه وقرأ آية الكرسي وسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، قال : فإذا عليهما حائطان مبنيان فجاء الغلام فطاف بهما فكلما دار لم ير إلا حائطين فرجع إلى أصحابه فقال : لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيين ، فقالوا : أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت وجبنت فقاموا فنظروا فلم يجدوا إلا حائطين مبنيين فداروا بالحائطين فلم يروا إنسانا فانصرفوا إلى موضعهم ، فلما كان من الغد جاؤوا إليهما ، فقالوا : أين كنتما ؟ فقالا : ما كنا إلا ههنا ، ما برحنا ، فقالوا : لقد جئنا فما رأينا إلا حائطين مبنيين فحدثانا ما قصتكما ؟ فقالا : أتينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعلمنا آية الكرسي وتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، ففعلنا ، فقالوا : انطلقا فوالله لا نتبعكما أبدا ولا يقدر عليكما لص بعد هذا الكلام.
( في الاستخارة للتجارة )
    قال عبد الرحمن بن سيابة : خرجت سنة إلى مكة ومتاعي بز (2) قد كسد علي ، قال : فأشار علي أصحابنا إلى أن أبعثه إلي مصر ولا أرده إلى الكوفة أو إلى
1 ـ الرزمة كسدرة : الكارة من الثياب أي ما جمع وشد معا كأنه من رزمت الثوب : جمعته.
2 ـ البز ـ بالفتح ـ الثياب من القطن أو الكتان ومنه البزاز : يباعه.
مكارم الأخلاق ::: فهرس