الحياة ، ويعجز عن إيجاد مفرّ من الآلام التي تعتريه ، ولا يريد أن يتحمل عبء المسؤولية... وهكذا نخلص إلى أن الانتحار كالاجرام مظهر من مظاهر الشعور بالانانية وعبادة الذات » (1). |
« الاعتماد على النفس أساس كل تقدم وترقٍ. فإن اتصف اكثر أفراد الشعب بهذه الفضيلة كان ذلك الشعب قوياً وعظيماً ، وكان السرّ في إرتقائه وتقدمه وقدرته هو تلك الخصلة فقط. لأنّه في هذه الصورة يكون عزم الإنسان قوياً ، وفي صورة الإعتماد على الآخرين ضعيفاً. إن المساعدات التي تصل الفرد من الخارج تضعف فيه روح المثابرة والعمل غالباً ، لأن الإنسان في هذه الالة لا يرى داعياً للجد والعمل خصوصاً عندما تتجاوز المساعدات الخارجية عن الحد الضروري... حينئذٍ تفقد الاعصاب قوتها ، وتموت روح العزيمة والمثابرة في نفسه. إن أحسن الشرائع والقوانين ، هي تلك التي تجعل الانسان مختاراً في حياته ، وتمنحه الحرية في الاعتماد على نفسه وإدارة حياته » (1). |
يقول برتراند رسل : « عندما يستطيع الطفل أن يثبّت عينيه نحو الأشياء فإنه يلتذ كثيراً من مشاهدة الأشياء المتحركة ، والذرات المتقلبة عند هبوب الرياح. في هذه المرحلة بالذات يفرح الطفل للأصوات الرتيبة والجديدة ». « تعتبر حركة الأصابع في بداية الأمر من الأفعال الإنعكاسية فقط. لكن الطفل يكتشف فيما بعد أنه يستطيع أن يحركها متى شاء. أنها يبعث الفرح والسرور في نفس الطفل بقدر ما يبعث استيلاء امبراطور مستعمر على دولة من الدول الإرتياح في نفسه. في هذه |
الحالة تخرج الأصابع عن حالتها المغتربة وتصبح جزء من الوجود. لقد لاحظت هذه الحالة في ولدي بصورة قطعية في السن الخامسة الأول مرة ، وذلك عندما استطاع بعد محاولات عديدة أن يرفع الجرس الذي كان ثقيلاً نوعاً ما من فوق المنضدة ويضعه على نحو ينبعث منه الصوت... وإذ توصل الى هذه النتيجة السارة أخذ ينظر الى من حوله بابتسامة ذات مغزى » (1). |
« هناك أطفال يجب تكرار كل موضوع عدة مرات معهم : قم ، انظر ، لا تقتل نفسك ، نظف أظفارك وأذنيك ، إعتن بنظافة أنفك ، سر مستقيماً ، لا تمزق كتبك ، لا توسخ دفاترك ، كن مؤدباً في حديثك مع الفرّاش ، لا تتلكم كثيراً.. وغير ذلك. هؤلاء ـ وحتى أولياؤهم ـ يتعبوننا ، إننا لا نعلم من هو الذي يستحق اللوم. لكنه لا ريب في ضرورة توجيه اللوم للوالدين لأنهما لم يبدءا في تربية طفلهما في الوقت المناسب ، ولم يعيرا أهمية تذكر لأفعاله. وبهذه الصورة فإن الأطفال الذين كان بالإمكان أن يصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع ، ويصبحون عالة على الغير ، ومما يؤسف له أنهم ليسوا قابلين للإصلاح » (1). |
وبالمناسبة يقول ( جلبرت روبين ) : « لا ريب في أن الطفل زينة حياتنا ، ولكن يجب أن لا ننظر إليه كنظرتنا الى فاكهة أو ورودة على الشجرة ، لأنه وإن كان يأخذ عصارته النباتية وغذاءه منا ، لكنه ليس جزء من شجرة ، لأنّه وإن كان يأخذ عصارته النباتية وغذاءه منا ، لكنه ليس جزء من شجرة وجدونا ، بل انه نبتة مستقلة ، يجب أن نقطع الجذور والأغصان الصغيرة التى تربطنا به حتى لا نقف أمام نموه ، ونمنع ـ بدورنا ـ من وصول العصارة النباتية إليه » « إن الأم الشابة تقول بكل غرور : ( انه من دمي ولحمي ) ولكن ما يؤسف له أنه لا يمضي وقت طويل حتى تتحسر بآهة من أعماق قلبها لأن هذا الإرتباط قد قطع. إننا نسمع هذه الجملة غالباً : ( إني أحبه كثيراً لأني لا أملك في الدنيا أحداً غيره ) في حين أنه يجب إبعاد الطفل عن مثل هذه العواطف. يجب أن لا نكون أنانيين ولكن ينبغي أن نعلم بأن طفلنا يملك حياة مستقلة تماماً... حتى أدركنا أنه ليس لنا ، بل هو متعلق بشخصه ، وله حياة مستقلة تدعوه الى نفسها. وبصورة موجزة فاإنه يجب أن يتربى لنفسه لا للآخرين... هلموا إذن للتخلي عن اعتبار الطفل ملكاً لنا ، لمّا لم نكن أكثر من حلقة وصل في هذه الحياة » (1). |
« إحذروا من أن تحرموا الطفل من الفرص المناسبة التي يستطيع من خلالها أن يتعلم بعض التجارب بنفسه ، بمعنى أن لا تساعدوه في أداء كل عمل. هذه المساعدات التي تتجاوز الحد المقرر لها أحساناً تعوّده على مساعدة الآخرين دائماً ، ونشوئه عالة على الغير ، فيفقد قدرته الشخصية في النهاية ، ويعجز عن إنقاذ موقفه المتأزملوحده بسبب من هذا الضعف والتعوّد على مساعدة الآخرين له » (1). |
« إن المربي يعدّ الطفل للحياة ، إذن يجب ترجيح الطفل على تصوراته الخاصة. إن المربي سوف يصغي الى اوامر قلبه وعقله ، وسيسلك مع الطفل سلوكاً إنسانياً ، ذلك أنه يجب ألا نترك الجانب الإنساني مطلقاً... يجب أن نسلك سلوكاً إنسانياً من دون أي إثرة أو أنانية ، يجب أن نكون إنسانيين ومحايدين في آن واحد » « إن الوالدين والمربي العادل هم القادرون على أن يهبوا الطفل نصائح محايدة ، وأن يجعلوا منه إنساناً كاملاً لا إتكالياً ، إنهم يحبون الأطفال لا حباً أعمى بل حباً معقولاً يقودهم نحو الطريق الصحيح في الحياة ». « إن محبة كهذه لا تغفل عن أسس عملها أبداً ، بل تحافظ على الإعتدال دائماً ، ذلك أن العدل والإنصاف هما بمنزلة الملجأ للطفل ». « إذا كان الأب عادلاً فإن جدّه وتشدّده لا يخلفان أثراً سيئاً في الحياة. إن طريق الطفل يمكن أن يكون مليئاً بالعقبات |