« إن الحقيقة التي تتضح يوماً بعد يوم هي أن للإدراكات الحاصلة في دور الطفولة والحوادث والتجارب الواقعة في تلك الفترة تأثيراً قاطعاً على حياة الإنسان ، إذ نستطيع القول بصراحة بأن هذه الإدراكات والتجارب تعتبر الأساس لسلامة الأفراد وسقمهم ، وسعادتهم وشقائهم طيلة أيام العمر ». « إن الطفل يصنع في الأعوام الأولى من حياته سدى حياته ولحمتها ، وبمجرد أنه يترك المهد ويأخذ في المشي يكون قد تقرر ما ينبغي أن يقع وما لا ينبغي ». « تصب ركائز مشاعر الطفل وأحاسيسه من أولى أيام الرضاع ، |
أي أن العالم الخارجي إما أن يبدو أمراً منسجماً وباعثاً على الأمل في نظره ، أو أنه يفهم منذ ذلك اليوم أنه عبارة عن مجموعة من اليأس والعذاب. إما أن يفهم منذ البداية أنه يجب التغلب على المحيط الخارجي بالبكاء والعويل ، أو يذعن بأن هناك من يفهم وضعه بصورة جيدة ويهيء له العوامل المساعدة. هذه الحقائق وحقائق أخرى تترك أثراً كبيراً على تفكير الطفل الرضيع ، بحيث تلازم شخصيته طيلة أيام الطفولة والمراهقة والشيخوخة » (1). |
على الوالدين أن يسعيا للنفوذ إلى أعماق قلب طفلهما حتى يرى المسائل بالشكل الذي يريانه. قد يسمع الأطفال أن حديثاً يدور حولهم ، وأن الحديث يتناول ذمهم وذكر معايبهم ، وتأويل سذاجتهم الى شيء من البلادة والحمق... عند ذاك يدركون أن الكبار يحتقرونهم ، ويوجهون اللوم والتقريع نحوهم دون أن يفهموا روحياتهم ، في حين أن هؤلاء الأطفال الأبرياء لا يعلمون السبب في توبيخهم وتأنيبهم. أو أنهم يجبرون على سلوك معين في حين يجهلون العلة الصحيحة والمنطقية لذلك... بهذه الصورة ينفصل عالمهم عن عالم الكبار في حين أنهم توصلوا تلقائياً الى هذه النتيجة ، وهي أن الكبار موجودات تختلف عنهم ، وان عليهم أن يتسلحوا بالسلاح الكافي للدفاع عن حقوقهم تجاههم ». « يجب عليهم أن يحاولوا أن لا ترتفع اصواتهم مع الأطفال اكثر مما هو الحال عند الحديث مع زميل أو صديق لهم. أما الإرشادات فعندما تصبح ضرورية يجب أن تساق بالهدوء واللين بحيث لا يتوجد حاجزاً بينهم وبين الأطفال ، أو تؤدي إلى نفورة وحقد. فإذا سار السلوك مع الأطفال على هذا النحو نشأوا ذوي شخصية ممتازة ، واعتادوا على الاعتماد على النفس ». « يجب إفهام الطفل بأنه عضو فعال في الأسرة ، وأن عليه مسؤولية معينة يجب أن يلتزمها ويقوم بأدائها » (1). |
« تنفذ المربي إلى انسجة الطفل وأعصابه وروحه كما ينفذ الماء في الأرض الرملية. يجب على المربي أن يتجنب الإهتمام اإلى بعض العوامل فقط ، ذلك أن العوامل الخلقية مثلاً لا تقل أهمية عن العوامل الكيمياوية والفسيولوجية في ضمان قابلية العضلات على المقاومة ، وان التكامل النفسي لا يمكن بدون الاستعانة بجميع عوامل النمو الأخرى. إذ المهم أن هذه العوامل يجب أن تستأثر بإهتمام المربي بصورة مستمرة ، وفي الواقع فإنه يجب تطبيقها منذ اليوم الثاني من الولادة ». « ولهذا فإن الأم يجب أن تكون أعرف بميكانيكية تربية الطفل وطريقة استعمالها من المعلم. ان الطفل يدرك بسهولة أن بعض الأفعال لا يرتاح لها الأب أو الأم ، وان مدح الآخرين أو تأنيبهم يؤثر فيه تأثيراً كبيراً » (1). |
« لا يوجد في العالم غير وسيلة واحدة يمكن بواسطتها إجبار شخص على القيام بعمل. هل فكرتم في هذه الوسيلة قط ؟ وسيلة واحدة فقط وهي عبارة عن إيجاد الرغبة فيه للقيام بالعمل ». « إنك تستطيع أن تعترض عابراً في طريقه وتشهر عليه المسدس قائلاً له : انزع ساعتك وأعطني إياها ! كما تستطيع أن تدفع العامل الى العمل بواسطة إنذاره بالطرد... ولكن هذا كله ما لم تول ظهرك عنه. تستطيع أن تجبر طفلاً على الإنقياد لأوامرك بالسوط ، ولكن هذه الأساليب المؤلمة تتضمن نتائج وخيمة ». « يرى الفيلسوف الحاذق ( جون ديوي ) أن أهم الحوافز في النفس الإنسانية ( حب الحيازة على الاهمية )... تذكروا هذا دائماً : ( حب أن يكون مهماً ) فهناك عالم عظيم منطو في هذه اللفظة ». « ان التاريخ ملىء بالشواهد والأمثلة عن أ؛وال رجال عظماء كانوا يسعون لإظهار أهميتهم. لقد كان جورج واشنطن يرغب في أن يدعي بإسم ( سيادة رئيس جمهورية الولايات المتحدة ). وكان كريستوف كلمبس يرغب في تسميته بإسم ( بطل المحيطات ووصي الهند ). لقد لوحظ أن بعض الأشخاص يتمارضون |
لكي يكسبوا عطف من حولهم اكثر وبهذا الأسلوب يدركون ما لهم من الأهمية بصورة واضحة » (1). |
« إن الطفل الذي أحسنت تربيته وعومل بالين والعطف يستحقه يندر أن يخرج على السلوك الذي يتوقع منه ». |
« إن حسد الولد تجاة اخيه الصغير الذي تولد حديثاً لا غرابة فيه ، لأنه يحس بأن قسماً من العناية التي كانت مخصصة له قد |
سلبت منه ، والآن لا يستأثر بإهتمام الوالدين ، بل ان الحب والحنان يجب أن يتوزع عليه وعلى أخيه الأصغر » (1). |
« تشمل عقدة الحقارة جميع مظاهر عدم الثقة بالنفس والاحساس بالفشل ، وعدم الجدارة ، وفقدان الارادة ... وهناك آلاف العوامل التي تتسبب في ظهورها. قد يصاب الطفل بهذه العقدة فلا تتركه الى دور البلوغ فقط بل تلازمه الى نهاية عمره. وعندما يكبر هذا الطفل يتخذ سلوكاً إنزوائياً ، أو يحس على الأقل بالغربة والبعد تجاه قرنائه ». « ان الذي ينزوي عن أقاربه وأقرانه يعبّر عن العذاب الذي يعيشه من حس الحقارة التي درج عليها منذ الصغر ولهذا فإن كل خاطرة أو حادثة تضعف عزة النفس والغرور الذاتي عند الشخص تعتبر ـ حسب الأسس النفسية ـ عاملا لاتساع عقدة |
الحقارة ، عاملا لجعله في عداد الأفراد القلقين وضعاف النفوس في المجتمع » (1) |
« من الضروري أن يشترك الأب في العاب أولاده ونزهاتهم. ان هذا يعبر عن تفاهم وطيد. يشترك الأب في العاب الأطفال حسب أعمارهم ، وحسب المكان ، والفصل. لا شك في أن الوقت الذي يستطيع أن يخصصه لهذا العمل ضيق جداً ، لكن بالنظر إلى المزايا التي يتضمنها من أن نزول الأب الى مستوى أولاده يؤدي الى ارتفاعهم الى مستواه بدرجة كبيرة... هذه المزايا تدعو الآباء الى تخصيص مجال ـ ولو ضيق ـ لهذا الأمر » (1). « يقول موريس تى يش في كتابه ( دروس للوالدين ) : يجب أن تسلكوا مع أولادكم كأصدقاء ، أن تعملوا معهم ، أن تشاركوهم في اللعب ، أن تقرأوا لهم القصص أن تتحدثوا معهم بعبارات الود والصدقة. وبصورة خاصة فإن الفرد يجب أن يعرف كيف يجعل نفسه بمستوى الأطفال ويتكلم بلغة يفهمونها ». |
« إنكم إذا كلفتم أنفسكم هذا العناء... فحدثتم أطفالكم حول شؤونهم الخاصة ، وأفكارهم وآمالهم ، وما ينوون القيام به ، فطالما حصلتم على معلومات نافعة وقيّمة ». « هذا الاستئناس بروح الطفل ، مضافاً إلى أنه يمنعكم من اتخاذ قرارات عاجلة وأحكام غير مدروسة في حقهم ، يسمح لكن أن تحلوا كثيراً من المسائل المهمة في حياة الأحداث » (1). |