أمارة على الشعور بعدم الإستقرار الروحي. إن رب العمل الذي بجور على عماله كثيرا فإن ذلك لا يفسر
الا بخوف خفي من فقدان القدرة عليهم ، وخروجهم على أوامره. إنه يعلم جيداً أن الأثر السلبي لشخصيته وتزمته أكثر من الأثر الإيجابي... هذا القانون ينطبق على الزوج الذي يجوز على زوجته ، والوالد الذي يعامل أولاده بخشونة أيضاً ». « عندما يكون الإستبداد ، والظلم ، والتجاوز رائجاً فإنه أمارة الشعور بعدم الكفاءة وفقدان الإعتماد على النفس وبالإمكان اكتشاف جذور هذه المفاسد بمعونة عالم نفساني أو بواسطة التأمل الباطني والحياد في كشف زوايا اللاشعور » (1). « كنت أعرف مهندساً قديراً ممتازاً في فنه. كان يعامل أصدقاءه وأفراد أسرته بالبشر واللين ، ولكنه كان يبذل المزيد من الخشونة والشدة تجاه العمال الذين يشتغلون تحت إشرافه... كان يتناول الطعام لوحده ، ولا يشارك الآخرين في أحاديثهم ونزهاتهم ، كان لا يضحك أبداً ولم تظهر الإبتسامة على فمه ، وكان لا يسمح لأحد بالاعتراض والإنتقاد ، ولكننا كنا نعلم أنه يتألم كثيراً في بطانه من هذا السلوك ، ويتمنى أن يستطيع التكلم والضحك مع الجميع ، وأن يشارك الآخرين في تناول الطعام. وعندما سأله المحلل النفسي عن ذلك وتحري جميع جوانب شخصيته ، تبين أنه يشك في انقياد العمال والموظفين الذين يعملون تحت إشرافه له من دون أن يشعر بذلك... وأنه يتصور أنهم لا يرونه جديراً بالإشراف عليهم وإدارة شؤونهم وتوجيه الأوامر نحوهم ، لذلك كان يثبت شخصيته بالضغط والشدة والخشونة » (2). |
« العلامة الأخرى من علامات عقدة الحقارة أن الفرد يعيش في عالم من الأحلام والخيال ، والذي يسمى في الإصطلاح العلمي بـ ( الفانتزي ). ويعني ذلك الفرار من الواقعيات ، والتهرب من المشاكل والمسؤوليات ، واللجوء إلى دنيا الأحلام والآمال التي لا تتحقق ». « إن خطر هذه الحالة النفسية يكون عندما يصبح الشخص |
مأسوراً لها بحيث يفقد القدرة على العمل والنشاط في قبال حقائق الحياة. فعندما يستولي الشعور بالهرب من الحياة على شخص ما ، خصوصاً إذا كان متمتعاً بقدرة ومنزلة سامية ، فإن المآسي التي تنتج من ذلك عظيمة جداً الى درجة أن تصورها يبعث على الألم والاستيحاش ». « إن الشعور بالحقارة الذي أصاب الألمان بعد إندحار عام 1918 ، أدى إلى أن يعيش هؤلاء في حالة من الفانتزي الروحية والإجتماعية فقد أخذوا منذ ذلك الحين يؤلفون الكتب ، وينظمون الأناشيد ( التي أشهرها نشيد المانيا فوق الجميع ) ، أملا في اليوم الذي يتغلبون فيه على الأمم الأخرى ويأخذون زمان الحكم في العالم ». « هذه الحالة النفسية هي التي مثلت مأساة الحرب العالمية الثانية التي أدت إلى انكسار الألمان أيضا » (1). |
« إن الطفل المعقد يمتاز بسلوك خاص منذ اللحظة الأولى لولادته ، وذلك كالغرور الفطري الذي يؤدي الى سيطرة أنانيته على جميع ميوله الأخرى ». « إن اللهجة الناتجة من المنطق الخاطىء واضحة عند الطفل المعقد. وإن خطر هذه الحالة يكمن في أنه يستند الى هذا |
المنطق الخاطىء دائما ولا يرضى بالتنازل عنه ، ولذلك توجد في ذهنه صور مغلوطة تماماً عن الأشياء والموجودات ، كأنها قد نُظر إليها من خلال أشعة منكسرة. « يتميز الطفل المعقد بتركيب خاص واضح. إن وجهه منقبض في الغالب ، ويكون في حالة عصبية دائماً... شفتاه دقيقتان ونظرته ثابتة وباهتة ، وعندما يبهت لشيء فلا يمكن إخراجه عن هذه الحالة من الجمود الروحي خاصة به ، لأن وضعه الروحي يشبه عضلات وجه في الجمود الخمول. في هذه الحالة ينطوي الطفل على نفسه ، ثم يسلك سلوكاً يوهم كونه في حالة من الهجوم ، لأنه يهمل كل شيء وقد يؤدي ذلك إلى عدم إحترام الآخرين ». « هذه هي علائم للشخصية التي قد تتحطم ولكنها لا تتغير ولا تبدي تغيراً من نفسها. إنه سريع في حركاته ، ويرغب في الإستقلال منذ الطفولة ويحاول أن يجد طريق حياته لوحده. أحياناً يعلن هؤلاء الأطفال الحرب على المجتمعات التي لم ترض شعورهم بالأنانية والإثرة ، ولما كانوا أشخاصاً خطرين فإنهم يتسببون في إحداث مشاكل عظيمة » (1). |
يقول ( شاويني ) بالنسبة الى معالجة العناد والتناقضات في الأطفال المتكبرين : « إن العنصر الأصيل للتناقضات هو التكبر. إن مشاهدات الشخص المتكبر خاطئة غالباً ، ومن الخطورة بمككان أن نفاجئه بالحقيقة رأساً ومن دون مقدمات ، وربما كان ذلك سبباً لتركيز عاداته البذئية لأنه سوف لا يعترف بأنه يتحدث بالتناقضات ، ويسند كلامه بأدلة وتبريرات. لا تصرّوا على إثبات كلام آخر في قبال كلامه أبداً لأنكم بعملكم هذا تكونون قد ساعدتموه على الإستمرار في سلوكه لأنه سيزداد إصراراً على كلامه » « لا تناقشوا معه مطلقاً ، واحذروا عن كل شيء يؤدي إلى إثارته ، ولكن بالرغم من أنكم تعلمون أنه لا شيء وراء هذه المظاهر فمن المناسب أن تستشيروه في قضاياه وتسألوه عن رأيه فيها. ستعجبون ـ إذا لم تكونوا قد جربتم ذلك ـ عندما تجدون أن هذا الشخص المغرور والمتكبر ينقلب الى شخص حائر ومتردد لا يعلم ما يقول ، لأنه كان قد أعدّ نفسه لمعاندتكم فقط... دعوه على هذه الحالة لفترة وإذا بكم |
تجدونه يطلب المعونة منكم بكل خضوع وسيقبل آراءكم جميعها ! ». « هذا الأسلوب الذي يمنع من معارضة الطفل ، من محاسنه أنه يمنع من نمو هذه الميول الروحية المتطرفة فيه ، مضافاً الى أنه يحفزه نحو الإبتكار والإبداع وهذا بنفسه يمكن أن يكون علاجاً قطعياً فيعتاد أخيراً على أن يعمل برأيه على نحو الاستقلال في كل قضية تواجهه » (1). |
يقول ( جلبرت روبين ) : « كمثال على هؤلاء الأطفال أذكر لكم قصة شاب جميل في الخامسة عشرة من عمره إنه كان يقضي جميع أوقاته في تحليل وقياس المواد المتفجرة التي كان يحوزها ، وففي إحدى الأيام تفجر شيء من المساحيق وسبّب حريقاً عظيماً. هل تستطيعون أن تعرفوا الدافع له الى ذلك العمل ؟ أجل ، إنه كان يريد أن يحرق الدنيا بأسرها ، وهذه هي عبارته ، والهدف العظيم الذي كان يسير حثيثاً نحوٌ تحقيقه » (2). |
« إن دور الطفولة يستند إلى أسس قويمة بحيث يرتبط الإتساع في المشاعر في الفترات اللاحقة الى ذلك الدور وذخيرة الحب التي يحصل عليها الطفل تعتبر من هذه الأسس. إن الحب ، |
مضافاً الى جانب جلبه للذة الشخصية التي تؤدي الى نشوء عبادة الذات في الطفل ، يشتمل على مجموعة من المشاعر التي يحصل عليها في جو الأسرة ، والمدرسة ». « تترك مظاهر الحب التي تلقاها الدور في الدور الأول من حياته ، أي قبل بلوغه الخمس أو الست سنين ، وكذلك التجارب الطيبة أو المرة الناتجة من ذلك ، آثارها في الجانب اللاشعوري من ضمير الطفل. هذه الآثار تكون النقاط البارزة من وضعه الروحي » (1). |
« إن الشعور بالحقارة عبارة عن ألم شديد ناشيء من الانحراف الروحي الذي يسيطر على جميع جوانب شخصية الانسان. |
« لقد أكد ( آدلر ) في التحقيقات التي أجراها بصدد الآلام الناشئة من عقدة الحقارة على دور الوضع الروحي للتعليم والتربية ، والاعتناء بالشخصية ، في نشوء كثير من الأمراض الروحية والعصبية » (1). |
« في بعض الموارد يأخذ الهذيان ـ أي أسلوب التفسير الباطل ـ |
طبيعة اخرى ، ويرتبط باختلال الاخلاق والإدراك. في هذه الحالة يصبح الشخص متكبراً ومحباً للشر ، فيسيىء الظن بمن حوله وبالتدريج يتأصل هذا الإتجاه في دماغه. عندما تقف الأمور عند هذا الحد فإننا نجابه إنساناً شديد الحساسية. أما إذا ظهرت بصورة ملموسة فقد تنتهي الى الهذيان الحقيقي وردود الفعل المعاكسة للمجتمع ». « لقد بحث العالمان ( سريو ) و ( كاب گرا ) هذه الأمور بصورة مفصلة تحت عنوان ( الهذيان في التفسير ). هؤلاء المصابون لا يبدو عليهم الجنون لأول وهلة ، لأنهم لم يفقدوا قدرتهم على الاستدلال ، وإن الذي يتحدث معهم يتصور أنهم مفكرون ومتعمقون في القضايا ولهذا السبب بعينه فقد كانت هذه الحالات تسمى في السابق بـ ( الجنون المعقول ). إن إصلاح ( الجنون الجزئي ) يشير الى هذه المظاهر. إن الاختلال الأساسي الذي يوجه هذا الميل الروحي عبارة عن حالة نفسية ناشئة من التكبر ، بحيث تمنع المصاب من أن يكون حيادياً في تحكيمه ، فيتهم البعض بدون دليل ما بكونهم عقبة في سبيل تحقيق أهدافه هذا الاختلال الذي يختص بمميزات معينة يشاهد في الحياة الإعتيادية خصوصاً في الحياة السياسية ، الذي تجد فيها الأحقاد والأهواء والأغراض الشخصية الميدان الوسيع لنشاطها. يكون الميل للسيطرة والتكبر أوضح عند البعض ، لأن ضمائر هؤلاء تكون مصابة بنوع من التخدير والشلل ، ولذلك فإن كل ما يرغبون في تحقيقه يبدو لهم أنه عين الصواب ، ولكنهم ينتقدون سلوك الآخرين بشدة. كل من يخالفهم أو لا يخضع لأعمالهم الطائشة يعتبرونه عدواً يوتصورون أنه يؤلمهم كثيراً ، في حين أنهم هم الذي يؤلمون الآخرين » (1). |
أما عقدة الحقارة فهي عبارة عن مجموعة من الخواطر الروحية المتراكمة التي لم تصبح جزء من شخصية جزء من شخصية الإنسان بعدُ ، ولا تستطيع أن تصبح جزء من شخصيته بواسطة إجراء تحوير شكلي أو ظاهري... لأن العقد مؤلمة جداً ، والصراع دائب بينها وبين روح الفرد. هذه ا الخواطر الروحية المتراكمة قد تنشأ في الإنسان نتيجة لتجارب مختلفة ، فبدلاً من أن يطردها من دماغه أو ينسى شعوره الخاص نحوها يودعها في ضميره الباطن وفي زاوية اللاشعور ثم يتذكرها بالتدريج. في حين أن تجددها يبعث الألم والقلق في صاحبها » (1). |
« ان موضوع الميول الشخصية التي نعبّر عنها بالغرور والأنانية عبارة عن وجودنا بكلا شطريه : الجسمي والنفسي وإذا كانت الميول الإجتماعية تدعونا الى نشاطات لصالح المجتمع وتحقق الخير والنفع للجميع ، فإن الميول الفردية تهمل شأن المجتمع تماماً. إنها لا تنظر في نشاطاتها إلا إلى وجود الفرد ومنافع |
( الأنا ) فقط ، فيتذكر حقوقه جيداً لكنه ينسى واجباته. عندئذ يظهر الإجرام بصورة مختلفة من الميول الفردية كالتكبر ، والإهتمام بالذات ، والرغبة في الحصول على الثروة ، وغير ذلك. إن المتيقن هو أن جميع هذه الميول تنبع من حب الذات وعبادة الشخصية ، وهي التي تدفع الفرد الى التضحية بالآخرين في سبيل نفسه » (1). |