« يحس الطفل طيلة أدوار نموه بالحقارة في قبال والديه وجميع الناس. هذا الاحساس في جميع شؤون الطفل وليد عدم القدرة الأولية للأعضاء وعدم الاطمئنان به وفقدانه للاستقلال ، وكذلك ينتج على أثر الإحتياج الى الغير ، والاعتماد على شيء أقوى منه ، والخضوع لسيطرة المحيط. وهذا الاحساس بالحقارة هو الذي يوجد في الطفل نشاطاً دائماً ، واحتياجاً الى |
الانشغال ، والإهتمام يلعب دور بارز في الحياة. انه يسير في حالة ضخمة من الآمال والآماني المستقبلة والاستعداد الجسمي والعقلاني لتحقيقها ، وان الرغبة في التفوق على الآخرين هي التي تدفعه إلى أن يثبت لنفسه شخصية ، فيقلل بذلك من حدة الحقارة المستولية عليه » (1). |
إن أحد اسباب الاحساس بالحقارة عند الأطفال هو المظاهر الشديدة لقدرة ( الكبار ) وضغطهم. لا شيء يطفىء جذوة الرغبة في التعالي والتكامل والاعتماد على النفس عند الطفل مثل الاهانة والتحقير الذي يلاقيه في قبال الضغط والشدة ، خصوصاً عندما يؤكد الوالدان شدتهما بعبارة ( انك لا تستطيع القيام بهذا العمل )... ( لا تحاول عبثاً ) ، ومما يزيد في الطين بلة أنهما لا يكتفيان بذلك بل يبعثان السأم والملل في نفس الطفل بعبارات من أمثال ( لماذا تريد أن تفعل هذا أيها الأحمق... ألا ترى أنك لا تستطيع ذلك ؟! ). من النادر جداً أن لا يوجد سلوك كهذا عقدة الاحساس بالحقارة في الأطفال. وقد يكون وجود أب |
متزمت ومتنفذ كافياً في أن يقف حاجزاً دون ظهور الصفات الفاضلة في نفس الطفل » (1). |
« إذا حاول الأطفال رسم برنامج خاص لهم في أعمالهم فلا تمنعوهم من ذلك ، لأن مواصلة تطبيق خطة مرسومة دون وقوف العوائق في طريق ذلك عامل فعال في تكوين الشخصية عندهم ». « لا يلتزم الكبار في الأفعال الاعتيادية اليومية التي يؤدونها بنظام معين ، في حين أن الأطفال يميلون ـ على العكس من الكبار ـ إلى أن يسيروا حسب خطة معينة ولكن هل اننا ندعهم احراراً في تنفيذ خططهم ؟! كلا. إذا كان الأطفال يلعبون فإننا نمنعهم عن اللعب لنصحبهم معنا الى النزهة ، وإذا كان الطفل يملأ سطلا من الرمل ، أو يلبس العروسة بدلة فإننا نأخذ بيده الى ان يأتي ويسلم على الضيف ». « هذه الأمور تدعو الطفل الى أن يعتقد بأن حقارة خاصة تكتنفه مما تجعله دون مستوى الآخرين ، وعندئذ يدرك الطفل أن جميع أفعاله فاقدة للمعنى ، وأنه موجود تافه ، وفي مثل هذه الحالة كيف تستطيعون أن تلقنوا هذا الموجود الصغير معاني المسؤولية والاعتماد على النفس ؟! » (1). |
« إذا كان سلوك الطفل فاسداً وشريراً بصورة خاصة فيجب اتباع المعارضة يقابل بالفشل ، لأن كل حاجز يحث الإنسان لي اجتيازه. إن ألف ( لاتفعل ) ولا تفعل الصادرة من الوالدين تفتح أمام الطفل عالماً من ( الممكنات ). إن الطفل يفكر في نفسه قائلا : ( يجب أن لا أفعل هذا ؟ إذن أستطيع أن أفعله ، والآن أقدر عليه أيضاً ) فسلوك كهذا يوجد في الطفل على ما يكون سبباً في قيامه بذلك العمل. علينا أن نرشده الى ما ينبغي أن يؤديه ، أن لا نجرح عواطفه ، ولكن لا يعني هذا ان نتركه وشأنه. يجب في هذا السبيل أن نعيّن له ميولاً اخرى تحل محل الميول السابقة ، نوجهه نحو اهداف مفيدة ومساعدة على ظهور شخصيته » (1). |
« يكفي للمربين وللأولياء أن يحترموا هذا العالم المعقد والمبهم ( أي الطفل ) ولا يحكموا على عالمه المعقد بشيء. يجب عليهم أن يدفعوا الطفل الى النشاط والعمل بمحركاته لا بواسطة محركاتهم ، وبهذه الطريقة يستطيعون أن يوجدوا جوا التفاهم ويبذروا فيه بذور الاعتماد على النفس والاستقلال ». « لا نعني من هذا أن للطفل أن يمارس ما يشاء من رغبات وميول غير مناسبة. ولكن عندما يدرك الطفل أنهم فهموه وعرفوا حقيقته فلا يسيء التصرف الى قابلياته ، انه يدرك حدوده وحدودنا. انكم قد علمتموه القواعد والآداب والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية. أنه يحس بأن هذه الآداب والقواعد تسهل ارتباطه بالمحيط الذي يعيش فيه دون الاضرار بحريته إذن |
فهو ينقاد لها بكل رغبة وارتياح. ان احترمتموه فهو يستمر على إحترامكم أيضاً ». « إذا وجد أنكم لا تسخرون منه عندما يصارحكم بأفكاره ويتباحث معكم بشأنها ، ولا تعترضون عليه في كل آن ، فلا يملك دليلاً على تخلفه ومن النادر أن يخرج على تعاليمكم ». « ولأجل هذا النظام فإنه يحترم الآخرين ويجعل نفسه محترماً في نظر الآخرين وتكون له روابط طيبة مع كل أحد. لأنه يعطي كل شخص حقه حتى يستطيع أن يطالب بحقه » (1). |
« الإحساس بالحقارة ـ كلنا نعرف رجالاً ونساءً يعيشون في حالة من عقدة الحقارة. ان عدد هؤلاء ضخم جداً ، وان 90 بالمائة من عوامل هذه الحالة النفسية يجب أن نبحث عنها في أدوار الطفولة. وعلى هذا الأحساس تظهر حالة من انهيار شخصية الطفل في الوقت الذي تبدأ غرائزه الاجتماعية بالتفتح. إن من الممكن أن تعمل عوامل أخرى على تقوية هذه الاحساس لكن نشوءه يرجع الى دور الطفولة بلا شك ». « تصوروا أما ترى طفلها يرفع أصيصاً جميلاً من مكانه فتتصور أن الأصيص ربما يكسر بهذا العمل فتتألم لذلك ، ولأجل أن لا يحدث مثل هذا الموضوع الخطير في نظرها في المستقبل تمنع الطفل من لمس ذلك الأصيص ، في حين أن المربية تلمس الأصيص الظريف بكل حرية ، وإذا صادف أن أحد الضيوف كسره عن غير عمد تحاول الأم أن تعلن بكلمات براقة وعبارات ظريفة أن أمراً مهماً لم يقع وأن الأصيص لا يساوي شيئاً , هذا الحادث المخفق يوصل الطفل إلى هذه النتيجة وهي أنه وحده الموجود |
الخطر الذي يخشى منه على الأصيص وسائر الأثاث ، إذن فهو موجود أحقر وأحط من الآخرين » (1). |
« ان عنوان الأطفال المعقدين يشتمل على معان كثيرة في الحقيقة. فهو يطلق بالدرجة الأولى على الأطفال المشاغبين أي الصبيان |
الذين تنظر اليهم التربية المعاصرة نظرة التحقير والاستغراب. هؤلاء الأطفال يتسببون في كثير من المفاسد والتخريبات بواسطة القوى التي يستخدمونها للوصول الى مقاصدهم » (1). |
« كما ان الطفل المريض لا يُرسل الى المدرسة ، كذلك يجب أن لا نخضع الطفل الذي ليس سليما من الناحية الفسيولوجية الى تربية جديدة. كل طفل معقد يجب أن يخضع قبل تربيته ، أو إعادة تربيته ، إلى فحص دقيق. وفائدة هذا العمل أن جهود المربى لا تصرف عندئذ في سبيل تربية طفل يحتاج إلى رعاية صحية أو روحية فقط ». « فمثلا تعتبر التربية بوحدها عقيمة في فحص حالات الحقد التي ترتبط بداء الصرع. والسرقات الحاصلة في دور المراهقة والتي تحصل على أثر الإختلالات لحادثة في الغدة النخاعية ، وأعمال الشغب الناشئة من تخلف النمو العصبي ، وحالات العصاب المتصلة بآثار الالتهابات الدماغية ، والكسل الذي يولد من قلة إفرازات الغدد الثايرويدية ، والإخلالات الحاصلة من ثلة من الأمراض الروحية الموروثة » (2). |