ولينقط على العروق اذا فصدت شيئاً من الدهن ، كيلا تلتحم فيضر ذلك المقصود . وليعمد (1) الفاصد ان يفصد من العروق ما كان في المواضع القليلة اللحم لان في قلة اللحم من فوق العروق قلة الالم .
واكثر العروق الماً اذا كان الفصد في حبل الذراع (2) ، والقيفال (3) ( لاجل كثرة اللحم عليها ) (4) .
فاما الباسليق (5) ، والاكحل (6) ، فانهما اقل الماً في الفصد
____________
(1) في الاصل : وليعد . وما أثبتناه كما في ( ب وج ود ) .
(2) حبل الذراع . عرق في اليد . وهو أحد الفروع الثلاثة للقيفال ، ويمتد على ظهر الزند الاعلى ثم يمتد الى الوحشي ، مائلاً الى حدبه الزند الاسفل ، ويتفرق في اسافل الاجزاء الوحشية من الرسغ . انظر القانون 1|64 .
(3) القيفال : هو عرق في الكتف . المصدر السابق .
(4) في ( ب وج ود ) لاتصالهما بالعضل وصلابة الجلد .
(5) الباسليق : وريد يستفرغ من نواحي تنور البدن الى أسفل التنور . انظر القانون 1|209 .
(6) الاكحل : وريد يبتدأ من الانسي ، ويعلو الزند الاعلى ، ثم يقبل على الوحشي ، ويتفرع فرعين على صورة حرف الالم اليونانية فيصير أعلى أجزائه الى طرف الزند الاعلى ، ويأخذ نحو الرسغ . انظر المصدر السابق 1|65 .
( 59 )
اذا لم يكن فوقهما لحم .
والواجب تكميد موضع الفصد بالماء الحار ، ليظهر الدم ، وخاصة في الشتاء . فانه يلين الجلد ، ويقلل الالم ، ويسهل الفصد (1) .
ويجب في كل ما ذكرنا من اخراج الدم اجتناب النساء قبل ذلك باثنتى عشرة ساعة . ويحتجم في يوم صاح ، صاف ، لا غيم فيه ، ولا ريح شديدة . وليخرج من الدم بقدر ما يرى من تغيره ، ولا تدخل يومك ذاك الحمام ، فانه يورث الداء . واصبب على رأسك وجسدك ( الماء الحار ، ولا تغفل ذلك من ساعتك ) (2) .
واياك والحمام اذا احتجمت ، فان الحمى الدائمة تكون منه . فاذا اغتسلت من الحجامة ، فخذ خرقة مرعزي (3) فالقها على محاجمك ، او ثوباً ليناً من قز ،
____________
(1) أنظر القانون 1|208 .
(2) في الاصل : ( ماء حار من غد ) وما أثبتناه كما في ( ب وج ود ) .
(3) في ( ج ود ) : فرعوني . والمرعزي : بسكر الميم والعين نوع من المعز طويل الشعر ناعمه يوجد في آسيا الصغرى ، وسمي بالمرعز أو المرعزي لان المرعز *
( 60 )
أو غيره . وخذ قدر الحمصة من الدرياق الاكبر (1) ( فاشاربه . وكله من غير شرب ان كان شتاءاً ، وان كان صيفاً فاشرب الاسكنجبين المغلى ) (2) فانك اذا فعلت ذلك فقد امنت من اللقوة (3) ، والبهق (4) ، والبرص (5) ، والجذام باذن الله تعالى .
____________
* هو في الاصل الزغب تحت شعر العنز . انظر المعجم الزوولوجي الحديث 5|450 .
(1) الترياق : بالتاء وبالدال يطلق على ماله بادزهرية ونفع عظيم ، وهو الان يطلق على الهادي يعني الاكبر الذي ركبه اندروماخس القديم . وبقي مدة يسمى ترياق الاربع ، انظر تركيبه مفصلاً في تذكرة اولي الالباب 1|92 وفيه ايضاً انه ينفع للجذام والبرص واختلاط العقل والفالج والاسترخاء والتشنج والاختلاص والصرع .
(2) في ( ب وج ود ) وامزجه بالشراب المفرح المعتدل ، وتناوله أو بشراب الفاكهة ، وان تعذر ذلك فبشراب الاترج ، فان لم تجد شيئاً من ذلك فتناوله بعد علكه ناعماً تحت الاسنان واشرب عليه جرع ماء فاتر ، وان كان في زمان الشتاء والبرد ، فاشرب عليه السكنجبين العسلي .
(3) اللقوة : مرض يميل به الوجه الى جانب . انظر حياة الحيوان 2|319 .
(4) البهق : بياض رقيق يعتري ظاهر البشرة لسوء مزاج العضو الى البرودة ، وغلبة البلغم على الدم . انظر القاموس 3|223 .
(5) البرص : بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج . انظر القاموس 2|192 .
( 61 )
ومص من الرمان الامليسي (1) فانه يقوى النفس ويحيى الدم . ولا تأكلن طعاماً مالحاً ولا ملحاً بعده بثلثي ساعة (2) فانه يعرض منه الجرب (3) ، وان كان شتاءاً فكل الطياهيج (4) اذا احتجمت ، واشرب عليه من ذلك الشراب الذي وصفته لك .
وادهن موضع الحجامة بدهن الخيري ، وماء ورد ، وشيء من مسك (5) . وصب منه على هامتك ساعة تفرغ
____________
(1) في ( ب وج ود ) : المز . والامليسي . هو الذي لا يكون في حبه نوى .
(2) في ( ب وج ود ) : ثلاث ساعات .
(3) الجرب : داء يحدث في الجلد بثوراً صغاراً لها حكة شديدة .
(4) الطياهيج : جمع طيهوج . وهو طائر يعرف بالاندلس بالضريس . وهو شبيه بالحجل الصغير غير أن عنقه أحمر ومنقاره ورجله أحمران مثل الحجل وما تحت جناحه أسود وأبيض . ومنه ما يسمي المنهاج أجوده السمين الرطب الخريفي وهو معتدل الحل ينفع الناقهين . انظر الجامع لمفردات الادوية 3|105 .
(5) قال ابن البيطار في الجامع لمفردات الادوية والاغذية 4|156 عن ابن ماسه : انه يسخن الاعضاء الخارجية ويقويها اذا ضعفت اذا وضع عليها . وقال الشيخ الرئيس في القانون 1|360 : اذا حل في الادهان المسخنة وطلي بها فقار الظهر نفع من الخدر .
( 62 )
من حجامتك . واما في الصيف ، فاذا احتجمت فكل السكباج (1) ، والهلام والمصوص (2) والخامير (3) وصب على هامتك دهن البنفسج ، وماء ورد ، وشيئاً من كافور (4) . واشرب من ذلك الشراب الذي وصفته لك بعد طعامك .
واياك وكثرة الحركة ، والغضب ، ومجامعة النساء يومك ذاك (5) .
____________
(1) السكباج : فارسية : مرق يعمل من اللحم والخل .
(2) المصوص : طعام من لحم يطبخ وينقع في الخل ، أو يكون من لحم الطير خاصة . انظر القاموس 2|318 .
(3) كذا في الاصل . ولم أعثر على معناها ، ولعلها تحريف « اليحامير » : وهم اللحم الذي يأكلونه بالخل والخردل والابزار . انظر وسائل الشيعة 16|374 وفي ( ب وج ود ) الحامض .
(4) قال الشيخ الرئيس في القانون 1|336 : « الكافور أصناف ، وقال بعضهم ان شجرته كبيرة تظل خلقاً ، وتألفه البابورة فلا يوصل اليها الا في مدة معلومة من السنة ، وهي سفحية بحرية أما خشبه فهو أبيض هش خفيف جداً ، وربما اختنق في خلله شيء من أثر الكافور .
(5) انظر القانون 1|204 ـ 212 .
( 63 )
( 13 )
وينبغي ان تحذر أمير المؤمنين ان تجمع في جوفك البيض والسمك في حال واحدة ، فانهما اذا اجتمعا ولدا القولنج (1) ورياح البواسير ، ووجع الاضراس .
والتين (2) والنبيذ الذي يشربه اهله اذا اجتمعا ولدا النقرس والبرص . وادامة اكل البصل (3) يولد الكلف
____________
(1) القولنج : مرض معوي مؤلم ، يعسر منه خرج الثقل والريح . انظر القاموس 1|204 . وقال ابن ماسويه في كتاب المحاذير على مانقله ابن قيم الجوزي في كتابه زاد المعاد 2|196 : ومن جمع في معدته البيض والسمك فأصابه فالج أو لقوة فلا يلومن الانفسه . وقال : ابن بختيشوع في المصدر السابق احذر ان تجمع بين البيض والسمك فانهما يورثان القولنج والبواسير ووجع الاضراس .
(2) في ( ب وج ود ) اللبن . وظاهره الصواب كما نقل عن ابن ماسويه قوله : ومن جمع في معدته اللبن والنبيذ فاصابه برص أو نقرس فلا يلومن الا نفسه .
(3) في ( ب ) البيض . قال ابن بختيشوع كما نقله ابن القيم الجوزي في زاد المعاد 2|196 : وادامة أكل البيض يولد الكلف في الوجه . ونقل عن ابن ماسويه في نفس المصدر : من أكل البصل أربعين يوماً وكلف فلا يلومن الا نفسه .
( 64 )
في الوجه (1) واكل الملوحة ، واللحمان المملوحة ، واكل السمك المملوح بعد الحجامة ، والفصد للعروق يولدا البهق ، والجرب (2) . وادمان اكل كلي الغنم واجوافها يعكس (3) المثانة ، ودخول الحمام على البطنة يولد القولنج (4) .
( 14 )
ولا تقرب النساء في اول الليل ، لا شتاءاً ، ولا صيفاً . وذلك ان المعدة والعروق تكون ممتلية وهو غير
____________
(1) الكلف . شيء يعلو الوجه كالسمسم ، أو لون بيض السواد والحمرة . انظر القاموس 3|198 .
(2) قال ابن بختيشوع كما نقله عن ابن القيم الجوزي في كتابه زاد المعاد 2|196 ، وأكل الملوحة والسمك المالح والافتصاد بعد الحمام يولد البهق والجرب . قال ابن ماسويه في نفس المصدر ومن افتصد فأكل مالحاً فاصابه بهق أو جرب فلا يلومن الا نفسه .
(3) في ( ب وج ود ) يعكرّ . ظاهره الصواب كما نقل عن ابن بختيشوع قوله : ادامة أكل الغنم يعقر المثانة . انظر زاد المعاد 2|196 .
(4) انظر القانون 2|614 . وزاد المعاد 2|196 .
( 65 )
محمود ، يتخوف منه القولنج ، والفالج ، واللقوة ، والنقرس ، والحصاة ، والتقطير (1) ، والفتق (2) وضعف البصر والدماغ .
فاذا اريد ذلك فليكن في آخر الليل فانه اصح للبدن وارجي للولد ، واذكى للعقل في الولد الذي يقضى بينهما .
ولا تجامع امرأة حتى تلاعبها (3) ، وتغمز ثدييها ، فانك ان فعلت ، اجتمع ماؤها ( وماؤك فكان منها الحمل ) (4) . واشتهت منك مثل الذي تشتهيه منها ، ( وظهر ذلك في عينيها ) (5) .
ولا تجامعها الا وهي طاهرة ، فاذا فعلت ذلك ( كان
____________
(1) التقطير : علة في الصفاق ، يحدث منها تقطير البول المستمر .
(2) الفتق : علة في الصفاق ، بان ينحل الغشاء ، أو يقع فيه شق ينفذه جسم غريب كان محصوراً فيه قبل الشق . انظر القاموس 3|283 .
(3) في ( ب ) وتكثر ملاعبتها .
(4) في ( ب وج ود ) لان مائها يخرج من ثدييها والشهوة تظهر من وجهها وعينيها .
(5) ليس في ( ب وج ود ) .
( 66 )
اروح لبدنك ، واصح لك باذن الله ) (1) .
ولا تقول طال ما فعلت كذا ، واكلت كذا فلم يؤذني وشربت كذا ولم يضرني ، وفعلت كذا ولم ار مكروهاً وانما هذا القليل من الناس يا أمير المؤمنين كالبهيمة لا يعرف ما يضره ، ولا ما ينفعه .
ولو اصيب اللص اول ما يسرق فعوقب لم يعد ، لكانت عقوبته اسهل ، ولكن يرزق الامهال ، والعافية ، فيعاود ثم يعاود ، حتى يؤخذ على اعظم السرقات ، فيقطع ، ويعظم التنكيل به ، وما اودته عاقبة طمعه .
____________
(1) في ( ب وج ود ) : فلا تقم قائماً ولا تجلس جالساً ولكن تميل على يمينك ثم انهض للبول من ساعتك ، فانك تامن الحصاة باذن الله تعالى . ثم اغتسل واشرب شيئاً من الموميائي بشراب العسل أو بعسل منزوع الرغوة ، فانه يرد من الماء مثل الذي خرج منك .
واعلم يا أمير المؤمنين ان جماعهن والقمر في برج الحمل أو في الدلو من البروج أفضل وخير من ذلك ان يكون في برج الثور لكونه شرف القمر ، ومن عمل فيما وصفت في كتابي هذا ، وبرّ به جسده ، أمن باذن الله تعالى من كل داء ، وصح جسمه بحول الله تعالى وقوته ، فان الله تعالى يعطي العافية لمن يشاء ، ويمنحها اياه والحمد لله رب العالمين أولا وآخراً ، وظاهراً وباطناً .
( 67 )
والامور كلها بيد الله عز وجل ان يكون له ولدا ، واليه المآب . ونرجوا منه حسن الثواب انه غفور تواب . عليه توكلنا وعليه فليتوكل المؤمنون . ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
قال أبو محمد الحسن القمي (1) : قال لي أبي : فلما وصلت هذه الرسالة من ابي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما وعلى آبائهما والطيبين من ذريتهما الى المأمون ، قرأها ، وفرح بها ، وأمر ان تكتب بالذهب ، وان تترجم بالرسالة الذهبية .
تمت الرسالة بحمد الله تعالى ، وكتب العبد الفقير الى الله تعالى عبد الرحمن المدعو ابي بكر بن عبد الله الكرخي الجنس ، عتيق السعيد المرحوم قاضي القضاة كان بالعراق الحسن بن قاسم بن ابي الحسين بن علي بن
____________
(1) كذا في الاصل . وهو أبو محمد الحسن بن جمهور العمي ، وقد تقدمت ترجمته .
( 68 )
قاسم النيلي (1) رحمهم الله تعالى .
في يوم الاثنين قبل أذان المغرب بلخ (2) كان فراغها من النسخ تاسع عشر ذي الحجة سنة خمس عشرة وسبعمائة ( 715 ) هـ . تم .
____________
(1) هو عز الدين أبو محمد الحسن بن القاسم بن هبة الله النيلي مدرس المالكية بالمستنصرية ، من أكابر العلماء وأعيان الافاضل وافراد الفقهاء . قدم بغداد . ورتب قاضي القضاة في رجب سنة سبعمائة ولم يزل على منصبه الى ان توفي في شعبان سنة اثنتي عشرة وسبعمائة . انظر : ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الاداب 4|ق : 90 ـ 92 .
(2) كذا في الاصل ، والظاهر : ببلخ .