تخلق الإنسان

يقول الخالق العليم : ( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . ثم إنكم بعد ذلك لميتون . ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) سورة المؤمنون ...
لنحاول على ضوء هذه الآية أن نتبين بعض الاسرار المادية في تكوين الإنسان وتخلقه حيث استطاع الطب الحديث أن يكشف بعض أسرار التكوين ، وذلك بعد أن مررنا في الأبحاث الأولى على مكوّنات الخلية المعقدة وبعض اسرارها المحيرة ...
إن تكوين الانسان من ناحية العناصر التي تتعاون في تركيبه هي بالدرجة الأولى من الماء حتى ليقال ليس الإنسان سوى برميل صغير من الماء مع عناصر معدنية أخرى نستطيع أن نكوّن منها مسماراً صغيراً من الحديد وراس عود ثقاب من الكبريت وكمية من الكلس تعين في دهن جدار من مادة الكلس التي تستعمل لتبيض الجدران وعناصر أخرى بحيث أنها لا تبلغ في القيمة سوى ما يعادل 40 قرشاً سورياً ، ولكن السر لا يكمن في نوعية المواد وإنما يكمن في كيفية تركيب هذه المواد بعضها إلى بعض ، وهذا المثل ينطبق على أبسط ذرات الخلية كما ينطبق على أعقد التركيبات الحيوية التي تتولد من الجسم ...
إن العنصر الذي يتكون من الجسم مهما بلغ من البساطة كما في الهورمونات والمنتجات الحيوية يتكون من اجتماع ذرات معينة من عناصر التربة نفسها وأهمها المكونات العضوية التي يتداخل في تركيبها الفحم


( 60 )

والهيدرجين والأكسجين بالدرجة الأولى ، وهذه العناصر البسيطة تكوّن آلاف الآلاف من المركبات العضوية المعقدة حتى ان علماً كاملاً من العلوم التي تدرس تسمى بالكيمياء العضوية حيث تشترك عناصر معينة محددة في تكوين مئات وآلاف من المواد في الطبيعة ، والغريب في هذه التكوينات ان الذرات الداخلة في تركيبه إذا اختلفت اختلافاً بسيطاً أو تبدلت في موضعها من مكان لآخر حصل مركب آخر مغاير للأول في خواصه وصفاته مغايرة تامة .
العفريت ذو الاقنعة المتعددة :
ومن الأمثلة على ذلك مادة الكولسترول التي يصطنعها الجسم البشري فهي بالأصل مادة شحمية دسمة تعتبر من دسم البدن ولكن هذا المركب يعد من مركبات البدن السحرية ، ولنسمع إلى الطب لكي يقص علينا قصة هذا العفريت الذين يتلون في كل لحظة إلى مركب جديد وشخصية جديدة فهو ذو الأقنعة المتعددة . فهو تارة كولسترول في الدم بشكل دسم ( الكولسترول مادة شحمية اذا ترسبت على جدران الاوعية الدموية سببت ارتفاع الضغط ) وهو تارة أخري بشكل ينافي الكولسترول تماماً مع أن البناء الكيمياوي هو واحد ولكن تغيرت بعض ذرات البناء فقط فإذا بهذا المركب يصبح هورموناً يعطي صفات الذكورة كلها من توزع الشعر في البدن وخاصة الوجه وغلظ الصوت وشدة العضلات وضيق الحوض واتساع الصدر والمزاج الشديد نسبة للانثى ونموا الأعضاء التناسلية الخاصة ، وبينما هذا المركب يمشي في هذا الاتجاه إذا بتحولات طفيفة تطرأ على بعض ذراته فاذا به ينقلب بشكل عجيب ويصبح هورموناً أنثوياً يعطى للأنثى كل صفات الانوثة من توزع الشعر ، ورقة الجلد ، ونعومة الصوت ، وكثرة الشحم في البدن ، وضعف العضلات وكبر الحوض العظمي حتى يتسع للحمل والولادة وضيق الزنار الكتفي


( 61 )

العظمي على عكس الرجل تماماً بالاضافة إلى المزاج الجنسي الأنثوي الخاص بها ، إن هذا التحول فعلاً يدعو للدهشة إن هذا العفريت ذا الأقنعة المتعددة يخلع هذا القناع أيضاً ليلبس قناعاً جديداً يغابر الأول مغايرة تامة وذلك عند تبدل جديد في ذراته وبشكل طفيف مع المحافظة على الهيكلة الأصلية للبناء الأول للمركب إذا به ينتج ليس مادة دسمة كما في الكولسترول الأصلي ولا هورموناً جنسياً مذكراً كما في الاوستروجين أو انثوياً كما في البروجسترون والاستراديول ، ولكن ينتج شيئاً جديداً هو فيتامين D s الذي يلعب دوراً مهماً في امتصاص الكلس من الأمعاء وترسيبه على العظام وبناء العظام وتمتينها حتى يتسنى للإنسان أن يعتمد على هذا الهيكل ويتحرك ومع تغير جديد في هذا المركب إذا به ينقلب ويرتدي قناعاً جديداً ليس مركباً دسماً أو هرموناً أو فيتاميناً بل صورة الحموض الصفراوية التي تفرز من الكبد حيث تسهل امتصاص الأغذية من الأمعاء وتقلب الخمائر في الأمعاء من شكل خامل هادىء إلى شكل فعال نشيط ، وإذا تغيرت الذرات قليلاً ايضاً لنفس المركب بحيث نقلت ذرات فوضعت في مكان آخر أو حذفت بعض الذرات مما يعرفه الكيمياويون والأطباء أكثر من غيرهم إذا بهذا المركب يصبح من أهم هورمونات قشر الكظر ( شرحنا قشر الكظ فيما مر معنا ) وهو ما يعرف بالالدوسترون الذي يحبس الملح والماء أو مركب آخر يسمى بالديزوكسي كورتيكوسترون (1) ، ومع لعب جديد بهذا المركب اذا بهذا العفريت
____________
(1) وهي هورمونات يفرزها قشر الكظر حيث ان الكظر وهو الغدة التي تجلس كالقبعة فوق رأس الكلية تتألف من لب ومن قشر وهذا القشر مقسم الى ثلاث مناطق كل منطقة اخصائية بفرز بعض الهورمونات الخاصة ، ومن هذه الهورمونات ما تعرف بالهورمونات القشرية المعدنية وهي تقوم باحداث اتزان المعادن في البدن وخاصه عنصر الصوديوم والبوتاسيوم ومنها هورمونات سكرية لاستقلاب السكاكر ومنها هورمونات جنسية تلعب دوراً في اعطاء صفات الرجل والمرأة .
( 62 )

يغضب وينتفض ليصبح مركباً جديداً يشد عضلات القلب ويقويها وكأنه يريد أن يعزم أن يكتفي بهذه التغيرات التي ألبسته كل هذه الأقنعة المتغيرة المتبدلة . فاذا بهذا العفريت العجيب يتنقل من مادة دسمة إلى هورمون إلى فيتامين إلى حمض صفراوي إلى مادة تقوي القلب وهي من مركبات الديجتال ( الديجتال مادة موجودة في النباتات تقوم بتأثير مقو لعضلات القلب ) فأي سر عجيب في هذه التبدلات ومن الذي يطورها ويحورها على هذه الكيفية المدهشة ؟!!...
قصة النطفة الانسانية :
اذن الانسان هو تراب + ماء وتتكون سلالته وفق هذه المعادلة ومن قدرة الله العظيمة وبإرادته تنطلق الروح لتخلق الانسان بعد أن كان طيناً ( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ) ، وأما باقي الرحلة وهي النطفة التي سوف تستقر في قرار مكين فلنسمع إلى العلم والطب وهو يقص علينا أنباء هذه الرحلة الأسطورية العجيبة للنطفة وهي تستقر في القرار المكين ؟!!..
تعتبر الخصية هي المصنع الذي يكوّن الحيوانات المنويه أو النطف والخصية بحد ذاتها ذات تركيب دقيق فهي تتكون من مجموعة ضخمة من الأنابيب المنوية التي تلتوي وتتحلزن بشدة بحيث أن طول الأنبوب الواحد يصل إلى المتر ويجتمع من هذه الأنابيب ما يقرب من ألف أنبوب ، وتتصل هذه الأنابيب بعضها مع بعض ثم تصب جميعها وكأنها روافد لنهر عظيم هو البربخ حيث تلتقي هذه الأنابيب وتشكل شبكة تسمى بشبكة هيللر ، ومن هذه الشبكة ينصب 10 ـ 12 قنينة على البربخ حيث تلتقي الأمواج الزاخرة من النطف ذات الأذناب الطويلة التي تسبح باتجاه واحد ، وعندما تصل إلى البربخ ، وطول البربخ ستة أمتار والسر فيه هو أن يمتلىء بأعداد ضخمة من الحيوانات المنوية لأن التفاف البربخ وتعرجه


( 63 )

الطويل يجعل إمكانيات استيعابه لكل هذه النطف أمراً ميسوراً ، وتقف النطفة قليلاً في هذه القناة الطويلة المتعرجة التي تبلغ من الطول ستة أمتار قبل أن تنتقل إلى قناة أخرى تصعد بها إلى الأعلى لتصب في خزان معد هناك وهو ما يسمى بالحويصل المنوي حيث تجتمع فيه الحيوانات المنوية . لنسر مع النطفة في هذه القناة الطويلة ولنحاول أن نقبض على إحدى النطف لنرى تركيبها العجيب ، إننا نراها بين أيدينا وكأنها رأس قذيفة موضوعة على خيط طويل يغذ بها السير إلى المهمة الرائعة وهي خلق الانسان ويبلغ طول الذنب (1) عشرة أضعاف طول هذه القذيفة ولنتساءل ما فائدة هذا الذنب الطويل ؟ إنه للسباحة السريعة فهو كالمحرك الذي يحرك هذا المركب الصغير ويسير بسرعة جبارة ، ثم لننظر إلى رأس هذا الحيوان المنوي الذي سميناه بالقذيفة انه يشبه الكمثرى حتى يتطاول ويأخذ شكلاً مدبباً من الامام كما إنه مصفح من طرفة الامامي حتى يستطيع بهذا أن يدخل البيضة بسرعة فهو قذيفة مصفحة ، ثم لننظر في محتويات هذه القذيفة إن فيها سراً عميقاً هائلاً جعل فيها حيوية عجيبة وهو ما يسمى بالانقسام المنصف فالصبغيات أو المورثات التي تكمن فيها صفات الأب ليست كاملة بل يوجد نصفها بالضبط ، ولذا فهي تنتظر بلهفة تلك اللحظة التي ستجتمع فيها مع البيضة حيث تنقل الأخرى بدورها صفات الأم عن طريق نصف الصبغيات أيضاً ومع اجتماع النصفين يتخلق انسان كامل ، ثم نتساءل إذا كان تكون النطفة هو بهذا الشكل من مصنع الخصية ، فما هو السر أن يكون الصفن خارج الجسم ولا يكون داخل الجسم في أمان أكثر ؟!!... ويجيب الطب فيقول ان الخصية بالأصل كانت قرب الكلية في الظهر وذلك في الحياة الجنينة ، ولكن مع ولادة الإنسان تنزل الخصية إلى مكانها الطبيعي وهو الصفن خارج الجسم
____________
(1) رأس النطفة 5 ميبكرون والذنب 50 ميكرون .
( 64 )

فهو مسكنها الاخير ، والسبب في هذا يعود إلى أن النطف لا يمكن أن تعيش في حرارة البدن بل لا بد لها من حرارة تنزل عن حرارة الجسم بـ 3 ـ 4 درجات ، ولذا كان أنسب مكان للخصية هو في الصفن وهنا نتذكر قول الله تعالى وهو يخبرنا : ( وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهور ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ) حيث كانت الخصية في الظهر عند الكلية فهل هذه الآية إشارة الى هذا المعنى ؟!! وهذه حقيقة علمية كشف الطب الحديث عنها .
عمل ملكة الغدد :
ثم لنتابع الرحلة لنرى ما هي العوامل التي تهىء لإخراج النطفة إلى حيز الوجود إن تلك الغدة العجيبة التي هي ملكة الغدد في الجسم وهي النخامة ترسل من فصها الامامي هورموناً يقوم بدور الرسول المحرض فهو يستثير حمية النطف أن تنمو وتتقدم وهكذا تتنشط النطف حتى تمر بمراحل وأدوار متعاقبة حتى تصل إلى دور النطفة الجاهزة للالقاح هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ترسل ملكة الغدد رسولاً آخر يحث بعض المراكز الخلوية المندسة بين النطف وهي ما تعرف بخلايا ليديغ وسرتولي حيث تقوم هي بدورها بافراز هورمون جنسي يقوم باعطاء الخواص الجنسية للذكر من غلظ الصوت وبروز الحنجرة وصلابة العضلات وشدة المزاج وضيق الحوض وكبر الاكتاف وتوزع الشعر وخاصة في العانة وتحت الابط وبقية الجسم بشكل عام بالإضافة إلى الميل الجنسي ، وهكذا يتكون الذكر على ثلاث مستويات لكي يستمر النسل البشري ويتكاثر فهو أولاً حصل تكون النطف التي فيها سر التكوين ، ثم حصل الميل النفسي ، وثالثاً كانت المظاهر الخارجية كلها خاصة للذكر ومميزة له عن الأنثى ، وإن المتأمل ليقف خاشعاً وهو يرى هذه المظاهر فما الذي جعل هذا الهورمون الجنسي المذكر والذي يسمى بالتستومترون ان تصنع بصلات


( 65 )

الشعر أن تخرج بكيفية معينة في ناحية السرة تختلف عنها في الأنثى ، فهي في الذكر مثلثة تبدأ من السرة وتمتد إلى الاسفل بينما هي في الأنثى مجتمعة حول الفرج ، ثم كيف احتال هذا الهورمون على اقناع بقية بصلات الشعر والجسم فجعلها تظهر في كل الجسم بينما هي في الأنثى نادرة فلا يرى الشعر في الجسم إلا في حالات شاذة ، ثم كيف استطاع هذا الهورمون ذو قدرة الاقناع العجيبة أن يفهم الحبال الصوتية أن تكون بهذه الكيفية بحيث تعطي غلظ الصوت ، أو كيف أعان العضلات وجعلها تبدأ لتدخل البروتينات فيها وبالتالي تشتد العضلات وتقسو ، وأما انفتاح عظام الصدر ومفاصله ، وضيق عظام الحوض ومفاصله فما هو السر فيها يا ترى ، وكيف تسنى لهذا الهورمون أن يتحدث بلغات مختلفة ولهجات متباينة فيؤثر على العظام والمفاصل والعضلات وحبال الصوت وغضاريف الحنجرة وبصلاة الاشعار ، وأخيراً المزاج النفسي حيث يبقى الاخير سراً محيراً ولغزاً مدهشاً فمن الذي وهبه كل هذه القدرات ؟!!.
وبينما نحن في هذا الحديث والحيوان المنوي يمشي في ذلك النفق السحري كالغواصة يشق عباب المفرزات والاخلاط والماء الكدر ولا يصطدم بالجدران ، وحتى لو اصطدم فان هذه القلنسوة التي تغطي رأسه جعلته مصفحاً مدرعاً لا يتأثر ، وبجانب هذه النطفة يمشي شعب كامل من النطف يبلغ الملايين كلهم يسيرون في هذه المسيرة العظيمة التي هي أنشودة تخلق الانسان العظيم .
ومن حين لآخر يضيق النفق ويتسع حتى نصل إلى المستودع العام للتخزين الذي هو الحويصل المنوي حيث تجتمع النطف في انتظار المناسبة الجنسية حتى تتدفق وتنطلق للقاء الموعود .. ان اجتماع النطف في الحويصل المنوي مهم ، فلولا ذلك لاستمر تدفقها إلى الإحليل ثم القضيب وهكذا يحصل إفراز مستمر وهذا ما يجعل المصنع يصدر بضائعه إلى حيث


( 66 )

يخسرها !! ولكن هذا ليس من طبائع هذا التركيب المتناسق البديع ، ولذا لا بد من تخزين البضائع حتى يحين الوقت الملائم وتأتي الشاحنات المناسبة فتملأ البضائع وتصدر حيث يحصل الربح والخير . فكيف بتخلق الانسان ؟!!
والآن كيف سيصل الحيوان المنوي بأمان إلى الرحم وأمامه من العقبات والاخطار ما يهدد حياته بالفناء ، فالإحليل ( وهو المجرى الذي يسير فيه البول والسائل المنوي ) طويل ثم إن طبيعة الوسط في مجرى الإحليل حامض وذلك بسبب مرور البول المستمر ، ثم ان طول طريق المهبل خطر بسبب الحموضة الشديدة الموجودة فيه أيضاً ، ثم ان المفرزات في الحويصل المنوي قليلة . فما العمل اذن وأمامه كل هذه المخاطر ؟؟..
حقاً ان قصة الحياة عجيبة ، ان الذي صممها حسب كل شيء بمقدار كما قال : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، فبما ان العقبة الاولى هي الاوساط الحامضية لذا فان تفاعل السائل المنوي هو قلوي ، وحتى يتم إيصال هذه المادة المهمة التي هي ماء الحياة إلى الرحم لا بد من مقدمات كثيرة ، فلا بد من احتقان الوصيل المنوي حتى يتدفق الذي اجتمع فيه إلى الخارج وهذا لا يتم إلا بالتوجيه العصي من مراكز الاشراف العصبية المجتمعة في النخاع وهذه بدورها تتلقى الاوامر من الدماغ ولكن كيف سيرسل الدماغ أوامره ؟ إنها ستكون من خلال الفكرة التي يكونها عن الوسط الخارجي وهذه ستتكون من خلال الحواس وأهمها النظر ، ولذا فان النظر يحرك الفكرة الغريزية فتنطلق الأوامر بسرعة إلى النخاع حيث يضغط على الأعصاب بدوره ، والأعصاب تنبه الحويصل المنوي والغدد الأخرى ، فما هي إلا لحظات حتى تفرز بعض الغدد المختبئة في الطريق إفرازاتها وهي الغدد البصلية الإحليلية ومفرزها ذو طبيعة قلوية ولذا فانه يضمن الطريق البولي أن لا يوذي الحيوانات المنوية ولكن هل يكفي هذا ؟


( 67 )

لا بد من ضمانات أخرى ولذا تفرز غدة البروستات مفرزاتها أيضاً وهكذا يكون الطريق عبر القضيب قد مهد تماماً وتنظف من المفرزات الحامضية ثم ان وضع الانتشار في العضو التناسلي يكون قد تم وذلك من الأوامر العصبية التي هيأت كل الاطراف المهمة لتأدية هذا الفرض الحيوي ، وهنا يحصل الدفق السريع فلا يقف طويلاً السائل المنوي في الطريق البولي كما ان المفرزات الاولى تكون قد عدلت المفرزات الحامضية في الطريق البولي في إحليل الرجل ومهبل المرأة ، وهكذا يكون الأمر قد وصل أقرب ما يكون إلى تأمين حياة هذه النطفة الضعيفة المسكينة التي تحمل الأمانة العظيمة والسر الهائل الذي هو الانسان .. ويبقى تفسير الرعشة الجنسية أو حصول الارتواء الجنسي سراً من الاسرار النفسية التي لا يمكن تفسيرها بالبساطة التي فسرنا فيها الأمور السابقة ..
وكم سيكون عدد الضحايا من الحيوانات المنوية في الطريق يا ترى ؟ لا شك أن العدد كبير لأن طبيعة الحياة فيها الجهاد والتضحية والموت ولكن دقة التصميم وروعة البناء غطت كل هذه المسائل ، ان الدفقة الواحدة من السائل المنوي فيها ما يقرب من 400 مليون حيوان منوي ، انه شعب منوي كامل من الحيوانات المنوية التي تبدأ السباق الجبار لكي يحصل قصب السبق للفائز الأول الذي سيصل إلى البويضة ويلتحم بها ويكوّن الانسان ، وبينما نحن نرقب هذا السباق المخيف ليس بين العشرات ولا المئات بل ملايين النطف الزاحفة إلى أعلى وهي تضرب بسياطها الطويلة مزجرة في الطريق تخبط المفرزات المخاطية وتصعد بسرعة جبارة وكأن هذه الأذناب المحركات الهائلة لهذه القذائف المحشوة بالسر الانساني ، أقول بينما نحن نرقب هذا السباق تكون البويضة في البوق تتهادى في مشيها كأنها الملكة وهي محاطة بما يشبه الحاشية من حولها وتضع على رأسها الاكليل المشع !! وهي تستعد لاستقبال الفائز الأول ، ولكن من


( 68 )

أين جاءت هذه وكيف تكوّنت ، إذن لنستمع إلى الطب وهو يروي لنا قصتها العجيبة ؟!!..
مصنع البيوض عند المرأة :
يعتبر المبيض المصنع الذي يكوّن بويضات المرأة والعجيب في هذا المصنع أنه يبنى وتوضع فيه المواد الأولية وهي الخلايا التي سيتكون منها البويضات ولكن لا يفتح هذا المصنع أبوابه للانتاج حتى سن البلوغ حتى تكتمل الأنثى وتتهيأ من ناحية المظهر الجسمي والنفسي ، وعندما تدخل سن البلوغ يبدأ المبيض الهاجع بالعمل وتنطلق البيضة الأولى منه .
لقد وجد أن في المبيض ما يقرب من 400 ألف جريب ( والجريب كيس يشبه الجراب الصغير فيه خلايا صغيرة تحيط بالبيضة الأصلية التي تحمل صفات الأم ) ، ولا ينطلق من المبيض سوى 400 جريب وسطياً خلال الحياة هو ما يعادل بيضة واحدة في كل شهر ، وهذا الذي يحدث حيث أن الدورة الطمثية أو ما تسمى بالعادة الشهرية تستغرق عند المراة الطبيعية 28 يوماً أي ما يعادل شهراً قمرياً .. وتمر معنا في هذا البحث ملاحظات دقيقة شيقة فأولها الفصل الجنسي أو الموسم الجنسي ، فلقد وجد أن عند الحيوانات مواسم وأوقات معينة يحدث فيه إمكانية التلاقح والتناسل مع وجود النزو أو المي الجنسي للجنس الآخر وهذه المدة تتراوح بين أشهر كما في الكلاب والقطط وبين أيام قليلة في السنة كما في الضفادع . أما الانسان فهي عند المرأة تمتد ما يقرب من 40 سنة وهي وسطياً ما بين العمر 12 ـ 50 سنة أما الرجل فهي مدى الحياة ، ثم ان القدرة الجنسية وإمكانية التلاقح والميل الجنسي موجودة عند الانسان على طول أيام السنة وهذا ما يجعل الأمر في منتهى الخطورة


( 69 )

والبول والتنفس فهي تخضع لسنة وقانون معين حيث ينطفىء الميل الجنسي خارج أيام الموسم الجنسي ، ويتفرغ الحيوان لمشاغله الأخرى ، أما الانسان فلقد ربط هذا الجهاز مع مفتاح الارادة عند الانسان فهو ينظم ذلك قلة وكثرة ضبطاً وانفلاتاً حسبما تقوده إرادته ، ولذا كان الانسان الكائن الوحيد الذي سيحاسب على هذه الاجهزة التي امتلكها .. ( انا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ـ سورة الأحزاب ) ، والملاحظة الأخرى هي فكرة التناوب في قذف البيوض من المبيضين بالتناوب فهذه قاعدة في كل غدد الجسم ، فافراز الهورمونات متقطع وليس مستمراً وعمل الكبب الكلوية بالتناوب فكل فوج يعمل يربح قسماً آخر من العمل كما ان الأسناخ الرئوية لا تنفتح كلها أثناء التنفس ، وأما الأوعية الشعرية الدموية فلا تتوسع كلها إلا في حالات خاصة كزيادة الجهد والصدمات وسواها ، وهذه قاعدة في كل غدد الجسم وأجهزته .. ثم للنظر في البويضة فهي لا تكون لوحدها في المبيض بل هي محاطة كالملكة تماماً بحاشية كبيرة من الخلايا وهي تضع على رأسها تاجاً مشعاً من الخلايا ( محاطة بمجموعة من الخلايا تسمى التاج أو الاكليل الشعاعي ) وهي موجودة ضمن قربة صغيرة تسمى جريب دوغراف وهذا الجريب يحتوي في داخله بالاضافة للخلايا على سوائل هورمونية تهيء الرحم لاستقبال البيضة الملقحة وإذا مر الشهر بدون أن يحصل تلقيح انهدم الغشاء المخاطي في الرحم وسال الدم الغزير الذي يعرف بالدم الطمثي أو دم العادة الشهرية .
وهنا نتساءل وكيف يحصل انطلاق البيضة من المبيض ما دامت موجودة في داخله كالسجن وأشد ؟؟ يجيب الطب على هذا السؤال فيقول :
يوجد ارتباط معقد ما بين غدد الجسم الداخلية فالغدة النخامية هي دماغ الغدد ومفتاحها الرئيسي ، أو هي بالأحرى ملكة الغدد الموجودة


( 70 )

في الجسم بدون نزاع حيث تتربع على عرشها في داخل الجمجمة في مكان محمي تماماً وهذا العرش هو السرج التركي وهي ترسل أوامرها من هناك من أعلى الجسم ومن جملة الأوامر هورمون يحمل رسالة مستعجلة إلى الجريب الموجود في المبيض يأمره أن يتحرك ويزيد من مفرزاته ويستدعي الاحتياطي من جنوده الخلوية وهكذا تجتمع الخلايا الاحتياطية وتشكل جيشاً خلوياً يحيط بالبيضة ليسير معها يحميها مما تتعرض له حتى يوصلها إلى حدود البلاد وحدود البلاد هنا هي قشرة المبيض ويكون الجريب قد كبر إلى درجة كبيرة تبلغ حبة الكرز ويضغط على قشرة المبيض الرقيقة وهنا يأتي هورمون آخر مرسل باقصى سرعة من ملكة الغدد يأمر حرس الحدود أن يفسحوا المجال بسرعة للبيضة بالخروج وللجريب أن ينفجر كما ينفجر اللغم الموضوع على الحدود حينما يمر عابر سبيل بدون معرفة بطبيعة الحدود ولكن هذا الانفجار مرسوم فهو يدفع بالبيضة إلى البوق الذي يطبق على المكان المنفتح من جدار المبيض وكأن هناك تفاهماً ما بين حرس الحدود وهذا البوق الذي هو نهاية المفير (1) . وعندما يتسلم البوق هذه الامانة العزيزة يكون الجريب المنفقىء قد دلق سوائله في فسحة البطن وهذه السوائل هي هورمونات تثير الميل الجنسي عند المرأة وكأنها تحت المرأة حتى لا يضيع هذا الجهد المبذول ، ويحصل التلقيح ولا يلقي بالبيضة إلى الموت لأنها لا تعيش أكثر من 24 ساعة على أبعد حد وينقلب الجريب بعد ذلك إلى مهمة جديدة تعين البيضة التي انطلقت في سبيلها فهو لا ينسى طول الصحبة على الوفاء لها ولذا تسمى بقية الجريب بالجسم الأصفر لأنه يمتلىء بمادة صفراء هي هورمون خاص يسمى بالبروجسترون ( اللوتئين ) حيث يمهد الطريق أمام البيضة فيما إذا
____________
(1) البوق والنفير هما قناة تصل ما بين الرحم والمنطقة القريبة من المبيض وانظر إلى الرسم الموضح .
( 71 )

تلقحت فهو يرسل أخباراً مستعجلة إلى الرحم يفهمه بأن يستعد لاستقبال البيضة التي هي في الطريق إليه وعندما يسمع الرحم بهذه الأخبار المهمة يستعد لاستقبال الضيف العزيز فيبسط الفرش الوثيرة والوسائد المريحة والزرابي الثمينة ( الزرابي هي السجاد ) كل هذه في صورة تسميك غشاء باطن الرحم حيث تزداد غدده وطبقات خلاياه وبينما الرحم في الانتظار إذا بالأخبار المؤسفة تنقل له أن هذا الضيف العزيز قد مات في الطريق فيتأثر ويبكي دماً لا دمعاً على هذا الضيف العزيز وهو ما يعرف بالدم الطمثي .
والآن إلى البويضة التي انطلقت في الرحلة المرسومة هنا يحصل تطور خطير ومهم وهو ما يعرف بالانقسام المنصف الذي يجعل البويضة تملك تصف الكروموسومات حتى تلتقي بالنطفة التي تملك أيضاً نصف الكروموسومات ( الصبغيات ) من الأب حتى يتشكل من اجتماع النصفين بشر سوي متكامل ، والآن حانت ساعة الصفر لأن الحيوان المنوي الذي تركناه وهو ينطلق كالصاروخ عبر الرحم إلى النفير والبوق وهو يضرب بذنبه الطويل ويشق عباب المفرزات بأسرع حركة وهي الحركة اللولبية وفي مقدمته القلنسوة المدرعة فكيف سيتم اللقاء التاريخي ؟؟؟..
لقاء الحيوان المنوي والبويضة :
لو تصورنا أننا ارسلنا رجلاً مغمض العينين من شرق سوريا من مدينة القامشلي ومن الغرب رجلاً آخر من اللاذقية مغمض العينين ودفعناهما في اتجاهين معاكسين وحددنا لهما غرفة على شاطىء نهر الفرات تبعد عن مدينة دير الزور بمسافة 25 كم إلى الجنوب الشرقي فكيف نتصور اللقاء هل هو أقرب للمستحيل أم هو مستحيل فعلاً ؟ إن هذا يحدث تماماً للنطفة والبيضة لأن البوق الذي تسير فيه البيضة يعتبر نفقاً هائلاً بالنسبة لها واكثر بالنسبة للنطفة حيث أن قطر النطفة يبلغ بضعة ميكرونات ويبلغ قطر البويضة 200 ميكرون بينما يبلغ طول النفير 12 سم وثخانته 1 سم وهي على كل حال أجزاء من السنتمتر من الداخل


( 72 )

( لمعة النفير ) ونعيد فنذكر القارىء أن الميكرون هو جزء من ألف من الميلمتر وهكذا فإن طول النفير يبلغ ( 240 ألف ) ضعف للنطفة وتعبر النطفة ثلثي هذه المسافة في مدى ساعات ثم لنتصور كثافة القذائف المتسابقة فهي كما ذكرنا بالملايين والسبّاق الأول هو الذي يلتحم بالبويضة حيث إنه يقترب من البويضة ويرسل لها انزيماً خاصاً يعتبر كرسول يخبر البويضة أن ها قد جئت فافتحي الباب فتبعث له إشارة من جدارها الخارجي أن اقترب وهو مخروط الجذب كما يسميه الأطباء حيث تتبارز منطقة صغيرة من الجدار الخارجي للبويضة فيقترب من هذا التبارز الحيوان المنوي وإذا بالجدار ينفلق من جهته ويلجه الحيوان المنوي بقلنسوته المصفحة من جهة ثانية ويترك وراءه الذنب الطويل الذي ساعده في هذه الرحلة الطويلة فجزاه الله كل خير ، ولكن لم يعد بحاجة اليه فليبق إذن في الخارج وليدخل إلى جوف البويضة الحشوة الانسانية النصفية . وتقترب النواتان وتندمج الصبغيات وتكتمل وإذا بالكروموسومات تتراكب على بعضها وتخلق انساناً جديداً له صفات الأب والأم معاً .
وهنا نتساءل وكم تساءلنا وكم سوف نتساءل مع المستقبل أين تكمن الصفات الوراثية لهذا الانسان الجديد ؟ إنها تكمن في الحمض البربي النووي منقوص الاكسجين الذي رمزنا له بـ . D.N.A ( د . ن . آ ) كل صفات الإنسان تكمن في هذا الحمض الذي يبلغ من الطول (30) ثلاثين انغستروم Ao ولكن كما قال العالمان واطسون وكريك يتكون من ألف دورة يتوزع فيها المورثات التي تحمل صفات الانسان الإرثية بطريقة يعجز الطب عن تفسيرها . إن البيضة التي تكونت الآن من اجتماع البويضة التي انطلقت من المبيض والنطفة القادمة من الذكر تبلغ من الوزن جزءاً من مليون من الغرام وهذا الجزء اليسير سيخلق منه الإنسان بكامله وصدق الخالق العظيم ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه


( 73 )

سميعاً بصيراً ) ولقد وجد أن هذه الخلية الملقحة لها زمان ومكان إذا قدمت أو أخرت لم يحصل الالقاح ولم يتم تخلق الإنسان ، فأما الزمان فالبويضة تنزل في اليوم الرابع عشر من الدورة الشهرية وتعيش لساعات قليلة أو يوم على ابعد حد إذا لم تلتق بالحيوان المنوي وكذلك فإن الحيوان المنوي يدخل إلى البوق وله من العمر 3 ـ 4 أيام لا أكثر فإذا حصل التلقيح كان عمره عمر الإنسان وإذا لم يحصل مات في ايام فأي سر في التلقيح ومن الذي وهب هذه القدرة العجيبة لهذه البيضة الملقحة ؟ وأما المكان فلقد وجد أن المثلث الوحشي ( الثلث البعيد عن الرحم فيما إذا قسمنا النفير إلى ثلاثة أقسام : ثلث قريب من الرحم وثلث متوسط وثلث بعيد عن الرحم ، ونسأل لماذا هذا المكان بالذات حتى أن التلقيح لو حصل في غير هذا المكان لا يتم ولا يتابع سيره ؟ على العلماء ذلك تعليلات شتى ولا يوجد تعليل واضح موحد للقضية سوى أن يقول الإنسان تدبير الرب الحكيم ( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ؟ نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين . على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون . ولقد علمتم النشأة الأولى فلو لا تذكرون ) ثم يبدأ انقسام هذه الخلية الجديدة التي سميناها بالبيضة الملقحة ولقد منحت قدرة هائلة في التكاثر حتى أن الأطباء يعرفون هذا الشيء كما يقول القرآن ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) إن كبر الرحم والبطن عند المرأة وبسرعة هو بالدرجة الأولى حمل ثم نشكل بغيره لأن نمو الرحم هو أسرع من نمو أخبث السرطانات المعروفة ولكن شتان ما بين هذا النمو الذي يقود إلى الحياة والنضارة ، وذلك إلى الموت والآلام وهكذا فإن قدرة الحياة أسرع من الموت .
إن الخلية الجديدة التي تبلغ من الوزن جزءاً من مليون من الغرام


( 74 )

تصبح في موعد الولادة مخلوقاً متكاملاً يزن ثلاثة آلاف ومئتين وخمسين غراماً (3250) غراماً ويبلغ مقدار خلاياه (200) بليون خلية أو على ما ذكر صاحب كتاب « لماذا نموت » الدكتور عبد المحسن صالح ألف مليون مليون خلية وهو رقم هائل ، وهذا نتيجة الانقسامات العديدة ، وأما الوزن فقد ازداد ما يفوق على ثلاثة آلاف مليون مرة عما كان عليه عندما كان يرقد في الخلية الأولى ؟!!..
بعد أن يتم تلقيح البيضة تضرب في محيطها الخارجي جداراً كتيماً بحيث أن جميع النطف التي تأتي بعد ذلك وتضرب برؤوسها الجدار لا تستطيع اختراقها وهكذا تموت بقية النطف . ثم لنتابع رحلة البيضة الملقحة حيث نجد أنها تبدأ بالانقسام بشكل سلسلة هندسية 2 ، 4 ، 8 ، 16 ، 32 ، 64 ، 128 ، 256 ، 512 . وهذا ينتج عدداً ضخماً من الخلايا مع عدم زيادة حجم البيضة الأصلية اي أن الذي يحصل هو تقسم البيضة فقط واثناء هذا الانقسام تكون البيضة سائرة في نفق البوق حيث تدفعها التيارات المصلية الموجودة في البوق وتستغرق هذه الرحلة عبر هذا النفق البوقي قرابة عشرة أيام حيث يكون الانقسام قد أخذ ذروته وعلى ما يذكر البعض يحصل قرابة خمسين انقساماً وعندما تصل إلى الرحم يكون الغشاء المخاطي الرحمي مهيأ لاستقبالها كما ذكرنا وهنا يبدأ عمل عجيب ومهم وهو دخول البيضة إلى داخل الجدار الرحمي والجدار مغلق أمامها ؟ ثم لا نلبث أن نرى أن هذه البيضة التي أصبح لها شكل التوتة من كثرة ازدحامها بالخلايا أن تمد أرجلاً كأرجل الاخطبوط تعمل بقوة وعنف في فتح الجدار الرحمي أمام التوتة ، وعندما يتم لها ذلك تنطمر هذه البيضة التوتية في جدار الرحم ويغلق الباب الذي فتح لها خلفها ثم ماذا ؟ إن هذه الأرجل الأخطبوطية تمتد على مدار التوتة وهي ما تعرف بالزغابات حيث تقوم