ان العرف الغربي الحديث في الوقت الذي استنكر فيه على الاسلام تشريعه
لصداق المرأة بزعم انها تعكس الطبيعة التجارية للزواج ، أقر في قضايا
الزواج بين افراد نظامه بالمعاوضة التي لابد فيها من العلم الرافع للغرر : وهو
ما يشجع الفرد على الاختبار الجسدي والنفسي للشريك المتوقع حتى قبل
مجرد التفكير بالعقد .
سابعاً : ولاشك ان للعقد المنقطع الذي شرعه الاسلام ، اهمية كبرى
في حل المشاكل الاجتماعية في المجتمع الصناعي ، بسبب انتقال الافراد
المستمر بحثاً عن الاعمال . فللعقد المنقطع هدفان ، الاول : الاستعفاف به لمن لم
يرزق النكاح الدائم لسبب من الاسباب . والثاني : محاربة الرذيلة والفجور في
المجتمع الانساني . ولا يختلف الزواج المنقطع عن الدائم الا في ذكر الاجل ،
وتحديد المهر ، والعدة ، والتوارث ، والنفقة . بمعنى آخر ان الزواج المنقطع
والدائم يشتركان في خلو الموانع النسبية والسببية ، وصيغة العقد ، ونشر
الحرمة ، وحقوق الولد ولحوقه بالاب ، وقيمة المهر ، والعدة بعد الدخول ،
والشروط السائغة في العقد . وهو يمثل نظرة الاسلام الرحيمة تجاه العلاقات
الغريزية الشرعية بين الرجل والمرأة ، وحلا للمشاكل الاجتماعية التي
يتعرض لها النظام الاجتماعي في الظروف الاستثنائية . ولما كان الشرع يسلط
عيناً فاحصة على هذه العملية ، فان العديد من حالات العقد المنقطع تنتهي
الى عقد دائم وسعادة اسرية . ولكن لابد من التأكيد على نقطة مهمة
واعادتها مراراً ، وهي ان العقد المنقطع يمثل استثناءً في عملية التزاوج
الانساني وليس الاصل ، لان الاصل هو العقد الدائم في النظرية الاسلامية .
اما النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها تدعو الى احترام حرية الفرد
(184)
في انشاء علاقات خاصة مع الجنس الاخر دون توجيه الضابط الاجتماعي
لفحص شرعية تلك العلاقات ؛ بمعنى آخر : ان « المذهب الفردي » والنظرية
الرأسمالية تدعوان الافراد الى ممارسة الزنا والانحرافات الجنسية الاُخرى ،
خلافاً للفكرة الدينية التي تدعو الى التمسك بالزواج فيما يخص العلاقات
الجنسية بين الذكور والاناث . فليس غريباً اذن ، ان تعاني ثلاثة ارباع
الحالات الزوجية الامريكية في نهاية القرن العشرين من خيانات زوجية
من كلا الطرفين في العائلة الواحدة ، بسبب اعتناق فكرة « المذهب الفردي » .
وبسبب انتشار المصانع في رقعة جغرافية واسعة ، وانتقال الافراد بشكل
مستمر نحو العمل ، وضعف الرقابة الاجتماعية على الافراد ، فان الاطار
الشرعي الذي جاء به الاسلام في العقد المنقطع يعتبر اسلم الطرق نحو تحقيق
السعادة الزوجية في المجتمع الصناعي المعاصر . ولما كان الاسلام تشريعاً
عالمياً ، فان العقد المنقطع قد يخدم المجتمع الغربي اكثر مما يخدم المجتمع
الشرقي بسبب الاعراف المتباينة بين المجتمعات الانسانية . ولاريب ان
تجويزه من قبل الاسلام يعطي الفرد حرية الاختيار بما يناسب المشاكل
الاجتماعية التي يواجهها ذلك الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه .
ثامناً : وحفظاً لسلامة الانساب وطهارتها ، فان الشريعة الاسلامية ،
تلحق المولود بالزوج بسبب الفراش لا مجرد العقد ، استناداً على قاعدة
( امكان الالحاق ) التي تسالم الفقهاء على صحتها . وكذلك المولود بسبب وطء
الشبهة ، فيلحق بالزوج ، ان كانت شبهة العقد مع الوطء ، او شبهة الوطء من
غير عقد . ولا يكون الالتقاط وهو ضم الفرد الملتقط الى الملتقط نسباً ، ولا
التبني وهو نسبة ولد معروف النسب الى نفسه ، عملاً شرعياً . فقد حرمت
(185)
النظرية الاسلامية ، فسخ النسب الاصلي للفرد وما يتبعه من التوارث المالي
عن طريق التبني او الالتقاط ، اكراماً للفرد ولابويه .
وهذا التشريع الاسلامي يناقض تماماً قانون النظرية القضائية
الرأسمالية في التبني . حيث تقر شرعية فسخ النسب الاصلي للفرد ، وما يتبعه
من التوارث المالي ، فتزعم بان الابوة المعترف بها هي الابوة القانونية وليس
الابوة البيولوجية . فلو وجد الفرد طفلاً رضيعاً متروكاً على قارعة الطريق
مثلاً ، فله مطلق الحق في تبنيه ونسبته الى نفسه ، فتترتب على ذلك العمل
حينئذٍ ، كل الاثار القانونية الملزمة للابوين القانونيين . اما المولود بسبب
وطء الشبهة ، فان تشخيص نسبه عن طريق الجينات الوراثية قد اصبح
عملاً ممكناً من الناحية المختبرية الحديثة ، ولذلك فهو ينسب الى ابيه
البيولوجي . وبطبيعة الحال ، ان انتشار ظاهرة التبني ، مع انها خففت عاطفياً
واقتصادياً عن الاطفال المشردين ، الا انها ساهمت من جانب آخر في تمزيق
النظام العائلي والعشائري في المجتمع الصناعي بسبب ضياع الانساب اولاً ،
واستحالة احتلال الاب القانوني دور الاب البيولوجي في شخصية الفرد
المتبنى ثانياً .
تاسعاً : النسب ، حسب النظرية الاسلامية ، هو حق ثابت لكل
شخص . والاقرار به هو اعتراف صريح بذلك الحق . فالاقرار بالنسب هو
ثبوت نسب الفرد الى فرد آخر . ويشترط في الاقرار ان يكون بين المولود
والمقر تفاوت صحيح في السن ، كالتفاوت العرفي بين الاب والابن ، وان
يكون الصغير مجهول النسب ، وان لا ينازع المقر في اقراره بنوة الصغير منازع
آخر ، والا حكم بالولد لصاحب البينة . ومن الطبيعي ، فان الاقرار بالنسب
(186 )
يعتبر شكلاً آخراً من اشكال ترسيخ العلاقات الاسرية والاجتماعية بين
الافراد ، وتأكيداً على رابطة الدم والولاء في النظام الاجتماعي الاسلامي .
اما في النظرية الاجتماعية الغربية ، فان الاقرار وحده لا يعتبر اثباتاً
لنسب المقر . ويرجع الحكم في ذلك الى قضاة المحاكم البلدية .
عاشراً : الرضاع في النظرية الاسلامية هو امتصاص الرضيع اللبن من
ثدي امه او مرضعته . وآثاره الشرعية ، هو ان الرضاع من غير الام ينشر
تحريماً للزواج ، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . بالشروط التالية :
1 ـ ان تكون المرضعة ، متزوجة زوجاً شرعياً .
2 ـ ان تدره بسبب الحمل او الولادة .
3 ـ ان يمتص الرضيع اللبن من ثديها مباشرة .
4 ـ ان يؤدي الرضاع الى شد العظم وانبات اللحم ، وهو اما خمس
عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد او رضاع يوم
وليلة .
5 ـ واستيفاء المرتضع عدد الرضعات الشرعية قبل ان يكمل الحولين.
6 ـ وحياة المرضعة عند جميع الرضعات .
7 ـ وان يكون اللبن لفحل واحد وهو زوج المرضعة .
ولا يوجد في النظرية القضائية الرأسمالية ما يشير الى تفصيل
الرضاع وآثاره الشرعية المذكورة آنفاً .
حادي عشر : الحضانة ، وهي رعاية مصلحة الصبي ، للام والاب ما لم
يقع الطلاق . فاذا وقع الطلاق اصبحت الام احق بالولد . ويرجع في تحديد
عمر مستحق الحضانة لاحد الابوين ، الى الحاكم الشرعي ؛ لانه هو القادر
(187)
على تشخيص المصلحة الشخصية للصبي او الصبية دون تحيز . ويشترط في
الحاضنة ان تكون حرة ، مسلمة ، عاقلة ، وغير متزوجة بعد طلاقها من
الزوج الاول . فاذا تزوجت سقطت حضانتها ، لان الاهتمام بحقوق الزوج
الجديد اولى من اهتمامها بولدها ، فتنتقل عندها حضانة الطفل الى الاب .
ولا تختلف النظرية الرأسمالية عن الاسلامية في ذلك ، الا في مسالة
زواج الحاضنة ، حيث يبقى الولد مع الام حتى مع زوجها الجديد ، الا ان يحدد
القاضي ما يبرر وجوب انتقال الحضانة الى الاب .
ثاني عشر : احكام الصبي في النظرية الاسلامية ، تشمل حقوقاً في
الولاية والوصاية والمعاملات والعبادات . فعلى صعيد العبادات ، فان عبادة
الصبي عند فقهاء الامامية شرعية لا تمرينية ، ووصيته وصدقته جائزة
وصحيحة اذا بلغ حد التمييز . وعلى صعيد المعاملات ، فله ان يتملك مايحوزه
من المباحثات ، ويغرم في ماله ما يحدثه في مال الغير من تلف او عيب لانها
من الاحكام الوضعية . والصغير غير المميز يمنع من التصرفات المالية حتى
يحصل له البلوغ والرشد ، وهو ما يسمى شرعاً بالحجر الشرعي . وعلى
صعيد الولاية الشرعية ، فان الحجر لا يتم الا بوجود ولي يرعى مصلحة
الصبي . وتثبت الولاية اولاً للاب والجد في مرتبة واحدة . واذا فقدا معاً تكون
الولاية لوصي احدهما . ويشترط في الولي البلوغ والرشد والاتحاد في الدين ،
وعليه مراعاة مصلحة القاصر مراعاة تامة . وعلى صعيد الوصاية العهدية ،
فان الولي ينصب قبل موته وصياً قيماً على اطفاله لرعايتهم بعد الممات ،
فتصبح الوصاية ملزمة للوصي اذا علم بها ولم يعارضها ، ويشترط فيه نفس
ما يشترط في الولي . ولكن اذا خان الوصي لسبب من الاسباب ، فقد انعزل
(188)
تلقائياً وبطلت جميع تصرفاته دون تدخل الحاكم الشرعي . وعلى صعيد
آخر ، فاذا مات الاب بلا وصية ، او مات الوصي ، ارجع امر الاطفال الى
الحاكم الشرعي ، لانه ولي من لا ولي له .
اما احكام الصبي في النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها تتعلق
بالولاية القانونية فقط ، دون الوصاية والعبادات والمعاملات . فبعد موت
الاب ، تصبح الام ولياً شرعياً على الاطفال . واذا ماتت الام ، انتقلت الولاية
الى العائلة الجديدة التي تعيل هؤلاء الاطفال . فاذا تم التبني ، فانهم يلتحقون
نسباً ، بالاب في الاسرة الجديدة . وهو ما يؤدي بالتأكيد الى ضياع الانساب
في الاجيال اللاحقة . اما معاملات الصبي ، فانها غير نافذة ، ما عدا التملك ،
حيث يحفظ له المال الخاص به الى حد البلوغ القانوني وهو سن الثامنة
عشرة بالنسبة للذكر والانثى على حد سواء .
ثالث عشر : الولاية الشرعية في الزواج ، حسب النظرية الاسلامية ،
مختصة فقط بالصغير والسفيه والمجنون من الذكور والاناث . بمعنى ان البالغة
الرشيدة والبالغ الرشيد يستقل في زواجه او زواجها ولا ولاية لأحد عليه
او عليها . وهذا الاستقلال يعكس احترام الاسلام للمرأة ، ورأيها في اختيار
شريك حياتها . ولا شك ان الاطار الاخلاقي العام الذي جاء به الاسلام
يضمن عفة المرأة ، ويجعلها في موضع اجتماعي افضل لخدمة حياتها الزوجية
اللاحقة .
وفي هذا الحقل تؤيد النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، اقرار الشريعة
الاسلامية استقلال البالغين في اختيار شركاء حياتهم الزوجية . ولكنها
تنحرف لاحقاً ، وتقر استقلال المنحرفين جنسياً في اختيار شركاء حياتهم
(189)
الزوجية من نفس الجنس ايضا . بمعنى انها لا تمانع من قانونية اللواط
والسحق بدعوى الايمان بـ « المذهب الفردي » ، وتزعم بان للافراد مطلق
الحرية في اختيار شركاء حياتهم حتى لو كانوا من جنس واحد .
رابع عشر : الوصية الشرعية ، حسب النظرية الاسلامية ، تفويض
الفرد بتصرف معين بعد موت الولي . وهي عهدية وتمليكية ، فالعهدية ايقاع
يوصي به لآخر برعاية اطفاله ووفاء ديونه او استيفائها ونحوها ، والتمليكية
عقد يتم من خلاله تمليك فرد آخر بمال منقول او غير منقول . ويشترط في
الموصي ان يكون أهلاً للتصرفات المالية ، فلا تصح من الصغير ولا المجنون
ولا المكره ولا السفيه لانهم ليسوا اهلاً لها لانعدام ارادتهم وفقدان قدرتهم
على التمييز ما بين المصلحة والمفسدة الشخصية والعائلية . وتخرج الوصية من
اصل التركة اذا كانت واجباً مالياً كالزكاة والخمس ورد المظالم والكفارات
والديون ، او واجباً مالياً ـ بدنيا كالحج . وتخرج من الثلث فقط في الواجب
البدني كالصوم والزكاة . واذا كانت الوصية على وجه من وجوه التبرع
والمحاباة ، فانها تنفذ بمقدار الثلث فقط مع وجود الوارث . وهذا التشريع
يحفظ للورثة من المراتب الثلاث حقوقهم الشرعية في ثلثي الثروة المتروكة .
فالزوجة تشترك في استلام جزء من الارث مع جميع المراتب ، وهو ضمان
مالي آخر لها بعد وفاة الزوج . وتضمن المرتبة الاولى وتضم الاولاد
والوالدين بالاضافة الى الزوجة بحجبها بقية المراتب ، مبلغاً مالياً يعينها على
العيش ما بعد وفاة رب الاسرة .
اما النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها تترك للزوج حرية تقرير
حجم الوصية ومصيرها قبل الموت عن طريق كاتب عدل معترف به رسمياً .
(190)
فيستطيع الزوج ، عملياً ، ان يوصي بكامل تركته لفرد واحد من الاسرة التي
ينتمي لها او من غيرها ، مسبباً بذلك حرمان بقية الافراد من اسرته من
استلام التركة المالية التي تساعدهم على ضمان مستقبلهم المالي لاحقاً .
خامس عشر : احكام الارث في النظرية الاسلامية ، تعكس اهتمام
الاسلام بالجانب الاجتماعي ، فبعد اخراج مصاريف الكفن والغسل والدفن ،
تخرج الديون الواجب وفاؤها ، ثم تقسم التركة بعد ذلك اثلاثاً ، فتخرج
الوصايا بغير الواجب لمالي من الثلث ، ويقسم الثلثان بين الورثة . فالقرابة او
النسب لها ثلاث مراتب غير متداخلة وهي اولاً : الابوان والاولاد . ثانياً :
الاجداد والاخوة . ثالثاً : الاعمام والاخوال . وفي السبب ، فان الزوجية تجتمع
في الميراث مع جميع المراتب .
ولاشك ان النظام الدقيق في الارث يضمن قضيتين في غاية الاهمية
في النظام الاجتماعي : الاولى : حرمة كنز المال بين الاجيال المتعاقبة ، بمعنى ان
الجهود العضلية والفكرية التي يبذلها الجيل السابق لابد وان تصب في خدمة
الجيل اللاحق ، اختياراً او اجباراً ؛ لان المال المتروك ، لابد وان يوزع على
المستحقين من الورثة ، عن طريق الوصية والارث . الثانية : ان المراتب
الثلاث في الارث والزوجية تحقق قدراً عظيماً من العدالة الاجتماعية بين
الافراد في توزيع التركة المالية ، خصوصاً اذا ما لاحظنا ان المرتبة السابقة
تحجب المرتبة اللاحقة في استلام الارث .
اما احكام الارث في النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها متعلقة ، كما
ذكرنا سابقاً ، بالوصية الرسمية التي يتركها الفرد . فله مطلق الحرية في محاباة
من يشاء وحرمان من يشاء في وصيته .
(191)
سادس عشر : واحكام الطلاق في الشريعة الاسلامية لاتتم الا
بشروط خاصة بشخصية المطلِّق ، ، وشخصية المطلَّقة . فينبغي ان يكون
المطلِّق بالغاً عاقلاً ، مختاراً ، قاصداً نية الطلاق . وينبغي ان تكون المطلقة
زوجة دائمة ، معينة بالذات ، وفي طهر لم يواقعها فيه . ولا يقع الطلاق الا
بحضور شاهدين عدلين من الذكور . وبسبب اختلاف الاسباب الداعية
لانفصال الزوجين ، فلابد ان ينفسم الطلاق الشرعي على ضوء تلك
الاسباب . فالطلاق في النظرية الاسلامية ، رجعي وبائن خلعي وبائن مبارأة .
فالرجعي ، وهو الذي يملك فيه المطلِّق حق الرجوع الى مطلَّقته المدخول بها
ما دامت في العدة . والبائن الخلعي ، وهو الناتج عن ابانة الزوجة على مالٍ
تفتدي به نفسها بسبب كرهها له . والبائن المبارأة ، وهو الناتج عن كراهية
متبادلة بين الزوجين . ولابد للمطلقة من اتمام العدة الشرعية حتى تستطيع
الزواج مرة اخرى ، وهي ثلاثة قروء للحائل ، او وضع الحمل بالنسبة
للحامل . وعدة الوفاة اربعة اشهر ةعشرة ايام . والاصل في العدة ، طهارة
الانساب في الحالات الطبيعية للطلاق ، واحترام الميت في حالة عدة الوفاة .
ولابد للزوج من الانفاق على مطلقته الرجعية حتى انتهاء العدة . وهذه
الاحكام الشرعية الخاصة بالطلاق ، بالاضافة الى تنظيمها سلوك الافراد فيما
يخص العلاقات الشرعية بين الرجال والنساء ، تساهم في ضمان حقوقهم
المعنوية والمالية في العلاقات الزوجية ، وتعطي الحق لكليهما في الانفصال
والبدء بحياة جديدة سعيدة ، اذا فشلت الحياة الزوجية الاولى .
وتفتقر النظرية الاجتماعية الرأسمالية لبفاصيل مثل هذه الاحكام
الشرعية : فلا تشترط في اجراء الطلاق شروطاً خاصة ما عدا القصد بنية
(192)
الطلاق : لان الطلاق من مسؤولية الزوجين الفردية لايمانها بشرعية الحرية
الفردية في الحياة الاجتماعية .
سابع عشر : ان فكرة تعدد الزوجات التي شرعها الاسلام ، افضل
للنظام الاجتماعي من الزواج المتعدد ، الذي لاحظنا مساوئه الاجتماعية في
تمزيق العوائل المطلَّقة وما يتبعه من تشرذم الاطفال وتحطيم نفسياتهم
وقابلياتهم الابداعية. ولكن فكرة تعدد الزوجات استثنائية في الاساس ،
لان الاصل هو الزوجة الواحدة ، ولذلك فان هذه الفكرة تعتبر حلاً آخر
للمشاكل الاستثنائية التي تبتلى بها المجتمعات الانسانية في العصور
المتلاحقة .