169 تقيّة الحمدانيّة
الأميرة تقيّة بنت الأمير سيف الدولة أبي الحسن بن عبدالله بن حمدان .
فاضلة ، أديبة ، عارفة بالشعر والأدب .
في ديوان الشريف الرضي : إنّها كانت من أفاضل نساء قومها ، وقد انتقلت من الشام إلى مصر ، وكانت كثيراً ما تُبلغ الشريف الرضي شدّة شغفها بما يقع إلى تلك البلاد من شعره ، حتى التمست انتساخ نسخة عن ديوانه على التمام وحملها إليها من العراق ، ولما ورد الخبر بوفاتها في شهر رمضان سنة 399هـ ، رثاها الشريف الرضي بقصيدة عصماء يقول فيها :
نُغَـالِبُ ثـمّ تَغْلِبُنـا اللّيَالـي * وَكَمْ يَبْقى الرّمِيُّ على النّـِبَالِ
وَنَطمَعُ أنْ يَملّ مـن التّقاضي * غَـرِيمٌ لـيسَ يَضْجِرُ بالمَطَالِ
أتَنْظُـرُ كيفَ تَسفَعُ بالنّواصي * لَيَالينا ، وَتَـعثرُ بِـالجِبال (1)
يَحُطّ السّيْلُ ذُرْوَة كُـلّ طـوْدٍ * رُهُـوناً بـالجَنَادِلِ وَالـرِّمالِ
هـيَ الأيّامُ جـائِرَةُ القَضايـا * وَمُلحِقَـةُ الأوَاخِـر بـالأوالي
يُمَنّينَ الـورُود فـإنْ دَنَـوْنا * ضَرَبـنَ على الموارِدِ بِالحِبالِ
نُـطَنّبُ للمُقـامِ قِبـابَ حَـيّ * وَيَحفزِنا المَنُون إلـى الرّحَالِ
وَنَسْـرَحُ آمنيـن وَللمَنـايـا * شَباً بينَ الأخامِصِ وَالنّعالِ (2)
وَبَيْنـا المـرْءُ يَلبَسُهـا نَعيماً * تَهجّـرَ ضَاحياً بَعدَ الظّلالِ (3)
نَعى النّاعُونَ واضِحَةَ الُمحيّـا * ألـوفَ البيتِ ذيِ العَمَدِ الطِّوالِ
مِن البيضِ العَقائِـل مِـنْ مَعَدٍّ * بَنَيـنَ قِبـابَهُنَّ على الجَـلالِ
نَعَوْا ظُبَةً لأبـيضَ مَشـرَفيٍّ * قَـدِيمِ الطبـعِ عـاديِّ الصّقَالِ

____________
1 ـ تسفع بالنواصي : تقبض عليها فتجتذبها . انظر الصحاح 3 : 1230 « سفع » .
2 ـ شَبَاةُ كلّ شيء : حَدُّ طَرَفِهِ ، والجمع : الشَبا والشَبَوات . الصحاح 6 : 2388 « شبا » .
3 ـ يلبسها : يعيش معها .

(313)

لِسَيْـفِ الدّولَةِ العَـرَبيّ فيهـا * صَنِيعُ القَينِ قـامَ علـى النّصالِ
إذا مـا الفَحلُ أنـجَبَ نـاتِجاهُ * فَقَـدْ ضَمِـنَ النّجـابَةَ للسِّخـالِ
وَمَا طابَتْ عَـوادي المُـزْنِ إلاّ * أطبْـنَ وَقـائِـعَ المـاءِ الـزّلالِ
قَصَـايرُ فـي بُيُوتِ العِزّ تُنمى * مَنَـاسِبُها إلـى المجْدِ الطَّوالِ (1)
وَكُـلُّ عَقِيلـةٍ للجُـودِ تُـمْسي * عَطُـولَ الجيـدِ حـالِيَةَ الفِعـالِ
كـأنّ خُـدورَها أصـداف يَـمّ * مُحَصَّنَــةٌ ضُمِمْـنَ عـلى لآلِ
طَهُـرنَ لَبَـاهَةً وَبَـرَزْنَ طَوْلاً * وَهُـنَّ وَراءَ معـدودِ الحِجالِ (2)
غَلَبْنَ على جَمَـالِ الخَلقِ حتّـى * تَرَكْـنَ الخَلْـقَ مَـنسِيَّ الجَمـالِ
لَهـا نَـسَبُ العِتـاقِ مُـرَدَّداتٍ * إلـى الغـايـاتِ أيّـامَ النّضَـالِ
تُعَـدّ النـوقُ من شَرَفٍ فُحُولاً * إذا انتَسَبَتْ إلـى العَوْدِ الجُلالِ (3)
عَمـائِـرُ مـنْ رَبيعَةَ أنزَلَتهُـمْ * أعـالي الَمجـدِ أطـراف العَوالي
هُمُ الـرّأسُ الذي رَفَـعَتْ مَعَـدُّ * قَـديمـاً لا يُطـأطَـأ للغَـوَالـي
فُحولُ الَمجْدِ جَعْجَعَهـا المنـايا * وَأسلَمَهـا الزّمَامُ إلـى العِقالِ (4)
وَلَمْ يُـكُ عزُّهُـم إلاّ اختلاسـاً * كَصَفْقٍ بـالَيمينِ عـلى الشّمـالِ
كَقَـوْمِكَ لا يُعيـدُ الـدّهر قَوْماً * وَمِثْـل أبي ـكِ لا تَلِـدُ اللّيَـالـي
اُريقَتْ فـي قُبُـورِهِمُ اللّواتـي * بِبَطْـنِ القـاعِ أذْنِبَـةُ النّوالِ (5)
لَقَـدْ رُسّت حَفَائِرُهُـم جَمِيعـاً * على هـامِ المَكـارِمِ والمَعَالـي
سَقَـى تِلْكَ القُبُـورَ فـإنّ فيها * سُقَـاةَ العـاجِزِيـنَ عـن البِلالِ

____________
1 ـ القصاير : الواحدة قصيرة : وهي المرأة التي لا تخرج من بيتها . الصحاح 2 : 795 « قصر » .
2 ـ حِجال العروس : وهي بيت يُزين بالثياب والأسرِّة والستور . الصحاح 4 : 1667 « حجل » .
3 ـ العَوْد : المسن من الإبل . الصحاح 2 : 514 « عود » .
الجُلال : العظيم . الصحاح 4 : 1658 « جلل » .
4 ـ جعجعها : حبسها على مكروهها .
5 ـ الأذنبة ، الواحدة ذَنوب : وهي الدلو المملوءة . الصحاح 1 : 129 « ذنب » .

(314)

بـأيْـدٍ تَـحْبِسُ الأوْرادَ عِـزَاً * وَتَأمَنُ مِـن مُلاطَمَةِ السّجالِ (1)
غَمَائِـمُ للرُّعُـودِ بِهـا أزيـرٌ * رُغَاءُ العَوْدِ رازَمَـتِ المَتَالي (2)
كَحَمحَمةِ الأداهِـمِ أقبلُـوهـا * لَيـالي الـوِرْدِ مَـائِلَـةَ الجِلالِ
فَسَقّى عَهْـدَ دارِهِـمُ حَيَاهـا * وَحَيـّا بـالنُّعـامَى والشَّمـالِ
إذا ابْتَدَرَتْ نِساؤهُم المَساعي * فَمـا ظَنّـي وَظَنُّكَ بالرِّجالِ (3)

170 تكتم اُم الإمام الرضا عليه السلام
وهي اُم ولد كانت للإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وهي اُم ولده الإمام الرضا عليه السلام ، كان اسمها سكن النوبية ، وسمّيت أروى ، ونجمة ، وسمانة ، وتكتم ، وهو آخر أسمائها ، عليه استقر اسمها حين ملكها الإمام الكاظم عليه السلام ، ولمّا ولدت له الرضا عليه السلام سمّاها الطاهرة .
وكنيتها اُم البنين ، ولقبها الشقراء .
وزاد بعضهم في أسمائها خيزران المرسية .
وكثرة أسمائها نظراً لما هو المتعارف والمستحب من تغيير أسماء الممالك عند شرائها .
كانت تكتم جارية مولدة ، أي : ولدت بين العرب ، ونشأت مع أولادهم وتأدّبت بآدابهم . اشترتها حميدة المصفّاة اُم الكاظم عليه السلام ، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها ، فوهبتها حميدة لولدها موسى عليه السلام ، وأوصته بها خيراً (4) .
____________
1 ـ الأوراد ، جمع ورِد بالكسر : وهي الماء الذي يُورد . الصحاح 2 : 549 « ورد » .
السجل : الدلو إذا كان فيه ماء قل أو كثر . ولا يقال لها وهي فارغة سجل ولا ذَنوب والجمع السجال . الصحاح 5 : 1725 « سجل » .
2 ـ رزمت الشيء : جمعته . الصحاح 5 : 1931 « رزم » .
3 ـ انظر : ديوان الشريف الرضي 2 : 212 ، أعيان الشيعة 3 : 364 ، رياحين الشريعة 3 : 363 .
4 ـ انظر : إعلام الورى : 302 ، أعيان الشيعة 2 : 13 ـ 244 و 3 : 635 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 304 و 307 ، بحار الأنوار 49 : 3 ، تذكرة الخواص : 315 رياحين الشريعة 3 : 20 ، عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 16 .

(315)

روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام عدّة روايات تتعلّق بها وبولادتها للإمام الرضا عليه السلام ، نذكرها تعميماً للفائدة :
قال : حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي في داره بنيسابور في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال : أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي قراءة عليه ، قال : أبو الحسن الرضا عليه السلام هو علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن أبي طالب عليهم السلام ، و اُمّه اُم ولد تُسمّى تكتم ، عليه استقر اسمها حين ملكها أبو الحسن موسى بن جعفر عليهم السلام (1) .
وقال : حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي ، قال : حدّثنا الصولي ، قال : حدّثنا عون بن محمّد الكندي ، قال : سمعتُ أبا الحسن علي بن ميثم يقول ـ وما رأيتُ أحداً قط أعرف باُمور الأئمة عليهم السلام وأخبارهم ومناكحهم منه ـ قال :
اشترت حميدة المصفاة وهي اُم أبي الحسن موسى بن جعفر ـوكانت من أشراف العجم ـ جارية مولدة اسمها تكتم ، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة ، حتى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها ، فقالت لإبنها موسى عليه السلام : يا بُني إنّ تكتم جارية ما رأيتُ جارية قط أفضل منها ، ولستُ أشكَ أنّ الله تعالى سيظهر نسلها إن كان لها نسل ، وقد وهبتُها لك فاستوص خيراً بها ، فلمّا ولدت له الرضا عليه السلام سمّاها الطاهرة .
قال : وكان الرضا عليه السلام يرتضع كثيراً ، وكان تام الخلقة ، فقالت : أعينوني بمرضع .
فقيل لها : أنقصَ الدر ؟
فقالت : ما أكذب ، والله ما نقصَ الدرَ ولكن عليّ ورد من صلاتي وتسبيحي وقد نقص منذ وَلدتُ .
قال الحاكم أبو علي : قال الصولي : والدليل على أنّ إسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا عليه السلام :
ألا أنّ خيرَ الناسِ نَفساً ووالداً * ورهـطاً وأجـداداً عليُ المعظّم

____________
1 ـ عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 14 حديث 1 .

(316)

أتتنا بهِ للعلمِ والحلمِ ثامناً * إماماً يؤدّي حُجة الله تُكتم
وقد نسب قوم هذا الشعر إلى عمّ أبي ـ ابراهيم بنالعباس ـ ولم أروه له ، وما لم يقع به رواية وسماعاً فإنّي لا أحقّقه ولا أبطله ، بل الذي لا أشكّ فيه أنّ لعم أبي ـ ابراهيم بن العباس ـ قوله :
كفى بفعالِ امرِىء عالم * علـى أهلهِ عادلاً شاهدا
أرى لهـم طارفاً مونقاً * ولا يشبه الطارف التالدا
يمـنّ عليكـم بأموالكم * وتعطون من مائة واحدا
فلا يحمد الله مستبصراً * يـكون لأعـدائكم حامدا
فضلتَ قسيمكَ في قَعددِ * كما فضلَ الـوالد الوالدا
قال الصولي : وجدتُ هذه الأبيات بخطّ أبي على ظهر دفتر له يقول فيه : أنشدني أخي لعمّه في علي ـ يعني الرضا عليه السلام ـ تعليق متوق ، فنظرت فإذا هو بقسيمه في القعدد المأمون ؛ لأنّ عبد المطلب هو الثامن من آبائهما جميعاً .
وتكتم من أسماء نساء العرب قد جاءت في الأشعار كثيراً ، منها في قولهم :
طافَ الخيالان فهاجا سقما * خيالُ تكنى وخيالُ تكتما
قال الصولي : وكانت لإبراهيم بن العباس الصولي ـ عمّ أبي ـ في الرضا عليه السلام مدائح كثيرة أظهرها ، ثم اضطر إلى سترها وتتبعها فأخذها من كلّ مكان .
وقد روى قوم أنّ اُم الرضا تسمّى سكن النوبية ، وسمّيت أروى ، وسميّت نجمة ، وسمّيت سمان ، وتكنّى باُم البنين (1) .
وقال : حدّثنا تيم بن عبدالله بن تيم القرشي رضي الله عنه قال : حدّثني أبي ، عن أحمد بن علي الأنصاري ، قال : حدّثني علي بن ميثم ، عن أبيه ، قال : لمّا اشترت الحميدة اُم موسى بن جعفر عليهما السلام اُم الرضا عليه السلام نجمة ، ذكرت حميدة أنّها رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لها : « يا حميدة هبي نجمة لإبنك موسى ، فإنّه سيولد منها خير أهل الأرض » ، فوهبتها له ، فلمّا
____________
1 ـ عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 14 ـ 16 حديث 2 .
(317)

ولدت له الرضا عليه السلام سمّاها الطاهرة ، وكانت لها أسماء منها : نجمة ، وأروى ، وسكن ، وسمان ، وتكتم وهو آخر أساميها .
قال علي بن ميثم : سمعتُ أبي يقول : سمعتُ اُمي تقول : كانت نجمة بكراً لمّا اشترتها حميدة (1) .
وقال أيضاً : حدّثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن أبي زكريا الواسطي ، عن هشام بن أحمد ، قال : قال أبو الحسن الأول عليه السلام :
« هل علمتَ أحداً من أهل المغرب قدم » ؟
قلت : لا .
فقال عليه السلام : « بلى ، قدمَ رجل أحمر فانطلق بنا » ، وركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل ، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق ، فقال له : « أعرض علينا » ، فعرض علينا تسع جواري ، كلّ ذلك يقول أبو الحسن عليه السلام : « لا حاجة لي فيها » ، ثم قال له : « أعرض علينا » .
قال : ما عندي شيء .
فقال له : « بلى أعرض علينا » .
قال : لا والله ما عندي إلاّ جارية مريضة .
فقال لي : قل له : « كم غايتك فيها ، فإذا قال كذا وكذا ، قل : فقد أخذتها » ، فأتيته فقال : مَن الرجل الذي كان معك بالأمس ؟
فقلت : رجل من بني هاشم .
فقال : من أي بني هاشم ؟
فقلت : من نقبائهم .














____________
1 ـ عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 16 ـ 17 حديث 3 .
(318)

فقال : اُريد أكثر منه .
فقلت : ما عندي أكثر من هذا .
فقال : اُخبرك عن هذه الوصيفة : إنّي اشتريتها من أقص بلاد المغرب ، فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت : ما هذه الوصيفة معك ؟
فقلت : اشتريتها لنفسي .
فقالت : ما ينبغي أن تكون هذه الوصيفة عند مثلك ، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض ، فلا تلبث عنده إلاّ قليلاً حتى تلد منه غلاماً يدين له شرق الأرض وغربها .
قال : فأتيته بها ، فلم تلبث عنده إلاّ قليلاً حتى ولدت له علياً عليه السلام (1) .









وحدّثني بهذا الحديث محمّد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ، قال : حدّثني عمّي محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن محمّد بن خالد ، عن هشام بن أحمد مثله سواء (2) .

171 ثجيلة
زوجة مشعل آل حاچم .
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، قالت تنعى زوجها الذي استشهد في ثورة العشرين بالغرب من جسر السويد :
أصبح دليلي اليـوم ولهـان * عـدلة او يمر بيه احزيران
ابذچره العيون اتسيل جروان * وتـذكـرّت ليـام شـعلان
ثار او تـرس بالدم الوديـان * هـذا الشهر يل راد ينصان
وتصيـر بـي عطلـة يخوّان * ويعمـر بيه ايكون ميـدان
البـي ينعجد بـالسلف ديوان * نتنـاشد او ننسبه للأحزان

____________
1 ـ عيون خبار الإمام الرضا عليه السلام : 17 حديث 4 .
2 ـ عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : 18 حديث 5 .

(319)

واللي جـرة يكـرام ما هان * اشبيّ راحت امن السلف شبان
مشعل واخو باشا (1) او علوان
اشرملـوا يـا نـاس نسـوان
تباچة ولا بيها الفـرح بان (2)

172 ثُريا المحسني
من أعلام القرن الرابع عشر الهجري ، كانت رحمها الله عالمة ، فاضلة ، جليلة ، استاذة للعلوم الإسلامية في مدينة كربلاء المقدّسة .
دَرَسَتْ الفقه والاُصول والحديث على الميرزا محمّد الهندي ، إمام الجماعة خلف رأس الإمام الحسين عليه السلام ، وكانت تُدرّس الفقه والأصول لنساء عصرها .
تروي عن اُستاذها الميرزا محمّد الهندي ، وهو يروي عن ثقة الإسلام النوري ، والمير حامد حسين صاحب العبقات ، والسيّد محمّد حسين الشهرستاني ، بطرقهم .
وقد استجازها في الرواية آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي قدّس الله نفسه الزكيّة ، فأجازته ، حيث ذكرها ضمن مشايخه في الإجازة الكبيرة قائلاً : واعلم أيّدك الله تعالى في الدارين بأنّني أروي عن نساء عالمات فاضلات ، منهنّ الفاضلة العالمة الجليلة ثُريا المحسني (3) .

173 جارية تنعى الحسين عليه السلام
شاعرة ، موالية لأهل البيت عليهم السلام نَعَتْ الحسين عليه السلام وندبتهُ بأبيات مملوءة بالحزن والأسى .
قال بشير ( بشر ) بن حذلم ( أو جذلم ) : فلمّا قربنا من المدينة المنوّره ، نزل علي بن
____________
1 ـ هو جشان ابن الحاج كاظم ، وعلوان ابن عم حبشان .
2 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى (شاعرات في ثورة العشرين) : 264 .
3 ـ الإجازة الكبيرة : 246 .

(320)

الحسين عليه السلام فحطّ رحاله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ، وقال : « يا بشير رحم الله أباك كان شاعراً ، فهل تقدر على شيء منه » ؟
قلت : بلى يابن رسول الله ، إنّي لشاعر .
فقال : « ادخل المدينة وانعَ أبا عبدالله » .
قال بشير : فركبتُ فرسي وركضت حتى دخلت المدينة ، فلمّا بلغتُ مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفعتُ صوتي بالبكاء وانشأت أقول :
يا أهْلَ يَثْربَ لا مُقامَ لكم بِها * قُتلَ الحسينْ فأدْمعي مـدرارُ
ثم قلت : هذا علي بن الحسين مع عمّاته وأخواته قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله اليكم اُعرّفكم مكانه .
قال : فما بقيتْ في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلاّ برزن من خدورهن ، ضاربات خدودهن ، يدعين بالويل والثبور . فلم أرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم ، وسمعتُ جارية تنوح على الحسين عليه السلام فتقول :
نَعـى سَيِّـدي نـاعٍ نَعَـاهُ فـأوْجعـا * وأمْـرَضَنـي نـاع نَعَـاهُ فـأفجعــا
فَعَيْنَـيَّ جُـودا بـالـدِمُـوعِ وأسْكبـا * وجـودا بِـدَمْـعٍ بـعدَ دمعكمـا مَعـا
على مَنْ دهى عَـرش الجليلِ فَزَعْزَعـا * فـأصْبَحَ هـذا الـمجدُ والـدينُ أجْـدَعا
علـى ابـنِ نَبـي اللهِ وابـن وصيّـه * وإنْ كان عَنّا شاحِطَ (1) الدار أشسعا (2)
ثم قالت : أيها الناعي جدّدت حزننا بأبي عبدالله وخدشت منّا قروحاً لمّا تندمل ، فمن
____________
1 ـ الشَحْطُ : البُعْدُ . الصحاح 3 : 1135 « شحط » .
2 ـ الشَاسِعُ والشَسُوعُ : البعيد . الصحاح 3 : 1237 « شسع » .

(321)

أنت ؟
فقلتُ : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسين عليه السلام وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبدالله الحسين عليه السلام ونسائه .
ثم ذكر بشير كيفية خروج الناس لإستقبال الإمام زين العابدين عليه السلام وخطبته فيهم (1) .

174 الجاريّة الخماسيّة
أديبة ، شاعرة ، متكلّمة ، مواليّة لأهل البيت عليهم السلام .
قال الشيخ منتجب الدين علي بن عبيدالله بن بابويه الرازي في كتابه « الأربعون حديثاً » الحكاية الاُولى : أخبرنا الشيخ أبو علي تيمان بن حيدر بن الحسن بن أبي عدي الكاتب فيما أذن له ، أخبرنا الشيخ المفيد عبدالرحمان بن أحمد بن الحسين الواعظ إملاءً ، أخبرنا محمّد بن علي بن محمّد النحوي بقراءتي عليه في داري ، أخبرنا أبو الحسن محمّد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن إسحاق ، أخبرنا حاتم بن الليث ، أخبرنا عبدالله بن عمرو الجشمي ، أخبرنا أبو سعيد مضر القارىء ، عن عبدالواحد بن زيد أنَّه قال :
كنتُ حاجّاً إلى بيت الله الحرام ، فبينا أنا في الطواف إذ رأيتُ جاريتين واقفتين عند الركن اليماني ، إحداهما تقول لاُختها : لا وحقّ المنتجب بالوصيّة ، والحاكم بالسويّة ، العادل في القضيّة ، العالي البيّنة ، الصحيح النيّة ، بعل فاطمة المرضيّة ، ما كان كذا وكذا .
قال عبدالواحد : وكنتُ أسمع ، فقلت : يا جارية مَنْ المنعوت بهذه الصفة ؟
فقالت : ذاك والله علم الأعلام ، وباب الأحكام ، وقسيم الجنّة والنار ، وقاتل الكفّار والفجّار ، وربّانيّ الاُمّة ، ذاك أمير المؤمنين ، وإمام المسلمين ، الهزبر الغالب أبو الحسن علي ابن أبي طالب .
قلت : مِن أين تعرفين علياً ؟
____________
1 ـ أدب الطف 1 : 65 ـ 66 .
(322)

قالت : وكيف لا أعرف من قُتل أبي بين يديه في يوم صفّين ، ولقد دخل على اُمّي ذات يوم فقال لها : كيفَ أصبحت يا اُم الأيتام ؟
فقالت له اُمي : بخير يا أمير المؤمنين ، ثم أخرجتني واُختي هذه إليه ، وكان قد أصابني من الجدري ما ذهب به والله بصري ، فلما نظر إليّ تأوّه ثم طفق يقول :
ما إن تأوّهتُ مِن شيءٍ رزيتُ بـهِ * كما تـأوّهتُ للأطفـالِ فـي الصِغر
قدْ ماتَ والدهـم مَنْ كانَ يكفلهـم * فـي النائبات وفي الأسفارِ والحضرِ
ثم أمرّ بيده المباركة على وجهي فانفتحت عيناي لوقتي وساعتي ، فوالله يا ابن أخي إنّي لانظر إلى الجمل الشارد في الليلة الظلماء ، كلّ ذلك ببركة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم أعطانا شيئاً من بيت المال وطيّب قلبنا ورجع .
قال عبدالواحد : فلما سمعتُ هذا القول قمتُ إلى دينار من نفقتي فأعطيتها وقلت : خُذي يا جارية هذا واستعيني به على وقتك .
قالت : إليكَ عنّي ، فقد خلّفنا خير سلف على خير خلف ، نحنُ والله اليوم في عيال أبي محمّد الحسن بن علي عليه السلام ، فولّت وطفقت تقول :
ما نيطَ حبّ علي فـي خنـاقِ فتىً * إلاّ لـه شهدت بـالنعمــةِ النعـمُ
ولا لــه قـدم زلّ الزمـان بـهِ * إلاّ لـه أثـبتت مـن بعـدهـا قدمُ
ما سرني أن أكن من غير شيعتـه * لو أنّ لي ما حوته العُرب والعجمُ (1)

175 جبلة العامريّة
جبلة بنت مصفح العامريّة ، ويقال : بنت مصبح .
راوية من راويات الحديث ، روت عن أبيها عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب
____________
1 ـ الأربعون حديثاً : 75 . ورواه الطبري في بشارة المصطفى : 71 ، وأورده في الخرائج والجرائح : 729 « مخطوط » ، ومناقب ابن شهر آشوب 2 : 334 . ونقله العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 41 : 220 نقلاً عن بشارة المصطفى ، وأورده في ثاقب المناقب : 170 « مخطوط » ، وعنه في مدينة المعاجز : 105 حديث 280 .
(323)

سلام الله عليه ، وعن حاطب عن أبي ذر .
وروى عنها فضيل بن فرزدق ، وأبو مالك محمّد بن موسى العنبري الكوفي .
وقال ابن عبدالبر : إنّها أدركت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (1) .

176 جرداء بنت سمير
مؤمنة ، موالية لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ، لها قصة ظريفة مع زوجها هرثمة بن سليم .
قال نصر بن مزاحم : حدّثنا منصور بن سلام التميمي ، قال : حدّثنا حيّان التيمي ، عن أبي عبيدة ، عن هرثمة بن سليم قال : غزونا مع علي عليه السلام صفين ، فلمّا نزل كربلاء صلّى بنا ، فلمّا سلّم رفع إليه من ترتبها فشمّها ثم قال : « واهاً لكِ يا تربة ، ليحشرنّ منكِ قوم يدخلون الجنّة بغير حساب » .
قال : فلمّا رجع هرثمة من غزاته إلى أمرأته جرداء بنت سمير ـ وكانت من شيعة علي عليه السلام ـ حدّثها هرثمة فيما حدث فقال لها : ألا أعجِّبُكِ من صديقكِ أبي حسن!! قال : لما نزل كربلاء وقد أخذ حفنة من تربتها فشمّها وقال : « واهاً لكِ أيّتها التربة!! ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب » ، وما عِلمه بالغيب ؟
فقالت المرأة له : دعنا عنكَ أيها الرجل ، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل إلاّ حقّاً .
قال : فلمّا بَعَثَ عبيدالله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين عليه السلام ، كنتُ في الخيل التي بعث اليهم ، فلمّا انتهيت إلى الحسين عليه السلام وأصحابه عرفتُ المنزل الذي نزلنا فيه مع علي عليه السلام ، والبقعة التي رفع إليه من تربتها ، والقول الذي قاله ، فكرهت مسيري ، فأقبلتُ على فرسي حتى وقفتُ على الحسين عليه السلام ، فسلّمت عليه وحدّثته بالذي سمعتُ من أبيه في هذا المنزل .
فقال الحسين عليه السلام : « أمعنا أم علينا » ؟
فقلت : يابن رسول الله ، لا معكَ ولا عليكَ ، تركتُ ولدي وعيالي أخاف عليهم من ابن
____________
1 ـ انظر : تهذيب التهذيب 12 : 434 ، تقريب التهذيب 2 : 593 ، أعلام النساء 1 : 188 .
(324)

زياد .
فقال الحسين عليه السلام : « فولّ هرباً حتى لا ترى مقتلنا ، فوالذي نفس حسين بيده لا يرى اليوم مقتلنا أحد ثم لا يعيننا إلاّ دخل النار » .
قال : فأقبلتُ في الأرض أشتد هرباً حتى خفي عليّ مقتلهم (1) .

177 جرهمة الأنصاريّة
شاعرة عربيّة ، موالية لأهل البيت عليهم السلام .
أورد لها ابن شهر آشوب في المناقب هذه الأبيات في مدح علي أمير المؤمنين سلام الله عليه :
صِهْـرُ النَّبـي فَـذاكَ الله أكـرمَهُ * إذ اصطفـاهُ وذاكَ الصِهـرُ مُدّخرُ
لا يَسلم القـرنُ مِنـه إنْ ألـمّ بـهِ * ولا يهـابُ وإنْ اعـداؤُه كثـروا
مَـن رامُ صـولتَـهُ أتـتْ مَـنيّتُه * لا يَدفعُ الثكلَ عن أقرانِه الحذرُ (2)

178 جروة التيميّة
جروة بنت غالب التيميّة .
متكلّمة ، عارفة بأنساب العرب ، موالية لأمير المؤمنين عليه السلام ، وقد مدحته وأثنت عليه أمام معاوية بن أبي سفيان عندما سألها عنه .
قال ابن طيفور في بلاغات النساء : حدّثنتا العباس بن بكّار ، قال : حدّثني عبدالله بن سليمان المديني ، عن أبيه ، وسهل التيمي عن أبيه ، عن عمّته ، قالت : احتجم معاوية بمكة ، فلمّا
____________
1 ـ وقعة صفّين : 140 ـ 141 . وانظر : مختصر تأريخ دمشق 7 : 148 ، المعجم الكبير للطبراني 3 : 111 | 2826 ، مجمع الزوائد 9 : 191 ، شرح نهج البلاغة 3 : 169 ـ 170 ، تهذيب التهذيب 2 : 301 ، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن ( المعروف بالملاحم والفتن ) لابن طاووس : 335 | 488 نقلاً عن الفتن لأبي يحيى زكريا .
2 ـ مناقب آل أبي طالب 2 : 93 .

(325)

أمسى أرق أرقاً شديداً ، فأرسل إلى جروة بنت غالب التميميّة ، وكانت مجاورة بمكة ، وهي من بني أسيد بن عمرو بن تميم ، فلمّا دخلت قال لها : مرحباً يا جروة ، أزعجناك .
قالت : إي والله ، لقد طرقتَ في ساعة ما طُرق فيها الطير وكره ، فأرعب قلبي وأرعب صبياني ، وأفزع عشيرتي ، وتركتُ بعضهم يموج في بعض ، يتراجعون القول ويديرون الأمر ، ويرصدون الكلام خشية منك وخوفاً عليّ .
فقال : ليسكن روعك ، ولتطب نفسكِ ، فإنّ الأمر على خلاف ما ظننتِ ، إنّي احتجمت فأعقبني ذلك أرقاً ، فأرسلتُ إليك تخبريني عن قومكِ .
قالت : عن أي قومي تسألني ؟
قال : عن بني تميم .
قالت : هم أكثر الناس عدداً ، وأوسعهم بلداً ، وأبعدهم أمداً ، هم الذهب الأحمر والحسب الأفخر .
قال : صدقتِ ، فنزّليهم لي .
قالت : أمّا بنو عمرو بن تميم ، فأصحاب بأس ونجدة ، وتحاشد وشدّة ، لا يتخاذلون عن اللقاء ، ولا يطمع فيهم الأعداء ، سلمهم فيهم وسيفهم على عدوهم .
قال : صدقتِ ، ونِعم القول لأنفسهم .
قالت : وأمّا بنو سعد بن زيد مناة ، ففي العدد الأكثرون ، وفي النسب الأطيبون ، يضرون إن غضبوا ، ويدركون إن طلبوا ، أصحاب سيوف وحجف (1) ، ونزّال وزلف ، على أنّ بأسهم فيهم وسيفهم عليهم .
وأمّا حنظلة ، فالبيت الرفيع ، والحسب البديع ، والعزّ المنيع ، المكرمون للجار ، والطالبون بالثار ، والناقضون للأوتاد .
قال : إنّ حنظلة شجرة تفرّع .

____________
1 ـ حجف ، يقال للترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عَقَبٌ : حجفة ودرقة . الصحاح 4 : 1341 « حجف » .